وحسن الدعوة إلى منهج الله بالقول الحسن والسلوك الحسن 💬 أقوال مصطفى محمود 📖 كتاب الاسلام ماهو؟
- 📖 من ❞ كتاب الاسلام ماهو؟ ❝ مصطفى محمود 📖
█ وحسن الدعوة إلى منهج الله بالقول الحسن والسلوك كتاب الاسلام ماهو؟ مجاناً PDF اونلاين 2024 الإسلام: ما هو؟ هو من تأليف الدكتور مصطفى محمود يتحدث فيه عن مشكلة المسلمين اليوم وأنَّ علاقتهم فاترة بعقيدتهم أكثرنا " مسلم بطاقته الشخصية وعباداته الباردة فقط
ننظر ممارساتنا وشعائرنا الدينية كواجبٍ ليس له طعم ولا روح صلاتنا أصبحت مجرد حركاتٍ رياضية نؤديها لأننا لا نريد أن يسخط علينا علاقتنا بالقرآن الكريم تشبه بأي كتابٍ آخر نقرأه أحيانًا ونتأثر به ثم نتركه ونمضي دون جعله دستوراً حقيقيًا
هذا الكتاب يخاطب روحك وعقلك وسواء كنت مسلمًا أم فأنتَ بحاجةٍ لقراءته كي تفهم الإسلام صدقًا ولماذا نصلي ؟ وما هي الروحية بالسماء
❞ الحياة رحلة تعرف على الله وسوف يؤدي بنا التعرف على الله وكمالاته إلى عبادته .. هكذا بالفطرة ودون مجهود، وهل نحتاج إلى مجهود لنعبد الجميلة حبا ..
إنما تتكفل بذلك الفطرة التي تجعلنا نذوب لحظة التطلع إلى وجهها، فما بالنا لحظة التعرف على جامع الكمالات والذي هو نبع الجمال كله .. إننا نفنى حبّا. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ الحياة رحلة تعرف على الله وسوف يؤدي بنا التعرف على الله وكمالاته إلى عبادته .. هكذا بالفطرة ودون مجهود، وهل نحتاج إلى مجهود لنعبد الجميلة حبا ..
إنما تتكفل بذلك الفطرة التي تجعلنا نذوب لحظة التطلع إلى وجهها، فما بالنا لحظة التعرف على جامع الكمالات والذي هو نبع الجمال كله .. إننا نفنى حبّا . ❝
❞ سألني صديقي و هو رجل كثير الشك :
- و ما السر في ثياب الإحرام البيضاء و ضرورة لبسها على اللحم و تحريم لبس المخيط .. و ما معنى رجم إبليس و الطواف حول الكعبة .. ألا ترى معي أنها بقايا وثنية ؟
قلت له : أنت لا تكتفي بأن تحب حبيبك حباً عذرياً أفلاطونياً ، و إنما تريد أن تعبر عن حبك بالفعل .. بالقبلة و العناق و اللقاء .. هل أنت وثني ؟
و بالمثل من يسعى إلى الله بعقله و قلبه .. يقول له الله : إن هذا لا يكفي .. لابد أن تسعى على قدميك .
و الحج و الطواف رمز لهذا السعي الذي يكتمل فيه الحب شعوراً و قولاً و فعلاً .
و هنا معنى التوحيد .
أن تتوحد جسداً و روحاً بأفعالك و كلماتك .
و لهذا نركع و نسجد في الصلاة و لا نكتفي بخشوع القلب .. فهذه الوحدة بين القلب و الجسد يتجلى فيها الإيمان بأصدق مما يتجلى في رجل يكتفي بالتأمل .
أما ثياب الإحرام البيضاء فهي رمز الوحدة الكبرى التي تذوب فيها الأجناس و يتساوى فيها الفقير و الغني .. المهراجا و أتباعه .
و نحن نلبسها على اللحم .. كما حدث حينما نزلنا إلى العالم في لحظة الميلاد و كما سوف يحدث حينما نغادره بالموت .. جئنا ملفوفين في لفافة بيضاء على اللحم .. و نخرج من الدنيا بذات اللفة .
هي رمز للتجرد .. لأن لحظة اللقاء بالله تحتاج إلى التجرد كل التجرد .
و لهذا قال الله لموسى :
(( اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى )) .
هو التجرد المناسب لجلال الموقف .
و هذا هو الفرق بين لقاء لرئيس جمهورية .. و لقاء مع الخالق .
فنحن نرتدي لباس التشريفة لنقابل رئيس الجمهورية .
أما أمام الله فنحن لا شيء .. لا نكاد نساوي شيئاً .
و علينا أن نخلع كل ثياب الغرور و كل الزينة .
قال صديقي في خبث : و رجم إبليس ؟
قلت :
- أنت تضع باقة ورد على نصب تذكاري للجندي المجهول ، و تلقي خطبة لتحيته .. هل أنت وثني ؟
لماذا تعتبرني وثنياً إذا رشقت النصب التذكاري للشيطان بحجر و لعنته .. إنها نفس الفكرة .
إنها كلها رمزيات .
أنت تعلم أن النصب التذكاري مجرد رمز ، و أنه ليس الجندي .
و أنا أعلم أيضا أن هذا التمثال رمز ، و أنه ليس الشيطان .
و بالمثل السعي بين الصفا و المروة إلى حيث نبعت عين زمزم التي ارتوى منها إسماعيل و أمه هاجر .. هي إحياء ذكرى عزيزة و يوم لا يُنسى في حياة النبي و الجد اسماعيل و أمه المصرية هاجر .
و جميع شعائر ديانتنا ليست طقوساً كهنوتية بالمعنى المعروف ، و إنما هي نوع من الأفعال التكاملية التي يتكامل بها الشعور و التي تسترد بها النفس الموزعة وحدتها ..
إنها وسيلة لخلق إنسان موحد .. قوله هو فعله .. فالكرم لا معنى له إذا ظل تصريحاً شفوياً باللسان ، و إنما لابد أن تمتد اليد إلى الجيب ثم تنبسط في عطاء ليكون الكرم كرماً حقيقياً .. هل هذه الحركة وثنية أو طقساً كهنوتياً .
و بهذا المعنى ، شعائر الإسلام ليست شعائر ، و إنما تعبيرات شديدة البساطة للإحساس الديني .
و لهذا كان الإسلام هو الدين الوحيد الذي بلا طقوس و بلا كهنوت و بلا كهنة .
ألا تراهم أمامك أكثر من مليون يكلمون الله مباشرة بلا واسطة و يركعون على الأرض العراء حيث لا محاريب و لا مآذن و لا قباب و لا منابر و لا سجاجيد و لا سقوف منقوشة بالذهب و لا جدران من المرمر و الرخام .
لا شيء سوى العراء .
و نحن عراء .
و نفوسنا تعرت أمام خالقها فهي عراء .
و نحن نبكي .. كلنا نبكي .
و سكت صديقي و ارتفعت أصوات التلبية من مليون و خمسمائة ألف حنجرة .. لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .
و كنت أعلم أن صديقي مازال بينه و بين الإيمان الحقيقي أشواط و مراحل و معراج من المعاناة.
مازال عليه أن يصعد فوق خرائب هذا البناء المنطقي الذي اسمه العقل و يستشرف على ينابيع الحقيقة في تدفقها البكر داخل قلبه .. حينئذ سوف يكف عقله عن اللجاجة و التنطع و يلزم حدوده و اختصاصه ، و يدرك أن الدين أكبر من مجرد قضية منطقية ، و أنه هو في ذاته منطق كل شيء .. و أن الله هو البرهان الذي نبرهن به على وجود الموجودات لأنه قيومها ( هو الذي أوجدها من العدم فهي موجودة به و بفضله ) ، فهو برهان عليها أكثر مما هي برهان عليه .. و كيف يكون العدم برهاناً على الوجود .. و كيف يكون المعدوم شاهداً على موجد الوجود .
إنها لجاجة العقل .. و هي سلسلة من الخرائب المنطقية لابد أن نمر بها في معراجنا للوصول إلى الحقيقة .. و هذا عيب العصر الذي يدّعي فيه العقل أنه كل شيء .
من كتــاب الإسلام ماهو؟
الدكتور مصطفى محمود رحمه الله. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ سألني صديقي و هو رجل كثير الشك :
و ما السر في ثياب الإحرام البيضاء و ضرورة لبسها على اللحم و تحريم لبس المخيط .. و ما معنى رجم إبليس و الطواف حول الكعبة .. ألا ترى معي أنها بقايا وثنية ؟
قلت له : أنت لا تكتفي بأن تحب حبيبك حباً عذرياً أفلاطونياً ، و إنما تريد أن تعبر عن حبك بالفعل .. بالقبلة و العناق و اللقاء .. هل أنت وثني ؟
و بالمثل من يسعى إلى الله بعقله و قلبه .. يقول له الله : إن هذا لا يكفي .. لابد أن تسعى على قدميك .
و الحج و الطواف رمز لهذا السعي الذي يكتمل فيه الحب شعوراً و قولاً و فعلاً .
و هنا معنى التوحيد .
أن تتوحد جسداً و روحاً بأفعالك و كلماتك .
و لهذا نركع و نسجد في الصلاة و لا نكتفي بخشوع القلب .. فهذه الوحدة بين القلب و الجسد يتجلى فيها الإيمان بأصدق مما يتجلى في رجل يكتفي بالتأمل .
أما ثياب الإحرام البيضاء فهي رمز الوحدة الكبرى التي تذوب فيها الأجناس و يتساوى فيها الفقير و الغني .. المهراجا و أتباعه .
و نحن نلبسها على اللحم .. كما حدث حينما نزلنا إلى العالم في لحظة الميلاد و كما سوف يحدث حينما نغادره بالموت .. جئنا ملفوفين في لفافة بيضاء على اللحم .. و نخرج من الدنيا بذات اللفة .
هي رمز للتجرد .. لأن لحظة اللقاء بالله تحتاج إلى التجرد كل التجرد .
و لهذا قال الله لموسى :
(( اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى )) .
هو التجرد المناسب لجلال الموقف .
و هذا هو الفرق بين لقاء لرئيس جمهورية .. و لقاء مع الخالق .
فنحن نرتدي لباس التشريفة لنقابل رئيس الجمهورية .
أما أمام الله فنحن لا شيء .. لا نكاد نساوي شيئاً .
و علينا أن نخلع كل ثياب الغرور و كل الزينة .
قال صديقي في خبث : و رجم إبليس ؟
قلت :
أنت تضع باقة ورد على نصب تذكاري للجندي المجهول ، و تلقي خطبة لتحيته .. هل أنت وثني ؟
لماذا تعتبرني وثنياً إذا رشقت النصب التذكاري للشيطان بحجر و لعنته .. إنها نفس الفكرة .
إنها كلها رمزيات .
أنت تعلم أن النصب التذكاري مجرد رمز ، و أنه ليس الجندي .
و أنا أعلم أيضا أن هذا التمثال رمز ، و أنه ليس الشيطان .
و بالمثل السعي بين الصفا و المروة إلى حيث نبعت عين زمزم التي ارتوى منها إسماعيل و أمه هاجر .. هي إحياء ذكرى عزيزة و يوم لا يُنسى في حياة النبي و الجد اسماعيل و أمه المصرية هاجر .
و جميع شعائر ديانتنا ليست طقوساً كهنوتية بالمعنى المعروف ، و إنما هي نوع من الأفعال التكاملية التي يتكامل بها الشعور و التي تسترد بها النفس الموزعة وحدتها ..
إنها وسيلة لخلق إنسان موحد .. قوله هو فعله .. فالكرم لا معنى له إذا ظل تصريحاً شفوياً باللسان ، و إنما لابد أن تمتد اليد إلى الجيب ثم تنبسط في عطاء ليكون الكرم كرماً حقيقياً .. هل هذه الحركة وثنية أو طقساً كهنوتياً .
و بهذا المعنى ، شعائر الإسلام ليست شعائر ، و إنما تعبيرات شديدة البساطة للإحساس الديني .
و لهذا كان الإسلام هو الدين الوحيد الذي بلا طقوس و بلا كهنوت و بلا كهنة .
ألا تراهم أمامك أكثر من مليون يكلمون الله مباشرة بلا واسطة و يركعون على الأرض العراء حيث لا محاريب و لا مآذن و لا قباب و لا منابر و لا سجاجيد و لا سقوف منقوشة بالذهب و لا جدران من المرمر و الرخام .
لا شيء سوى العراء .
و نحن عراء .
و نفوسنا تعرت أمام خالقها فهي عراء .
و نحن نبكي .. كلنا نبكي .
و سكت صديقي و ارتفعت أصوات التلبية من مليون و خمسمائة ألف حنجرة .. لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .
و كنت أعلم أن صديقي مازال بينه و بين الإيمان الحقيقي أشواط و مراحل و معراج من المعاناة.
مازال عليه أن يصعد فوق خرائب هذا البناء المنطقي الذي اسمه العقل و يستشرف على ينابيع الحقيقة في تدفقها البكر داخل قلبه .. حينئذ سوف يكف عقله عن اللجاجة و التنطع و يلزم حدوده و اختصاصه ، و يدرك أن الدين أكبر من مجرد قضية منطقية ، و أنه هو في ذاته منطق كل شيء .. و أن الله هو البرهان الذي نبرهن به على وجود الموجودات لأنه قيومها ( هو الذي أوجدها من العدم فهي موجودة به و بفضله ) ، فهو برهان عليها أكثر مما هي برهان عليه .. و كيف يكون العدم برهاناً على الوجود .. و كيف يكون المعدوم شاهداً على موجد الوجود .
إنها لجاجة العقل .. و هي سلسلة من الخرائب المنطقية لابد أن نمر بها في معراجنا للوصول إلى الحقيقة .. و هذا عيب العصر الذي يدّعي فيه العقل أنه كل شيء .
من كتــاب الإسلام ماهو؟
الدكتور مصطفى محمود رحمه الله . ❝
❞ وصف الله نفسه بأنه المَلك وبأن له مُلكاً وملكوتاً وجنداً مجندة وملأً أعلى وأنه قد وَكّل إلى كل فرد من هذا الملأ الأعلى مهمة يقوم بها فجبريل الروح الأمين هو رسول الوحي وهو الواسطة بين الله وجميع أنبيائه وميكائيل مُكَّلف بالأرزاق وإسرافيل نَافِخ الصّور يوم تقوم الساعة وعزرائيل قابض الأرواح.
"قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم "( السجده ـ11)
ذلك ملك الموت.. وهم كثير ..
"توفته رسلنا وهم لا يفرطون" ( الانعام ـ61)
ثم هناك الملائكه الحفظة
"إن كل نفس لمّا عليها حافظ "( الطارق ـ4)
والملائكة الصافّون والملائكة المُسَبِّحون والملائكة الحافّون بالعرش والملائكة الحاملون للعرش والملائكة العالون وملائكة التصريف.
ملك عظيم من فوق سبع سموات لا يتناهى.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن..
لماذا لا يباشر الله جميع هذه الشئون بذاته ما دام بيده مقاليد كل شيء وإليه يرجع الأمر كله.. فلماذا لا يفعل بذاته وبدون وسائط ؟
وما الحاجه إلى كل هذا الملأ ؟ .. والجواب ...
أنها سُنّة الله في خلقه.. فهو يجري الشفاء على يد جراح وكان في قدرته أن يشفي بذاته وهو يجري الأرزاق من باب تجارة أو من باب صناعة وكان في قدرته أن يوصل المال إلى أصحابه مباشرة دون أسباب.. وهو يوصل إلينا العلم بوسائط الكليات والجامعات والمدارس.. بل هو يوصل العلم إلى أنبيائه عن طريق جبريل.. وكان بالإمكان أن يلقيه في روعنا مباشرة..
حتى المعجزة الخارقة فإنه يُجريها بواسطة فيقول عن الحمل الخارق لمريم :
" فأرسلنا إليها روحنا فتمثّل لها بشراً سوياً "
ويقول جبريل لمريم:
" إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً "
وهو أمر كان يمكن أن يفعله الله مباشرة.
تلك إذن سُنّته في الدنيا وتلك أيضاً سُنّته في الآخره حيث يُقيم على النار زبانية لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمَرون وحيث يُقيم على أبواب الجنة ملائكة الرضوان حتى عرشه العظيم سبحانه يقول لنا القرآن أنه محمول يحمله ثمانية
"ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية"
وهم يحملونه ولا شك بقوة الله ذاته فما ضرورتهم..؟؟!!
والجواب ...
لا ضرورة له سوى كرمه هو .. حيث شاء بكرمه أن يعطي صفاته الشافيه للطبيب ويتجلى بأحكام إسمه العليم على العالم ويتجلى بإسمه الرزّاق على التاجر وبإسمه البديع على الفنان ويتكرم بقوته على حاملي عرشه فتلك كلها شواهد كرم منه لا شواهد حاجه إلينا.
ثم إن الوسائط أيضا هي سنتّه.. فهو إذا أراد أن يعالج الجبل سلّط عليه وسائط ماديه مثله لتشكيله.. سلّط عليه الرياح والأمطار والسيول تنحته وتشكّله أو سلّط عليه كائناً مادياً مثل الإنسان ينحت فيه الكهوف والسدود.. ولو أنه سبحانه تجلّى على الجبل مباشرة لجعله دكاً.
وحينما ظهر جبريل على صورته الحقيقية لمحمد عليه الصلاة والسلام خرّ مغشيًا عليه.
إن تفاوت المقامات بين الله وملائكته وبين ملائكته وخلقه من البشر وبين البشر وسائر صنوف المادة الجامدة إستدعى وجود البرازخ والوسائط.. فلا يطيق الأسفل أن يتجلّى عليه الأعلى مباشرة دون واسطة برزخية.
إننا نقذف نواة الذّرة وهي شيء غير منظور بشيء آخر غير منظور وهي قذائف النيوترون فنتخذ وسائط من جنس ما نتعامل معه.. فنحاول الوصول إلى الشيء الخفي باتخاذ برزخ خفي.. وهو مثال من عالمنا.
وجبريل هو البرزخ بين الله وبين محمد عليه الصلاة والسلام في عالم الملكوت وهو أيضًا البرزخ بين الله وبين جميع أنبيائه.. لأنه لا أحد من الانبياء يُطيق الحضرة الإلهية الذاتية مباشرة.. فإن تجلِّي هذه الحضرة يؤدي إلى سحق ومحق كل شيء .. تماماً كما رأينا من حال الجبل الذي أصبح دكاً وموسى الذي خر صعقًا.
إننا بحكم طبيعتنا البشرية لا نحتمل أنوار الذات الإلهية فاستدعى التواصل بين الطبيعتين إلى إتخاذ البرازخ.
وكما أن جبريل هو البرزخ بين الله وبين محمد فكذلك محمد عليه الصلاة والسلام هو برزخنا الأعظم وهو وسيلتنا وواسطتنا وبابنا إلى الفهم عن الله.. لأننا بحكم طبيعتنا المحدودة لا نستطيع أن نصل إلى حضرة الإطلاق دون دليل.
إن الضرورة هنا كانت قيداً علينا نحن، فنحن الضعفاء والله هو القوي ونحن الفقراء إليه وهو سبحانه الغني عنّا.
وكان تنزل الله بين البرازخ ليتواصل معنا كرماً منه ولطفاً وإيناسًا.. لا حاجةً منه إلينا فالله ليس فعالًا بنا بل نحن الذين نفعل به ونحن الذين نرى به ونسمع به ونفهم به ونمشي به ونحيا به.. بل إنه هو.. هو الظاهر بوجهه في كل شيء.
" أينما تولوا فثم وجه الله "
فهو الملك وهو جميع القوى الفعّاله في المملكه من حق وخير وجمال وعدل وكرم وحلم ورأفة ومودة ورحمة وسمع وبصر وعلم فتلك جميعاً أسماؤه تجّلت بأحكامها على ما في المملكة من خلائق.
فإذا سُحِب منا ربنا قيوميته عدنا عدماً واختفى مسرح الوجود كله ولم يبق إلا نوره فهو الحضور المستمر أبداً وأزلاً وهو الظاهر ابداً ونحن الغيب.. وهو الوجود ونحن العدم.. وهو الحُجّة على نفسه وهو برهان وجوده ودليل ذاته وهو ليس في حاجه إلى دليل يدل عليه.
ومن مبدأ القصة حينما كان الله ولا شيء معه.. إلى الآن حيث مازال ربنا هو هو.. على ما عليه كان.. لم يجِدَّ جديد.. فكل ما حدث كان تحصيل حاصل لما في علمه.. ومازال هو على ما عليه كان.. فالقول بحاجة الله إلى جنوده ومملكته يعكس القضية ويقلبها.. تعالى ربنا عن ذلك عُلواً كبيراً.. فلا شيء فعال في مُلكه ومَلكوته سواه إنما هي ثياب ألبسها لنا ومواهب أعطاها لنا وأرزاق وزّعها علينا بل إن لبسه الوجود ذاتها منه.. وليس لنا من ذواتنا إلاّ العدم.
بل اللغز الذي يُحيّرني.. هو ذاتي نفسها.
أنا.. من أكون.. وأنا لست إلاّ كلمة من كلماته ونفخة من روحه..؟!!
أما أحقية الله في كل شيء فهي أظهر من أن تكون محل شك أو مُسائلة.. وبالمثل وجوده وهيمنته وظهوره.
إنما أنا.. ذرة العدم.. التي هي نفسي.. ما أمرها.. وما خطبها وكيف تشخّصت من الأزل.. وكيف جاء بها الله ومعها سرّها وما تكتم ثم أوجدها ليُخرِج مكتومها وابتلاها بالشر والخير لتُفصِح عن سرها وتُفشي مكنونها.
أنا..؟
وهل لي هذه الأنا.. أم أني استعرتها مع ما استعرت من الله.. فهي ثوب ضمن ما ألبسني الله من ثياب.
ذلك هو السر الذي يحيرني رغم أنه لا شيء أقرب إليّ منها.. وهل هناك ما هو أقرب إليّ من نفسي التي بين جنبي.. ومع ذلك فهي الطلسم.. والتيه.. والمحال.
ثم إن اللغز يصل إلى ذروة استسراره حينما نرى الله يأمر ملائكته بالسجود لهذه النفس التي تشخّصت من عدم ويُسخّر لها ملكه وملكوته ويُخضِع لها الكون جميعه.
" سخر لكم ما في السماوات وما في الارض جميعًا منه "
يقول الله للعبد الكامل في كتاب المواقف والمخاطبات للنفري:
أنت مني.. أنت تليني.. وكل شيء في الوجود يأتي بعدك.. لا شيء يقدر عليك إذا عرفت مقامك ولزمت مقامك.. فأنت أقوى من الأرض والسماء أقوى من الجنه والنار أقوى من الحروف والأسماء.. أقوى من كل ما بدا في دنيا وآخره.
إذا تحققت بسرّك تحققت بي.. أنا الذي منه كل شيء أنا الذي أديت كل شيء.. أنا الذي هو أنا.
إلى هذه الذروه المذهله من التشريف تصل هذه الذره الوجوديه التي هي النفس الانسانيه.
فيقول عنها رب العالمين:
اأنت مني.. أنت تليني.. وكل شيء في الوجود يأتي بعدك.. لا شيء يقدر عليك إذا عرفت مقامك ولزمت مقامك.. فأنت أقوى من الأرض والسماء أقوى من الجنه والنار أقوى من الحروف والأسماء.. أقوى من كل ما بدا في دنيا وآخره ... ( وكل ما في الوجود باديات يبديها ربنا من خفاء ولا يبتديها).
ويقول للعبد الكامل:
إذا تحققت بسرّك تحققت بي.. أنا الذي منه كل شيء.
كيف يارب يتحقق الواحد منا بسره.
إذا عرفت مقامك ولزمت مقامك.
ليس فقط أن يبلغ مقام الكمال بل أيضًا أن يلزم هذا المقام فلا يحيد عنه.. وذلك هو غاية التمكين والتثبيت.
وذلك هو المعراج العظيم الذي لا يقدر عليه الا آحاد بل إن المُلك والملكوت ذاتهما مجرد معارج لهذه النفس الكاملة والدنيا والآخرة منازلها وهي تسير إلى ربها وقد أقدرها الله على الدنيا.. وعلى تجاوزها.. كما أقدرها على الآخرة وعلى تجاوزها في مراقي السير إليه.. تلك هي النفس الطلسم المطلسم.
وتلك هي إمكاناتها حيث اجتمع فيها أقصى العدم وأقصى الوجود.
وحيث هي مني أقرب إليّ من كل شيء وأخفى عليّ من كل شيء فهي التي بدأت من لا شيء وأصبحت أقوى من كل شيء.
وحيث يبلغ إبهامها بي إلى البهت والحيرة والذهول:
من أنا..؟!!!
ومن أكون..؟!!
أنا الذي أسجَد لي الله المُلك والملكوت وسخّر لي الكون أجمع.
أنا الذي أمرض وأشيخ وأموت ويفتك بي ميكروب لا يُرى لفرط تفاهته.
أنا الذي جئت من قطرة ماء مَهين وأنتهي إلى جيفة.
إلهي ... كم تكذب المظاهر وكم تُخفي جلودنا حقائق هائلة تحتها.
وكم تتشابه وجوهنا وتختلف منازلنا.. وكم يمشي في الأسمال والخرق من هم فوق الثريا منزله.
لهفي على ذلك اليوم الذي تهتك فيه الأستار وتفتضح الأسرار ويعرف كل منا من يكون.. ومقدار ما يكون.
وتُرفَع الحجب ويكشف الغطاء ويغدو البصر حديدًا ويُفاجأ كل منا من نفسه بما لا يعلم..
ويعرف كل منا حقيقته وخبيئته
يا له من يوم .. يا له من يوم ..
مقال : الملك والملكوت وانا
من كتاب/ الإسلام ما هو
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ وصف الله نفسه بأنه المَلك وبأن له مُلكاً وملكوتاً وجنداً مجندة وملأً أعلى وأنه قد وَكّل إلى كل فرد من هذا الملأ الأعلى مهمة يقوم بها فجبريل الروح الأمين هو رسول الوحي وهو الواسطة بين الله وجميع أنبيائه وميكائيل مُكَّلف بالأرزاق وإسرافيل نَافِخ الصّور يوم تقوم الساعة وعزرائيل قابض الأرواح.
"قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم "( السجده ـ11)
ذلك ملك الموت.. وهم كثير ..
"توفته رسلنا وهم لا يفرطون" ( الانعام ـ61)
ثم هناك الملائكه الحفظة
"إن كل نفس لمّا عليها حافظ "( الطارق ـ4)
والملائكة الصافّون والملائكة المُسَبِّحون والملائكة الحافّون بالعرش والملائكة الحاملون للعرش والملائكة العالون وملائكة التصريف.
ملك عظيم من فوق سبع سموات لا يتناهى.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن..
لماذا لا يباشر الله جميع هذه الشئون بذاته ما دام بيده مقاليد كل شيء وإليه يرجع الأمر كله.. فلماذا لا يفعل بذاته وبدون وسائط ؟
وما الحاجه إلى كل هذا الملأ ؟ .. والجواب ...
أنها سُنّة الله في خلقه.. فهو يجري الشفاء على يد جراح وكان في قدرته أن يشفي بذاته وهو يجري الأرزاق من باب تجارة أو من باب صناعة وكان في قدرته أن يوصل المال إلى أصحابه مباشرة دون أسباب.. وهو يوصل إلينا العلم بوسائط الكليات والجامعات والمدارس.. بل هو يوصل العلم إلى أنبيائه عن طريق جبريل.. وكان بالإمكان أن يلقيه في روعنا مباشرة..
حتى المعجزة الخارقة فإنه يُجريها بواسطة فيقول عن الحمل الخارق لمريم :
" فأرسلنا إليها روحنا فتمثّل لها بشراً سوياً "
ويقول جبريل لمريم:
" إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً "
وهو أمر كان يمكن أن يفعله الله مباشرة.
تلك إذن سُنّته في الدنيا وتلك أيضاً سُنّته في الآخره حيث يُقيم على النار زبانية لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمَرون وحيث يُقيم على أبواب الجنة ملائكة الرضوان حتى عرشه العظيم سبحانه يقول لنا القرآن أنه محمول يحمله ثمانية
"ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية"
وهم يحملونه ولا شك بقوة الله ذاته فما ضرورتهم..؟؟!!
والجواب ...
لا ضرورة له سوى كرمه هو .. حيث شاء بكرمه أن يعطي صفاته الشافيه للطبيب ويتجلى بأحكام إسمه العليم على العالم ويتجلى بإسمه الرزّاق على التاجر وبإسمه البديع على الفنان ويتكرم بقوته على حاملي عرشه فتلك كلها شواهد كرم منه لا شواهد حاجه إلينا.
ثم إن الوسائط أيضا هي سنتّه.. فهو إذا أراد أن يعالج الجبل سلّط عليه وسائط ماديه مثله لتشكيله.. سلّط عليه الرياح والأمطار والسيول تنحته وتشكّله أو سلّط عليه كائناً مادياً مثل الإنسان ينحت فيه الكهوف والسدود.. ولو أنه سبحانه تجلّى على الجبل مباشرة لجعله دكاً.
وحينما ظهر جبريل على صورته الحقيقية لمحمد عليه الصلاة والسلام خرّ مغشيًا عليه.
إن تفاوت المقامات بين الله وملائكته وبين ملائكته وخلقه من البشر وبين البشر وسائر صنوف المادة الجامدة إستدعى وجود البرازخ والوسائط.. فلا يطيق الأسفل أن يتجلّى عليه الأعلى مباشرة دون واسطة برزخية.
إننا نقذف نواة الذّرة وهي شيء غير منظور بشيء آخر غير منظور وهي قذائف النيوترون فنتخذ وسائط من جنس ما نتعامل معه.. فنحاول الوصول إلى الشيء الخفي باتخاذ برزخ خفي.. وهو مثال من عالمنا.
وجبريل هو البرزخ بين الله وبين محمد عليه الصلاة والسلام في عالم الملكوت وهو أيضًا البرزخ بين الله وبين جميع أنبيائه.. لأنه لا أحد من الانبياء يُطيق الحضرة الإلهية الذاتية مباشرة.. فإن تجلِّي هذه الحضرة يؤدي إلى سحق ومحق كل شيء .. تماماً كما رأينا من حال الجبل الذي أصبح دكاً وموسى الذي خر صعقًا.
إننا بحكم طبيعتنا البشرية لا نحتمل أنوار الذات الإلهية فاستدعى التواصل بين الطبيعتين إلى إتخاذ البرازخ.
وكما أن جبريل هو البرزخ بين الله وبين محمد فكذلك محمد عليه الصلاة والسلام هو برزخنا الأعظم وهو وسيلتنا وواسطتنا وبابنا إلى الفهم عن الله.. لأننا بحكم طبيعتنا المحدودة لا نستطيع أن نصل إلى حضرة الإطلاق دون دليل.
إن الضرورة هنا كانت قيداً علينا نحن، فنحن الضعفاء والله هو القوي ونحن الفقراء إليه وهو سبحانه الغني عنّا.
وكان تنزل الله بين البرازخ ليتواصل معنا كرماً منه ولطفاً وإيناسًا.. لا حاجةً منه إلينا فالله ليس فعالًا بنا بل نحن الذين نفعل به ونحن الذين نرى به ونسمع به ونفهم به ونمشي به ونحيا به.. بل إنه هو.. هو الظاهر بوجهه في كل شيء.
" أينما تولوا فثم وجه الله "
فهو الملك وهو جميع القوى الفعّاله في المملكه من حق وخير وجمال وعدل وكرم وحلم ورأفة ومودة ورحمة وسمع وبصر وعلم فتلك جميعاً أسماؤه تجّلت بأحكامها على ما في المملكة من خلائق.
فإذا سُحِب منا ربنا قيوميته عدنا عدماً واختفى مسرح الوجود كله ولم يبق إلا نوره فهو الحضور المستمر أبداً وأزلاً وهو الظاهر ابداً ونحن الغيب.. وهو الوجود ونحن العدم.. وهو الحُجّة على نفسه وهو برهان وجوده ودليل ذاته وهو ليس في حاجه إلى دليل يدل عليه.
ومن مبدأ القصة حينما كان الله ولا شيء معه.. إلى الآن حيث مازال ربنا هو هو.. على ما عليه كان.. لم يجِدَّ جديد.. فكل ما حدث كان تحصيل حاصل لما في علمه.. ومازال هو على ما عليه كان.. فالقول بحاجة الله إلى جنوده ومملكته يعكس القضية ويقلبها.. تعالى ربنا عن ذلك عُلواً كبيراً.. فلا شيء فعال في مُلكه ومَلكوته سواه إنما هي ثياب ألبسها لنا ومواهب أعطاها لنا وأرزاق وزّعها علينا بل إن لبسه الوجود ذاتها منه.. وليس لنا من ذواتنا إلاّ العدم.
بل اللغز الذي يُحيّرني.. هو ذاتي نفسها.
أنا.. من أكون.. وأنا لست إلاّ كلمة من كلماته ونفخة من روحه..؟!!
أما أحقية الله في كل شيء فهي أظهر من أن تكون محل شك أو مُسائلة.. وبالمثل وجوده وهيمنته وظهوره.
إنما أنا.. ذرة العدم.. التي هي نفسي.. ما أمرها.. وما خطبها وكيف تشخّصت من الأزل.. وكيف جاء بها الله ومعها سرّها وما تكتم ثم أوجدها ليُخرِج مكتومها وابتلاها بالشر والخير لتُفصِح عن سرها وتُفشي مكنونها.
أنا..؟
وهل لي هذه الأنا.. أم أني استعرتها مع ما استعرت من الله.. فهي ثوب ضمن ما ألبسني الله من ثياب.
ذلك هو السر الذي يحيرني رغم أنه لا شيء أقرب إليّ منها.. وهل هناك ما هو أقرب إليّ من نفسي التي بين جنبي.. ومع ذلك فهي الطلسم.. والتيه.. والمحال.
ثم إن اللغز يصل إلى ذروة استسراره حينما نرى الله يأمر ملائكته بالسجود لهذه النفس التي تشخّصت من عدم ويُسخّر لها ملكه وملكوته ويُخضِع لها الكون جميعه.
" سخر لكم ما في السماوات وما في الارض جميعًا منه "
يقول الله للعبد الكامل في كتاب المواقف والمخاطبات للنفري:
أنت مني.. أنت تليني.. وكل شيء في الوجود يأتي بعدك.. لا شيء يقدر عليك إذا عرفت مقامك ولزمت مقامك.. فأنت أقوى من الأرض والسماء أقوى من الجنه والنار أقوى من الحروف والأسماء.. أقوى من كل ما بدا في دنيا وآخره.
إذا تحققت بسرّك تحققت بي.. أنا الذي منه كل شيء أنا الذي أديت كل شيء.. أنا الذي هو أنا.
إلى هذه الذروه المذهله من التشريف تصل هذه الذره الوجوديه التي هي النفس الانسانيه.
فيقول عنها رب العالمين:
اأنت مني.. أنت تليني.. وكل شيء في الوجود يأتي بعدك.. لا شيء يقدر عليك إذا عرفت مقامك ولزمت مقامك.. فأنت أقوى من الأرض والسماء أقوى من الجنه والنار أقوى من الحروف والأسماء.. أقوى من كل ما بدا في دنيا وآخره ... ( وكل ما في الوجود باديات يبديها ربنا من خفاء ولا يبتديها).
ويقول للعبد الكامل:
إذا تحققت بسرّك تحققت بي.. أنا الذي منه كل شيء.
كيف يارب يتحقق الواحد منا بسره.
إذا عرفت مقامك ولزمت مقامك.
ليس فقط أن يبلغ مقام الكمال بل أيضًا أن يلزم هذا المقام فلا يحيد عنه.. وذلك هو غاية التمكين والتثبيت.
وذلك هو المعراج العظيم الذي لا يقدر عليه الا آحاد بل إن المُلك والملكوت ذاتهما مجرد معارج لهذه النفس الكاملة والدنيا والآخرة منازلها وهي تسير إلى ربها وقد أقدرها الله على الدنيا.. وعلى تجاوزها.. كما أقدرها على الآخرة وعلى تجاوزها في مراقي السير إليه.. تلك هي النفس الطلسم المطلسم.
وتلك هي إمكاناتها حيث اجتمع فيها أقصى العدم وأقصى الوجود.
وحيث هي مني أقرب إليّ من كل شيء وأخفى عليّ من كل شيء فهي التي بدأت من لا شيء وأصبحت أقوى من كل شيء.
وحيث يبلغ إبهامها بي إلى البهت والحيرة والذهول:
من أنا..؟!!!
ومن أكون..؟!!
أنا الذي أسجَد لي الله المُلك والملكوت وسخّر لي الكون أجمع.
أنا الذي أمرض وأشيخ وأموت ويفتك بي ميكروب لا يُرى لفرط تفاهته.
أنا الذي جئت من قطرة ماء مَهين وأنتهي إلى جيفة.
إلهي ... كم تكذب المظاهر وكم تُخفي جلودنا حقائق هائلة تحتها.
وكم تتشابه وجوهنا وتختلف منازلنا.. وكم يمشي في الأسمال والخرق من هم فوق الثريا منزله.
لهفي على ذلك اليوم الذي تهتك فيه الأستار وتفتضح الأسرار ويعرف كل منا من يكون.. ومقدار ما يكون.
وتُرفَع الحجب ويكشف الغطاء ويغدو البصر حديدًا ويُفاجأ كل منا من نفسه بما لا يعلم..
ويعرف كل منا حقيقته وخبيئته
يا له من يوم .. يا له من يوم ..
مقال : الملك والملكوت وانا
من كتاب/ الإسلام ما هو
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝