❞ مقال "عن الشهوة " .. رائع وهام جدًا
مع سن البلوغ تهب زوبعة الرغبة وتتفجر الشهوات ، ويطالب الجسد بحظه من الإشباع ، ويشعر الشاب بهذه الرغبات تغالبه وتزاحمه كأنها مشيئة أخرى في داخله ، تحاول أن تفرض ذاتها عليه ، ويشعر بنفسه يدفعها وتدفعه ويكبحها وتكبحه ، ويلجمها مرة وتفلت منه مرات ، وتجذبه وراءها وتجره إلى حضيض اللذات الحسية المباشرة ، والمزاولات البدائية ..
وتلك هي المراهقة ، وقد يصاحبها انطواء وسوداوية ورغبة في العزلة أو ثورة ولهو وعربدة .. وقد يصاحبها تدین حاد مریض متهوس ، أو كفر وعصيان وتمرد ، ورفض لجميع الأخلاق والأعراف، فنرى الشاب يقول : جسمی ملکی أفعل به ما أشاء، وأستمتع ما أشاء مادمت لا أغتصب أحدًا .. ونرى الفتاة تقول : أنا حرة، أهب نفسي لمن أحب وأختار، ولا دخل لأحد بنا مادمنا لا نؤذي أحدًا .. وقد تصل هذه الإباحية إلى ذروتها ، وترفع لنفسها رايات فلسفية مثل العبثية والوجودية والفوضوية ، فتعقد صلحًا مزيفًا مع العقل ، بل أكثر من ذلك تجعل العقل خادمًا لها ، يجلب لها المزيد من اللذات ، ويسخر لها المزيد من صنوف المتعة !! ..
ويقول الواحد منهم .. كل شيء حلال مادمنا لا نخون أنفسنا، ولا نكذب ولا نمثل ولا ندعي .. وهو كلام يكشف عن التباس خطير .. فقد تصور الواحد منهم أن هذه الشهوة الوافدة .. هي حقيقة إرادته ورغبته بالأصالة .. وتصورها هدفًا لوجوده وغاية لحياته على الأرض .. والحقيقة غير ذلك، فالله حينما يشعل هذا الصراع بين النقيض والتقيض (بين الروح والجسد) في الإنسان إنما يريد بذلك أن يوقظ إرادة النفس المستقلة ، ويزكيها ويميزها کشیء متميز متعال، على إرادة الجسم، والأعضاء التناسلية .. يريد بكل إنسان أن يكتشف أنه ليس جسده .. وأنه حاكم لهذا الجسد، ولا يصح أن تنقلب الآية فيصبح الجسد حاكمًا عليه .. وأنه سيد على هذا الجسد، ولا يصح أن ينقلب السيد خادمًا والحاكم محکومًا ، وإلا اندرج الإنسان في عداد البهائم ..
ولا يكتشف الإنسان هذه الحقيقة ، إلا حينها ينحدر إلى سفل هوة الخضوع الشهواني ، وحينئذ يشعر أنه لم يزدد حرية ؛ بل ازداد قيدًا، وأنه لم يصبح حرًا بل أصبح عبدًا .. وأنه أصبح سجين جسمه ، وأن أعضاءه أصبحت تخنقه مثل الجاكتة الجبس .. وحينئذ يثور الواحد منهم إن كان من أهل الإخلاص ، ويكسر قيوده ويتحرر ، ويبدا في مسيرته الإنسانية السوية ، نحو علاقة ينظم فيها هذه الرغبة في زواج ناجح، أو ينصرف عنها إلى عمل منتج .. أما إن كان من أهل الجبلة الحيوانية، فإنه يمضي في الانحدار إلى الحضيض حتى تموت نفسه، وتموت روحه كما تموت نحلة في العسل ..
والفرق بين ضبط هذه الرغبة، وعدم ضبطها هو الفرق بين جبلاية القرود وبين المجتمع المتمدن.
وما أكثر المدن الأوروبية التي أصبحت الآن أشبه بجبلايات القرود.
وإشباع هذه الرغبة يؤدى دائمًا إلى حالة من البلادة والخمول، والكسل وموت الروح .. تمامًا مثل إشباع المعدة وتخمتها وملئها بالطعام.
إنما يكون الإنسان إنسانًا، حينما يقوم من الطعام قبل أن يمتلئ ..
فالإنسان هو إنسان فقط، إذا استطاع أن يقاوم ما يحب ويتحمل ما يكره، وهو إنسان فقط إذا ساد عقله على بهيميته وإذا ساد رشده على حماقته، وتلك أول ملامح الإنسانية في الإنسان.
ويجاوب السادة الصوفية على من يسألهم : كيف يقاوم الإنسان شهوته ؟! .. فيقولون بتنظيمها في إطار الزواج، فإذا لم يتيسير الزواج يستعين عليها بالترك .. فالشهوة كامنة في الجسم کمون النار في الحجر .. إذا داومت على ضرب الحجر بالحجر ظهرت النار وبان شرارها، ولم تستطع أن تحكمها، فعليك بالترك .. لا تضرب حجر الأنوثة بحجر الذكورة .. تجنب الخلوة بين الجنسين .. وتجنب الإثارة والاستثارة .. وتجنب المراودة .. ولا تحم حول الحمى، حتى لا تقع فيه .. واكبح شهواتك بالصوم والعمل .. واستنهض روحك وقوها بالعبادة، وسيساعدك هذا الترك على عودة الشهوة إلى الركود والكمون، كما تكمن النار في الحجر إذا كففته عن الاحتكاك؛ فتهدأ النفس ويتطهر القلب، ويعود إلى البال صفوه.
ونحن نضيف إلى كلام السادة الصوفية وسائل جديدة أتاحها لنا العصر هي: الرياضة البدنية بألوانها، والرحلات وممارسة الهوايات والقراءة .. وكلها مصارف يمكن أن تجرى فيها فائض الطاقة، فتصبح فائدة وبركة، بدلًا من أن تتركز تلك الطاقة في الأعضاء التناسلية، وتصبح شهوة مدمرة تمتص صاحبها حتى النخاع وتستهلكه، فيما لا يفيد.
ولن يغني ذلك عن الصراع ولن يغني عن المغالبة والمراهقة.
فلا بديل عن الكفاح، فذلك قدر الإنسان .. وذلك أيضًا شرفه وامتيازه على الملائكة.
ولم يخلق الإنسان ليرث الجنة بلا مجهود، وإنما خلق ليأخذ الجنة غلابًا، وبعد إثبات الاستحقاق ..
فلابد من المكابدة والمعاناة ((لقد خلقنا الإنسان في كبد)) ..
ولا يمكن أن يكابد واحد بدلًا من آخر ، ولا يستطيع أبوك ولا أخوك، ولا صديقك أن يحمل عنك تلك المكابدة فيعانيها بدلًا منك .. وإنما يخلق الإنسان ليولد وحده، ويوت وحده ویشيخ وحده، ويمرض وحده ويتألم وحده، ويكابد وحده، ويلقي الله وحده ..
ولا نملك أكثر من أن نهون على بعضنا الطريق .. ببذل الحكمة والخبرة والقول السديد ..
وفي كتاب الموتى يقول الحكيم الفرعوني منذ ثلاثة الاف سنة :
احذر الاقتراب من النساء في أي مكان تدخله، فقد انحرف ألف رجل عن جادة الصواب بسبب ذلك .. إنها لحظة قصيرة كالحلم، والندم يتبعها ..
وكل الكتب السماوية تقول في وصاياها : لا تزن.
وقد جاء مثل هذا الكلام في صحف إبراهيم أبي الأنبياء من قبل إنه كلام قديم .. قديم .. منذ آدم .. ومنذ قال الله لآدم : لا تأكل من هذه الشجرة.
ويعود الأمر مرة أخرى ، فيتكرر فإذا بكل منا يقف موقف آدم .. أيأكل من الشجرة المحرمة أم لا يأكل ؟! .. ويتكرر هذا الموقف أمام كل إغراء .. طوال حياته .. ولا تعفي الحياة أحدًا من الإغراء، ولا تعفي أحدًا من الامتحان ، ولا تعفي أحدًا من ذلك الموقف القديم الذي وقفه آدم ، لأنه في مراد الله وفي خطته، أن يخرج المكتوم في كل قلب، وأن تفتضح النوايا وتظهر الأعمال : ((والله مخرج ما كنتم تكتمونه)) ..
وفي مراد الله أن تتميز المراتب ، وتتفاضل الدرجات .. وفي سنة الله أن يميز الخبيث من الطيب .. ولأن الله لا يريد أن يأتي هذا الأمر تعسفًا منه .. ولا يريد أن يفضح أحدًا من عباده بلا بينة .. فإنه خلق الدنيا ليفضح كل واحد نفسه بنفسه وبعمله .. ((خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاه)) ..
ليحاسب كل واحد بعد ذلك نفسه بنفسه يوم القيامة .. ((وكفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)) .. وليدخل كل واحد في رتبته، ومنزلته في إقرار واقتناع، دون أن يكون له على الله حجة ..((ولئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )) ..(( ولا يظلم ربك أحدا )) ..
ذلك موقف الإنسان الأزلي أمام ضعفه وقوته .. وتلك هي نافذة الشهوة التي تأتي منها الريح ، فتكشف المخبوء وتفضح المكتوم، وتدل على ارتفاع المراتب أو انحطاط المنازل ..
والإنسان الحكيم يذكر ذلك، كلما وقف ذلك الموقف الذي وقفه آدم، والذي يتكرر عليه بعدد ما في الدنيا من مفاتن ومغريات، فيجاهد نفسه ليستنهض أشرف ما فيه .. وذلك هو الجهاد الأكبر .. جهاد النفس الذي تفتضح فيه مكانتها ومنزلتها .. ومصيرها وتعرف درجاتها .. وليس أشرف ولا أنبل من ذلك الجهاد !! ..
كتاب " عصر القرود ". ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ مقال ˝عن الشهوة ˝ . رائع وهام جدًا
مع سن البلوغ تهب زوبعة الرغبة وتتفجر الشهوات ، ويطالب الجسد بحظه من الإشباع ، ويشعر الشاب بهذه الرغبات تغالبه وتزاحمه كأنها مشيئة أخرى في داخله ، تحاول أن تفرض ذاتها عليه ، ويشعر بنفسه يدفعها وتدفعه ويكبحها وتكبحه ، ويلجمها مرة وتفلت منه مرات ، وتجذبه وراءها وتجره إلى حضيض اللذات الحسية المباشرة ، والمزاولات البدائية .
وتلك هي المراهقة ، وقد يصاحبها انطواء وسوداوية ورغبة في العزلة أو ثورة ولهو وعربدة . وقد يصاحبها تدین حاد مریض متهوس ، أو كفر وعصيان وتمرد ، ورفض لجميع الأخلاق والأعراف، فنرى الشاب يقول : جسمی ملکی أفعل به ما أشاء، وأستمتع ما أشاء مادمت لا أغتصب أحدًا . ونرى الفتاة تقول : أنا حرة، أهب نفسي لمن أحب وأختار، ولا دخل لأحد بنا مادمنا لا نؤذي أحدًا . وقد تصل هذه الإباحية إلى ذروتها ، وترفع لنفسها رايات فلسفية مثل العبثية والوجودية والفوضوية ، فتعقد صلحًا مزيفًا مع العقل ، بل أكثر من ذلك تجعل العقل خادمًا لها ، يجلب لها المزيد من اللذات ، ويسخر لها المزيد من صنوف المتعة !! .
ويقول الواحد منهم . كل شيء حلال مادمنا لا نخون أنفسنا، ولا نكذب ولا نمثل ولا ندعي . وهو كلام يكشف عن التباس خطير . فقد تصور الواحد منهم أن هذه الشهوة الوافدة . هي حقيقة إرادته ورغبته بالأصالة . وتصورها هدفًا لوجوده وغاية لحياته على الأرض . والحقيقة غير ذلك، فالله حينما يشعل هذا الصراع بين النقيض والتقيض (بين الروح والجسد) في الإنسان إنما يريد بذلك أن يوقظ إرادة النفس المستقلة ، ويزكيها ويميزها کشیء متميز متعال، على إرادة الجسم، والأعضاء التناسلية . يريد بكل إنسان أن يكتشف أنه ليس جسده . وأنه حاكم لهذا الجسد، ولا يصح أن تنقلب الآية فيصبح الجسد حاكمًا عليه . وأنه سيد على هذا الجسد، ولا يصح أن ينقلب السيد خادمًا والحاكم محکومًا ، وإلا اندرج الإنسان في عداد البهائم .
ولا يكتشف الإنسان هذه الحقيقة ، إلا حينها ينحدر إلى سفل هوة الخضوع الشهواني ، وحينئذ يشعر أنه لم يزدد حرية ؛ بل ازداد قيدًا، وأنه لم يصبح حرًا بل أصبح عبدًا . وأنه أصبح سجين جسمه ، وأن أعضاءه أصبحت تخنقه مثل الجاكتة الجبس . وحينئذ يثور الواحد منهم إن كان من أهل الإخلاص ، ويكسر قيوده ويتحرر ، ويبدا في مسيرته الإنسانية السوية ، نحو علاقة ينظم فيها هذه الرغبة في زواج ناجح، أو ينصرف عنها إلى عمل منتج . أما إن كان من أهل الجبلة الحيوانية، فإنه يمضي في الانحدار إلى الحضيض حتى تموت نفسه، وتموت روحه كما تموت نحلة في العسل .
والفرق بين ضبط هذه الرغبة، وعدم ضبطها هو الفرق بين جبلاية القرود وبين المجتمع المتمدن.
وما أكثر المدن الأوروبية التي أصبحت الآن أشبه بجبلايات القرود.
وإشباع هذه الرغبة يؤدى دائمًا إلى حالة من البلادة والخمول، والكسل وموت الروح . تمامًا مثل إشباع المعدة وتخمتها وملئها بالطعام.
إنما يكون الإنسان إنسانًا، حينما يقوم من الطعام قبل أن يمتلئ .
فالإنسان هو إنسان فقط، إذا استطاع أن يقاوم ما يحب ويتحمل ما يكره، وهو إنسان فقط إذا ساد عقله على بهيميته وإذا ساد رشده على حماقته، وتلك أول ملامح الإنسانية في الإنسان.
ويجاوب السادة الصوفية على من يسألهم : كيف يقاوم الإنسان شهوته ؟! . فيقولون بتنظيمها في إطار الزواج، فإذا لم يتيسير الزواج يستعين عليها بالترك . فالشهوة كامنة في الجسم کمون النار في الحجر . إذا داومت على ضرب الحجر بالحجر ظهرت النار وبان شرارها، ولم تستطع أن تحكمها، فعليك بالترك . لا تضرب حجر الأنوثة بحجر الذكورة . تجنب الخلوة بين الجنسين . وتجنب الإثارة والاستثارة . وتجنب المراودة . ولا تحم حول الحمى، حتى لا تقع فيه . واكبح شهواتك بالصوم والعمل . واستنهض روحك وقوها بالعبادة، وسيساعدك هذا الترك على عودة الشهوة إلى الركود والكمون، كما تكمن النار في الحجر إذا كففته عن الاحتكاك؛ فتهدأ النفس ويتطهر القلب، ويعود إلى البال صفوه.
ونحن نضيف إلى كلام السادة الصوفية وسائل جديدة أتاحها لنا العصر هي: الرياضة البدنية بألوانها، والرحلات وممارسة الهوايات والقراءة . وكلها مصارف يمكن أن تجرى فيها فائض الطاقة، فتصبح فائدة وبركة، بدلًا من أن تتركز تلك الطاقة في الأعضاء التناسلية، وتصبح شهوة مدمرة تمتص صاحبها حتى النخاع وتستهلكه، فيما لا يفيد.
ولن يغني ذلك عن الصراع ولن يغني عن المغالبة والمراهقة.
فلا بديل عن الكفاح، فذلك قدر الإنسان . وذلك أيضًا شرفه وامتيازه على الملائكة.
ولم يخلق الإنسان ليرث الجنة بلا مجهود، وإنما خلق ليأخذ الجنة غلابًا، وبعد إثبات الاستحقاق .
فلابد من المكابدة والمعاناة ((لقد خلقنا الإنسان في كبد)) .
ولا يمكن أن يكابد واحد بدلًا من آخر ، ولا يستطيع أبوك ولا أخوك، ولا صديقك أن يحمل عنك تلك المكابدة فيعانيها بدلًا منك . وإنما يخلق الإنسان ليولد وحده، ويوت وحده ویشيخ وحده، ويمرض وحده ويتألم وحده، ويكابد وحده، ويلقي الله وحده .
ولا نملك أكثر من أن نهون على بعضنا الطريق . ببذل الحكمة والخبرة والقول السديد .
وفي كتاب الموتى يقول الحكيم الفرعوني منذ ثلاثة الاف سنة :
احذر الاقتراب من النساء في أي مكان تدخله، فقد انحرف ألف رجل عن جادة الصواب بسبب ذلك . إنها لحظة قصيرة كالحلم، والندم يتبعها .
وكل الكتب السماوية تقول في وصاياها : لا تزن.
وقد جاء مثل هذا الكلام في صحف إبراهيم أبي الأنبياء من قبل إنه كلام قديم . قديم . منذ آدم . ومنذ قال الله لآدم : لا تأكل من هذه الشجرة.
ويعود الأمر مرة أخرى ، فيتكرر فإذا بكل منا يقف موقف آدم . أيأكل من الشجرة المحرمة أم لا يأكل ؟! . ويتكرر هذا الموقف أمام كل إغراء . طوال حياته . ولا تعفي الحياة أحدًا من الإغراء، ولا تعفي أحدًا من الامتحان ، ولا تعفي أحدًا من ذلك الموقف القديم الذي وقفه آدم ، لأنه في مراد الله وفي خطته، أن يخرج المكتوم في كل قلب، وأن تفتضح النوايا وتظهر الأعمال : ((والله مخرج ما كنتم تكتمونه)) .
وفي مراد الله أن تتميز المراتب ، وتتفاضل الدرجات . وفي سنة الله أن يميز الخبيث من الطيب . ولأن الله لا يريد أن يأتي هذا الأمر تعسفًا منه . ولا يريد أن يفضح أحدًا من عباده بلا بينة . فإنه خلق الدنيا ليفضح كل واحد نفسه بنفسه وبعمله . ((خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاه)) .
ليحاسب كل واحد بعد ذلك نفسه بنفسه يوم القيامة . ((وكفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)) . وليدخل كل واحد في رتبته، ومنزلته في إقرار واقتناع، دون أن يكون له على الله حجة .((ولئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )) .(( ولا يظلم ربك أحدا )) .
ذلك موقف الإنسان الأزلي أمام ضعفه وقوته . وتلك هي نافذة الشهوة التي تأتي منها الريح ، فتكشف المخبوء وتفضح المكتوم، وتدل على ارتفاع المراتب أو انحطاط المنازل .
والإنسان الحكيم يذكر ذلك، كلما وقف ذلك الموقف الذي وقفه آدم، والذي يتكرر عليه بعدد ما في الدنيا من مفاتن ومغريات، فيجاهد نفسه ليستنهض أشرف ما فيه . وذلك هو الجهاد الأكبر . جهاد النفس الذي تفتضح فيه مكانتها ومنزلتها . ومصيرها وتعرف درجاتها . وليس أشرف ولا أنبل من ذلك الجهاد !! .
❞ الحقيقة أن المجهود النفسي المبذول ل\" عدم الصلاة\" يعادل أو يكاد يكون أكبر من المجهود البدني المبذول ل\"أداء الصلاة\" بل إن \"أداء الصلاة\" يدخل في دائرة الأنشطة التي تجلب السعادة بمجرد الإنتهاء منها بينما تبعات \" عدم الصلاة\" تجلب الضيق وتحقير الذات.. ❝ ⏤إسلام جمال
❞ الحقيقة أن المجهود النفسي المبذول ل˝ عدم الصلاة˝ يعادل أو يكاد يكون أكبر من المجهود البدني المبذول ل˝أداء الصلاة˝ بل إن ˝أداء الصلاة˝ يدخل في دائرة الأنشطة التي تجلب السعادة بمجرد الإنتهاء منها بينما تبعات ˝ عدم الصلاة˝ تجلب الضيق وتحقير الذات. ❝
❞ المسألة السادسة عشرة: وهي: هل تنتفع أرواح الموتى بشيء من سعي الأحياء ، أم لا؟
الجــواب: أنها تنتفع من سعي الأحياء بأمرين مجمع عليهما بين أهل السنة.
أحدهما: ما تسبب إليه الميت في حياته.
الثاني: دعاء المسلمين له ، واستغفارهم له ، والصدقة والحج.
أما بقية العبادات البدنية: كالصوم والصلاة وقراءة القرآن والذكر فقد اختلفوا في وصول ثوابها إليه. وقد
اختار ابن القيم رحمه الله وصول ثواب ذلك كله للميت. وقال: "الذي أوصل ثواب الحج والصدقة والعتق
هو بعينه الذي يوصل ثواب الصيام والصلاة والقراءة والاعتكاف ، وهو إسلام المهدى إليه ، وتبرع
المهدي وإحسانه" (ص 334).
ثم قال رحمه الله: ( وبالجملة فأفضل ما يُهدى إلى الميت: العتق ، والصدقة، والاستغفار له، والدعاء
له، والحج عنه) " ص 345 ".. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ المسألة السادسة عشرة: وهي: هل تنتفع أرواح الموتى بشيء من سعي الأحياء ، أم لا؟
الجــواب: أنها تنتفع من سعي الأحياء بأمرين مجمع عليهما بين أهل السنة.
أحدهما: ما تسبب إليه الميت في حياته.
الثاني: دعاء المسلمين له ، واستغفارهم له ، والصدقة والحج.
أما بقية العبادات البدنية: كالصوم والصلاة وقراءة القرآن والذكر فقد اختلفوا في وصول ثوابها إليه. وقد
اختار ابن القيم رحمه الله وصول ثواب ذلك كله للميت. وقال: ˝الذي أوصل ثواب الحج والصدقة والعتق
هو بعينه الذي يوصل ثواب الصيام والصلاة والقراءة والاعتكاف ، وهو إسلام المهدى إليه ، وتبرع
المهدي وإحسانه˝ (ص 334).
ثم قال رحمه الله: ( وبالجملة فأفضل ما يُهدى إلى الميت: العتق ، والصدقة، والاستغفار له، والدعاء
له، والحج عنه) ˝ ص 345 ˝. ❝
❞ يكره الإسلام الأمراض النفسية كراهية شديدة، ويراها أسوأ عقبى وأعم ضررا من الأمراض البدنية، والواقع أن عمى البصر أخف من عمى البصيرة، ودمامة الوجه أهون من دمامة الروح. ❝ ⏤محمد الغزالى السقا
❞ يكره الإسلام الأمراض النفسية كراهية شديدة، ويراها أسوأ عقبى وأعم ضررا من الأمراض البدنية، والواقع أن عمى البصر أخف من عمى البصيرة، ودمامة الوجه أهون من دمامة الروح. ❝
❞ ليت الحاضر تعثر
الحرية حتى الرابعة أو الثالثة من العمرِ لا يهم، فقط أنك ستقع في دائرة القيود الأبدية.
عند الثالثة أو الرابعة من العمر فما فوق؛ لن يكون هناك متسع من الوقت الكافيء لفعل الأشياء كما هي، سيُحسب لك كل شيء وكل خطوة تعبرها.
في الرابعة سابقًا والثالثة ربما في الوقت الراهن؛ سترتاد الدراسة عنوةً، ستصرخ في اليوم الأول لأنك ذهبت لها، سيكون يومك الأطول في ابتعادك من عالم الحرية إلى نفقك المظلم، ستتأقلم تدريجيًا على حياتك المستجدة، ستنزعج وسيُضحك عليك ببعضِ الألعاب التي تُلهيك عن يومك دون التفكير في العودة إلى المنزل، أو بشخص تحبه، ستحب الألعاب والجري خلف الأصدقاء، ستعاكس هذا وتضرب هذا ويضربك ذلك.
ستبقى هكذا حتى السادسة أو الخامسة، ثم ترتاد مبنى أكبر وقيود أوسع وأناس كثيرون جُلهم تعرفهم وبعضهم لا، ستخلق المشاكل أو قد تكون هادئ لا يهم غير أنك شخص فاقد للأهلية والحرية ومقيد بسلاسل الروتين المتعب.
في الواقع بعضهم من يكسر روتينهم ويقع في فخ أكبر وغابة أوسع محفوفة بالسياج، لن يعجبه ذلك التدرج الهرمي ربما، سيفقد الرغبة وينتقل لحبسٍ أكبر ملئ بالفعل ذاته من عمل ورزق للعيش وغيره.
والغير يستمر في تسلق السور الشاهق سيرتاد الثانوية، حيث مجتمع يبدأ بإكمال نموه العقلي والبدني، إكمال الرجولة أو الأنوثة أيهما إن صح تعبيره، تغيرات فسيولوجية وهرمونية، سيفرد عضلاته ويُضخم صوته، يُرق صوتها وتُبرز ينابيعها. قد يرى البعض أنه أصبح حرًا غير أن حريته ستزداد ضيق؛ ستُحرم عليه أشياء وتجب أشياء جمة، سيُقتاد إلى غار أكبر بوجه آخر، ستمر سنين وهو يتنقل بين حجرات ذلك الغار، دون أن يدري شيء.
سيشدُ الزمن على سلاسله التي يُكبله بها، سيتأقلم مجددًا وستتشعب الطرق مرة أخرى ليتسلق سلم ثاني؛ حين قرار حاسم قد يكلفه عمرًا كاملًا من السعادة أو الندم وأيهما أروع هو بقرار عقله الرصين ربما تظن ولكن بالطبع؛ لا.
ستمر الأيام دون أن تمهله وقت ليحزم أمتعته، بطوعه أو لا؛ سيجد نفسه في دوامة عميقة لا يعلم ماهية عمقها، سينحدر إلى القاع أو يرتقي إلى سُلم المجد ولكنه ما زال مكبلًا بالعادات والتقاليد المجتمعية، حيث العيب والحرام، الصح والخطأ، سيلتزم بقوانين الطبيعة والمجتمع، سيضحك إن لزم الأمر وقد يبكي أيضًا أو الاثنان في الوقت ذاته، سيكون إنسان فاقد لقراره ولكن يحق له أن يختار داخل القالب نفسه دون أن يخل بالتوازن والخروج من عمقه.
لن يجد فعلًا أعظم سوى أن يستقر ويتزوج حيث دوامة أخرى وفخ أكبر وقيدٌ دائم لا مفر منه، سيقضي حياته باحث عن الراحة والطلاقة، ولكن في الحقيقة سيهرب من مضيقٍ لأخر ومن مصيدة أصغر لفخ أكبر بإرادته دون أن يقوده أحد، رغم ذلك سيكون سعيد بذلك الإنجاز الباهر، سيبتسم لذاته ثم ينظر خلفه لآثار أقدامه وتعثراته، سيرى البهجة، المسرة، الفخر والصمود، سيصفق لذاته ولتلك القرارات التي اتخذها وإن كانت خطأ مستقبلًا إلا أنها كانت الخيار الأفضل في ماضيه الجميل، سيتحدث عن انجازاته، بيد أنه ما زال فاقد لشيء عميق، شيء بعمقه يحثه على أنه ما زال على عتبات البداية ولم يبدأ بعد، سيثور الذي بداخله وينبهه أن عليه المضي قدمًا ليستمر في أنجازه ثم يتقدم ببطء، إنه الأمل والشغف الذي يدفعه ليفعل دون أن يتوقف مجددًا، ومع مرور الوقت سيذهب إلى الهاوية حيث اللا رجوع للخطوة السابقة، كل ذلك وهو يتقدم من حتفه رويدًا رويدًا، سيتمنى الماضي وليته ما زال في الثانية أو الثالثة ولم يصل الرابعة وتبدأ هذه الدوامة.
ليته بقى صغيرًا يافعًا لا تعداد لتحركاته سوى الإحاطة بألا يصيبه مكروه وفي نصف أو بداية أو نهاية هذه المسيرة قد تُنهَى حياته ويذهب إلى مكان ليس به إلا اثنان لا ثالث لهما.
#السٓٓـڤــير. ❝ ⏤khaled Adam
❞ ليت الحاضر تعثر
الحرية حتى الرابعة أو الثالثة من العمرِ لا يهم، فقط أنك ستقع في دائرة القيود الأبدية.
عند الثالثة أو الرابعة من العمر فما فوق؛ لن يكون هناك متسع من الوقت الكافيء لفعل الأشياء كما هي، سيُحسب لك كل شيء وكل خطوة تعبرها.
في الرابعة سابقًا والثالثة ربما في الوقت الراهن؛ سترتاد الدراسة عنوةً، ستصرخ في اليوم الأول لأنك ذهبت لها، سيكون يومك الأطول في ابتعادك من عالم الحرية إلى نفقك المظلم، ستتأقلم تدريجيًا على حياتك المستجدة، ستنزعج وسيُضحك عليك ببعضِ الألعاب التي تُلهيك عن يومك دون التفكير في العودة إلى المنزل، أو بشخص تحبه، ستحب الألعاب والجري خلف الأصدقاء، ستعاكس هذا وتضرب هذا ويضربك ذلك.
ستبقى هكذا حتى السادسة أو الخامسة، ثم ترتاد مبنى أكبر وقيود أوسع وأناس كثيرون جُلهم تعرفهم وبعضهم لا، ستخلق المشاكل أو قد تكون هادئ لا يهم غير أنك شخص فاقد للأهلية والحرية ومقيد بسلاسل الروتين المتعب.
في الواقع بعضهم من يكسر روتينهم ويقع في فخ أكبر وغابة أوسع محفوفة بالسياج، لن يعجبه ذلك التدرج الهرمي ربما، سيفقد الرغبة وينتقل لحبسٍ أكبر ملئ بالفعل ذاته من عمل ورزق للعيش وغيره.
والغير يستمر في تسلق السور الشاهق سيرتاد الثانوية، حيث مجتمع يبدأ بإكمال نموه العقلي والبدني، إكمال الرجولة أو الأنوثة أيهما إن صح تعبيره، تغيرات فسيولوجية وهرمونية، سيفرد عضلاته ويُضخم صوته، يُرق صوتها وتُبرز ينابيعها. قد يرى البعض أنه أصبح حرًا غير أن حريته ستزداد ضيق؛ ستُحرم عليه أشياء وتجب أشياء جمة، سيُقتاد إلى غار أكبر بوجه آخر، ستمر سنين وهو يتنقل بين حجرات ذلك الغار، دون أن يدري شيء.
سيشدُ الزمن على سلاسله التي يُكبله بها، سيتأقلم مجددًا وستتشعب الطرق مرة أخرى ليتسلق سلم ثاني؛ حين قرار حاسم قد يكلفه عمرًا كاملًا من السعادة أو الندم وأيهما أروع هو بقرار عقله الرصين ربما تظن ولكن بالطبع؛ لا.
ستمر الأيام دون أن تمهله وقت ليحزم أمتعته، بطوعه أو لا؛ سيجد نفسه في دوامة عميقة لا يعلم ماهية عمقها، سينحدر إلى القاع أو يرتقي إلى سُلم المجد ولكنه ما زال مكبلًا بالعادات والتقاليد المجتمعية، حيث العيب والحرام، الصح والخطأ، سيلتزم بقوانين الطبيعة والمجتمع، سيضحك إن لزم الأمر وقد يبكي أيضًا أو الاثنان في الوقت ذاته، سيكون إنسان فاقد لقراره ولكن يحق له أن يختار داخل القالب نفسه دون أن يخل بالتوازن والخروج من عمقه.
لن يجد فعلًا أعظم سوى أن يستقر ويتزوج حيث دوامة أخرى وفخ أكبر وقيدٌ دائم لا مفر منه، سيقضي حياته باحث عن الراحة والطلاقة، ولكن في الحقيقة سيهرب من مضيقٍ لأخر ومن مصيدة أصغر لفخ أكبر بإرادته دون أن يقوده أحد، رغم ذلك سيكون سعيد بذلك الإنجاز الباهر، سيبتسم لذاته ثم ينظر خلفه لآثار أقدامه وتعثراته، سيرى البهجة، المسرة، الفخر والصمود، سيصفق لذاته ولتلك القرارات التي اتخذها وإن كانت خطأ مستقبلًا إلا أنها كانت الخيار الأفضل في ماضيه الجميل، سيتحدث عن انجازاته، بيد أنه ما زال فاقد لشيء عميق، شيء بعمقه يحثه على أنه ما زال على عتبات البداية ولم يبدأ بعد، سيثور الذي بداخله وينبهه أن عليه المضي قدمًا ليستمر في أنجازه ثم يتقدم ببطء، إنه الأمل والشغف الذي يدفعه ليفعل دون أن يتوقف مجددًا، ومع مرور الوقت سيذهب إلى الهاوية حيث اللا رجوع للخطوة السابقة، كل ذلك وهو يتقدم من حتفه رويدًا رويدًا، سيتمنى الماضي وليته ما زال في الثانية أو الثالثة ولم يصل الرابعة وتبدأ هذه الدوامة.
ليته بقى صغيرًا يافعًا لا تعداد لتحركاته سوى الإحاطة بألا يصيبه مكروه وفي نصف أو بداية أو نهاية هذه المسيرة قد تُنهَى حياته ويذهب إلى مكان ليس به إلا اثنان لا ثالث لهما.