❞ عجيب أمرنا نحن المسلمين !.. نعبد إلها واحدا.. و نطوف حول كعبة واحدة.. و نتوجه في صلاتنا إلى قبلة واحدة.. و نصطف في المسجد صفا واحدا.. و نقول جميعا: آمين.. في نفس واحد.. و مع ذلك لكل منا إسلام خاص به، يختلف عن إسلام الآخر ! و كل منا يفهم الإسلام على طريقته، و يباشره في حياته بمفهومه الخاص !
و قد تفرقت الجماعة الإسلامية إلى سنة و شيعة و أباضية و دروز، بل إن الشيعة نفسها تفرقت إلى زيدية و اثنى عشرية و إسماعيلية و علوية و بهرة و بكتاشية، و خرج منها غلاة عبدوا عليا، و رأوا فيه ابنا لله، و اعتقدوا أن الرسالة أخطأته و نزلت على محمد ! و الأكثرية التزمت جانب الاعتدال و قالت: بل كان أولى بالخلافة.. و لم تزد.. و بين هؤلاء و هؤلاء تعددت الفرق و بعيدا عن الطريق و المذهب اختلف الناس بين مدخلين للإسلام.. المدخل السلفي الأصولي، و المدخل الصوفي.
و في المدخل السلفي تمادى الأصوليون في الشكلية و في الالتزام الحرفي بالنصوص، و في ظاهر سلوكيات المسلم: طريقة إطلاقه لحيته، و تقصيره جلبابه.. و للمرأة: نقابها و حجابها.. و هي الشريعة ذاتها.. بينما اهتمت الصوفية بتطهير الباطن، و مجاهدة النفس، و التربية الخلقية و تحصيل المقامات.. مقامات التوبة و الإخلاص و الصدق و الصبر و الشكر و المراقبة و المحاسبة و التقوى و الورع.. و تركت الظاهر لأهل الظاهر، و قالوا: نحن عمدتنا القلب، و غايتنا اللب و ليس القشر.
و الكل مسلمون و لكن شتان بين فهم و فهم !
و أنا أرى الآن أن القرآن لم ينحصر في أي من هذين المسلكين، بل كان في مجموع آياته يمثل الوسط العدل بينهما، و الجامع الأمين بين طهارة الظاهر و طهارة الباطن.. و أن المذهبية و الحزبية أفسدت الإسلام تماما.
و القرآن في مجموع آياته شيء غير القرآن في آية واحدة مبتورة من سياقها، أو بضع آيات نزلت في مناسبة، أو حكم متشدد نزل في ضرورته.
و لا يمكن فهم الإسلام إلا من خلال القرآن كله بمجموع آياته.. فهو يفسر بعضه بعضا، و ما غمض في آية توضحه آية أخرى، و ما أجمل في آية تفصله آية ثانية.
و التشديد لا يجيء في القرآن إلا لضرورة.. أما السياق القرآني العام.........؟
فهو العفو و المغفرة و السماحة.
((.. هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ.. )) [ الحج : 78 ]
((لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ )) [ النور : 61 ]
و سلوك النبي عليه الصلاة و السلام (( و هو المؤشر إلى التفسير الصحيح للقرآن )) هو الحلم بعينه، لا تزمت و لا تشدد و تنطع، و لا وقوف عند الفهم الحرفي للنصوص.. و كمثال: حكاية الرجل الذي جاء يحكي للرسول كيف اختلى بامرأة و نال منها ما يبتغي دون مباشرة.. فأطرق النبي – عليه الصلاة و السلام – و لم يعلق و قام للصلاة، فنزلت الآية:
(( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) )) [ هود ]
فنصح الرجل بالصلاة و الإكثار من النوافل، و لم يقم عليه النبي حد الزنا رغم اعترافه، و اعتبر ما حدث من (( اللمم ))، أي الذنوب التي تغفر، و التي تجبرها الصلاة و التوبة.
و يذكرنا هذا بالمسيح – عليه السلام – حينما رفض أن يرجم (( المجدلية )) الزانية، و قال لمن حوله: من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر !
و لم يشهد المسيح و لا نبينا – عليهما الصلاة و السلام – من بعده ذلك العصر الرديء الذي نعيش فيه، و الذي تدعو فيه أجهزة الإعلام و أغاني الإذاعة و أفلام السينما و تمثيليات التليفزيون – إلى العلاقات الحرة.. و الأقمار الفضائية التي تباشر الزنا علنا، و جهارا نهارا، و تغري الشباب بالصورة و الكلمة و الحركة إلى المسارعة في قضاء الشهوات، و إلى التسابق في المتع الحرام !
ماذا يكون موقف الشريعة من هذا العصر الذي شاعت فيه البلوى ؟!!
و ماذا يفعل الشباب.. و الزواج بعيد المنال.. هل يدخل في جب تحت الأرض ؟!!
و هل شبابنا في هذا الحال جناة، أم مجني عليهم ؟!
و فقه شيوع البلوى له مكان في شريعتنا، عملا بالمبدأ القرآني، حينما كانت الخمر بلاء شائعا في أول الدعوة، فنزلت الآيات مخففة، تعاتب شارب الخمر و لا تغلظ عليه، و تتدرج في التحريم على مراحل.. و يذكرنا هذا بالفقيه الإسلامي الذي سألوه أن يقيم حد الخمر على الحاكم التتري – و ذلك بعد إسلامه – فرفض، و آثر تركه في غيبوبة السكر ليكف ظلمه عن الناس، و قال: إن تطبيق الشريعة عليه و امتناعه عن الشرب و عودته إلى وعيه و عافيته، سوف تؤدي إلى منكر أشد، بعودته إلى جبروته و ظلمه.
و في هذا يقول العوام: (( نوم الظالم عبادة )) !
و منذ ذلك اليوم سارت كلمة ذلك الفقيه مثلا.. و أصبحت مبدأ مقررا من مبادئ الاجتهاد: له أنصاره.. إنه إذا أدى تطبيق الشريعة إلى منكر أشد كان عدم تطبيقها أولى.. و أنه لابد من فهم الشريعة الإسلامية في إطار مراد الله بها، و قصده من نزولها، و هو صلاح أمر العباد و ليس شقاءهم. فالله تعالى يقول:
(( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى )).. و هكذا كان شأن الاجتهاد عند المفسرين الأوائل.. و هكذا كان شأن العقل و الفهم و التدبر و التفكر.. و لم يظهر التشدد و التحجر و الانغلاق على الألفاظ، إلا مع قرون التخلف و توقف الاجتهاد، و ظهور الدعوات الأصولية التي تزايد على بعضها، و يسابق بعضها بعضا في الغلظة و في الرجم و الجلد.
و ليس في كلامنا تهوين من أمر الشريعة، فهي حبة قلب المسلم و سواد عينيه، و لا يملك المسلم العابد أمام كلمة ربه إلا السمع و الطاعة.. و إنما هي الغيرة على الكلمة و قداستها من أن تفهم على غير وجهها، و تستعمل في غير حقها، فتكون ذريعة إلى ظلم بريء.. بل نحن أشد حبا للشريعة من الذين يطبقونها في عمى.
و لقد تكاثر دعاة الأصولية الغلاظ، و تنافسوا في القسوة و في مطاردة المسلمين و إرهابهم بالنصوص، حتى نفروهم من دينهم !
و الله يعلم مسبقا ماذا سيكون شأن هذا العصر الذي نعيشه، من شيوع البلوى فيه، و من انتشار الفساد و الفقر و البطالة و الانحلال، و تكالب الأعداء على الإسلام من كل جانب، و هوان حال المسلمين و انقسامهم و تشتتهم و بوارهم.
و كل هذا يكشف عن عمق القرآن و رحابته و تعدد آفاقه، بحيث تغطي آياته التشريعية كل العصور.. و يكشف عن روح التسامح و إيثار فهم التشريع على الوجه الأصلح لحياة المسلمين.
و هو يكشف أيضا عن المرونة و عدم الجمود، و رفض الغلظة إلا في ضرورتها القصوى حين يقتل القاتل ظلما و بغيا فيتوجب القصاص.. و لهذا اختلف الناس أمام فهم القرآن ، و انعكست نفس كل قارئ في لون تفسيره.. فغلاظ القوم لم يشهدوا من القرآن إلا آيات النكال.. و الرحماء شهدوا رحابة التشريع، و انفساح آفاق التفسير أمام الفهم الأرحب و الأرحم.. و اختلفوا، و الكتاب الذي يقرأونه واحد.. و ما اختلفوا بسبب الكتاب بل بسبب نفوسهم ! و هذه مشكلة الحكومات الأصولية و الفرق المتشددة، و مرضى النفوس و مرضى القلوب، و هواة التشفي من كل جنس !
و لقد نزلت الآيات بهذا التلوين لتمتحن القلوب، و لتمتحن النفوس، و لتختبر المعادن.. و القرآن هو الشاهد على الكل، و هو الحجة.. و لا يصلح القرآن ذريعة لظلم أو جبروت، بل هو قاموس الرحمة بعينه.
و المختلفون من أهل الشقاق و النفاق شهدت أعمالهم على كفرهم.. فما اختاروا بغلظتهم القرآن حكما، بل اختاروا نفوسهم، و آثروا رغباتهم الانتقامية، و اتخذوا من القرآن ستارا و ذريعة لقساوتهم !
و صدق الله العظيم في خطابه لرسوله:
(( مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) )) [ طه ]
فالقرآن هو الباب إلى النعيم، و لا يمكن أن يكون بابا للشقاء، و لا بابا لكل هذا الخلاف و الفرقة و الانقسام.. و لا بابا لكل هذا الإرهاب و الإجرام و القساوة.. و إنما اختلفت النفوس التي تقرأ و تفهم و تفسر.
و لهذا قال ربنا عن قرآنه:
(( يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) )) [ البقرة ]
و ما أكثر فساق و مجرمي هذا الزمان، الذين اتخذوا من القرآن ذريعة لإجرامهم و ستارا لإرهابهم ! و هؤلاء هم الذين أضلهم الله بقرآنه.. و كشفهم أمام الناس و أمام نفوسهم، و فضح ضلالهم و كفرهم.
و لا مفر من الاختلاف، بحكم اختلاف النفوس و اختلاف الطبائع، قال ربنا عن الناس:
((.. وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) )) [ هود ]
و هذا الاختلاف أزلي، من قبل أن تولد النفوس و تجيء إلى الدنيا، و سببه ثبوت وصف تلك النفوس في علم الله من الأزل، و هذا الوصف هو ما أرادته النفوس لنفسها أزلا، و ليس ما أراده الله لها. فالله لا يريد إلا الخير لكل الخلق.. و لقد فطر البشر على الحرية و الاختيار، و كانت النتيجة أن اختلفوا حسب أهوائهم.
قال ربنا: (( و لذلك خلقهم )) ليميز الخبيث من الطيب، و لتكون خاتمة كل مخلوق على وفاق نيته.
و كانت العاقبة في النهاية أن امتلأت بهم جهنم، و لم يدخل الجنة إلا القليل، و استلزم الأمر (( الفرز )) و التصنيف، و تفاضل الرتب و المنازل، لأن هذا كان مقتضى العدل، و الله أعدل العادلين.
و كان البديل الآخر أن يستووا عند الله رغم اختلافهم.. أن يستوي القاتل و القتيل، و الظالم و المظلوم، و أن يستوي البر و الفاجر، و هو الأمر المحال !
تعالى ربنا عن مثل ذلك العبث علوا كبيرا.
قال ربنا: (( و لا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )).. و معنى ذلك أن داخل الجنة لن يدخلها بعمله وحده بل بفضل الله و رحمته، و تلك هي النسمة الربيعية الجميلة التي تهب من أول صفحة في القرآن إلى آخر صفحة.. من أول مفتتح الفاتحة.. بسم الله الرحمن الرحيم.. إلى آخر كلمة.. و الحمد لله رب العالمين بعد أن يتم الحساب. و لقد اختار ربنا لرحمته من استحقها من الخلق.. و هو أعلم بقلوب خلقه، و لولا رحمة ربك لهلكنا جميعا.
و بين النار و الجنة ذلك الخيط الرفيع بين المؤتلف و المختلف.. بين الذين أسلموا للحق و انسجموا معه في كتيبة الخير، و بين الذين أعرضوا و تفرقوا و اقتتلوا.. و ليس بالشعارات و لا بالبطاقات سيكون دخول الجنة ! فما أكثر الذين حملوا شعار لا إله إلا الله و خانوه، و حملوا بطاقة المسلم و لم يسلموا لشيء سوى هوى نفوسهم !
و تظل الوسطية و الاعتدال هي النغمة القرآنية السائدة من أول آياته إلى آخرها.. و الذين تطرفوا في الأخذ بالظاهر، و الذين تطرفوا في الأخذ بالباطن – إنما أخذوا من القرآن ما ناسبهم، و لم يأخذوا به كله.
و محمد – عليه الصلاة و السلام – و هو القرآن الحي الذي يمشي على الأرض – ما عرفناه إرهابيا، و لا عرفناه مجذوبا غائبا عن الوعي في سكرة الوجد مثل مجاذيب الطرق الصوفية، إنما عرفناه يقظا متنبها، حاضر الذهن، عقله مع الناس و قلبه مع ربه، يعيش الواقع و يلتحم بالدنيا، و مع ذلك لا يغفل عن خالقه لحظة.
و ذلك هو الصراط المستقيم.. لا يمين فيه و لا يسار.. بل خط رفيع كالسيف.. من أصابه فقد عرف جادة الإسلام.. و لهذا جعله الله أسوة لنا جميعا، و اختاره قدوة و مثالا.. و أرسله نبيا.. و قال له ما لم يقل لرسول:
(( و إنك لعلى خلق عظيم )). و من أخطأ فهو مسلم بقدر اقترابه من هذا الوسط الأمثل، و هو صاحب الأخلاق بقدر حظه من الاعتدال.
و الأخلاق في أصلها هي الأسماء الحسنى لله.. الكريم، الحليم، الرحيم، الودود، الرؤوف، الصبور، الشكور، البر، العفو، الغفور، الغفار، الرزاق، الحكم، العدل، النافع، الهادي، الرشيد.. فكل هذه أخلاق مثلى.. و لله المثل الأعلى.. و بقدر ما يحصل العبد من هذه الأخلاق يكون عند الله عبدا ربانيا.. و يكون عند الله مسلما حقا.
و في الحديث: (( تخلقوا بأخلاق الله.. إن ربي على صراط مستقيم )). و جمعية تلك الأخلاق هي الأصولية الحقيقية في ديانتنا إلى جانب الإسلام لله في كل شيء، و توحيده و تمجيده، و تسبيحه و عبادته و طاعته، و الإيمان بكتبه و رسله و القدر خيره و شره، و الآخرة و البعث و الحساب..
هذه هي الأصولية.. و لا دخل لها بإرهاب و لا بتطرف، و لا بمظهرية كاذبة، و لا بشكليات فجة..
و يجمع النبي – عليه الصلاة و السلام – كل هذا في جملة واحدة: (( قل: آمنت بالله ثم استقم )).
فيضع كل مكارم الأخلاق تحت كلمة الاستقامة، و كل مقررات الإسلام في كلمة الإيمان.. و ذلك لتأكيد أن الإسلام دين فطرة و بساطة، و ليس فلسفة و حذلقة و تنطعا و جدلا.. فالأمر أبسط من كل هذا.. بل هو ثلاث كلمات !
و أصحاب النيات السليمة يفهمون هذا ببداهتهم و لا حاجة لهم بجدل و لا بتنطع.. و أصحاب النيات الخبيثة.. المشكلة فيهم، و ليست في الدين.. و بين الاثنين ذلك الخيط الرفيع بين الجنة و النار.
و لذلك قال ربنا في أهل الجنة: (( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون )) – أي عن النار مبعدون –
كان هذا أمرا سبق نزولهم إلى الدنيا و هم مجرد نفوس.. و من قبل أن ينزلوا إلى عالم الامتحان و الابتلاء و دنيا أسفل سافلين.
هم إذن أهل الجنة من قديم.. و الآخرون أهل النار من قديم.. و إنما قضى الله بالامتحان و الابتلاء حتى تنقطع الحجة.. و حتى لا يكون لأحد عذر.
و يبقى بعد ذلك السؤال: كيف كنا في ذلك الأزل قبل الخلق ؟ و كيف تفاضلنا ؟ و متى ؟ و أين ؟
أم أنه لا أين، و لا متى في الأزل.. حيث لا حيث.. و حيث لا مكان و لا زمان ؟! و تلك من أسرار الغيب التي لا يعلمها إلا الله، و لن يكشف عنها الستار إلا بعد الموت و البعث.. و العرض مستمر.. و القصة ممتدة فصولا.. و فيها مصيرنا كله.
ضعوا أيديكم على قلوبكم.. فليس الأمر بالهزل !
مقال/ الخيط الرفيع بين الجنة و النار
من كتاب / سواح في دنيا الله
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ عجيب أمرنا نحن المسلمين !. نعبد إلها واحدا. و نطوف حول كعبة واحدة. و نتوجه في صلاتنا إلى قبلة واحدة. و نصطف في المسجد صفا واحدا. و نقول جميعا: آمين. في نفس واحد. و مع ذلك لكل منا إسلام خاص به، يختلف عن إسلام الآخر ! و كل منا يفهم الإسلام على طريقته، و يباشره في حياته بمفهومه الخاص !
و قد تفرقت الجماعة الإسلامية إلى سنة و شيعة و أباضية و دروز، بل إن الشيعة نفسها تفرقت إلى زيدية و اثنى عشرية و إسماعيلية و علوية و بهرة و بكتاشية، و خرج منها غلاة عبدوا عليا، و رأوا فيه ابنا لله، و اعتقدوا أن الرسالة أخطأته و نزلت على محمد ! و الأكثرية التزمت جانب الاعتدال و قالت: بل كان أولى بالخلافة. و لم تزد. و بين هؤلاء و هؤلاء تعددت الفرق و بعيدا عن الطريق و المذهب اختلف الناس بين مدخلين للإسلام. المدخل السلفي الأصولي، و المدخل الصوفي.
و في المدخل السلفي تمادى الأصوليون في الشكلية و في الالتزام الحرفي بالنصوص، و في ظاهر سلوكيات المسلم: طريقة إطلاقه لحيته، و تقصيره جلبابه. و للمرأة: نقابها و حجابها. و هي الشريعة ذاتها. بينما اهتمت الصوفية بتطهير الباطن، و مجاهدة النفس، و التربية الخلقية و تحصيل المقامات. مقامات التوبة و الإخلاص و الصدق و الصبر و الشكر و المراقبة و المحاسبة و التقوى و الورع. و تركت الظاهر لأهل الظاهر، و قالوا: نحن عمدتنا القلب، و غايتنا اللب و ليس القشر.
و الكل مسلمون و لكن شتان بين فهم و فهم !
و أنا أرى الآن أن القرآن لم ينحصر في أي من هذين المسلكين، بل كان في مجموع آياته يمثل الوسط العدل بينهما، و الجامع الأمين بين طهارة الظاهر و طهارة الباطن. و أن المذهبية و الحزبية أفسدت الإسلام تماما.
و القرآن في مجموع آياته شيء غير القرآن في آية واحدة مبتورة من سياقها، أو بضع آيات نزلت في مناسبة، أو حكم متشدد نزل في ضرورته.
و لا يمكن فهم الإسلام إلا من خلال القرآن كله بمجموع آياته. فهو يفسر بعضه بعضا، و ما غمض في آية توضحه آية أخرى، و ما أجمل في آية تفصله آية ثانية.
و التشديد لا يجيء في القرآن إلا لضرورة. أما السياق القرآني العام.....؟
فهو العفو و المغفرة و السماحة.
((. هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ. )) [ الحج : 78 ]
((لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ )) [ النور : 61 ]
و سلوك النبي عليه الصلاة و السلام (( و هو المؤشر إلى التفسير الصحيح للقرآن )) هو الحلم بعينه، لا تزمت و لا تشدد و تنطع، و لا وقوف عند الفهم الحرفي للنصوص. و كمثال: حكاية الرجل الذي جاء يحكي للرسول كيف اختلى بامرأة و نال منها ما يبتغي دون مباشرة. فأطرق النبي – عليه الصلاة و السلام – و لم يعلق و قام للصلاة، فنزلت الآية:
(( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) )) [ هود ]
فنصح الرجل بالصلاة و الإكثار من النوافل، و لم يقم عليه النبي حد الزنا رغم اعترافه، و اعتبر ما حدث من (( اللمم ))، أي الذنوب التي تغفر، و التي تجبرها الصلاة و التوبة.
و يذكرنا هذا بالمسيح – عليه السلام – حينما رفض أن يرجم (( المجدلية )) الزانية، و قال لمن حوله: من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر !
و لم يشهد المسيح و لا نبينا – عليهما الصلاة و السلام – من بعده ذلك العصر الرديء الذي نعيش فيه، و الذي تدعو فيه أجهزة الإعلام و أغاني الإذاعة و أفلام السينما و تمثيليات التليفزيون – إلى العلاقات الحرة. و الأقمار الفضائية التي تباشر الزنا علنا، و جهارا نهارا، و تغري الشباب بالصورة و الكلمة و الحركة إلى المسارعة في قضاء الشهوات، و إلى التسابق في المتع الحرام !
ماذا يكون موقف الشريعة من هذا العصر الذي شاعت فيه البلوى ؟!!
و ماذا يفعل الشباب. و الزواج بعيد المنال. هل يدخل في جب تحت الأرض ؟!!
و هل شبابنا في هذا الحال جناة، أم مجني عليهم ؟!
و فقه شيوع البلوى له مكان في شريعتنا، عملا بالمبدأ القرآني، حينما كانت الخمر بلاء شائعا في أول الدعوة، فنزلت الآيات مخففة، تعاتب شارب الخمر و لا تغلظ عليه، و تتدرج في التحريم على مراحل. و يذكرنا هذا بالفقيه الإسلامي الذي سألوه أن يقيم حد الخمر على الحاكم التتري – و ذلك بعد إسلامه – فرفض، و آثر تركه في غيبوبة السكر ليكف ظلمه عن الناس، و قال: إن تطبيق الشريعة عليه و امتناعه عن الشرب و عودته إلى وعيه و عافيته، سوف تؤدي إلى منكر أشد، بعودته إلى جبروته و ظلمه.
و في هذا يقول العوام: (( نوم الظالم عبادة )) !
و منذ ذلك اليوم سارت كلمة ذلك الفقيه مثلا. و أصبحت مبدأ مقررا من مبادئ الاجتهاد: له أنصاره. إنه إذا أدى تطبيق الشريعة إلى منكر أشد كان عدم تطبيقها أولى. و أنه لابد من فهم الشريعة الإسلامية في إطار مراد الله بها، و قصده من نزولها، و هو صلاح أمر العباد و ليس شقاءهم. فالله تعالى يقول:
(( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى )). و هكذا كان شأن الاجتهاد عند المفسرين الأوائل. و هكذا كان شأن العقل و الفهم و التدبر و التفكر. و لم يظهر التشدد و التحجر و الانغلاق على الألفاظ، إلا مع قرون التخلف و توقف الاجتهاد، و ظهور الدعوات الأصولية التي تزايد على بعضها، و يسابق بعضها بعضا في الغلظة و في الرجم و الجلد.
و ليس في كلامنا تهوين من أمر الشريعة، فهي حبة قلب المسلم و سواد عينيه، و لا يملك المسلم العابد أمام كلمة ربه إلا السمع و الطاعة. و إنما هي الغيرة على الكلمة و قداستها من أن تفهم على غير وجهها، و تستعمل في غير حقها، فتكون ذريعة إلى ظلم بريء. بل نحن أشد حبا للشريعة من الذين يطبقونها في عمى.
و لقد تكاثر دعاة الأصولية الغلاظ، و تنافسوا في القسوة و في مطاردة المسلمين و إرهابهم بالنصوص، حتى نفروهم من دينهم !
و الله يعلم مسبقا ماذا سيكون شأن هذا العصر الذي نعيشه، من شيوع البلوى فيه، و من انتشار الفساد و الفقر و البطالة و الانحلال، و تكالب الأعداء على الإسلام من كل جانب، و هوان حال المسلمين و انقسامهم و تشتتهم و بوارهم.
و كل هذا يكشف عن عمق القرآن و رحابته و تعدد آفاقه، بحيث تغطي آياته التشريعية كل العصور. و يكشف عن روح التسامح و إيثار فهم التشريع على الوجه الأصلح لحياة المسلمين.
و هو يكشف أيضا عن المرونة و عدم الجمود، و رفض الغلظة إلا في ضرورتها القصوى حين يقتل القاتل ظلما و بغيا فيتوجب القصاص. و لهذا اختلف الناس أمام فهم القرآن ، و انعكست نفس كل قارئ في لون تفسيره. فغلاظ القوم لم يشهدوا من القرآن إلا آيات النكال. و الرحماء شهدوا رحابة التشريع، و انفساح آفاق التفسير أمام الفهم الأرحب و الأرحم. و اختلفوا، و الكتاب الذي يقرأونه واحد. و ما اختلفوا بسبب الكتاب بل بسبب نفوسهم ! و هذه مشكلة الحكومات الأصولية و الفرق المتشددة، و مرضى النفوس و مرضى القلوب، و هواة التشفي من كل جنس !
و لقد نزلت الآيات بهذا التلوين لتمتحن القلوب، و لتمتحن النفوس، و لتختبر المعادن. و القرآن هو الشاهد على الكل، و هو الحجة. و لا يصلح القرآن ذريعة لظلم أو جبروت، بل هو قاموس الرحمة بعينه.
و المختلفون من أهل الشقاق و النفاق شهدت أعمالهم على كفرهم. فما اختاروا بغلظتهم القرآن حكما، بل اختاروا نفوسهم، و آثروا رغباتهم الانتقامية، و اتخذوا من القرآن ستارا و ذريعة لقساوتهم !
و صدق الله العظيم في خطابه لرسوله:
(( مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) )) [ طه ]
فالقرآن هو الباب إلى النعيم، و لا يمكن أن يكون بابا للشقاء، و لا بابا لكل هذا الخلاف و الفرقة و الانقسام. و لا بابا لكل هذا الإرهاب و الإجرام و القساوة. و إنما اختلفت النفوس التي تقرأ و تفهم و تفسر.
و لهذا قال ربنا عن قرآنه:
(( يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) )) [ البقرة ]
و ما أكثر فساق و مجرمي هذا الزمان، الذين اتخذوا من القرآن ذريعة لإجرامهم و ستارا لإرهابهم ! و هؤلاء هم الذين أضلهم الله بقرآنه. و كشفهم أمام الناس و أمام نفوسهم، و فضح ضلالهم و كفرهم.
و لا مفر من الاختلاف، بحكم اختلاف النفوس و اختلاف الطبائع، قال ربنا عن الناس:
((. وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) )) [ هود ]
و هذا الاختلاف أزلي، من قبل أن تولد النفوس و تجيء إلى الدنيا، و سببه ثبوت وصف تلك النفوس في علم الله من الأزل، و هذا الوصف هو ما أرادته النفوس لنفسها أزلا، و ليس ما أراده الله لها. فالله لا يريد إلا الخير لكل الخلق. و لقد فطر البشر على الحرية و الاختيار، و كانت النتيجة أن اختلفوا حسب أهوائهم.
قال ربنا: (( و لذلك خلقهم )) ليميز الخبيث من الطيب، و لتكون خاتمة كل مخلوق على وفاق نيته.
و كانت العاقبة في النهاية أن امتلأت بهم جهنم، و لم يدخل الجنة إلا القليل، و استلزم الأمر (( الفرز )) و التصنيف، و تفاضل الرتب و المنازل، لأن هذا كان مقتضى العدل، و الله أعدل العادلين.
و كان البديل الآخر أن يستووا عند الله رغم اختلافهم. أن يستوي القاتل و القتيل، و الظالم و المظلوم، و أن يستوي البر و الفاجر، و هو الأمر المحال !
تعالى ربنا عن مثل ذلك العبث علوا كبيرا.
قال ربنا: (( و لا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )). و معنى ذلك أن داخل الجنة لن يدخلها بعمله وحده بل بفضل الله و رحمته، و تلك هي النسمة الربيعية الجميلة التي تهب من أول صفحة في القرآن إلى آخر صفحة. من أول مفتتح الفاتحة. بسم الله الرحمن الرحيم. إلى آخر كلمة. و الحمد لله رب العالمين بعد أن يتم الحساب. و لقد اختار ربنا لرحمته من استحقها من الخلق. و هو أعلم بقلوب خلقه، و لولا رحمة ربك لهلكنا جميعا.
و بين النار و الجنة ذلك الخيط الرفيع بين المؤتلف و المختلف. بين الذين أسلموا للحق و انسجموا معه في كتيبة الخير، و بين الذين أعرضوا و تفرقوا و اقتتلوا. و ليس بالشعارات و لا بالبطاقات سيكون دخول الجنة ! فما أكثر الذين حملوا شعار لا إله إلا الله و خانوه، و حملوا بطاقة المسلم و لم يسلموا لشيء سوى هوى نفوسهم !
و تظل الوسطية و الاعتدال هي النغمة القرآنية السائدة من أول آياته إلى آخرها. و الذين تطرفوا في الأخذ بالظاهر، و الذين تطرفوا في الأخذ بالباطن – إنما أخذوا من القرآن ما ناسبهم، و لم يأخذوا به كله.
و محمد – عليه الصلاة و السلام – و هو القرآن الحي الذي يمشي على الأرض – ما عرفناه إرهابيا، و لا عرفناه مجذوبا غائبا عن الوعي في سكرة الوجد مثل مجاذيب الطرق الصوفية، إنما عرفناه يقظا متنبها، حاضر الذهن، عقله مع الناس و قلبه مع ربه، يعيش الواقع و يلتحم بالدنيا، و مع ذلك لا يغفل عن خالقه لحظة.
و ذلك هو الصراط المستقيم. لا يمين فيه و لا يسار. بل خط رفيع كالسيف. من أصابه فقد عرف جادة الإسلام. و لهذا جعله الله أسوة لنا جميعا، و اختاره قدوة و مثالا. و أرسله نبيا. و قال له ما لم يقل لرسول:
(( و إنك لعلى خلق عظيم )). و من أخطأ فهو مسلم بقدر اقترابه من هذا الوسط الأمثل، و هو صاحب الأخلاق بقدر حظه من الاعتدال.
و الأخلاق في أصلها هي الأسماء الحسنى لله. الكريم، الحليم، الرحيم، الودود، الرؤوف، الصبور، الشكور، البر، العفو، الغفور، الغفار، الرزاق، الحكم، العدل، النافع، الهادي، الرشيد. فكل هذه أخلاق مثلى. و لله المثل الأعلى. و بقدر ما يحصل العبد من هذه الأخلاق يكون عند الله عبدا ربانيا. و يكون عند الله مسلما حقا.
و في الحديث: (( تخلقوا بأخلاق الله. إن ربي على صراط مستقيم )). و جمعية تلك الأخلاق هي الأصولية الحقيقية في ديانتنا إلى جانب الإسلام لله في كل شيء، و توحيده و تمجيده، و تسبيحه و عبادته و طاعته، و الإيمان بكتبه و رسله و القدر خيره و شره، و الآخرة و البعث و الحساب.
هذه هي الأصولية. و لا دخل لها بإرهاب و لا بتطرف، و لا بمظهرية كاذبة، و لا بشكليات فجة.
و يجمع النبي – عليه الصلاة و السلام – كل هذا في جملة واحدة: (( قل: آمنت بالله ثم استقم )).
فيضع كل مكارم الأخلاق تحت كلمة الاستقامة، و كل مقررات الإسلام في كلمة الإيمان. و ذلك لتأكيد أن الإسلام دين فطرة و بساطة، و ليس فلسفة و حذلقة و تنطعا و جدلا. فالأمر أبسط من كل هذا. بل هو ثلاث كلمات !
و أصحاب النيات السليمة يفهمون هذا ببداهتهم و لا حاجة لهم بجدل و لا بتنطع. و أصحاب النيات الخبيثة. المشكلة فيهم، و ليست في الدين. و بين الاثنين ذلك الخيط الرفيع بين الجنة و النار.
و لذلك قال ربنا في أهل الجنة: (( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون )) – أي عن النار مبعدون –
كان هذا أمرا سبق نزولهم إلى الدنيا و هم مجرد نفوس. و من قبل أن ينزلوا إلى عالم الامتحان و الابتلاء و دنيا أسفل سافلين.
هم إذن أهل الجنة من قديم. و الآخرون أهل النار من قديم. و إنما قضى الله بالامتحان و الابتلاء حتى تنقطع الحجة. و حتى لا يكون لأحد عذر.
و يبقى بعد ذلك السؤال: كيف كنا في ذلك الأزل قبل الخلق ؟ و كيف تفاضلنا ؟ و متى ؟ و أين ؟
أم أنه لا أين، و لا متى في الأزل. حيث لا حيث. و حيث لا مكان و لا زمان ؟! و تلك من أسرار الغيب التي لا يعلمها إلا الله، و لن يكشف عنها الستار إلا بعد الموت و البعث. و العرض مستمر. و القصة ممتدة فصولا. و فيها مصيرنا كله.
ضعوا أيديكم على قلوبكم. فليس الأمر بالهزل !
مقال/ الخيط الرفيع بين الجنة و النار
من كتاب / سواح في دنيا الله
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ التجارة الوهمية في البورصة العالمية
بقلم د محمد.عمر
أيها الإخوة الأحباب
أود الإحاطة بأنني تناولت في مقالي السابق تحت عنوان ( تجارة العجزة المغفلين) المعني الشرعي للبيع أو التجارة وهو مبادلة مال بسلعة بين طرفين هما البائع والمشتري و كلاهما يعد بائعا فالأول باع السلعة مقابل المال والثاني باع المال مقابل السلعة فكلاهما بائع وهذا البيع لا يتم إلا بمعاينة السلعة وموافقة الطرفين بنية التأبيد فمن أخذها مقابل المال بنية الرد فهذا يعد من باب الإيجارة أو الرهن وهذ البيع لا يتم إلا بتملك السلعة أو بتمكين المشتري من سلعته التي اشتراها
وهذه هي الأحكام الشرعية المتعلقة بمسألة البيع التي أجازها ربنا تبارك وتعالي لتسهيل مصالح العباد
لكنا تأخر بنا الزمان وانتشر الحرام وعز بين الناس من يتحري الحلال من الحرام فإلي الله المشتكي
فمن أبواب الشر والبيوع الوهمية المحرمة التي يتعامل بها الناس الآن تحت اسم التجارة والبيع هي بيوع السندات المالية في أسواق أعدها أشرار العالم يقال لها البورصة المحلية و الدولية أو العالمية
فماذا يباع في هذه الأسواق ؟
فمن يقترب من حقيقة هذه الأسواق إنما يجد أنها أسواق لبيع أوراق باسم شركات دولية أو قومية أو عالمية قام المهيمنون علي هذه الأسواق بتثمين هذه المؤسسات والشركات والمصانع والهيئات الاقتصادية ثم حولوها إلي أسهم وحددوا سعرا للسهم الواحد فاحتفظوا لأنفسهم بنسبة51% من أسهم هذه المؤسسات بما يضمن لهم حق الإدارة والتحكم
ثم يقومون بعرض الباقي وهو نسبة 49% من أسهم هذه المؤسسات للبيع علي منصات إلكترونية لأسواق تجارية تعرض فيها أسهم هذه المؤسسات للتداول بين رواد هذه الأسواق وعينوا من يقومون بإدارة هذه الشاشات أمام الجمهور حيث يأتي المشتري ليقف أمام هذه الشاشات فيري سهم الشركة الفلانية أو المصنع الفلاني أو البنك الفلاني أو غيره من المعروضات وقد عرض بمبلغ كذا فيسارع المشتري بشراء عدد كذا من الأسهم فيدفع ماله إلي سماسرة البيع ويأخذ صكا أو ما يعرف بالسند بما تملك من عدد أسهم في المؤسسة أو الهيئة أو المصنع الفلاني أو البنك القومي أو الدولي الفلاني ثم ينصرف بهذا الصك إلي بيته وهو موهوم بأنه قد اشتري جزءا من هذا البنك أو المصنع أو المؤسسة
والسؤال الآن طبقا للأحكام الشرعية التي عرضناها في أول المقال
هل هذا يعد بيعا صحيحا ؟
هل عاينت ما قمت بشراءه ؟
وهل تملكته ؟
هل لك الحق أن تنتفع به ؟
هل يمكنك أن تأخذ كرسي من هذه المؤسسة؟
هل يمكن أن تذهب لتعاين نصيبك فيما اشتريته ؟
بالطبع لا لأنك اشتريت صك أو سند لعدد من الأسهم فقط هو كل ما تملكه فإن أردت أن تحتفظ به فاحتفظ ولك قيمة أرباح سوف تصلك كل عام دون أي تدخل منك في أي شئ لأن القائمين علي الإدارة أصحاب 51% من الأسهم هم من لهم الحق في الإدارة فقط وهم من يحددون نسبة الأرباح ومن يحددون المكسب والخسارة إذ أن أسعار هذه الأسهم غير ثابتة ما بين يوم و آخر بل ما بين ساعة و أخري
فقد تشتري أسهم بقيمة مائة ألف جنيها فتنخفض قيمتها إلي النصف أو الربع وقد تتضاعف أو تزيد فمن يتحكم في هذه الأسعار ؟
بالطبع لا علم لك ولا دخل لك فأنت تملك ورقة أو سند إن أردت أن تبيعه فسوف تبيعه وفق ما يعرض علي الشاشات الخاصة للبيع و الاشتراء
فماذا تظنون في هذه المعاملة؟
أتظنونها من باب البيوع المشروعة وفق قول الله عز وجل و أحل الله البيع وحرم الربا ؟
أم أنه بيع أوراق وهمية قد تتضاعف سعرها وقد تضيع مالك بالكامل ؟
فكم من أناس جمعوا أموالا طائلة من هذه المعاملة
وكم من آخرين فقدوا كل أموالهم من جراء هذه البيوع الوهمية
هذه البيوع التي لم تعد قاصرة علي سلعة بعينها فهناك أسهم لبنوك دولية وهناك أسهم لمصانع كبري وشركات عظمى و مؤسسات ضخمة فنية أو إعلامية وهناك أسهم لمصانع غذائية أو مصانع دوائية وهلم جرا
حتي إن شياطين العالم وصلو إلي بيع معادن نادرة مثل التيتانيوم الذي يدخل في صناعة الطائرات والذي لا يوجد إلا في شركات عالمية للدول العظمي فهم يقنعونك أنك تستطيع التجارة في هذه المعادن من خلال شاشات البورصة فتتملك عددا من الأطنان من هذه المعادن النادرة ويمكنك بيعها في أي وقت من خلال هذه الشاشات
و أنا أتساءل لو أنني اشتريت طن من التيتانيوم بواسطة صك فكيف لي أن أتملكه ؟ و إن تملكته فماذا أصنع به ؟
وهل يمكن أن أبيع إلا لنفس هذه الشركات الكبري ؟
فأين هي عملية التجارة الفعلية التي تمت ؟
وأين عملية البيع إلا الورقة التي تسلمتها من السماسرة العاملين أمام الشاشات و قمت ببيعها من خلال نفس الشاشات ولا علاقة لي بسعر البيع في الحالتين
فمن يدرك هذا الوهم الذي وقع فيه غالبية الناس إلا من رحم الله لكنه الطمع الذي أوقع الناس في الحرام أعاذنا الله تبارك وتعالي منه براءة نبرأ بها إلي خالقنا. ❝ ⏤محمد عمر عبد العزيز محمد
❞ التجارة الوهمية في البورصة العالمية
بقلم د محمد.عمر
أيها الإخوة الأحباب
أود الإحاطة بأنني تناولت في مقالي السابق تحت عنوان ( تجارة العجزة المغفلين) المعني الشرعي للبيع أو التجارة وهو مبادلة مال بسلعة بين طرفين هما البائع والمشتري و كلاهما يعد بائعا فالأول باع السلعة مقابل المال والثاني باع المال مقابل السلعة فكلاهما بائع وهذا البيع لا يتم إلا بمعاينة السلعة وموافقة الطرفين بنية التأبيد فمن أخذها مقابل المال بنية الرد فهذا يعد من باب الإيجارة أو الرهن وهذ البيع لا يتم إلا بتملك السلعة أو بتمكين المشتري من سلعته التي اشتراها
وهذه هي الأحكام الشرعية المتعلقة بمسألة البيع التي أجازها ربنا تبارك وتعالي لتسهيل مصالح العباد
لكنا تأخر بنا الزمان وانتشر الحرام وعز بين الناس من يتحري الحلال من الحرام فإلي الله المشتكي
فمن أبواب الشر والبيوع الوهمية المحرمة التي يتعامل بها الناس الآن تحت اسم التجارة والبيع هي بيوع السندات المالية في أسواق أعدها أشرار العالم يقال لها البورصة المحلية و الدولية أو العالمية
فماذا يباع في هذه الأسواق ؟
فمن يقترب من حقيقة هذه الأسواق إنما يجد أنها أسواق لبيع أوراق باسم شركات دولية أو قومية أو عالمية قام المهيمنون علي هذه الأسواق بتثمين هذه المؤسسات والشركات والمصانع والهيئات الاقتصادية ثم حولوها إلي أسهم وحددوا سعرا للسهم الواحد فاحتفظوا لأنفسهم بنسبة51% من أسهم هذه المؤسسات بما يضمن لهم حق الإدارة والتحكم
ثم يقومون بعرض الباقي وهو نسبة 49% من أسهم هذه المؤسسات للبيع علي منصات إلكترونية لأسواق تجارية تعرض فيها أسهم هذه المؤسسات للتداول بين رواد هذه الأسواق وعينوا من يقومون بإدارة هذه الشاشات أمام الجمهور حيث يأتي المشتري ليقف أمام هذه الشاشات فيري سهم الشركة الفلانية أو المصنع الفلاني أو البنك الفلاني أو غيره من المعروضات وقد عرض بمبلغ كذا فيسارع المشتري بشراء عدد كذا من الأسهم فيدفع ماله إلي سماسرة البيع ويأخذ صكا أو ما يعرف بالسند بما تملك من عدد أسهم في المؤسسة أو الهيئة أو المصنع الفلاني أو البنك القومي أو الدولي الفلاني ثم ينصرف بهذا الصك إلي بيته وهو موهوم بأنه قد اشتري جزءا من هذا البنك أو المصنع أو المؤسسة
والسؤال الآن طبقا للأحكام الشرعية التي عرضناها في أول المقال
هل هذا يعد بيعا صحيحا ؟
هل عاينت ما قمت بشراءه ؟
وهل تملكته ؟
هل لك الحق أن تنتفع به ؟
هل يمكنك أن تأخذ كرسي من هذه المؤسسة؟
هل يمكن أن تذهب لتعاين نصيبك فيما اشتريته ؟
بالطبع لا لأنك اشتريت صك أو سند لعدد من الأسهم فقط هو كل ما تملكه فإن أردت أن تحتفظ به فاحتفظ ولك قيمة أرباح سوف تصلك كل عام دون أي تدخل منك في أي شئ لأن القائمين علي الإدارة أصحاب 51% من الأسهم هم من لهم الحق في الإدارة فقط وهم من يحددون نسبة الأرباح ومن يحددون المكسب والخسارة إذ أن أسعار هذه الأسهم غير ثابتة ما بين يوم و آخر بل ما بين ساعة و أخري
فقد تشتري أسهم بقيمة مائة ألف جنيها فتنخفض قيمتها إلي النصف أو الربع وقد تتضاعف أو تزيد فمن يتحكم في هذه الأسعار ؟
بالطبع لا علم لك ولا دخل لك فأنت تملك ورقة أو سند إن أردت أن تبيعه فسوف تبيعه وفق ما يعرض علي الشاشات الخاصة للبيع و الاشتراء
فماذا تظنون في هذه المعاملة؟
أتظنونها من باب البيوع المشروعة وفق قول الله عز وجل و أحل الله البيع وحرم الربا ؟
أم أنه بيع أوراق وهمية قد تتضاعف سعرها وقد تضيع مالك بالكامل ؟
فكم من أناس جمعوا أموالا طائلة من هذه المعاملة
وكم من آخرين فقدوا كل أموالهم من جراء هذه البيوع الوهمية
هذه البيوع التي لم تعد قاصرة علي سلعة بعينها فهناك أسهم لبنوك دولية وهناك أسهم لمصانع كبري وشركات عظمى و مؤسسات ضخمة فنية أو إعلامية وهناك أسهم لمصانع غذائية أو مصانع دوائية وهلم جرا
حتي إن شياطين العالم وصلو إلي بيع معادن نادرة مثل التيتانيوم الذي يدخل في صناعة الطائرات والذي لا يوجد إلا في شركات عالمية للدول العظمي فهم يقنعونك أنك تستطيع التجارة في هذه المعادن من خلال شاشات البورصة فتتملك عددا من الأطنان من هذه المعادن النادرة ويمكنك بيعها في أي وقت من خلال هذه الشاشات
و أنا أتساءل لو أنني اشتريت طن من التيتانيوم بواسطة صك فكيف لي أن أتملكه ؟ و إن تملكته فماذا أصنع به ؟
وهل يمكن أن أبيع إلا لنفس هذه الشركات الكبري ؟
فأين هي عملية التجارة الفعلية التي تمت ؟
وأين عملية البيع إلا الورقة التي تسلمتها من السماسرة العاملين أمام الشاشات و قمت ببيعها من خلال نفس الشاشات ولا علاقة لي بسعر البيع في الحالتين
فمن يدرك هذا الوهم الذي وقع فيه غالبية الناس إلا من رحم الله لكنه الطمع الذي أوقع الناس في الحرام أعاذنا الله تبارك وتعالي منه براءة نبرأ بها إلي خالقنا. ❝
❞ يعود نجاح الحضارة المصرية القديمة جزئيًا إلى قدرتها على التكيف مع ظروف الزراعة في وادي النيل. أدى الفيضان المتوقع والري المتحكم به في الوادي الخصب إلى إنتاج فائض من المحاصيل ، مما ساعد على زيادة كثافة السكان ، و التنمية الاجتماعية والثقافة. وبتوفير الموارد ، رعت الإدارة استغلال المعادن في الوادي والمناطق الصحراوية المحيطة بها ، والتطوير المبكر لـ نظام كتابة مستقل ، وتنظيم البناء الجماعي والمشاريع الزراعية ، والتجارة مع المناطق المحيطة وجيش يهدف إلى تأكيد الهيمنة المصرية. كان تحفيز وتنظيم هذه الأنشطة عبارة عن بيروقراطية من نخبة الكتبة والزعماء الدينيين والإداريين تحت سيطرة الملك ، الذين كفلوا تعاون ووحدة الشعب المصري في سياق نظام متطور من المعتقدات الدينية.
تشمل الإنجازات العديدة التي حققها المصريون القدماء تقنيات استغلال المحاجر ، المسح والبناء التي دعمت بناء الأهرامات والمعابد والمسلات الضخمة. نظام للرياضيات ، ونظام عملي وفعال للطب ، وأنظمة الري وتقنيات الإنتاج الزراعي ، وأول القوارب الخشبية المعروفة ، والخزف المصري وتكنولوجيا الزجاج ، واختراع الأبجدية ، وأشكال جديدة من الأدب ، وأقدم معاهدة سلام معروفة ، أبرمت مع الحثيين. تركت مصر القديمة إرثاً دائماً للبشرية جمعاء وأخذ منها اليونانيون القدماء الكثير وتلاهم الرومان. ونُسخت وقُلدت الحضارة والفن والعمارة المصرية على نطاق واسع في العالم ، ونقلت آثارها إلى بقاع بعيدة من العالم. أثرت آثارها الضخمة وألهمت مخيلة الرحالة والكتاب لآلاف السنين. وأدت اكتشافات للآثار والحفريات المصرية في مطلع العصر الحديث من قبل الأوروبيين والمصريين إلى البحث العلمي في الحضارة المصرية تجلت في علم أطلق عليه علم المصريات ومزيداً من التقدير لتراثها الثقافي في مصر والعالم.. ❝ ⏤ محمد بيومى مهران
❞ يعود نجاح الحضارة المصرية القديمة جزئيًا إلى قدرتها على التكيف مع ظروف الزراعة في وادي النيل. أدى الفيضان المتوقع والري المتحكم به في الوادي الخصب إلى إنتاج فائض من المحاصيل ، مما ساعد على زيادة كثافة السكان ، و التنمية الاجتماعية والثقافة. وبتوفير الموارد ، رعت الإدارة استغلال المعادن في الوادي والمناطق الصحراوية المحيطة بها ، والتطوير المبكر لـ نظام كتابة مستقل ، وتنظيم البناء الجماعي والمشاريع الزراعية ، والتجارة مع المناطق المحيطة وجيش يهدف إلى تأكيد الهيمنة المصرية. كان تحفيز وتنظيم هذه الأنشطة عبارة عن بيروقراطية من نخبة الكتبة والزعماء الدينيين والإداريين تحت سيطرة الملك ، الذين كفلوا تعاون ووحدة الشعب المصري في سياق نظام متطور من المعتقدات الدينية.
تشمل الإنجازات العديدة التي حققها المصريون القدماء تقنيات استغلال المحاجر ، المسح والبناء التي دعمت بناء الأهرامات والمعابد والمسلات الضخمة. نظام للرياضيات ، ونظام عملي وفعال للطب ، وأنظمة الري وتقنيات الإنتاج الزراعي ، وأول القوارب الخشبية المعروفة ، والخزف المصري وتكنولوجيا الزجاج ، واختراع الأبجدية ، وأشكال جديدة من الأدب ، وأقدم معاهدة سلام معروفة ، أبرمت مع الحثيين. تركت مصر القديمة إرثاً دائماً للبشرية جمعاء وأخذ منها اليونانيون القدماء الكثير وتلاهم الرومان. ونُسخت وقُلدت الحضارة والفن والعمارة المصرية على نطاق واسع في العالم ، ونقلت آثارها إلى بقاع بعيدة من العالم. أثرت آثارها الضخمة وألهمت مخيلة الرحالة والكتاب لآلاف السنين. وأدت اكتشافات للآثار والحفريات المصرية في مطلع العصر الحديث من قبل الأوروبيين والمصريين إلى البحث العلمي في الحضارة المصرية تجلت في علم أطلق عليه علم المصريات ومزيداً من التقدير لتراثها الثقافي في مصر والعالم. ❝
❞ كلنا لنا خريف يتساقط فيه من لا يشبه أرواحنا من يؤذينا ولا يقدرنا قدرنا
كلنا محتفون بالكثيرين ومع التقدم بالعمر والوصول للهرم ستجد ما بجانبك إلا صديقين أو قليل جدا من الأشخاص .
هؤلاء هم المعادن التي تشبه روحك ستجد أنك كنت تغفل عن كثير من الأشياء ومع مرور الوقت تمردت عليها. ❝ ⏤نور السيد خطاب سليط
❞ كلنا لنا خريف يتساقط فيه من لا يشبه أرواحنا من يؤذينا ولا يقدرنا قدرنا
كلنا محتفون بالكثيرين ومع التقدم بالعمر والوصول للهرم ستجد ما بجانبك إلا صديقين أو قليل جدا من الأشخاص .
هؤلاء هم المعادن التي تشبه روحك ستجد أنك كنت تغفل عن كثير من الأشياء ومع مرور الوقت تمردت عليها. ❝
❞ قال الرازي في «تفسيره» إن لقائل أن يقول إن في جملة الأرض ما يطلق عليه أنه في الأرض فيكون جامعا للوصفين، ولا شك أن المعادن داخلة في ذلك وكذلك عروق الأرض وما يجري مجرى البعض لها ولأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه؟ انتهى.
وقد ذكر صاحب «الكشاف» «1» ما هو أوضح من هذا فقال: إن قلت: هل لقول من زعم أن المعنى خلق لكم الأرض وما فيها وجه صحة؟ قلت: إن أراد بالأرض الجهات السفلية دون الغبراء- كما تذكر السماء ويراد الجهات العلوية- جاز ذلك فإن الغبراء وما فيها واقعة في الجهات السفلية. انتهى.
قال الشوكاني في «فتح القدير» «2» . وأما التراب فقد ورد في السنة تحريمه «3» ، وهو أيضا ضار فليس مما ينتفع به أكلا ولكنه ينتفع به في منافع أخرى وليس المراد منفعة خاصة كمنفعة الأكل بل كلما يصدق عليه أنه ينتفع به بوجه من الوجوه.. ❝ ⏤صديق حسن خان
❞ قال الرازي في «تفسيره» إن لقائل أن يقول إن في جملة الأرض ما يطلق عليه أنه في الأرض فيكون جامعا للوصفين، ولا شك أن المعادن داخلة في ذلك وكذلك عروق الأرض وما يجري مجرى البعض لها ولأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه؟ انتهى.
وقد ذكر صاحب «الكشاف»«1» ما هو أوضح من هذا فقال: إن قلت: هل لقول من زعم أن المعنى خلق لكم الأرض وما فيها وجه صحة؟ قلت: إن أراد بالأرض الجهات السفلية دون الغبراء- كما تذكر السماء ويراد الجهات العلوية- جاز ذلك فإن الغبراء وما فيها واقعة في الجهات السفلية. انتهى.
قال الشوكاني في «فتح القدير»«2» . وأما التراب فقد ورد في السنة تحريمه «3» ، وهو أيضا ضار فليس مما ينتفع به أكلا ولكنه ينتفع به في منافع أخرى وليس المراد منفعة خاصة كمنفعة الأكل بل كلما يصدق عليه أنه ينتفع به بوجه من الوجوه. ❝