❞ يعتبر طائر العنقاء من الأساطير التي تحدث عنها التاريخ قبل ذلك فهو إلى الآن لم يتحدد ما إذا كان واقع أم خيال، حيث أن الروايات والأساطير كثيرة والتاريخ مليء بالعديد من تلك القصص التي بعضها من نسج الخيال.
أمّا عن أصل تسمية العنقاء في اللغة فقد يرجع أصلها إلى عَنقَاءُ: مؤنث، جمع عُنقٌ، تلَّة عنقاء: مرتفعة طويلة.
حلَّقت بهِ عَنقاءُ مُغرِبٌ: وهو مثل يضرب لما يئس منه، والعنقاء طائر معروف الاسم مجهول الجسم.
أمّا ابن الكلبيّ يتحدث عن طير كانت تحط بأرض نبيّ من أهل الرس يقال له: حنظلة بن صفوان كان لها عنق طويل، وهي من أحسن الطير، فيها الكثير من الألوان، كانت تقع منتصبة، تنقضّ على الطير فتأكله، وقيل إنّها انقضّت على إحدى الجواري فضمّتها إلى جناحيها ثم طارت بها.
كما تناول الخليل بن أحمد الفراهيدي مفردة العنقاء في كتابه \"العين\" فقال: وهي طائر لم يبق في أيدي الناس من صفتها غير اسمها.
حيث أن الأسطورة تتحدث عن طائر العنقاء وأن هذا الطائر وقتما ينهي عمره ويموت يقوم بحرق نفسه بشكل ذاتي ثم يقوم الحريق بتحويل هذا الطائر إلى رماد ومنه يولد طائر جديد أو أن الحريق هذا يجعله يجدد حياته مرة أخرى، ويذكر أن هناك رواية أو حكاية أخرى عن العنقاء غير هذه قد تم ذكرها في قصص سندباد وألف ليلة وليلة.
وبعد أن زار هيرودوت مصر وشاهد صور هذا الطائر كان مقتنعًا بأن طائر العنقاء أو طائر العنقاء حقيقيًا وليس أسطوريًا؛ لأنه روى قصته خلال حديثه عن طيور الق
طر المصري، وكتب هيرودوت في القرن الثالث قبل الميلاد أن هناك طائرًا آخر يُدعى فونكس لم يره إلّا مصوّرًا يزور البلاد كل خمسمائة عام عند موت أبيه -على حد قول أهل هليوبوليس-، بعض ريش جناحيه ذهبي وبعضه أحمر وهو يشبه النسر في حجمه وهيئته.
لقد ذاعت أسطورة العنقاء في مختلف البلدان وعلى مر الحضارات المتنوعة ما بين شرق آسيا والمنطقة العربية القديمة التي كانت واقعة على سواحل البحر المتوسط، كما ظهر في أسطورة الحضارات الصينية القديمة.
يقال بأن شكل العنقاء كما تم وصفه في الأساطير من العرب أنه طائر كبير الحجم لا يضع إلا بيضة واحدة في حياته، وأن موطنه جبال اليمن، وأنه رمزًا قويًا للحياة الأبدية والتجدد بعد الموت إلى جانب الكثير من الروايات الأخرى المعبرة عن الإخاء والمحبة ومساعدة الآخر.
في الحضارات القديمة المصرية ذكر القدماء بأنهم كانوا يروا طائر العنقاء هابطًا على أرض مصر، بعد أن بلغ عمره خمسمائة عام يقوم ببناء عش كبير ويتخذ من النخيل موطن لها لوضع البيضة الوحيدة وأنهم شاهدوا رمادا كثيرا عند النخيل وأنه يجدد حياة العنقاء مرة أخرى بعد أن قام بحرق نفسه القديمة ليظهر من جديد.
وقد روت بعض الكتب المسيحية في العصر الروماني طائر العنقاء وهو مشار إليه برمز يوم القيامة بأنه رمزًا للعطاء.
كما أن طائر العنقاء يظهر في الحضارات الصينية ويرمز له بالمحبة والخير والطاقة والرحمة وكانوا يتبركون به ويعتبرون أنه طائرًا مقدسًا.
يختلف اسم هذا الطائر الأسطوري في المصرية القديمة عن اسمه المعروف بالعربية \"العنقاء\" فكان يطلق عليه اسم \"بنو\"، وهو مشتق من فعل أجنبي بمعنى أشرق أو برق أو لمع، كما اشتقت كلمة فونكس من اللفظ المصري \"بنو\" وهي تعني زاهية متلألئة، والاسم الإغريقي يكاد يحمل معنى الاسم المصري، وكان يُعد صورة لمعبود الشمس رع، فهو يظهر في الصباح في بهاء مضيء كما ظهر على جدران المعابد والمقابر وعلى أركان التوابيت.
قيل عنه في الأدب العربي:
وإذا السَّعادةُ لاحظَتكَ عُيونُها
نَمْ فالمَخاوِفُ كُلّهنّ أمانُ
واصْطَدْ بَها العنقاءَ فَهِيَ حَبالةٌ
واقتدِ بِهَا الجوزاءَ فهيَ عنانُ.
وقيل أيضاً:
أرَى العَنقاءَ تَكبُرُ أنْ تُصَادا
فعَانِدْ مَنْ تَطِيقُ لهُ عِنَادَا
ويقال بأن طائر العنقاء من الحقائق والتي لها حكاية مع سيدنا سليمان عليه السلام، ففي زمن بعيد قام طائر العنقاء بتحدي سيدنا سليمان عليه السلام فيما إذا كان الإنسان هو صانع قدره وليس الله تعالى ذلك ما قاله طائر العنقاء.
فقال سيدنا سليمان عليه السلام له إن الله عز وجل هو من يصنع قدر الإنسان وعليه أن يختار ما بين الحق أو الباطل.
ولكن العنقاء لم يزل مصرًا على رأيه.
فقال سيدنا سليمان للعنقاء إن هناك أحدًا من أهل البلاد المجاورة سيولد له أميرًا، وأخبر الطائر باسم المولود الأمير وأن هذا الأمير الذي سيولد سوف يتزوج فتاة، وقال أيضًا اسمها وسوف يكون الزواج عند سن العشرين وسوف ينجب طفلًا جميلًا.
لكن العنقاء ذهبت إلى هذه الفتاة وقامت بخطفها وأتت بها إلى العش الذي كان في وسط البحر، وبعد أن مرت السنوات كبر الأمير وكان له أبا ملكا فقال لأبيه: يا أبي لقد سافرت كل مكان ولم يبق بلدا إلا وذهبت إليه سوى البحر فإني أريد الذهاب.
فقال له أبيه: أذهب فقام بصنع سفينة وبعد مدة من الإبحار شاهد الأمير عشًا كبيرًا على جزيرة داخل البحر، فأتجه إلى هناك ورأى فيها فتاة بالغة الجمال فوقع في حبها وأراد الزواج منها، ولكن كان يجب أن يذهب لأن طائر العنقاء كان يأتي ليحضر للفتاة الطعام ويذهب في الصباح.
وعندما حان موعد اللقاء بين طائر العنقاء وسيدنا سليمان عليه السلام أخبر الطائر الفتاة بأنها سوف تذهب إلى سيدنا سليمان عليه السلام وفي اليوم التالي خرج طائر العنقاء كالعادة، ثم حضر الأمير ليرى الفتاة التي تزوجها بالفعل وقالت للأمير بأن العنقاء ستأخذها إلى سيدنا سليمان عليه السلام.
فقال لها الأمير عندما يأتي طائر العنقاء قولي له أنك غير قادرة.
ومن ثم سوف أحضر بسفينتي وسوف أخذك معي.
ثم جاء الطائر في الميعاد لكي يأخذ الفتاة فقالت: لا أستطيع الركوب فوق ظهرك، ثم أشارت الفتاة للطائر على تمثال الحصان المتواجد على السفينة لإحضاره لكي تدخل الفتاة فيه وتحمله العنقاء.
فقام الطائر بإحضار التمثال ودخلت الفتاة داخله وكان الأمير هناك في الداخل، وذهب طائر العنقاء إلى سيدنا سليمان عليه السلام فسأل: هل أحضرت الفتاة؟
فقال له: نعم وهي داخل التمثال فخرجت الفتاة ومعها الأمير.
وقال سيدنا سليمان للعنقاء ألم أقل لك من قبل بأن الله صانع القدر وخسر الطائر التحدي وذهب العنقاء إلى الجبال ولم يراه أحد بعد ذلك.
#العنقاء #وطن_العرب #معلومة_كل_يوم
#أساطير. ❝ ⏤مجموعة من المؤلفين
❞ يعتبر طائر العنقاء من الأساطير التي تحدث عنها التاريخ قبل ذلك فهو إلى الآن لم يتحدد ما إذا كان واقع أم خيال، حيث أن الروايات والأساطير كثيرة والتاريخ مليء بالعديد من تلك القصص التي بعضها من نسج الخيال.
أمّا عن أصل تسمية العنقاء في اللغة فقد يرجع أصلها إلى عَنقَاءُ: مؤنث، جمع عُنقٌ، تلَّة عنقاء: مرتفعة طويلة.
حلَّقت بهِ عَنقاءُ مُغرِبٌ: وهو مثل يضرب لما يئس منه، والعنقاء طائر معروف الاسم مجهول الجسم.
أمّا ابن الكلبيّ يتحدث عن طير كانت تحط بأرض نبيّ من أهل الرس يقال له: حنظلة بن صفوان كان لها عنق طويل، وهي من أحسن الطير، فيها الكثير من الألوان، كانت تقع منتصبة، تنقضّ على الطير فتأكله، وقيل إنّها انقضّت على إحدى الجواري فضمّتها إلى جناحيها ثم طارت بها.
كما تناول الخليل بن أحمد الفراهيدي مفردة العنقاء في كتابه ˝العين˝ فقال: وهي طائر لم يبق في أيدي الناس من صفتها غير اسمها.
حيث أن الأسطورة تتحدث عن طائر العنقاء وأن هذا الطائر وقتما ينهي عمره ويموت يقوم بحرق نفسه بشكل ذاتي ثم يقوم الحريق بتحويل هذا الطائر إلى رماد ومنه يولد طائر جديد أو أن الحريق هذا يجعله يجدد حياته مرة أخرى، ويذكر أن هناك رواية أو حكاية أخرى عن العنقاء غير هذه قد تم ذكرها في قصص سندباد وألف ليلة وليلة.
وبعد أن زار هيرودوت مصر وشاهد صور هذا الطائر كان مقتنعًا بأن طائر العنقاء أو طائر العنقاء حقيقيًا وليس أسطوريًا؛ لأنه روى قصته خلال حديثه عن طيور الق
طر المصري، وكتب هيرودوت في القرن الثالث قبل الميلاد أن هناك طائرًا آخر يُدعى فونكس لم يره إلّا مصوّرًا يزور البلاد كل خمسمائة عام عند موت أبيه -على حد قول أهل هليوبوليس-، بعض ريش جناحيه ذهبي وبعضه أحمر وهو يشبه النسر في حجمه وهيئته.
لقد ذاعت أسطورة العنقاء في مختلف البلدان وعلى مر الحضارات المتنوعة ما بين شرق آسيا والمنطقة العربية القديمة التي كانت واقعة على سواحل البحر المتوسط، كما ظهر في أسطورة الحضارات الصينية القديمة.
يقال بأن شكل العنقاء كما تم وصفه في الأساطير من العرب أنه طائر كبير الحجم لا يضع إلا بيضة واحدة في حياته، وأن موطنه جبال اليمن، وأنه رمزًا قويًا للحياة الأبدية والتجدد بعد الموت إلى جانب الكثير من الروايات الأخرى المعبرة عن الإخاء والمحبة ومساعدة الآخر.
في الحضارات القديمة المصرية ذكر القدماء بأنهم كانوا يروا طائر العنقاء هابطًا على أرض مصر، بعد أن بلغ عمره خمسمائة عام يقوم ببناء عش كبير ويتخذ من النخيل موطن لها لوضع البيضة الوحيدة وأنهم شاهدوا رمادا كثيرا عند النخيل وأنه يجدد حياة العنقاء مرة أخرى بعد أن قام بحرق نفسه القديمة ليظهر من جديد.
وقد روت بعض الكتب المسيحية في العصر الروماني طائر العنقاء وهو مشار إليه برمز يوم القيامة بأنه رمزًا للعطاء.
كما أن طائر العنقاء يظهر في الحضارات الصينية ويرمز له بالمحبة والخير والطاقة والرحمة وكانوا يتبركون به ويعتبرون أنه طائرًا مقدسًا.
يختلف اسم هذا الطائر الأسطوري في المصرية القديمة عن اسمه المعروف بالعربية ˝العنقاء˝ فكان يطلق عليه اسم ˝بنو˝، وهو مشتق من فعل أجنبي بمعنى أشرق أو برق أو لمع، كما اشتقت كلمة فونكس من اللفظ المصري ˝بنو˝ وهي تعني زاهية متلألئة، والاسم الإغريقي يكاد يحمل معنى الاسم المصري، وكان يُعد صورة لمعبود الشمس رع، فهو يظهر في الصباح في بهاء مضيء كما ظهر على جدران المعابد والمقابر وعلى أركان التوابيت.
قيل عنه في الأدب العربي:
وإذا السَّعادةُ لاحظَتكَ عُيونُها
نَمْ فالمَخاوِفُ كُلّهنّ أمانُ
واصْطَدْ بَها العنقاءَ فَهِيَ حَبالةٌ
واقتدِ بِهَا الجوزاءَ فهيَ عنانُ.
ويقال بأن طائر العنقاء من الحقائق والتي لها حكاية مع سيدنا سليمان عليه السلام، ففي زمن بعيد قام طائر العنقاء بتحدي سيدنا سليمان عليه السلام فيما إذا كان الإنسان هو صانع قدره وليس الله تعالى ذلك ما قاله طائر العنقاء.
فقال سيدنا سليمان عليه السلام له إن الله عز وجل هو من يصنع قدر الإنسان وعليه أن يختار ما بين الحق أو الباطل.
ولكن العنقاء لم يزل مصرًا على رأيه.
فقال سيدنا سليمان للعنقاء إن هناك أحدًا من أهل البلاد المجاورة سيولد له أميرًا، وأخبر الطائر باسم المولود الأمير وأن هذا الأمير الذي سيولد سوف يتزوج فتاة، وقال أيضًا اسمها وسوف يكون الزواج عند سن العشرين وسوف ينجب طفلًا جميلًا.
لكن العنقاء ذهبت إلى هذه الفتاة وقامت بخطفها وأتت بها إلى العش الذي كان في وسط البحر، وبعد أن مرت السنوات كبر الأمير وكان له أبا ملكا فقال لأبيه: يا أبي لقد سافرت كل مكان ولم يبق بلدا إلا وذهبت إليه سوى البحر فإني أريد الذهاب.
فقال له أبيه: أذهب فقام بصنع سفينة وبعد مدة من الإبحار شاهد الأمير عشًا كبيرًا على جزيرة داخل البحر، فأتجه إلى هناك ورأى فيها فتاة بالغة الجمال فوقع في حبها وأراد الزواج منها، ولكن كان يجب أن يذهب لأن طائر العنقاء كان يأتي ليحضر للفتاة الطعام ويذهب في الصباح.
وعندما حان موعد اللقاء بين طائر العنقاء وسيدنا سليمان عليه السلام أخبر الطائر الفتاة بأنها سوف تذهب إلى سيدنا سليمان عليه السلام وفي اليوم التالي خرج طائر العنقاء كالعادة، ثم حضر الأمير ليرى الفتاة التي تزوجها بالفعل وقالت للأمير بأن العنقاء ستأخذها إلى سيدنا سليمان عليه السلام.
فقال لها الأمير عندما يأتي طائر العنقاء قولي له أنك غير قادرة.
ومن ثم سوف أحضر بسفينتي وسوف أخذك معي.
ثم جاء الطائر في الميعاد لكي يأخذ الفتاة فقالت: لا أستطيع الركوب فوق ظهرك، ثم أشارت الفتاة للطائر على تمثال الحصان المتواجد على السفينة لإحضاره لكي تدخل الفتاة فيه وتحمله العنقاء.
فقام الطائر بإحضار التمثال ودخلت الفتاة داخله وكان الأمير هناك في الداخل، وذهب طائر العنقاء إلى سيدنا سليمان عليه السلام فسأل: هل أحضرت الفتاة؟
فقال له: نعم وهي داخل التمثال فخرجت الفتاة ومعها الأمير.
وقال سيدنا سليمان للعنقاء ألم أقل لك من قبل بأن الله صانع القدر وخسر الطائر التحدي وذهب العنقاء إلى الجبال ولم يراه أحد بعد ذلك.
❞ \"سيستجيب \"
سوف يستجيب الله لي تلڪ الاماني و الاحلام يوما، سيستجيب الانه يدرڪ مدا حبڪ لي هذا الشئ، سيستجيب الانه يدرڪ مدا ايمانك به، سيستجيب لي ڪل الاشياء حتي وإن ڪونت تقول أنها أشياء ڪبيره و هي عند الله صغيره جدًا، سوف يعطيناأڪثر من ما نتمنا الانه الله، سوف تفيض أعيوننا يوما من الفرحة، ڪل شئ عند الله قد ڪُتب لا تحزن الله يختار لڪ الخير في ڪل شئ، أن الله أحن من أي شئ لا داعي لي القلق.
ڪ/ندي علي\" وتين\". ❝ ⏤الڪاتبه/ندي علي «وتين» 👀❤
❞ سيستجيب ˝
سوف يستجيب الله لي تلڪ الاماني و الاحلام يوما، سيستجيب الانه يدرڪ مدا حبڪ لي هذا الشئ، سيستجيب الانه يدرڪ مدا ايمانك به، سيستجيب لي ڪل الاشياء حتي وإن ڪونت تقول أنها أشياء ڪبيره و هي عند الله صغيره جدًا، سوف يعطيناأڪثر من ما نتمنا الانه الله، سوف تفيض أعيوننا يوما من الفرحة، ڪل شئ عند الله قد ڪُتب لا تحزن الله يختار لڪ الخير في ڪل شئ، أن الله أحن من أي شئ لا داعي لي القلق.
❞ وقد كان بعضُ السلَف يختار المرأةَ الدُّونَ على الجميلة، وذلك محمول على أن تلك تكون إلى الدِّين أميَل، والنَّفَقة عليها أقل، والاهتمام بأمرها يسير، بخلاف المُستحسَنة، فإنها تشتِّتُ القلبَ، وتشغَلُه، وتريد زيادة في النفقة، وربما لم يكن.
وقال مالك بن دينار: يعمَدُ أحدهم فيتزوج ديباجة الحَيّ فتقول: أريد مَرطًا، فتَمْرُطُ دينَه... ❝ ⏤أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي
❞ وقد كان بعضُ السلَف يختار المرأةَ الدُّونَ على الجميلة، وذلك محمول على أن تلك تكون إلى الدِّين أميَل، والنَّفَقة عليها أقل، والاهتمام بأمرها يسير، بخلاف المُستحسَنة، فإنها تشتِّتُ القلبَ، وتشغَلُه، وتريد زيادة في النفقة، وربما لم يكن.
وقال مالك بن دينار: يعمَدُ أحدهم فيتزوج ديباجة الحَيّ فتقول: أريد مَرطًا، فتَمْرُطُ دينَه. ❝
❞ حوار مع صديقي الملحد
قال صاحبي :-
تقول إن القرآن لا يتناقض مع نفسه فما بالك بهذه الآية :
( فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر ) 39- الكهف
و الآية الأخرى التي تنقضها :
( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله ) 30- الإنسان
ثم نجد القرآن يقول عن حساب المذنبين إنهم سوف يسألون :
( ستكتب شهادتهم و يسألون ) 19- الزخرف
( و إنه لذكر لك و لقومك و سوف تسألون ) 44- الزخرف
و مرة أخرى يقول :
( و لا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ) 78- القصص
و أنهم سوف يعرفون بسيماهم :
( فيؤخذ بالنواصى و الأقدام ) 41- الرحمن
ومرة يقول إنه لا أحد سوف يشد وثاق المجرم .
( ولا يوثق وثاقه أحد ) 26- الفجر
بمعنى أن كل واحد سوف يتكفل بتعذيب نفسه .
( كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) 14- الإسراء
و مرة يقول :
( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) 32- الحاقة
قلت له :
هذه ليست تناقضات .. و لنفكر فيها معاً ، فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر .. آية صريحة تشير إلى حرية العبد و اختياره .. و لكن هذه الحرية لم نأخذها من الله غصباً وغلاباً .. و إنما أعطاها إيانا بمشيئته .. فتأتي الآية الثانية لتشرح ذلك فتقول :
( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله )
أي أن حرية العبد "ضمن" مشيئة الرب و ليست ضدها .. أي أن حرية العبد يمكن أن تناقض الرضا الإلهي فتختار المعصية و لكنها لا يمكن أن تناقض المشيئة .. فهي تظل دائماً ضمن المشيئة ، ولو خالفت الرضا .. و هي نقطة دقيقة .. و قلنا إن التسيير الإلهي هو عين التخيبر، لأن الله يختار للعبد من جنس نيته و قلبه.. و معنى ذلك أنه يريد للعبد نفس ما أراد العبد لنفسه بنيته و اختيار قلبه ... أي أن العبد مسير إلى ما اختار .. و معنى ذلك أنه لا إكراه و أنه لا ثنائية و لا تناقض .. و أن التسيير هو عين التخيير .. و هي مسألة من أدق المسائل في فهم لغز المخير و المسير .. و ما تسميه أنت تناقضاً هو في الحقيقة جلاء ذلك السر .
أما الآيات الواردة عن الحساب فإن كل آية تعنى طائفة مختلفة ، فهناك من سوف يسأل و تطلب شهادته ، و هناك من ستكون ذنوبه من الكثرة بحيث تطفح على وجهه ، و هؤلاء هم الذين سوف يعرفون بسيماهم فيؤخذون بالنواصى و الأقدام ، و هناك المعاند المنكر الذي سوف تشهد عليه يداه ورجلاه :
( اليوم نختم على أفواههم و تكلمنا أيديهم و تشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) 65- يس
و هناك من سيكون حسيباً على نفسه يعذبها بالندم و يشد وثاقها بالحسرة .. و هو الذي لا يوثق وثاقه أحد .. و هناك أكابر المجرمين الجبارين الذين سوف يكذبون على الله ، و هم يواجهونه و يحلفون الكذب و هم في الموقف العظيم :
( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم و يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ) 18- المجادلة
و هؤلاء هم الذين سوف يسحبون على وجوههم و يوثقون في السلاسل .. و أبو حامد الغزالي يفسر هذه السلاسل بأنها سلاسل الأسباب .
- وما رأيك في كلام القرآن عن العلم الإلهي ؟ :
( إن الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام و ما تدرى نفس ماذا تكسب غداً و ما تدرى نفس بأي أرض تموت ) 34- لقمان
يقول القرآن إن الله اختص نفسه بهذا العلم لا يعلمه غيره :
( و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) 51- الأنعام
فما بالك الآن بالطبيب الذي يستطيع أن يعلم ما بالأرحام ، ويستطيع أن يتنبأ إن كان ذكراً أم أنثى .. و ما بالك بالعلماء الذين أنزلوا المطر الصناعي بالأساليب الكيماوية .
- لم يتكلم القرآن عن إنزال المطر وإنما عن إنزال الغيث ، و هو المطر الغزير الكثيف الذي ينزل بكميات تكفى لتغيير مصير أمة و إغاثتها و نقلها من حال الجدب إلى حال الخصب و الرخاء .. و المطر بهذه الكميات لا يمكن إنزاله بتجربة .
أما علم الله لما في الأرحام فهو علم كلي محيط و ليس فقط علماً بجنس المولود هل هو ذكر أو أنثى ، و إنما علم بمن يكون ذلك المولود و ما شأنه و ماذا سيفعل في الدنيا ، و ما تاريخه من يوم يولد إلى يوم يموت : و هو أمر لا يستطيع أن يعلمه طبيب .
- و ما حكاية كرسي الله الذي تقولون إنه وسع السموات والأرض .. و عرش الله الذي يحمله ثمانية .
- إن عقلك يسع السموات والأرض و أنت البشر الذي لا تذكر .. فكيف لا يسعها كرسي الله .. و الأرض و الشمس و الكواكب و النجوم وا لمجرات محمولة بقوة الله في الفضاء .. فكيف تعجب لحمل عرش ..
- و ما هو الكرسي و ما العرش ؟
- قل لي ما الإلكترون أقل لك ما الكرسي ؟ قل لي ما الكهرباء ؟ قل لي ما الجاذبية ؟ قل لي ما الزمان ؟ إنك لا تعرف ماهية أي شيء لتسألني ما الكرسي و ما العرش ؟ إن العالم مملوء بالأسرار و هذه بعض أسراره .
- و النملة التي تكلمت في القرآن و حذرت بقية النمل من قدوم سليمان و جيشه :
( قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده ) 18- النمل
- لو قرأت القليل عن علم الحشرات الآن لما سألت هذا السؤال .. إن علم الحشرات حافل بدراسات مستفيضة عن لغة النمل و لغة النحل .
و لغة النمل الآن حقيقة مؤكدة .. فما كان من الممكن أن تتوزع الوظائف في خلية من مئات الألوف و يتم التنظيم و تنقل الأوامر و التعليمات بين هذا الحشد الحاشد لولا أن هناك لغة للتفاهم ، و لا محل للعجب في أن نملة عرفت سليمان .. ألم يعرف الإنسان الله ؟
- و كيف يمحو الله ما يكتب في لوح قضائه :
( يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب ) 38- الرعد
أيخطيء ربكم كما نخطيء في الحساب فنمحو و نثبت .. أم يراجع نفسه كما نراجع أنفسنا ؟!
- الله يمحو السيئة بأن يلهمك بالحسنة ويقول في كتابه :
( إن الحسنات يذهبن السيئات ) 114- هود
و يقول عن عباده الصالحين : ( و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة ) 73- الأنبياء
و بذلك يمحو الله دون أن يمحو و هذا سر الآية 39 من سورة الرعد التي ذكرتها .
- و ما رأيك في الآية ؟
( و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) 56- الذاريات
هل كان الله في حاجة لعبادتنا ؟!
- بل نحن المحتاجون لعبادته .. أتعبد المرأة الجميلة حباً بأمر تكليف ، أم أنك تلتذ بهذا الحب و تنتشي و تسعد لتذوقك لجمالها ؟
كذلك الله و هو الأجمل من كل جميل إذا عرفت جلاله و جماله و قدره عبدته ، و وجدت في عبادتك له غاية السعادة و النشوة .
إن العبادة عندنا لا تكون إلا عن معرفة .. والله لا يعبد إلا بالعلم .. و معرفة الله هي ذروة المعارف كلها ، و نهاية رحلة طويلة من المعارف تبدأ منذ الميلاد و أول ما يعرف الطفل عند ميلاده هو ثدي أمه ، و تلك أول لذة ، ثم يتعرف على أمه وأبيه و عائلته و مجتمعه و بيئته ، ثم يبدأ في استغلال هذه البيئة لمنفعته ، فإذا هي ثدي آخر كبير يدر عليه الثراء و المغانم و الملذات ، فهو يخرج من الأرض الذهب و الماس ، و من البحر اللآليء ، و من الزرع الفواكه و الثمار ، و تلك هي اللذة الثانية في رحلة المعرفة .
ثم ينتقل من معرفته لبيئته الأرضية ليخرج إلى السموات و يضع رجله على القمر ، و يطلق سفائنه إلى المريخ في ملاحة نحو المجهول ليستمتع بلذة أخرى أكبر هي لذة استطلاع الكون ، ثم يرجع ذلك الملاح ليسأل نفسه .. و من أنا الذي عرفت هذا كله .. ليبدأ رحلة معرفة جديدة إلى نفسه .. بهدف معرفة نفسه و التحكم في طاقاتها و إدارتها لصالحه و صالح الآخرين ، و تلك لذة أخرى ..
ثم تكون ذروة المعارف بعد معرفة النفس هي معرفة الرب الذي خلق تلك النفس .. و بهذه المعرفة الأخيرة يبلغ الإنسان ذروة السعادات ، لأنه يلتقى بالكامل المتعال الأجمل من كل جميل .. تلك هي رحلة العابد على طريق العبادة .. و كلها ورود و مسرات ..
و إذا كانت في الحياة مشقة ، فلأن قاطف الورود لابد أن تدمي يديه الأشواك .. و الطامع في ذرى اللانهاية لابد أن يكدح إليها .. و لكن وصول العابد إلى معرفة ربه و انكشاف الغطاء عن عينيه .. ما أروعه .
يقول الصوفي لابس الخرقة : " نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف "
تلك هي لذة العبادة الحقة .. و هي من نصيب العابد .. و لكن الله في غنى عنها و عن العالمين .. و نحن لا نعبده بأمر تكليف و لكنا نعبده لأننا عرفنا جماله و جلاله .. و نحن لا نجد في عبادته ذلاً بل تحرراً و كرامة .. تحرراً من كل عبوديات الدنيا .. تحرراً من الشهوات و الغرائز و الأطماع و المال .. و نحن نخاف الله فلا نعود نخاف أحداً بعده و لا نعود نعبأ بأحد ..
خوف الله شجاعة .. و عبادته حرية .. و الذل له كرامة .. و معرفته يقين و تلك هي العبادة ..
نحن الذين نجني أرباحها و مسراتها .. أما الله فهو الغني عن كل شيء .. إنما خلقنا الله ليعطينا لا ليأخذ منا .. خلقنا ليخلع علينا من كمالاته فهو السميع البصير ، و قد أعطانا سمعاً و بصراً و هو العليم الخبير ، و قد أعطانا العقل لنتزود من علمه ، و الحواس لنتزود من خبرته و هو يقول لعبده المقرب في الحديث القدسى : ( عبد أطعني أجعلك ربانيا تقول للشيء كن فيكون ) ..
ألم يفعل هذا لعيسى عليه السلام .. فكان عيسى يحي الموتى بإذنه و يخلق من الطين طيراً بإذنه و يشفى الأعمى و الأبرص بإذنه .
العبودية لله إذن هي عكس العبودية في مفهومنا .. فالعبودية في مفهومنا هي أن يأخذ السيد خير العبد ، أما العبودية لله فهي على العكس ، أن يعطى السيد عبده ما لا حدود له من النعم ، و يخلع عليه ما لا نهاية من الكمالات .. فحينما يقول الله : ( و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فمعناها الباطن ما خلقت الجن والإنس إلا لأعطيهم و أمنحهم حباً و خيراً ، و كرامة و عزة ، و أخلع عليهم ثوب التشريف و الخلافة .
فالسيد الرب غني مستغن عن عبادتنا .. و نحن المحتاجون إلى هذه العبادة و الشرف ، و المواهب و الخيرات التي لا حد لها .
فالله الكريم سمح لنا أن ندخل عليه في أي وقت بلا ميعاد ، و نبقى في حضرته ما شئنا و ندعوه ما وسعنا .. بمجرد أن نبسط سجادة الصلاة و نقول "الله أكبر" نصبح في حضرته نطلب منه ما نشاء .
أين هو الملك الذي نستطيع أن ندخل عليه بلا ميعاد و نلبث في حضرته ما نشاء ؟!
و في ذلك يقول مولانا العبد الصالح الشيخ محمد متولي الشعراوي في شعر جميل :
حسب نفسي عزاً إنني عبد
يحتفل بي بلا مواعيد رب
هو في قدسه الأعز و لكن
أنا ألقى متى وحين أحب
و يقول : أرونى صنعة تعرض على صانعها خمس مرات في اليوم "يقصد الصلوات الخمس " و تتعرض للتلف !
و هذه بعض المعاني الباطنة في الآية التي أثارت شكوكك : ( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) و لو تأملتها لما أثارت فيك إلا الذهول و الإعجاب .
من كتاب / حوار مع صديقي الملحد
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ حوار مع صديقي الملحد
قال صاحبي :-
تقول إن القرآن لا يتناقض مع نفسه فما بالك بهذه الآية :
( فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر ) 39- الكهف
و الآية الأخرى التي تنقضها :
( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله ) 30- الإنسان
ثم نجد القرآن يقول عن حساب المذنبين إنهم سوف يسألون :
( ستكتب شهادتهم و يسألون ) 19- الزخرف
( و إنه لذكر لك و لقومك و سوف تسألون ) 44- الزخرف
و مرة أخرى يقول :
( و لا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ) 78- القصص
و أنهم سوف يعرفون بسيماهم :
( فيؤخذ بالنواصى و الأقدام ) 41- الرحمن
ومرة يقول إنه لا أحد سوف يشد وثاق المجرم .
( ولا يوثق وثاقه أحد ) 26- الفجر
بمعنى أن كل واحد سوف يتكفل بتعذيب نفسه .
( كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) 14- الإسراء
و مرة يقول :
( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) 32- الحاقة
قلت له :
هذه ليست تناقضات . و لنفكر فيها معاً ، فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر . آية صريحة تشير إلى حرية العبد و اختياره . و لكن هذه الحرية لم نأخذها من الله غصباً وغلاباً . و إنما أعطاها إيانا بمشيئته . فتأتي الآية الثانية لتشرح ذلك فتقول :
( و ما تشاءون إلا أن يشاء الله )
أي أن حرية العبد ˝ضمن˝ مشيئة الرب و ليست ضدها . أي أن حرية العبد يمكن أن تناقض الرضا الإلهي فتختار المعصية و لكنها لا يمكن أن تناقض المشيئة . فهي تظل دائماً ضمن المشيئة ، ولو خالفت الرضا . و هي نقطة دقيقة . و قلنا إن التسيير الإلهي هو عين التخيبر، لأن الله يختار للعبد من جنس نيته و قلبه. و معنى ذلك أنه يريد للعبد نفس ما أراد العبد لنفسه بنيته و اختيار قلبه .. أي أن العبد مسير إلى ما اختار . و معنى ذلك أنه لا إكراه و أنه لا ثنائية و لا تناقض . و أن التسيير هو عين التخيير . و هي مسألة من أدق المسائل في فهم لغز المخير و المسير . و ما تسميه أنت تناقضاً هو في الحقيقة جلاء ذلك السر .
أما الآيات الواردة عن الحساب فإن كل آية تعنى طائفة مختلفة ، فهناك من سوف يسأل و تطلب شهادته ، و هناك من ستكون ذنوبه من الكثرة بحيث تطفح على وجهه ، و هؤلاء هم الذين سوف يعرفون بسيماهم فيؤخذون بالنواصى و الأقدام ، و هناك المعاند المنكر الذي سوف تشهد عليه يداه ورجلاه :
( اليوم نختم على أفواههم و تكلمنا أيديهم و تشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) 65- يس
و هناك من سيكون حسيباً على نفسه يعذبها بالندم و يشد وثاقها بالحسرة . و هو الذي لا يوثق وثاقه أحد . و هناك أكابر المجرمين الجبارين الذين سوف يكذبون على الله ، و هم يواجهونه و يحلفون الكذب و هم في الموقف العظيم :
( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم و يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ) 18- المجادلة
و هؤلاء هم الذين سوف يسحبون على وجوههم و يوثقون في السلاسل . و أبو حامد الغزالي يفسر هذه السلاسل بأنها سلاسل الأسباب .
- وما رأيك في كلام القرآن عن العلم الإلهي ؟ :
( إن الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام و ما تدرى نفس ماذا تكسب غداً و ما تدرى نفس بأي أرض تموت ) 34- لقمان
يقول القرآن إن الله اختص نفسه بهذا العلم لا يعلمه غيره :
( و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) 51- الأنعام
فما بالك الآن بالطبيب الذي يستطيع أن يعلم ما بالأرحام ، ويستطيع أن يتنبأ إن كان ذكراً أم أنثى . و ما بالك بالعلماء الذين أنزلوا المطر الصناعي بالأساليب الكيماوية .
- لم يتكلم القرآن عن إنزال المطر وإنما عن إنزال الغيث ، و هو المطر الغزير الكثيف الذي ينزل بكميات تكفى لتغيير مصير أمة و إغاثتها و نقلها من حال الجدب إلى حال الخصب و الرخاء . و المطر بهذه الكميات لا يمكن إنزاله بتجربة .
أما علم الله لما في الأرحام فهو علم كلي محيط و ليس فقط علماً بجنس المولود هل هو ذكر أو أنثى ، و إنما علم بمن يكون ذلك المولود و ما شأنه و ماذا سيفعل في الدنيا ، و ما تاريخه من يوم يولد إلى يوم يموت : و هو أمر لا يستطيع أن يعلمه طبيب .
- و ما حكاية كرسي الله الذي تقولون إنه وسع السموات والأرض . و عرش الله الذي يحمله ثمانية .
- إن عقلك يسع السموات والأرض و أنت البشر الذي لا تذكر . فكيف لا يسعها كرسي الله . و الأرض و الشمس و الكواكب و النجوم وا لمجرات محمولة بقوة الله في الفضاء . فكيف تعجب لحمل عرش .
- و ما هو الكرسي و ما العرش ؟
- قل لي ما الإلكترون أقل لك ما الكرسي ؟ قل لي ما الكهرباء ؟ قل لي ما الجاذبية ؟ قل لي ما الزمان ؟ إنك لا تعرف ماهية أي شيء لتسألني ما الكرسي و ما العرش ؟ إن العالم مملوء بالأسرار و هذه بعض أسراره .
- و النملة التي تكلمت في القرآن و حذرت بقية النمل من قدوم سليمان و جيشه :
( قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده ) 18- النمل
- لو قرأت القليل عن علم الحشرات الآن لما سألت هذا السؤال . إن علم الحشرات حافل بدراسات مستفيضة عن لغة النمل و لغة النحل .
و لغة النمل الآن حقيقة مؤكدة . فما كان من الممكن أن تتوزع الوظائف في خلية من مئات الألوف و يتم التنظيم و تنقل الأوامر و التعليمات بين هذا الحشد الحاشد لولا أن هناك لغة للتفاهم ، و لا محل للعجب في أن نملة عرفت سليمان . ألم يعرف الإنسان الله ؟
- و كيف يمحو الله ما يكتب في لوح قضائه :
( يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب ) 38- الرعد
أيخطيء ربكم كما نخطيء في الحساب فنمحو و نثبت . أم يراجع نفسه كما نراجع أنفسنا ؟!
- الله يمحو السيئة بأن يلهمك بالحسنة ويقول في كتابه :
( إن الحسنات يذهبن السيئات ) 114- هود
و يقول عن عباده الصالحين : ( و أوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة ) 73- الأنبياء
و بذلك يمحو الله دون أن يمحو و هذا سر الآية 39 من سورة الرعد التي ذكرتها .
- و ما رأيك في الآية ؟
( و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) 56- الذاريات
هل كان الله في حاجة لعبادتنا ؟!
- بل نحن المحتاجون لعبادته . أتعبد المرأة الجميلة حباً بأمر تكليف ، أم أنك تلتذ بهذا الحب و تنتشي و تسعد لتذوقك لجمالها ؟
كذلك الله و هو الأجمل من كل جميل إذا عرفت جلاله و جماله و قدره عبدته ، و وجدت في عبادتك له غاية السعادة و النشوة .
إن العبادة عندنا لا تكون إلا عن معرفة . والله لا يعبد إلا بالعلم . و معرفة الله هي ذروة المعارف كلها ، و نهاية رحلة طويلة من المعارف تبدأ منذ الميلاد و أول ما يعرف الطفل عند ميلاده هو ثدي أمه ، و تلك أول لذة ، ثم يتعرف على أمه وأبيه و عائلته و مجتمعه و بيئته ، ثم يبدأ في استغلال هذه البيئة لمنفعته ، فإذا هي ثدي آخر كبير يدر عليه الثراء و المغانم و الملذات ، فهو يخرج من الأرض الذهب و الماس ، و من البحر اللآليء ، و من الزرع الفواكه و الثمار ، و تلك هي اللذة الثانية في رحلة المعرفة .
ثم ينتقل من معرفته لبيئته الأرضية ليخرج إلى السموات و يضع رجله على القمر ، و يطلق سفائنه إلى المريخ في ملاحة نحو المجهول ليستمتع بلذة أخرى أكبر هي لذة استطلاع الكون ، ثم يرجع ذلك الملاح ليسأل نفسه . و من أنا الذي عرفت هذا كله . ليبدأ رحلة معرفة جديدة إلى نفسه . بهدف معرفة نفسه و التحكم في طاقاتها و إدارتها لصالحه و صالح الآخرين ، و تلك لذة أخرى .
ثم تكون ذروة المعارف بعد معرفة النفس هي معرفة الرب الذي خلق تلك النفس . و بهذه المعرفة الأخيرة يبلغ الإنسان ذروة السعادات ، لأنه يلتقى بالكامل المتعال الأجمل من كل جميل . تلك هي رحلة العابد على طريق العبادة . و كلها ورود و مسرات .
و إذا كانت في الحياة مشقة ، فلأن قاطف الورود لابد أن تدمي يديه الأشواك . و الطامع في ذرى اللانهاية لابد أن يكدح إليها . و لكن وصول العابد إلى معرفة ربه و انكشاف الغطاء عن عينيه . ما أروعه .
يقول الصوفي لابس الخرقة : ˝ نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف ˝
تلك هي لذة العبادة الحقة . و هي من نصيب العابد . و لكن الله في غنى عنها و عن العالمين . و نحن لا نعبده بأمر تكليف و لكنا نعبده لأننا عرفنا جماله و جلاله . و نحن لا نجد في عبادته ذلاً بل تحرراً و كرامة . تحرراً من كل عبوديات الدنيا . تحرراً من الشهوات و الغرائز و الأطماع و المال . و نحن نخاف الله فلا نعود نخاف أحداً بعده و لا نعود نعبأ بأحد .
خوف الله شجاعة . و عبادته حرية . و الذل له كرامة . و معرفته يقين و تلك هي العبادة .
نحن الذين نجني أرباحها و مسراتها . أما الله فهو الغني عن كل شيء . إنما خلقنا الله ليعطينا لا ليأخذ منا . خلقنا ليخلع علينا من كمالاته فهو السميع البصير ، و قد أعطانا سمعاً و بصراً و هو العليم الخبير ، و قد أعطانا العقل لنتزود من علمه ، و الحواس لنتزود من خبرته و هو يقول لعبده المقرب في الحديث القدسى : ( عبد أطعني أجعلك ربانيا تقول للشيء كن فيكون ) .
ألم يفعل هذا لعيسى عليه السلام . فكان عيسى يحي الموتى بإذنه و يخلق من الطين طيراً بإذنه و يشفى الأعمى و الأبرص بإذنه .
العبودية لله إذن هي عكس العبودية في مفهومنا . فالعبودية في مفهومنا هي أن يأخذ السيد خير العبد ، أما العبودية لله فهي على العكس ، أن يعطى السيد عبده ما لا حدود له من النعم ، و يخلع عليه ما لا نهاية من الكمالات . فحينما يقول الله : ( و ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فمعناها الباطن ما خلقت الجن والإنس إلا لأعطيهم و أمنحهم حباً و خيراً ، و كرامة و عزة ، و أخلع عليهم ثوب التشريف و الخلافة .
فالسيد الرب غني مستغن عن عبادتنا . و نحن المحتاجون إلى هذه العبادة و الشرف ، و المواهب و الخيرات التي لا حد لها .
فالله الكريم سمح لنا أن ندخل عليه في أي وقت بلا ميعاد ، و نبقى في حضرته ما شئنا و ندعوه ما وسعنا . بمجرد أن نبسط سجادة الصلاة و نقول ˝الله أكبر˝ نصبح في حضرته نطلب منه ما نشاء .
أين هو الملك الذي نستطيع أن ندخل عليه بلا ميعاد و نلبث في حضرته ما نشاء ؟!
و في ذلك يقول مولانا العبد الصالح الشيخ محمد متولي الشعراوي في شعر جميل :
حسب نفسي عزاً إنني عبد
يحتفل بي بلا مواعيد رب
هو في قدسه الأعز و لكن
أنا ألقى متى وحين أحب
و يقول : أرونى صنعة تعرض على صانعها خمس مرات في اليوم ˝يقصد الصلوات الخمس ˝ و تتعرض للتلف !
و هذه بعض المعاني الباطنة في الآية التي أثارت شكوكك : ( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) و لو تأملتها لما أثارت فيك إلا الذهول و الإعجاب .
من كتاب / حوار مع صديقي الملحد
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝