❞ السينما كما عرفتها، تاريخ وطن وتجلّيات لروح ذلك الوطن، ومن ثمّ فكرت أن أكتب رغم أني في السنوات الأخيرة لم أعد من روّادها إلا نادرًا، بحكم السنّ والقدرة على الحركة في بلدٍ أقصى آمالك فيها أن تعود سالمًا إلى البيت، أو تذهب إلى موعدٍ ما دون تأخير. ❝ ⏤إبراهيم عبد المجيد
❞ السينما كما عرفتها، تاريخ وطن وتجلّيات لروح ذلك الوطن، ومن ثمّ فكرت أن أكتب رغم أني في السنوات الأخيرة لم أعد من روّادها إلا نادرًا، بحكم السنّ والقدرة على الحركة في بلدٍ أقصى آمالك فيها أن تعود سالمًا إلى البيت، أو تذهب إلى موعدٍ ما دون تأخير. ❝
❞ الحيــاة بـدون كبــت ...
أنا كما يراني الناس من الخارج فتاة عادية في التاسعة عشر ..
مرحة منطلقة .. الكثيرون يحسدونني على انطلاقي .. فأنا أبداً دائماً ضاحكة عابثة .. و لكن قلبي من الداخل يدمي .. و لا أحد يعلم ما أعانيه ..
أحببت منذ ثلاث سنوات .. و كان حباً أكبر من عمري .. و كان هو في الثلاثين .. أكبر مني بأربعة عشر عاماً .. و علمني كل شيء .. كنت كتاباً مقفولاً و موضوعاً على الرف و جاء هو و فتحه و قرأ كل سطر فيه .. و كل كلمة فيه .. و كنت سعيدة
السنة الماضية في مثل هذا الوقت كنت أسعد مخلوقة في الوجود .. فأنا جميلة ، خفيفة الظل ، محبوبة من الجميع ، و من عائلة غنية .. أستطيع الحصول على جميع طلباتي .. و أهم من هذا كله .. كان هو بجانبي .. حبيبي .
كنا شبه مخطوبين أمام الناس و شبه متزوجين أمام أنفسنا و أمام الله .. عرفت معه كل متع الحب .. و كل مسراته .. و قد حرصنا معاً على ألا يتجاوز عبثنا الحدود .. فظللت عذراء .. و لكنه في آخر لحظة تركني و هجرني إلى غير رجعة ..
قال إنه لا يستطيع أن يعصي أمر والدته .. و قد اختارت له والدته ابنة أختها اليتيمة .. و خطَبَتها له .. و هو لا يستطيع أن يرفض لها طلباً فهو وحيدها .
و تعذبْت .. و مَرِضْت .. ثلاثة شهور ..
ثم بدأت أضمد جراحي و أقاوم عذابي .. و أرسم الضحكة على شفتي .. و أغتصب الإبتسامة .. و بدأت أعود إلى الحياة .
و عرفت أحد زملائي في الكلية .. و صاحبته ..
و لم يكن حباً هذه المرة .. فأنا أعلم أني لا أحبه .. و أنه لا يحبني .
و لكني كنت أبحث عن سلوى .
و نحن نذهب إلى السينما حيث نقضي الساعات .. لا نرى الفيلم .. و لا نرى ما حولنا .. و إنما نظل نتبادل القبلات و العناق حتى يضيء النور ..
و في حمى الشباب تأخذنا نشوة المراهقة التي نمر بها نحن الإثنان فيشعر كلانا بأننا نقضي ساعات لذيذة .
و لكن بعد ذلك .. و بعد أن تمضي هذه الساعات .. يبدأ عذاب الضمير .. و أراني أصرخ في نفسي .. إني ساقطة .. مجرمة بدون أخلاق .. مذنبة مصيرها جهنم .
و لكني أعود فأسأل نفسي .. و ما ذنبنا إذا كانت هذه غرائزنا التي ركبت فينا .. و رغباتنا التي خلقت معنا .
إني لو لم أفعل هذه الأشياء .. فسوف أظل مشغولة الذهن طول الوقت أفكر و أتمنى أن أعملها .. و هذا ألعن ..
ما ذنبنا إذا كانت هذه طبيعتنا ..
و أبكي .. و أصلي .. و أصوم .. ثم أعود إلى فعل هذه الأشياء .. و أنا أسأل نفسي في حيرة .. ما الفرق بين ما يفعله المتزوجون و غير المتزوجين .. إنها ورقة .. مجرد ورقة ..
و لماذا يَعتبِر الناس تلامس اليدين في المصافحة عملاً عادياً لا غُبارعليه .. و تلامس الشفاه في القبلة عملاً فاضحاً شائناً .. أليست كلها أجزاء جسم واحد ..
و ما معنى الفضيلة هنا ؟! ..
و كيف يكون تحريم أشياء هي في صميم طبيعتنا فضيلة .. ؟!
لماذا لا نعيش على الطبيعة بدون تعقيد .. و بدون كبت .. و بدون تحريم ؟! .
***************
رد الدكتور على القارئة صاحبة الرسالة :
قصدك لماذا لا نعيش كالحيوانات فننطلق مع غرائزنا بلا ضابط .. و بلا نظام .. و بلا هدف سوى هاتف اللحظة .. و لذة الساعة ..
مستحيل طبعاً فهذا معناه أن نتخلى عن إنسانيتنا تماماً .. و نعود إلى عصر الغابة .
فالآدمية لا تبدأ إلا من هذه اللحظة .. من اللحظة التي يحكم فيها الإنسان رغبته ، و يكبح غضبه ، و يلجم شهواته ، و يتصرف بمقتضى أهداف سامية .. كالرحمة ، و الإخاء ، و الشجاعة ، و التضحية ، و البذل في سبيل الآخرين ، و العمل على إقامة نظام ، و الإنقطاع للعلم و التحصيل ، و المعرفة و خدمة الناس ..
أما إذا انقلب الوضع و أصبحت لذَّات الجسد العابرة ، و نزوات الغريزة مفضلة على هذه الأغراض السامية فإن الإنسان يفقد إنسانيته و ينقلب حيواناً .. و النظام الإجتماعي ينهار كله من أساسه ..
و الزواج ليس مجرد ورقة كما تقولين .. الزواج تنظيم اجتماعي للغرائز حتى يكون لكل إبن يولد أب مسئول عنه .. و حتى لا تتحول العلاقات الجنسية إلى فوضى بلا رابط .. و تختلط الأحساب و الأنساب .. و لا يعرف الإبن أباه ..
و الواقع أن الإنسان حينما يضبط رغبته و يكبح شهوته .. فإنه لا يمكن أن يُقال إنه يكبت طبيعته .. فإنه في الحقيقة يخرِس صوت الغريزة .. و لكنه في نفس الوقت يُطلِق صوت العقل .. و هو يشد اللجام على الحيوان الهائج في نفسه ، و لكنه يطلق العنان للوجدان و العاطفة و الفكر .
و لا يمكن أن يُقال في أمر طبيعتنا إنها مجرد رغبات حيوانية .
فإن العقل أيضاً من طبيعتنا .. ، و العاطفة و الوجدان و الروح هي صميمنا ..
و هي أكثر أصالة في طبيعتنا من نزوة الجنس و صرخة الحيوان الجائع .
أما حكاية تلامس الشفتين في القبلة و تلامس اليدين في المصافحة .. فهي مغالطة واضحة .. و لن أحاول أن أناقشها .. فأنت تعرفين جيداً الفرق بين ما تفعله القبلة و بين ما تفعله المصافحة .. و مفيش داعي نكذب على بعض .
أما حكايتك مع صاحبك .. فهي حكاية يجب أن تنتهي .. فأنتِ باعترافك لا تحبينه و هو لا يحبك .. فالعلاقة إذن علاقة حيوانية لإشباع نزوات عارضة .. و هي علاقة تخلو من عنصر الصدق .. علاقة يُهين كل منكما فيها جسمه .. و يُهين نفسه .. و هي لهذا يجب أن تتوقف .. لا بسبب الدين وحده .. و لا خوفاً من جهنم .. و لكن بدافع من الإنسانية و من احترام كل منكما لجسمه و نفسه أيضاً .
من كتاب / إعترافات عشاق
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ الحيــاة بـدون كبــت ..
أنا كما يراني الناس من الخارج فتاة عادية في التاسعة عشر .
مرحة منطلقة . الكثيرون يحسدونني على انطلاقي . فأنا أبداً دائماً ضاحكة عابثة . و لكن قلبي من الداخل يدمي . و لا أحد يعلم ما أعانيه .
أحببت منذ ثلاث سنوات . و كان حباً أكبر من عمري . و كان هو في الثلاثين . أكبر مني بأربعة عشر عاماً . و علمني كل شيء . كنت كتاباً مقفولاً و موضوعاً على الرف و جاء هو و فتحه و قرأ كل سطر فيه . و كل كلمة فيه . و كنت سعيدة
السنة الماضية في مثل هذا الوقت كنت أسعد مخلوقة في الوجود . فأنا جميلة ، خفيفة الظل ، محبوبة من الجميع ، و من عائلة غنية . أستطيع الحصول على جميع طلباتي . و أهم من هذا كله . كان هو بجانبي . حبيبي .
كنا شبه مخطوبين أمام الناس و شبه متزوجين أمام أنفسنا و أمام الله . عرفت معه كل متع الحب . و كل مسراته . و قد حرصنا معاً على ألا يتجاوز عبثنا الحدود . فظللت عذراء . و لكنه في آخر لحظة تركني و هجرني إلى غير رجعة .
قال إنه لا يستطيع أن يعصي أمر والدته . و قد اختارت له والدته ابنة أختها اليتيمة . و خطَبَتها له . و هو لا يستطيع أن يرفض لها طلباً فهو وحيدها .
و تعذبْت . و مَرِضْت . ثلاثة شهور .
ثم بدأت أضمد جراحي و أقاوم عذابي . و أرسم الضحكة على شفتي . و أغتصب الإبتسامة . و بدأت أعود إلى الحياة .
و عرفت أحد زملائي في الكلية . و صاحبته .
و لم يكن حباً هذه المرة . فأنا أعلم أني لا أحبه . و أنه لا يحبني .
و لكني كنت أبحث عن سلوى .
و نحن نذهب إلى السينما حيث نقضي الساعات . لا نرى الفيلم . و لا نرى ما حولنا . و إنما نظل نتبادل القبلات و العناق حتى يضيء النور .
و في حمى الشباب تأخذنا نشوة المراهقة التي نمر بها نحن الإثنان فيشعر كلانا بأننا نقضي ساعات لذيذة .
و لكن بعد ذلك . و بعد أن تمضي هذه الساعات . يبدأ عذاب الضمير . و أراني أصرخ في نفسي . إني ساقطة . مجرمة بدون أخلاق . مذنبة مصيرها جهنم .
و لكني أعود فأسأل نفسي . و ما ذنبنا إذا كانت هذه غرائزنا التي ركبت فينا . و رغباتنا التي خلقت معنا .
إني لو لم أفعل هذه الأشياء . فسوف أظل مشغولة الذهن طول الوقت أفكر و أتمنى أن أعملها . و هذا ألعن .
ما ذنبنا إذا كانت هذه طبيعتنا .
و أبكي . و أصلي . و أصوم . ثم أعود إلى فعل هذه الأشياء . و أنا أسأل نفسي في حيرة . ما الفرق بين ما يفعله المتزوجون و غير المتزوجين . إنها ورقة . مجرد ورقة .
و لماذا يَعتبِر الناس تلامس اليدين في المصافحة عملاً عادياً لا غُبارعليه . و تلامس الشفاه في القبلة عملاً فاضحاً شائناً . أليست كلها أجزاء جسم واحد .
و ما معنى الفضيلة هنا ؟! .
و كيف يكون تحريم أشياء هي في صميم طبيعتنا فضيلة . ؟!
لماذا لا نعيش على الطبيعة بدون تعقيد . و بدون كبت . و بدون تحريم ؟! .
***************
رد الدكتور على القارئة صاحبة الرسالة :
قصدك لماذا لا نعيش كالحيوانات فننطلق مع غرائزنا بلا ضابط . و بلا نظام . و بلا هدف سوى هاتف اللحظة . و لذة الساعة .
مستحيل طبعاً فهذا معناه أن نتخلى عن إنسانيتنا تماماً . و نعود إلى عصر الغابة .
فالآدمية لا تبدأ إلا من هذه اللحظة . من اللحظة التي يحكم فيها الإنسان رغبته ، و يكبح غضبه ، و يلجم شهواته ، و يتصرف بمقتضى أهداف سامية . كالرحمة ، و الإخاء ، و الشجاعة ، و التضحية ، و البذل في سبيل الآخرين ، و العمل على إقامة نظام ، و الإنقطاع للعلم و التحصيل ، و المعرفة و خدمة الناس .
أما إذا انقلب الوضع و أصبحت لذَّات الجسد العابرة ، و نزوات الغريزة مفضلة على هذه الأغراض السامية فإن الإنسان يفقد إنسانيته و ينقلب حيواناً . و النظام الإجتماعي ينهار كله من أساسه .
و الزواج ليس مجرد ورقة كما تقولين . الزواج تنظيم اجتماعي للغرائز حتى يكون لكل إبن يولد أب مسئول عنه . و حتى لا تتحول العلاقات الجنسية إلى فوضى بلا رابط . و تختلط الأحساب و الأنساب . و لا يعرف الإبن أباه .
و الواقع أن الإنسان حينما يضبط رغبته و يكبح شهوته . فإنه لا يمكن أن يُقال إنه يكبت طبيعته . فإنه في الحقيقة يخرِس صوت الغريزة . و لكنه في نفس الوقت يُطلِق صوت العقل . و هو يشد اللجام على الحيوان الهائج في نفسه ، و لكنه يطلق العنان للوجدان و العاطفة و الفكر .
و لا يمكن أن يُقال في أمر طبيعتنا إنها مجرد رغبات حيوانية .
فإن العقل أيضاً من طبيعتنا . ، و العاطفة و الوجدان و الروح هي صميمنا .
و هي أكثر أصالة في طبيعتنا من نزوة الجنس و صرخة الحيوان الجائع .
أما حكاية تلامس الشفتين في القبلة و تلامس اليدين في المصافحة . فهي مغالطة واضحة . و لن أحاول أن أناقشها . فأنت تعرفين جيداً الفرق بين ما تفعله القبلة و بين ما تفعله المصافحة . و مفيش داعي نكذب على بعض .
أما حكايتك مع صاحبك . فهي حكاية يجب أن تنتهي . فأنتِ باعترافك لا تحبينه و هو لا يحبك . فالعلاقة إذن علاقة حيوانية لإشباع نزوات عارضة . و هي علاقة تخلو من عنصر الصدق . علاقة يُهين كل منكما فيها جسمه . و يُهين نفسه . و هي لهذا يجب أن تتوقف . لا بسبب الدين وحده . و لا خوفاً من جهنم . و لكن بدافع من الإنسانية و من احترام كل منكما لجسمه و نفسه أيضاً .
من كتاب / إعترافات عشاق
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ أما عن الحب فحدث بلا حرج ..
عندما يخطب الشاب الفتاة يكتشف فجأة أنه يحبها بجنون ..
من مكان ما تخرج القصائد الشعرية الرديئة والدباديــــب والأغـــــاني العاطفية , ويقفــــان معًا يشاهدان الغروب ..
أضحك دائما كلما رأيت هـــذا المنظر لأنه فــــي 80% من الحالات لا يبالي أحدهما بالغروب ويجده مملا .. هــــو يفضـــــل نشاطا بيولوجيا أكثـــــر حيويــــة , وهي تفضل أن يتجولا ليريا المحلات ويدفع دم قلبه .. لكنهما مرغمان علي ذلك .. لابد من تقمص حالة الحب كما تظهر في التليفزيون والسينما ..
كلاهما يقنع نفسه أنه يحب الآخر بعنف!. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ أما عن الحب فحدث بلا حرج .
عندما يخطب الشاب الفتاة يكتشف فجأة أنه يحبها بجنون .
من مكان ما تخرج القصائد الشعرية الرديئة والدباديــــب والأغـــــاني العاطفية , ويقفــــان معًا يشاهدان الغروب .
أضحك دائما كلما رأيت هـــذا المنظر لأنه فــــي 80% من الحالات لا يبالي أحدهما بالغروب ويجده مملا . هــــو يفضـــــل نشاطا بيولوجيا أكثـــــر حيويــــة , وهي تفضل أن يتجولا ليريا المحلات ويدفع دم قلبه . لكنهما مرغمان علي ذلك . لابد من تقمص حالة الحب كما تظهر في التليفزيون والسينما .
❞ اللوحة. وستتكفل الألغاز المبثوثة على امتداد الرواية بجعلك مشدوداً كقوس، لكن تأكد أن كل تخميناتك وتوقعاتك ستبوء إلى الخيبة، لأن
المنعطفات الدرامية هنا كثيرة، مع كل فصل، ومقطع، وقسم. في «ظل الريح»، سيجد القارئ نفسه متردّدا إزاء حشد من الصفات يمكن خلعها على الكاتب: أهو حيال رسام حقيقي، يستطيع أن يُضاهي المناظر الطبيعية وأن يمنحها عمقاً أكبر من ذاك الذي تتمتع به في الواقع، أم هو قبالة موسيقار ما ينفك عن توليف الأصوات والإيقاعات موسيقار يعرف وحده متى يجعل الإيقاع عاليا محتدا، ومتى يكون متقطعا، ومتى يكون ساكنا مثل بحيرة راكدة. ولعله سيضيف إلى الصفتين صفة الساحر الذي لا يتوقف عن مفاجأة الصبيان وكسر آفاق انتظارهم، وليس استدعاء صورة الساحر والصبيان هنا من قبيل الإسقاط، فلقد بدأ كارلوس زافون وهو من مواليد 1964 حياته الأدبية بالكتابة للناشئة مصدرا في هذا المجال أربع روايات: أمير الضباب» التي نال عنها جائزة Edebe لأدب الناشئين والأطفال سنة 1993، و«قصر منتصف الليل»، و«أضواء سبتمبر»، و«مارينا». ولم يصدر روايته الأولى خارج هذا النوع الأدبي ونعني بذلك: «ظل الريح» إلا سنة 2001. فهل انتقل زافون من سحر الصغار إلى سحر الكبار؟ وهل في نزوعه إلى كتابة سيناريوهات الأفلام إضافة إلى ذلك محاولة لجعل المكتوب مرئيا ومسموعا في السينما، مثلما جعل المرئي والمسموع مكتوبا في هذه الرواية؟ وهل تكمن براعة الرجل في استدراج القارئ إلى الرواية وتوريطه في أحداثها فحسب؟ ألا تطرح «ظل الريح من القضايا ما يجعل الحكي نفسه وسيلة لقول شيء آخر ؟ أي قيمة للكتب في عالم يلفه الصمت والنسيان؟ وأي معنى للحرب؟ ما الذي أفرزته الحداثة غير كائن استهلاكي لا يتوقف عن الأكل وهو لا يعرف أنه المأكول في النهاية؟ وهل في الكتاب حياة أخرى غير التي نعيشها ؟ أليس الأدب ما يبقى بعد زحف النسيان على كل شيء؟ هل قبرت الكتب فعلا، وأخذتها الريح، أم لا خيار لنا غير تعقب ظل الريح تلك هي بعض التساؤلات التي أثارتها الرواية، أما الأجوبة فتطلب من كل واحد منكم أن يتعقب بنفسه «ظل
الريح».
أحمد مجدي همام
القاهرة في 2016/1/23. ❝ ⏤كارلوس زافون
❞ اللوحة. وستتكفل الألغاز المبثوثة على امتداد الرواية بجعلك مشدوداً كقوس، لكن تأكد أن كل تخميناتك وتوقعاتك ستبوء إلى الخيبة، لأن
المنعطفات الدرامية هنا كثيرة، مع كل فصل، ومقطع، وقسم. في «ظل الريح»، سيجد القارئ نفسه متردّدا إزاء حشد من الصفات يمكن خلعها على الكاتب: أهو حيال رسام حقيقي، يستطيع أن يُضاهي المناظر الطبيعية وأن يمنحها عمقاً أكبر من ذاك الذي تتمتع به في الواقع، أم هو قبالة موسيقار ما ينفك عن توليف الأصوات والإيقاعات موسيقار يعرف وحده متى يجعل الإيقاع عاليا محتدا، ومتى يكون متقطعا، ومتى يكون ساكنا مثل بحيرة راكدة. ولعله سيضيف إلى الصفتين صفة الساحر الذي لا يتوقف عن مفاجأة الصبيان وكسر آفاق انتظارهم، وليس استدعاء صورة الساحر والصبيان هنا من قبيل الإسقاط، فلقد بدأ كارلوس زافون وهو من مواليد 1964 حياته الأدبية بالكتابة للناشئة مصدرا في هذا المجال أربع روايات: أمير الضباب» التي نال عنها جائزة Edebe لأدب الناشئين والأطفال سنة 1993، و«قصر منتصف الليل»، و«أضواء سبتمبر»، و«مارينا». ولم يصدر روايته الأولى خارج هذا النوع الأدبي ونعني بذلك: «ظل الريح» إلا سنة 2001. فهل انتقل زافون من سحر الصغار إلى سحر الكبار؟ وهل في نزوعه إلى كتابة سيناريوهات الأفلام إضافة إلى ذلك محاولة لجعل المكتوب مرئيا ومسموعا في السينما، مثلما جعل المرئي والمسموع مكتوبا في هذه الرواية؟ وهل تكمن براعة الرجل في استدراج القارئ إلى الرواية وتوريطه في أحداثها فحسب؟ ألا تطرح «ظل الريح من القضايا ما يجعل الحكي نفسه وسيلة لقول شيء آخر ؟ أي قيمة للكتب في عالم يلفه الصمت والنسيان؟ وأي معنى للحرب؟ ما الذي أفرزته الحداثة غير كائن استهلاكي لا يتوقف عن الأكل وهو لا يعرف أنه المأكول في النهاية؟ وهل في الكتاب حياة أخرى غير التي نعيشها ؟ أليس الأدب ما يبقى بعد زحف النسيان على كل شيء؟ هل قبرت الكتب فعلا، وأخذتها الريح، أم لا خيار لنا غير تعقب ظل الريح تلك هي بعض التساؤلات التي أثارتها الرواية، أما الأجوبة فتطلب من كل واحد منكم أن يتعقب بنفسه «ظل