❞ لا يزال الاشعرية والماتريدية معطلة
رغم أن العلم الحديث فضح جهلهم
بقلم د محمد عمر
فإن الحديث عن آيات المعية التي يحتجون بها علي أن الذات الإلهية معهم علي الارض قد فضحتها الأقمار الصناعية
فإن القمر الصناعي الموجود خارج الغلاف الجوي يستقبل جميع الإشارات اللاسلكية والموجات الكهروماغناطيسية والاشعات الضوئية والحرارية ويستطيع إرسالها الي اي مكان علي سطح الأرض ويستطيع اخذ صورة فوتوغرافية لأي بقعة علي سطح الارض بل ويستطيع تصوير باطن الارض وقاع البحار بل أن خرائط جوجل التي صورها القمر الصناعي للكرة الأرضية تفصل بدقة متناهية كل سم مربع من القشرة الأرضية بل أن شبكات الانترنت والشبكات العنكبوتية تنقل الصوت والصورة وبلايين الرسالل الإلكترونية من أقصي الارض الي اقصاها وهم لا يزالون علي عقيدة التعطيل أن الله عز وجل موجود بذاته بين البشر علي الارض وكانهم ما وجدو في كتاب الله الا قوله تعالي في سورة الحديد ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)
وكذلك ايه المجادلة أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)
فهم يحتجون بالمعية في الايتين علي انها معية ذات رغم أن المعية في الآيتين هي معية علم وبصر وليست معية الذات فقديما العرب كانت تقول ما زلنا نسير في الصحراء والقمر معنا وهم يعنون معية ضوء القمر وليس القمر بذاته والا فجميعهم يعرفون ان القمر مازال في السماء وليس معهم علي الارض
هذا التعطيل للذات الإلهية الذي به وضعو النبتة الخبيثة لعقيدة وحدة الوجود الذي وضع اصوله محي الدين بن عربي والنبته الخبيثة للحلول والاتحاد الذي وضعه اصوله الحلاج
وهاتان العقيدتان تقومان عن أن الذات الإلهية صارت مثل الروح أو الهواء الذي يسري في الموجودات
ففي حال وحدة الوجود صار لا خالق ولا مخلوق فصارت كل الموجودات كأنها تجليات للذات الإلهية فصار لا فار ق بين الجنة ولا النار ولا جبريل ولابليس ولا ابو بكر وابو جهل ولا موسي ولا فرعون فكلهم تجليات ربا نية حلت فيها روح الإله وهذا عين الزندقة
اما في حال الحلول والاتحاد فصارت الذات الإلهية كأنها هواء أو روح حل في الأولياء وحدهم دون غيرهم من الناس فصار هولاء الأولياء كانهم أجساد حوت روح الإله كما قال النصاري في المسيح بن مريم
وهذا هو النتيجة الخبيثة لفكر التعطيل الذي يقول به الاشعرية والماتريدية والذي يخفونه عن الناس ويكذبون مدعين انهم علي عقيدة أهل السنة والجماعة فهل كان النبي علي مثل هذه الافتراءات نبراء الي الله من قول علي الله بغير علم
د محمد.عمر. ❝ ⏤محمد عمر عبد العزيز محمد
❞ لا يزال الاشعرية والماتريدية معطلة
رغم أن العلم الحديث فضح جهلهم
بقلم د محمد عمر
فإن الحديث عن آيات المعية التي يحتجون بها علي أن الذات الإلهية معهم علي الارض قد فضحتها الأقمار الصناعية
فإن القمر الصناعي الموجود خارج الغلاف الجوي يستقبل جميع الإشارات اللاسلكية والموجات الكهروماغناطيسية والاشعات الضوئية والحرارية ويستطيع إرسالها الي اي مكان علي سطح الأرض ويستطيع اخذ صورة فوتوغرافية لأي بقعة علي سطح الارض بل ويستطيع تصوير باطن الارض وقاع البحار بل أن خرائط جوجل التي صورها القمر الصناعي للكرة الأرضية تفصل بدقة متناهية كل سم مربع من القشرة الأرضية بل أن شبكات الانترنت والشبكات العنكبوتية تنقل الصوت والصورة وبلايين الرسالل الإلكترونية من أقصي الارض الي اقصاها وهم لا يزالون علي عقيدة التعطيل أن الله عز وجل موجود بذاته بين البشر علي الارض وكانهم ما وجدو في كتاب الله الا قوله تعالي في سورة الحديد ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)
وكذلك ايه المجادلة أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)
فهم يحتجون بالمعية في الايتين علي انها معية ذات رغم أن المعية في الآيتين هي معية علم وبصر وليست معية الذات فقديما العرب كانت تقول ما زلنا نسير في الصحراء والقمر معنا وهم يعنون معية ضوء القمر وليس القمر بذاته والا فجميعهم يعرفون ان القمر مازال في السماء وليس معهم علي الارض
هذا التعطيل للذات الإلهية الذي به وضعو النبتة الخبيثة لعقيدة وحدة الوجود الذي وضع اصوله محي الدين بن عربي والنبته الخبيثة للحلول والاتحاد الذي وضعه اصوله الحلاج
وهاتان العقيدتان تقومان عن أن الذات الإلهية صارت مثل الروح أو الهواء الذي يسري في الموجودات
ففي حال وحدة الوجود صار لا خالق ولا مخلوق فصارت كل الموجودات كأنها تجليات للذات الإلهية فصار لا فار ق بين الجنة ولا النار ولا جبريل ولابليس ولا ابو بكر وابو جهل ولا موسي ولا فرعون فكلهم تجليات ربا نية حلت فيها روح الإله وهذا عين الزندقة
اما في حال الحلول والاتحاد فصارت الذات الإلهية كأنها هواء أو روح حل في الأولياء وحدهم دون غيرهم من الناس فصار هولاء الأولياء كانهم أجساد حوت روح الإله كما قال النصاري في المسيح بن مريم
وهذا هو النتيجة الخبيثة لفكر التعطيل الذي يقول به الاشعرية والماتريدية والذي يخفونه عن الناس ويكذبون مدعين انهم علي عقيدة أهل السنة والجماعة فهل كان النبي علي مثل هذه الافتراءات نبراء الي الله من قول علي الله بغير علم
د محمد.عمر. ❝
❞ هل الضوء أمواج ؟
هل الضوء ذرّات ؟
كانت المعركة محتدمة بين العلماء الذين يقولون بأن للضوء طبيعة موجية .. وبين العلماء الذين يقولون بأن طبيعته مادية ذرية ..
حينما تقدم عالَم نمساوي إسمه شرودنجر بمجموعة من المعادلات .. ليعلن نظرية اسمها "الميكانيكا الموجية" .
وفي هذه النظرية أثبت شرودنجر بالتجربة أن حزمة من الإلكترونات ساقطة على سطح بللورة معدنية تحيد بنفس الطريقة التي تحيد بها أمواج البحر التي تدخل من مضيق .. واستطاع أن يحسب طول موجة الإلكترونات التي تحيد بهذه الطريقة ..
وأعقبت هذه المفاجأة مفاجآت أخرى ..
فقد أثبتت التجارب التي أجريت على حِزَم من الذرّات، ثم على حِزَم من الجزيئات .. أنها بإسقاطها على بللورة معدنية تتصرف بنفس الطريقة الموجية وأن طول موجاتها يمكن حسابه بمعادلات شرودنجر ..
وبهذا بدأ صرح النظرية المادية كله ينهار .
إن الهيكل كله يسقط، ويتحول إلى خواء .
إن كُهّان العلوم دأبوا من سنين على أن يعلمونا أن الذرة عبارة عن معمار مادي يتألف من نواة ( بروتون أو أكثر ) تدور حولها الإلكترونات في أفلاك دائرية كما تدور الكواكب حول الشمس ..
وأكثر من هذا .. حسبوا عدد الإلكترونات في كل ذرة وقالوا لنا إنها إلكترون واحد في ذرة الأيدروجين ثم تزيد في العناصر الثقيلة حتى تبلغ 92 إلكترون في ذرة اليورانيوم، وأن كل ذرة لها وزن ذري .. وأثبتوا كل هذا بالمعادلات ..
فماذا يقولون في هذا الذي يهدم لهم صرح الهيكل ليقول إنه لا يحتوي على شيء له كيان مادي أو حيِّز، وإنما كل ما هناك .. طاقة متموجة، وأكثر من هذا يقدم لهم الإثبات بالمعادلات، والتجارب ..
وكانت بلبَلة علمية لا حـد لها .
كيف يمكن أن يقوم البرهان على شيئين متناقضين ! .. وهل يمكن أن يكون للشيء طبيعة متناقضة .. ؟!
كيف يمكن أن تكون للمادة صفات موجية، وللضوء صفات مادية .. ؟!
وتقدم عالِم ألماني هو " هايزنبرج " وبرفقته عالِم آخر هو " بورن " ليقول أنه من الممكن تخطي هذه الفجوة، وأنه لا توجد مشكلة .. وقدم مجموعة من المعادلات يمكن عن طريقها حساب الضوء على أنه أمواج أو على أنه ذرّات، ولمن يريد أن يختار الإفتراض الذي يعجبه .. وسيجد أن المعادلات تصلح للغرضين في وقت واحد ..
كيف يمكن أن تكون الحقيقة متناقضة .. ؟!
العلماء يسألون ..
وهايزنبرج يرد ببساطة .. الحقيقة المطلَقة لا سبيل إلى إدراكها .
العلم لا يستطيع أن يعرف حقيقة أي شيء .. إنه يعرف كيف يتصرف ذلك الشيء في ظروف معينة، ويستطيع أن يكشف علاقاته مع غيره من الأشياء ويحسبها .. ولكنه لا يستطيع أن يعرف ما هو . !
لا سبيل أمام العلم لإدراك المطلق .
العلم يدرِك كميات، ولكنه لا يدرِك ماهيات ..
العلم لا يمكنه أن يعرف ما هو الضوء .. ولا ما هو الإلكترون ..
وحينما يقول إن الأشعة الضوئية هي موجات كهربية مغناطيسية أو فوتونات .. فإنه يحيل الألغاز إلى ألغاز أخرى .. فما هي الموجات الكهربائية المغناطيسية ؟ حركة في الأثير ؟ .. وما الحركة ؟ .. وما الأثير ؟ ..
وما الفوتونات ؟ .. حِزَم من الطاقة ؟ .. وما الطاقة ؟ ..
العلم لا يمكن أن يعرف ماهية أي شيء .. إنه يستطيع أن يعرف سلوك الشيء وعلاقاته بالأشياء الأخرى والكيفيات التي يوجد بها في الظروف المختلفة .. ولكنه لا يستطيع أن يعرف حقيقته .
وحينما يكتشف العلم أن الضوء في إحدى التجارب يتصرَف بطريقة مَوْجية، وفي تجربة أخرى يتصرف بطريقة مادية ذرية، فلا تناقض هناك .. لأن ما اكتشفه العلم هو مسلَك الضوء، والكيفيات التي ينطلق بها في الظروف المختلفة .. لا حقيقة الضوء .. ويمكن أن تكون للضوء طبيعة مزدوجة .
والصفة الثانية للعلم ..
أن أحكامه كلها إحصائية وتقريبية .. لأنه لا يُجري تجاربه على حالات مفردة .. لا يمسك ذرة مفردة ليجري عليها تجاربه .. ولا يقبض على إلكترون واحد ليلاحظه .. ولا يمسك فوتونًا واحدًا ليفحصه ويتفرج عليه ..
وإنما يجري تجاربه على مجموعات .. على شعاع ضوء مثلًا ( والشعاع يحتوي على بلايين بلايين الفوتونات ) ..
أو جرام من مادة .. والجرام يحتوي على بلايين بلايين الذرات .. وتكون النتيجة أن الحسابات كلها حسابات إحصائية تقوم على الإحتمالات .. وعلى الصواب التقريبي .
والقوانين العلمية أشبه بالإحصائيات التي يمسح بها الباحثون الاجتماعيون المجتمع لتقرير أسباب الانتحار .. أو أسباب الطلاق .. أو علاقة السرطان بالتدخين .. أو الخمر بالجنون ..
وكل النتائج تكون في هذه الحالة نتائج إحتمالية وإحصائية لأنها جميعها متوسطات حسابية عن أعداد كبيرة .
أما إذا حاول العلم أن يجري تجاربه على وِحدة أساسية .. كأن يدرس ذرّة بعينها أو يلاحظ إلكترونًا واحدًا بالذات .. فإنه لا يمكنه أن يخرج بنتيجة أو معرفة .. لأنه يصطدم باستحالة نهائية .
ولكي يثبت هايزنبرج هذه الإستحالة تخيل أن عالِمًا يحاول أن يشاهد الإلكترون .. فعليه أولًا أن يستخدم ميكروسكوبًا يكبر مائة مليون مرة .. وعلى افتراض أنه حصل على هذا الميكروسكوب، فإن هناك صعوبة أخرى .. وهي أن الإلكترون أصغر من موجة الضوء .. فعليه أن يختار موجة قصيرة مثل أشعة إكس ..
ولكن أشعة إكس لا تصلح للرؤية .. إذاً عليه أن يستخدم أشعة الراديوم .
وبافتراض أنه حصل على هذه الأشياء .. فإنه في اللحظة التي يضع فيها عينيه على الميكروسكوب ويطلق فوتونًا ضوئيًا ليرى به الإلكترون .. فإن الفوتون سوف يضرب الإلكترون كما تضرب العصا كرة البلياردو ويزيحه من مكانه مغيرًا سرعته ..
لأن الفوتون عبارة عن شحنة من الطاقة ..
فهو في محاولته لتسجيل وضع الإلكترون وسرعته .. لن يصل إلى أي نتيجة ..
إذ في اللحظة التي يحاول فيها تسجيل سرعته يتغير مكانه .. لأن إطلاق الضوء عليه لرؤيته ينقله من مكانه ويغير سرعته .
إن عملية الملاحظة التي يقوم بها تغير من النتيجة المطلوبة ..
إنه يحاول أن يرى طبيعة الإلكترون ليسجلها .. ولكن عملية الرؤية تُغير أول ما تُغير تلك الطبيعة التي يجري وراء تسجيلها ..
فهو ينقل الإلكترون من مكانه في اللحظة التي يحاول فيها أن يسجل مكانه .
وهكذا يكون التعامل مع الوحدات الأساسية للطبيعة مستحيل .. فحينما نصل إلى عالَم الذرة الصغير يستحيل علينا التحديد .. وفي نفس الوقت يتعطل قانون السببية ..
فلا يصبح ساريًا .. لأن عملية الملاحظة تتدخل بين السبب والنتيجة وتكسر حلقة السببيية من منتصفها .. وتدخل هي بذاتها كسبب يغير من النتيجة بشكل يجعل من المستحيل معرفتها أو حسابها ..
إننا نكون أشبه بالأعمى الذي يمسك بقطعة مربعة من الثلج ليتحسس شكلها ومقياسها .. وهي في اللحظة التي يتحسسها تذوب مقاييسها بين يديه .. فيفقد الشيء الذي يبحث عنه بنفس العملية التي يبحث بها عنه .
وهكذا تتعطل القوانين حينما تصل إلى منتهى أجزاء ذلك الكون الكبير .. وتتوقف عند أصغر وحدة في وحداته .. فلا تعود سارية ولا تعود صالحة للتطبيق .
وبالمثل هي تتعطل أحيانًا حينما نحاول أن نطبقها على الكون بأسره ككل .. فقانون السببية أيضًا لا يعود ساريًا بالنسبة للكون ككل .. إذ أن اعتبار الكون صادرًا عن سبب، واعتباره خاضعًا للسببية يجعل منه جزءًا صادرًا عن جزء آخر ويتناقض مع كليته وشموله ..
القوانين تصطدم مع الحدّ الأكبر ومع الحدّ الأصغر للكون ولا تعود سارية ..
والعقل يصطدم بالإستحالة حينما يحاول أن يبحث في المبدأ وفي المنتهى .. لأنه لم يُجهَز بالوسائل التي يقتحم بها هذه الحدود ..
بهذا البحث الفلسفي الرياضي .. إستطاع هايزنبرج أن يفسر الطبيعة المزدوجة للضوء، ووضع المعادلات التي تصلح لتفسير الضوء على الأساس المادي وعلى الأساس الموجي في نفس الوقت، واعتبر القوانين في هذا المجال قوانين احتمالية إحصائية .. تعبِّر عن سلوك مجاميع هائلة من بلايين بلايين الفوتونات ..
أما الفوتون نفسه .. فشيء لا يمكن تحديده .
وهل يمكن تحديد نقطة في ريح عاصفة في الظلام .. وهل يمكنك أن تقول إن هذه النقطة تشغل هذا المكان بالذات .. ؟!
كل ما يمكن للعلم أن يدركه هو "الكميات" و "الكيفيات" .. ولكن لا سبيل إلى إدراك الماهيات .
** ** **
لكن أينشتين كانت له وجهة نظر أخرى ..
كان يرى في العالَم وحدة منسجمة ..
كان يرى العالَم الكبير بشموسه وأفلاكه، والعالم الصغير بذرّاته وإلكتروناته خاضعًا كله لقانون واحد بسيط ..
وكان يرى أن العقل في إمكانه أن يكتشف هذا القانون .. وكان يبحث جاهدًا عنه ..
وفي سنة 1929 أعلن عن نظرية "المجال الموحَد" .. ثم عاد بعد ذلك ورفضها واستبعدها .. وعاود البحث من جديد .
مقال / مبدأ الشـــك .
من كتاب / أينشتين والنسبية
لـلدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ هل الضوء أمواج ؟
هل الضوء ذرّات ؟
كانت المعركة محتدمة بين العلماء الذين يقولون بأن للضوء طبيعة موجية . وبين العلماء الذين يقولون بأن طبيعته مادية ذرية .
حينما تقدم عالَم نمساوي إسمه شرودنجر بمجموعة من المعادلات . ليعلن نظرية اسمها ˝الميكانيكا الموجية˝ .
وفي هذه النظرية أثبت شرودنجر بالتجربة أن حزمة من الإلكترونات ساقطة على سطح بللورة معدنية تحيد بنفس الطريقة التي تحيد بها أمواج البحر التي تدخل من مضيق . واستطاع أن يحسب طول موجة الإلكترونات التي تحيد بهذه الطريقة .
وأعقبت هذه المفاجأة مفاجآت أخرى .
فقد أثبتت التجارب التي أجريت على حِزَم من الذرّات، ثم على حِزَم من الجزيئات . أنها بإسقاطها على بللورة معدنية تتصرف بنفس الطريقة الموجية وأن طول موجاتها يمكن حسابه بمعادلات شرودنجر .
وبهذا بدأ صرح النظرية المادية كله ينهار .
إن الهيكل كله يسقط، ويتحول إلى خواء .
إن كُهّان العلوم دأبوا من سنين على أن يعلمونا أن الذرة عبارة عن معمار مادي يتألف من نواة ( بروتون أو أكثر ) تدور حولها الإلكترونات في أفلاك دائرية كما تدور الكواكب حول الشمس .
وأكثر من هذا . حسبوا عدد الإلكترونات في كل ذرة وقالوا لنا إنها إلكترون واحد في ذرة الأيدروجين ثم تزيد في العناصر الثقيلة حتى تبلغ 92 إلكترون في ذرة اليورانيوم، وأن كل ذرة لها وزن ذري . وأثبتوا كل هذا بالمعادلات .
فماذا يقولون في هذا الذي يهدم لهم صرح الهيكل ليقول إنه لا يحتوي على شيء له كيان مادي أو حيِّز، وإنما كل ما هناك . طاقة متموجة، وأكثر من هذا يقدم لهم الإثبات بالمعادلات، والتجارب .
وكانت بلبَلة علمية لا حـد لها .
كيف يمكن أن يقوم البرهان على شيئين متناقضين ! . وهل يمكن أن يكون للشيء طبيعة متناقضة . ؟!
كيف يمكن أن تكون للمادة صفات موجية، وللضوء صفات مادية . ؟!
وتقدم عالِم ألماني هو ˝ هايزنبرج ˝ وبرفقته عالِم آخر هو ˝ بورن ˝ ليقول أنه من الممكن تخطي هذه الفجوة، وأنه لا توجد مشكلة . وقدم مجموعة من المعادلات يمكن عن طريقها حساب الضوء على أنه أمواج أو على أنه ذرّات، ولمن يريد أن يختار الإفتراض الذي يعجبه . وسيجد أن المعادلات تصلح للغرضين في وقت واحد .
كيف يمكن أن تكون الحقيقة متناقضة . ؟!
العلماء يسألون .
وهايزنبرج يرد ببساطة . الحقيقة المطلَقة لا سبيل إلى إدراكها .
العلم لا يستطيع أن يعرف حقيقة أي شيء . إنه يعرف كيف يتصرف ذلك الشيء في ظروف معينة، ويستطيع أن يكشف علاقاته مع غيره من الأشياء ويحسبها . ولكنه لا يستطيع أن يعرف ما هو . !
لا سبيل أمام العلم لإدراك المطلق .
العلم يدرِك كميات، ولكنه لا يدرِك ماهيات .
العلم لا يمكنه أن يعرف ما هو الضوء . ولا ما هو الإلكترون .
وحينما يقول إن الأشعة الضوئية هي موجات كهربية مغناطيسية أو فوتونات . فإنه يحيل الألغاز إلى ألغاز أخرى . فما هي الموجات الكهربائية المغناطيسية ؟ حركة في الأثير ؟ . وما الحركة ؟ . وما الأثير ؟ .
وما الفوتونات ؟ . حِزَم من الطاقة ؟ . وما الطاقة ؟ .
العلم لا يمكن أن يعرف ماهية أي شيء . إنه يستطيع أن يعرف سلوك الشيء وعلاقاته بالأشياء الأخرى والكيفيات التي يوجد بها في الظروف المختلفة . ولكنه لا يستطيع أن يعرف حقيقته .
وحينما يكتشف العلم أن الضوء في إحدى التجارب يتصرَف بطريقة مَوْجية، وفي تجربة أخرى يتصرف بطريقة مادية ذرية، فلا تناقض هناك . لأن ما اكتشفه العلم هو مسلَك الضوء، والكيفيات التي ينطلق بها في الظروف المختلفة . لا حقيقة الضوء . ويمكن أن تكون للضوء طبيعة مزدوجة .
والصفة الثانية للعلم .
أن أحكامه كلها إحصائية وتقريبية . لأنه لا يُجري تجاربه على حالات مفردة . لا يمسك ذرة مفردة ليجري عليها تجاربه . ولا يقبض على إلكترون واحد ليلاحظه . ولا يمسك فوتونًا واحدًا ليفحصه ويتفرج عليه .
وإنما يجري تجاربه على مجموعات . على شعاع ضوء مثلًا ( والشعاع يحتوي على بلايين بلايين الفوتونات ) .
أو جرام من مادة . والجرام يحتوي على بلايين بلايين الذرات . وتكون النتيجة أن الحسابات كلها حسابات إحصائية تقوم على الإحتمالات . وعلى الصواب التقريبي .
والقوانين العلمية أشبه بالإحصائيات التي يمسح بها الباحثون الاجتماعيون المجتمع لتقرير أسباب الانتحار . أو أسباب الطلاق . أو علاقة السرطان بالتدخين . أو الخمر بالجنون .
وكل النتائج تكون في هذه الحالة نتائج إحتمالية وإحصائية لأنها جميعها متوسطات حسابية عن أعداد كبيرة .
أما إذا حاول العلم أن يجري تجاربه على وِحدة أساسية . كأن يدرس ذرّة بعينها أو يلاحظ إلكترونًا واحدًا بالذات . فإنه لا يمكنه أن يخرج بنتيجة أو معرفة . لأنه يصطدم باستحالة نهائية .
ولكي يثبت هايزنبرج هذه الإستحالة تخيل أن عالِمًا يحاول أن يشاهد الإلكترون . فعليه أولًا أن يستخدم ميكروسكوبًا يكبر مائة مليون مرة . وعلى افتراض أنه حصل على هذا الميكروسكوب، فإن هناك صعوبة أخرى . وهي أن الإلكترون أصغر من موجة الضوء . فعليه أن يختار موجة قصيرة مثل أشعة إكس .
ولكن أشعة إكس لا تصلح للرؤية . إذاً عليه أن يستخدم أشعة الراديوم .
وبافتراض أنه حصل على هذه الأشياء . فإنه في اللحظة التي يضع فيها عينيه على الميكروسكوب ويطلق فوتونًا ضوئيًا ليرى به الإلكترون . فإن الفوتون سوف يضرب الإلكترون كما تضرب العصا كرة البلياردو ويزيحه من مكانه مغيرًا سرعته .
لأن الفوتون عبارة عن شحنة من الطاقة .
فهو في محاولته لتسجيل وضع الإلكترون وسرعته . لن يصل إلى أي نتيجة .
إذ في اللحظة التي يحاول فيها تسجيل سرعته يتغير مكانه . لأن إطلاق الضوء عليه لرؤيته ينقله من مكانه ويغير سرعته .
إن عملية الملاحظة التي يقوم بها تغير من النتيجة المطلوبة .
إنه يحاول أن يرى طبيعة الإلكترون ليسجلها . ولكن عملية الرؤية تُغير أول ما تُغير تلك الطبيعة التي يجري وراء تسجيلها .
فهو ينقل الإلكترون من مكانه في اللحظة التي يحاول فيها أن يسجل مكانه .
وهكذا يكون التعامل مع الوحدات الأساسية للطبيعة مستحيل . فحينما نصل إلى عالَم الذرة الصغير يستحيل علينا التحديد . وفي نفس الوقت يتعطل قانون السببية .
فلا يصبح ساريًا . لأن عملية الملاحظة تتدخل بين السبب والنتيجة وتكسر حلقة السببيية من منتصفها . وتدخل هي بذاتها كسبب يغير من النتيجة بشكل يجعل من المستحيل معرفتها أو حسابها .
إننا نكون أشبه بالأعمى الذي يمسك بقطعة مربعة من الثلج ليتحسس شكلها ومقياسها . وهي في اللحظة التي يتحسسها تذوب مقاييسها بين يديه . فيفقد الشيء الذي يبحث عنه بنفس العملية التي يبحث بها عنه .
وهكذا تتعطل القوانين حينما تصل إلى منتهى أجزاء ذلك الكون الكبير . وتتوقف عند أصغر وحدة في وحداته . فلا تعود سارية ولا تعود صالحة للتطبيق .
وبالمثل هي تتعطل أحيانًا حينما نحاول أن نطبقها على الكون بأسره ككل . فقانون السببية أيضًا لا يعود ساريًا بالنسبة للكون ككل . إذ أن اعتبار الكون صادرًا عن سبب، واعتباره خاضعًا للسببية يجعل منه جزءًا صادرًا عن جزء آخر ويتناقض مع كليته وشموله .
القوانين تصطدم مع الحدّ الأكبر ومع الحدّ الأصغر للكون ولا تعود سارية .
والعقل يصطدم بالإستحالة حينما يحاول أن يبحث في المبدأ وفي المنتهى . لأنه لم يُجهَز بالوسائل التي يقتحم بها هذه الحدود .
بهذا البحث الفلسفي الرياضي . إستطاع هايزنبرج أن يفسر الطبيعة المزدوجة للضوء، ووضع المعادلات التي تصلح لتفسير الضوء على الأساس المادي وعلى الأساس الموجي في نفس الوقت، واعتبر القوانين في هذا المجال قوانين احتمالية إحصائية . تعبِّر عن سلوك مجاميع هائلة من بلايين بلايين الفوتونات .
أما الفوتون نفسه . فشيء لا يمكن تحديده .
وهل يمكن تحديد نقطة في ريح عاصفة في الظلام . وهل يمكنك أن تقول إن هذه النقطة تشغل هذا المكان بالذات . ؟!
كل ما يمكن للعلم أن يدركه هو ˝الكميات˝ و ˝الكيفيات˝ . ولكن لا سبيل إلى إدراك الماهيات .
******
لكن أينشتين كانت له وجهة نظر أخرى .
كان يرى في العالَم وحدة منسجمة .
كان يرى العالَم الكبير بشموسه وأفلاكه، والعالم الصغير بذرّاته وإلكتروناته خاضعًا كله لقانون واحد بسيط .
وكان يرى أن العقل في إمكانه أن يكتشف هذا القانون . وكان يبحث جاهدًا عنه .
وفي سنة 1929 أعلن عن نظرية ˝المجال الموحَد˝ . ثم عاد بعد ذلك ورفضها واستبعدها . وعاود البحث من جديد .
مقال / مبدأ الشـــك .
من كتاب / أينشتين والنسبية
لـلدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝
❞ اشعر بالندم يا إلهي حتى نخاع العظم من أني ذكرت سواك بالأمس و هتفت بغير اسمك و طافت بخاطري كلمات غير كلماتك.
سمحت لنفسي أن أكون مرآة للسراب و مستعمرة للأشباح.
جهلت مقامي و نزلت عن رتبتي و ترجلت عن فرسي الأصيلة لأركب توافه الأمور و لأمشي مع السوقة و أزحف على بطني مع دود الأرض.
خدعني شيطاني و استدرجني إلى مسرح العرائس الذي يديره و إلى تماثيل الطين و الزجاج و الحلي المزيفة.
استدرجني إلى بيوت القماش و قصور الورق و قدمني إلى ناس يبتسمون للمصلحة و يحبون للشهوة و يقتلون للطمع و يتزاوجون للتآمر..
رجال وجوههم ملساء مدهونة و نظراتهم خائنة و لمساتهم ثعبانية و نساء تغطيهن المساحيق فلا تبدو ألوانهن الحقيقية بشرتهن مشدوة و وجوههن مكوية و خطواتهن حربائية و أيديهن تتسلل إلى القلوب يسرقن كل شيء حتى الحقائق.
عالم جذاب كذاب يضوع بالعطور و يبرق بالكلمات.. عالم لزج معسول تغوص فيه الأرجل كما يغوص النمل في العسل حتى يختنق بحلاوته و يموت بلزوجته.
و الأصوات في هذا العالم كلها هامسة مبللة بالشهوة تتسلل إلى ما تحت الجلد و تخترق الضمائر و تأكل الإيمان
من الجذور.
تذكرتك يارب و أنا أمشي في هذا العالم فشعرت بالغربة و الانفصال و لم أجد أحدا أكلمه و يكلمني و أفهمه و يفهمني.. نبذوني كلهم و رفضوني كما نبذتهم و رفضتهم.. و أحسست بنفسي وحيدا غريبا مطرودا.. ملقى على رصيف أبكي كطفل يتيم بلا أم.
و سمعت في قلبي صراخا يناديك.
كانت كل خلية في بدني تتوب و تئوب و ترجع و سمعتك تقول في حنان.. لبيك عبدي..
و رأيت يدك التي ليس كمثلها شيء تلتقطني و تخرجني من نفسي إلى نفسك.
و اختفى ديكور القماش و الورق و ذاب مسرح الخدع الضوئية.
و عاد اللا شيء إلى اللا شيء.
و عدت أنا إليك.
لا إله إلا أنت.
سبحانك
و لا موجود سواك
القرب منك يضيف.
و البعد عنك يسلب.
لأنك وحدك الإيجاب المطلق.
و كل ما سواك سلب مطلق.
علمت ذلك بالمكابدة و أدركته بالمعاناة و عرفته بالدم و العرق و الدموع و مشوار الخطايا و الذنوب و أنا أقع في الحفر و أتعثر في الفخاخ.. و كلما وقعت في حفرة شعرت بيدك تخرجني بلطف و كلما أطبق عليّ فخ رأيتك تفتح لي سبيلا للنجاة.. و كلما وضعوني في الأغلال و أحكموا عليّ الوثاق شعرت بك في الوحدة و الظلمة تفك عني أغلالي و تربت على كتفي في حنان و إلهامك يهمس في خاطري.. أما كفاك ما عانيت يا عبدي.
أما اتعظت.. أما اعتبرت.. أما جاء اليوم الذي تثبت فيه قدمك و تستقر خطاك على الطريق.
فأقول باكيا.
سبحانك يارب و هل هناك تثبيت إلا بك و هل هناك تمكين إلا بإذنك.
أنت وحدك الذي أصلحت الصالحين و ثبت الثابتين و مكنت أهل التمكين.
تعطي لحكمة و تمنع لحكمة و لا تسأل عما تفعل.
شفيعي إليك صدقي.
و عذري إليك حبي للحق.
و ذريعتي إلى عفوك رغبتي في الخير.
فمن خطيئاتي نبتت الحكمة كما تنمو أزهار الياسمين من الأرض السبخة.
و من دموع ندمي علمت الناس فصدقوني حينما كلمتهم لأنهم رأوا كلماتي مغموسة بدمي و من عثراتي و سقطاتي أضأت مصباحا هاديا يجنب الناس العثرات.
و كل من عبر طريقي قلت له كلمة صدق و دللته على السلامة.
ربنا ما أتيت الذنوب جرأة مني عليك و لا تطاولا على أمرك و إنما ضعفا و قصورا حينما غلبني ترابي و غلبتني طينتي و غشيتني ظلمتي.
إنما أتيت ما سبق في علمك و ما سطرته في كتابك و ما قضى به عدلك.
رب لا أشكو و لكن أرجو.
أرجو رحمتك التي وسعت كل شيء أن تسعني.
أنت الذي وسع كرسيك السماوات و الأرض.
مقال / مسرح العرائس
من كتاب : أناشيد الإثم و البراءة .
للدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ اشعر بالندم يا إلهي حتى نخاع العظم من أني ذكرت سواك بالأمس و هتفت بغير اسمك و طافت بخاطري كلمات غير كلماتك.
سمحت لنفسي أن أكون مرآة للسراب و مستعمرة للأشباح.
جهلت مقامي و نزلت عن رتبتي و ترجلت عن فرسي الأصيلة لأركب توافه الأمور و لأمشي مع السوقة و أزحف على بطني مع دود الأرض.
خدعني شيطاني و استدرجني إلى مسرح العرائس الذي يديره و إلى تماثيل الطين و الزجاج و الحلي المزيفة.
استدرجني إلى بيوت القماش و قصور الورق و قدمني إلى ناس يبتسمون للمصلحة و يحبون للشهوة و يقتلون للطمع و يتزاوجون للتآمر.
رجال وجوههم ملساء مدهونة و نظراتهم خائنة و لمساتهم ثعبانية و نساء تغطيهن المساحيق فلا تبدو ألوانهن الحقيقية بشرتهن مشدوة و وجوههن مكوية و خطواتهن حربائية و أيديهن تتسلل إلى القلوب يسرقن كل شيء حتى الحقائق.
عالم جذاب كذاب يضوع بالعطور و يبرق بالكلمات. عالم لزج معسول تغوص فيه الأرجل كما يغوص النمل في العسل حتى يختنق بحلاوته و يموت بلزوجته.
و الأصوات في هذا العالم كلها هامسة مبللة بالشهوة تتسلل إلى ما تحت الجلد و تخترق الضمائر و تأكل الإيمان
من الجذور.
تذكرتك يارب و أنا أمشي في هذا العالم فشعرت بالغربة و الانفصال و لم أجد أحدا أكلمه و يكلمني و أفهمه و يفهمني. نبذوني كلهم و رفضوني كما نبذتهم و رفضتهم. و أحسست بنفسي وحيدا غريبا مطرودا. ملقى على رصيف أبكي كطفل يتيم بلا أم.
و سمعت في قلبي صراخا يناديك.
كانت كل خلية في بدني تتوب و تئوب و ترجع و سمعتك تقول في حنان. لبيك عبدي.
و رأيت يدك التي ليس كمثلها شيء تلتقطني و تخرجني من نفسي إلى نفسك.
و اختفى ديكور القماش و الورق و ذاب مسرح الخدع الضوئية.
و عاد اللا شيء إلى اللا شيء.
و عدت أنا إليك.
لا إله إلا أنت.
سبحانك
و لا موجود سواك
القرب منك يضيف.
و البعد عنك يسلب.
لأنك وحدك الإيجاب المطلق.
و كل ما سواك سلب مطلق.
علمت ذلك بالمكابدة و أدركته بالمعاناة و عرفته بالدم و العرق و الدموع و مشوار الخطايا و الذنوب و أنا أقع في الحفر و أتعثر في الفخاخ. و كلما وقعت في حفرة شعرت بيدك تخرجني بلطف و كلما أطبق عليّ فخ رأيتك تفتح لي سبيلا للنجاة. و كلما وضعوني في الأغلال و أحكموا عليّ الوثاق شعرت بك في الوحدة و الظلمة تفك عني أغلالي و تربت على كتفي في حنان و إلهامك يهمس في خاطري. أما كفاك ما عانيت يا عبدي.
أما اتعظت. أما اعتبرت. أما جاء اليوم الذي تثبت فيه قدمك و تستقر خطاك على الطريق.
فأقول باكيا.
سبحانك يارب و هل هناك تثبيت إلا بك و هل هناك تمكين إلا بإذنك.
أنت وحدك الذي أصلحت الصالحين و ثبت الثابتين و مكنت أهل التمكين.
تعطي لحكمة و تمنع لحكمة و لا تسأل عما تفعل.
شفيعي إليك صدقي.
و عذري إليك حبي للحق.
و ذريعتي إلى عفوك رغبتي في الخير.
فمن خطيئاتي نبتت الحكمة كما تنمو أزهار الياسمين من الأرض السبخة.
و من دموع ندمي علمت الناس فصدقوني حينما كلمتهم لأنهم رأوا كلماتي مغموسة بدمي و من عثراتي و سقطاتي أضأت مصباحا هاديا يجنب الناس العثرات.
و كل من عبر طريقي قلت له كلمة صدق و دللته على السلامة.
ربنا ما أتيت الذنوب جرأة مني عليك و لا تطاولا على أمرك و إنما ضعفا و قصورا حينما غلبني ترابي و غلبتني طينتي و غشيتني ظلمتي.
إنما أتيت ما سبق في علمك و ما سطرته في كتابك و ما قضى به عدلك.
رب لا أشكو و لكن أرجو.
أرجو رحمتك التي وسعت كل شيء أن تسعني.
أنت الذي وسع كرسيك السماوات و الأرض.
مقال / مسرح العرائس
من كتاب : أناشيد الإثم و البراءة .
للدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ هو رجل الوقت سهواً . حبه حالة ضوئية ، في عتمة الحواس يأتي ..
يدخل الكهرباء إلى دهاليز نفسها ، يوقظ رغباتها المستترة ، يشعل كل شيء في داخلها .. ويمضي ..
فتجلس في المقعد المواجه لغيابه ، هناك .. حيث جلس يوماً مقابلاً لدهشتها . تستعيد به انبهارها الأول. ❝ ⏤أحلام مستغانمي
❞ هو رجل الوقت سهواً . حبه حالة ضوئية ، في عتمة الحواس يأتي .
يدخل الكهرباء إلى دهاليز نفسها ، يوقظ رغباتها المستترة ، يشعل كل شيء في داخلها . ويمضي .
فتجلس في المقعد المواجه لغيابه ، هناك . حيث جلس يوماً مقابلاً لدهشتها . تستعيد به انبهارها الأول. ❝
❞ اتشرد في مدن العالم وامشي على ارصفة العرية الماطرة..لكنني اسمع وقع خطواتي فوق ارصفة بيروت ودمشق... اتشرد في القطارات الرمادية بين محطات الحزن وبحيرات النسيان لكنني حين احدق من النافذة لا ارى غير بردى والبحر المتوسط ...أتأمل الفسيفساء الضوئية لمدينة تكاد طائرتي تحط فيها فلا أرى غير بريق عيني حبيبي وسوادهما الشاسع كليلٍ صحراويّ!. ❝ ⏤غادة السمان
❞ اتشرد في مدن العالم وامشي على ارصفة العرية الماطرة.لكنني اسمع وقع خطواتي فوق ارصفة بيروت ودمشق.. اتشرد في القطارات الرمادية بين محطات الحزن وبحيرات النسيان لكنني حين احدق من النافذة لا ارى غير بردى والبحر المتوسط ..أتأمل الفسيفساء الضوئية لمدينة تكاد طائرتي تحط فيها فلا أرى غير بريق عيني حبيبي وسوادهما الشاسع كليلٍ صحراويّ!. ❝