█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ˝ثورندايك معترفًا: «إنها قضية غامضة للغاية. قطع ميلر شوطًا كبيرًا في التخمين، وبادجر أيضًا؛ وبالتالي قد نستنتج بسهولة أنهما وصلَا إلى نقطة محيرة. ومع ذلك، هناك شيء يجب التفكير فيه.»
«مثل ماذا؟»
«حسنًا يا جيرفيس، أنت رأيت الرجلين، ورأيت كيف كان تصرفهما؛ وسمعت قصة ميلر ورأيت خاتم السيد لاتريل. ضع كلَّ هذه المعلومات مع بعضها وستكون لديك مادة لوضع تكهنات مثيرة للاهتمام على أقل تقدير. وربما يتعدى الأمر مجرد التخمين.»˝ . ❝
❞ ˝تملَّكني الاهتمامُ بمراقبة أسلوبه المنمق؛ فقد كان واضحًا أن الرجل يتناول عشاءه باهتمام. ومن أسلوب النادل والطاولة المحجوزة بكرسي واحد، خمَّنتُ أنه عميل منتظم أيضًا، ولكن الرجل نفسه أثار فضولي؛ فقد كان رجلًا غير عادي وكان مظهره ينمُّ عن شخصية ربما تشوبها مسحةٌ من الغرابة. بدا عليه أنه يقارب الستين من عمره، وله جسم صغير ونحيل، ووجه تكسوه التجاعيد ومتقلب التعابير وغريب الأطوار، وتعلو رأسَه خصلاتٌ من الشعر الأبيض المنتصب. ومن جيب صدريته تبرز أطرافُ قلم حبر وقلم رصاص وكشاف كهربائي صغير يُشبه ذلك الذي يستخدمه الجراحون؛ رأيت عدسة كودينجتون مكبرة محاطة بإطار فضي معلقة في سلسلة الساعة، ويرتدي في إصبعه الأوسط بيده اليسرى أكبرَ خاتم رأيتُه في حياتي˝ . ❝
❞ ˝بينما أتتبع نظراته، لاحظت أن الرجل ذا الشارب المدهون بالكريم المثبت يمسح نظارته خِلسةً؛ وبفضل الانقشاع المؤقت لغيمة العبوس من إحدى عينيه، تمكنتُ من ملاحظة أوجه التشابه مع الملامح المعتادة لضابط المباحث.
قلت: «إذا كنت تقول إن هذا هو بادجر، فأنا أخمِّن أنه هو. إنه يشبه صديقنا قليلًا، ولكن ما كنت لأتعرَّف عليه.»
قال ثورندايك: «لا أعرف إن كان هناك ما يجعلني أتعرف عليه، ولكني تعرفت عليه من بعض سقطات الحركات اللاإرادية. تعرف طريقته في التمسيد على مؤخرة رأسه وفتح فمه والحك في ذقنه من الجانب. رأيته يفعل ذلك لتوِّه. فقد نسي مظهر الملوك الذي يظهر به حتى نسي ذقنه، ثم التوقف المفاجئ في حركته جذب الانتباه كثيرًا. فما كان عليه أن ينسى أنها لحية مزيفة.»˝ . ❝
❞ ˝وأخيرًا وجد فيتلوورث عازف الموسيقى داخل الغرفة الفينيسية؛ حيث تجمع حوله حشد كبير وقد وقف في المنتصف بجوار لوحة باكوس وأدريان للرسام تيتيان. كان رجلًا طويلًا ونحيفًا ذا مظهر شاذ غريب الأطوار، يرتدي قبعة مستدقة الطرف من اللباد وعباءة طويلة، ويبدو غير واعٍ تمامًا بجمهوره. وفي اللحظة التي وصل فيها فيتلوورث كان يعزف مقطوعة «كرنفال فينسيا» بإلهام ومهارة مع تنويعات لحنية منمقة، بينما ثبَّت عينَيه على اللوحة وهو يتأملها. فتحكم فيتلوورث في ملامحه بقدر ما استطاع وهو يخوض طريقه وسط الحشد حتى وصل إلى العازف وربت على كتفه برفق˝ . ❝