❞ وكما أن الشمس إذا قربت من المشرق ظهر نورها في أول الأمر وهو الصبح. فكذلك الاستدلال الأول يكون كالصبح، ثم كما أن الصبح لا يزال يتزايد بسبب تزايد قرب الشمس من سمت الرأس، فإذا وصلت إلى سمت الرأس حصل النور التام، فكذلك العبد كلما كان تدبره في مراتب مخلوقات الله تعالى أكثر كان شروق نور المعرفة والتوحيد أجلى. إلا أن الفرق بين شمس العلم وبين شمس العالم أن شمس العالم الجسماني لها في الارتقاء والتصاعد حد معين لا يمكن أن يزاد عليه في الصعود، وأما شمس المعرفة والعقل والتوحيد، فلا نهاية لتصاعدها ولا غاية لازديادها فقوله: ﴿وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض﴾ إشارة إلى مراتب الدلائل والبينات، وقوله: ﴿وليكون من الموقنين﴾ إشارة إلى درجات أنوار التجلي وشروق شمس المعرفة والتوحيد. ❝ ⏤ فخر الدين الرازي
❞ وكما أن الشمس إذا قربت من المشرق ظهر نورها في أول الأمر وهو الصبح. فكذلك الاستدلال الأول يكون كالصبح، ثم كما أن الصبح لا يزال يتزايد بسبب تزايد قرب الشمس من سمت الرأس، فإذا وصلت إلى سمت الرأس حصل النور التام، فكذلك العبد كلما كان تدبره في مراتب مخلوقات الله تعالى أكثر كان شروق نور المعرفة والتوحيد أجلى. إلا أن الفرق بين شمس العلم وبين شمس العالم أن شمس العالم الجسماني لها في الارتقاء والتصاعد حد معين لا يمكن أن يزاد عليه في الصعود، وأما شمس المعرفة والعقل والتوحيد، فلا نهاية لتصاعدها ولا غاية لازديادها فقوله: ﴿وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض﴾ إشارة إلى مراتب الدلائل والبينات، وقوله: ﴿وليكون من الموقنين﴾ إشارة إلى درجات أنوار التجلي وشروق شمس المعرفة والتوحيد. ❝
❞ ﴿بَلْ قالُوا إنّا وجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وإنّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾
المسألة الثانية: لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآيات لكفت في إبطال القول بالتقليد، وذلك لأنه تعالى بين أن هؤلاء الكفار لم يتمسكوا في إثبات ما ذهبوا إليه لا بطريق عقلي، ولا بدليل نقلي، ثم بين أنهم إنما ذهبوا إليه بمجرد تقليد الآباء والأسلاف، وإنما ذكر تعالى هذه المعاني في معرض الذم والتهجين، وذلك يدل على أن القول بالتقليد باطل، ومما يدل عليه أيضا من حيث العقل أن التقليد أمر مشترك فيه بين المبطل وبين المحق، وذلك لأنه كما حصل لهذه الطائفة قوم من المقلدة، فكذلك حصل لأضدادهم أقوام من المقلدة، فلو كان التقليد طريقا إلى الحق لوجب كون الشيء ونقيضه حقا، ومعلوم أن ذلك باطل.. ❝ ⏤ فخر الدين الرازي
المسألة الثانية: لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآيات لكفت في إبطال القول بالتقليد، وذلك لأنه تعالى بين أن هؤلاء الكفار لم يتمسكوا في إثبات ما ذهبوا إليه لا بطريق عقلي، ولا بدليل نقلي، ثم بين أنهم إنما ذهبوا إليه بمجرد تقليد الآباء والأسلاف، وإنما ذكر تعالى هذه المعاني في معرض الذم والتهجين، وذلك يدل على أن القول بالتقليد باطل، ومما يدل عليه أيضا من حيث العقل أن التقليد أمر مشترك فيه بين المبطل وبين المحق، وذلك لأنه كما حصل لهذه الطائفة قوم من المقلدة، فكذلك حصل لأضدادهم أقوام من المقلدة، فلو كان التقليد طريقا إلى الحق لوجب كون الشيء ونقيضه حقا، ومعلوم أن ذلك باطل. ❝
❞ ﴿ يَخافُونَ رَبَّهم مِن فَوْقِهِمْ ﴾
وأيضا يجب حمل هذه الفوقية على الفوقية بالقدرة والقهر كقوله ﴿وإنّا فَوْقَهم قاهِرُونَ﴾ [٧/١٢٧] والذي يقوي هذا الوجه أنه تعالى لما قال ﴿يَخافُونَ رَبَّهم مِن فَوْقِهِمْ﴾ وجب أن يكون المقتضى لهذا الخوف هو كون ربهم فوقهم؛ لِما ثبت في أصول الفقه أن الحكم المرتب على الوصف يشعر بكون الحكم معللا بذلك الوصف.
إذا ثبت هذا فنقول هذا التعليل إنما يصح لو كان المراد بالفوقية الفوقية بالقهر والقدرة؛ لأنها هي الموجبة للخوف، أما الفوقية بالجهة والمكان فهي لا توجب الخوف، بدليل أن حارس البيت فوق الملك بالمكان والجهة مع أنه أخس عبيده فسقطت هذه الشبهة.. ❝ ⏤ فخر الدين الرازي
❞﴿ يَخافُونَ رَبَّهم مِن فَوْقِهِمْ ﴾ وأيضا يجب حمل هذه الفوقية على الفوقية بالقدرة والقهر كقوله ﴿وإنّا فَوْقَهم قاهِرُونَ﴾ [٧/١٢٧] والذي يقوي هذا الوجه أنه تعالى لما قال ﴿يَخافُونَ رَبَّهم مِن فَوْقِهِمْ﴾ وجب أن يكون المقتضى لهذا الخوف هو كون ربهم فوقهم؛ لِما ثبت في أصول الفقه أن الحكم المرتب على الوصف يشعر بكون الحكم معللا بذلك الوصف.
إذا ثبت هذا فنقول هذا التعليل إنما يصح لو كان المراد بالفوقية الفوقية بالقهر والقدرة؛ لأنها هي الموجبة للخوف، أما الفوقية بالجهة والمكان فهي لا توجب الخوف، بدليل أن حارس البيت فوق الملك بالمكان والجهة مع أنه أخس عبيده فسقطت هذه الشبهة. ❝