█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ و أهل الحكمة فى راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله فى راحة لأنهم أسلموا إلى الله فى ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا فى أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحوا عقولهم أيضا فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هى راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم..
أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فما زالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض ، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأ لا يرتوى و جوعا لا يشبع..
فانظر من أى طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك..
..
د. مصطفى محمود رحمه الله
من كتاب / أناشيد الإثم و البراءة . ❝
❞ “يارب سألتك باسمك الرحيم أن تنقذني من عيني فلا تريني الأشياء إلا بعينك أنت . وتنقذني من يدي فلا تأخذني بيدي .. بل بيدك أنت تجمعني بهما على من أحب عند موقع رضاك ... فهناك الحب الحق .” . ❝
❞ ولا يجتمع الحب والجريمة أبدًا إلا فى الأفلام العربية السخيفة المفتعلة وما يسمونه الحب فى تلك الأفلام هو فى حقيقته شهوات ورغبات حيوانية ونفوس مجرمة تتستر بالحب لتصل إلى أغراضها.
أما الحب فهو قرين السلام والأمان والسكينة وهو ريح من الجنة أما الذى نراه فى الأفلام فهو نفث الجحيم . ❝
❞ و قد يمتحن الله الرجال الأبرار بالنساء الشريرات أو العكس و ذلك باب آخر له حكمته و أسراره .
و قد سلّط الله المجرمين و القتلة على أنبيائه و امتحن بالمرض أيوب و بالفتنة يوسف و بالفراعين الغلاظ موسى و بالزوجات الخائنات نوحاً و لوطاً .
و أسرار الفشل و التوفيق عند الله .. و ليس كل فشل نقمة من الله .
و قد قطع الملك هيرودوس رأس النبى يوحنا المعمدان و قدمها مهراً لِبَغىّ عاهرة .
و لم يكن هذا انتقاصاً من قدر يوحنا عند الله .. و إنما هو البلاء .
فنرجو أن يكون فشلنا و فشلكم هو فشل كريم من هذا النوع من البلاء الذى يمتحن النفوس و يفجر فيها الخير و الحكمة و النور و ليس فشل النفوس المظلمة التى لا حظ لها و لا قدرة على حب أو عطاء .
و نفوسنا قد تخفى أشياء تغيب عنّا نحن أصحابها . و قد لا تنسجم امرأة و رجل لأن نفسيهما مثل الماء و الزيت متنافرتان بالطبيعة ، و لو كانا مثل الماء و السكر لذابا و امتزجا و لو كانا مثل العطر و الزيت لذابا و امتزجا .. و المشكلة أن يصادف الرجل المناسب المرأة المناسبة .
و ذلك هو الحب فى كلمة واحدة : التناســـب .
تناسب النفوس و الطبائع قبل تناسب الأجسام و الأعمار و الثقافات .
و قد يطغى عامل الخير حتى على عامل التناسب فنرى الرسول محمداً عليه الصلاة و السلام يتزوج بمن تكبره بخمسة و عشرين عاماً و يتزوج بمن تصغره بأربعين عاماً فتحبه الاثنتان خديجة و عائشة كل الحب و لا تناسب فى العمر و لا فى الثقافة بينهما ، فهو النبى الذى يوحى إليه و هما من عامة الناس .
و نراه يتزوج باليهودية صفية صبيحة اليوم الذى قتل فيه جيشه زوجها و أباها و أخاها و شباب قومها و زهرة رجالهم واحداً واحداً على النطع فى خيبر .. و يتزوجها بعد هذه المذبحة فنراها تأوى إلى بيته و تسلم له قلبها مشغوفةً مؤمنةً و لم تكد دماء قومها تجف .. فكيف حدث هذا و لا تناسب و إنما أحقاد و أضغان و ثارات ..
إنه الخير و الخلق الأسمى فى نفس الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم ، هو الذى قهر الظلمة و هو الذى حقق المعجزة دون شروط ..
إنه النور الذى خرج من مشكاة هذا القلب المعجز فصنع السحر و أسر القلوب و طوَّع النفوس حتى مع الفوارق الظاهرة و عدم التناسب و مع الأضغان و الأحقاد و الثارات ..
إنما نتكلم نحن العاديين عن التناسب ..
أما فى مستوى الأنبياء فذلك مستوى الخوارق و المعجزات ..
و ما زالت القلوب الخيّرة و النفوس الكاملة التى لها حظ من هذا المستوى قادرة على بلوغ الحب و تحقيق الإنسجام فى بيوتها برغم الفروق الظاهرة فى السن و الثقافة ..
ذلك أن الحب الذى هو تناسب و انسجام بالنسبة لنا نحن العاديين .. هو فى المستوى الأعلى من البشر نفحة و هِبة إلهية ..
و من ذا الذى يستطيع أن يقيد على الله نفحاته أو يشترط عليه فى هباته ..
و إذا شاء الله أن يرحم أحداً فمن ذا الذى يستطيع أن يمنع رحمته ..
و الحب سر من أعمق أسرار رحمتــه ..
و لا ينتهى فى الحـــب كــلام ..
د مصطفى محمود
كتاب أناشيد الإثم و البراءة . ❝