❞ المقامة في اللغة كالمقام موضع القيام كمكانة ومكان: استعملت في المجلس، ثم في الجماعة الجالسين، ثم سميت الأحدوثة من الكلام مقامة، كأنها تذكر في مجلس واحد تجتمع فيه الجماعة لسماعها. وأما عن نشأة المقامة في الأدب، فقد جاءت ثمرة تيارين في الأدب العربي: تيار أدب الحرمان والتسول الذي انتشر في القرن الرابع للهجرة. وتيار أدب الصنعة الذي بلغ به المترسلون مبلغاً بعيداً من التأنق والتعقيد. وأما هدف المقامة فقد كان تعليمياً، وقد انحصر هذا التعليم في اللغة والبيان أولاً ثم تناول شتى المعارف الشائعة في كل عصر. والمقامة في النثر أشبه شيء بالمنظومات الشعرية التي كانت تنظم قديماً في موضوعات النحو والعروض والبيان والمنطق تسهيلاً للحفظ، وقد أجريت على أسلوب السجع الموسيقي لهذه الغاية نفسها، وهي وإن كانت ذات غاية تعليمية، فقد أصبحت شيئاً فشيئاً ميداناً واسعاً لإظهار البراعة، وبسط المعرفة، والتباهي بالمحصول العلمي ولا سيما اللفظي، وهي وإن غلب على موضوعها تصوير الكدية والمكدين (أي الشحاذة والشحاذين) فقد جمعت موضوعات أخرى كالمديح، والوصف، والنقد والوعظ، والفكاهة، وغيرها.
والقارئ في هذا الكتاب مع مقامات القرني، هو مقيم بجسمه، مسافر بروحه، ينتقل من بلد إلى بلد، ومن روح إلى روح. سفر ماتع، ومتنقل رائع فبينما هو محلق في أجواء اليمن، إذا به هابطاً في دمشق، وبينما هو يتلقى الإشارات من مدرجات القاهرة، إذا به يتجول في متاحف الأندلس، وبينما هو على شاطئ دجلة أو الفرات، إذا به يشرب من زمزم، وبينما هو يعيش في كنف نبي مرسل، إذا به يتنقل إلى شاعر ملهم... كمٌّ هائل من المعرفة وأنهار متدفقة من العلم وجداول رقراقة من الأدب، وحدائق غنّاء من الشعر، ووميض بناء من الطهر أثارت لدى عائض القرني سحابامن الفكر، فساقها المؤلف مقامات. ❝ ⏤عائض القرني
❞ المقامة في اللغة كالمقام موضع القيام كمكانة ومكان: استعملت في المجلس، ثم في الجماعة الجالسين، ثم سميت الأحدوثة من الكلام مقامة، كأنها تذكر في مجلس واحد تجتمع فيه الجماعة لسماعها. وأما عن نشأة المقامة في الأدب، فقد جاءت ثمرة تيارين في الأدب العربي: تيار أدب الحرمان والتسول الذي انتشر في القرن الرابع للهجرة. وتيار أدب الصنعة الذي بلغ به المترسلون مبلغاً بعيداً من التأنق والتعقيد. وأما هدف المقامة فقد كان تعليمياً، وقد انحصر هذا التعليم في اللغة والبيان أولاً ثم تناول شتى المعارف الشائعة في كل عصر. والمقامة في النثر أشبه شيء بالمنظومات الشعرية التي كانت تنظم قديماً في موضوعات النحو والعروض والبيان والمنطق تسهيلاً للحفظ، وقد أجريت على أسلوب السجع الموسيقي لهذه الغاية نفسها، وهي وإن كانت ذات غاية تعليمية، فقد أصبحت شيئاً فشيئاً ميداناً واسعاً لإظهار البراعة، وبسط المعرفة، والتباهي بالمحصول العلمي ولا سيما اللفظي، وهي وإن غلب على موضوعها تصوير الكدية والمكدين (أي الشحاذة والشحاذين) فقد جمعت موضوعات أخرى كالمديح، والوصف، والنقد والوعظ، والفكاهة، وغيرها.
والقارئ في هذا الكتاب مع مقامات القرني، هو مقيم بجسمه، مسافر بروحه، ينتقل من بلد إلى بلد، ومن روح إلى روح. سفر ماتع، ومتنقل رائع فبينما هو محلق في أجواء اليمن، إذا به هابطاً في دمشق، وبينما هو يتلقى الإشارات من مدرجات القاهرة، إذا به يتجول في متاحف الأندلس، وبينما هو على شاطئ دجلة أو الفرات، إذا به يشرب من زمزم، وبينما هو يعيش في كنف نبي مرسل، إذا به يتنقل إلى شاعر ملهم... كمٌّ هائل من المعرفة وأنهار متدفقة من العلم وجداول رقراقة من الأدب، وحدائق غنّاء من الشعر، ووميض بناء من الطهر أثارت لدى عائض القرني سحابامن الفكر، فساقها المؤلف مقامات . ❝
❞ سوف أكتب عن هيام.. هيام التي تأبى أن تتزوج لسبب يمكنني فهمه..
زجاجة المياه الغازية تظل باردة جذابة إلى أن تُشرب.. بعدها تصير مجرد زجاجة خاوية مهملة يركلها الأطفال ويغطيها الغبار، وتحملها (سعدية) الخادمة إلى (عبده) البقال في إهمال فيتشاجر معها مؤكدًا أنها أخذت خمس زجاجات لا زجاجة واحدة..
من المهين أن تعتبر نفسها زجاجة مياه غازية.. هذا يوحي بالالتهام وبأنها مجرد سلعة، لهذا كانت تختار تشبيهًا أقل صدمة: ديوان شعر لم يُقرأ بعد.. زهرة لم تُقطف بعد..
الزواج يفقد المرأة كل أسرارها وكل غموضها، وهو ذات ما فطن له رجال الساموراي في الماضي عندما اعتبروا أن الزواج يفقد الفارس قدراته. هيام تؤمن بهذا، ويسرها جدًا أن تسمع العروض تنهال عليها.. لو تزوجت فلا عروض.. أما اليوم فسوف يقترب منها زميل العمل هذا أو ذاك مرتبكًا.. يعطي تلميحات خفيضة باهتة.. يتكلم عن الكفاح المشترك والحاجة لأن يمضي المرء حياته مع شخص يفهمه، ثم يتجرأ ويلقي بالعرض:
ـ ˝هل لي أن أقابل بابا؟˝
سوف تنظر له كأنه أكبر غبي رأته في حياتها، وسوف تنظر للسقف بما معناه (يا ربي).. ثم تخبره أن أباها توفي وأن عليه مقابلة خالها وأمها. يسرها جدًا أن ترى الأمل في عينيه.. اللورد البريطاني المتأنق يعطي الثعلب فرصة للفرار وأملاً، ثم يشعل سيجارة وينظر لرفاقه وكلابه ويصيح: واصلوا المطاردة!!
هذا شاب مجيد، ربّاه أهلُه جيدًا وحرص على أن ينال حظًا من العلم والخلق والدين وربما الوسامة... شاب ناجح بكل المقاييس.. وهي سترفضه!! ستهز ثقته بنفسه، وبالتأكيد لن يشعر بالراحة أبدًا بعد اليوم وهو يرمق صورته في المرآة..
ربما أنا أسخف أو أفقر أو أقبح أو أغبى مما ظننت بنفسي؟؟ أمه سوف تقول له: إنه طن من الذهب يمشي على قدمين؛ لكنه لن يصدق.. لابد لأمي أن تقول هذا...
هذه الانفعالات تعطي (هيام) لذة لا يمكن وصفها.. لذة تفوق الزواج والأسرة بكثير..
سوف يأتي الشاب ليلاً مع أبيه وأخيه وأمه، ولسوف يحاول الجميع أن يكونوا في غاية الظرف.. أما هي فلسوف تراقب الفتى تبحث عن خطأ ما، شاعرة بأنها قاض على وشك إصدار حكم الإعدام.. الفتى يهز ركبته كثيرًا.. إنه غير واثق من نفسه إذن.. يحك أنفه أي أنه كذوب.. مجلة (حواء) قالت: إن الدم يحتشد في أنف الكذابين فيشعرون بحكاك قوي.. يا لك من وغد كذوب ضعيف الشخصية إذن..!
في النهاية تخبر خالها في حزن مصطنع أنه: مفيش نصيب. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ سوف أكتب عن هيام.. هيام التي تأبى أن تتزوج لسبب يمكنني فهمه..
زجاجة المياه الغازية تظل باردة جذابة إلى أن تُشرب.. بعدها تصير مجرد زجاجة خاوية مهملة يركلها الأطفال ويغطيها الغبار، وتحملها (سعدية) الخادمة إلى (عبده) البقال في إهمال فيتشاجر معها مؤكدًا أنها أخذت خمس زجاجات لا زجاجة واحدة..
من المهين أن تعتبر نفسها زجاجة مياه غازية.. هذا يوحي بالالتهام وبأنها مجرد سلعة، لهذا كانت تختار تشبيهًا أقل صدمة: ديوان شعر لم يُقرأ بعد.. زهرة لم تُقطف بعد..
الزواج يفقد المرأة كل أسرارها وكل غموضها، وهو ذات ما فطن له رجال الساموراي في الماضي عندما اعتبروا أن الزواج يفقد الفارس قدراته. هيام تؤمن بهذا، ويسرها جدًا أن تسمع العروض تنهال عليها.. لو تزوجت فلا عروض.. أما اليوم فسوف يقترب منها زميل العمل هذا أو ذاك مرتبكًا.. يعطي تلميحات خفيضة باهتة.. يتكلم عن الكفاح المشترك والحاجة لأن يمضي المرء حياته مع شخص يفهمه، ثم يتجرأ ويلقي بالعرض:
ـ ˝هل لي أن أقابل بابا؟˝
سوف تنظر له كأنه أكبر غبي رأته في حياتها، وسوف تنظر للسقف بما معناه (يا ربي).. ثم تخبره أن أباها توفي وأن عليه مقابلة خالها وأمها. يسرها جدًا أن ترى الأمل في عينيه.. اللورد البريطاني المتأنق يعطي الثعلب فرصة للفرار وأملاً، ثم يشعل سيجارة وينظر لرفاقه وكلابه ويصيح: واصلوا المطاردة!!
هذا شاب مجيد، ربّاه أهلُه جيدًا وحرص على أن ينال حظًا من العلم والخلق والدين وربما الوسامة... شاب ناجح بكل المقاييس.. وهي سترفضه!! ستهز ثقته بنفسه، وبالتأكيد لن يشعر بالراحة أبدًا بعد اليوم وهو يرمق صورته في المرآة..
ربما أنا أسخف أو أفقر أو أقبح أو أغبى مما ظننت بنفسي؟؟ أمه سوف تقول له: إنه طن من الذهب يمشي على قدمين؛ لكنه لن يصدق.. لابد لأمي أن تقول هذا...
هذه الانفعالات تعطي (هيام) لذة لا يمكن وصفها.. لذة تفوق الزواج والأسرة بكثير..
سوف يأتي الشاب ليلاً مع أبيه وأخيه وأمه، ولسوف يحاول الجميع أن يكونوا في غاية الظرف.. أما هي فلسوف تراقب الفتى تبحث عن خطأ ما، شاعرة بأنها قاض على وشك إصدار حكم الإعدام.. الفتى يهز ركبته كثيرًا.. إنه غير واثق من نفسه إذن.. يحك أنفه أي أنه كذوب.. مجلة (حواء) قالت: إن الدم يحتشد في أنف الكذابين فيشعرون بحكاك قوي.. يا لك من وغد كذوب ضعيف الشخصية إذن..!
في النهاية تخبر خالها في حزن مصطنع أنه: مفيش نصيب . ❝
❞ إن الجنوح الى السلم دين: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) ،
فلا عجب إذا رأينا الرسول صلّى الله عليه وسلم يقبل بل يشجّع كل العروض السلمية التي تقدّم بها أعداؤه في كل مكان وزمان.
إن السلم في الإسلام هي القاعدة الثابتة، والحرب هي الاستثناء.
ولكنّ الإسلام يدعو للسلام لا للاستسلام: يسالم من يسالمه ويعادي من يعاديه، ولكنه لا يعتدي على أحد ولا يظلم أحدا، ولا يرتضي للمسلمين الظلم والعدوان. ❝ ⏤محمود شيت خطاب
❞ إن الجنوح الى السلم دين: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) ،
فلا عجب إذا رأينا الرسول صلّى الله عليه وسلم يقبل بل يشجّع كل العروض السلمية التي تقدّم بها أعداؤه في كل مكان وزمان.
إن السلم في الإسلام هي القاعدة الثابتة، والحرب هي الاستثناء.
ولكنّ الإسلام يدعو للسلام لا للاستسلام: يسالم من يسالمه ويعادي من يعاديه، ولكنه لا يعتدي على أحد ولا يظلم أحدا، ولا يرتضي للمسلمين الظلم والعدوان . ❝