❞ تعالوا نتعلم مِن القاتل !
.
جاء في الحديث أن رجلاً قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم قرر أن يتوب، فذهب إلى عابدٍ وقال له :
لقد قتلتُ تسعاً وتسعين نفساً فهل لي من توبة ؟
فقال له : لا
فقتله وتمم به المئة !
الدرس الأول :
لا تقف بين الناس وبين الله !
الدرس الثاني :
إذا لم تعرف حكم مسألة شرعية فأمسك عليكَ لسانك
ليس في الأمر عيب أن تقول : لا أعلم
فقد جاء رجل من العراق إلى الامام مالك يستفتيه في مسائل كثيره
فأفتاه في بعضها وسكت عن بعضها
فقال له الرجل : ماذا أقول لأهل العراق يا إمام ؟
فقال له : قل لهم إن مالك لا يعلم !
.
.
ثم إن الرجل بعد أن قتل العابد وتمم به المئة أصابه الندم فقصد عالماً وقصّ عليه قصته ثم سأله : هل لي من توبة ؟
فقال له العالم : أجل
الدرس الثالث :
إذا أشكل عليكَ شيء في دينك فاقرع باب العلماء ولا تقرع باب العُبّاد
فعبادة العابد لنفسه وجهله للناس
والعالم إن قصّر في عباداته فتقصيره على نفسه أما علمه فللناس !
كثرة الخطى إلى المساجد تجعل من المرء عابداً ولا تجعل منه عالماً
فإذا استقللت عبادتك فاشحذ همتك باقبال العُبّاد على الله
أما إذا أردت فتوى فعليكَ بالعلماء
ولو عثرتَ على عالم عابد فقد عثرتَ على كنزٍ ثمن فخذ منه ما استطعت
.
.
ثم إن العالم قال له : وإنك بأرض سوء فاذهب إلى البلد الفلانية ففيها من الصالحين من يعينك على أمر دينك
الدرس الرابع :
الرفقة الصالحة تأخذك إلى الله
ورفقة السوء تبعدكَ عنه
فإذا أردتَ الله إلزمْ أهله
فإن المرء على دين خليله
.
.
ثم إن الرجل حمل زاده وارتحل يريد بلد الصالحين
الدرس الخامس :
حُفت الجنة بالمكاره وحُفت النار بالشهوات
وإن في العبادات مشقة على النفس فإن صبر الإنسان على مشقة الطاعة ما لبثت أن تصير لذة
فقد قال إبراهيم بن أدهم : لو يعلم الملوك ما نحن فيه من لذة قيام الليل لطلبوها منا ولو بالسيوف !
.
وفي طريقه إلى قرية الصالحين أدركه الموت !
الدرس السادس :
الموت يأتي بغتة
كم طفلٍ دفنتَ
كم صبيٍ تعرفه أدركه الموت قبل أن يدركه الحلم
كم صديقٍ لكَ طواه التراب
كم مرةٍ قطف الموت ثماراً ما أينعت
فكن مستعداً فإنك لا تدري متى تُطوى صفحة أيامك ويُغلق كتاب حياتك
.
ونزلت ملائكة العذاب تريد الرجل إلى النار
لأنه لم يتب فعلا
ونزلت ملائكة الرحمة تريده إلى الجنة على ما عزم وقصد
فبعث الله ملكاً يحكم بينهم وقال لهم : قيسوا المسافة التي قطعها فإن كان أقرب إلى قريته فهو من أهل النار
وإن كان أقرب إلى قرية الصالحين فهو من أهل الجنة
فقاسوا المسافة فإذا هو أقرب إلى أهل القرية الصالحة فأخذوه إلى الجنة
وفي رواية أن الله قارب الأرض ليكون إلى الصالحين أقرب !
الدرس السابع :
إنوِ الخير ولو لم تفعله !
الدرس الثامن :
ليس شرطاً أن تصل إلى الله المهم أن تموت في الطريق إليه
الدرس التاسع :
إذا أظهرتَ لله أنكَ تريده فسيسبب الأسباب ليأخذك إليه
الدرس العاشر :
ليس عند الله ذنب بعد الشرك إلا سفك الدماء
فانظر لعظم ذنب الرجل تجد عفو الله أعظم
طبعا هذا ليس مبررا لتأتيَ الذنوب
هذه بشرى من الله أن بابه مفتوح لكَ مهما فعلتَ
رحمة الله أكبر من ذنوبك مهما كبرت
ورحمته سبقت غضبه
وتذكر أن توبتك لن تزيد بملك الله شيئا
واعراضك عنه لن ينقص من ملكه شيئاً
ولكن الله ما خلقنا ليعذبنا
فمن دخل النار دخلها بعدل الله
ومن دخل الجنة دخلها برحمة الله
والأمر إليك
أره أنك أهل لرحمته فلن يحجبها عنك
كتاب حديث الصباح
للكاتب / ادهم شرقاوي
. ❝ ⏤أدهم شرقاوي
❞ تعالوا نتعلم مِن القاتل !
.
جاء في الحديث أن رجلاً قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم قرر أن يتوب، فذهب إلى عابدٍ وقال له :
لقد قتلتُ تسعاً وتسعين نفساً فهل لي من توبة ؟
فقال له : لا
فقتله وتمم به المئة !
الدرس الأول :
لا تقف بين الناس وبين الله !
الدرس الثاني :
إذا لم تعرف حكم مسألة شرعية فأمسك عليكَ لسانك
ليس في الأمر عيب أن تقول : لا أعلم
فقد جاء رجل من العراق إلى الامام مالك يستفتيه في مسائل كثيره
فأفتاه في بعضها وسكت عن بعضها
فقال له الرجل : ماذا أقول لأهل العراق يا إمام ؟
فقال له : قل لهم إن مالك لا يعلم !
.
.
ثم إن الرجل بعد أن قتل العابد وتمم به المئة أصابه الندم فقصد عالماً وقصّ عليه قصته ثم سأله : هل لي من توبة ؟
فقال له العالم : أجل
الدرس الثالث :
إذا أشكل عليكَ شيء في دينك فاقرع باب العلماء ولا تقرع باب العُبّاد
فعبادة العابد لنفسه وجهله للناس
والعالم إن قصّر في عباداته فتقصيره على نفسه أما علمه فللناس !
كثرة الخطى إلى المساجد تجعل من المرء عابداً ولا تجعل منه عالماً
فإذا استقللت عبادتك فاشحذ همتك باقبال العُبّاد على الله
أما إذا أردت فتوى فعليكَ بالعلماء
ولو عثرتَ على عالم عابد فقد عثرتَ على كنزٍ ثمن فخذ منه ما استطعت
.
.
ثم إن العالم قال له : وإنك بأرض سوء فاذهب إلى البلد الفلانية ففيها من الصالحين من يعينك على أمر دينك
الدرس الرابع :
الرفقة الصالحة تأخذك إلى الله
ورفقة السوء تبعدكَ عنه
فإذا أردتَ الله إلزمْ أهله
فإن المرء على دين خليله
.
.
ثم إن الرجل حمل زاده وارتحل يريد بلد الصالحين
الدرس الخامس :
حُفت الجنة بالمكاره وحُفت النار بالشهوات
وإن في العبادات مشقة على النفس فإن صبر الإنسان على مشقة الطاعة ما لبثت أن تصير لذة
فقد قال إبراهيم بن أدهم : لو يعلم الملوك ما نحن فيه من لذة قيام الليل لطلبوها منا ولو بالسيوف !
.
وفي طريقه إلى قرية الصالحين أدركه الموت !
الدرس السادس :
الموت يأتي بغتة
كم طفلٍ دفنتَ
كم صبيٍ تعرفه أدركه الموت قبل أن يدركه الحلم
كم صديقٍ لكَ طواه التراب
كم مرةٍ قطف الموت ثماراً ما أينعت
فكن مستعداً فإنك لا تدري متى تُطوى صفحة أيامك ويُغلق كتاب حياتك
.
ونزلت ملائكة العذاب تريد الرجل إلى النار
لأنه لم يتب فعلا
ونزلت ملائكة الرحمة تريده إلى الجنة على ما عزم وقصد
فبعث الله ملكاً يحكم بينهم وقال لهم : قيسوا المسافة التي قطعها فإن كان أقرب إلى قريته فهو من أهل النار
وإن كان أقرب إلى قرية الصالحين فهو من أهل الجنة
فقاسوا المسافة فإذا هو أقرب إلى أهل القرية الصالحة فأخذوه إلى الجنة
وفي رواية أن الله قارب الأرض ليكون إلى الصالحين أقرب !
الدرس السابع :
إنوِ الخير ولو لم تفعله !
الدرس الثامن :
ليس شرطاً أن تصل إلى الله المهم أن تموت في الطريق إليه
الدرس التاسع :
إذا أظهرتَ لله أنكَ تريده فسيسبب الأسباب ليأخذك إليه
الدرس العاشر :
ليس عند الله ذنب بعد الشرك إلا سفك الدماء
فانظر لعظم ذنب الرجل تجد عفو الله أعظم
طبعا هذا ليس مبررا لتأتيَ الذنوب
هذه بشرى من الله أن بابه مفتوح لكَ مهما فعلتَ
رحمة الله أكبر من ذنوبك مهما كبرت
ورحمته سبقت غضبه
وتذكر أن توبتك لن تزيد بملك الله شيئا
واعراضك عنه لن ينقص من ملكه شيئاً
ولكن الله ما خلقنا ليعذبنا
فمن دخل النار دخلها بعدل الله
ومن دخل الجنة دخلها برحمة الله
والأمر إليك
أره أنك أهل لرحمته فلن يحجبها عنك
❞ الاستغناء هو إلغاء تام لوجود الآخر ، إنما الاستقلال لا ينفي وجود الآخر.
الاستغناء عن حد مهم في حياتك معناه إنك فقدت فيه الأمل ، إنك رميت طوبته ، إنك أطلقت عليه الرصاصة الأخيرة القاتلة ، أما الاستقلال عنه فمعناه إنه مازال موجود في شد وجذب ، في احتمال ، في أمل ، في محاولات دؤوبة رغم كل الصعوبات.
الاستغناء هو حكم بالنفي ، والعزل ، والتخلي ، إنما الاستقلال هو الإبقاء على الآخر حتى لو كانت هناك خصومة (لبعض الوقت)
الاستغناء مافيهوش علاقة.. لكن الاستقلال هو إحدى صور العلاقة.
#لأ بطعم الفلامنكو
#محمد طه. ❝ ⏤محمد طه
❞ الاستغناء هو إلغاء تام لوجود الآخر ، إنما الاستقلال لا ينفي وجود الآخر.
الاستغناء عن حد مهم في حياتك معناه إنك فقدت فيه الأمل ، إنك رميت طوبته ، إنك أطلقت عليه الرصاصة الأخيرة القاتلة ، أما الاستقلال عنه فمعناه إنه مازال موجود في شد وجذب ، في احتمال ، في أمل ، في محاولات دؤوبة رغم كل الصعوبات.
الاستغناء هو حكم بالنفي ، والعزل ، والتخلي ، إنما الاستقلال هو الإبقاء على الآخر حتى لو كانت هناك خصومة (لبعض الوقت)
الاستغناء مافيهوش علاقة.. لكن الاستقلال هو إحدى صور العلاقة.
لأ بطعم الفلامنكو
محمد طه . ❝
❞ كانت سميرة فتاة جادة .. ربما هي جادة أكثر من اللازم، وفي تصرفاتها درجة من العصبية لا بأس بها. كما أنها نشأت بين ثلاثة أولاد، وهذه نشأة لا تختلف عن نشأة طرزان في الغابة، حيث القوة هي سيد الموقف، وعليك أن تنتزع حقك بيدك وتستخدم قبضتك، وإلا جعت بالمعنى الحرفي للكلمة.
لما كبرتْ سميرة صارت فتاة جميلة ذات ملامح رقيقة، لكنها خشنة الطباع فعلاً ..
ولم يكن أحد من زملائها يصدق هذا.. من يتصور أن هذا الوجه الرقيق الحالم لا يملك ذرة شاعرية على الإطلاق، والحقيقة أنها كانت تعتبر الأمر كله سخيفاً..
لكنها رأت أن الفتيات كلهن يتصرفن بطريقة مختلفة. لا بد للفتاة من مطرب مفضل ومن صور بلهاء تضعها على صفحة فيس بوك.. صور تظهر فتيات رقيقات يمشين في أيكة او يتأملن شلالاً. أمضّها الاختلاف فصنعت لنفسها صفحة على فيس بوك.. ووضعت بعض الصور لقطط وأطفال. كان رأيها أن هذه الصور قبيحة جداً، لكنها تحملت. هناك مثل مصري قديم يقول ما معناه: «لو ذهبت لبلد يعبد العجل .. فاقطع البرسيم وارم له». كان عليها أن تقطع الكثير من البرسيم.
بما أنها فتاة عملية، فقد كانت تعرف أنها يجب أن تتزوج.. لن يظل أبوها يطعمها للأبد. وهي لن تتزوج ما لم تفعل مثل الفتيات الأخريات.
أخيراً خُطبت إلى شاب ناجح يعتبر عريساً لا بأس به، وحسبت أن عذابها انتهى.. هنا فوجئت بأن هذه هي البداية. هذا الأبله يختزن كمًا هائلاً من الرومانسية يريد أن يفجره في وجه أي واحدة تقبل. وهكذا راح يمطرها بالأغاني.. وهي تمقت الأغاني ولا تطيق سماع أغنية لأكثر من خمس ثوان. بعد هذا راح يمطر بريدها بالشعر.. وهي لا تطيق الشعر.. تشعر أن الشاعر رجل مصاب بنوع من الخبال يجعله لا يستطيع الكلام مثلنا.. بدلاً من أن يقول:
- «أريد شرب كوب ماء»
يقولها بطريقته:
- «الظمأ القاتل يحرقني .. فهبوني أقداح السقيا»
وكان يرسل إليها القصيدة فتشكره بشدة، ثم تمسحها بعد ربع ثانية وهي تلعن أبا الغباء. ازداد الأمر تعقيدًا عندما زارها ذات مرة وهو يحمل قطة صغيرة..
لم تكن تطيق هذه الحيوانات القذرة، لكنها تظاهرت بالحنان والرقة وراحت تموء بدورها:
- «كم هي لطيفة!.. كم هي حسناء!.. ربي !»
وتمنت لو كان عندها مفتاح delete لتمسح به هذا الشيء من الوجود.. الأشياء تكون أسهل على الكمبيوتر على كل حال.
ثم كان الموقف الأفظع عندما راح يرسل إليها باقة ورد كل يوم.. هذا الفتى مجنون.. كانت تتخلص من الزهور فورًا ثم تعلمت من جارة لها طريقة عمل مربى الورد، فبدأت تجرب.. هكذا صار لديها مورد دائم من مربى الورد..
عندما زارها ذات يوم لم تكن قد تخلصت من الأزهار لحسن الحظ، وهكذا راحت تتشمم الأزهار في حنان وهي ترمق خطيبها منبهرة.. أغمضت عينيها وراحت تحلم. ثم بدأت تهمس:
- «نرجس.. تيوليب.. بنفسج.. الله!»
لقد انتهت حصيلتها من أسماء الأزهار. أما هو فأخبرها في دهشة أن الباقة لا تحوي أي نرجس أو بنفسج أو تيوليب. فقالت له إنها تتكلم عن الأزهار عامة..
أما أسوأ المواقف طراً فهو اضطرارها- كأي أنثى- إلى أن تنبهر عندما ترى أطفالاً وتنسى كل شيء، برغم أنها تعتبر الأمومة نشاطاً بدائياً مزعجاً. هكذا ترى طفلين صغيرين يلهوان أمامهما فتصيح في انبهار:
- «عسل !»
وتجري لتداعبهما.. وتحمل أحدهما إلى صدرها ثم تدرك في هلع أنه مبتل وأن حفاضته غير محكمة. أما الوغد الآخر فيمسح أنفه الرطب في تنورتها. هي تتمنى أن تحمل كل واحد من قفاه لتلقي به من النافذة، لكن خطيبها يراقب الموقف.. يجب أن تكون رقيقة..
الحقيقة أن سميرة كافحت كثيرًا جدًا لتبدو حالمة مرهفة، لكنها في سرها كانت تلعن الرومانسية والفتيات الحمقاوات شديدات البلاهة.. تتمنى لو تخرج لتحرق كل الأزهار والقطط الصغيرة والأطفال..
في النهاية تم الزفاف. ما زلت أنتظر مصيبة أو طلاقاً .. أدعو الله ألا يحدث هذا لكنه أمر حتمي. الأمل الوحيد هو أن يكون زوجها يدعي الرقة بدوره.. هذا سيكون توفيقاً عظيمًا.
#أحمد_خالد_توفيق
فتاة عملية. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ كانت سميرة فتاة جادة .. ربما هي جادة أكثر من اللازم، وفي تصرفاتها درجة من العصبية لا بأس بها. كما أنها نشأت بين ثلاثة أولاد، وهذه نشأة لا تختلف عن نشأة طرزان في الغابة، حيث القوة هي سيد الموقف، وعليك أن تنتزع حقك بيدك وتستخدم قبضتك، وإلا جعت بالمعنى الحرفي للكلمة.
لما كبرتْ سميرة صارت فتاة جميلة ذات ملامح رقيقة، لكنها خشنة الطباع فعلاً ..
ولم يكن أحد من زملائها يصدق هذا.. من يتصور أن هذا الوجه الرقيق الحالم لا يملك ذرة شاعرية على الإطلاق، والحقيقة أنها كانت تعتبر الأمر كله سخيفاً..
لكنها رأت أن الفتيات كلهن يتصرفن بطريقة مختلفة. لا بد للفتاة من مطرب مفضل ومن صور بلهاء تضعها على صفحة فيس بوك.. صور تظهر فتيات رقيقات يمشين في أيكة او يتأملن شلالاً. أمضّها الاختلاف فصنعت لنفسها صفحة على فيس بوك.. ووضعت بعض الصور لقطط وأطفال. كان رأيها أن هذه الصور قبيحة جداً، لكنها تحملت. هناك مثل مصري قديم يقول ما معناه: «لو ذهبت لبلد يعبد العجل .. فاقطع البرسيم وارم له». كان عليها أن تقطع الكثير من البرسيم.
بما أنها فتاة عملية، فقد كانت تعرف أنها يجب أن تتزوج.. لن يظل أبوها يطعمها للأبد. وهي لن تتزوج ما لم تفعل مثل الفتيات الأخريات.
أخيراً خُطبت إلى شاب ناجح يعتبر عريساً لا بأس به، وحسبت أن عذابها انتهى.. هنا فوجئت بأن هذه هي البداية. هذا الأبله يختزن كمًا هائلاً من الرومانسية يريد أن يفجره في وجه أي واحدة تقبل. وهكذا راح يمطرها بالأغاني.. وهي تمقت الأغاني ولا تطيق سماع أغنية لأكثر من خمس ثوان. بعد هذا راح يمطر بريدها بالشعر.. وهي لا تطيق الشعر.. تشعر أن الشاعر رجل مصاب بنوع من الخبال يجعله لا يستطيع الكلام مثلنا.. بدلاً من أن يقول:
«أريد شرب كوب ماء»
يقولها بطريقته:
«الظمأ القاتل يحرقني .. فهبوني أقداح السقيا»
وكان يرسل إليها القصيدة فتشكره بشدة، ثم تمسحها بعد ربع ثانية وهي تلعن أبا الغباء. ازداد الأمر تعقيدًا عندما زارها ذات مرة وهو يحمل قطة صغيرة..
لم تكن تطيق هذه الحيوانات القذرة، لكنها تظاهرت بالحنان والرقة وراحت تموء بدورها:
«كم هي لطيفة!.. كم هي حسناء!.. ربي !»
وتمنت لو كان عندها مفتاح delete لتمسح به هذا الشيء من الوجود.. الأشياء تكون أسهل على الكمبيوتر على كل حال.
ثم كان الموقف الأفظع عندما راح يرسل إليها باقة ورد كل يوم.. هذا الفتى مجنون.. كانت تتخلص من الزهور فورًا ثم تعلمت من جارة لها طريقة عمل مربى الورد، فبدأت تجرب.. هكذا صار لديها مورد دائم من مربى الورد..
عندما زارها ذات يوم لم تكن قد تخلصت من الأزهار لحسن الحظ، وهكذا راحت تتشمم الأزهار في حنان وهي ترمق خطيبها منبهرة.. أغمضت عينيها وراحت تحلم. ثم بدأت تهمس:
«نرجس.. تيوليب.. بنفسج.. الله!»
لقد انتهت حصيلتها من أسماء الأزهار. أما هو فأخبرها في دهشة أن الباقة لا تحوي أي نرجس أو بنفسج أو تيوليب. فقالت له إنها تتكلم عن الأزهار عامة..
أما أسوأ المواقف طراً فهو اضطرارها كأي أنثى إلى أن تنبهر عندما ترى أطفالاً وتنسى كل شيء، برغم أنها تعتبر الأمومة نشاطاً بدائياً مزعجاً. هكذا ترى طفلين صغيرين يلهوان أمامهما فتصيح في انبهار:
«عسل !»
وتجري لتداعبهما.. وتحمل أحدهما إلى صدرها ثم تدرك في هلع أنه مبتل وأن حفاضته غير محكمة. أما الوغد الآخر فيمسح أنفه الرطب في تنورتها. هي تتمنى أن تحمل كل واحد من قفاه لتلقي به من النافذة، لكن خطيبها يراقب الموقف.. يجب أن تكون رقيقة..
الحقيقة أن سميرة كافحت كثيرًا جدًا لتبدو حالمة مرهفة، لكنها في سرها كانت تلعن الرومانسية والفتيات الحمقاوات شديدات البلاهة.. تتمنى لو تخرج لتحرق كل الأزهار والقطط الصغيرة والأطفال..
في النهاية تم الزفاف. ما زلت أنتظر مصيبة أو طلاقاً .. أدعو الله ألا يحدث هذا لكنه أمر حتمي. الأمل الوحيد هو أن يكون زوجها يدعي الرقة بدوره.. هذا سيكون توفيقاً عظيمًا.