❞ أمام شجرةٍ بيضاءَ تأكلُ النيرانُ جذعَها وفروعَها العارية من أوراقها، يقف حشدٌ من الناس سود البشرة كأنَّهم أصنام جامدة، أفواههم مقفلة، تاركين الحديث إلى شرر غضبهم المتطايرِ من عيونهم، يوجهون سيوفَهم صوبَ شابٍ مضرجٍ في دمه، ويتوسد ذراع فتاةٍ تُرثيه بدموعٍ ملأت عينيها.. ظهرت أمامهم هالةٌ ضوئيةٌ، وخرج منها يوسف، نظر إليهم في خوفٍ ألقاه في قلبه ملابسهم السوداء وعيونهم الحمراء، فتساءل في خوفٍ سكن كلماته وجسده:
- مَن هؤلاء؟ وأين أنا؟!
استدار يوسف إلى ذلك الشاب الجريح، أطال النظر به في دهشةٍ وحيرةٍ حينما وجد نفسه ينظر إلى ملامحه بوجه شخص آخر..
بصوت يكاد يكون همساً سأل يوسف نفسه في حيرة:
- مَن هذا الذي يحمل ملامحي؟!
تقدم خطوتين حتى وقف أمام شخصٍ تميَّز عن باقي أفراد الحشدِ ببلورة حمراءَ تُزين رقبته، قام يوسف بنزعها، فتهشم حاملها إلى قطعٍ حمراءَ صغيرة، ثم تبعه باقي الحشد، ووسط كومة القطع تلك رأى لوناً قرمزياً يتسلل من باطنها، أزاحها فوجد بلورة قرمزية، سمع صوتا يتردد بداخله يخبره: تناولها؛ ففيها الخلاص.
تناولها يوسف وعلقها برقبته، فكسا اللون الأخضر كومة القطع الصغيرة،
ثم أضاءت الشجرة بلونٍ أبيضَ قوي أطفأ نيرانها.. سمع صوتاً عالياً آتياً من خلفه يحذره:
- احترس يا يوسف.
استدار يوسف سريعاً،. ❝ ⏤محمود الكومي
❞ أمام شجرةٍ بيضاءَ تأكلُ النيرانُ جذعَها وفروعَها العارية من أوراقها، يقف حشدٌ من الناس سود البشرة كأنَّهم أصنام جامدة، أفواههم مقفلة، تاركين الحديث إلى شرر غضبهم المتطايرِ من عيونهم، يوجهون سيوفَهم صوبَ شابٍ مضرجٍ في دمه، ويتوسد ذراع فتاةٍ تُرثيه بدموعٍ ملأت عينيها. ظهرت أمامهم هالةٌ ضوئيةٌ، وخرج منها يوسف، نظر إليهم في خوفٍ ألقاه في قلبه ملابسهم السوداء وعيونهم الحمراء، فتساءل في خوفٍ سكن كلماته وجسده:
- مَن هؤلاء؟ وأين أنا؟!
استدار يوسف إلى ذلك الشاب الجريح، أطال النظر به في دهشةٍ وحيرةٍ حينما وجد نفسه ينظر إلى ملامحه بوجه شخص آخر.
بصوت يكاد يكون همساً سأل يوسف نفسه في حيرة:
- مَن هذا الذي يحمل ملامحي؟!
تقدم خطوتين حتى وقف أمام شخصٍ تميَّز عن باقي أفراد الحشدِ ببلورة حمراءَ تُزين رقبته، قام يوسف بنزعها، فتهشم حاملها إلى قطعٍ حمراءَ صغيرة، ثم تبعه باقي الحشد، ووسط كومة القطع تلك رأى لوناً قرمزياً يتسلل من باطنها، أزاحها فوجد بلورة قرمزية، سمع صوتا يتردد بداخله يخبره: تناولها؛ ففيها الخلاص.
تناولها يوسف وعلقها برقبته، فكسا اللون الأخضر كومة القطع الصغيرة،
ثم أضاءت الشجرة بلونٍ أبيضَ قوي أطفأ نيرانها. سمع صوتاً عالياً آتياً من خلفه يحذره:
❞ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)
قوله تعالى : فلما سمعت بمكرهن أي بغيبتهن إياها ، واحتيالهن في ذمها . وقيل : إنها أطلعتهن واستأمنتهن فأفشين سرها ، فسمي ذلك مكرا .
قوله : أرسلت إليهن في الكلام حذف ; أي أرسلت إليهن تدعوهن إلى وليمة لتوقعهن فيما وقعت فيه ; فقال مجاهد عن ابن عباس : إن امرأة العزيز قالت لزوجها إني أريد أن أتخذ طعاما فأدعو هؤلاء النسوة ; فقال لها : افعلي ; فاتخذت طعاما ، ثم نجدت لهن البيوت ; نجدت أي زينت ; والنجد ما ينجد به البيت من المتاع أي يزين ، والجمع نجود عن أبي عبيد ; والتنجيد التزيين ; وأرسلت إليهن أن يحضرن طعامها ، ولا تتخلف منكن امرأة ممن سميت . قال وهب بن منبه : إنهن كن أربعين امرأة فجئن على كره منهن ، وقد قال فيهن أمية بن أبي الصلت :
حتى إذا جئنها قسرا ومهدت لهن أنضادا وكبابا
ويروى : أنماطا . قال وهب بن منبه : فجئن وأخذن مجالسهن .
وأعتدت لهن متكأ أي هيأت لهن مجالس يتكئن عليها . قال ابن جبير : في كل مجلس جام فيه عسل وأترج وسكين حاد . وقرأ مجاهد وسعيد بن جبير " متكا " مخففا غير مهموز ، والمتك هو الأترج بلغة القبط ، وكذلك فسره مجاهد روى سفيان عن منصور عن مجاهد قال : المتكأ مثقلا هو الطعام ، والمتك مخففا هو الأترج ; وقال الشاعر :
نشرب الإثم بالصواع جهارا وترى المتك بيننا مستعارا
وقد تقول أزد شنوءة : الأترجة المتكة ; قال الجوهري : المتك ما تبقيه الخاتنة . وأصل المتك الزماورد . والمتكاء من النساء التي لم تخفض . قال الفراء : حدثني شيخ من ثقات أهل البصرة أن المتك مخففا الزماورد . وقال بعضهم : إنه الأترج ; حكاه الأخفش . ابن زيد : أترجا وعسلا يؤكل به ; قال الشاعر :
فظللنا بنعمة واتكأنا وشربنا الحلال من قلله
أي أكلنا .
النحاس : قوله تعالى : " وأعتدت " من العتاد ; وهو كل ما جعلته عدة لشيء . " متكأ " أصح ما قيل فيه ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : مجلسا ، وأما قول جماعة من أهل التفسير إنه الطعام فيجوز على تقدير : طعام متكأ ، مثل : واسأل القرية ; ودل على هذا الحذف وآتت كل واحدة منهن سكينا لأن حضور النساء معهن سكاكين إنما هو لطعام يقطع بالسكاكين ; كذا قال في كتاب " إعراب القرآن " له . وقال في كتاب " معاني القرآن " له :
وروى معمر عن قتادة قال : المتكأ الطعام . وقيل : المتكأ كل ما اتكئ عليه عند طعام أو شراب أو حديث ; وهذا هو المعروف عند أهل اللغة ، إلا أن الروايات قد صحت بذلك . وحكى القتبي أنه يقال : اتكأنا عند فلان أي أكلنا ، والأصل في متكأ موتكأ ، ومثله متزن ومتعد ; لأنه من وزنت ، ووعدت ووكأت ، ويقال : اتكأ يتكئ اتكاء .
وآتت كل واحدة منهن سكينا مفعولان ; وحكى الكسائي والفراء أن السكين يذكر ويؤنث ، وأنشد الفراء :
فعيث في السنام غداة قر بسكين موثقة النصاب
الجوهري : والغالب عليه التذكير ، وقال : يرى ناصحا فيما بدا فإذا خلا فذلك سكين على الحلق حاذق
الأصمعي : لا يعرف في السكين إلا التذكير .
قوله تعالى : وقالت اخرج عليهن بضم التاء لالتقاء الساكنين ; لأن الكسرة تثقل إذا كان بعدها ضمة ، وكسرت التاء على الأصل . قيل : إنها قالت لهن : لا تقطعن ولا تأكلن حتى أعلمكن ، ثم قالت لخادمها : إذا قلت لك ادع إيلا فادع يوسف ; وإيل : صنم كانوا يعبدونه ، وكان يوسف - عليه السلام - يعمل في الطين ، وقد شد مئزره ، وحسر عن ذراعيه ; فقالت للخادم : ادع لي إيلا ; أي ادع لي الرب ; وإيل بالعبرانية الرب ; قال : فتعجب النسوة وقلن : كيف يجيء ؟ ! فصعدت الخادم فدعت يوسف ، فلما انحدر قالت لهن : اقطعن ما معكن .
فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن بالمدى حتى بلغت السكاكين إلى العظم ; قاله وهب بن منبه . سعيد بن جبير : لم يخرج عليهن حتى زينته ، فخرج عليهن فجأة فدهشن فيه ، وتحيرن لحسن وجهه وزينته وما عليه ، فجعلن يقطعن أيديهن ، ويحسبن أنهن يقطعن الأترج ; واختلف في معنى أكبرنه فروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس : أعظمنه وهبنه ; وعنه أيضا أمنين وأمذين من الدهش ; وقال الشاعر :
إذا ما رأين الفحل من فوق قارة صهلن وأكبرن المني المدفقا
وقال ابن سمعان عن عدة من أصحابه : إنهم قالوا أمذين عشقا ; وهب بن منبه : عشقنه حتى مات منهن عشر في ذلك المجلس دهشا وحيرة ووجدا بيوسف . وقيل : معناه حضن من الدهش ; قاله قتادة ومقاتل والسدي ; قال الشاعر :
نأتي النساء على أطهارهن ولا نأتي النساء إذا أكبرن إكبارا
وأنكر ذلك أبو عبيدة وغيره وقالوا : ليس ذلك في كلام العرب ، ولكنه يجوز أن يكن حضن من شدة إعظامهن له ، وقد تفزع المرأة فتسقط ولدها أو تحيض . قال الزجاج يقال أكبرنه ، ولا يقال حضنه ، فليس الإكبار بمعنى الحيض ; وأجاب الأزهري فقال : يجوز أكبرت بمعنى حاضت ; لأن المرأة إذا حاضت في الابتداء خرجت من حيز الصغر إلى الكبر ; قال : والهاء في أكبرنه يجوز أن تكون هاء الوقف لا هاء الكناية ، وهذا مزيف ، لأن هاء الوقف تسقط في الوصل ، وأمثل منه قول ابن الأنباري : إن الهاء كناية عن مصدر الفعل ، أي أكبرن إكبارا ، بمعنى حضن حيضا . وعلى قول ابن عباس الأول تعود الهاء إلى يوسف ; أي أعظمن يوسف وأجللنه .
قوله تعالى : وقطعن أيديهن قال مجاهد : قطعنها حتى ألقينها . وقيل : خدشنها . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : حزا بالسكين ، قال النحاس : يريد مجاهد أنه ليس قطعا تبين منه اليد ، إنما هو خدش وحز ، وذلك معروف في اللغة أن يقال إذا خدش الإنسان يد صاحبه قطع يده . وقال عكرمة : " أيديهن " أكمامهن ، وفيه بعد . وقيل : أناملهن ; أي ما وجدن ألما في القطع والجرح ، أي لشغل قلوبهن بيوسف ، والتقطيع يشير إلى الكثرة ، فيمكن أن ترجع الكثرة إلى واحدة جرحت يدها في موضع ، ويمكن أن يرجع إلى عددهن .
قوله تعالى : وقلن حاش لله أي معاذ الله . وروى الأصمعي عن نافع أنه قرأ كما قرأ أبو عمرو بن العلاء . " وقلن حاشا لله " بإثبات الألف وهو الأصل ، ومن حذفها جعل اللام في لله عوضا منها . وفيها أربع لغات ; يقال : حاشاك وحاشا لك وحاش لك وحشا لك . ويقال : حاشا زيد وحاشا زيدا ; قال النحاس : وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول : النصب أولى ; لأنه قد صح أنها فعل لقولهم حاش لزيد ، والحرف لا يحذف منه ; وقد قال ، النابغة :
ولا أحاشي من الأقوام من أحد
وقال بعضهم : حاش حرف ، وأحاشى فعل . ويدل على كون حاشا فعلا وقوع حرف الجر بعدها . وحكى أبو زيد عن أعرابي : اللهم اغفر لي ولمن يسمع ، حاشا الشيطان وأبا الأصبغ ; فنصب بها . وقرأ الحسن " وقلن حاش لله " بإسكان الشين ، وعنه أيضا " حاش الإله " . ابن مسعود وأبي : " حاش الله " بغير لام ، ومنه قول الشاعر :
حاشا أبي ثوبان إن به ضنا عن الملحاة والشتم
قال الزجاج : وأصل الكلمة من الحاشية ، والحشا بمعنى الناحية ، تقول : كنت في حشا فلان أي في ناحيته ; فقولك : حاشا لزيد أي تنحى زيد من هذا وتباعد عنه ، والاستثناء إخراج وتنحية عن جملة المذكورين . وقال أبو علي : هو فاعل من المحاشاة ; أي حاشا يوسف وصار في حاشية وناحية مما قرف به ، أو من أن يكون بشرا ; فحاشا وحاش في الاستثناء حرف جر عند سيبويه ، وعلى ما قال المبرد وأبو علي فعل .
قوله تعالى : ما هذا بشرا قال الخليل وسيبويه : ما بمنزلة ليس ; تقول : ليس زيد قائما ، و " ما هذا بشرا " و " ما هن أمهاتهم " . وقال الكوفيون : لما حذفت الباء نصبت ; وشرح هذا - فيما قاله أحمد بن يحيى - إنك إذا قلت : ما زيد بمنطلق ، فموضع الباء موضع نصب ، وهكذا سائر حروف الخفض ; فلما حذفت الباء نصبت لتدل على محلها ، قال : وهذا قول الفراء ، قال : ولم تعمل " ما " شيئا ; فألزمهم البصريون أن يقولوا : زيد القمر ; لأن المعنى كالقمر ! فرد أحمد بن يحيى بأن قال : الباء أدخل في حروف الخفض من الكاف ; لأن الكاف تكون اسما . قال النحاس : لا يصح إلا قول البصريين ; وهذا القول يتناقض ; لأن الفراء أجاز نصا ما بمنطلق زيد ، وأنشد :
أما والله أن لو كنت حرا وما بالحر أنت ولا العتيق
ومنع نصا النصب ; ولا نعلم بين النحويين اختلافا أنه جائز : ما فيك براغب زيد ، وما إليك بقاصد عمرو ، ثم يحذفون الباء ويرفعون . وحكى البصريون والكوفيون ما زيد منطلق بالرفع ، وحكى البصريون أنها لغة تميم ، وأنشدوا :
أتيما تجعلون إلي ندا وما تيم لذي حسب نديد
الند والنديد والنديدة المثل والنظير . وحكى الكسائي أنها لغة تهامة ونجد . وزعم الفراء أن الرفع أقوى الوجهين ، قال أبو إسحاق : وهذا غلط ; كتاب الله - عز وجل - ولغة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقوى وأولى .
قلت : وفي مصحف حفصة - رضي الله عنها - " ما هذا ببشر " ذكره الغزنوي . قال القشيري أبو نصر : وذكرت النسوة أن صورة يوسف أحسن من صورة البشر ، بل هو في صورة ملك ; وقال الله تعالى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم والجمع بين الآيتين أن قولهن : حاش لله تبرئة ليوسف عما رمته به امرأة العزيز . من المراودة ، أي بعد يوسف عن هذا ; وقولهن : " لله " أي لخوفه ، أي براءة لله من هذا ; أي قد نجا يوسف من ذلك ، فليس هذا من الصورة في شيء ; والمعنى : أنه في التبرئة عن المعاصي كالملائكة ; فعلى هذا لا تناقض . وقيل : المراد تنزيهه عن مشابهة البشر في الصورة ، لفرط جماله . وقوله : " لله " تأكيد لهذا المعنى ; فعلى هذا المعنى قالت النسوة ذلك ظنا منهن أن صورة الملك أحسن ، وما بلغهن قوله تعالى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم فإنه من كتابنا . وقد ظن بعض الضعفة أن هذا القول لو كان ظنا باطلا منهن لوجب على الله أن يرد عليهن ، ويبين كذبهن ، وهذا باطل ; إذ لا وجوب على الله تعالى ، وليس كل ما يخبر به الله سبحانه من كفر الكافرين وكذب الكاذبين يجب عليه أن يقرن به الرد عليه ، وأيضا أهل العرف قد يقولون في القبيح كأنه شيطان ، وفي الحسن كأنه ملك ; أي لم ير مثله ، لأن الناس لا يرون الملائكة ; فهو بناء على ظن في أن صورة الملك أحسن ، أو على الإخبار بطهارة أخلاقه وبعده عن التهم . إن هذا إلا ملك أي ما هذا إلا ملك ; وقال الشاعر :
فلست لإنسي ولكن لملأك تنزل من جو السماء يصوب
وروي عن الحسن : " ما هذا بشرى " بكسر الباء والشين ، أي ما هذا عبدا مشترى ، أي ما ينبغي لمثل هذا أن يباع ، فوضع المصدر موضع اسم المفعول ، كما قال : أحل لكم صيد البحر أي مصيده ، وشبهه كثير . ويجوز أن يكون المعنى : ما هذا بثمن ، أي مثله لا يثمن ولا يقوم ; فيراد بالشراء على هذا الثمن المشترى به : كقولك : ما هذا بألف إذا نفيت قول القائل : هذا بألف . فالباء على هذا متعلقة بمحذوف هو الخبر ، كأنه قال : ما هذا مقدرا بشراء . وقراءة العامة أشبه ; لأن بعده إن هذا إلا ملك كريم مبالغة في تفضيله في جنس الملائكة تعظيما لشأنه ، ولأن مثل " بشرى " يكتب في المصحف بالياء .. ❝ ⏤محمد رشيد رضا
❞ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)
قوله تعالى : فلما سمعت بمكرهن أي بغيبتهن إياها ، واحتيالهن في ذمها . وقيل : إنها أطلعتهن واستأمنتهن فأفشين سرها ، فسمي ذلك مكرا .
قوله : أرسلت إليهن في الكلام حذف ; أي أرسلت إليهن تدعوهن إلى وليمة لتوقعهن فيما وقعت فيه ; فقال مجاهد عن ابن عباس : إن امرأة العزيز قالت لزوجها إني أريد أن أتخذ طعاما فأدعو هؤلاء النسوة ; فقال لها : افعلي ; فاتخذت طعاما ، ثم نجدت لهن البيوت ; نجدت أي زينت ; والنجد ما ينجد به البيت من المتاع أي يزين ، والجمع نجود عن أبي عبيد ; والتنجيد التزيين ; وأرسلت إليهن أن يحضرن طعامها ، ولا تتخلف منكن امرأة ممن سميت . قال وهب بن منبه : إنهن كن أربعين امرأة فجئن على كره منهن ، وقد قال فيهن أمية بن أبي الصلت :
حتى إذا جئنها قسرا ومهدت لهن أنضادا وكبابا
ويروى : أنماطا . قال وهب بن منبه : فجئن وأخذن مجالسهن .
وأعتدت لهن متكأ أي هيأت لهن مجالس يتكئن عليها . قال ابن جبير : في كل مجلس جام فيه عسل وأترج وسكين حاد . وقرأ مجاهد وسعيد بن جبير ˝ متكا ˝ مخففا غير مهموز ، والمتك هو الأترج بلغة القبط ، وكذلك فسره مجاهد روى سفيان عن منصور عن مجاهد قال : المتكأ مثقلا هو الطعام ، والمتك مخففا هو الأترج ; وقال الشاعر :
نشرب الإثم بالصواع جهارا وترى المتك بيننا مستعارا
وقد تقول أزد شنوءة : الأترجة المتكة ; قال الجوهري : المتك ما تبقيه الخاتنة . وأصل المتك الزماورد . والمتكاء من النساء التي لم تخفض . قال الفراء : حدثني شيخ من ثقات أهل البصرة أن المتك مخففا الزماورد . وقال بعضهم : إنه الأترج ; حكاه الأخفش . ابن زيد : أترجا وعسلا يؤكل به ; قال الشاعر :
فظللنا بنعمة واتكأنا وشربنا الحلال من قلله
أي أكلنا .
النحاس : قوله تعالى : ˝ وأعتدت ˝ من العتاد ; وهو كل ما جعلته عدة لشيء . ˝ متكأ ˝ أصح ما قيل فيه ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : مجلسا ، وأما قول جماعة من أهل التفسير إنه الطعام فيجوز على تقدير : طعام متكأ ، مثل : واسأل القرية ; ودل على هذا الحذف وآتت كل واحدة منهن سكينا لأن حضور النساء معهن سكاكين إنما هو لطعام يقطع بالسكاكين ; كذا قال في كتاب ˝ إعراب القرآن ˝ له . وقال في كتاب ˝ معاني القرآن ˝ له :
وروى معمر عن قتادة قال : المتكأ الطعام . وقيل : المتكأ كل ما اتكئ عليه عند طعام أو شراب أو حديث ; وهذا هو المعروف عند أهل اللغة ، إلا أن الروايات قد صحت بذلك . وحكى القتبي أنه يقال : اتكأنا عند فلان أي أكلنا ، والأصل في متكأ موتكأ ، ومثله متزن ومتعد ; لأنه من وزنت ، ووعدت ووكأت ، ويقال : اتكأ يتكئ اتكاء .
وآتت كل واحدة منهن سكينا مفعولان ; وحكى الكسائي والفراء أن السكين يذكر ويؤنث ، وأنشد الفراء :
فعيث في السنام غداة قر بسكين موثقة النصاب
الجوهري : والغالب عليه التذكير ، وقال : يرى ناصحا فيما بدا فإذا خلا فذلك سكين على الحلق حاذق
الأصمعي : لا يعرف في السكين إلا التذكير .
قوله تعالى : وقالت اخرج عليهن بضم التاء لالتقاء الساكنين ; لأن الكسرة تثقل إذا كان بعدها ضمة ، وكسرت التاء على الأصل . قيل : إنها قالت لهن : لا تقطعن ولا تأكلن حتى أعلمكن ، ثم قالت لخادمها : إذا قلت لك ادع إيلا فادع يوسف ; وإيل : صنم كانوا يعبدونه ، وكان يوسف - عليه السلام - يعمل في الطين ، وقد شد مئزره ، وحسر عن ذراعيه ; فقالت للخادم : ادع لي إيلا ; أي ادع لي الرب ; وإيل بالعبرانية الرب ; قال : فتعجب النسوة وقلن : كيف يجيء ؟ ! فصعدت الخادم فدعت يوسف ، فلما انحدر قالت لهن : اقطعن ما معكن .
فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن بالمدى حتى بلغت السكاكين إلى العظم ; قاله وهب بن منبه . سعيد بن جبير : لم يخرج عليهن حتى زينته ، فخرج عليهن فجأة فدهشن فيه ، وتحيرن لحسن وجهه وزينته وما عليه ، فجعلن يقطعن أيديهن ، ويحسبن أنهن يقطعن الأترج ; واختلف في معنى أكبرنه فروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس : أعظمنه وهبنه ; وعنه أيضا أمنين وأمذين من الدهش ; وقال الشاعر :
إذا ما رأين الفحل من فوق قارة صهلن وأكبرن المني المدفقا
وقال ابن سمعان عن عدة من أصحابه : إنهم قالوا أمذين عشقا ; وهب بن منبه : عشقنه حتى مات منهن عشر في ذلك المجلس دهشا وحيرة ووجدا بيوسف . وقيل : معناه حضن من الدهش ; قاله قتادة ومقاتل والسدي ; قال الشاعر :
نأتي النساء على أطهارهن ولا نأتي النساء إذا أكبرن إكبارا
وأنكر ذلك أبو عبيدة وغيره وقالوا : ليس ذلك في كلام العرب ، ولكنه يجوز أن يكن حضن من شدة إعظامهن له ، وقد تفزع المرأة فتسقط ولدها أو تحيض . قال الزجاج يقال أكبرنه ، ولا يقال حضنه ، فليس الإكبار بمعنى الحيض ; وأجاب الأزهري فقال : يجوز أكبرت بمعنى حاضت ; لأن المرأة إذا حاضت في الابتداء خرجت من حيز الصغر إلى الكبر ; قال : والهاء في أكبرنه يجوز أن تكون هاء الوقف لا هاء الكناية ، وهذا مزيف ، لأن هاء الوقف تسقط في الوصل ، وأمثل منه قول ابن الأنباري : إن الهاء كناية عن مصدر الفعل ، أي أكبرن إكبارا ، بمعنى حضن حيضا . وعلى قول ابن عباس الأول تعود الهاء إلى يوسف ; أي أعظمن يوسف وأجللنه .
قوله تعالى : وقطعن أيديهن قال مجاهد : قطعنها حتى ألقينها . وقيل : خدشنها . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : حزا بالسكين ، قال النحاس : يريد مجاهد أنه ليس قطعا تبين منه اليد ، إنما هو خدش وحز ، وذلك معروف في اللغة أن يقال إذا خدش الإنسان يد صاحبه قطع يده . وقال عكرمة : ˝ أيديهن ˝ أكمامهن ، وفيه بعد . وقيل : أناملهن ; أي ما وجدن ألما في القطع والجرح ، أي لشغل قلوبهن بيوسف ، والتقطيع يشير إلى الكثرة ، فيمكن أن ترجع الكثرة إلى واحدة جرحت يدها في موضع ، ويمكن أن يرجع إلى عددهن .
قوله تعالى : وقلن حاش لله أي معاذ الله . وروى الأصمعي عن نافع أنه قرأ كما قرأ أبو عمرو بن العلاء . ˝ وقلن حاشا لله ˝ بإثبات الألف وهو الأصل ، ومن حذفها جعل اللام في لله عوضا منها . وفيها أربع لغات ; يقال : حاشاك وحاشا لك وحاش لك وحشا لك . ويقال : حاشا زيد وحاشا زيدا ; قال النحاس : وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول : النصب أولى ; لأنه قد صح أنها فعل لقولهم حاش لزيد ، والحرف لا يحذف منه ; وقد قال ، النابغة :
ولا أحاشي من الأقوام من أحد
وقال بعضهم : حاش حرف ، وأحاشى فعل . ويدل على كون حاشا فعلا وقوع حرف الجر بعدها . وحكى أبو زيد عن أعرابي : اللهم اغفر لي ولمن يسمع ، حاشا الشيطان وأبا الأصبغ ; فنصب بها . وقرأ الحسن ˝ وقلن حاش لله ˝ بإسكان الشين ، وعنه أيضا ˝ حاش الإله ˝ . ابن مسعود وأبي : ˝ حاش الله ˝ بغير لام ، ومنه قول الشاعر :
حاشا أبي ثوبان إن به ضنا عن الملحاة والشتم
قال الزجاج : وأصل الكلمة من الحاشية ، والحشا بمعنى الناحية ، تقول : كنت في حشا فلان أي في ناحيته ; فقولك : حاشا لزيد أي تنحى زيد من هذا وتباعد عنه ، والاستثناء إخراج وتنحية عن جملة المذكورين . وقال أبو علي : هو فاعل من المحاشاة ; أي حاشا يوسف وصار في حاشية وناحية مما قرف به ، أو من أن يكون بشرا ; فحاشا وحاش في الاستثناء حرف جر عند سيبويه ، وعلى ما قال المبرد وأبو علي فعل .
قوله تعالى : ما هذا بشرا قال الخليل وسيبويه : ما بمنزلة ليس ; تقول : ليس زيد قائما ، و ˝ ما هذا بشرا ˝ و ˝ ما هن أمهاتهم ˝ . وقال الكوفيون : لما حذفت الباء نصبت ; وشرح هذا - فيما قاله أحمد بن يحيى - إنك إذا قلت : ما زيد بمنطلق ، فموضع الباء موضع نصب ، وهكذا سائر حروف الخفض ; فلما حذفت الباء نصبت لتدل على محلها ، قال : وهذا قول الفراء ، قال : ولم تعمل ˝ ما ˝ شيئا ; فألزمهم البصريون أن يقولوا : زيد القمر ; لأن المعنى كالقمر ! فرد أحمد بن يحيى بأن قال : الباء أدخل في حروف الخفض من الكاف ; لأن الكاف تكون اسما . قال النحاس : لا يصح إلا قول البصريين ; وهذا القول يتناقض ; لأن الفراء أجاز نصا ما بمنطلق زيد ، وأنشد :
أما والله أن لو كنت حرا وما بالحر أنت ولا العتيق
ومنع نصا النصب ; ولا نعلم بين النحويين اختلافا أنه جائز : ما فيك براغب زيد ، وما إليك بقاصد عمرو ، ثم يحذفون الباء ويرفعون . وحكى البصريون والكوفيون ما زيد منطلق بالرفع ، وحكى البصريون أنها لغة تميم ، وأنشدوا :
أتيما تجعلون إلي ندا وما تيم لذي حسب نديد
الند والنديد والنديدة المثل والنظير . وحكى الكسائي أنها لغة تهامة ونجد . وزعم الفراء أن الرفع أقوى الوجهين ، قال أبو إسحاق : وهذا غلط ; كتاب الله - عز وجل - ولغة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقوى وأولى .
قلت : وفي مصحف حفصة - رضي الله عنها - ˝ ما هذا ببشر ˝ ذكره الغزنوي . قال القشيري أبو نصر : وذكرت النسوة أن صورة يوسف أحسن من صورة البشر ، بل هو في صورة ملك ; وقال الله تعالى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم والجمع بين الآيتين أن قولهن : حاش لله تبرئة ليوسف عما رمته به امرأة العزيز . من المراودة ، أي بعد يوسف عن هذا ; وقولهن : ˝ لله ˝ أي لخوفه ، أي براءة لله من هذا ; أي قد نجا يوسف من ذلك ، فليس هذا من الصورة في شيء ; والمعنى : أنه في التبرئة عن المعاصي كالملائكة ; فعلى هذا لا تناقض . وقيل : المراد تنزيهه عن مشابهة البشر في الصورة ، لفرط جماله . وقوله : ˝ لله ˝ تأكيد لهذا المعنى ; فعلى هذا المعنى قالت النسوة ذلك ظنا منهن أن صورة الملك أحسن ، وما بلغهن قوله تعالى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم فإنه من كتابنا . وقد ظن بعض الضعفة أن هذا القول لو كان ظنا باطلا منهن لوجب على الله أن يرد عليهن ، ويبين كذبهن ، وهذا باطل ; إذ لا وجوب على الله تعالى ، وليس كل ما يخبر به الله سبحانه من كفر الكافرين وكذب الكاذبين يجب عليه أن يقرن به الرد عليه ، وأيضا أهل العرف قد يقولون في القبيح كأنه شيطان ، وفي الحسن كأنه ملك ; أي لم ير مثله ، لأن الناس لا يرون الملائكة ; فهو بناء على ظن في أن صورة الملك أحسن ، أو على الإخبار بطهارة أخلاقه وبعده عن التهم . إن هذا إلا ملك أي ما هذا إلا ملك ; وقال الشاعر :
فلست لإنسي ولكن لملأك تنزل من جو السماء يصوب
وروي عن الحسن : ˝ ما هذا بشرى ˝ بكسر الباء والشين ، أي ما هذا عبدا مشترى ، أي ما ينبغي لمثل هذا أن يباع ، فوضع المصدر موضع اسم المفعول ، كما قال : أحل لكم صيد البحر أي مصيده ، وشبهه كثير . ويجوز أن يكون المعنى : ما هذا بثمن ، أي مثله لا يثمن ولا يقوم ; فيراد بالشراء على هذا الثمن المشترى به : كقولك : ما هذا بألف إذا نفيت قول القائل : هذا بألف . فالباء على هذا متعلقة بمحذوف هو الخبر ، كأنه قال : ما هذا مقدرا بشراء . وقراءة العامة أشبه ; لأن بعده إن هذا إلا ملك كريم مبالغة في تفضيله في جنس الملائكة تعظيما لشأنه ، ولأن مثل ˝ بشرى ˝ يكتب في المصحف بالياء. ❝
❞ يجب الإستفادة من اللعب كوقت المناسب للإبداع، من خلال شراء اللعب ذات الاستخدام المفتوح مثل المكعبات أو الألعاب التي تحتوي على الكثير من
القطع بحيث يمكن للطفل إنشاء هياكل جديدة منها كل يوم ما يفتح أمامه آفاق جديدة للإبداع بشكل يومي،
كما أنه من الممكن تطوير مهاراته من خلال إستخدام القلم والورقة التي تعد من أقدم وسائل تطوير الإبداع.. ❝ ⏤كريستين دورهام
❞ يجب الإستفادة من اللعب كوقت المناسب للإبداع، من خلال شراء اللعب ذات الاستخدام المفتوح مثل المكعبات أو الألعاب التي تحتوي على الكثير من
القطع بحيث يمكن للطفل إنشاء هياكل جديدة منها كل يوم ما يفتح أمامه آفاق جديدة للإبداع بشكل يومي،
كما أنه من الممكن تطوير مهاراته من خلال إستخدام القلم والورقة التي تعد من أقدم وسائل تطوير الإبداع. ❝
❞ يومًا ما - عندما أجمع المادة العلمية الكافية - سوف أكتب دراسة علمية أكاديمية رصينة عن العلاقة بين حفلات الزفاف حول حمامات السباحة وارتفاع معدلات الطلاق. لا أريد أن أكون غراب بين لكني لا أتوقع انسجام الزوجين متى رأيت أن الزفاف يُعقد حول حمام سباحة في ناد. سوف يكون بحثًا علميًا مهمًا يبلغ عدد صفحاته نحو مائتي صفحة من القطع المتوسط، وسوف تفرد له مجلة لانست العالمية عددًا كاملاً..
لكن حتى تأتي تلك اللحظة سأكتفي بسرد القصة التي جعلتني أتنبه لهذا ..
رانية كانت فاتنة كليتنا. أعتقد أن كل طالب في الكلية قد حلم بأن يعطيها زهرة .. أما الطلاب الأكثر وقاحة وثراء فكانوا يحلمون بأن تعطيهم هي زهرة ..
رانية كانت فاتنة كليتنا وكانت كذلك صديقتي .. السبب كما قالت هو إنني الإنسان المحترم الوحيد الذي لم يسبل عينيه ويعلن أنه يهيم بها. بهذه العبارة وضعت سدادة من الفلين على فمي كأنني زجاجة زيت تموين، ولم يعد واردًا بأي شكل أن أظهر لها ما أخفيه ..
في السنة النهائية تقدم لرانية عريس ثري أمضى معظم حياته في الخارج، وقد قبلت الزواج منه لأنها بالطبع لن تقبل بأي واحد من هؤلاء المتشردين زملائها في الكلية. ودعتني مع مجموعة من الأصدقاء فتيات وفتيان إلى الزفاف...
ذهبنا في الموعد المقرر إلى النادي لنجد مشهدًا من ألف ليلة وليلة.. حمام السباحة يسبح في الأضواء الملونة، على حين تطفو فوق الماء بالونات وورود.. وهناك فتيات صغيرات كالفراشات يتواثبن هنا وهناك بينما الفرقة تعزف لحنًا راقيًا ..
المشكلة الوحيدة هي الهاموش، والهاموش هي تلك الحشرة الدقيقة المزعجة التي تطير حولك وتلدغ أنفك فتعطس، أو تلدغ عينيك فتدمعا، أو تلدغ جلدك فتهرش .. لابد من الكثير من الهاموش مع مياه الحمام والإضاءة الليلية ..
كان العريس كما توقعته.. هو يفوقها سنًا بعشر سنوات على الأقل، ووغد متشكك تعلم أن كل الناس الأوغاد مثله لابد من التعامل معهم بحذر. وعندما رآنا نجلس قرب الكوشة راح ينظر لنا في كراهية .. زملاء زوجته في الكلية الذين يماثلونها عمرًا .. هؤلاء الأوغاد .. ليس منهم واحد بالطبع إلا وقد حلم بأنه تزوجها هو أو ربما حلم بما هو أسوأ ..
راح ينظر لنا في مقت شديد ولسان حاله يقول: انتهت اللعبة يا أنذال .. هذه الحسناء لي أنا وحدي وعليكم أن تعودوا لبيوتكم لتعبثوا في أنوفكم وتناموا مبكرًا .. أخيرًا جاء وقت الانصراف، وهكذا مشينا في صف لنصافح الزوجين مهنئين .. العريس يصافح كل واحد منا بينما رانية تقدمه له.. هذا ماجد وهو صديق مخلص .. تشرفنا يا سيد ماجد .. وهذا عصام وهو صديق نبيل .. تشرفنا يا سيد عصام ..
العريس يحتقن ووجهه يحمر ويحمر .. كل هؤلاء يحبونها ؟..
أخيرًا اقترب دوري فضممت سترتي وتوجهت لأصافحه، هنا اخترقت عيني تلك اللدغة من هاموشة وقحة متحمسة ..
أخرجت المنديل ومسحت عيني، لكنها ظلت تدمع بلا انقطاع وأدركت أنها بالتأكيد حمراء كالطماطم. على هذه الصورة دنوت لأصافح العريس .. عين حمراء ودموع تسيل بلا انقطاع ومنديل في يدي .. دعك من تلك الرعشة العصبية التي أصابت زاوية فمي من الألم ..
ـ""أحمد ... صديق نادر ..""
مددت يدي أصافح الرجل وأنا انشق بأنفي لأمنع المخاط من أن يسيل. رأيته يصافحني قد ازدحمت الشكوك على وجهه حتى لم يبق موضع لقدم. صديق زوجته قبل الزواج يأتي ليهنئها في حفل الزفاف دامع العينين متقرح الجفنين .. ما معنى هذا ؟
لابد أنه تذكر (ورد) زوج ليلى العامرية الذي لم يجد حلاً لحب زوجته لقيس سوى أن يقول للأخير: ""أنت حبيب القلب والزوج أنا.."" ، ولابد أنه توقع أن اصعد إلى المسرح لأغني: ""حبيبها لست وحدك .. حبيبها أنا قبلك .. وربما جئت بعدك .. وربما كنت مثلك !""
هكذا ظل يراقبني في شك مجنون ووجهه أحمر كالطماطم المغتاظة، وظلت عيناه تتبعانني حتى وأنا أبتعد .. على باب النادي نظرت فوجدته ما زال ينظر لي ..
حسن .. أنت تعرف ما حدث بعد شهرين .. لقد طلقت رانية .. لست مغرورًا فأزعم أنني كنت السبب الوحيد لكن لا تنكر أنني كنت ما يمكن تسميته (مسمار في نعش العلاقة الزوجية)..
هل السبب أنه مجنون ؟.. أم السبب هي تلك الهاموشة اللعينة ؟.. أم السبب هو حمام السباحة ؟.. لم أكون رأيًا عامًا بعد ، لكني أعدك بتقديم هذا الرأي ضمن الدراسة الأكاديمية المعقدة التي أنوي كتابتها يومًا ما عن علاقة حمامات السباحة بالطلاق.
. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ يومًا ما - عندما أجمع المادة العلمية الكافية - سوف أكتب دراسة علمية أكاديمية رصينة عن العلاقة بين حفلات الزفاف حول حمامات السباحة وارتفاع معدلات الطلاق. لا أريد أن أكون غراب بين لكني لا أتوقع انسجام الزوجين متى رأيت أن الزفاف يُعقد حول حمام سباحة في ناد. سوف يكون بحثًا علميًا مهمًا يبلغ عدد صفحاته نحو مائتي صفحة من القطع المتوسط، وسوف تفرد له مجلة لانست العالمية عددًا كاملاً.
لكن حتى تأتي تلك اللحظة سأكتفي بسرد القصة التي جعلتني أتنبه لهذا .
رانية كانت فاتنة كليتنا. أعتقد أن كل طالب في الكلية قد حلم بأن يعطيها زهرة . أما الطلاب الأكثر وقاحة وثراء فكانوا يحلمون بأن تعطيهم هي زهرة .
رانية كانت فاتنة كليتنا وكانت كذلك صديقتي . السبب كما قالت هو إنني الإنسان المحترم الوحيد الذي لم يسبل عينيه ويعلن أنه يهيم بها. بهذه العبارة وضعت سدادة من الفلين على فمي كأنني زجاجة زيت تموين، ولم يعد واردًا بأي شكل أن أظهر لها ما أخفيه .
في السنة النهائية تقدم لرانية عريس ثري أمضى معظم حياته في الخارج، وقد قبلت الزواج منه لأنها بالطبع لن تقبل بأي واحد من هؤلاء المتشردين زملائها في الكلية. ودعتني مع مجموعة من الأصدقاء فتيات وفتيان إلى الزفاف..
ذهبنا في الموعد المقرر إلى النادي لنجد مشهدًا من ألف ليلة وليلة. حمام السباحة يسبح في الأضواء الملونة، على حين تطفو فوق الماء بالونات وورود. وهناك فتيات صغيرات كالفراشات يتواثبن هنا وهناك بينما الفرقة تعزف لحنًا راقيًا .
المشكلة الوحيدة هي الهاموش، والهاموش هي تلك الحشرة الدقيقة المزعجة التي تطير حولك وتلدغ أنفك فتعطس، أو تلدغ عينيك فتدمعا، أو تلدغ جلدك فتهرش . لابد من الكثير من الهاموش مع مياه الحمام والإضاءة الليلية .
كان العريس كما توقعته. هو يفوقها سنًا بعشر سنوات على الأقل، ووغد متشكك تعلم أن كل الناس الأوغاد مثله لابد من التعامل معهم بحذر. وعندما رآنا نجلس قرب الكوشة راح ينظر لنا في كراهية . زملاء زوجته في الكلية الذين يماثلونها عمرًا . هؤلاء الأوغاد . ليس منهم واحد بالطبع إلا وقد حلم بأنه تزوجها هو أو ربما حلم بما هو أسوأ .
راح ينظر لنا في مقت شديد ولسان حاله يقول: انتهت اللعبة يا أنذال . هذه الحسناء لي أنا وحدي وعليكم أن تعودوا لبيوتكم لتعبثوا في أنوفكم وتناموا مبكرًا . أخيرًا جاء وقت الانصراف، وهكذا مشينا في صف لنصافح الزوجين مهنئين . العريس يصافح كل واحد منا بينما رانية تقدمه له. هذا ماجد وهو صديق مخلص . تشرفنا يا سيد ماجد . وهذا عصام وهو صديق نبيل . تشرفنا يا سيد عصام .
العريس يحتقن ووجهه يحمر ويحمر . كل هؤلاء يحبونها ؟.
أخيرًا اقترب دوري فضممت سترتي وتوجهت لأصافحه، هنا اخترقت عيني تلك اللدغة من هاموشة وقحة متحمسة .
أخرجت المنديل ومسحت عيني، لكنها ظلت تدمع بلا انقطاع وأدركت أنها بالتأكيد حمراء كالطماطم. على هذه الصورة دنوت لأصافح العريس . عين حمراء ودموع تسيل بلا انقطاع ومنديل في يدي . دعك من تلك الرعشة العصبية التي أصابت زاوية فمي من الألم .
ـ""أحمد .. صديق نادر .""
مددت يدي أصافح الرجل وأنا انشق بأنفي لأمنع المخاط من أن يسيل. رأيته يصافحني قد ازدحمت الشكوك على وجهه حتى لم يبق موضع لقدم. صديق زوجته قبل الزواج يأتي ليهنئها في حفل الزفاف دامع العينين متقرح الجفنين . ما معنى هذا ؟
لابد أنه تذكر (ورد) زوج ليلى العامرية الذي لم يجد حلاً لحب زوجته لقيس سوى أن يقول للأخير: ""أنت حبيب القلب والزوج أنا."" ، ولابد أنه توقع أن اصعد إلى المسرح لأغني: ""حبيبها لست وحدك . حبيبها أنا قبلك . وربما جئت بعدك . وربما كنت مثلك !""
هكذا ظل يراقبني في شك مجنون ووجهه أحمر كالطماطم المغتاظة، وظلت عيناه تتبعانني حتى وأنا أبتعد . على باب النادي نظرت فوجدته ما زال ينظر لي .
حسن . أنت تعرف ما حدث بعد شهرين . لقد طلقت رانية . لست مغرورًا فأزعم أنني كنت السبب الوحيد لكن لا تنكر أنني كنت ما يمكن تسميته (مسمار في نعش العلاقة الزوجية).
هل السبب أنه مجنون ؟. أم السبب هي تلك الهاموشة اللعينة ؟. أم السبب هو حمام السباحة ؟. لم أكون رأيًا عامًا بعد ، لكني أعدك بتقديم هذا الرأي ضمن الدراسة الأكاديمية المعقدة التي أنوي كتابتها يومًا ما عن علاقة حمامات السباحة بالطلاق. ❝