❞ عند فحص الناب والدماء العالقة به، تبين أن صاحبها يعاني نقص حاد في الكالسيوم، إذ لاحظنا وجود تآكل في أجزاء عديدة من الناب، وهذا النوع من التآكل يظهر كثيرًا في الأطفال، نتيجة نقص عنصر الكالسيوم لدى الأم أثناء الحمل، ويستمر مع الطفل مالم يتم علاجه بصورة جيدة.
وما علاقة ذلك بمسار القضية؟
قالها الضابط بنفاد صبر قبل أن يتجاهله الطبيب مكملاً:
الأهم من ذلك والأغرب، أن قطرة الدم التي علقت بالناب من الفصيلة "A"، بينما فصيلة دم المتهم بحسب تقارير المستشفى "o".
إذًا قطرة الدماء تخص الممرضة.
للصدفة، فصيلة دم الممرضة هي "o" أيضًا، حتى الممرضة الأخرى فصيلة دمائها “B”، مما قد يعني أن الناب يخص شخص آخر، قد يكون اشترك في جريمة القتل!!
نظر الضابط إلى الحقيبة التي وضع فيها مساعده شرائط تسجيل الكاميرات وهو يقول:
لم يكن في تسجيلات الكاميرا غير المتهم والممرضات الثلاث، وكل من ظهر عداهم ظهر بعد انتهاء الأمر.
إذًا أعتقد أن في الأمر خدعة ما، لأن الاحتمال الآخر، خارج عن المنطق تمامًا، ولا يمكنني أن أكتبه في تقرير طبي إطلاقًا.
وما هو الاحتمال الذي لا يمكن ذكره في تقارير طبية؟!. ❝ ⏤الكاتب محمود عبد العال
❞ عند فحص الناب والدماء العالقة به، تبين أن صاحبها يعاني نقص حاد في الكالسيوم، إذ لاحظنا وجود تآكل في أجزاء عديدة من الناب، وهذا النوع من التآكل يظهر كثيرًا في الأطفال، نتيجة نقص عنصر الكالسيوم لدى الأم أثناء الحمل، ويستمر مع الطفل مالم يتم علاجه بصورة جيدة.
وما علاقة ذلك بمسار القضية؟
قالها الضابط بنفاد صبر قبل أن يتجاهله الطبيب مكملاً:
الأهم من ذلك والأغرب، أن قطرة الدم التي علقت بالناب من الفصيلة ˝A˝، بينما فصيلة دم المتهم بحسب تقارير المستشفى ˝o˝.
إذًا قطرة الدماء تخص الممرضة.
للصدفة، فصيلة دم الممرضة هي ˝o˝ أيضًا، حتى الممرضة الأخرى فصيلة دمائها “B”، مما قد يعني أن الناب يخص شخص آخر، قد يكون اشترك في جريمة القتل!!
نظر الضابط إلى الحقيبة التي وضع فيها مساعده شرائط تسجيل الكاميرات وهو يقول:
لم يكن في تسجيلات الكاميرا غير المتهم والممرضات الثلاث، وكل من ظهر عداهم ظهر بعد انتهاء الأمر.
إذًا أعتقد أن في الأمر خدعة ما، لأن الاحتمال الآخر، خارج عن المنطق تمامًا، ولا يمكنني أن أكتبه في تقرير طبي إطلاقًا.
وما هو الاحتمال الذي لا يمكن ذكره في تقارير طبية؟!. ❝
❞ من السهل طمس الحقيقة بحيلة لغوية بسيطة: ابدأ حكايتك من (ثانيا)! نعم. هذا ما فعله رابين بكل بساطه. لقد أهمل الحديث عما جرى (أولا).
ويكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيا) حتى ينقلب العالم.
يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيا) حتى تصبح سهام الهنود الحمر هى المجرمة الأصيلة، وبنادق البيض هى الضحية الكاملة!
يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيا) حتى يصبح غضب السود على الرجل الأبيض هو الفعل الوحشي!
يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيا) حتى يصبح غاندي هو المسؤل عن مآسي البريطانيين! يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيا) حتى يصبح الفيتنامي المحروق هو الذي أساء إلى إنسانية النابالم!
وتصبح أغاني (فكتور هارا) هى العار وليس رصاص (بينوشيت) الذي حصد الآلاف فى استاد سنتياغو!
يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيا) حتى تصبح ستي أم عطا هى المجرمة و اريئيل شارون هو ضحيتها !. ❝ ⏤مريد البرغوثي
❞ من السهل طمس الحقيقة بحيلة لغوية بسيطة: ابدأ حكايتك من (ثانيا)! نعم. هذا ما فعله رابين بكل بساطه. لقد أهمل الحديث عما جرى (أولا).
ويكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيا) حتى ينقلب العالم.
يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيا) حتى تصبح سهام الهنود الحمر هى المجرمة الأصيلة، وبنادق البيض هى الضحية الكاملة!
يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيا) حتى يصبح غضب السود على الرجل الأبيض هو الفعل الوحشي!
يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيا) حتى يصبح غاندي هو المسؤل عن مآسي البريطانيين! يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيا) حتى يصبح الفيتنامي المحروق هو الذي أساء إلى إنسانية النابالم!
وتصبح أغاني (فكتور هارا) هى العار وليس رصاص (بينوشيت) الذي حصد الآلاف فى استاد سنتياغو!
يكفي أن تبدأ حكايتك من (ثانيا) حتى تصبح ستي أم عطا هى المجرمة و اريئيل شارون هو ضحيتها !. ❝
❞ \"إلى إحساسي رسالة اعتذار\"
إليك أنت ياملهمي، وناصحي، ورفيقي الذي لايخون. إليك أنت ياقلبي النابض وشرياني الذي يمدني دائمًا بالقوة...
تحية طيبة وبعد...
هاأنا أكتب إليك وكلي أسف وألم لما فعلت بك في السابق، لما تجرعت مني إهانات لاتعدُ وتُحصى.. أكتب إليك بمداد دموعي وأنين حزني. أكتب إليك آملة أن تتفضل عليَّ وتكرمني بالعفو عن زلاتي الكثيرة. وأقطع لك وعدًا صادقًا بأنني لن أخون مرة أخرى ولن أتجاهلك مادمت على قيد الحياة.
فقد أثبت لي مرة أخرى أنك على صواب. أثبت تفاهتي وغبائي. لقد أخبرتني أنني أركض وراء الوهم، وراء اللاشيء، وراء الأشخاص الخطأ، أخبرتني أن أُعيد النظر في اختياراتي وقراراتي، وأيضًا الكثير من معتقداتي.
ولكنني صَمَمْتُ أُذني عنك وأدعيت أنك تكبّر المواضيع وأن الأمور سهلة تمامًا كسهولة ثقتي في غيري وإفشاء سري لمن ليس يكتمه. لقد تجاهلتك، غضيت الطرف عنك، أتهمتك بتعقيد الأمور، ولكنك كنت حق لقد رأيت أن الأمور معقدة أكثر مما كنت أعتقد. ولقد تجرعت ألم سوء اختياراتي، وعانيت مرارة الحقيقة التي يظهر بها الأشخاص الذين قربتهم من قلبي، وظننتهم عونًا لي ورفقة جيدة في حياتي، ولكنني بالفعل اكتشفت أنني أركض وراء الأشخاص الخطأ.
أريد أن أخبرك أنني أشعر بالحزن كثيرًا ليس من أجلي بل من أجلك أنت من أجل جرحك، وخيبتك التي سببتها لك. أريد أنأخبرك بأشياء كثيرة لكنني لم أقوى على الكتابة والتعبير فقد خانتني دموعي، وغصة صدري
ولا سبيل لإخبارك بها إلا عن طريق زاجلي الذي سيحمل رسالتي إليك فهو حقًا سيخبرك بكل شيء فاسمع منه بإهتمام وتفضل عليّ بنصحك مرة أخرى فأنا أحتاجك وبشدة...
مريم الخميسي. ❝ ⏤مۘــڕٻۧــمۘ اڵــڂۡــمۘــېْۧــڛۜــېْۧ
❞ ˝إلى إحساسي رسالة اعتذار˝
إليك أنت ياملهمي، وناصحي، ورفيقي الذي لايخون. إليك أنت ياقلبي النابض وشرياني الذي يمدني دائمًا بالقوة..
تحية طيبة وبعد..
هاأنا أكتب إليك وكلي أسف وألم لما فعلت بك في السابق، لما تجرعت مني إهانات لاتعدُ وتُحصى. أكتب إليك بمداد دموعي وأنين حزني. أكتب إليك آملة أن تتفضل عليَّ وتكرمني بالعفو عن زلاتي الكثيرة. وأقطع لك وعدًا صادقًا بأنني لن أخون مرة أخرى ولن أتجاهلك مادمت على قيد الحياة.
فقد أثبت لي مرة أخرى أنك على صواب. أثبت تفاهتي وغبائي. لقد أخبرتني أنني أركض وراء الوهم، وراء اللاشيء، وراء الأشخاص الخطأ، أخبرتني أن أُعيد النظر في اختياراتي وقراراتي، وأيضًا الكثير من معتقداتي.
ولكنني صَمَمْتُ أُذني عنك وأدعيت أنك تكبّر المواضيع وأن الأمور سهلة تمامًا كسهولة ثقتي في غيري وإفشاء سري لمن ليس يكتمه. لقد تجاهلتك، غضيت الطرف عنك، أتهمتك بتعقيد الأمور، ولكنك كنت حق لقد رأيت أن الأمور معقدة أكثر مما كنت أعتقد. ولقد تجرعت ألم سوء اختياراتي، وعانيت مرارة الحقيقة التي يظهر بها الأشخاص الذين قربتهم من قلبي، وظننتهم عونًا لي ورفقة جيدة في حياتي، ولكنني بالفعل اكتشفت أنني أركض وراء الأشخاص الخطأ.
أريد أن أخبرك أنني أشعر بالحزن كثيرًا ليس من أجلي بل من أجلك أنت من أجل جرحك، وخيبتك التي سببتها لك. أريد أنأخبرك بأشياء كثيرة لكنني لم أقوى على الكتابة والتعبير فقد خانتني دموعي، وغصة صدري
ولا سبيل لإخبارك بها إلا عن طريق زاجلي الذي سيحمل رسالتي إليك فهو حقًا سيخبرك بكل شيء فاسمع منه بإهتمام وتفضل عليّ بنصحك مرة أخرى فأنا أحتاجك وبشدة..
مريم الخميسي. ❝
❞ حوار مع صديقي الملحد
قال صاحبي : - موقفك اليوم سيكون صعباً ، فعليك أن تثبت أن خلق الإنسان جاء على طريقة جلا جلا .. أمسك الخالق قطعة طين ثم
عجنها في يده و نفخ فيها فإذا بها آدم وهو كلام تخالفك فيه بشدة علوم التطور التي تقول : إن صاحبك آدم جاء نتيجة سلسلة من الأطوار الحيوانية السابقة ، و أنه ليس مقطوع الصلة بأفراد عائلته من الحيوانات ، و أنه و القرود أولاد عمومة يلتقون معاً في سابع جد .. و أن التشابه الأكيد في تفاصيل البنية التشريحية للجميع يدل على أنهم جميعاً أفراد أسرة واحدة .
قلت و أنا أستعد لمعركة علمية دسمة :- دعني أصحح معلوماتك أولاً فأقول لك إن الله لم يخلق آدم على طريقة جلا جلا ..
ها هنا قطعة طين ننفخ فيها فتكون آدم .. فالقرآن يروي قصة مختلفة تماماً عن خلق آدم، قصة يتم فيه الخلق على مراحل و أطوار و زمن إلهي مديد ، والقرآن يقول إن الإنسان لم يخرج من الطين مباشرة ، وإنما خرج من سلالة جاءت من الطين : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ } 12/ سورة المؤمنون
وأن الإنسان في البدء لم يكن شيئاً يذكر :{ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } 1/ سورة الإنسان
وأن خلقه جاء على أطوار ..{مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا . وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا } 13/14 سورة نوح { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ } 11/ سورة الأعراف
{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ . فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } 71/72 سورة ص
معنى ذلك أن هناك مراحل بدأت بالخلق ثم التصوير .. ثم التسوية ثم النفخ .." وثم " بالزمن الإلهي معناها ملايين السنين : { إِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } 47/ سورة الحج
انظر إلى هذه المراحل الزمنية للخلق في سورة السجدة .. يقول الله سبحانه إنه : { وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ .ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ } 7/ 9 سورة السجدة .
في البدء كان الطين ، ثم جاءت سلالة من ماء مهين هي البدايات الأولى للإنسان التي لم تكن شيئاً مذكوراً ، ثم التسوية و التصوير ، ثم نفخ الروح التي بها أصبح للإنسان سمع و بصر و فؤاد .. و أصبح آدم ..
فآدم إذن نهاية سلسلة من الأطوار و ليس بدءاً مطلقاً على طريقة جلا جلا ..
{ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا } 17/ سورة نوح
هنا عملية إنبات بكل ما في الإنبات من أطوار و مراحل و زمن .. و لكن اللغز الحقيقي هو .. ماذا كانت تلك المراحل بالضبط ، و ماذا كانت تلك الأطوار ؟
هل كل شجرة الحياة من أب واحد .. هي كلها من الطين بحكم التركيب الكيميائي .. و كلها تنتهي بالموت إلى أصلها الترابي .. هذه حقيقة ..
و لكننا نقصد من كلمة " أب " شيئاً أكثر من الأصل الطيني .. و السؤال هو هل تولدت من الطين خلية أولى تعددت و أنجبت كل تلك الأنواع و الفصائل النباتية و الحيوانية بما في ذلك الإنسان ؟
أم أنه كانت هناك بدايات متعددة .. بداية تطورت إلى نباتات ، و بداية تطورت إلى فرع من فروع الحيوان ، كالإسفنج مثلاً ، و بداية أخرى خرج منها فرع آخر كالأسماك ، و بداية خرجت منها الزواحف ، و بداية خرجت منها الطيور ، و بداية خرجت منها الثدييات ، و بداية خرج منها الإنسان ، و بذلك يكون للإنسان جد منفصل ، و يكون لكل نوع جد خاص به ؟
إن التشابه التشريحي للفروع و الأنواع و الفصائل لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة ، و إنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على وحدة الخالق ، و أن صانعها جميعاً واحد ، لأنه خلقها جميعاً من خامة واحدة و بأسلوب واحد و بخطة واحدة .. هذه هي النتيجة الحتمية .
و لكن خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي .. فوسائل المواصلات تتشابه فيما بينها العربة و القطار و الترام و الديزل كلها تقوم على أسس هندسية و تركيبة متشابهة ، دالة بذلك على أنها جميعاً من اختراع العقل البشري .. و لكن هذا لا يمنع أن كل صنف منها جاء من أب مستقل و من فكرة هندسية مستقلة ..
كما أننا لا يصح أن نقول إن عربة اليد تطورت تلقائياً بحكم القوانين الباطنة فيها إلى عربة حنطور ، ثم إلى عربة فورد ثم إلى قطار ، ثم إلى ديزل .
فالواقع غير ذلك .. و هو أن كل طور من هذه الأطوار جاء بطفرة ذهنية في عقل المخترع ، و قفزة إبداع في عقل المهندس ، لم يخرج نوع من آخر .. مع أن الترتيب الزمني قد يؤيد فكرة خروج نوع من نوع .. و لكن ما حدث كان غير ذلك فكل نوع جاء بطفرة إبداعية من العقل المخترع ، و بدأ مستقلاً .
و هذه هي أخطاء داروين و المطبات و الثغرات التي وقع فيها حينما صاغ نظريته .
و دعنا نتذكر معاً ما قال داروين في كتابه " أصل الأنواع " :
كان أول ما اكتشفه داروين في أثناء رحلته بالسفينة " بيجل " هي الخطة التشريحية الواحدة التي بنيت عليها كل الفصائل الحيوانية ..
فالهيكل العظمي واحد في أغلب الحيوانات الفقرية : الذراع في القرد هو نفس الجناح في الطائر ، هو نفس الجناح في الخفاش ، كل عظمة هنا تقابلها عظمة تناظرها هناك مع تحورات طفيفة ، لتلائم الوظيفة ، فالعظام في الطيور رقيقة و خفيفة و مجوفة و هي مغطاة بالريش .. ثم نجد رقبة الزرافة الطويلة بها سبع فقرات ، و رقبة الإنسان سبع فقرات ، و رقبة القنفذ التي لا تذكر من فرط قصرها هي الأخرى بها سبع فقرات ، و هناك خمس أصابع في يد الإنسان ، و نجد نفس التخميس في أصابع القرد ، و الأرنب ، و الضفدعة ، و السحلية ..
و فترة الحمل في الحوت و القرد و الإنسان تسعة أشهر ، و فترة الإرضاع في الجميع سنتان ، و فقرات الذيل في القرد نجدها في الإنسان متدامجة ملتصقة فيما يسمى بالعُصعُص ، و نجد عضلات الذيل قد تحورت في الإنسان إلى قاع متين للحوض ..
ثم نجد القلب بغرفه الأربع في الحصان و الحمار و الأرنب و الحمامة و الإنسان ، و نفس الخطة في تفرع الشرايين و الأوردة ..
ثم نجد نفس الخطة في الجهاز الهضمي : البلعوم ثم المعدة .. ثم " الاثنى عشر " .. ثم الأمعاء الدقيقة .. ثم الأمعاء الغليظة .. ثم الشرج و الجهاز التناسلي : نفس الخصية ، و المبيض ، و قنوات الخصية ، و قنوات المبيض ..
و كذلك الجهاز البولي : نفس الكلية ، و الحالب ، و حويصلة البول ..
و الجهاز التنفسي : القصبة الهوائية و الرئتين ، و نجد أن الرئة في البرمائيات هي نفس كيس العوم في السمكة .
كان طبيعياً بعد هذا أن يتصور داروين أن الحيوانات كلها أفراد أسرة واحدة تفرقت بهم البيئات فتكيفت كل فصيلة مع بيئتها ..
الحوت في المنطقة الجليدية لبس معطفاً من الشحم .. و الدببة لبست الفراء .. و إنسان الغابة في الشمس الإستوائية أسودّ جلده فأصبح كالمظلة الواقية ليقيه الشمس .. و سحالي الكهوف ضمرت عيونها لأنها لا تجد لها فائدة في الظلام فأصبحت عمياء في حين نجد سحالي البراري مبصرة ..
و الحيوانات التي نزلت الماء طورت أطرافها إلى زعانف .. و التي غزت الجو طورت أطرافها إلى أجنحة .. و زواحف الأرض طورت أطرافها إلى أرجل .
ثم ألا يحكي الجنين القصة ؟
ففي مرحلة من مراحل نموه نراه يتنفس بالخياشيم ثم تضمر الخياشيم و تظهر فيه الرئتان ، و في مرحلة نجد له ذيلاً يضمر الذيل و يختفي ، و في مرحلة نراه يكتسي بالشعر ثم ينحسر بعد ذلك الشعر عن جسمه .
ثم ألا تحكي لنا طبقات الصخور بما حفظت لنا من حفريات قصة متسلسلة الحلقات عن ظهور و اختفاء هذه الأنواع الواحد بعد الآخر من الحيوانات البسيطة وحيدة الخلية ، إلى عديدة الخلايا ، إلى الرخويات ، إلى القشريات ، إلى الأسماك ، إلى البرمائيات ، إلى الزواحف ، إلى الطيور ، إلى الثدييات .. و أخيراً إلى الإنسان ..
و لقد أصاب داروين و أبدع حينما وضع هذه المقدمة القيمة في التشابه التشريحي بين الحيوانات و أصاب حينما قال بالتطور .
و لكنه أخطأ حينما حاول أن يفسر عملية الإرتقاء ، و أخطأ حينما حاول أن يتصور مراحل هذا الإرتقاء و تفاصيله .
كان تفسير داروين لعملية الإرتقاء أنه يتم بالعوامل المادية التلقائية وحدها ، حيث تتقاتل الحيوانات بالناب و المخلب في صراع الحياة الدموي الرهيب فيموت الضعيف و يكون البقاء دائماً للأصلح .. تلك الحرب الناشبة في الطبيعة هي التي تفرز الصالح و القوي و تشجعه .. و تبقي على نسله .. و تفسح أمامه سبل الحياة ..
و إذا كانت هذه النظرية تفسر لنا بقاء الأقوى فإنما لا تفسر لنا بقاء الأجمل ، فإن الجناح المنقوش لا يمتاز بأي صلاحيات مادية أو معاشية عن الجناح الأبيض ، و ليس أكفأ منه في الطيران .. و إذا قلنا إن الذكر يفضل الجناح المنقوش ، في التزاوج ، فسوف نسأل و لماذا ؟ .. ما دام هذا النقش لا يمثل أي مزيد من الكفاءة ؟
و إذا دخل تفضيل الأجمل في الحساب فإن النظرية المادية تنهار من أساسها ..
و تبقى النظرية بعد ذلك عاجزة عن تفسير لماذا خرج من عائلة الحمار شيء كالحصان .. و لماذا خرج من عائلة الوعل شيء رقيق مرهف و جميل كالغزال .. مع أنه أقل قوة و أقل إحتمالاً ..
كيف نفسر جناح الهدهد و ريشة الطاووس و موديلات الفراش بألوانها البديعة و نقوشها المذهلة ..
و نحن هنا أمام يد مصور فنان يتفنن و يبدع .. و لسنا أمام عملية غليظة كصراع البقاء و حرب المخلب و الناب ..
و الخطأ الثاني في نظرية التطور جاء بعد ذلك من أصحاب نظرية الطفرة .. و الطفرات هي الصفات الجديدة المفاجئة التي تظهر في النسل نتيجة تغيرات غير محسوبة في عملية تزاوج الخلية الأنثوية و الخلية الذكرية و لقاء الكروموسومات لتحديد الصفات الوراثية ..
و أحياناً تكون هذه الصفات الجديدة صفات ضارة كالمسوخ و التشوهات ، و أحياناً تكون طفرات مفيدة للبيئة الجديدة للحيوان كأن تظهر للحيوان الذي ينزل الماء أرجل مبططة .. فتكون صفة جديدة مفيدة .. لأن الأرجل المبططة أنسب للسباحة ، فتشجع الطبيعة هذه الصفة و تنقلها إلى الأجيال الجديدة ، و تقضي على الصفة القديمة لعدم صلاحيتها ، و بذلك يحدث الإرتقاء و تتطور الأرجل العادية إلى أرجل غشائية ..
و خطأ هذه النظرية أنها أقامت التطور على أساس الطفرات و الأخطاء العشوائية .. و أسقطت عملية التدبير و الإبداع تماماً ..
و لا يمكن أن تصلح هذه الطفرات العشوائية أساساً لما نرى حولنا من دقة و إبداع و إحكام في كل شيء ..
إن البعوضة تضع بيضها في المستنقع .. و كل بيضة تأتي إلى الوجود مزودة بكيسين للطفو .. من أين تعلمت البعوضة قوانين أرشميدس لتزود بيضها بهذه الأكياس الطافية ؟
و أشجار الصحارى تنتج بذوراً مجنحة تطير مع الرياح أميالاً و تنتثر في مساحات واسعة بلا حدود .. من أين تعلمت أشجار الصحارى قوانين الحمل الهوائي لتصنع لنفسها هذه البذور المجنحة ، التي تطير مئات الأميال بحثاً عن أراض ملائمة للإنبات ؟
و هذه النباتات المفترسة التي تصطنع لنفسها الفخاخ و الشراك الخداعية العجيبة لتصيد الحشرات و تهضمها و تأكلها بأي عقل استطاعت أن تصطنع تلك الحيل ؟
نحن هنا أمام عقل كلي يفكر و يبتكر لمخلوقاته و يبدع لها أسباب الحيل.. لا يمكن تصور حدوث الإرتقاء بدون هذا العقل المبدع : { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } 50/ سورة طـه .
و العقبة الثالثة أمام نظرية داروين .. هي ما اكتشفناه الآن بإسم الخريطة الكروموسومية .. أو خريطة الجينات .. و نحن نعلم الآن أن لكل نوع حيواني خريطة كروموسومية خاصة به، و يستحيل أن يخرج نوع من نوع بسبب اختلاف هذه الخريطة الكروموسومية .
نخلص من هذا إلى أن نظرية داروين تعثرت .. و إذا كان التشابه التشريحي بين الحيوانات حقيقة متفق عليها ، و إذا كان التطور أيضاً حقيقة ، فإن مراحل هذا التطور و كيفياته ما زالت لغزاً ..
هل كانت هناك بدايات مستقلة أم أن بعض الفروع تلتقي عند أصول واحدة ؟
و التطور وارد باللفظ الصريح في القرآن .. كما أن مراحل الخلق و التصوير و التسوية و نفخ الروح واردة ..
و لكن لم يستقر العلم على نظرية ثابتة لتلك المراحل بعد .. و إذا عدنا لسورة السجدة التي تحكي عن الله أنه :
{ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ } 7 / 9 سورة السجدة
فإن معنى الآية صريح في أن البدايات الأولى للإنسان التي جاء منها آدم فيما بعد ، و هي تلك التي جاء نسلها من ماء مهين ، لم يكن لها سمع و لا أبصار و لا أفئدة ..
و إنما جاءت هذه الأبصار و الأسماع و الأفئدة بعد نفخ الروح و هي آخر مراحل خلق آدم ..
هي إذن بدايات أشبه بالحياة الحيوانية المتخلفة : { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } 1/ سورة الإنسان .
هو تفسير لا يختلف كثيراً عن العلوم التي تتحدث عنها .. و لكن نفس الآية قد تعني معنى آخر هو أطوار الجنين داخل الرحم و كيف يتخلق من بدايات لا سمع فيها و لا بصر ثم يأتي نفخ الروح في هذه المضغة في الشهر الرابع فتستوي خلقاً آخر ..
آيات الخلق إذن متشابهات و القرآن يحمل أكثر من وجه من وجوه التفسير .. و الحقيقة بعد هذا ما زالت لغزاً .. و لا يستطيع أحد أن يدعي أنه كشف الحقيقة .. و السؤال ما زال مفتوحاً للبحث ، و كل ما جاء به العلم فروض ..
و ربما كانت أرجح الآراء أن التسوية المذكورة في القرآن { خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ } 7/8 سورة الانفطار . كانت تسوية سلالية بشيء أشبه بالهندسة الوراثية و أن الأمر ليس تطوراً كما يقول داروين و لكنه تطوير يحدث بتدخل و فعل إلهي لإعداد الحشوة الحية ( و هي في أصل المنشأ من الطين ) لتستقبل نفخة الروح و حلول النفس فيها لتكون آدم ..
ثم النفس و حكايتها هي سؤال آخر أكثر ألغازاً .. هل يكون للنفس تصوير في القوالب الطينية فتكون لها تجسدات متعداة و تاريخ و تطور هي الأخرى ؟
أم أنها على حالها من علم الله بها منذ الأزل . . الله أعلم . .
و الموضوع كله عماء . . و ربما كان أفضل فهم لعملية التطور أنها كانت تطويراً بفعل فاعل و بذات مبدعة خلاّقة و لم تكن تطوراً تلقائياً كما تصورها داروين و صحبِه و لم تكن مراحل متروكة للصدفة ..
و إنما كانت تخليقاً مراداً و مخطط خالق قادر حكيم.. و إنها هندسة وراثية لمهندس عظيم ليس كمثله شيء . . و ما جاء في القرآن هو أصدق صورة لما حدث . . و القطع في هذه القضية مستحيل . . و ما زال القرآن يفرض نفسه بلا بديل . .
من كتــاب / حوار مع صديقي الملحد
للدكتور/ مصطفى محمود رحمه الله. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ حوار مع صديقي الملحد
قال صاحبي : - موقفك اليوم سيكون صعباً ، فعليك أن تثبت أن خلق الإنسان جاء على طريقة جلا جلا . أمسك الخالق قطعة طين ثم
عجنها في يده و نفخ فيها فإذا بها آدم وهو كلام تخالفك فيه بشدة علوم التطور التي تقول : إن صاحبك آدم جاء نتيجة سلسلة من الأطوار الحيوانية السابقة ، و أنه ليس مقطوع الصلة بأفراد عائلته من الحيوانات ، و أنه و القرود أولاد عمومة يلتقون معاً في سابع جد . و أن التشابه الأكيد في تفاصيل البنية التشريحية للجميع يدل على أنهم جميعاً أفراد أسرة واحدة .
قلت و أنا أستعد لمعركة علمية دسمة :- دعني أصحح معلوماتك أولاً فأقول لك إن الله لم يخلق آدم على طريقة جلا جلا .
ها هنا قطعة طين ننفخ فيها فتكون آدم . فالقرآن يروي قصة مختلفة تماماً عن خلق آدم، قصة يتم فيه الخلق على مراحل و أطوار و زمن إلهي مديد ، والقرآن يقول إن الإنسان لم يخرج من الطين مباشرة ، وإنما خرج من سلالة جاءت من الطين : ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ﴾ 12/ سورة المؤمنون
وأن الإنسان في البدء لم يكن شيئاً يذكر :﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ﴾ 1/ سورة الإنسان
وأن خلقه جاء على أطوار .﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا . وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾ 13/14 سورة نوح ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ ﴾ 11/ سورة الأعراف
﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ . فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ 71/72 سورة ص
معنى ذلك أن هناك مراحل بدأت بالخلق ثم التصوير . ثم التسوية ثم النفخ ." وثم " بالزمن الإلهي معناها ملايين السنين : ﴿ إِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ﴾ 47/ سورة الحج
انظر إلى هذه المراحل الزمنية للخلق في سورة السجدة . يقول الله سبحانه إنه : ﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ .ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ 7/ 9 سورة السجدة .
في البدء كان الطين ، ثم جاءت سلالة من ماء مهين هي البدايات الأولى للإنسان التي لم تكن شيئاً مذكوراً ، ثم التسوية و التصوير ، ثم نفخ الروح التي بها أصبح للإنسان سمع و بصر و فؤاد . و أصبح آدم .
فآدم إذن نهاية سلسلة من الأطوار و ليس بدءاً مطلقاً على طريقة جلا جلا .
﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ﴾ 17/ سورة نوح
هنا عملية إنبات بكل ما في الإنبات من أطوار و مراحل و زمن . و لكن اللغز الحقيقي هو . ماذا كانت تلك المراحل بالضبط ، و ماذا كانت تلك الأطوار ؟
هل كل شجرة الحياة من أب واحد . هي كلها من الطين بحكم التركيب الكيميائي . و كلها تنتهي بالموت إلى أصلها الترابي . هذه حقيقة .
و لكننا نقصد من كلمة " أب " شيئاً أكثر من الأصل الطيني . و السؤال هو هل تولدت من الطين خلية أولى تعددت و أنجبت كل تلك الأنواع و الفصائل النباتية و الحيوانية بما في ذلك الإنسان ؟
أم أنه كانت هناك بدايات متعددة . بداية تطورت إلى نباتات ، و بداية تطورت إلى فرع من فروع الحيوان ، كالإسفنج مثلاً ، و بداية أخرى خرج منها فرع آخر كالأسماك ، و بداية خرجت منها الزواحف ، و بداية خرجت منها الطيور ، و بداية خرجت منها الثدييات ، و بداية خرج منها الإنسان ، و بذلك يكون للإنسان جد منفصل ، و يكون لكل نوع جد خاص به ؟
إن التشابه التشريحي للفروع و الأنواع و الفصائل لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة ، و إنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على وحدة الخالق ، و أن صانعها جميعاً واحد ، لأنه خلقها جميعاً من خامة واحدة و بأسلوب واحد و بخطة واحدة . هذه هي النتيجة الحتمية .
و لكن خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي . فوسائل المواصلات تتشابه فيما بينها العربة و القطار و الترام و الديزل كلها تقوم على أسس هندسية و تركيبة متشابهة ، دالة بذلك على أنها جميعاً من اختراع العقل البشري . و لكن هذا لا يمنع أن كل صنف منها جاء من أب مستقل و من فكرة هندسية مستقلة .
كما أننا لا يصح أن نقول إن عربة اليد تطورت تلقائياً بحكم القوانين الباطنة فيها إلى عربة حنطور ، ثم إلى عربة فورد ثم إلى قطار ، ثم إلى ديزل .
فالواقع غير ذلك . و هو أن كل طور من هذه الأطوار جاء بطفرة ذهنية في عقل المخترع ، و قفزة إبداع في عقل المهندس ، لم يخرج نوع من آخر . مع أن الترتيب الزمني قد يؤيد فكرة خروج نوع من نوع . و لكن ما حدث كان غير ذلك فكل نوع جاء بطفرة إبداعية من العقل المخترع ، و بدأ مستقلاً .
و هذه هي أخطاء داروين و المطبات و الثغرات التي وقع فيها حينما صاغ نظريته .
و دعنا نتذكر معاً ما قال داروين في كتابه " أصل الأنواع " :
كان أول ما اكتشفه داروين في أثناء رحلته بالسفينة " بيجل " هي الخطة التشريحية الواحدة التي بنيت عليها كل الفصائل الحيوانية .
فالهيكل العظمي واحد في أغلب الحيوانات الفقرية : الذراع في القرد هو نفس الجناح في الطائر ، هو نفس الجناح في الخفاش ، كل عظمة هنا تقابلها عظمة تناظرها هناك مع تحورات طفيفة ، لتلائم الوظيفة ، فالعظام في الطيور رقيقة و خفيفة و مجوفة و هي مغطاة بالريش . ثم نجد رقبة الزرافة الطويلة بها سبع فقرات ، و رقبة الإنسان سبع فقرات ، و رقبة القنفذ التي لا تذكر من فرط قصرها هي الأخرى بها سبع فقرات ، و هناك خمس أصابع في يد الإنسان ، و نجد نفس التخميس في أصابع القرد ، و الأرنب ، و الضفدعة ، و السحلية .
و فترة الحمل في الحوت و القرد و الإنسان تسعة أشهر ، و فترة الإرضاع في الجميع سنتان ، و فقرات الذيل في القرد نجدها في الإنسان متدامجة ملتصقة فيما يسمى بالعُصعُص ، و نجد عضلات الذيل قد تحورت في الإنسان إلى قاع متين للحوض .
ثم نجد القلب بغرفه الأربع في الحصان و الحمار و الأرنب و الحمامة و الإنسان ، و نفس الخطة في تفرع الشرايين و الأوردة .
ثم نجد نفس الخطة في الجهاز الهضمي : البلعوم ثم المعدة . ثم " الاثنى عشر " . ثم الأمعاء الدقيقة . ثم الأمعاء الغليظة . ثم الشرج و الجهاز التناسلي : نفس الخصية ، و المبيض ، و قنوات الخصية ، و قنوات المبيض .
و كذلك الجهاز البولي : نفس الكلية ، و الحالب ، و حويصلة البول .
و الجهاز التنفسي : القصبة الهوائية و الرئتين ، و نجد أن الرئة في البرمائيات هي نفس كيس العوم في السمكة .
كان طبيعياً بعد هذا أن يتصور داروين أن الحيوانات كلها أفراد أسرة واحدة تفرقت بهم البيئات فتكيفت كل فصيلة مع بيئتها .
الحوت في المنطقة الجليدية لبس معطفاً من الشحم . و الدببة لبست الفراء . و إنسان الغابة في الشمس الإستوائية أسودّ جلده فأصبح كالمظلة الواقية ليقيه الشمس . و سحالي الكهوف ضمرت عيونها لأنها لا تجد لها فائدة في الظلام فأصبحت عمياء في حين نجد سحالي البراري مبصرة .
و الحيوانات التي نزلت الماء طورت أطرافها إلى زعانف . و التي غزت الجو طورت أطرافها إلى أجنحة . و زواحف الأرض طورت أطرافها إلى أرجل .
ثم ألا يحكي الجنين القصة ؟
ففي مرحلة من مراحل نموه نراه يتنفس بالخياشيم ثم تضمر الخياشيم و تظهر فيه الرئتان ، و في مرحلة نجد له ذيلاً يضمر الذيل و يختفي ، و في مرحلة نراه يكتسي بالشعر ثم ينحسر بعد ذلك الشعر عن جسمه .
ثم ألا تحكي لنا طبقات الصخور بما حفظت لنا من حفريات قصة متسلسلة الحلقات عن ظهور و اختفاء هذه الأنواع الواحد بعد الآخر من الحيوانات البسيطة وحيدة الخلية ، إلى عديدة الخلايا ، إلى الرخويات ، إلى القشريات ، إلى الأسماك ، إلى البرمائيات ، إلى الزواحف ، إلى الطيور ، إلى الثدييات . و أخيراً إلى الإنسان .
و لقد أصاب داروين و أبدع حينما وضع هذه المقدمة القيمة في التشابه التشريحي بين الحيوانات و أصاب حينما قال بالتطور .
و لكنه أخطأ حينما حاول أن يفسر عملية الإرتقاء ، و أخطأ حينما حاول أن يتصور مراحل هذا الإرتقاء و تفاصيله .
كان تفسير داروين لعملية الإرتقاء أنه يتم بالعوامل المادية التلقائية وحدها ، حيث تتقاتل الحيوانات بالناب و المخلب في صراع الحياة الدموي الرهيب فيموت الضعيف و يكون البقاء دائماً للأصلح . تلك الحرب الناشبة في الطبيعة هي التي تفرز الصالح و القوي و تشجعه . و تبقي على نسله . و تفسح أمامه سبل الحياة .
و إذا كانت هذه النظرية تفسر لنا بقاء الأقوى فإنما لا تفسر لنا بقاء الأجمل ، فإن الجناح المنقوش لا يمتاز بأي صلاحيات مادية أو معاشية عن الجناح الأبيض ، و ليس أكفأ منه في الطيران . و إذا قلنا إن الذكر يفضل الجناح المنقوش ، في التزاوج ، فسوف نسأل و لماذا ؟ . ما دام هذا النقش لا يمثل أي مزيد من الكفاءة ؟
و إذا دخل تفضيل الأجمل في الحساب فإن النظرية المادية تنهار من أساسها .
و تبقى النظرية بعد ذلك عاجزة عن تفسير لماذا خرج من عائلة الحمار شيء كالحصان . و لماذا خرج من عائلة الوعل شيء رقيق مرهف و جميل كالغزال . مع أنه أقل قوة و أقل إحتمالاً .
كيف نفسر جناح الهدهد و ريشة الطاووس و موديلات الفراش بألوانها البديعة و نقوشها المذهلة .
و نحن هنا أمام يد مصور فنان يتفنن و يبدع . و لسنا أمام عملية غليظة كصراع البقاء و حرب المخلب و الناب .
و الخطأ الثاني في نظرية التطور جاء بعد ذلك من أصحاب نظرية الطفرة . و الطفرات هي الصفات الجديدة المفاجئة التي تظهر في النسل نتيجة تغيرات غير محسوبة في عملية تزاوج الخلية الأنثوية و الخلية الذكرية و لقاء الكروموسومات لتحديد الصفات الوراثية .
و أحياناً تكون هذه الصفات الجديدة صفات ضارة كالمسوخ و التشوهات ، و أحياناً تكون طفرات مفيدة للبيئة الجديدة للحيوان كأن تظهر للحيوان الذي ينزل الماء أرجل مبططة . فتكون صفة جديدة مفيدة . لأن الأرجل المبططة أنسب للسباحة ، فتشجع الطبيعة هذه الصفة و تنقلها إلى الأجيال الجديدة ، و تقضي على الصفة القديمة لعدم صلاحيتها ، و بذلك يحدث الإرتقاء و تتطور الأرجل العادية إلى أرجل غشائية .
و خطأ هذه النظرية أنها أقامت التطور على أساس الطفرات و الأخطاء العشوائية . و أسقطت عملية التدبير و الإبداع تماماً .
و لا يمكن أن تصلح هذه الطفرات العشوائية أساساً لما نرى حولنا من دقة و إبداع و إحكام في كل شيء .
إن البعوضة تضع بيضها في المستنقع . و كل بيضة تأتي إلى الوجود مزودة بكيسين للطفو . من أين تعلمت البعوضة قوانين أرشميدس لتزود بيضها بهذه الأكياس الطافية ؟
و أشجار الصحارى تنتج بذوراً مجنحة تطير مع الرياح أميالاً و تنتثر في مساحات واسعة بلا حدود . من أين تعلمت أشجار الصحارى قوانين الحمل الهوائي لتصنع لنفسها هذه البذور المجنحة ، التي تطير مئات الأميال بحثاً عن أراض ملائمة للإنبات ؟
و هذه النباتات المفترسة التي تصطنع لنفسها الفخاخ و الشراك الخداعية العجيبة لتصيد الحشرات و تهضمها و تأكلها بأي عقل استطاعت أن تصطنع تلك الحيل ؟
نحن هنا أمام عقل كلي يفكر و يبتكر لمخلوقاته و يبدع لها أسباب الحيل. لا يمكن تصور حدوث الإرتقاء بدون هذا العقل المبدع : ﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ 50/ سورة طـه .
و العقبة الثالثة أمام نظرية داروين . هي ما اكتشفناه الآن بإسم الخريطة الكروموسومية . أو خريطة الجينات . و نحن نعلم الآن أن لكل نوع حيواني خريطة كروموسومية خاصة به، و يستحيل أن يخرج نوع من نوع بسبب اختلاف هذه الخريطة الكروموسومية .
نخلص من هذا إلى أن نظرية داروين تعثرت . و إذا كان التشابه التشريحي بين الحيوانات حقيقة متفق عليها ، و إذا كان التطور أيضاً حقيقة ، فإن مراحل هذا التطور و كيفياته ما زالت لغزاً .
هل كانت هناك بدايات مستقلة أم أن بعض الفروع تلتقي عند أصول واحدة ؟
و التطور وارد باللفظ الصريح في القرآن . كما أن مراحل الخلق و التصوير و التسوية و نفخ الروح واردة .
و لكن لم يستقر العلم على نظرية ثابتة لتلك المراحل بعد . و إذا عدنا لسورة السجدة التي تحكي عن الله أنه :
﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ 7 / 9 سورة السجدة
فإن معنى الآية صريح في أن البدايات الأولى للإنسان التي جاء منها آدم فيما بعد ، و هي تلك التي جاء نسلها من ماء مهين ، لم يكن لها سمع و لا أبصار و لا أفئدة .
و إنما جاءت هذه الأبصار و الأسماع و الأفئدة بعد نفخ الروح و هي آخر مراحل خلق آدم .
هي إذن بدايات أشبه بالحياة الحيوانية المتخلفة : ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ﴾ 1/ سورة الإنسان .
هو تفسير لا يختلف كثيراً عن العلوم التي تتحدث عنها . و لكن نفس الآية قد تعني معنى آخر هو أطوار الجنين داخل الرحم و كيف يتخلق من بدايات لا سمع فيها و لا بصر ثم يأتي نفخ الروح في هذه المضغة في الشهر الرابع فتستوي خلقاً آخر .
آيات الخلق إذن متشابهات و القرآن يحمل أكثر من وجه من وجوه التفسير . و الحقيقة بعد هذا ما زالت لغزاً . و لا يستطيع أحد أن يدعي أنه كشف الحقيقة . و السؤال ما زال مفتوحاً للبحث ، و كل ما جاء به العلم فروض .
و ربما كانت أرجح الآراء أن التسوية المذكورة في القرآن ﴿ خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ ﴾ 7/8 سورة الانفطار . كانت تسوية سلالية بشيء أشبه بالهندسة الوراثية و أن الأمر ليس تطوراً كما يقول داروين و لكنه تطوير يحدث بتدخل و فعل إلهي لإعداد الحشوة الحية ( و هي في أصل المنشأ من الطين ) لتستقبل نفخة الروح و حلول النفس فيها لتكون آدم .
ثم النفس و حكايتها هي سؤال آخر أكثر ألغازاً . هل يكون للنفس تصوير في القوالب الطينية فتكون لها تجسدات متعداة و تاريخ و تطور هي الأخرى ؟
أم أنها على حالها من علم الله بها منذ الأزل . . الله أعلم . .
و الموضوع كله عماء . . و ربما كان أفضل فهم لعملية التطور أنها كانت تطويراً بفعل فاعل و بذات مبدعة خلاّقة و لم تكن تطوراً تلقائياً كما تصورها داروين و صحبِه و لم تكن مراحل متروكة للصدفة .
و إنما كانت تخليقاً مراداً و مخطط خالق قادر حكيم. و إنها هندسة وراثية لمهندس عظيم ليس كمثله شيء . . و ما جاء في القرآن هو أصدق صورة لما حدث . . و القطع في هذه القضية مستحيل . . و ما زال القرآن يفرض نفسه بلا بديل . .
من كتــاب / حوار مع صديقي الملحد
للدكتور/ مصطفى محمود رحمه الله. ❝
❞ «عزيز»
\"رمى صنارة الصيد وأنتظر لعدة دقائق دون فائدة ثم عدة ساعات دون فائدة، غابت الشمس في الأفق وأيضا بدون فائدة\"
\"هو لا يستطيع العودة لمنزله دون صيد فالجوع يفتك به ويداه خاويتان من اي مال ينفقه لجلب قوت يومه، لا يملك سوى تلك السنارة بيده يتأمل به خيرًا ان تقطمها اية سمكة حمقاء قبل ان تدرك أن سنها ليس به طعمًا\"
\" إشتدت الأجواء برودة وهو ما زال جالسا في مكانه ... يبدوا أن البحر لا يتحلى بنفس كرمه المعتاد اليوم \"
\" كركرت بطنه معلنة عن اشتداد جوعها عندما هم للعودة للمنزل، وكأنها بإحداثها لذلك الصوت تعترض على عودته فارغ اليدين للمنزل وتلومه قائلة\"
« أنا لن أبيت اليوم ايضا بدون طعام ...تصرف»
\"عاود الجلوس مكانه مرة أخرى ورمى بسنارته منتظرًا تلك السمكة الحمقاء ان تُخدع\"
\"علا موج البحر فتاه في ذكريات طفولته ...تذكر انه لا يذكر من صاحب الآخر أولا؟ هل هو الذي صاحب الفقر أولا؟ ام أنَّ الفقر هو من عرض عليه صحبته؟!\"
\" حاول تذكر وجوه اي فرد من عائلته فلم يستطع، هو في الحقيقة لم يكن له عائلة في يوم من الأيام
ولكنه إعتاد على رسم وجوه لهم في مخيلته من حين لآخر كنوع من المحاولة لإستشعار بعض الأمان، همّ في ملأ رأتيه بهواء البحر المنعش فآلمهُ ظهره، أبتسم وهو يحدثه ويقول\"
\"_ لا بأس يا عزيزي تحمل هذا الشتاء أيضًا، أعلم انك قد مللت نوم الرصيف ومللت برد الشتاء ولكن صدقني في اول فرصة احصل بها على أموال ساقوم بعمل صيانة شاملةلك، قالها وهو يضحك بملئ فمه\"
\" احسَّ بمن يجلس بجانبه على رصيف البحر وهو يقول:
شخص غريب: اتعلم انني أحسدك على تلك الضحكات!!
رد عليه عزيز وهو يقول مبتسمًا وقد خالطته الدهشة تحسدني أنا؟! ولكن لماذا؟
الغريب : لانك سعيد في حياتك.
عزيز وهو يتنهد: الحمدلله وحتى لو لم اكن كذلك ما الذي يمنعني من الضحك، الضحك هو الشئ الوحيد الذي أهرب به من صوت معدتي فهو أعلى منها قل لي ما اسمك
الغريب بيأس: لا يهم ما هو اسمي فسينتهي ذكره اليوم
عزيز: لما يا صاحبي؟ صدقني مهما كان ما يضايقك لا تحزن لتلك الدرجة، وقل الحمدلله فكل شيئ له حل وطالما انك عبدلله فليس عليك القلق من أي شئ فقط قل يا رب وأبتسم قالها عزيز مبتسمًا وهو ينظر للسماء\"
\"نظر له الغريب بيأس دون ان يرد على عزيز ورحل من جانبه، راقبه عزيز من بعيد فوجده يسير على رصيف البحر ثم وقف ينظر لأمواجه المتلاطمه بحزن، رعدت السماء وبدأت في إنزال غزيرها سيولا، نظر عزيز للسماء وقال\"
\"عزيز: مشاعر البشر مثل الطقس وكذلك الدنيا لا تستقر على حال، ثم رجع ببصره إلى ذلك الشاب الغريب ليجده رمى بنفسه من فوق رصيف البحر، بداخل أمواجه مستسلمًا لأمواجه التى بدأت في سحبه للداخل\"
\"رمى عزيز ما بيده وتوجه مسرعًا ناحيته وألقى بنفسه خلفه دون تردد، كان الموج عاليًا والمطر يعبأ العين، ظل يقاوم الموج ويبحث بعينيه في ظلمة البحر عن ذلك الغريب حتى وجده وقد سحبته المياه لأسفل، فأقترب منه مسرعًا وهو يجدف بذراعيه وسحبه للأعلى وبدأ في السباحة ناحية الرصيف حتى أخرجة،\"
\"كان الغريب قد فقد وعيه فجعل عزيز يصنع له الإسعافات الأوليه ثم اوقف سيارة ونقله للمشفى للأطمئنان عليه\"
\"مر الوقت وعزيز جالس خارج الغرفة حتى جائت إحدى الممرضات وأعطته أغراض الغريب وملابسه وقالت
الممرضه: هذه أغراضه بدلنا ملابس صديقك تفضل وهو أفاق الأن
عزيز: شكرا لك
دخل عزيز للأطمئنان على الغريب وناوله هاتفه وهو يقول
عزيز ضاحكا: يا رجل من اخبرك انَّ البحر يستقبل الزوار ليلًا
الغريب: لما أنقذتني ؟!
عزيز متجاهلًا: تفضل هاتفك مازال يعمل يبدو انه غال الثمن فعلامة التفاحة تلك باهظة الثمن من الواضح انك ثري قالها عزيز ضاحكًا.
الغريب: لما لم تتركني اموت
عزيز وقد زالت إبتسامته: قلت في نفسي لعلك تستحق فرصة أخرى ...لعلك تريد من يقول لك ان نفسك تلك ليست ملكك وانها ملك لله، يا رجل لا يأخذ الأمانات سوى مالكها وكلنا أمانات ملك لله كل مشكله ويوجد لها حل ولكن نحتاج للتوكل على الله\"
الغريب بحزن: القيت نفسك خلفي دون تفكير كيف تفعل هذا كان من الممكن ان تموت
\"عزيز: كنت سأموت فعلا لو وقفت مكتوف الأيدي دون ان اساعد، أعتقد يجب عليك ان تعيد حساباتك، من جديد يجب ان تقدر نفسك يجب ان تحبها، هي تستحق ذلك\"
«قالها عزيز ثم أنصرف مغادرًا»
*****
\"عاد عزيز للنوم في تلك الخربة التي أصبحت منزله منذ حوالي شهر بعد أن طرده صاحب المنزل من البيت بسبب تأخر الإيجار، وبعد أن ترك عمله لدي معلمه رحمة الله عليه، وبعد ان طرده اولاده لانهم سيبيعون دكان العطارة، لم ييأس عزيز رغم ذلك فقد بحث عن عمل في كل مكان ولكن امكانياته لا تسمح بتوظيفه، ملابسه البالية لا تسمح بتوظيفه\"
ها هو عاد وحيدًا من جديد مشرد بدون شهادة تعليميه، بدون أهل، بدون منزل، بدون مال، ولكن عزيز يحمل في قلبه كلمات علمها له معلمه الحاج سيد وهي ان يُقدر كل نعمة بين يديه، فرغم كل ذلك ما زال عزيز بصحته، ما زال يستطيع الوقوف على قدميه، والإبتسام في وجه الحياة العنيدة، ما زال يستطيع الركض على شاطئ البحر، ومازال يستطيع الصيد\"
\"نام عزيز ونامت معدته للمرة اللانهائية بدون طعام، نام وقد ربط على بطنه من كثرة الجوع، ونامت بجانبه أحلامه وأخلاقه وطيبة قلبه التي تحتضنه وتجعله عزيز\"
*********
\"مر أسبوعان عليه، اسبوعين ذاق فيهم عزيز ألم المرض، ارتفعت حرارته بسبب ملابسه المبتله فراح، يرتعد في مكانه يرتعد ويخترف من شدة الألم، ولا يخلوا لسانه من قول يا شافي يا رب، يا شافي يا رب\"
\"وكأنه يناجي الله أنه لا يملك حق الدواء ولا حق الطعام ولكنه يملك حق الدعاء لربه\"
\" حتى حن عليه أحد العابرين من الذين رأو حالته فوجد في قلبه رحمه، جلب له طعام ودواء ووضع بجانبه بعض المال الذي استقوى به عزيز على جلب طعامه بقيه الأسبوعين التاليين \"
\"في اليوم الذي يلي الأسبوعين إستيقظ على دوشة الشارع وصوت عرباته وصوت الكلاب النابحه وصوت صديقه الوحيد البحر، شد من ملابسه على صدره واخذ حقيبته وراح يجلس في مكانه المعتاد وهو يرمي صنارته بحثًا عن تلك السمكة الحمقاء التي ستقطم سن السنارة دون أن تلاحظ انه فارغ من اي طعم\"
\" حتى حل المساء عليه من جديد وبدأت معدته في الكركبه، هو يأبى ان يسأل احد حسنة، ويأنف ان يمد يده وهو شاب طويل القامة يسد عين الشمس هكذا حتى لو كان سيموت جوعا، هكذا حدث نفسه حتى وجد من يجلس بجانبه وهو يقول: \"
\"_بحث عنك لأسبوعين يا صديقي، اين كنت ؟!
إلتفت عزيز ليجد ذلك الغريب الذي أنقذه من الغرق ولكن تلك المرة كانت ملابسه مرتبه، يرتدي بدلة جميلة، ورائحة عطره فواحه ويقف بجانبه شخص أخر يدتدي بدلة وكأنه سائقه\"
\"عزيز مبتسما: لما كنت تبحث عني؟! هل تريد ان تغرق اليوم ايضا؛ اسمع انا لست في صحة جيدة لإنقاذك مرة اخرى!
الغريب بإبتسامة: اسمي سالم
عزيز دون ان ينظر له: اهلا بك يا سالم اسمك جميل كما انه صعب النسيان وليس كما كنت تقول
سالم: ماذا تعمل يا عزيز
عزيز: انا اقوم بالصيد ألا ترى!
سالم: لا أقصد ذلك .... اعني الا يوجد لديك عمل
عزيز: لا
سالم: ما رأيك في ان تعمل معي
عزيز دون ان ينظر له: وما هو عملك؟!
سالم: انا صاحب مجموعة شركات تستطيع القول انني رجل اعمال مبتدأ
عزيز: وماذا سأعمل معك
سالم: ستكون مساعدي وسكرتيري الخاص
عزيز: لا اظن انني سأفيدك
سالم: بل بالعكس لديك شئ لم اجده في شخص اخر حولي
عزيز: ما هو يا ترى ههههه
سالم: انت شخص صادق وشجاع
هيا انا لن اخذ موافقتك ستأتي حتى لو أضطررت لخطفك
عزيز: الأمر لا يحتاج للخطف فانت تعرض علي العمل وانا لن ارفض
سالم: ليس العمل فقط بل والمنزل ايضًا انت من اليوم مساعدي الخاص وصديقي الاعز
ابتسم عزيز وهو ينظر للسماء قائلا ..... يا رب
#عزيز
#امنه_محمد_ابوالخير. ❝ ⏤Amna Mohammad
❞«عزيز» ˝رمى صنارة الصيد وأنتظر لعدة دقائق دون فائدة ثم عدة ساعات دون فائدة، غابت الشمس في الأفق وأيضا بدون فائدة˝
˝هو لا يستطيع العودة لمنزله دون صيد فالجوع يفتك به ويداه خاويتان من اي مال ينفقه لجلب قوت يومه، لا يملك سوى تلك السنارة بيده يتأمل به خيرًا ان تقطمها اية سمكة حمقاء قبل ان تدرك أن سنها ليس به طعمًا˝
˝ إشتدت الأجواء برودة وهو ما زال جالسا في مكانه .. يبدوا أن البحر لا يتحلى بنفس كرمه المعتاد اليوم ˝
˝ كركرت بطنه معلنة عن اشتداد جوعها عندما هم للعودة للمنزل، وكأنها بإحداثها لذلك الصوت تعترض على عودته فارغ اليدين للمنزل وتلومه قائلة˝
« أنا لن أبيت اليوم ايضا بدون طعام ..تصرف»
˝عاود الجلوس مكانه مرة أخرى ورمى بسنارته منتظرًا تلك السمكة الحمقاء ان تُخدع˝
˝علا موج البحر فتاه في ذكريات طفولته ..تذكر انه لا يذكر من صاحب الآخر أولا؟ هل هو الذي صاحب الفقر أولا؟ ام أنَّ الفقر هو من عرض عليه صحبته؟!˝
˝ حاول تذكر وجوه اي فرد من عائلته فلم يستطع، هو في الحقيقة لم يكن له عائلة في يوم من الأيام
ولكنه إعتاد على رسم وجوه لهم في مخيلته من حين لآخر كنوع من المحاولة لإستشعار بعض الأمان، همّ في ملأ رأتيه بهواء البحر المنعش فآلمهُ ظهره، أبتسم وهو يحدثه ويقول˝
˝_ لا بأس يا عزيزي تحمل هذا الشتاء أيضًا، أعلم انك قد مللت نوم الرصيف ومللت برد الشتاء ولكن صدقني في اول فرصة احصل بها على أموال ساقوم بعمل صيانة شاملةلك، قالها وهو يضحك بملئ فمه˝
˝ احسَّ بمن يجلس بجانبه على رصيف البحر وهو يقول:
شخص غريب: اتعلم انني أحسدك على تلك الضحكات!!
رد عليه عزيز وهو يقول مبتسمًا وقد خالطته الدهشة تحسدني أنا؟! ولكن لماذا؟
الغريب : لانك سعيد في حياتك.
عزيز وهو يتنهد: الحمدلله وحتى لو لم اكن كذلك ما الذي يمنعني من الضحك، الضحك هو الشئ الوحيد الذي أهرب به من صوت معدتي فهو أعلى منها قل لي ما اسمك
الغريب بيأس: لا يهم ما هو اسمي فسينتهي ذكره اليوم
عزيز: لما يا صاحبي؟ صدقني مهما كان ما يضايقك لا تحزن لتلك الدرجة، وقل الحمدلله فكل شيئ له حل وطالما انك عبدلله فليس عليك القلق من أي شئ فقط قل يا رب وأبتسم قالها عزيز مبتسمًا وهو ينظر للسماء˝
˝نظر له الغريب بيأس دون ان يرد على عزيز ورحل من جانبه، راقبه عزيز من بعيد فوجده يسير على رصيف البحر ثم وقف ينظر لأمواجه المتلاطمه بحزن، رعدت السماء وبدأت في إنزال غزيرها سيولا، نظر عزيز للسماء وقال˝
˝عزيز: مشاعر البشر مثل الطقس وكذلك الدنيا لا تستقر على حال، ثم رجع ببصره إلى ذلك الشاب الغريب ليجده رمى بنفسه من فوق رصيف البحر، بداخل أمواجه مستسلمًا لأمواجه التى بدأت في سحبه للداخل˝
˝رمى عزيز ما بيده وتوجه مسرعًا ناحيته وألقى بنفسه خلفه دون تردد، كان الموج عاليًا والمطر يعبأ العين، ظل يقاوم الموج ويبحث بعينيه في ظلمة البحر عن ذلك الغريب حتى وجده وقد سحبته المياه لأسفل، فأقترب منه مسرعًا وهو يجدف بذراعيه وسحبه للأعلى وبدأ في السباحة ناحية الرصيف حتى أخرجة،˝
˝كان الغريب قد فقد وعيه فجعل عزيز يصنع له الإسعافات الأوليه ثم اوقف سيارة ونقله للمشفى للأطمئنان عليه˝
˝مر الوقت وعزيز جالس خارج الغرفة حتى جائت إحدى الممرضات وأعطته أغراض الغريب وملابسه وقالت
الممرضه: هذه أغراضه بدلنا ملابس صديقك تفضل وهو أفاق الأن
عزيز: شكرا لك
دخل عزيز للأطمئنان على الغريب وناوله هاتفه وهو يقول
عزيز ضاحكا: يا رجل من اخبرك انَّ البحر يستقبل الزوار ليلًا
الغريب: لما أنقذتني ؟!
عزيز متجاهلًا: تفضل هاتفك مازال يعمل يبدو انه غال الثمن فعلامة التفاحة تلك باهظة الثمن من الواضح انك ثري قالها عزيز ضاحكًا.
الغريب: لما لم تتركني اموت
عزيز وقد زالت إبتسامته: قلت في نفسي لعلك تستحق فرصة أخرى ..لعلك تريد من يقول لك ان نفسك تلك ليست ملكك وانها ملك لله، يا رجل لا يأخذ الأمانات سوى مالكها وكلنا أمانات ملك لله كل مشكله ويوجد لها حل ولكن نحتاج للتوكل على الله˝
الغريب بحزن: القيت نفسك خلفي دون تفكير كيف تفعل هذا كان من الممكن ان تموت
˝عزيز: كنت سأموت فعلا لو وقفت مكتوف الأيدي دون ان اساعد، أعتقد يجب عليك ان تعيد حساباتك، من جديد يجب ان تقدر نفسك يجب ان تحبها، هي تستحق ذلك˝
«قالها عزيز ثم أنصرف مغادرًا»
*****
˝عاد عزيز للنوم في تلك الخربة التي أصبحت منزله منذ حوالي شهر بعد أن طرده صاحب المنزل من البيت بسبب تأخر الإيجار، وبعد أن ترك عمله لدي معلمه رحمة الله عليه، وبعد ان طرده اولاده لانهم سيبيعون دكان العطارة، لم ييأس عزيز رغم ذلك فقد بحث عن عمل في كل مكان ولكن امكانياته لا تسمح بتوظيفه، ملابسه البالية لا تسمح بتوظيفه˝
ها هو عاد وحيدًا من جديد مشرد بدون شهادة تعليميه، بدون أهل، بدون منزل، بدون مال، ولكن عزيز يحمل في قلبه كلمات علمها له معلمه الحاج سيد وهي ان يُقدر كل نعمة بين يديه، فرغم كل ذلك ما زال عزيز بصحته، ما زال يستطيع الوقوف على قدميه، والإبتسام في وجه الحياة العنيدة، ما زال يستطيع الركض على شاطئ البحر، ومازال يستطيع الصيد˝
˝نام عزيز ونامت معدته للمرة اللانهائية بدون طعام، نام وقد ربط على بطنه من كثرة الجوع، ونامت بجانبه أحلامه وأخلاقه وطيبة قلبه التي تحتضنه وتجعله عزيز˝
*********
˝مر أسبوعان عليه، اسبوعين ذاق فيهم عزيز ألم المرض، ارتفعت حرارته بسبب ملابسه المبتله فراح، يرتعد في مكانه يرتعد ويخترف من شدة الألم، ولا يخلوا لسانه من قول يا شافي يا رب، يا شافي يا رب˝
˝وكأنه يناجي الله أنه لا يملك حق الدواء ولا حق الطعام ولكنه يملك حق الدعاء لربه˝
˝ حتى حن عليه أحد العابرين من الذين رأو حالته فوجد في قلبه رحمه، جلب له طعام ودواء ووضع بجانبه بعض المال الذي استقوى به عزيز على جلب طعامه بقيه الأسبوعين التاليين ˝
˝في اليوم الذي يلي الأسبوعين إستيقظ على دوشة الشارع وصوت عرباته وصوت الكلاب النابحه وصوت صديقه الوحيد البحر، شد من ملابسه على صدره واخذ حقيبته وراح يجلس في مكانه المعتاد وهو يرمي صنارته بحثًا عن تلك السمكة الحمقاء التي ستقطم سن السنارة دون أن تلاحظ انه فارغ من اي طعم˝
˝ حتى حل المساء عليه من جديد وبدأت معدته في الكركبه، هو يأبى ان يسأل احد حسنة، ويأنف ان يمد يده وهو شاب طويل القامة يسد عين الشمس هكذا حتى لو كان سيموت جوعا، هكذا حدث نفسه حتى وجد من يجلس بجانبه وهو يقول: ˝
˝_بحث عنك لأسبوعين يا صديقي، اين كنت ؟!
إلتفت عزيز ليجد ذلك الغريب الذي أنقذه من الغرق ولكن تلك المرة كانت ملابسه مرتبه، يرتدي بدلة جميلة، ورائحة عطره فواحه ويقف بجانبه شخص أخر يدتدي بدلة وكأنه سائقه˝
˝عزيز مبتسما: لما كنت تبحث عني؟! هل تريد ان تغرق اليوم ايضا؛ اسمع انا لست في صحة جيدة لإنقاذك مرة اخرى!
الغريب بإبتسامة: اسمي سالم
عزيز دون ان ينظر له: اهلا بك يا سالم اسمك جميل كما انه صعب النسيان وليس كما كنت تقول
سالم: ماذا تعمل يا عزيز
عزيز: انا اقوم بالصيد ألا ترى!
سالم: لا أقصد ذلك .. اعني الا يوجد لديك عمل
عزيز: لا
سالم: ما رأيك في ان تعمل معي
عزيز دون ان ينظر له: وما هو عملك؟!
سالم: انا صاحب مجموعة شركات تستطيع القول انني رجل اعمال مبتدأ
عزيز: وماذا سأعمل معك
سالم: ستكون مساعدي وسكرتيري الخاص
عزيز: لا اظن انني سأفيدك
سالم: بل بالعكس لديك شئ لم اجده في شخص اخر حولي
عزيز: ما هو يا ترى ههههه
سالم: انت شخص صادق وشجاع
هيا انا لن اخذ موافقتك ستأتي حتى لو أضطررت لخطفك
عزيز: الأمر لا يحتاج للخطف فانت تعرض علي العمل وانا لن ارفض
سالم: ليس العمل فقط بل والمنزل ايضًا انت من اليوم مساعدي الخاص وصديقي الاعز
ابتسم عزيز وهو ينظر للسماء قائلا ... يا رب