█ وها نحن الآن قد انتهينا من المهمة التي رسمناها لأنفسنا هذا الكتاب مهمة (بدء النظر كيان العقل العربي وآلياته) ولا أقول نقد ﻷن النقد يجب أن يستمر ويجب يتجدد ويستأنف أبدا كتاب بنية مجاناً PDF اونلاين 2024 تحليل الأسس تستند إليها عملية تحصيل المعرفة وترويجها داخل كل حقل وهي: البيان (كفعل معرفي هو: الظهور والإظهار والفهم والإفهام وكحقل هو عالم الذي تبنيه علوم اللغة وعلوم الدين) والعرفان الكشف أو العيان عبارة عن خليط هواجس وعقائد وأساطير تتلوّن بلون الدين تقوم هامشه) والبرهان استدلال استنتاجي الفلسفية العلمية) وتضمن إطلالة خاصة الاتجاه التجديدي عرفته الأندلس والمغرب وصراعه الطويل مع تيار التداخل التلفيقي يقصد الجابري بـ "العقل العربي" جملة المبادئ والقواعد تقدمها الثقافة العربية الإسلامية للمنتمين كأساسٍ لاكتساب وتفرضها عليهم كـ"نظام معرفي" أي كجملة المفاهيم والإجراءات تعطي للمعرفة فترةٍ تاريخيةٍ ما بنيتها اللاشعورية وهذا يعني – برأيه المطابقة بين والثقافة اللاشعورية خلال فترة تاريخية معيّنة واعتمد مصطلح الحقول المعرفية الثلاثة حيث كفعل العلمية
❞ إن ظاهرية، ابن حزم لم تكن تضييق على العقل، كما يُعتقد، بل لقد كانت بالعکس من ذلك ثورة متعددة الأبعاد ثورة ضد ادعاء الكشف والإلهام وتكريس النظرة السحرية للعالم، وثورة ضد التقليد والقياس أي ضد سلطة السلف مهما كان هذا السلف، وقد ذهبت به هذه الثورة إلى حد القول بوجوب الاجتهاد على كل شخص وأنه لا يجوز أن يقلد شخص شخصا آخر.
نعم لقد دعا إلى التمسك بظاهرة النص ولكنه لم يكن يرمي من وراء هذه الدعوة إلى التضييق على العقل بل بالعكس لقد أراد من ذلك تحریر الخلف من التبعية لتأويلات السلف، وذلك بالتعامل مع النصوص كما هي، وفهمها داخل دائرة مجالها التداولي الأصلي، الشيء الذي يعني أن كل ما لم ينص عليه داخل هذه الدائرة وبوسائلها التعبيرية المعروفة فهو كله مباح، سواء تعلق الأمر بما كان موجود زمن النبي أو بما استجد بعده.
وهكذا وسع من دائرة المباح لتشمل كل جديد ومستجد لا يبطل أصلا من أصول الدين كما هو منصوص عليه وبنفس المضمون الذي كان له في مجاله الأصلي . ❝
❞ نعم يمكن أن نختلف مع ابن حزم أو ابن رشد أو الشاطبي أو ابن خلدون حول ما يقررونه من وجهات نظر في هذه المسألة أو تلك ، فهذا لا يهم ، ولا يهمنا نحن هنا بالذات ،
إن ما يهمنا هو طريقة التفكير والمفاهيم الموظفة وكيفية توظيفها. وفي هذا المجال ، وضمن هذا الإطار ، لا نملك إلا أن نصدع بالحقيقة التالية ، وهي أن ما ننشده اليوم من تحديث للعقل العربي وتجديد للفكر الإسلامي يتوقف ليس فقط علي مدي استيعابنا للمكتسبات العلمية والمنهجية المعاصرة ، مكتسبات القرن العشرين ما قبله وما بعده ،
بل أيضاً ولربما بالدرجة الأولي يتوقف علي مدي قدرتنا علي استعادة نقدية ابن حزم وعقلانية ابن رشد وأصولية الشاطبي وتاريخية ابن خلدون ، هذه النزوعات العقلية التي لابد منها إذا أردنا ان نعيد ترتيب علاقتنا بتراثنا بصورة تمكننا من الانتظام فيه انتظاما يفتح المجال للإبداع ، إبداع العقل العربي داخل الثقافة التي يتكون منها.
إنه بدون التعامل النقدي العقلاني مع تراثنا لن نتمكن قط من تعميم الممارسة العقلانية علي أوسع قطاعات فكرنا العربي المعاصر ، القطاع الذي ينعت بـ ((الأصولي)) حيناً وبـ ((السلفي)) حيناً آخر ، كما أنه بدون هذه الممارسة العقلانية علي معطيات تراثنا لن يكون في إمكاننا قط تأصيل العطاءات الفكرية التي قدمها ،
أو بالإمكان أن يقدمها قطاع آخر من فكرنا العربي المعاصر القطاع الذي يدعو إلي الحداثة والتجديد إنه باستعادة العقلانية النقدية التي دشنت خطابا جديدا في الأندلس والمغرب مع ابن حزم وابن رشد والشاطبي وابن خلدون ، وبها وحدها ، يمكن إعادة بنينة العقل العربي من داخل الثقافة التي ينتمي إليها ، مما يسمح بتوفير الشروط الضرورية لتدشين عصر تدوين جديد في هذه الثقافة . ❝