ما بين فترة وأخرى يطل علينا شرذمة من شياطين الإنس, تؤزهم شياطين الجن, قد ملئت قلوبهم حقداً, وشحنت صدورهم غيضاً, وساءهم ما يرونه من انتشار الدين, والإقبال عليه في جميع أنحاء المعمورة, فيطلون علينا بالإساءة لمقدساتنا, وأعلامنا, وقادتنا, فهاهم اليوم يعيدون الكرة مرة أخرى في محاولة قذرة للتلاعب بمشاعر المسلمين واستفزازهم بالتعرض لنبيهم وقائدهم محمد صلى الله عليه وسلم, بنشر فيلم مسيء أعدَّه مجموعة من شذَّاذ الأفاق لينالوا به من خير خلق الله وصفوتهم صلى الله عليه وسلم. إنَّ هذه الحملة الشرسة من عبَّاد الصليب ومن حذا حذوهم تحتاج منَّا إلى وقفة صادقة, وهجمة مضادة, تعرفهم بمحمد صلى الله عليه وسلم, وتدلُّهم على مكانته, وتحضُّهم على معرفة شمائله, وتبيِّنُ لهم ما قدَّمَه هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من خير لهذه البشرية جمعاء, ولا يكون ذلك إلا بالتعريف به, وإظهار شمائله, ونشر فضائله. كتابنا لهذا الأسبوع عبارة عن موسوعة تصنيفية منهجية لأحاديث الشمائل النبوية الشريفة من كتب السنة, وهي تعدُّ أول عمل موسوعي تصنيفي علمي منهجي عصري جامع لموضوعات الشمائل النبوية الشريفة مع ربط الأحاديث النبوية الشريفة بهذه الموضوعات بشكل مفصل. الكتاب جمع فيه مؤلفاه أحاديث الشمائل النبوية الشريفة من قرابة خمسين كتاباً من كتب السنة, واستخرجاها من قرابة مائة ألف حديث تم استعراضها, فكانت نتيجة الجمع قرابة أربعة آلاف حديث، منضوية تحت ألف ومائة عنوان, فهو جامع لأغلب أحاديث الشمائل النبوية. وقد صنفت هذه الأحاديث تصنيفاً منهجياً متسلسلاً, ليستوعب أكثر موضوعاتها, كما اشتملت الموسوعة على شروح وافية للأحاديث النبوية، مع بيان معاني الكلمات الغريبة مستخرجة من كتب غريب الحديث, والمعاجم المشهورة, والتعليق على بعض الأحاديث, واستنباط الدروس, وبيان المعاني والحكم الواضحة. وللدلالة على المقصود بالحديث, فقد ميَّز المؤلفان موضع الدلالة باللون الأحمر, وإذا كان الحديث جميعه مشتملاً على هذه الدلالة جعلاه كله باللون الأحمر. كما أن الحديث قد يذكر في أكثر من موضع, وذلك لاشتماله على أكثر من دلالة من دلالات الشمائل, فيذكر في الموضع الأول كاملاً, ويختصر في بقية المواضع. وأما عن تخريج أحاديث الموسوعة, فقد قام المؤلفان بتخريج الأحاديث فيها تخريجاً يعتمد على تتبع الروايات للحديث الواحد، والالتزام بالمنهج النقدي في الحكم على الأحاديث, واعتمدوا في التخريج على الكتب الستة, وموطأ مالك, ومسند أحمد, ومعاجم الطبراني, والمستدرك للحاكم, ومسانيد البزار, وأبي يعلى وسنن البيهقي, ومعرفة السنن الآثار وغيرها من أمهات كتب السنة. وبما أن هذا العمل موسوعي فقد حوى على الصحيح والحسن والضعيف والموضوع أحياناً ليقف القارئ على ما ورد في الشمائل فيأخذ منها ما صح وحسن, ويترك ما كان منها ضعيفاً أو موضوعاً. كما أنهما لم يُقْصِرا عملهما على جمع الأحاديث المرفوعة فقط, بل جاءا بالموقوفات, والمقطوعات, والمراسيل, والبلاغات. وأما الحكم على الحديث فإنهم يكتفون بذكر حكم واحد للحديث, مع إفراد بعض أنواع الضعيف بالذكر لملحظ معين, وبيان علة الحديث المعلول, وتعليل الأحكام, مع ذكر أقوال العلماء في التوثيق والتضعيف وبيان العلل, مع ذكر أحكامهم على الحديث إن وجدت. الكتاب شارك في ضبطه ومراجعته وترتيبه هيثم عبد الغفور صبري, ومعن بديع راغب، فجزى الله الجميع خيراً .