❞ عَبد الرَّحمن بن مُحَمَّد ابن خَلْدُون أبو زَيْد وَلْي الدِّين الْحَضْرَمِيّ الإَشبيلي المعروف بإبن خَلْدُون.(1332 - 1406م)، ولد في تونس وشبَّ وترعرع فيها وتخرّج من جامعة الزيتونة، وليَ الكتابة والوساطة بين الملوك في بلاد المغرب والأندلس ثم انتقل إلى مصر حيث قلده السلطان برقوق قضاء المالكية. ثم استقال من منصبه وانقطع إلى التدريس والتصنيف فكانت مصنفاته من مصادر الفكر العالمي، ومن أشهرها كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر (تاريخ ابن خلدون).
ابن خلدون مؤرخ من شمال أفريقيا، تونسي المولد أندلسي حضرمي الأصل. عاش بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا، حيث رحل إلى بسكرة وغرناطة وبجاية وتلمسان وفاس، كما تَوَجَّه إلى مصر، حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق، ووَلِيَ فيها قضاء المالكية، وظلَّ بها ما يناهز ربع قرن (784-808 هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 1406 عن عمر بلغ ثلاث وسبعين عامًا ودُفِنَ قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركاً تراثاً ما زال تأثيره ممتداً حتى اليوم ويعتبر ابنُ خَلدون مؤسسَ علم الاجتماع الحديث ومن علماء التاريخ والاقتصاد... ❝ ⏤علي عبد الواحد وافي
❞ عَبد الرَّحمن بن مُحَمَّد ابن خَلْدُون أبو زَيْد وَلْي الدِّين الْحَضْرَمِيّ الإَشبيلي المعروف بإبن خَلْدُون.(1332 - 1406م)، ولد في تونس وشبَّ وترعرع فيها وتخرّج من جامعة الزيتونة، وليَ الكتابة والوساطة بين الملوك في بلاد المغرب والأندلس ثم انتقل إلى مصر حيث قلده السلطان برقوق قضاء المالكية. ثم استقال من منصبه وانقطع إلى التدريس والتصنيف فكانت مصنفاته من مصادر الفكر العالمي، ومن أشهرها كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر (تاريخ ابن خلدون).
ابن خلدون مؤرخ من شمال أفريقيا، تونسي المولد أندلسي حضرمي الأصل. عاش بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا، حيث رحل إلى بسكرة وغرناطة وبجاية وتلمسان وفاس، كما تَوَجَّه إلى مصر، حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق، ووَلِيَ فيها قضاء المالكية، وظلَّ بها ما يناهز ربع قرن (784-808 هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 1406 عن عمر بلغ ثلاث وسبعين عامًا ودُفِنَ قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركاً تراثاً ما زال تأثيره ممتداً حتى اليوم ويعتبر ابنُ خَلدون مؤسسَ علم الاجتماع الحديث ومن علماء التاريخ والاقتصاد. ❝
❞ الجزء التاسع عشر
(عفتي والديوث )
كانت مريم تايهه لا تعرف ماذا تفعل أحقا هذه الصدفه صحيحه ام انه حقا تشابه في الاسماء
فأمسكت هاتفها وهذه كانت المره الأولي منذ دخولها بيت محمود السيوفي منذ ثلاث ايام التي تشاهد كم المكالمات والرسائل من أشهب والتي بدورها أشعلت النيران داخل قلبه لعدم ردها عليه وهو يعلم أنها تجعل تليفونها صامت في أثناء هذا العمل القذر ولكن ما كان يشغله هو حق الثلاث ايام لانه اصبح الان انسان مجرد من كل شي الا حبه للفلوس
فنظرت الي هاتفها في دهشه أحقا هي ظلت هنا ثلاث ايام اضافيه ولكن لم تهتم لاشهب ولكن سارعت بالاتصال برونال التي ردت عليها سريعا لقلقها عليها
مريم:حبيبتي ازيك
رونال:قوللي الأول انتي كويسه
مريم:اه الحمد لله
رونال:الحمدلله امال كنتي فين انتي متعوده تتصلي بيا كل يوم تتطمني عليكي
مريم:هقولك كل حاجه بس بقولك ايه عاوزه اسالك علي حاجه
رونال:قولي في ايه
مريم:هو مديرك اتضرب بالنار وفي المستشفي دلوقتي
رونال:اه انتي عرفتي من فين
مريم:طيب سؤال تاني
رونال:مالك قلقاتني
مريم:معلش بصي هو مديرك عنده اخ اسمه رسلان
رونال:اه
وهنا تأكدت مريم أنها بالمكان الخطأ لأنها ستضر بسمعه اختها فمستحيل محمود يبقي رونال في شركه ابنه
رونال قاطعت شرودها ايه يا بنتي مالك روحتي فين
مريم:هااا لا مفيش
رونال:هتخبي عليا انطقي يا بنتي
مريم:سرددت لها ما حدث والصدفه الغريبه التي حدثت
فاستغربت رونال بشده فهي لم تري محمود قط ولكنها تسمع عنه أنه راجل خيري ويساعد المحتاج ولو باخر قرش في جيبه
وجاء دور مريم لتخرجها من شرودها
مريم:مالك في ايه
رونال:اصل بيقول علي السيوفي الكبير أنه راجل محترم جداااااااا ازاي يتعامل مع أشهب ويجيبك عنده البيت وهو عارف انك وسكتت
مريم:ما هو قلي أنه عرف موضوع المنوم وعلشان كده جابني ممكن يكون في حاجه عاوزه يعمهلي ويساعدني وانا ليسه مش عارفها
رونال :طيب يارب يا شيخه المهم دلوقتي انتي فين
مريم:عنده
رونال:ليسه عنده ازاي
مريم:ما انا قولتلك معين حراسه عليا
رونال:وهتعملي ايه مع أشهب
مريم:هو قلي هيتصرف معاه
رونال:طيب انتي كلمتيه من ساعتها
مريم:لا ده متصل بيا ١٠٠مره وبعتلي ٢٠رساله
رونال:شكلك ليلتك سوداء معاه
مريم:ربنا يستر بقا انا مش عارفه الدنيا عاوزه مني ايه ده انا في جحيم الدنيا
رونال:ان شاء الله ربنا يحلها من عنده
مريم:يارب
رونال:خلي بالك من نفسك كويس انا هقفل دلوقتي علشنا انتي عارفه بقا ماما من ساعه ما سافرت وانا محتاسه
مريم:ماشي يا حبيبتي ربنا يخليكي ليا سلام
أنهت المكالمه وهي تحس براحه فرونال أصبحت فعلا بالنسبه لها اكتر من اخت واحسن من اي صديقه ممكن تضلها غيره منها
وظل تفكر إلي أن غلبها النعاس
~~~~~~~~~~~~~
عن سيف دخلت عليهم شاهيناز (بنت عم سيف تعشق ادوات التجميل والزينه والتباهي بنفسها جدا وتحب أموال سيف وعمها وتريد أن تتزوجه في اسرع وقت ممكن )
شاهيناز دلفت الغرفه وهي تستطنع البكاء حتي لم تصيب مكياجها بسوء
شاهيناز:الف الف سلامه عليك يا سوفي
سيف:الله يسلمك عامله ايه يا بنت عمي
شاهيناز:كويسه طول ما انت كويس يا سوفي
محمود:الله يسلمك يا شاهيناز
شاهيناز:اسفه والله يا عمي ما اخدتش بالي انك قاعد اصلي كنت قلقانه علي سوفي اوووي
سيف:يا ستي شكرا بس بلاش سوفي دي
شاهيناز:ليه يا سوفي ده انا بدلعك
محمود رد بدلا عنه اصله مش معقول واحد من أكبر أصحاب الشركات وابن اكبر راجل اعمال في البلد ويتقاله يا سوفي
شاهيناز لوت فمها بضيق ولكن رددت موجهه كلامها لسيف يعني انت بتضايق من دلعي يا سوفي
سيف:ما قولنا بلاش زفت دي بقا
شاهيناز تحولت نظرتها من الشغف الي الغضب ولكن حولت عدم توضيحه
شاهيناز:ماشي خلاص انا ماشيه بقا كويس اني اطمنت عليك يا سو
فنظر لها سيف بغضب شديد
فخرجت ولم تكمل كلمتها
محمود:والله انا ما عارف اقولك ايه يا ابني
سيف:ولا انا يا بابا
محمود:بصراحه انا ساعات كتير بحس انها بتحبك بجد وساعات بحس انها بتحب نفسها اكتر من اي حاجه ولولي أن انا وعدتها ليك وانتم صغيرين ما كنتش ضغطت عليك انك تتزوجها ابدا
سيف نفخ بضيق ورد يا بابا موضوع الوعد ده كان زمان وحضرتك اكيد مش هيدمر مستقبلي علشان وعد قديم
محمود:طيب ما انا عاوز افرح بيك
سيف:ما تقلقيش يا حاج انا هفرحك قريب
محمود:بجد
سيف:ايوه بجد يا حاج بس دعواتك معايا توافق
محمود:ليه دي اي بنت تتمنا نظره منك مين دي اللي ترفضك
سيف:هتعرف بعدين يا حاج
محمود:طيب وهنعمل ايه مع عمك
سيف:سيبلي انا عمي انا هعرف ازاي اتعامل معاه
محمود:ماشي يا ابني المهم تقوم بالسلامه
سيف:بس انا عاوز اعرف انت كنت فين الكام يوم اللي فاتوا يا حاج
محمود:كان في شغل ضروري واضرت اخلصه
سيف:ماشي يا حاج ما انك اول مره تخفي عليا
محمود:طيب قولي بس سكرتاريتك دي اشتغلت معاك ازاي وقولي اخلاقها كويسه ولا لا يعني عاوز اعرف كل حاجه انت تعرفها عنها
سيف احس ان سؤال محمود محتاج اجابه دقيقه فرد عليه بما يريد ما أنه لا يعرف لماذا سال عليها ويريد أن يعرف عنها كل شي
سيف:بدأ في سرد كل ما حدث من اول حادثه العربيه لحد ما اشتغلت معاه دون أن يقول له عن إحساسه في قربها وقلبه الذي أصبح يعزف باوتار الحنين والشوق لها بمجرد مغادرتها من أمامه
محمود عرف وقتها أن مريم مش كدابه وقالت الحقيقه كامله ففاق من شروده
وقال :يعني هي بصراحه بنت كويسه كده طيب انت تعرف حاجه عن توأمها
سيف:أنصدم من قول والده ورد في ذهول هي ليها توام
محمود انتبه أنه قال ما لم يمكن قوله
محمود :اه اصلي شفت واحده شبهها قبل كده بس كانت مش لابسه لبسها ده ومش محجبه
سيف زاد استغرابه ورد انت شفتها فين يا بابا وامتي
محمود:اليوم اللي كنت نازل فيه اروح الشغل اللي فات
سيف:طيب شفتها فين
محمود:كانت داخله ديسكو .........
سيف:وحضرتك بتروح الاماكن دي
محمود:بحزم انا بقولك شفتها داخله مش انا اللي دخلت
سيف :يا بابا انا اسف بس بسال حضرتك مش اكتر
محمود:ماشي يا سيف لما تقوم بالسلامه ليك معايا حساب تاني
سيف:طيب قولي يا بابا مش شافتها تاني
محمود:انت عاوز تعرف ايه بالضبط
سيف احس ان والده يخفي عنه شي كبير
فقال:انا عاوز اعرف اللي انت تعرفه
محمود:احس ان رونال هي البنت التي تكلم عنها ولده ويريد أن يتزوجها فقال بينه وبين نفسه لازم يعرف كل حاجه ويقرر لوحده
ولحسن حظهم أن سودي ورسلان كانوا خارج المستشفي يحضرون اكل وعصائر
محمود:طيب انا هقولك علي كل حاجه بس اوعا تعرفها أو حتي تلملحها
سيف:شكل الموضوع كبير
محمود:كبير اوووووي ومحتاج تخطيط علشنا ننقذ ميمي
سيف:ردد وراءه ميمي
محمود:سرد له كل ما حدث معه خلال هذه الأيام وكيف طلبها لانه عمل بموضوع المنوم وكل شي
وسيف كان منتبه له بكل حواسه وعندما انتها محمود من حديثه رد عليه سيف
سيف:معقوله اللي انت بتقوله ده يا بابا ده مش راجل
وازاي البنت دي اتعذبت كده ومستحمله علشنا خاطر امها واختها كل الجحيم ده
محمود:بصراحه انا احترامها اوووي واحترمت رونال قبل ما اشوفها أنها تفكر في اختها برضو وتحول تحميها حتي لو بفكره
سيف:انا بصراحه كنت عارف ان رونال عايشه فقر كبير بس عمري ما عرفت الحياه كانت قاسيه عليها كده هي واختها انا بجد مش عارف هما ازاي شايلين كميه الوجع ده في قلوبهم وبيتعاملوا عادي
محمود:احنا عاوزين نعملهم حاجه نساعدهم بيها
كانوا يتحدثون ولا ينتبهوا لمن يقف بجانب الباب ويستمع الي حديثهم كامل
يتبع. ❝ ⏤داليا ماجد خاطر (ملكه زماني)
❞ الجزء التاسع عشر
(عفتي والديوث )
كانت مريم تايهه لا تعرف ماذا تفعل أحقا هذه الصدفه صحيحه ام انه حقا تشابه في الاسماء
فأمسكت هاتفها وهذه كانت المره الأولي منذ دخولها بيت محمود السيوفي منذ ثلاث ايام التي تشاهد كم المكالمات والرسائل من أشهب والتي بدورها أشعلت النيران داخل قلبه لعدم ردها عليه وهو يعلم أنها تجعل تليفونها صامت في أثناء هذا العمل القذر ولكن ما كان يشغله هو حق الثلاث ايام لانه اصبح الان انسان مجرد من كل شي الا حبه للفلوس
فنظرت الي هاتفها في دهشه أحقا هي ظلت هنا ثلاث ايام اضافيه ولكن لم تهتم لاشهب ولكن سارعت بالاتصال برونال التي ردت عليها سريعا لقلقها عليها
مريم:حبيبتي ازيك
رونال:قوللي الأول انتي كويسه
مريم:اه الحمد لله
رونال:الحمدلله امال كنتي فين انتي متعوده تتصلي بيا كل يوم تتطمني عليكي
مريم:هقولك كل حاجه بس بقولك ايه عاوزه اسالك علي حاجه
رونال:قولي في ايه
مريم:هو مديرك اتضرب بالنار وفي المستشفي دلوقتي
رونال:اه انتي عرفتي من فين
مريم:طيب سؤال تاني
رونال:مالك قلقاتني
مريم:معلش بصي هو مديرك عنده اخ اسمه رسلان
رونال:اه
وهنا تأكدت مريم أنها بالمكان الخطأ لأنها ستضر بسمعه اختها فمستحيل محمود يبقي رونال في شركه ابنه
رونال قاطعت شرودها ايه يا بنتي مالك روحتي فين
مريم:هااا لا مفيش
رونال:هتخبي عليا انطقي يا بنتي
مريم:سرددت لها ما حدث والصدفه الغريبه التي حدثت
فاستغربت رونال بشده فهي لم تري محمود قط ولكنها تسمع عنه أنه راجل خيري ويساعد المحتاج ولو باخر قرش في جيبه
وجاء دور مريم لتخرجها من شرودها
مريم:مالك في ايه
رونال:اصل بيقول علي السيوفي الكبير أنه راجل محترم جداااااااا ازاي يتعامل مع أشهب ويجيبك عنده البيت وهو عارف انك وسكتت
مريم:ما هو قلي أنه عرف موضوع المنوم وعلشان كده جابني ممكن يكون في حاجه عاوزه يعمهلي ويساعدني وانا ليسه مش عارفها
رونال :طيب يارب يا شيخه المهم دلوقتي انتي فين
مريم:عنده
رونال:ليسه عنده ازاي
مريم:ما انا قولتلك معين حراسه عليا
رونال:وهتعملي ايه مع أشهب
مريم:هو قلي هيتصرف معاه
رونال:طيب انتي كلمتيه من ساعتها
مريم:لا ده متصل بيا ١٠٠مره وبعتلي ٢٠رساله
رونال:شكلك ليلتك سوداء معاه
مريم:ربنا يستر بقا انا مش عارفه الدنيا عاوزه مني ايه ده انا في جحيم الدنيا
رونال:ان شاء الله ربنا يحلها من عنده
مريم:يارب
رونال:خلي بالك من نفسك كويس انا هقفل دلوقتي علشنا انتي عارفه بقا ماما من ساعه ما سافرت وانا محتاسه
مريم:ماشي يا حبيبتي ربنا يخليكي ليا سلام
أنهت المكالمه وهي تحس براحه فرونال أصبحت فعلا بالنسبه لها اكتر من اخت واحسن من اي صديقه ممكن تضلها غيره منها
وظل تفكر إلي أن غلبها النعاس
~~~~~~~~~~~~~
عن سيف دخلت عليهم شاهيناز (بنت عم سيف تعشق ادوات التجميل والزينه والتباهي بنفسها جدا وتحب أموال سيف وعمها وتريد أن تتزوجه في اسرع وقت ممكن )
شاهيناز دلفت الغرفه وهي تستطنع البكاء حتي لم تصيب مكياجها بسوء
شاهيناز:الف الف سلامه عليك يا سوفي
سيف:الله يسلمك عامله ايه يا بنت عمي
شاهيناز:كويسه طول ما انت كويس يا سوفي
محمود:الله يسلمك يا شاهيناز
شاهيناز:اسفه والله يا عمي ما اخدتش بالي انك قاعد اصلي كنت قلقانه علي سوفي اوووي
سيف:يا ستي شكرا بس بلاش سوفي دي
شاهيناز:ليه يا سوفي ده انا بدلعك
محمود رد بدلا عنه اصله مش معقول واحد من أكبر أصحاب الشركات وابن اكبر راجل اعمال في البلد ويتقاله يا سوفي
شاهيناز لوت فمها بضيق ولكن رددت موجهه كلامها لسيف يعني انت بتضايق من دلعي يا سوفي
سيف:ما قولنا بلاش زفت دي بقا
شاهيناز تحولت نظرتها من الشغف الي الغضب ولكن حولت عدم توضيحه
شاهيناز:ماشي خلاص انا ماشيه بقا كويس اني اطمنت عليك يا سو
فنظر لها سيف بغضب شديد
فخرجت ولم تكمل كلمتها
محمود:والله انا ما عارف اقولك ايه يا ابني
سيف:ولا انا يا بابا
محمود:بصراحه انا ساعات كتير بحس انها بتحبك بجد وساعات بحس انها بتحب نفسها اكتر من اي حاجه ولولي أن انا وعدتها ليك وانتم صغيرين ما كنتش ضغطت عليك انك تتزوجها ابدا
سيف نفخ بضيق ورد يا بابا موضوع الوعد ده كان زمان وحضرتك اكيد مش هيدمر مستقبلي علشان وعد قديم
محمود:طيب ما انا عاوز افرح بيك
سيف:ما تقلقيش يا حاج انا هفرحك قريب
محمود:بجد
سيف:ايوه بجد يا حاج بس دعواتك معايا توافق
محمود:ليه دي اي بنت تتمنا نظره منك مين دي اللي ترفضك
سيف:هتعرف بعدين يا حاج
محمود:طيب وهنعمل ايه مع عمك
سيف:سيبلي انا عمي انا هعرف ازاي اتعامل معاه
محمود:ماشي يا ابني المهم تقوم بالسلامه
سيف:بس انا عاوز اعرف انت كنت فين الكام يوم اللي فاتوا يا حاج
محمود:كان في شغل ضروري واضرت اخلصه
سيف:ماشي يا حاج ما انك اول مره تخفي عليا
محمود:طيب قولي بس سكرتاريتك دي اشتغلت معاك ازاي وقولي اخلاقها كويسه ولا لا يعني عاوز اعرف كل حاجه انت تعرفها عنها
سيف احس ان سؤال محمود محتاج اجابه دقيقه فرد عليه بما يريد ما أنه لا يعرف لماذا سال عليها ويريد أن يعرف عنها كل شي
سيف:بدأ في سرد كل ما حدث من اول حادثه العربيه لحد ما اشتغلت معاه دون أن يقول له عن إحساسه في قربها وقلبه الذي أصبح يعزف باوتار الحنين والشوق لها بمجرد مغادرتها من أمامه
محمود عرف وقتها أن مريم مش كدابه وقالت الحقيقه كامله ففاق من شروده
وقال :يعني هي بصراحه بنت كويسه كده طيب انت تعرف حاجه عن توأمها
سيف:أنصدم من قول والده ورد في ذهول هي ليها توام
محمود انتبه أنه قال ما لم يمكن قوله
محمود :اه اصلي شفت واحده شبهها قبل كده بس كانت مش لابسه لبسها ده ومش محجبه
سيف زاد استغرابه ورد انت شفتها فين يا بابا وامتي
محمود:اليوم اللي كنت نازل فيه اروح الشغل اللي فات
سيف:طيب شفتها فين
محمود:كانت داخله ديسكو .....
سيف:وحضرتك بتروح الاماكن دي
محمود:بحزم انا بقولك شفتها داخله مش انا اللي دخلت
سيف :يا بابا انا اسف بس بسال حضرتك مش اكتر
محمود:ماشي يا سيف لما تقوم بالسلامه ليك معايا حساب تاني
سيف:طيب قولي يا بابا مش شافتها تاني
محمود:انت عاوز تعرف ايه بالضبط
سيف احس ان والده يخفي عنه شي كبير
فقال:انا عاوز اعرف اللي انت تعرفه
محمود:احس ان رونال هي البنت التي تكلم عنها ولده ويريد أن يتزوجها فقال بينه وبين نفسه لازم يعرف كل حاجه ويقرر لوحده
ولحسن حظهم أن سودي ورسلان كانوا خارج المستشفي يحضرون اكل وعصائر
محمود:طيب انا هقولك علي كل حاجه بس اوعا تعرفها أو حتي تلملحها
سيف:شكل الموضوع كبير
محمود:كبير اوووووي ومحتاج تخطيط علشنا ننقذ ميمي
سيف:ردد وراءه ميمي
محمود:سرد له كل ما حدث معه خلال هذه الأيام وكيف طلبها لانه عمل بموضوع المنوم وكل شي
وسيف كان منتبه له بكل حواسه وعندما انتها محمود من حديثه رد عليه سيف
سيف:معقوله اللي انت بتقوله ده يا بابا ده مش راجل
وازاي البنت دي اتعذبت كده ومستحمله علشنا خاطر امها واختها كل الجحيم ده
محمود:بصراحه انا احترامها اوووي واحترمت رونال قبل ما اشوفها أنها تفكر في اختها برضو وتحول تحميها حتي لو بفكره
سيف:انا بصراحه كنت عارف ان رونال عايشه فقر كبير بس عمري ما عرفت الحياه كانت قاسيه عليها كده هي واختها انا بجد مش عارف هما ازاي شايلين كميه الوجع ده في قلوبهم وبيتعاملوا عادي
محمود:احنا عاوزين نعملهم حاجه نساعدهم بيها
كانوا يتحدثون ولا ينتبهوا لمن يقف بجانب الباب ويستمع الي حديثهم كامل
يتبع. ❝
❞ {مقدمة سلسلة أحاديث رمضان}
لله حمدي وإليه أسند * وما ينوب فعليه أعتمد
ثمَّ على نبيِّه محمــــــــدِ * خير صلاة وسلام سرمدِ
وبعد: فقد يظن البعض أن علم الحديث علم خاص بسرد الأحاديث وسماعها وحسب، والصحيح؛ أنَّ علم الحديث هو علم شامل، فيشمل كل العلوم الأخرى، فهو يشمل علم العقيدة، وعلم التفسير، وعلم الفقه، وعلم القواعد الفقهية، وعلم أصول الفقه، والقواعد أصول الفقه، وعلم البلاغة، واللغة وغيرها...
وكل هذا لأنَّ علم الحديث هو الأصل لكل العلوم، سواء أكانت أصلية أم فرعية (آلات العلوم الأصلية) والأصلية هي الفقه والتفسير والحديث، وحتى العلوم الأصلية فإنَّ علم الحديث هو المهيمن عليها، فكل من الفقه والتفسير مع أنهما أصليَّان إلَّا إنهما مُستخرجان من علم الحديث، فالتفسير إن لم يكن من تفسير رسول الله ﷺ أو ما علمَّه لأصحابه فلا خير فيه، إلا إن لم يكن في الآية حديث، فبقول الصحابة فيها، وقول الصحابة ليس بدعة بل هو مما تعلموه من رسول الله ﷺ؛ فإن لم يكن في قول الصحابة شيء فبقول التابعين وأتباعهم، وأقوال هؤلاء ليس ببدعة بل هو مما تعلموه من الصحابة والصحابة بدورهم تعلموه من النبي ﷺ، فإن لم يوجد شيء ممَّل سبق نستعمل قواعد التفسير، وقواعد التفسير وأصوله هما بذاتهما تمَّ استنباطهما من حديث رسول الله، فأصل أصول التفسير أن تفسر القرآن بالقرآن، وهذا تعلمناه من الحديث، من ذلك تفسير النبي ﷺ لقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}[الأنعام: 82]، فشق ذلِكَ علَى المسلِمينَ فقَالوا: يا رسولَ اللَّهِ وأيُّنا لا يظلِمُ نفسَهُ؟ قالَ: ليسَ ذلِكَ، إنَّما هوَ الشِّركُ ألَم تسمَعوا ما قالَ لقمانُ لابنِهِ: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: 13] .
وأمَّا الفقه فكلُّه مستخرج من علم الحديث، وهذا معلوم مشهور مأثور، فإن كانت أصول العلوم كذلك ففروعه من باب أولى، سيقول القائل إنَّ القواعد الفقهية وأصول الفقه هي استنباطية جائت من عقول العلماء، نقول: أنَّ العلماء استنبطوها من حديث رسول الله ﷺ، فمثلا قاعدة: الأمور بمقاصدها، التي عبَّر عنها ابن سند المالكي في منظومته منظومة القواعد الفقهية قال: إنَّ الأمور هنَّ بالمقاصد * .................
فهذا مستنبط من قول النبي ﷺ: إنَّما الأعمال بالنيَّات... .
وهكذا إلى سائر العلوم الشرعية فكلها مستنبطة من علم الحديث، ومن جملة هذه العلوم علوم العقيدة، فأصل أصول علم العقيدة هو حديث جبريل ﷺ، وفيه كل أبواب أصول العقيدة ، فقد جمع النبي ﷺ في حديث واحد كل مباني العقيدة.
والعقيدة عند أهل السنة لا تستحكم من قلب المسلم إلا بثلاثة أعمال:
1 – أعمال القلب.
2 – وأعمال اللسان.
3 – وأعمال الجوارح.
ومرادها هو أن تعتقد بأن ˝لا إله إلا الله˝ بقلبك، وتنطق بها بلسانك، وتعمل بها جوارحك.
وهذه المباني الثلاثة لا تتمُّ إلا ببعضها فهي كالعقد الدريُّ المنظوم، إن سللت درة منه تساقطت البقية، ومع هذا فهي ليست متساوية في القوَّة، فأعلاها قوَّة هي أعمال القلوب، وقد بيَّن النبي ﷺ ذلك بقوله: ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ .
فالقلب وأعماله هو المهين على سائر الأعمال سواء أعمال الجوارح أو اللسان، وهذا لا يعني أنَّ ترك أعمال الجوارح واللسان جائز، هذا لا يجوز أبدا، فكل الثلاثة يكملون بعضهم، ولكنَّ مرادنا بيان أنَّ أعمال القلب أعلاها.
وعمل القلب هو التوحيد، والتوحيد أصل تندرج تحته كل أعمال القلب، كالولاء والبراء، والبغض والمحبة، وغيرها من أعمال القلب، وأعلى فرع من فروع التوحيد هو المحبَّة، فعلى قدر حب المسلم لربِّه ولنبيِّه ولصحب نبيه يكون قربه لله تعالى، وعلى قدر بغضه للكفر والكفار يكون قربه من الله تعالى، والعكس بالعكس.
وهذا الحب ليس متعلق بالله وحده، بل يشمل نبيه ثمَّ سائر أنبيائه، ثمَّ صحب نبيه وصحب سائر أنبيائه، ثمَّ تابعيهم وتابعي سائر أنبيائهم، ثمَّ أتباعهم وأتباع سائر أنبيائهم، ولكن حبُّ الله تعالى هو الأعلى من بين ما سبق، لأنه الأصل وحب هؤلاء ما كان إلا بحب الله تعالى، وهذه المحبَّة هي بدورها كالدر المنظوم، إن سللت درة تساقطت بقية الدرر، فلا يدعي أحدا أنه يحب الله تعالى وهو يبغض أحد أنبيائه أو أحد ملائكته، فقد قال تعالى: {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ * مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ}[البقرة: 97 – 98]، لاحظ معي أنه سبحانه قال في الآية الأولى {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ}ثمَّ بيَّن لك أنَّ عداوة جبريل الملك الرسول هي عداوة لله تعالى، وزاد وبيَّن أنَّ الضرر المنجر إليك ببغضك لجبريل ليس خاصا بجبريل وحسب، بل بيَّن في الآية الثانية أنه شامل لكل أهل الله تعالى، وعطف جبريل وميكال عطف الخاص على العام لبيان فضلهما فقال: {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} ثمَّ بيَّن حكم من يبغض أهل الله تعالى وقال: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ}، هذه الآيات المباركات، هي درر أصول وفروع عقيدة المسلم، التي لم ينتبه إليها كثير من العامة، بحيث يبغض البعض منهم اللحية أو الأقمصة أو الأبيض من اللباس أو التقصير في الثياب، فكل ما ذكرته يعود لتك الآيات المباركات، فما اللحية والقميص والبياض والتقصير وغيره إلا سنن من سنن المصطفى ﷺ، فمن كان يبغض هذا فقد أبغض شيأ من سنن المصطفى ﷺ ومن أبغض شيأ من سنن المصطفى ﷺ فقد أبغض المصطفى ﷺ، ومن أبغض المصطفى أبغض الله تعالى، ومن أبغض الله تعالى، يوشك الله أن يأخذه.
وعكس هذا يكون له نقيضه، فمن أحب سنن المصطفى فقد أحب المصطفى، ومن أحب المصطفى فقد أحب الله، ومن أحب الله تعالى، يوشك الله أن يدخله جنته، واسمع لهذا الحديث الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال: أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبيَّ ﷺ عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: ومَاذَا أعْدَدْتَ لَهَا. قَالَ: لا شيءَ، إلَّا أنِّي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسوله ﷺ، فَقَالَ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ. قَالَ أنَسٌ: فَما فَرِحْنَا بشيءٍ، فَرَحَنَا بقَوْلِ النبيِّ ﷺ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ، قَالَ أنَسٌ: فأنَا أُحِبُّ النبيَّ ﷺ وأَبَا بَكْرٍ، وعُمَرَ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ معهُمْ بحُبِّي إيَّاهُمْ، وإنْ لَمْ أعْمَلْ بمِثْلِ أعْمَالِهِمْ .
والآن لاحظ معي؛ إن كان هذا الأمر في شيء من السنن، فما بالك من أمر الله ورسوله ﷺ بحبهم، بل وحثَّ على توقيرهم واتباعهم ونصرتهم، بل وأمر بالاقتداء بهم، وهم أصحاب رسول الله ﷺ وأتباعهم وأتباع أتباعهم، الذين قال الله تعالى فيهم: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة: 100].
وقال: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الفتح: 29].
وهاهو عبد الله ابن مسعود يبيِّن فضل هؤلاء وهو منهم حيث قال: مَن كانَ مُستنًّا؛ فليستَنَّ بمَن قَد ماتَ فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ علَيهِ الفِتنةُ أولئِكَ أصحابُ محمَّدٍ ﷺ كانوا أفضلَ هذِهِ الأمَّةِ أبرَّها قلوبًا وأعمقَها عِلمًا وأقلَّها تَكَلُّفًا اختارَهُمُ اللَّهُ لِصُحبةِ نبيِّهِ ولإقامةِ دينِهِ فاعرِفوا لَهُم فضلَهُم واتَّبعوا علَى آثارِهِم وتمسَّكوا بما استطعتُمْ مِن أخلاقِهِم وسِيَرِهِم ، فإنَّهم كانوا علَى الهُدى المستقيمِ .
فهؤلاء حبُّهم عقيدة المسلم، وبغضهم علامة المنافة، فمن أحبهم فهو معهم وإن لم يعمل بأعمالهم، ومن أبغضهم فلقد أبغض رسول الله ﷺ، ومن أبغض رسول الله ﷺ فقد أبغض الله تعالى.
ومن أحبهم فقد أحب رسول الله ﷺ، ومن أحب رسول الله ﷺ فقد أحب الله تعالى.
ونحن نريد أن نجدد إيماننا، ونحيي قلوبنا، في هذا الشهر المبارك، ونعطي لكل ذي حقٍّ حقَّه، وننزل الناس منازلها، ونعطي لكل ذي قدر قدره، كي تكون عبادتنا خالصة تامَّة ما استطعنا، وذلك بسرد أحاديث مشروحة عن فضل خير العصور الثلاثة، وهم عصر الصحابة، وعصر التابعين، وعصر أتباع التابعين، بصفة كل يوم حديث أو حديثين مع الشرح، فلا يظننَّ أحد أنَّ الخير كان خاصًّا بالصحابة وحسب، بل وأتباعهم وأتباع أتباعهم، وسنرى ذلك في هذه السلسلة المباركة، وقد قدَّمت أحاديث تبيِّن فضل التابعين تُذكر في جملة فضل الصحابة، ثمَّ أحاديث خاصَّة بجملة الصحابة، ثمَّ نختم بأحاديث في خواص الصحابة، وقد ركزَّت كثيرا فيها على فضل التابعين، لأنَّ الحال يقتضي ذلك، هذا ونسأل الله تعالى أن يجعل هذه السلسلة مباركة وذات فائدة وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
وكتب:
الدكتور عصام الدين إبراهيم النقيلي. ❝ ⏤الدُّكتُور: عِصَامُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ النُّقَيْلِي
❞﴿مقدمة سلسلة أحاديث رمضان﴾ لله حمدي وإليه أسند * وما ينوب فعليه أعتمد
ثمَّ على نبيِّه محمــــــــدِ * خير صلاة وسلام سرمدِ
وبعد: فقد يظن البعض أن علم الحديث علم خاص بسرد الأحاديث وسماعها وحسب، والصحيح؛ أنَّ علم الحديث هو علم شامل، فيشمل كل العلوم الأخرى، فهو يشمل علم العقيدة، وعلم التفسير، وعلم الفقه، وعلم القواعد الفقهية، وعلم أصول الفقه، والقواعد أصول الفقه، وعلم البلاغة، واللغة وغيرها..
وكل هذا لأنَّ علم الحديث هو الأصل لكل العلوم، سواء أكانت أصلية أم فرعية (آلات العلوم الأصلية) والأصلية هي الفقه والتفسير والحديث، وحتى العلوم الأصلية فإنَّ علم الحديث هو المهيمن عليها، فكل من الفقه والتفسير مع أنهما أصليَّان إلَّا إنهما مُستخرجان من علم الحديث، فالتفسير إن لم يكن من تفسير رسول الله ﷺ أو ما علمَّه لأصحابه فلا خير فيه، إلا إن لم يكن في الآية حديث، فبقول الصحابة فيها، وقول الصحابة ليس بدعة بل هو مما تعلموه من رسول الله ﷺ؛ فإن لم يكن في قول الصحابة شيء فبقول التابعين وأتباعهم، وأقوال هؤلاء ليس ببدعة بل هو مما تعلموه من الصحابة والصحابة بدورهم تعلموه من النبي ﷺ، فإن لم يوجد شيء ممَّل سبق نستعمل قواعد التفسير، وقواعد التفسير وأصوله هما بذاتهما تمَّ استنباطهما من حديث رسول الله، فأصل أصول التفسير أن تفسر القرآن بالقرآن، وهذا تعلمناه من الحديث، من ذلك تفسير النبي ﷺ لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾[الأنعام: 82]، فشق ذلِكَ علَى المسلِمينَ فقَالوا: يا رسولَ اللَّهِ وأيُّنا لا يظلِمُ نفسَهُ؟ قالَ: ليسَ ذلِكَ، إنَّما هوَ الشِّركُ ألَم تسمَعوا ما قالَ لقمانُ لابنِهِ: ﴿يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾[لقمان: 13] .
وأمَّا الفقه فكلُّه مستخرج من علم الحديث، وهذا معلوم مشهور مأثور، فإن كانت أصول العلوم كذلك ففروعه من باب أولى، سيقول القائل إنَّ القواعد الفقهية وأصول الفقه هي استنباطية جائت من عقول العلماء، نقول: أنَّ العلماء استنبطوها من حديث رسول الله ﷺ، فمثلا قاعدة: الأمور بمقاصدها، التي عبَّر عنها ابن سند المالكي في منظومته منظومة القواعد الفقهية قال: إنَّ الأمور هنَّ بالمقاصد * .........
فهذا مستنبط من قول النبي ﷺ: إنَّما الأعمال بالنيَّات.. .
وهكذا إلى سائر العلوم الشرعية فكلها مستنبطة من علم الحديث، ومن جملة هذه العلوم علوم العقيدة، فأصل أصول علم العقيدة هو حديث جبريل ﷺ، وفيه كل أبواب أصول العقيدة ، فقد جمع النبي ﷺ في حديث واحد كل مباني العقيدة.
والعقيدة عند أهل السنة لا تستحكم من قلب المسلم إلا بثلاثة أعمال:
1 – أعمال القلب.
2 – وأعمال اللسان.
3 – وأعمال الجوارح.
ومرادها هو أن تعتقد بأن ˝لا إله إلا الله˝ بقلبك، وتنطق بها بلسانك، وتعمل بها جوارحك.
وهذه المباني الثلاثة لا تتمُّ إلا ببعضها فهي كالعقد الدريُّ المنظوم، إن سللت درة منه تساقطت البقية، ومع هذا فهي ليست متساوية في القوَّة، فأعلاها قوَّة هي أعمال القلوب، وقد بيَّن النبي ﷺ ذلك بقوله: ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ .
فالقلب وأعماله هو المهين على سائر الأعمال سواء أعمال الجوارح أو اللسان، وهذا لا يعني أنَّ ترك أعمال الجوارح واللسان جائز، هذا لا يجوز أبدا، فكل الثلاثة يكملون بعضهم، ولكنَّ مرادنا بيان أنَّ أعمال القلب أعلاها.
وعمل القلب هو التوحيد، والتوحيد أصل تندرج تحته كل أعمال القلب، كالولاء والبراء، والبغض والمحبة، وغيرها من أعمال القلب، وأعلى فرع من فروع التوحيد هو المحبَّة، فعلى قدر حب المسلم لربِّه ولنبيِّه ولصحب نبيه يكون قربه لله تعالى، وعلى قدر بغضه للكفر والكفار يكون قربه من الله تعالى، والعكس بالعكس.
وهذا الحب ليس متعلق بالله وحده، بل يشمل نبيه ثمَّ سائر أنبيائه، ثمَّ صحب نبيه وصحب سائر أنبيائه، ثمَّ تابعيهم وتابعي سائر أنبيائهم، ثمَّ أتباعهم وأتباع سائر أنبيائهم، ولكن حبُّ الله تعالى هو الأعلى من بين ما سبق، لأنه الأصل وحب هؤلاء ما كان إلا بحب الله تعالى، وهذه المحبَّة هي بدورها كالدر المنظوم، إن سللت درة تساقطت بقية الدرر، فلا يدعي أحدا أنه يحب الله تعالى وهو يبغض أحد أنبيائه أو أحد ملائكته، فقد قال تعالى: ﴿مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ * مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ﴾[البقرة: 97 – 98]، لاحظ معي أنه سبحانه قال في الآية الأولى ﴿مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ﴾ثمَّ بيَّن لك أنَّ عداوة جبريل الملك الرسول هي عداوة لله تعالى، وزاد وبيَّن أنَّ الضرر المنجر إليك ببغضك لجبريل ليس خاصا بجبريل وحسب، بل بيَّن في الآية الثانية أنه شامل لكل أهل الله تعالى، وعطف جبريل وميكال عطف الخاص على العام لبيان فضلهما فقال: ﴿مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ ثمَّ بيَّن حكم من يبغض أهل الله تعالى وقال: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ﴾، هذه الآيات المباركات، هي درر أصول وفروع عقيدة المسلم، التي لم ينتبه إليها كثير من العامة، بحيث يبغض البعض منهم اللحية أو الأقمصة أو الأبيض من اللباس أو التقصير في الثياب، فكل ما ذكرته يعود لتك الآيات المباركات، فما اللحية والقميص والبياض والتقصير وغيره إلا سنن من سنن المصطفى ﷺ، فمن كان يبغض هذا فقد أبغض شيأ من سنن المصطفى ﷺ ومن أبغض شيأ من سنن المصطفى ﷺ فقد أبغض المصطفى ﷺ، ومن أبغض المصطفى أبغض الله تعالى، ومن أبغض الله تعالى، يوشك الله أن يأخذه.
وعكس هذا يكون له نقيضه، فمن أحب سنن المصطفى فقد أحب المصطفى، ومن أحب المصطفى فقد أحب الله، ومن أحب الله تعالى، يوشك الله أن يدخله جنته، واسمع لهذا الحديث الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال: أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبيَّ ﷺ عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: ومَاذَا أعْدَدْتَ لَهَا. قَالَ: لا شيءَ، إلَّا أنِّي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسوله ﷺ، فَقَالَ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ. قَالَ أنَسٌ: فَما فَرِحْنَا بشيءٍ، فَرَحَنَا بقَوْلِ النبيِّ ﷺ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ، قَالَ أنَسٌ: فأنَا أُحِبُّ النبيَّ ﷺ وأَبَا بَكْرٍ، وعُمَرَ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ معهُمْ بحُبِّي إيَّاهُمْ، وإنْ لَمْ أعْمَلْ بمِثْلِ أعْمَالِهِمْ .
والآن لاحظ معي؛ إن كان هذا الأمر في شيء من السنن، فما بالك من أمر الله ورسوله ﷺ بحبهم، بل وحثَّ على توقيرهم واتباعهم ونصرتهم، بل وأمر بالاقتداء بهم، وهم أصحاب رسول الله ﷺ وأتباعهم وأتباع أتباعهم، الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾[التوبة: 100].
وقال: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾[الفتح: 29].
وهاهو عبد الله ابن مسعود يبيِّن فضل هؤلاء وهو منهم حيث قال: مَن كانَ مُستنًّا؛ فليستَنَّ بمَن قَد ماتَ فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ علَيهِ الفِتنةُ أولئِكَ أصحابُ محمَّدٍ ﷺ كانوا أفضلَ هذِهِ الأمَّةِ أبرَّها قلوبًا وأعمقَها عِلمًا وأقلَّها تَكَلُّفًا اختارَهُمُ اللَّهُ لِصُحبةِ نبيِّهِ ولإقامةِ دينِهِ فاعرِفوا لَهُم فضلَهُم واتَّبعوا علَى آثارِهِم وتمسَّكوا بما استطعتُمْ مِن أخلاقِهِم وسِيَرِهِم ، فإنَّهم كانوا علَى الهُدى المستقيمِ .
فهؤلاء حبُّهم عقيدة المسلم، وبغضهم علامة المنافة، فمن أحبهم فهو معهم وإن لم يعمل بأعمالهم، ومن أبغضهم فلقد أبغض رسول الله ﷺ، ومن أبغض رسول الله ﷺ فقد أبغض الله تعالى.
ومن أحبهم فقد أحب رسول الله ﷺ، ومن أحب رسول الله ﷺ فقد أحب الله تعالى.
ونحن نريد أن نجدد إيماننا، ونحيي قلوبنا، في هذا الشهر المبارك، ونعطي لكل ذي حقٍّ حقَّه، وننزل الناس منازلها، ونعطي لكل ذي قدر قدره، كي تكون عبادتنا خالصة تامَّة ما استطعنا، وذلك بسرد أحاديث مشروحة عن فضل خير العصور الثلاثة، وهم عصر الصحابة، وعصر التابعين، وعصر أتباع التابعين، بصفة كل يوم حديث أو حديثين مع الشرح، فلا يظننَّ أحد أنَّ الخير كان خاصًّا بالصحابة وحسب، بل وأتباعهم وأتباع أتباعهم، وسنرى ذلك في هذه السلسلة المباركة، وقد قدَّمت أحاديث تبيِّن فضل التابعين تُذكر في جملة فضل الصحابة، ثمَّ أحاديث خاصَّة بجملة الصحابة، ثمَّ نختم بأحاديث في خواص الصحابة، وقد ركزَّت كثيرا فيها على فضل التابعين، لأنَّ الحال يقتضي ذلك، هذا ونسأل الله تعالى أن يجعل هذه السلسلة مباركة وذات فائدة وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
❞ ماريَّة القبطية
بعض العلماء يرون أنه لا مانع أن تعد مارية من أمهات المؤمنين، فحكمهم جار عليها، فلما مات الرسول صلى الله عليه وسلم لم توزع في التركة ولم تتزوج غيره لأنها تأخذ حكم أمهات المؤمنين، \"وهذا الحكم محل إجماع من الأمة\" حسب القول، حيث يحرم على أمهات المؤمنين أن يتزوجن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ما فعلته ماريا رضي الله عنها، فهكذا تصبح من أمهات المؤمنين، لكن في الكتب لا يعدون مارية في أمهات المؤمنين، فيقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك تسعة، ولا يعدون مارية لأنها ملك يمين، على الرغم من أن حكمها حكم أمهات المؤمنين، والله أعلى وأعلم .
وحتى لو أن مارية القبطية لا تعد من أمهات المؤمنين، لكن لها مكانة في حياة النبي ،لذا لنتعرف علي سيرتها .
القول الراجح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج مارية القبطية ، بل كانت أمَة له ، وكان قد أهداها له المقوقس صاحب مصر ، وذلك بعد صلح الحديبية ، وقد كانت مارية القبطيَّة نصرانيَّة ثم أسلمت رضي الله عنها. وقيل أنها أسلمت قبل وصولها للمدينة ، بدعوة من رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو حاطب بن أبي بلتعة .
قال ابن سعد:
فأنزلها – يعني مارية القبطية - رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأختها على أم سليم بنت ملحان فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام فأسلمتا فوطئَ مارية بالملك وحولها إلى مال له بالعالية … وكانت حسنة الدِّين .
وقال ابن عبد البر:
وتوفيت مارية في خلافة عمر بن الخطاب ، وذلك في المحرم من سنة ست عشرة ، وكان عمر يحشر النَّاس بنفسه لشهود جنازتها ، وصلى عليها عمر ، ودفنت بالبقيع . \"
ومارية رضي الله عنها من إمائه صلَّى الله عليه وسلَّم ، لا من أزواجه وأمهات المؤمنين هن أزوج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، قال الله تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) الأحزاب/6 .
وقد كان للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم أربع إماء ، منهم مارية .
قال ابن القيم :
قال أبو عبيدة : كان له أربع : مارية وهي أم ولده إبراهيم ، وريحانة ، وجارية أخرى جميلة أصابها في بعض السبي ، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش .
بعث بها الملك المقوقس للنبي محمد سنة 7 هـ مع حاطب بن أبي بلتعة فعرض عليها الإسلام فأسلمت، فاتخذها سرية ولم يعقد عليها، لذلك يرى بعض الفقهاء من أهل السنة والجماعة أنها أخذت حُكم أمهات المؤمنين -بعد وفاة رسول الله محمد- دون أن تُعد منهن.
أنجبت مارية للرسول ثالث أبنائه إبراهيم، الذي توفي وهو طفل صغير، وهي الوحيدة التي أنجبت للرسول من بعد زوجته الأولى خديجة بنت خويلد.
ولدت مارية في مصر في قرية حفن من كورة أنصنا. وكان أبوها عظيم من عظماء القبط، كما ورد على لسان المقوقس في حديثهِ لحامل رسالة الرسول إليه.
قصة إرسالها
قدمت مارية إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية سنة 7 هـ. وذكر الرواة أن اسمها \"مارية بنت شمعون القبطية\".
بعد أن تم صلح الحديبية بين الرسول وبين المشركين في مكة، وبدأ الرسول في الدعوة إلى الإسلام، وكتب الرسول كتبًا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، وأهتم بذلك اهتماماً كبيراً، فأختار من أصحابه من لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك، المقوقس ملك مصر
التابع للدولة البيزنطية والنجاشي ملك الحبشة.
وتلقى هؤلاء الملوك الرسائل وردوها رداً جميلاً.
ما عدا كسرى ملك فارسيون، الذي مزق الكتاب.
لما أرسل الرسول كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية
والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر، أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة، وكان معروفاً بحكمته وبلاغته وفصاحته. فأخذ حاطب كتاب الرسول إلى مصر وبعد أن دخل على المقوقس الذي رحب به. وأخذ يستمع إلى كلمات حاطب، فقال له \" يا هذا، إن لنا ديناً لن ندعه إلا لما هو خير منه\".
اُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب: \" إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بزهودٍ فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجدهُ بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار بالنجوى وسأنظر\"
أخذ المقوقس كتاب النبي محمد بن عبد الله وختم عليه، وكتب إلى النبي:
«بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك»
كانت الهدية جاريتين هما: مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين بنت شمعون، وألف مثقال ذهبًا وعشرين ثوبًا وبغلته \"دلدل\" وشيخ كبير يسمى \"مابور\".
وفي المدينة، أختار الرسول مارية لنفسه، ووهب أختها سيرين لشاعرهِ حسان بن ثابت الأنصاري.
وكانت مارية بيضاء جميلة الطلعة، وقد أثار قدومها الغيرة في نفس عائشة، فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الإسلام بها. وقالت عائشة: \"ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة -أو دعجة- فأعجب بها رسول الله وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ لحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها، فجزعت فحولها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا\".
بعد مرور عام على قدوم مارية إلى المدينة، حملت مارية، وفرح النبي لسماع هذا الخبر فقد كان قد قارب الستين من عمرهِ وفقد أولاده ما عدا فاطمة الزهراء.
وولدت مـارية في \"شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية\" طفلاً جميلاً يشبه الرسول، وقد سماه إبراهيم، تيمناً بأبيه إبراهيم خليل الرحمن.
عاش إبراهيم ابن الرسول سنة وبضع شهور يحظى برعاية النبي ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني، وذات يوم اشتد مرضه، فرفعه الرسول وهو يقهقه (ينازع) ومات إبراهيم وهو بين يدي الرسول فبكى عليه ودمعت عيناه وكان معه عبد الرحمن بن عوف فقال له: أتبكي يارسول الله؟ فرد عليه الرسول : إنها رحمة \"إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإن لفراقك يا إبراهيم لمحزونون \".
مات ابراهيم وكان ابن ثمانية عشر شهراً. وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة، وحزنت مارية رضي الله عنها حزناً شديداً على موت إبراهيم.
مكانة مارية عند محمد
لمارية شأن كبير عند النبي محمد وفي صحيح الامام مسلم بن الحجاج قال : \"قال رسول الله :\"انكم ستفتحون مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحماً\"، أو ذمة وصهراً\".
وفي رواية: \"استوصوا بأهل مصر خيراً، فإن لهم نسباً وصهراً\".
والنسب من جهة هاجر أم إسماعيل، والصهر من جهة مارية القبطية.
مكانة مارية في القرآن
لمارية شأن كبير في الآيات وفي أحداث السيرة النبوية.
\"أنزل الله صدر سورة التحريم بسبب مارية القبطية، وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون في أحاديثهم وتصانيفهم\".
وقد توفي الرسول وهو راض عن مارية، وكانت مارية شديدة الحرص على اكتساب مرضاة الرسول.
وفاة مارية
عاشت مارية ما يقارب الخمس سنوات في ظلال الخلافة الراشدة، وتوفيت في المحرم من السنة السادسة عشر. ودعا عمر بن الخطاب الناس وجمعهم للصلاة عليها. فاجتمع عدد كبير من الصحابة من المهاجرين والأنصار ليشهدوا جنازة مـارية القبطية، ودُفنت إلى جانب نساء أهل البيت النبوي، وإلى جانب ابنها إبراهيم..
هل مارية القبطية من أمهات المؤمنين؟
وإذا كانت لا تعتبر من أمهات المؤمنين، فهل يجوز لها أن تتزوج بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أو هل يجوز أن تكون سّرّية لشخص آخر بعد الرسول صلى الله عليه وسلم؟
أمهات المؤمنين تطلق عند أهل العلم على كل امرأة عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخل بها، وقد جاء في الموسوعة الفقهية: يؤخذ من استعمال الفقهاء أنهم يريدون بـ \" أمهات المؤمنين \" كل امرأة عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل بها، وإن طلقها بعد ذلك على الراجح.
وعلى هذا فإن من عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بها فإنها لا يطلق عليها لفظ \" أم المؤمنين \"، ومن دخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه التَّسَرِّي لا على وجه النكاح لا يطلق عليها \" أم المؤمنين \" كمارية القبطية، ويؤخذ ذلك من قوله تعالى في سورة الأحزاب {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}.
فتبين من هذا أن مارية القبطية ليست من أمهات المؤمنين لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعقد عليها. وإنما تسرّى بها فولدت له إبراهيم، ومع أنها ليست من أمهات المؤمنين، فإنه لا يجوز لها الزواج بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
جاء في شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام أنه يَحْرُمُ على غيره أن يأخذ من دخل بها النبي عليه الصلاة والسلام ومات عنها لا طلقها، وكذا تَحْرُمُ السُّرِّيَّةُ وأم الولد التي فارقها بموت أو عتق أو بيع، وبعبارة أخرى أي ونكاح مدخولته لغيره وسواء كانت حُرَّةً أو أَمَةً.
وجاء في كتاب الحاوي للماوردي الشافعي: \"فأما من وطئها من إمائه، فإن كانت بَاقِيَةً عَلَى مِلْكِهِ إِلَى حِينِ وَفَاتِهِ مِثْلُ مَارِيَةَ أُمِّ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ حَرُمَ نِكَاحُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ تَصِرْ كَالزَّوْجَاتِ أَمًّا لِلْمُؤْمِنِينَ لنقصها بالرق، وإن كان قد باعها وملكها مشتريها بقي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَجْهَانِ كَالْمُطَلَّقَةِ\".
وعلى هذا فإن مارية القبطية بعد وفاته صلى الله عليه وسلم صارت حرة، وبالتالي فلا يجوز أن تكون سرية لغيره. والله تعالى أعلى وأعلم .
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزي. ❝ ⏤مجموعة من المؤلفين
❞ ماريَّة القبطية
بعض العلماء يرون أنه لا مانع أن تعد مارية من أمهات المؤمنين، فحكمهم جار عليها، فلما مات الرسول صلى الله عليه وسلم لم توزع في التركة ولم تتزوج غيره لأنها تأخذ حكم أمهات المؤمنين، ˝وهذا الحكم محل إجماع من الأمة˝ حسب القول، حيث يحرم على أمهات المؤمنين أن يتزوجن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ما فعلته ماريا رضي الله عنها، فهكذا تصبح من أمهات المؤمنين، لكن في الكتب لا يعدون مارية في أمهات المؤمنين، فيقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك تسعة، ولا يعدون مارية لأنها ملك يمين، على الرغم من أن حكمها حكم أمهات المؤمنين، والله أعلى وأعلم .
وحتى لو أن مارية القبطية لا تعد من أمهات المؤمنين، لكن لها مكانة في حياة النبي ،لذا لنتعرف علي سيرتها .
القول الراجح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج مارية القبطية ، بل كانت أمَة له ، وكان قد أهداها له المقوقس صاحب مصر ، وذلك بعد صلح الحديبية ، وقد كانت مارية القبطيَّة نصرانيَّة ثم أسلمت رضي الله عنها. وقيل أنها أسلمت قبل وصولها للمدينة ، بدعوة من رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو حاطب بن أبي بلتعة .
قال ابن سعد:
فأنزلها – يعني مارية القبطية - رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأختها على أم سليم بنت ملحان فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام فأسلمتا فوطئَ مارية بالملك وحولها إلى مال له بالعالية … وكانت حسنة الدِّين .
وقال ابن عبد البر:
وتوفيت مارية في خلافة عمر بن الخطاب ، وذلك في المحرم من سنة ست عشرة ، وكان عمر يحشر النَّاس بنفسه لشهود جنازتها ، وصلى عليها عمر ، ودفنت بالبقيع . ˝
ومارية رضي الله عنها من إمائه صلَّى الله عليه وسلَّم ، لا من أزواجه وأمهات المؤمنين هن أزوج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، قال الله تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) الأحزاب/6 .
وقد كان للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم أربع إماء ، منهم مارية .
قال ابن القيم :
قال أبو عبيدة : كان له أربع : مارية وهي أم ولده إبراهيم ، وريحانة ، وجارية أخرى جميلة أصابها في بعض السبي ، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش .
بعث بها الملك المقوقس للنبي محمد سنة 7 هـ مع حاطب بن أبي بلتعة فعرض عليها الإسلام فأسلمت، فاتخذها سرية ولم يعقد عليها، لذلك يرى بعض الفقهاء من أهل السنة والجماعة أنها أخذت حُكم أمهات المؤمنين -بعد وفاة رسول الله محمد- دون أن تُعد منهن.
أنجبت مارية للرسول ثالث أبنائه إبراهيم، الذي توفي وهو طفل صغير، وهي الوحيدة التي أنجبت للرسول من بعد زوجته الأولى خديجة بنت خويلد.
ولدت مارية في مصر في قرية حفن من كورة أنصنا. وكان أبوها عظيم من عظماء القبط، كما ورد على لسان المقوقس في حديثهِ لحامل رسالة الرسول إليه.
قصة إرسالها
قدمت مارية إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية سنة 7 هـ. وذكر الرواة أن اسمها ˝مارية بنت شمعون القبطية˝.
بعد أن تم صلح الحديبية بين الرسول وبين المشركين في مكة، وبدأ الرسول في الدعوة إلى الإسلام، وكتب الرسول كتبًا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، وأهتم بذلك اهتماماً كبيراً، فأختار من أصحابه من لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك، المقوقس ملك مصر
التابع للدولة البيزنطية والنجاشي ملك الحبشة.
وتلقى هؤلاء الملوك الرسائل وردوها رداً جميلاً.
ما عدا كسرى ملك فارسيون، الذي مزق الكتاب.
لما أرسل الرسول كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية
والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر، أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة، وكان معروفاً بحكمته وبلاغته وفصاحته. فأخذ حاطب كتاب الرسول إلى مصر وبعد أن دخل على المقوقس الذي رحب به. وأخذ يستمع إلى كلمات حاطب، فقال له ˝ يا هذا، إن لنا ديناً لن ندعه إلا لما هو خير منه˝.
اُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب: ˝ إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بزهودٍ فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجدهُ بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار بالنجوى وسأنظر˝
أخذ المقوقس كتاب النبي محمد بن عبد الله وختم عليه، وكتب إلى النبي:
«بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك» كانت الهدية جاريتين هما: مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين بنت شمعون، وألف مثقال ذهبًا وعشرين ثوبًا وبغلته ˝دلدل˝ وشيخ كبير يسمى ˝مابور˝.
وفي المدينة، أختار الرسول مارية لنفسه، ووهب أختها سيرين لشاعرهِ حسان بن ثابت الأنصاري.
وكانت مارية بيضاء جميلة الطلعة، وقد أثار قدومها الغيرة في نفس عائشة، فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الإسلام بها. وقالت عائشة: ˝ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة -أو دعجة- فأعجب بها رسول الله وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ لحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها، فجزعت فحولها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا˝.
بعد مرور عام على قدوم مارية إلى المدينة، حملت مارية، وفرح النبي لسماع هذا الخبر فقد كان قد قارب الستين من عمرهِ وفقد أولاده ما عدا فاطمة الزهراء.
وولدت مـارية في ˝شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية˝ طفلاً جميلاً يشبه الرسول، وقد سماه إبراهيم، تيمناً بأبيه إبراهيم خليل الرحمن.
عاش إبراهيم ابن الرسول سنة وبضع شهور يحظى برعاية النبي ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني، وذات يوم اشتد مرضه، فرفعه الرسول وهو يقهقه (ينازع) ومات إبراهيم وهو بين يدي الرسول فبكى عليه ودمعت عيناه وكان معه عبد الرحمن بن عوف فقال له: أتبكي يارسول الله؟ فرد عليه الرسول : إنها رحمة ˝إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإن لفراقك يا إبراهيم لمحزونون ˝.
مات ابراهيم وكان ابن ثمانية عشر شهراً. وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة، وحزنت مارية رضي الله عنها حزناً شديداً على موت إبراهيم.
مكانة مارية عند محمد
لمارية شأن كبير عند النبي محمد وفي صحيح الامام مسلم بن الحجاج قال : ˝قال رسول الله :˝انكم ستفتحون مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحماً˝، أو ذمة وصهراً˝.
وفي رواية: ˝استوصوا بأهل مصر خيراً، فإن لهم نسباً وصهراً˝.
والنسب من جهة هاجر أم إسماعيل، والصهر من جهة مارية القبطية.
مكانة مارية في القرآن
لمارية شأن كبير في الآيات وفي أحداث السيرة النبوية.
˝أنزل الله صدر سورة التحريم بسبب مارية القبطية، وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون في أحاديثهم وتصانيفهم˝.
وقد توفي الرسول وهو راض عن مارية، وكانت مارية شديدة الحرص على اكتساب مرضاة الرسول.
وفاة مارية
عاشت مارية ما يقارب الخمس سنوات في ظلال الخلافة الراشدة، وتوفيت في المحرم من السنة السادسة عشر. ودعا عمر بن الخطاب الناس وجمعهم للصلاة عليها. فاجتمع عدد كبير من الصحابة من المهاجرين والأنصار ليشهدوا جنازة مـارية القبطية، ودُفنت إلى جانب نساء أهل البيت النبوي، وإلى جانب ابنها إبراهيم.
هل مارية القبطية من أمهات المؤمنين؟
وإذا كانت لا تعتبر من أمهات المؤمنين، فهل يجوز لها أن تتزوج بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أو هل يجوز أن تكون سّرّية لشخص آخر بعد الرسول صلى الله عليه وسلم؟
أمهات المؤمنين تطلق عند أهل العلم على كل امرأة عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخل بها، وقد جاء في الموسوعة الفقهية: يؤخذ من استعمال الفقهاء أنهم يريدون بـ ˝ أمهات المؤمنين ˝ كل امرأة عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل بها، وإن طلقها بعد ذلك على الراجح.
وعلى هذا فإن من عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بها فإنها لا يطلق عليها لفظ ˝ أم المؤمنين ˝، ومن دخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه التَّسَرِّي لا على وجه النكاح لا يطلق عليها ˝ أم المؤمنين ˝ كمارية القبطية، ويؤخذ ذلك من قوله تعالى في سورة الأحزاب ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾.
فتبين من هذا أن مارية القبطية ليست من أمهات المؤمنين لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعقد عليها. وإنما تسرّى بها فولدت له إبراهيم، ومع أنها ليست من أمهات المؤمنين، فإنه لا يجوز لها الزواج بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
جاء في شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام أنه يَحْرُمُ على غيره أن يأخذ من دخل بها النبي عليه الصلاة والسلام ومات عنها لا طلقها، وكذا تَحْرُمُ السُّرِّيَّةُ وأم الولد التي فارقها بموت أو عتق أو بيع، وبعبارة أخرى أي ونكاح مدخولته لغيره وسواء كانت حُرَّةً أو أَمَةً.
وجاء في كتاب الحاوي للماوردي الشافعي: ˝فأما من وطئها من إمائه، فإن كانت بَاقِيَةً عَلَى مِلْكِهِ إِلَى حِينِ وَفَاتِهِ مِثْلُ مَارِيَةَ أُمِّ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ حَرُمَ نِكَاحُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ تَصِرْ كَالزَّوْجَاتِ أَمًّا لِلْمُؤْمِنِينَ لنقصها بالرق، وإن كان قد باعها وملكها مشتريها بقي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَجْهَانِ كَالْمُطَلَّقَةِ˝.
وعلى هذا فإن مارية القبطية بعد وفاته صلى الله عليه وسلم صارت حرة، وبالتالي فلا يجوز أن تكون سرية لغيره. والله تعالى أعلى وأعلم .