❞ هذا البحرُ لي
هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
هذا الرصيفُ وما عَلَيْهِ
من خُطَايَ وسائلي المنويِّ … لي
ومحطَّةُ الباصِ القديمةُ لي . ولي
شَبَحي وصاحبُهُ . وآنيةُ النحاس
وآيةُ الكرسيّ ، والمفتاحُ لي
والبابُ والحُرَّاسُ والأجراسُ لي
لِيَ حَذْوَةُ الفَرَسِ التي
طارت عن الأسوار … لي
ما كان لي . وقصاصَةُ الوَرَقِ التي
انتُزِعَتْ من الإنجيل لي
والملْحُ من أَثر الدموع على
جدار البيت لي …
واسمي ، إن أخطأتُ لَفْظَ اسمي
بخمسة أَحْرُفٍ أُفُقيّةِ التكوين لي :
ميمُ / المُتَيَّمُ والمُيتَّمُ والمتمِّمُ ما مضى
حاءُ / الحديقةُ والحبيبةُ ، حيرتانِ وحسرتان
ميمُ / المُغَامِرُ والمُعَدُّ المُسْتَعدُّ لموته
الموعود منفيّاً ، مريضَ المُشْتَهَى
واو / الوداعُ ، الوردةُ الوسطى ،
ولاءٌ للولادة أَينما وُجدَتْ ، وَوَعْدُ الوالدين
دال / الدليلُ ، الدربُ ، دمعةُ
دارةٍ دَرَسَتْ ، ودوريّ يُدَلِّلُني ويُدْميني /
وهذا الاسمُ لي …
ولأصدقائي ، أينما كانوا ، ولي
جَسَدي المُؤَقَّتُ ، حاضراً أم غائباً …
مِتْرانِ من هذا التراب سيكفيان الآن …
لي مِتْرٌ و75 سنتمتراً …
والباقي لِزَهْرٍ فَوْضَويّ اللونِ ،
يشربني على مَهَلٍ ، ولي
ما كان لي : أَمسي ، وما سيكون لي
غَدِيَ البعيدُ ، وعودة الروح الشريد
كأنَّ شيئا ً لم يَكُنْ
وكأنَّ شيئاً لم يكن
جرحٌ طفيف في ذراع الحاضر العَبَثيِّ …
والتاريخُ يسخر من ضحاياهُ
ومن أَبطالِهِ …
يُلْقي عليهمْ نظرةً ويمرُّ …
هذا البحرُ لي
هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
واسمي -
وإن أخطأتُ لفظ اسمي على التابوت -
لي .
أَما أَنا - وقد امتلأتُ
بكُلِّ أَسباب الرحيل -
فلستُ لي .
أَنا لَستُ لي
أَنا لَستُ لي. ❝ ⏤محمود درويش
❞ وفي إحدى ليالي الشتاء الباردة، وانسكب الليل على المدينة كحبر أسود، يخفي معالمها تحت ستار من الغموض. وفي تلك اللحظة وذلك الوقت المتأخر، وبعد انقطاع الأصوات، وعم الهدوء، رأيتها تنظر من النافذة. توقف عقلي عن التفكير، وخفق قلبي بقوة كأنما يحتفل بعودة الروح بعد غياب طويل. أخذت أتأمل تلك العينين الحادتين، وذاك الوجه الصافي، وخصلات شعرها السوداء. كانت عيناها تتلألآن كأنهما قطعتي زمرد وسط الظلام، كانت مضيئة كالقمر، لا بل شيء أجمل. دق قلبي لهذا الملاك ثم ذهبت بعد لحظات قليلة. تمنيت لو أن العالم توقف. ❝ ⏤إيمان العقرب
❞ وفي إحدى ليالي الشتاء الباردة، وانسكب الليل على المدينة كحبر أسود، يخفي معالمها تحت ستار من الغموض. وفي تلك اللحظة وذلك الوقت المتأخر، وبعد انقطاع الأصوات، وعم الهدوء، رأيتها تنظر من النافذة. توقف عقلي عن التفكير، وخفق قلبي بقوة كأنما يحتفل بعودة الروح بعد غياب طويل. أخذت أتأمل تلك العينين الحادتين، وذاك الوجه الصافي، وخصلات شعرها السوداء. كانت عيناها تتلألآن كأنهما قطعتي زمرد وسط الظلام، كانت مضيئة كالقمر، لا بل شيء أجمل. دق قلبي لهذا الملاك ثم ذهبت بعد لحظات قليلة. تمنيت لو أن العالم توقف. ❝