: أول مرة أشوف جيش يحارب المدنيين مش يواجه العسكر... ويستهدف عن عمد المستشفيات والمدارس والمنازل بدل الثكنات العسكرية!!!
دة بيثبت أنهم قوم تم تفريغهم من إنسانيتهم وامتلائهم بالخوف والغشم والغل...
فعلا لم يخطئ من جعل سبة أنت (ص ه ي ونى) أقبح سبة ممكن توجيهها لشخص قد خرج عن المألوف. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الصمت العربي
أول مرة أشوف جيش يحارب المدنيين مش يواجه العسكر... ويستهدف عن عمد المستشفيات والمدارس والمنازل بدل الثكنات العسكرية!!!
دة بيثبت أنهم قوم تم تفريغهم من إنسانيتهم وامتلائهم بالخوف والغشم والغل...
فعلا لم يخطئ من جعل سبة أنت (ص ه ي ونى) أقبح سبة ممكن توجيهها لشخص قد خرج عن المألوف.....
❞ حوار مجلة إيفرست الأدبية مع الكاتب محمد حسن عبد الجابر
: Site iconمجلة إيفرست
الكاتب محمد حسن عبد الجابر في حوار مع مجلة إيفرست الأدبية
اخبار
أسبوعين ago
حوار محمود أمجد
مجلة إيفرست الأدبية الإلكترونية تكمل مشوارها في التعرف على الشباب المواهب والآن مع شخص جديد يعرف لنا بنفسه ويتحدث عن رحلته هيا بنا نتعرف عليه.
عرفنا بنفسك.
محمد حسن عبد الجابر، كاتب وروائي وحاصل على بكالوريوس تربية شعبة الرياضيات.
البدايه مهمة في المجالات الإبداعية كيف كانت بدياتك وما الذي قدمته حتى الآن والخطوات التي صعدتها في مسيرتك ؟
تم نشر بعض من مقالاتي في عدد من المجلات كمجلة الشباب ومجلة حريتي، وفي عدد من الصحف كجريدة المصري اليوم والدستور واليوم السابع وصحف أخرى، ونشرت عددا من القصص القصيرة في مجلات ومواقع إلكترونية، حصلت على المركز الثاني في مسابقة أدبية كان التصويت عليها على مستوى الوطن العربي برعاية مؤسسة الأهرام الصحفية.
صدر لى كتابًا بعنوان (أخطبوط بسبع أيادي).
وكتاب بعنوان (إيجيكوين).
من هو أكبر داعم لك وبمن تأثرت؟
الله -عز وجل- في المقام الأول ثم زوجتي ووالدتي بالتأكيد
تأثرت بالعديد من الأدباء سواء المصريون أو الأدباء الغربيون، لكن يبقى د/ أحمد خالد توفيق أقربهم إلى قلبي.
لكل موهبة اهداف واحلام فما هي احلامك وطموحاتك الفترة القادمه وما هي اكثر الصعاب والتحديات التي مررت وتمر بها ؟
أطمح أن يصبح لي جمهور من القراء يتابع في تنامي جميع أعمالي… ويظل هدف تحويل أعمالي الأدبية إلى أعمال سينمائية ذات طابع مختلف يترك أثرا لدى الجمهور محلقا في سماء طموحاتي.
من أبرز الصعاب التي أواجهها ككاتب على سبيل المثال لا الحصر…
النشر ثم التسويق.
في مجال المواهب تعددت المواهب المتشابه والمتشاركة في نفس المواهب فما اللذي يميزك عن غيرك ؟
تناول أفكار خارج الصندوق قدر المستطاع مما يؤدي لمناقشة قضايا اجتماعية خامدة، مع إضافة التوابل الأدبية فتلتهب الأحداث فيكون الناتج روايتي أخطبوط بسبع أيادي والثانية رواية إيجيكوين.
ممكن تعرض لنا نموذج مصغر من موهبتك ؟
اقتباس من رواية إيجيكوين ..
إذا وضعتـك الظـروف في غرفـة معتمـة فلا شـك أن ظهـور شـعاع نـور فيهـا سـيلفت نظـرك ويجـذب انتباهـك..
محمـود كان تائهـا في (موطـن الفاشـلين) كان يشـاهد ويتابـع في صمت بوسـتات أعضـاء الصفحـة التي توحـى وكأنها لوحـات أدبية لكنها سـوداوية،
كانت تشـعر محمـود بالظلام الدامس..
في ظـل هـذه العتمـة المعنوية كانت بوسـتات تشـوبها بصيصا من الأمل تنـزل تباعـا لنفـس الأسـم.. اختلاف لونهـا المضيء لفـت نظـر محمـود ليس فقـط ذلـك.. بـل اسـم صاحبة البوسـتات هـو من جـذب انتباهـه أكثر!
(وردة الجنـة.. ذبلـت في جحيـم الحيـاة ) كان محمـود يتابع هذا الأسـم المسـتعار منـذ فترة طويلـة ويتفحـص بوسـتاته وهـي مكتوبـة مـن حـروف يملؤهـا الشـجن ويكسـوها قشرة مـن الأمل!
اقتباس من رواية أخطبوط بسبع أيادي
لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار… قانون نيوتن…
لفريدة النحراوي رأي آخر… قانون آخر… ولد من رحم قانون نيوتن، ولكن تم تطويعه من فريدة بما يتماشى مع أحداث الحياة المعاصرة
لبعض الأفعال رد فعل أكبر بكثير من الفعل، قانون فريدة..
كلمة أخيرة توجهها للمواهب الاخرى من قبيل تجربتك؟
حاول تتميز فى انتقاء أفكار رواياتك، واستمر، استمر.
وأخيراً ما رأيك في حوارنا وما رأيك في مجلة ايفرست؟
حوار مميز حيث كان مختصرا ولكنه شامل
سدد الله خطاكم ووفقكم لمزيد من التميز.
هل تحب اضافة اي كلمة اخرى لم يشملها الحوار؟.
شكراً.
وبهذا نصل لختام حوارنا إلى لقاء مع موهبة جديدة..
عن المؤلف محمد حسن عبد الجابر
اخبار
See author's posts
Categories: حوار
Tags: مجلة إيفرست الأدبية, محمود امجد
Leave a Comment
مجلة إيفرست
Back to top
Exit mobile version. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
حوار مجلة إيفرست الأدبية مع الكاتب محمد حسن عبد الجابر
Site iconمجلة إيفرست
الكاتب محمد حسن عبد الجابر في حوار مع مجلة إيفرست الأدبية
اخبار
أسبوعين ago
حوار محمود أمجد
مجلة إيفرست الأدبية الإلكترونية تكمل مشوارها في التعرف على الشباب المواهب والآن مع شخص جديد يعرف لنا بنفسه ويتحدث عن رحلته هيا بنا نتعرف عليه.
عرفنا بنفسك.
محمد حسن عبد الجابر، كاتب وروائي وحاصل على بكالوريوس تربية شعبة الرياضيات.
البدايه مهمة في المجالات الإبداعية كيف كانت بدياتك وما الذي قدمته حتى الآن والخطوات التي صعدتها في مسيرتك ؟
تم نشر بعض من مقالاتي في عدد من المجلات كمجلة الشباب ومجلة حريتي، وفي عدد من الصحف كجريدة المصري اليوم والدستور واليوم السابع وصحف أخرى، ونشرت عددا من القصص القصيرة في مجلات ومواقع إلكترونية، حصلت على المركز الثاني في مسابقة أدبية كان التصويت عليها على مستوى الوطن العربي برعاية مؤسسة الأهرام الصحفية.
صدر لى كتابًا بعنوان (أخطبوط بسبع أيادي).
وكتاب بعنوان (إيجيكوين).
من هو أكبر داعم لك وبمن تأثرت؟
الله -عز وجل- في المقام الأول ثم زوجتي ووالدتي بالتأكيد
تأثرت بالعديد من الأدباء سواء ....... [المزيد]
: - 2 -
كانا يجلسان فى مقهى ( اللؤلؤة ) فى واحدة من أفضل المناطق الريفية بمدينة الأسكندرية , يتميز المقهى بمساحة شاسعة فهو يستولى على المساحة الأرضية بالكامل للعقار الذى يعلوه كما أنه يطل على ناصية الشارع العمومى ..
هذا العقار ملك عم جابر و هو رجل أشيب الشعر و قد بلغ من العمر ستون عاما كان جالسا فى المقهى و الذى يملكه أيضا مع سيد و هو رجل أربعينى , يجلس عم جابر على مقعده المميز أمام مكتبه و فى الجهة المقابلة للمكتب كان يجلس سيد و أمامه منضدة صغيرة وضع عليها
صينيه تحمل فنجان القهوة المانو و كوباً من الماء ..
على هذا المكتب يتم أمضاء عقود الأيجار أو التمليك للشقق الخالية بالعقار , عم جابر يتحدث دوما مع الزبائن عن الشقق الخالية بفخر و فى ثقة محسومة لما يمتاز به العقار من موقع جغرافى حيوى و كامل الخدمات ناهيك عن رخصة البناء التى حصل عليها من الحى للعقار بأكمله و التى تجنب السكان شبح مشاكل الهدد أو التصالح و ما شابه من كوابيس تلاحق المواطنين على فترات متقاربة ..
كان سيد يخطب ود عم جابر فى محاولة لتقليص قيمة الأيجار لكن بائت محاولاته بالفشل و كاد أن يثير غضب عم جابر فقرر أن يكف عن المحاولة و يقبل بكلام عم جابر لأنه يدرك أن الأتفاق مناسب له و عليه فقد جرف مجرى الحوار و أشار بأصبعه للخارج الى فيلا تبدو غريبة الأطوار تقع على قرب من المقهى و بالتالى من الشقة التى سيقيم بها فسأل عم جابر عنها فى شغف على سبيل التعرف على المكان و ما فيه , لكن فى الواقع سيد من الشخصيات اللبلابية يتعايش و ينمو على معرفة أخبار الغير و التطفل على حياتهم و نقل الأخبار بعد أضافة التوابل الأدبية لها و هذا بالتأكيد يزج به فى مشاكل متنوعة مما أدى أيضا لأنتزاعه لقب عصفورة و بجدارة ..
كان واضحا على تعابير وجه عم جابر أنها أتسمت بالغضب عندما جادله سيد فى قيمة الأيجار و عندما غير سيد الموضوع بمكر و حول وجهة الكلام للأستفسار عن الفيلا كان يتوقع أنه بذلك يساعد عم جابر على أن تعود قسمات وجهه المقبوضة للبشاشة المعهودة عنه لكن ما حدث كان غير ذلك ..
لقد تبدلت ملامح عم جابر من الغضب للأنزعاج و التوتر
و بدا الحزن جليا فى عينيه بعد سؤال سيد ..
عقد سيد حاجبيه و قال : مالك يا عم جابر ؟ و ماله البيت دة ؟
عم جابر فى شرود : فيلا كمال القناوى .. الفيلا دى يا سيد يابنى كل أهل القرية تعرفها كويس و يعرفوا أهلها اللى كانوا موجوديين فيها , وقتها كله كان بيحب بعض و القرية دى كانت عيلة واحدة كبيرة فى المناسبات الحلوة والوحشة كله كان يتجمع و نفرح سوا ونحزن سوا .. لحد لما حصلت الفاجعة !!
تمتم سيد فى ذعر : أيه اللى حصل يا عم جابر ؟؟
أستطرد عم جابر و قد تغرغرت عيناه : من 6 سنين كانت عيلة الحاج كمال القناوى صديقى و حبيبى - الله يرحمهم - طالعين رحلة مصيف .. كان كمال و زوجته الحاجة هنية و أبنتهم هويدا و سمر زوجة أبنهم و الحفيدين التؤام ريم و مصطفى 4 سنين ولاد سمر و نضال .. راكبين الأتوبيس السياحى و فى طريقهم الفرامل هربت من الأتوبيس والسواق كان على سرعة عالية فركب الجزيرة و أتقلب .. كان فى نقل تقيل جاى ورا منه حاطط بسرعته ملمش نفسه لبس فيه و هرسه و كل اللى فى الأتوبيس اتوفوا قبل ما توصل الأسعاف !!
- أنفلتت دموع عم جابر على دون رغبة منه و فشل فى مقاومتها -
شرد سيد للحظات من فرط الصدمة ثم عاد و سأل : أنت قولت نضال يا عم جابر ابن الحاج كمال و أبو الطفلين صح ؟ كان فين ؟ و ايه اللى حصله ؟
عم جابر : نضال الوحيد اللى نجا فى العيلة دى لأنه مكانش معاهم .. نضال بطل الجمهورية فى الملاكمة و كان وقتها بيدرب ملاكمة فى أكاديمية خاصة و كان عنده أجتماع مهم جدا مع أدارة الأكاديمية اليوم دة لازم يحضره و فعلا قرر يحضره بعد ما أتفق مع الأدارة أنه هيسافر على طول بعد الأجتماع و فعلا حجز بصعوبة تذكرة فى الأتوبيس اللى معاد رحلته بعد رحلة الأتوبيس اللى طلع فيه عيلته ..
سيد فى نهم : و بعدين ؟
عم جابر : عرف الخبر على الطريق وهو فى الأتوبيس لما سمع السواق بيتكلم فى الموبايل و سواق زميله بيبلغه بالخبر فـ جن جنونه و صبر لحد لما الأتوبيس اللى هو راكبه وصل لمكان الأتوبيس المهروس اللى كان
مقبرة لعيلته كلها و فى يوم واحد !!
قدر الله و ما شاء فعل و محدش يعز على اللى خلقه يبنى ونعم بالله , بس الصدمة كانت فوق أحتمال نضال , حبس نفسه بعدها فى الفيلا دى 4 سنين مانع أى حد يقرب منه أو من الفيلا و كان يطلع منها للشديد القوى بس
و ساب شغله و زهد الدنيا !!
سيد : و السنتين اللى بعدهم دول راح فين ساب الفيلا ؟
عم جابر : ميقدرش يروح فى حتة و يبعد عن الفيلا دى و يسيب ذكرياته فيها لأنه كبر فيها و أتجوز وخلف فيها .. بس الزنقة وحشة و اربع سنين من غير شغل ولا دخل صعبة برضه و أتضطر أنه يبيع عربيته علشان يصرف و بعدها باع دهب كتير و لما لقى مفيش فايدة من الوضع دة و بعد ألحاح غير منقطع من زمايله الكباتن فى الأكاديمية , وافق أنه يرجع يدرب بوكس تانى بس فى الفيلا عنده و خاصة أنه عامل لنفسه فى الفيلا جيم صغير كدة و مكان تانى فيه حلبة ملاكمة كان بيتدرب فيه من زمان و الحاج كمال كان بيشجعه وبيدعمه .. قرر زمايله أنهم ميتخلوش عنه فكانوا بيقابلوه بشباب عايز يتمرن فى مجموعات خاصة و بدأ يخرج من القوقعة اللى دخل فيها بس برضه لسة حاطط حاجز كلفة زجاجى مع كل الناس ..
سيد فى فضول : و الحاجز دة معاك أنت كمان يا عم جابر و أنت صاحب والده و شكلك كنت قريب منه ؟
أندهش عم جابر من تأهب مراكز الفضول لدى سيد و قال له : بص يا سيد بما أنك فطن كدة و بتحب التفاصيل هريحك بس علشان أقولك مغزى كلامى دة كله ليه فى الأخر .. الحاجز الزجاج دة بيتكسر معايا أنا بس يا سيد فاهمنى ؟؟
رد سيد و قد ضاقت عيناه فيما يوحى بالغباء : تقصد ايه يا عم جابر ؟
عم جابر : القصة دى بطلت أتكلم فيها من زمان و أهل القرية كمان لأن بتقلب علينا أوجاع بتعصر قلوبنا بس أنا حكيتلك لانك غريب عن القرية و متعرفش أحداثها فكان واجب عليا أحكيلك علشان أفطنك ..
نضال عامل زى حقل الألغام يا سيد لو قربت منه .. هينفجر فى وشك .. عيش معانا فى سلام و ملكش دعوة بحد و أنسى الفيلا دى بس متنساش تحذيرى ليك من اللى ساكن جوة الفيلا دى .. عيش فى حالك لأن أهل القرية دلوقت بقى كله فى حاله لأسباب كتير منها أعباء الحياة و أهمها المحزنة اللى عاشها أهل القرية يوم ما نضال خسر عيلته و الوضع أتغير بعدها ..
أومأ سيد برأسه و كانت عيناه شاردتان الى لا شئ .. فتناول عم جابر القلم ومضى بأسمه فى الوريقات التى أمامه ثم
أزاحها لسيد و ناوله القلم ليفعل كما فعل ..
تم أمضاء العقود و دفع التأمين و المقدم و أتمام عملية الأيجار و عزم سيد على الرحيل فوقف ممسكا بحقيبة ملابسه و قبل مغادرته للمقهى و صعوده لأستلام الشقة بسط يده ليسلم على عم جابر و هو يقول له :
أن شاء الله معرفة خير ..
فمد عم جابر يده ليسلم على سيد و هو ضاغطأ على يده و قال له :
تذكر يا سيد .. تذكر أن تتذكر .. خليك دايما فى حالك ..
**********************
الظروف التى مر بها نضال لم تكن عادية على الأطلاق .. تجاوز محنة الفراق كان أمرا معقدا بالنسبة لنضال,هذا الشاب و الذى يبلغ من العمر ثلاثة وثلاثون عاما .. بقايا حطام أنسان بداخله كانت مازالت متمسكة بالحياة و جعلته يعود تدريجيا .. عاد و لكنه تبدل تماما و كأنه شخص أخر و كان ذلك واضحا لمن كان يعرفه .. الصدمة كانت ثقيلة عليه و مازال يشعر بوطأتها , تحول من شخص أجتماعى مرح لأكثر شخص صمتا و الأقل كلاما على الأطلاق ..
فيلا كمال القناوى تم تصميمها على طراز حديث من قبل مهندس ديكور ذات صيت مشرف فى مجاله , تم الأخذ بعين الأعتبار عند تصميم الفيلا بناء حمام سباحة طبيعى مثله كمثل أى حمام سباحة و لكن نضال بنفس عين الاعتبار طلب من المهندس تصميم حمام سباحة أضافى و لكن بمواصفات مختلفة نوعا ما و بجانب هذه المواصفات يكون موقع حمام السباحة فى مكان مغلق له سقف و يكون مخفى عن الأنظار قدر الأمكان .. و قد كان .. و نجح المهندس
فى تلبية رغبات نضال اللوغاريتمية !!
كانت المحصلة النهائية رائعة لتصميم الفيلا و تنفيذها من قبل المهندس حلمى مهندس الديكور الذى فعلها على المعتاد منه ..
لقد وضع الحاج كمال ما أختزنه طيلة حياته من جنيهات دهب و أموال فى ابتياع قطعة الأرض و بناء فيلته الحالية عليها و التى عاش حالما بها ليستمر شمل أسرته فى الترابط و يعيش هو و أبنائه و أحفاده فيما بعد فى مكانا واحدا يسعهم جميعا و يمكنهم من الأنسجام و التكيف ..
أنتقل كمال القناوى الى فيلته الجديدة منذ حوالى خمسة عشر عاما هو و أسرته من منزل قديم يقع بالقرب من الفيلا ..
*****************
اليوم و بعد مرور ستة أعوام على حادثة أسرة كمال قناوى يعيش نضال فى الفيلا وسط ذكرياته و ألامه و مع حربه الداخلية فى المقاومة من أجل البقاء .. هذه الفيلا و قد خيم عليها من الخارج شبح الحزن و الكأبة و كأنها حزينة على فراق ساكنيها , باتت أضاءة الفيلا سقيمة معظم الوقت حتى التفاعل فى محيط جنينة الفيلا و الحركة حول حمام السباحة الأساسى قلت هى الأخرى من الأدق وصفها بشبه معدومة فقد غابت الملائكة الصغيرة الذين كانوا يملئون هذه البقعة مرح و فرح و طاقة أيجابية , قلما ما يستخدم نضال هذا الجزء من الفيلا بعد الحادثة خاصة و أنه قد تم تخصيص الطابق العلوى بالكامل لنضال بعد زواجه من سمر و كان فى البداية يحتل نصف الطابق عندما كان أعزب فبجانب غرفته الأساسية كان يستغل غرفتان أخريتان غير غرفته الخاصة واحدة منهما حولها لجيم مصغر من بارات وتارات بأوازان متعددة و بعض الماكينات الرياضية المتواضعة , والغرفة الأخرى أسس فى مركزها حلبة ملاكمة و فى أركانها وضع أدوات الملاكمة من قفازات و كيس الملاكمة الرملى و غيرها من أدوات .. و ساعده فى ذلك أن الغرف تكتسب مساحات فسيحة تلهم بأبتكار أفكار فى أستخدامها و أستغلال بعضها بشكل مختلف ..
الطابق السفلى كان يضم غرف عديدة منها مثلا غرفة كمال قناوى و زوجته هنية و غرفة أخرى لأبنتهم هويدا ..
من أبرز الأماكن المتواجدة بالطابق السفلى ذاك الممر الطويل و الذى يشبه الدهليز .. عند المرور منه يشعر الماشى و كأنه فى جيب خفى من الفيلا , أخر الممر باب خشبى ضخم فخم .. عند فتح الباب يظهر حوش صغير بعده يوجد سور من السياج الحديدية هذا السور يطوق غابة مصطنعة و أن جاز التعبير و لكنها بدون نباتات يتوسط هذا السور باب حديدى
من نفس السياج الحديدية المكونة للسور يسمح بالدخول و الخروج منه !!
الغابة على النحو التالى .. حمام السباحة و الذى وضع نضال تصميمه مع المهندس حلمى عندما شرع فى تشييد هذه الفيلا , حمام السباحة كان ملحق به درج سلم خرسانى مكسو بالسيراميك و لكنه أكبر من المألوف لدى حمامات السباحة فكان أعرض من الطبيعى .. محيط حمام السباحة كان عبارة عن أرض صخرية صناعية خصص جزء منها ليكون رملى و فى زاوية من هذا المحيط تستقر بناية أرتفاعها عن الأرض حوالى متر على شكل صخرة مدرجة
يجلس على سطحها نضال !
شاب قوى البنية مفتول العضلات و قد كان
شاردا و كأن ذهنه محلقا فى عوالم أخرى !!
رن هاتف نضال و الذى كان بجانبه فأنتبه و عاد الى عالمنا أمسك هاتفه و نقر على أيقونة الرد الخضراء على شاشة هاتفه و كان المتصل هو أسر ..
نضال فى صوت محشرج بسبب فترات الصمت التى تقضيها حنجرته :
أزيك يا أسر .. قدامك أد أيه و توصل ؟؟
أسر : الحمد الله يا كابتن .. أنا وصلت و واقف أدام بوابة الفيلا ..
ممكن تفتحلى ؟
نضال فى أقتضاب : أنت لحقت .. أنت لسة مكلمنى من شوية ..
أسر : النهاردة يوم الحد و السكة رايقة ..
نضال : جايلك ..
و خرج نضال مسرعا فى الممر الطويل بعد أن أوصد الباب الحديدى للغابة الصناعية لكنه دفع الباب الخشبى الضخم خلفه
و لم يتحقق من أحكام غلق الباب الخشبى جيدا !
أسر هو شاب لا يتجاوز الخامسة عشر من عمره من الناشئين فى رياضة الملاكمة يقوم بتدريبه كابتن نضال فى كورس برايفت على رغبة من أسر منذ حوالى عام و توصلا لبعضهما من خلال أحد الكباتن زملاء نضال سابقا فى الأكاديمية التى كان يدرب فيها و أحد المخلصين لنضال و قد أصر على مساندته و تقديم العون له للخروج من محنته ..
مر أقل من دقيقة و كان نضال يفتح البوابة ليسمح لأسر بالدخول لكن أمرا جعله ينزعج و يحملق فى أسر و قال له بعد أن صار صوته أجش : أيه دة يا أسر ؟!
تلعثم أسر عند الأجابة و جاوبه : أسف يا كابتن دة جاكس الكلب بتاعى و للأسف محدش عندى فى الفيلا دلوقت أسيبه معاه وهو كمان أصر بشكل غريب أنه يجى معايا .. معلش هو هيقعد فى هدوء يستنانى لحد لما أخلص التمرينة و نمشى على طول ..
رد نضال فى زجر : أنا مبسمحش بكدة لحد يا أسر بس أنا بعزك و هوافق المرة دى بس أستثناء .. خليه دايما يبقى قريب منك ..
رد أسر منشكحا فى أنفراجة : حبيبى يا أبو الكباتن .. أوامر ..
دخل أسر و جاكس و أوصد نضال خلفهما البوابة الحديدية للفيلا و توجهوا صاعدين الدرج للطابق العلوى حيث صالة تدريب الملاكمة الخاصة بتدرب نضال و التى أتخذها موقعا لتدريب الناشئين ..
بدل أسر ثيابه بملابس رياضية و شرع فى الأحماء قبل البدء فى التدريب متبعا توجيهات كابتن نضال و الذى كان يجهز أدوات التمرين و يعد برنامجا لتدريب اليوم , على مقربة جلس الكلب جاكس فى أسترخاء باسطا ذراعيه
و مفترشا رجليه يتابع صديقه ..
بينما كان نضال منهمكا فى تدريب أسر و قد أندمجا الأثنان وهما يستمتعان بهذه اللحظات و التى تجعلهما يرتقان الى حالة من السعادة والرضا النفسى و هذا الشعور يكون وليد ممارسة الرياضة عندما يعتبرها الرياضى أسلوب حياة .. كان شعورا كفيلا لأن ينسيهما حضور الكلب و الذى أختفى وراح يتسلل عبر الدرج بعد أن أنتصبت أذناه و أشتدت و هذا يدل على أرتيابه من أمر ما , الكلاب تشعر وتحس وتشم وتسمع ما هو غير مألوف و تتجه لتبحث عن ما هو مريب و غريب فى المكان !
نزل جاكس على الدرج و سلك الممر الطويل و قد بدأ نباحه يشتد كلما أقترب من الباب الخشبى الضخم الفخم و الذى تركه نضال مواربا دون قصد ..
فجأة تزايد نباح الكلب فأنتبه كلا من نضال و أسر لأبتعاد الكلب و هرول نضال دون تعقل يلاحقه أسر وهو لا يفهم سبب ذعر مدربه لكنه أستشعر أن هناك أمرا مزعجا جعل جاكس ينبح هكذا , كان النباح يعلو كلما أقتربوا وقتها فهم نضال الى أين توجه جاكس فتتحول هرولته للوثب خاصة و قد بلغ نباح جاكس لذروته ثم أنقطع فجأة !!
وصل نضال و أسر أخر الممر فوجدا الباب الخشبى غير موصد و عندما جذبه نضال بعنف على أخره و دخل هو و أسر حتى صعق أسر من هول المنظر !!
و أيقن نضال حينها أنه أصبح فى ورطة حقيقية ..
أستطاع جاكس أن يتسلل من السياج الحديدية لداخل الغابة الصناعية لكنه لم يستطع أن يفلت من بين فكى التمساح رعد
و الذى داهمه عندما فلت من السور الحديدى !!
رعد هو السر الذى كان يخفيه نضال و أسرته عن كل أهل القرية عدا عم جابر و الذى كان يعرف بأمر التمساح الذى أطلق عليه نضال أسم رعد منذ أن أشتراه له والده وهو فقس صغير ..
رعد يصل طوله الأن لحوالى أثنان متر ونصف المتر.. كان قابعا أسفل الصخرة المدرجة و قد تخضب فكيه بالدماء أثر الفتك بجاكس وقطمه الى نصفين !!
مشهد كان كفيلا بأن يصل بأسر للأنهيار و قد هاج و ماج و هو يصرخ غير مستوعب ما حدث لكلبه و غير مصدق لوجود هذا الكائن الذى يقع على بضع خطوات و يفصله عنه مجرد سور حديدى .. حاول نضال جاهدا تهدئة أسر و قد جلجلت صيحاته للخارج بسبب وجود نافذة تهوية صغيرة فى المكان تسمح بدخول أشعة الشمس والهواء كما أنها تطل على شارع رئيسى .. حاول نضال السيطرة على أسر و أن يهدئ من روعه حتى لا يشعر من بالخارج بما حدث و ينكشف سر رعد بعد كل هذه السنوات لكن بائت محاولات نضال بالفشل و أضطر أسفا لأن يكيل له لكمة متوسطة الى ذقنه أنهت الموقف بأن سقط أسر مغشيا عليه ثم خرج نضال فى الممر مسرعا متوجها للبوابة الرئيسية للفيلا بعد سماعه تكرار صوت جرس الفيلا لمرات عديدة ..
يفتح نضال و هو يتمتم باللعنات فقد حدث ما كان يتوقعه و لا يرغبه , وجد عم جابر و جمعا من أهل القرية و قد تعرف على بعضهم و برز من بينهم سيد الذى كان يفسح لنفسه و يشق طريقه بين الجمع ليجد نفسه يقف فى مواجهة نضال مباشرة و قد أصبح عم جابر على جانبه !
سأله عم جابر و سط صيحات المتواجدون : أنت بخير يا نضال يبنى ؟؟ أحنا سمعنا نباح غريب لكلب و صوت حد بيزعق أو بيتخانق .. فى مشكلة معاك ؟ نقدر نساعدك ؟
نضال : مفيش حاجة يا عم جابر دة التلفزيون و كان صوته عالى حبة .. أنا أسف على الأزعاج دة يا جماعة و تشكروا .. تسلم يا عم جابر و ..
هنا قاطعه سيد و عينيه تخترق الفيلا للداخل و قد تقدم خطوة فخبط كتفه فى نضال وتزحزح وخطى البوابة الحديدية و قال : بس يا كابتن نضال دة مش صوت تلفزيون خالص .. دة كان صووو....
رمقه نضال بنظرات صارمة كاسحة و صار صوته أجش ثم تحول بناظريه لعم جابر وقال له فى ضجر بعد أن أمسك بذراع سيد و قد أحكم عليه قبضته بقوة فقطع جملته و ثبته مكانه : مين دة ؟!!
لم يعط سيد فرصة للحوار أن يستمر و حاول أن يتقدم مرة أخرى للدخول و أستكشاف الفيلا و معرفة ما حدث كذلك لم يعطه نضال الفرصة و فى لمح البصر جذبه من ذراعه فـ تقهقر سيد للخلف ثم وجه له نضال لكمة قوية جعلت الدم يسيل من أنفه .. كانت لكمة عنيفة
تسببت فى كسر عظمة أنفه و جعلته مترنحا غير متزنا !!
نضال من الطراز الذى لا يعبأ بالعواقب عندما يثار غضبه لكنه كان يجيد توجيه اللكمات لمراكز الوجه على حسب الموقف الذى يتعرض له !
كاد الأنفلات أن يعم المكان لكن تدارك عم جابر الموقف و صاح فى الجمع بالأنصراف بعد أن حمل أحدهم سيد على كتفه متجها به الى مستوصف القرية لعمل الأسعافات اللازمة له و قد كان سيد يخطرف و يتوعد نضال فى هذيان أنه سيدفعه ثمنا غاليا لما أرتكبه فى حقه ..
داخل الميدان كانت الفوضى مازالت تسود المكان رغم أنتهاء العرض و مغادرة فريدة و ماسة للميدان , و لحسم الفوضى و فض الموقف كان لا مفر من فك قيود طارق العايق و صرفه عن المكان .. بات ذلك جليا للمتعقلون المتواجدون من أصحاب المحال بالميدان , بالفعل شرع أحدهم و المدعو أيمن بمساعدة شريف و كريم من فك قيود العايق و ما أن أنتهوا حتى سكبوا على رأسه جردلا من الماء البارد فسهل عملية الأفاقة و قد نجحت محاولتهم ..
كان العايق جالسا أرضا ممددا رجليه و ظهره مستندا لجذع الشجرة الراسخة و قد أتخذ هذا الوضع بواسطة الثلاث شباب , بدأ العايق يستجمع نفسه تدريجيا وهو يلتفت حوله فيجد نفسه فى هذا الوضع و هو نصف عارى و أمامه جمع من الناس يضحكون و يتابعونه و كأنه قرد يقدم أحدى فقرات القرداتى , كان المشهد يزيد من صعوبة أستيعاب العايق لما حدث له فيصرخ فيهم و هو يتسائل و ظل يردد جملة واحدة فى ذهول : أيه اللى حصل .. أيه اللى حصل ..
بدأ ينهض و هو غير متزن فيقع و يعاود محاولة الوقوف مرات و مرات و الجمع من حوله يبتعد و ينتشر عشوائيا فى الميدان تحسبا لأى تهور ينتج من العايق مع ألقائه بكلمات وجمل سخرية من هنا وهناك
بما يفيد أن ينظر لوجهه !!
وقف العايق أخيرا بصعوبة و كان تأثير خليط البرشام مع الحشيش مع البنج الذى تعرض له عقله جعله يمشى و كأنه زومبى حتى وصل لمحل أيمن الذى يعرض أمام محله نموذجا لبيع نظارات شمسية و سحب العايق المرأة الدائرية المصغرة و نظر فيها فأتسعت عيناه و ثغر فاه و ألقى المرأة بتهور على الأرض فتهشمت و هم فى ألتقاط الحجارة من الأرض فهرع الناس من حوله و ساد الهرج و المرج لكن العايق تناول الحجارة وبدأ فى تصويبها فى جنون تجاه محل
- وشم و رسم - و هو يسب فريدة سبابا مقذعا و أصبح فى حالة من الهيستيريا الكاملة فأحدث أتلافات بالغة فى الديكورات الزجاجية التى تتزين بها واجهة المحل هنا أنقض عليه الثلاثة الذين حرروه من قيوده و تمكنوا من السيطرة عليه و قيدوه مرة أخرى و أتصلوا بفريدة و التى لم ترد عليهم فكانت غارقة فى سبات عميق , فتم الأتصال بماسة و أخبروها بما حدث و كانت تتحدث
مع شخص بجانبها طلب منها أن تخبرهم بأن يتحفظوا عليه
لقليل من الوقت و سينتهى الموضوع ..
ماسة كانت بصحبة والدها العقيد أحمد السويفى رئيس مباحث قسم شرطة فى أحدى المناطق الريفية بمحافظة الأسكندرية ..
كان العقيد السويفى قد أنهى عمله فى هذا اليوم على دون رغبة منه و غادر قسم الشرطة بأوامر من أبنته ماسة و هى أبنته الوحيدة و فؤاد قلبه , ليذهبا سويا و يختاران هدية مناسبة للحاجة عفاف زوجة السويفى و والدة ماسة بمناسبة عيد زواجهما و فى طريق العودة بعد أن أبتاعوا هدية قيمة , قصت ماسة على والدها و صديقها - كذلك تشعر تجاهه منذ نشأتها -
ما حدث معها و مع فريدة اليوم فى الميدان وتضجر لأنها لم تخبره من بداية الأمر فأخبرته أنها رغبة فريدة و كان يتحتم عليها أن تحترمها ..
مر وقت قصير حتى وصل السويفى و أبنته ماسة للميدان , لاحظت ماسة ما حدث لديكورات المحل فأنفعلت و صرخت فى زجر و توبيخ لطارق العايق وهو مكتوف الأيدى و ملقى أرضا و تسللت دمعة من عينيها حزنا على الخسائر التى لحقت بالمحل دون أن تبالى بخسائر العايق و التى دفعته للقيام بذلك ..
على أثرها تم مجاملة السويفى باشا من بعض الشباب المتواجدون منهم أيمن
- صاحب محل نظارات شمس و أكسسوارات - فى الميدان و كريم
- صاحب محل صيانة و بيع هواتف محمولة و أجهزة لاب توب و كاميرات مراقبة - و كانا على معرفة به جيدا و قد قضى لهما سابقا بعض الخدمات الصعبة بتوسط من ماسة , فقاما بحمل و شحن العايق فى حقيبة سيارة السويفى باشا كما طلب منهما و غادر سيادة العقيد ليعود مرة أخرى لمكان عمله و معه أبنته و العايق , طلب من ماسة أن تتصل بفريدة و تخبرها أن تحضر فورا لقسم الشرطة و بحوزتها كل الدلائل التى تثبت وقائع التحرش من رسائل و فويسات و أيضا الفيديو الذى تم تسجيله بالمحل ..
*****************
دخل نضال الفيلا مزمجرا غاضبا يلعن سوء الحظ و يلعن الأغبياء و يتعجب لتبدل الحال فى غمضة عين .. من الأستمتاع بالتدريب الى ما وصل اليه الأمر , حمل أسر على كتفه و صعد به للطابق العلوى و دخلا غرفة ضيوف و بدأ نضال مهمة الأفاقة لأسر حتى نجح لكن بمثابة أستعادة أسر أستيعابه كاد أن يدخل فى نوبة هياج مرة أخرى لكن أجبره نضال بلطف على التريث و الهدوء و أخبره أنه يدرك كم هو مؤلم أن يفقد كلبه و له كل الحق فى أن يحزن عليه و أوضح لأسر أنه يقدر هذا الأحساس و يعرف مذاقه جيدا و مقدار الألم لفقدان عزيز سواء من البشر أو حيوان يكون بعد تربيته بمثابة واحدا من الأسرة .. أخبره أن التمساح رعد يساعده بأن يظل قلبه ينبض فهو أعز صديق لديه و هو العزيز الوحيد الباقى لديه بعد ما فقد عائلته , أخبره أن
رعد صديقه منذ أكثر من 18 عاما !!
أخبره أنه كان يراعيه منذ أن كان فقس صغير حتى بلغ عمره ثلاث سنوات و بلغ حجمه حوالى متر .. وقتها عزموا على الأنتقال لمنزل أخر فقرر أن يخصص له بيتا مناسبا داخل المنزل الجديد و هذا ما حدث و أنتقلوا جميعا للفيلا بصحبة رعد و الذى عاش معهم فيها خمسة عشر عاما حتى تحول نضال و رعد لصديقان و أستمرت بينهما العلاقة و هو يتعامل معه بحظر من منطلق أن رعد فى النهاية كائن مفترس ! لقد أخبره نضال بكل ذلك !
بدا الأندهاش و الذهول واضحا على وجه أسر و كأن حديث نضال معه جلسة تنويم مغناطيسى .. بكى أسر لفقدان جاكس فأعتذر له نضال و كان هذا صعبا على نضال لكنه فعل و كرر أسفه لأسر لما فقده و طلب منه أن يظل أمر رعد سرا بينهما حتى لا تتم مصادرته من قبل وزارة البيئة فلن يتحمل فراق أخر من تبقى له فى هذه الحياة ..
فى هذه اللحظات مر أسر بأحساسين متماوجين متناقضين .. شعور بالتعاطف مع نضال و شعور بالأنتقام لكلبه .. لملم نفسه و جمع أشيائه فى ثقل و هو مفعم بالبؤس و غادر و هو يهمهم فى أسى و يقول : هنا كانت مقبرة جاكس !
أنفرد بعدها نضال بنفسه فى غرفته محاولا الخلود للنوم للأنفصال بعض الوقت عن الواقع و ما أن حاول حتى رن جرس الفيلا فظن أن أسر قد نسى شيئا و عاد ليلتقطه فذهب و فتح البوابة الحديدية لكنه تفاجأ بقدوم قوة من قسم الشرطة لتنفيذ الأحكام و طلبوا منه أن يذهب معهم لقسم الشرطة و عندما سأل عن السبب أنطلقت الجملة التقليدية .. هناك هتعرف ..
فأوصد البوابة الحديدية خلفه و ركب السيارة الخاصة بهم و غاب عن أنظار عم جابر و الجالسون فى مقهى اللؤلؤة المقابل للفيلا ..
و على الفور أستقل عم جابر سيارته مع عددا من الرجال الشهام ليلحقوا بسيارة الشرطة و يذهبوا للقسم ليكاتفوا نضال لتجاوز محنته ..
*****************
داخل قسم الشرطة كان العقيد السويفى جالسا على مكتبه و فى كامل هيبته و على وضعه , كان يوجد أمام مكتبه كرسيين أنتظار جلد تجلس ماسة على واحدا منهما و فريدة على الأخر .. طارق العايق كان يقف فى أحد زوايا المكتب فى رهبة و ذلة و رغم ذلك كانت بداخله رغبة ملحة فى الأنقضاض على فريدة و الفتك بها لكنه يعى جيدا أنه لو فعل ذلك فسيودع حريته لفترة مجهولة المدة و من الأسباب الداعمة لفقدان حريته تاريخه المشوه و سجله الملئ بمحاضر تحرش و تعدى , رغم ذلك حاول فى مناوشة الموقف و صرح بأنه يرغب فى تحرير محضر لفريدة لتعمدها أحداث عاهة مستديمة فى وجهه ..
هنا أنفجر العقيد السويفى فى الضحك فأرتعدت فرائص العايق و سكن الرعب قلبه ثم قال له السويفى : محضر عاهة قدام محاضر منها : تحرش
- و قام السويفى بتشغيل عدد من الفويسات و الفيديوهات التى تدين العايق بعد أن حصل عليها من فريدة و ماسة -
و تعدى و بلطجة و تهشيم ملكيات خاصة غير تعاطى
و أتجار المخدرات و .... الخ
فبدت الخيبة واضحة على وجه العايق ..
أجرى السويفى هذا التحقيق بنفسه فى مكتبه و بعد أجراء مكالمة هاتفية بقسم الشرطة التابع للمنطقة التى تمت فيها الواقعة و أخبر معاون المباحث هناك أنه كان يمر بمحض الصدفة و وجد هذه المشكلة فتولى حلها بنفسه فى مكتبه و ذلك ليبرر السويفى و يقنن التحقيق مع العايق فى قسم الشرطة الذى يعمل به ..
خاطب العايق العقيد فى توسل : أوامرك يا باشا ..
العقيد السويفى فى تغطرس : هتشيل من دماغك خالص موضوع محضر عاهة و فواحة و الهبل دة و هتمضى على محضر عدم تعرض و هتشيل فريدة من دماغك نهائى و ألا ....
فقاطعه العايق فى نبرة توحى بالأمتثال التام لما يقول : مفهوم يا بشوية مفهوم .. و همضى .. همضى ..
خرجت فريدة و ماسة من المكتب بعد أن طلب العقيد السويفى من أبنته أن تسبقه الى المنزل و سيرسل معها من يقوم بتوصيلها هى وفريدة و سوف ينهى بعض الأمور فى مكتبه و يلحق بها على المنزل و سيحتفظ بالهدية التى قاما بشرائها ليقدمها لزوجته عندما يعود ...
*****************
بالقرب من غرفة مكتب العقيد السويفى كانت تقع غرفة مكتب النقيب أسلام ظابط المباحث و الذى أصدر أمرا بضبط و أحضار المدعو نضال كمال القناوى بسبب تحرير سيد مصطفى الدمنهورى محضرا فى نضال يدعى فيه أن الأخير قد أعتدى عليه و أبرحه ضربا مما أدى لأحداث أصابات بالغة و أبدى سيد رغبته فى أستكمال المحضر و أرفاق تقرير طبى لحالته لينال من نضال ..
كان نضال يقف أمام مكتب النقيب و حوله عم جابر و بعض رجال القرية الذين جائوا لمساندة نضال , فى زاوية هناك كان يقف سيد مع أحد أمناء الشرطة
و هو بلدياته من كفر الدوار و يدعى محمود وهو الذى ساعد فى تحريك المحضر و سرعة ضبط و أحضار نضال لقسم الشرطة !
*********
عندما خرجت فريدة و صديقتها ماسة من مكتب العقيد كان يتوجب عليهما المرور من أمام مكتب النقيب أسلام لتتمكنا من الوصول للدرج المؤدى لأسفل و منه للخروج و المغادرة ..
عندما أقتربت فريدة من مكتب النقيب كان نضال يقف عائقا للمرور و فريدة خلفه تستأذنه ليفسح لها الطريق لتتمكن من المرور فأنتبه لها نضال و أفسح لها الطريق بالفعل وهو يعتذر لكنه بعد ما فعل ذلك و أصبح الطريق واسعا تسمرت فريدة فى مكانها و هى تنظر لنضال نظرة لم يستطع أن يفسرها و بينما كان نضال لا يبالى بنظرات فريدة التى لا يفهمها مدت له فريدة يدها بالسلام وهى تقول له :
أزيك يا كابتن نضال ؟ أقدر أساعدك ؟
رد عليها نضال فى عدم أكتراث لأنه لا يعرفها : الحمد الله .. شكرا ..
ثم أشاح بوجهه بعيدا !!
حتى أنوثة فريدة الطاغية لم تحرك لنضال ساكنا فلم يعد شئ بقادر على التأثير فى نضال فما مر به بدله لشخص لم يعد يدهشه شئ !
ماسة جذبت فريدة من ذراعها و الفضول سيقتلها لتعرف ما العلاقة التى تربطها بهذا الشخص و كيف لم تحكى لها من قبل .. لكن فريدة طلبت من ماسة طلبا غريبا .. طلبت منها أن تتوسط عند ظابط المباحث أن يساعد نضال و يخرجه من الورطة التى يقع فيها و هى لا تعرف كنهها و بعدها ستشبع فضولها و تخبرها بما تريد ..
و بالفعل أمتثلت ماسة لطلبها بحكم قوة صداقتهم و دخلت مكتب الظابط أسلام بعد أن طرقت على الباب وسمح لها بالدخول .. رحب بها النقيب بحفاوة ليس فقط لأنها أبنة رئيسه فى العمل و لكن يرجع الترحيب و الأستقبال المميز لنظرة الأعجاب التى تملأ عينين أسلام فى كل مرة يقابل فيها ماسة بمحض الصدفة ..
طلبت منه أن يساعد الشاب المدعو نضال .. فأخبرها أنه تعدى على شخص و هشم أنفه فأخبرته أن هذا جميل ستحفظه له لو تم .. و على أثره أستدعى الظابط سيد و نضال وعرض عليهما الصلح فرفض بالطبع سيد و لكن وبخه أسلام و أرهبه عندما ذكر له أن نضال يرغب فى تحرير محضر له بأقتحام فيلته لسرقتها فأنعقد حاجبى نضال من الدهشة لأنه لم يتذكر أن طلب ذلك من الظابط , و أستطرد الظابط و أخبر سيد أنه سينتظر بالقسم لحين أنهاء عرضه طبيا للحصول على التقرير الطبى فى الصباح كما أنه سيحتجزه مع نضال بسبب محضر الأقتحام و السرقة , بدا التوتر واضحا على سيد الذى يرفض تماما فكرة أن يقضى ليلة داخل الزنزانة مع المجرمين على شاكلتهم هذا غير حبسه مع نضال فى مكانا واحدا .. أشتغل عقله و أنزعج بمثل هذه الأفكار فأضطر لأن يميل للصلح و يتنازل عن المحضر !!
شكر نضال النقيب أسلام - خريج مدرسة العقيد السويفى - فقال له أسلام أشكر فريدة قريبتك و أشار له بالأنصراف .. رحل نضال وهو ينظر للكارت الشخصى الممسك به فى يده و قد منحته له فريدة قبل أن تنصرف و قبل دخوله مكتب الظابط , قد يكون ما حدث من فريدة هو أول موقف من سنوات يثير فضول نضال و يشغل الجزء الخلفى من ذهنه !
كان الفضول أيضا قد تمكن من ماسة لتعرف ما الذى يربط فريدة بالمدعو نضال و هى تستشعر أنها قد رأت نضال من قبل لكن التفاصيل قد محاها النسيان .. و سألتها كيف تعرفه جيدا و هو لا يتذكرها فى حين أن فريدة من الصعب أن ينساها من يقابلها و لو لمرة واحدة !
فى السيارة التى تقلهما للعودة بدأت فريدة فى أخماد نار الحيرة التى لسعت ماسة و أخذت تذكرها فتقول لها و قد تغرغرت عيناها بالدموع :
فاكرة الحادثة المريعة اللى بابا أتوفى فيها من 6 سنين ؟؟
ماسة فى شئ من الحزن : طبعا فاكراها .. الله يرحمه ..
فريدة : كانت نفس الحادثة اللى أتوفيت فيها أسرة نضال كلها .. بابا كان سائق أتوبيس الرحلات اللى كان فيه عيلة نضال .. و تصدرت الحادثة دى وقتها التريند على مواقع التواصل الأجتماعى و كانت حديث وسائل الأعلام و تعاطف الجميع مع نضال لحجم ما فقد .. نضال ساعتها كان كالمجذوب عقله قفل وقتها على الحادثة و مطلعش منها غير بألم و معاناة الفراق !!
وقتها مركزتش مع مصيبة نضال لأن فراق بابا كان أكبر صدمة و كان كفيل أنه يشغلنى و يلهينى .. بعدها بفترة جبت رقم نضال و أتصلت بيه علشان أعزيه ولكنه دخل فى نوبة صمت تام و بصراحة مهتمتش أتصل تانى بعدها , بس كان صعبان عليا و كان نفسى أقدمله أى مساعدة
حتى لو دعم معنوى بس محصلش نصيب ..
ماسة قد ربطت بعض الخيوط و أستحضرت من ذهنها صور للحادث و تذكرت وجه نضال ثم خبطت بكفها على جبهتها وقالت لفريدة :
فكرتينى يا صاحبة التريندات .. أبقى أفتحى النت لأنك ركبتى التريند النهاردة
بفيديو طارق العايق اللى أجتاح النت !!
********************
. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل الثاني
- 2 -
كانا يجلسان فى مقهى ( اللؤلؤة ) فى واحدة من أفضل المناطق الريفية بمدينة الأسكندرية , يتميز المقهى بمساحة شاسعة فهو يستولى على المساحة الأرضية بالكامل للعقار الذى يعلوه كما أنه يطل على ناصية الشارع العمومى ..
هذا العقار ملك عم جابر و هو رجل أشيب الشعر و قد بلغ من العمر ستون عاما كان جالسا فى المقهى و الذى يملكه أيضا مع سيد و هو رجل أربعينى , يجلس عم جابر على مقعده المميز أمام مكتبه و فى الجهة المقابلة للمكتب كان يجلس سيد و أمامه منضدة صغيرة وضع عليها
صينيه تحمل فنجان القهوة المانو و كوباً من الماء ..
على هذا المكتب يتم أمضاء عقود الأيجار أو التمليك للشقق الخالية بالعقار , عم جابر يتحدث دوما مع الزبائن عن الشقق الخالية بفخر و فى ثقة محسومة لما يمتاز به العقار من موقع جغرافى حيوى و كامل الخدمات ناهيك عن رخصة البناء التى حصل عليها من الحى للعقار بأكمله و التى تجنب السكان شبح مشاكل الهدد أو التصالح و ما شابه من كوابيس تلاحق المواطنين على فترات متقاربة ..
كان سيد يخطب ود عم جابر فى محاولة لتقليص قيمة الأيجار لكن بائت محاولاته بالفشل و كاد أن يثير غضب عم ....... [المزيد]
: - 1 -
لكل فعل رد فعل مساوى له في المقدار .. قانون نيوتن ..
لفريدة النحراوى رأى أخر .. قانون أخر .. ولد من رحم قانون نيوتن ولكن تم تطويعه من فريدة بما يتماشي مع أحداث الحياة المعاصرة ..
لبعض الأفعال رد فعل أكبر بكثير من الفعل .. قانون فريدة ..
***********
فريدة تتمتع بقسط وافر من الجمال , ناهيك عن الجمال الظاهرى فهى تمتلك أيضا قدراً وافراً من الجمال الداخلي .. جمال الروح .. هي خريجة كلية الفنون الجميلة وقد التحقت بها عن رغبتها لتفريغ طاقتها الأبداعية في هوايتها الأولي الرسم ..
تبدو كقطة سيامي جميلة ناعمة هادئة لكن من يحاول القرب منها فى سخف أو العبث معها يجد نفسه في نفس مأزق من تعرض لقطة بلدى شرسة عندما يعبث بأحد صغارها ..
الويل لمن يتجاوز الخط المرسوم له من فريدة ..
*********
المناخ الربيعى السكندرى يصبغ المكان بنسيمه هنا في أحد الأحياء الراقية في مدينة الأسكندرية , الشمس الساطعة و الهواء العليل يضرب أناف المارة كأنه يداعبهم بين الحين والأخر في شعور من الأنسجام مع رائحة الورود المختلطة به و التى تنبعث من جنينة الميدان الذى يتوسط الحى , هذا الميدان الذى تم ترميمه و أعادة أفتتاحه مرة أخرى فى عام 2019 بعد أن تغير شكله كما تغيرت معالم أماكن عديدة فى مدينة الأسكندرية فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى حديثا ,
تم تجهيز الميدان ليتحول لمركز تجارى مصغر
ينعش الحركة الأقتصادية في هذا الحى ..
فى وسط الميدان رقعة خضراء دائرية تتوسط الرقعة شجرة راسخة عتيقة تلقي بظلالها علي الرقعة الخضراء المحاطة بشجيرات صغيرة تم غرسها وقد زينتها الورود بألوانها الزاهية , قليل من المقاعد الخشبية المتناثرة في الجنينة بالشكل الذى يخدم التصميم الجمالي لها ..
مع الأخذ في الأعتبار عند تحديث الميدان بناء محال تجارية متجاورة بشكل ملتف حول الجنينة وعلي مسافة قريبة منها فتضفي طابع أوروبى علي المكان , تتميز هذه المحال أن مساحتها جيدة وتصلح لجميع الأغراض كما أن تواجدهم في نفس الدائرة مع أختلاف النشاط الذى يسلكه كل محل يجعل من الميدان بؤرة أقتصادية تجذب وتستوعب أحتياجات الوافدين المتنوعة ..
من أكثر المحال تميزا في الميدان ذاك المحل الذى يخطف الأنظار لروعة تصميم الواجهة الخاصة به و الديكورات المنفذة بحرفية في الطريق الممهد للدخول لهذا المحل صاحب أسم - وشم و رسم -
داخل المحل بعد خطف نظرة ماسحة للمكان بدرجة 360 يشعر العميل و كأنه في عالم أفتراضي من فرط روعة الرسومات الـ 3D التى تكسو جدران المحل من الداخل , هناك في أحد زوايا المحل تقف ماسة السويفى , شابة في الخامسة والعشرين من عمرها على قدر متوسط من الجمال لكنها تتمتع بجاذبية أنثوية يصعب تحديد مصدرها هل جاذبيتها ترجع لكونها رقيقة أم لبراءة ملامحها أم لخفة ظلها من المحتمل لعدة صفات تنفرد بها ماسة غير كونها
من أسرة ميسورة الحال و أبنة رجل ذا سلطة و نفوذ ..
كانت ماسة واقفة أمام طلبية جديدة من الأحبار , أحبار الرسم فوق الجلد و أحبار الوشم تفصلهم وتنقلهم لترتب كلا منهم في مكانه ..
ماسة خريجة فنون جميلة مولعة بالرسم والأبداع وتحويل كل ما هو قبيح الى شئ رائع على سياق المثل الشعبى - تعمل من الفسيخ شربات - لذلك قررت أن تمارس هوايتها وتطبق ولو مخزونا قليلا مما تعلمت في الكلية من خلال هذا المشروع الصغير الذى قررت أن تنفذه هي و صديقتها الأنتيم
محل – وشم و رسم –
لتنفيذ أحدث أشكال التاتو ( الوشم ) بألوانه لتحويل الندوب الجلدية ألي رسومات مذهلة تخفي معالم الندوب المخيفة , بعد أن أكتسبت هذه المهارة هى و أنتيمتها فى أحد أستديوهات تعليم الوشم ..
كما يوفر المحل خدمة الرسم و الكتابة فوق الجلد ناهيك عن أوبشن الرسم علي الجدران لتزيينها برسومات 3D و خلافه بأسعار مغرية غير أتقان مهارة رسم لوحات فنية لأشخاص أو غير ذلك حسب طلب العملاء ..
***********
نزلت فريدة من العقار الذى تقطن به هناك في أحد أحياء مدينة الأسكندرية و الذى لا ينتمي للأحياء من الطراز الراقي ولا من الطراز الشعبي لكنه يتماشي مع الطبقة البرجوازية ..
كانت تتحرك فى سرعة راغبة الوصول لمكتب الصحة و هو ليس ببعيد عن منزلها , لتلقي الجرعة الثانية من لقاح كورونا و هى تأمل أن تنهى ذلك في وقت قصير لتتمكن من الذهاب بعدها لمباشرة عملها في مشروعها المتواضع ..
في طريقها لمقصدها لم تسلم فريدة من مضايقات و معاكسات تواجهها بصفة مستمرة في حياتها اليومية نظراَ للهيب الأنوثة الذى يتدفق منها رغم أنها ملتزمة بالحجاب ونمط ثيابها يتفق ويتماشي مع الحجاب لكنها دوما جاذبة للأنظار لأن مفاتن جسدها تفرض نفسها ,
كعارضات الأزياء هن اللاتى ينجمن الثياب وليس العكس , هى أعتادت مثل هذه المهاترات وتعلمت فن التعامل معها فتتجاهل تارة و ترد علي أحدهم لفظيا تارة أخرى و أحيانا ينمو الموقف فيصل لطرقعة كف يدها علي وجه أحد المتحرشين و ذات مرة تطور الموقف لأن تبصق في وجه أحدهم لفظاظة التحرش اللفظى معها !
كلاً منهم كان يأخذ نصيبه على قدر مضايقته لفريدة , لم يؤرق فكرها ويعكر صفو مزاجها من المتحرشين و يزعجها غير طارق العايق ..
و التى بائت كل محاولاتها لصده عنها بالفشل , هذا الشاب الذى يكبرها
ب خمس سنوات , عمره ثلاثون عاما و يسكن في نفس الحى وبالقرب من البناية التى تعيش فيها فريدة , يدعى أنه أنيق و شيك و يتباهى دائما و يتحاكى عن أسعار قطع ثيابه باهظة الثمن و التى تتميز بالذوق الأوفر الغير محبب لعامة الناس , قد يكون محقا فى أن ثيابه باهظة الثمن فهو لا يبخل على نفسه فى هذا الدرب لكن ثيابه تتسم بالشعبية والفوضوية هكذا يراها الأغلبية لفظاظة رسوماتها و غرابة ألوانها !
أطلق عليه مجموعة من المحيطين به لقب العايق كنوع من التنمر لكنه لم ينتبه لذلك فنرجسيته جعلته يقتنع باللقب و يصدقه و أعتمده كوصف يليق به !
لا يكف أطلاقا عن مضايقة فريدة و قد تعرض لها سابقا مرارا لا حصر لها حتى وصلت درجات صبرها معه لأخرها
وها قد قررت أن تطبق معه قانون فريدة ..
- لبعض الأفعال رد فعل أكبر بكثير من الفعل -
*********
وصلت فريدة لمقصدها , ها هو مكتب الصحة الذى ستتلقي فيه جرعة لقاح استرازينيكا يظهر عن قرب وكأنه منفذ لتوزيع اللحوم مجانا علي المواطنين , يتكدس عدد كبير من المواطنين أمام مكتب الصحة وذلك بعدما أكتظت ساحة الأنتظار الداخلية و أزدحمت عن أخرها بالوافدين لتلقي جرعات الوقاية مما أدى لتكويم الباقيين بالخارج ..
تسللت فريدة خلال الحشد في محاولة لحجز رقم مع أحد المتطوعين من الوافدين لتلقى اللقاح و الذى تولى مهمة تسجيل الأسماء بأرقام و ذلك لتحفظ دورها , عندما حصلت على الرقم الخاص بها أيقنت أنه لا مفر من الأتصال بصديقتها و شريكتها و أخبارها أنها من المؤكد ستتأخر عن الموعد الذى أبلغتها به بالأمس ..
- فريدة : الوووووو
- ماسة : أيه يا بطل .. أتلقحتى ؟
كانت جملة ماسة مدمجة بضحكة ماكرة في روح من الدعابة
- فريدة : أظبطي يا بت مش كفاية الكلاب الضالة اللي مبيبطلوش نبح عليا , شكل الشغل كدة مريح عندك ؟
- ماسة : مفيش غير عميلة واحدة دخلت ترسم فراشة علي قفاها وكان نفسى أضرب الفراشة بعد ما خلصتها - ماسة فى الواقع تمقت الفراشات - بس ضبط النفس بقي زى ما علمتينى علشان أكل العيش ..
- فريدة : مفيش فايدة فيكى .. أخبار الكاميرات أيه ؟
- ماسة : شغالين تمام اللى جوة واللي على الواجهة و بتسجل متقلقيش , جربتها و جاهزة لتصوير قانون فريدة عملياً ..
بس أنتي متأكدة أن الكلب الضال بتاعك دة جاى المحل النهاردة ؟!
- فريدة : قصدك المسعور مش الضال , طارق العايق عدى خطوط و حدود معايا لازم يحاسب عليها اللي باقى من عمره !
أرسل لى بالأمس رسالة علي الواتس من رقم جديد غير ارقامه التى تتصدر و تملأ قائمة البلاك ليست يخبرني فيها بعد مغازلة جنسية كتابية أنه يرغب في رسم تاتو من ايدى في المحل و أختار اليوم الأحد لأنه يدرك انه من أكثر الأيام التى يقل فيها ضغط الشغل ظناً من العملاء أن المحل أجازة يوم الأحد !!
قد عزمت على أن لا أندهش بقدرته على معرفة معظم تفاصيل حياتى بهذه الدقة !!!
- ماسة : على العموم أنا جهزت كل اللى طلبتيه , فلنفعلها !
- فريدة : تقريبا بينادوا على رقمى , أقفلي .. سلام .. سلام ..
**************
الغضب .. الطمع .. الشهوة ..
أذا لم يتوفر بداخل كل بشرى ديمر التحكم في هذه الغرائز كديمر الأضاءة فقد سلم نفسه للهلاك ..
هناك العديد من الذكور المصابون بالأستمناء الفكرى هذا الصنف تسيطر على تفكيره شهوته العارمة وبدورها تؤثر علي أفعاله تجاه المجتمع , طارق العايق خير مثال أو لدقة التعبير هو شر مثال لهذا الصنف من الذكور , فهو لا يبتلع فكرة وجود أناث عفيفات كلهن فى نظره غانيات ولكل واحدة منهن درجة مقاومة تفقدها عندما يرغب هو في ذلك !
العايق كان لديه تلف بالغ فى زر الديمر الخاص بالتحكم فى الشهوة , كان العايق يستعد في غرفته بصحبة شرذمة من أصدقاءه من نفس المذهب الفكرى وكأنه عريس فى ليلة عرسه , كان يتباهى أمامهم بثقة مجهول مصدرها أن لديه المقدرة بالأيقاع بفريدة و التمكن منها , كان يدندن علي أيقاع أغنية - الليلة يا سمرا - فتهمس شفتاه بكلمات
الليلة .. الليلة يا فريدة العنيدة ..
نفث سحابة كثيفة من دخان الحشيش ثم فعلها مرات و مرات و كأنه يلتهم سيجارة الحشيش من بين أصابعه و نظر فى ساعته وشرد لبرهة بنظرة حالمة تسبح في سموات الخيال و قال .. الأن ..
***************
أخيرا بعد قضاء ساعتان من الزمن فى مكتب الصحة تلقت فريدة الجرعة الثانية من لقاح كورونا و هرولت مسرعة من المكان ممسكة بشهادة تلقى اللقاح بعد ختمها و كأنها نالت شهادة التخرج و ظنت أن لا تعود أدراجها لهذا المكان مرة أخرى , لم تفطن بعد الى أنه بعد مرور ستة أشهر من تلقى الجرعة الثانية هناك جرعة ثالثة تنشيطية من لقاح كورونا ستتلقاها ..
أتخذت فريدة أول توكتوك مر من أمامها الذى قام بدوره و نقلها فى غضون ربع ساعة ألى الميدان ..
دخلت فريدة الميدان وهى ترمقه بنظرات صارمة تتفقد هدوء المكان و سكون الوضع تراقب حركة المارة فى شرود حتى أنتبهت لصوت صديقتها ماسة : فريدة .. تعالى ..
ما أن أقتربت منها فريدة حتى أمسكت ماسة بيدها و شدتها برفق للداخل , تجاذبت ماسة أطراف الحديث مع شريكتها وهى تعرض لها ما تم فى طلبية الأحبار و قد فرزتها و سكنتها و ....
فريدة : نسكاااااافيه ..
أومأت ماسة برأسها مبتسمة : اوكيييه ..
قامت فريدة بفتح قائمة تشغيل الأغانى علي موبايلها و الممتلئة بموسيقى عربية و أجنبية و قليل من الأغانى المنوعة .. ثوان معدودات و كانت موسيقى رائعة للموسيقار الموهوب عمر خيرت ترن فى أرجاء المكان , باكو من الشيكولاتة الدارك تم أخراجه من شنطة فريدة و فتحه ليستقر علي منضدة على شكل جذع شجرة و تم وضعه فى أنتظار فنجانين النسكافيه ..
لحظات من الأنسجام و الأنغماس فى الموسيقي و التفاعل معها بحركات رقيقة جميلة مع الأستمتاع بأحد مصادر السعادة لديهما وهى الشيكولاتة الدارك مع النسكافيه و قد أطلقتا على هذا الثنائى
( النسكافيه و الشيكولاتة الدارك ) لقب الأفيونة ..
لم يعكر صفو هذا المناخ الأبداعى غير أقتحام طارق العايق المكان و الذى لم يتكبد عناء طرق الباب فدخل حتى أستقرت قدماه فى مواجهة
منضدة جذع الشجرة ..
فى ذات اللحظة تبدلت موسيقى عمر خيرت الرومانسية
لموسيقى بيتهوفن الحماسية ( سمفونية الحرب العالمية الثانية ) تلقائيا !!
نظرات متبادلة بين الثلاثة أنكسرت بأنسحاب ماسة بعد أن رمقته فى أشمئزاز ثم توجهت لمراقبة الكاميرا و أعدادها للتسجيل صوت وصورة و أخلاء المساحة لفريدة و طارق لسهولة التنفيس عن تفكيره الشهوانى
كجزء من خطتها مع فريدة ..
- فريدة و قد هبت واقفة وهى تخاطب العايق :
أتفضل طلبات حضرتك أيه ؟
- طارق ينظر متفحصاً ثيابه ثم يعيد النظر لفريدة قائلاً فى سماجة :
الطقم الجديد عامل شغل جامد باينه !
- فريدة :
واضح أن حضرتك أخطأت العنوان ممكن
تتفضل برة لو سمحت ؟
- طارق : بالعكس أنا في المكان الصح و مع موزة صح الصح .. وجاى علشان عايزك تكتبيلى علي جبينى بحبك بخط أيدك الملبن دى ..
وفي أقل من الثانية كان يمسك بأحدى يديه راحة يدها ويجذبها تجاهه و يضع يده الأخرى علي خصرها فأنتفضت فريدة فى وقت أستغرق نانو ثانية
و أنتزعت يدها و سحبت زجاجة أسبراى كانت بجوارها - عن قصد - ورشت منها فى وجهه فسقط على الأرض مغشياً عليه ..
تحركت ماسة من أمام الشاشة الموصلة بالكاميرا بعد أن ضمنت تسجيل ما حدث صوت وصورة ثم توجهت فى تؤدة الى حيث كان طارق مرتميا على الأرض ..
شرعت فريدة في أخراج حبل من مكان ما بالمحل و قد تم تخزينه لحين أستخدامه و قد كان , كانت تتحرك فى ثبات وهدوء هى و ماسة و كأنهما تستعدان لرسم لوحة فنية جديدة .. أحساس بالنشوة أنتاب فريدة وهى تعد أدواتها الخاصة بالرسم و الوشم .. أحساس بالتشويق و الرغبة متدفق من قبل ماسة فى أتمام ما تنوى عليه فريدة ..
جردته فريدة بوحشية من ملابسه العلوية فخلعت عنه التيشيرت الخوخى البطيخى العنابى - فخفخينا الألوان التى يهواها - و الذى كان يرتديه و ألقته على وجهه وهو ملقى على ظهره أرضا ثم جرته هى و ماسة لخارج المحل جراً حتى أستقر به الحال عند الشجرة الراسخة العتيقة التى تتوسط الجنينة فى وسط الميدان ..
فى هذه اللحظة بدأ جذب أنتباه المتواجدون داخل الميدان يحدث تدريجيا تجاه هذا المشهد دون تعليق أو مشاركة , فقط يتابعون بدهشة في صمت لأستيعاب الموقف , أصحاب المحال المجاورة و الذين يعرفون فريدة و ماسة بدأوا يبزغون واحدا تلو الأخر مهرولين الى الشجرة يسألون فريدة فى نبرة صوت تغلفها شهامة المصريين :
ما الأمر .. هل هو حرامى ؟؟ ماذا سرق بن الــ.....
ردت ماسة فى ثبات : ليس بحرامى بل هو أسوأ .. أنه متحرش و حاول مرارا و تكرارا الأعتداء على فريدة ..
نزلت الكلمات ثقيلة على أذانهم و هم يتابعون الفتاتان فى محاولتهن لأيقاف طارق و أسناده لتتمكنا من تكبيله فى الشجرة , هموا فى مساعدتهن لكن فريدة رفضت تدخل أى شخص للمساعدة و منعت العديد من الشباب و الرجال من الأعتداء على العايق
بجملة صارمة .. دة يخصنى لوحدى ..
و تمكنت منه هى و ماسة و نجحتا فى تقييده بالشجرة و ذلك لنحافة جسمه و توسط طول قامته و مازال العايق غارقا في حالة الأغماء أثر بخ البنج فى وجهه , لقد أحكمت فريدة ما تقوم به بمساعدة ماسة و تم تضفير تيشيرت طارق بما يسهل وضع هذه الضفيرة علي فمه و لفها حول الشجرة وعقدها بما يتيح تثبيت رأس طارق و ألتصاق مؤخرة رأسه بالشجرة حتى لا تتدلى على صدره و تتمكن فريدة
من تنفيذ ما عزمت عليه ..
بعدها أنسلت فريدة داخل المحل تتبعها ماسة لأحضار المنضدة الخشبية الصغيرة - جذع الشجرة - و معدات الوشم والرسم , سرعان ما كان كل شئ جاهزا للأستخدام بالخارج , تم توصيل جهاز الوشم بالطاقة .. بجانب الجهاز كانت توجد أبرة الرسم فوق الجلد وهى عبارة عن ما يشبه قلم معدنى فى اخره توجد قطعة معدنية أشبه بقمع صغير يتم ملأه بالحبر المراد الرسم به فوق الجلد , هذا الحبر يمنح الرسمة عمر زمنى لها لا يزيد عن حوالى عشرة أيام و تكون أزالتها من على طبقة الجلد سهلة , أنما ابرة الوشم متصلة بالجهاز الموصل بالطاقة و بأمكانها أن تحفر الرسمة أو الكلمة تحت الجلد بشكل يمنحها عمر زمنى مدى الحياة يصعب جدا مسحها أو أزالتها و أن تمت المحاولة فهذا يتسبب بعدها فى تشوه و ندوب جلدية تظهر بعد أخفاء الوشم المراد أزالته ..
و قفت فريدة لبرهة تنظر للمنضدة ثم تحول ناظريها لطارق .. ثوان معدودة مرت عليها أسترجعت فيها فريدة مدى القبح والعطن الذى شعرت به تجاه طارق العايق بسبب تحرشه اللفظى و الغير لفظى مرارا لا حصر لها دون أستجابة منه لمحاولاتها فى صده و أرجاعه عما كان يفعل , فى هذه اللحظات أيقنت فريدة أن درجات صبرها قد بلغت أخرها حقا فتدفق أفراز هرمون الأدرينالين بداخلها و كان السبب وراء ظهور ضبابية قاتمة فى تعابير وجهها ..
أنتبهت فريدة لأصوات المتجمهرين وقد بدأت صيحاتهم تتعالى وهم يتابعون المشهد من خلال شاشات موبايلاتهم و التى كانت مثبتة بأيديهم تجاه طارق المكبل بعد أن عزموا على تسجيل اللحظات الراهنة تأهبا لمفاجأة ستحدث لا يعرفونها لكنهم يتوقعون
فيتزايد شغفهم للتصوير ..
خيط رفيع بداخل فريدة كان يفصل بين الجموح والتعقل وهى تنظر للمنضدة لأستخدام المعدات الموجودة أعلاها لكنها حسمت الموقف فى حزم و عن أقتناع و قررت تطبيق قانونها فى الحياة و جنحت للجموح !!
بالفعل سحبت فريدة أبرة الوشم من على المنضدة و التى تصدر رنينا يوحى لسامعه أنه فى عيادة طبيب أسنان لتلبى رغبة طارق الذى طلب منها أن تكتب على جبينه .. ستلبى رغبته و لكن على طريقتها الخاصة ..
مر الوقت سريعا و قد فعلتها فريدة وسط ذهول الحاضرين و الذين سيطرت عليهم سلطة العادة - المتأصلة فى المصريين - أن يشاركوا الموقف من خلال تصوير ما يحدث لتوثيقه ورفعه على
شبكة التواصل الأجتماعى وتداوله فيما بينهم ..
لقد أنتهت فريدة أخيرا .. فريدة دقت وشم على جبين طارق
باللون الأحمر .. لقد وصمت طارق وصمة ستلازمه أينما ذهب ..
لقد وشمت على جبهته جملة :
- أنا متحرش حقير -
سيعود طارق من غيبوبته المؤقتة لكنه سيستغرق بعض الوقت ليستوعب ما هو فيه و سيحتاج الكثير من الوقت ليصدق ما حدث معه ..
أنهت فريدة ما عزمت عليه بنجاح دون الأكتراث للتجمهر الضخم الذى تكون حول الشجرة الراسخة , لملمت معداتها هى و ماسة و توجهت فى هدوء داخل المحل و كأنها كانت تعزف مقطوعة موسيقية أو كانت ترقص سلو مع صديقتها .. دخلت تاركة طارق مقيدا علي الشجرة يلقي مصيره دون الأهتمام بما يصير له بعد ذلك ..
كان يوماً مرهقا حقا لفريدة من أول تلقى اللقاح صباحا حتى اللحظة التى نفذت فيها قانونها مع طارق العايق .. كان هذا كافيا لها اليوم ..
أغلقت فريدة بمساعدة ماسة المحل و أنصرفتا من الميدان و داعبت ماسة فريدة وهى تقول لها : بقي يحط أيده تعلمى عليه كدة يا مفترية .. أمال لو أغتصبك كنتى عملتى فيه أيه ؟؟
جاوبتها فريدة بضحكة عالية : و غلاوتك كنت قصيت رمز رجولته بالمقص و فى الشارع !!
و خبطت على كف ماسة بطرقة مع تبادل الضحكات ثم
ودعت كل منهما الأخرى بقبلات حارة كعادة البنات عند الأتصال و عند الأنفصال تقدمن وصلة أحضان وقبلات و كأنهما فى المطار و أذا التقيا بعد خمس دقائق تكررا نفس الوصلة وهذا يرجع الى أنها عادة مشتركة بين البنات و أغلب العادات تموت بصعوبة !
بعد ملحمة القبلات و الأحضان أنصرفت كل واحدة منهما لمقصدها ..
و ما أن وصلت فريدة لمنزلها حتى دخلت علي والدتها الحاجة سهام و التى كانت تجلس على الركنة فى غرفة الليفنج تشاهد التلفاز فألقت عليها السلام و قبلتها ثم دخلت غرفتها و أرتمت فى عرض السرير و غطت فى سبات عميق ...
. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل الأول
- 1 -
لكل فعل رد فعل مساوى له في المقدار .. قانون نيوتن ..
لفريدة النحراوى رأى أخر .. قانون أخر .. ولد من رحم قانون نيوتن ولكن تم تطويعه من فريدة بما يتماشي مع أحداث الحياة المعاصرة ..
لبعض الأفعال رد فعل أكبر بكثير من الفعل .. قانون فريدة ..
***********
فريدة تتمتع بقسط وافر من الجمال , ناهيك عن الجمال الظاهرى فهى تمتلك أيضا قدراً وافراً من الجمال الداخلي .. جمال الروح .. هي خريجة كلية الفنون الجميلة وقد التحقت بها عن رغبتها لتفريغ طاقتها الأبداعية في هوايتها الأولي الرسم ..
تبدو كقطة سيامي جميلة ناعمة هادئة لكن من يحاول القرب منها فى سخف أو العبث معها يجد نفسه في نفس مأزق من تعرض لقطة بلدى شرسة عندما يعبث بأحد صغارها ..
الويل لمن يتجاوز الخط المرسوم له من فريدة ..
*********
المناخ الربيعى السكندرى يصبغ المكان بنسيمه هنا في أحد الأحياء الراقية في مدينة الأسكندرية , الشمس الساطعة و الهواء العليل يضرب أناف المارة كأنه يداعبهم بين الحين والأخر في شعور من الأنسجام مع رائحة الورود المختلطة به و التى تنبعث من جنينة الميدان الذى يتوسط ....... [المزيد]