: - 8 -
تأسيس مستر سولى للفرع الثامن لشركة الأخطبوط فى مصر كان مبنى على خبرات سابقة و أسس مدروسة و خطوات منظمة فكان اللعب فى هذا الليفل بأحترافية و كأن تأسيس الفروع السابقة بمثابة التدريبات و التأهيل للعب فى الدور النهائى و هو تأسيس الفرع الثامن فى مصر ..
أدى المؤتمر السكندرى النتائج المرجوة منه .. لا يترك مارك تلميذ مستر سولى شيئاً يحدث هباءً , كان يخطط مع مستر سولى لكل شئ لدرجة تفقدهما متعة معايشة اللحظات الراهنة بسبب أدراكهما للسيناريو كامل لما سيحدث , لذلك حقق المؤتمر أقبال كبير و هجوم أستفسارات الكثير ممن حضر المؤتمر أو شاهده أون لاين و هو يتابع القادة وكلاً منهم يستعرض كيفية تحقيق الثراء السريع و ماهى ألية تحقيق المليون جنيه فى أقل من سنة مما أصاب المتابعين بالأنبهار و الرغبة فى ذات اللحظة لتحقيق الحلم الذى يرونه درباً من دروب الخيال ..
سقط الكثير من الأعضاء الفاشلين كأوراق شجر بالية من شجرة التسويق الألكترونى مما أوحى بأنهيار الفرق التسويقية للعديد من القادة المتواجدون فى الفرق التسويقية للقادة الثلاثة للمثلث .. لكن المؤتمر أحرز فارقاً واضحاً فكان داعماً للفرق التسويقية لتغذيته لهم بعدد ضخم من راغبى الأنضمام لحلم الثراء السريع ..
بشكل يبدو نمطى لسولى و مارك تم تكرار تجربة المؤتمر فى أكثر من محافظة منها المحافظات الريفية و أخرى صعيدية و أيضاً الساحلية و توغلت شركة الأخطبوط و مدت أذرعها العديدة لتتوغل و تتشعب فى كل مكان مما أدى لأن يكون الأقبال من مختلف الثقافات و المستويات مما يحقق أحد أهداف الشركة الأساسية و يحقق النجاح أيضاً لهدف الشركة الجلى و هو دعم كيان الشركة من خلال أمدادها بأعضاء جدد ليعوضوا الأماكن الخالية التى أفتعلها الأعضاء الفاشلين الراحلين ..
و يضخوا عدداً للفرق ينشط الدورة التسويقية لجسد الشركة ..
بجانب المؤتمرات كان يقوم بعض القادة الناجحين و الذين يمتلكون أعداداً هائلة من الأعضاء الفعالين فى فرقهم بتسجيل فيديوهات تحفيزية عن كيفية النجاح و أساليب تحقيقه
و نماذج واقعية لمن نجحوا فى تحقيق الحلم و كان لذلك أثر أيجابى واضح بعد رفع هذه الفيديوهات على مواقع التواصل الأجتماعى و تداولها .. لم يتكاسل أيضاً مثلث القادة عن تشيير بوستات أيجابية بأستمرار عن تطوير الذات و لذة طعم النجاح و كيفية تنفيذ ذلك عن طريق المرور
خلال البوابة السحرية .. بوابة كيان الأخطبوط لتحقيق الأحلام ..
كان لكل ذلك الفضل فى أن تترسخ جذور الشجرة التسويقية للفرع الثامن و ترعرت فروعها بعد أن كادت الشجرة أن تسقط على رأس من غرسوها ..
نجح بالفعل نضال و حازم و فريدة فى أن يحقق كلاً منهم حلم المليون جنيهاً فى فترة وجيزة ليس فقط ذلك بل طمحوا و طمعوا فى تحقيق المليون الثانى و فعلوها و تقمصت الملايين دور النداهة و ظلت تنده على راغبيها من قادة المثلث و القادة فى فرقهم و تسحبهم الى جوف المجهول ..
*****************************************
الغضب .. الطمع .. الشهوة ..
أذا لم يتوفر بداخل كل بشرى ديمر التحكم في هذه الغرائز كديمر الأضاءة فقد سلم نفسه للهلاك ..
عندما سلم طارق العايق نفسه لغريزة الشهوة سالفاً لأن تتملكه و تقوده
كانت النتيجة أنها ساقته فى النهاية للهلاك ..
كذلك فريدة و نضال و حازم سلموا أنفسهم لغريزة الطمع .. فهل الديمر الأنسانى بداخلهم مازال يعمل أم أصابه التلف ؟! هل سيكون مصيرهم كمصير العايق أم سيتمكنوا من تدارك العطل الذى أصاب الديمرات الخاصة بغرائزهم ؟!
بين الحين و الأخر كان ينتاب مثلث القادة نوبات من الشرود حول أستيائهم من الوضع العام لا سيما بعد أن بدأوا يشعرون بعد أحرازهم المليون الثالث بأكتفائهم المادى الى حد كبير !
لقد رضخوا لفكرة شركة الأخطبوط و أنصاعوا لنظامها و مشوا فى هداها بعد أن أمطرت عليهم سماء الأحلام بالخير الوفير و المال الغزير كان هذا على حساب بضعة تضحيات فى بعض أفكارهم و مبادئهم و تنحى أنسانيتهم جانباً فى أجازة مؤقتة على أعتقاد منهم أن كل شئ سيعود على ما يرام مرة أخرى ..
على صعيد أخر فقد لجأ بعض المتضررين من الأنضمام لكيان الأخطبوط من الطبقة المعتدلة فكرياً و توجهوا لجهاز حماية المستهلك بحجة أبتياعهم منتجات أمكانياتها أقل من قيمتها المادية كما أنهم ليسوا فى حاجة أليها و عرضوا على المسئولين فى الجهاز نموذجاً من العقد الألكترونى المحرر بينهم و بين الشركة ظناً منهم أنها ورقة قانونية تأمنهم !
و فعلوا ذلك بعد فشلهم فى أجتذاب أعضاء جدد و ضمهم لفرقهم التسويقية و عدم تمكنهم من تحقيق عمولات مرتفعة فشعروا أنهم بذلك تم النصب عليهم و قد ضاعت نقودهم التى ألقوا بها فى أبتياع باقات الشركة المتنوعة ..
لكن بكل حسم أقر كل من أطلع على نموذج العقد الألكترونى
أنه يدينهم و لا يدين الشركة فى شئ !
لقد مضوا فى كامل وعيهم على هذا العقد الهزلى الغير معترف به قانونياً أنهم أبتاعوا المنتجات المذكورة فى العقد بهذه القيمة المادية و قد أستلموها بالفعل و ذلك بمحض أرادتهم كما يتضمن العقد بند يفيد أنضمامهم لفريق عمل شركة الأخطبوط لكن هذا لا يطور من الأمر فى شئ ..
أكد لهم المسئولين بجهاز حماية المستهلك أن ليس بأمكانهم أتخاذ أى أجراء فى مثل حالتهم لأن لا يوجد أى مسألة قانونية على الشركة لكنهم ألقوا على هذه المجموعة الشاكية بوابل من اللوم و التوبيخ على أنجرافهم خلف أطماعهم و سقوطهم فريسة سهلة المضغ لمحترفى النصب الشبكى .. ثم طلب المسئولين نسخة من هذا العقد الألكترونى ليحتفظوا به لحين أستخدامه ..
كانت هناك محاولات شتى من الفاشلين و المفصولين من شركة الأخطبوط منها محاولات مماثلة للذهاب لجهاز حماية المستهلك و منها محاولات أخرى لمجموعات عديدة ذهبت لأقسام الشرطة لتحرير محاضر فى شركة الأخطبوط و القادة الذين ورطوهم فى الأنضمام لكيان الأخطبوط .. لكن تأتى النتائج مماثلة و يخبر الضباط مقدمى البلاغات أن موقف الشركة القانونى سليم جداً فلها سجل تجارى و بطاقة ضريبية و تم أنضمامهم برغبتهم للشركة و ما حدث معهم جوابه : أن القانون لا يحمى المغفلين و الطماعين !!
و هناك مجموعة من المنشقين الفاشلين قد أكتفوا بالدعاء و الحسبنة على الشركة و أثروا الصمت و عدم الذهاب لأى جهة مسئولة لأنهم يعلمون أنه سيكون دون فائدة و سيقعون فى مواقف محرجة و يعرضون أنفسهم للتنمر و وصمهم بالمغفلين ..
و هناك مجموعة من فئة المعتدلين فكرياً قررت الأنتقام على طريقتهم الخاصة من خلال أنشاء جروبات و صفحات ألكترونية تشين و تدين كيان الأخطبوط و تصفه بأنه الكذبة الكبيرة و الوهم الأعظم و يحذرون الناس من أن يسقطون فى مصيدة الأخطبوط و قاموا بتشيير بوستات و تسجيل فيديوهات كلها تحذيرية بغرض الأساءة لسمعة الشركة لتوعية المواطنين لأنتباههم لمثل هذه الشركات و ما تفعله من غسيل للعقول و سلب ما فى الجيوب و قد أنضم لهذه الجروبات و هذه الصفحات عدد هائل من المتضررين من شركة الأخطبوط و ممن كان ينوى الأنضمام لفرق الأخطبوط لكنه تعثر أولاً فى هذه الجبهة المضادة التحذيرية ..
لقد أحدثت هذه الجروبات و الصفحات المعادية لشركة الأخطبوط أثرأً سيئاً مدوياً ألقى بظلاله على كثير من رواد المواقع الخاصة بالتسويق الألكترونى و المتابعين داخل نطاق هذه الأحداث ..
و عليه كان لا بد من أتخاذ موقف فورى من مثلث القادة و عدد من القادة الناجحين و رد فعل على نفس المنوال و بنفس السلاح الذى تمت محاربتهم به .. تم تكثيف تسجيل الفيديوهات التحفيزية لقصص متعددة لأعضاء نجحوا و أصبحوا قادة و حققوا حلم المليون جنيهاً و أليات تحقيق ذلك و مفاتيح النجاح التى عند أتباعها فلا نسبة للفشل لتحقيق المراد و لا يخلو كل فيديو من هذه الفيديوهات الملهمة للنجاح من تلميحات أن الشجرة المثمرة لا بد من قذفها بالحجارة من قبل الفاشلين الذين يريدون تحقيق الحلم على عجلة دون أن يبذلوا أى مجهود كما فعل الناجحون من تحقيق أهدافهم كاملة و لكن بعد كفاح مضنى تحملوه و قد نجحوا فى نهاية المطاف .. و تم أيضاً تكثيف تشيير البوستات الأيجابية و أصبحت بصفة يومية فبدأت الحرب و أشتعلت و لابد من الكد و العمل للحفاظ على الفرق التسويقية و التى أصبح لها الفضل فى أن تضخ عمولات بأرقاماً ضخمة للكثير من قادة الفرق التسويقية .. على الجانب الأخر كانت تجتذب الصفحات المضادة الضحايا الجدد و تسجل لهم و ترفع الفيديوهات فكان المواطن البسيط الذى يرغب فى الأنضمام لهذه المنظومة ليصبح واحداً من أصحاب الملايين كما يشاهد تعصف به الحيرة و التخبط من الأمر فلا يعلم أين الحقيقة فمنهم من يتعظ من هذه الصفحات الهجومية و يرهب الأقدام و خوض التجربة و منهم من يقرر أن يخوض المغامرة ليحكم بنفسه و يلقى بنفسه فى أحضان التجربة .. أستمر الصراع و رغم تأثير هذه الجبهة المضادة على سير العمل بكيان الأخطبوط ألا أن القادة الناجحين أستمروا فى حربهم و نجحوا فى ضم أعداد جديدة هائلة أكبر من المنشقين عنهم و صمدوا و نجحوا و أكملوا مسيرتهم التسويقية رغم العوائق و العواقب التى لم تنتهى و لكنهم تمكنوا من تجاوزها و سحقها ..
**********************************************
عندما تراكمت البلاغات فى أقسام الشرطة عن تعرض مواطنين لعمليات نصب أثر التسويق الشبكى لأكثر من شركة تسويق ألكترونى تقوم بأمتصاص ما فى جيوب المواطنين و كذلك تكررت الشكاوى فى جهاز حماية المستهلك فى ذات الموضوع فقد عزم أحد النائبين عن واحدة من المناطق السكنية التى تعرض فيها مجموعة كبيرة للنصب الألكترونى بعد أن طلبوا مقابلته و هو النائب الأنتخابى عن دائرتهم و توسلوا له لأن يساعدهم لوقف مثل هذه المهازل التى تحدث دون تجريمها و دون أن تتمكن جهة قانونية من أيقافها !!
و عليه فقد قرر هذا النائب طرح هذه القضية فى مجلس النواب لمناقشتها و محاولة أيجاد حلول أو أقرار قانون لتجريم النصب الألكترونى ليكون
أول قانون يحمى المغفلين !!
***************************************
على المقهى القريب من منزل فريدة كان يجلس طارق العايق و لكن هذه المرة لم يكن بمفرده بل بصحبة أصدقاء السوء طأش و حرنوش و اللذان كانا معه فى شقته يوم أن كان يتزين قبل النزول للذهاب ليلقى مصيره فى
محل - وشم و رسم -
فى هذه المرة كان العايق قد أصبح على دراية تامة بمعظم مواعيد ذهاب و أياب فريدة لمنزلها و قد صح توقعه و نزلت فريدة أمام ناظريه من منزلها متجهة لسيارتها لتتولى قيادتها و تتجه لمقصدها ..
كان الوقت مناسب للعايق لأن يتبعها فى هذا التوقيت المسائى يلازمه طأش و حرنوش .. أستقلوا سيارة كانت تقف بجوار المقهى و قد وفروها لمثل هذه المهمة كما أحضر العايق معه زجاجة ممتلئة بماء النار لغرض ما فى نفسه ..
ما أن تحركت سيارة فريدة و هى بداخلها حتى تحركت السيارة المأجورة خلفها بداخلها العايق و رفاقه ..
************************************
لم يمنع ظهور عيب خلقى فى رحم نسمة و الذى تسبب فى حرمانها من الحمل و أن تصبح أم من أستمرار العلاقة بين حازم و نسمة
على نفس درجة الحب التى بدأوا عليها و ذلك فى السنوات الأولى لزواجهما ..
لكن سُنة الحياة من ضغوطات العمل اليومية و الأحداث الروتينية أصاب الحياة الزوجية بين الأثنان بالفتور و مما ساعد على ضرب أساس الترابط الأسرى أن ليس هناك أطفال ليدعموا الرباط بينهما كما أن ظروف عملهما كانت تجعلهما يقضيان أياماً لم يلتقيا ببعضهما !!
نسمة لا تعلم شيئاً عن حازم منذ الفترة القريبة الماضية , فهى لا تعلم أن حازم قدم أستقالته فى الجريدة و تركها !
و ذلك بعد التحذير العنيف الثانى الذى وجهه له عاطف المنزلاوى رئيس التحرير فلم يتقبله حازم و هو فى الواقع الجديد لم يكن بحاجة لعمله فى الجريدة و أصبح فى غنى عن العمل تحت تعنت و تحكم مدراء العمل ..
أستقل حازم بحياته المهنية و لكن يبدو أنه لم يكتفى بذلك فقد بدأ يستقل بحياته الشخصية أيضاً بعد أن تأقلم على قضاء حياة زوجية تقريباً من طرف واحد ..
أصبح حازم حراً يشعر أنه تحرر من كل القيود فجأة و قرر أن يمارس الرذيلة مع الفتيات الجميلات اللواتى يقعن فى طريقه و كان يصدهن فيما سبق لكنه قرر مواربة باب المتعة و يتصيد منهن من تشتهى له نفسه ..
كان حازم فى شقته القديمة مقر تجمعه مع أصدقائه و لكنه ليس مع أصدقائه هذه المرة .. هو برفقة فتاة ليل ممشوقة القوام أحتقانها جنسياً يطفح على تصرفاتها كانت تبادله تدخين سجائر الحشيش دون توقف .. راقت له أكثر بعد ما دخن الكثير من مخدر الحشيش و الذى له الفضل فى أن يقوم بدور فاتح للشهية الجنسية و هذا من سماته حيث يقوم الحشيش بتزويد فلتر نسائى بأعين المحششين يجعلهم يرون النساء بعد التعاطى أشهى كثيراً مما قبله !
تأججت نشوته الجنسية فجذب الغانية من خصرها فألتصقا جسميهما و بدأ حازم فى وصلة من القبلات و هو يجتذب شفتها العليا تارة بين شفتيه و تارة شفتها السفلى و يعض عليهما و بدأت الأنسيابية تصيب جسديهما و ما أن دخلا فى حالة الأندماج العاطفى حتى رن هاتف حازم الذى نسى أن يضعه
على الوضع الصامت , تجاهل حازم الرنين و كأنه لايسمعه على أمل أن يصمت الهاتف بعد الأتصال الأول لكن لم يحدث ذلك فلم يصمت الهاتف و لم يمل المتصل و عاود الهاتف الرنين فى ألحاح مما أرغم حازم على تناول هاتفه فوجد سعيد هو المتصل المزعج فظن أنه يتصل به ليسهر معه فى الشقة فحاول أن يهمل أتصاله و شرع فى ضبط الهاتف على الوضع الصامت لكن عاود سعيد الأتصال بينما حازم يغير وضع الهاتف فلمس أصبعه رمز السماعة الخضراء بالخطأ ففتح المكالمة و بدأت على دون رغبة من حازم ..
رد حازم على سعيد فى أستياء و أقتضاب لكن تحدث سعيد فى هلع و بدا على صوته الأنزعاج مما أفزع حازم فصرخ فيه و سأله ما الأمر فأجابه سعيد فى أسى و أخبره أن مازن تعرض لحادث قتل فصُعق حازم و طلب منه أن يشرح له كيف حدث ذلك فأخبره سعيد أن بعد هجوم مجموعة من الأشخاص عليه حسب رواية شهود العيان و أنهالوا عليه بالضرب المبرح قام أحدهم و كان ممسكاً بمطوة قرن غزال طعنه بها فأخترقت طبقات بطنه و أستقرت بأحشائه ثم سقط بعدها مغشياً عليه و تم نقله لمستشفى خاص و التى تعمل بها الدكتورة نسمة زوجته و بما أنها تعرفت عليه فقد تولت أحتجازه فى قسم الطوارئ و قامت بتوصية الأطباء المختصين لمتابعة حالته الصحية و محاولة أنقاذه قدر أستطاعتهم و هم يقومون الأن بأجراء ما يمكن فعله و أخبره سعيد أنه ينتظر مع جوزيف فى صالة الأنتظار يتضرعون الى الله
بالدعاء لأن يبقيه على قيد الحياة نظراً لخطورة حالته الصحية ..
لملم حازم أشيائه فى عجلة و قد أصابه الذعر و الهلع .. سألته الغانية عن سبب تخبطه فقام بطردها ثم توجه كالمجنون الى المستشفى راجياً من الله أن يمد فى عمر صديقه مازن و لا يحرمه من لقائه به مرة أخرى ..
************************************************
كانت فريدة تقود سيارتها فى أنسجام تام و هى تستمع للموسيقى المحببة لها كانت على طريق المحمودية الجديد بعد أن تحول الطريق ليشبه الطريق الدولى أو الطرق السريعة الممهدة للسفر .. بينما هى تقود على سرعة متوسطة و الطريق مفتوح أمامها و شاسع و شبه خالى من السيارات لكنها وجدت سيارة ملاكى تزاحمها السير فى محاولة لتضييق الطريق عليها مما أجبرها على التهدئة ثم أيقاف سيارتها !
تسلل الذعر لقلب فريدة و قد تشبثت بالصاعق الكهربائى التى أخرجته من حقيبتها و هى تحاول أستيعاب الموقف .. نزل شابان من السيارة لكن لا يبدو الأجرام على مظهرهما كانت برفقتهما امرأة سمراء البشرة ممتلئة بعض الشئ ملفوفة فى عباية سوداء اللون تبدو ملامحها غليظة و توحى طلتها للوهلة الأولى و كأنها ساحرة ملعونة !
أقتحم الشابان السيارة على فريدة والتى بدورها أغلقت السنتر لوك للسيارة ورفعت زجاج الأبواب فأقتربت المرأة المسترجلة و قربت وجهها حتى كاد أن يلتصق بزجاج النافذة مما أصاب فريدة بالذعر أكثر و أرتعدت فرائصها أثر الرعب الذى تمر به دون أن تجد تفسيراً لما يحدث معها !
كان يتابع المشهد من قبل تصاعده العايق فى السيارة و التى كانت تتبع سيارة فريدة و قد عبأها دخان الحشيش المتصاعد من السجائر الملفوفة التى يتعاطوها .. لكنه تفاجأ بحدوث تطورات فى الخطة لم تكن فى حساباتهم .. لقد توقف فى تخفى هو و رفاقه عن قرب من دائرة الأحداث بمثابة التعدى على سيارة فريدة و أجبارها على أيقاف سيارتها .. كان العايق و طأش و حرنوش يراقبون الوضع حتى يصدر لهم العايق تعليمات بالتدخل و كيفية التدخل ..
أشتد الحصار على فريدة فى محاولة لأرهابها من الثلاثة حتى حاول أحدهم تهشيم زجاج الباب الأمامى المجاور لفريدة لأجبارها على النزول و هى تصرخ فيهم لأن يبتعدوا عنها و هى تظن معرفتها بهذان الشابان لكن رهبة الموقف تفقدها تركيزها .. كانت محاولات بائسة منها للمقاومة فتمت المواجهة و هجمت المرأة الشنقيطة على فريدة لكن تمكنت الأخيرة من دس الصاعق الكهربائى فى صدرها من الرعب فأرتجفت المرأة و سقطت أرضاً فحاول الشابان التعدى على فريدة و هنا قد صدرت التعليمات من العايق فكانوا فى ثوان معدودة فى مركز دائرة الأحداث و قد تمكنوا من السيطرة على الشابان فأنتابت فريدة مزيج من المشاعر المتنوعة مشاعر الرعب و الدهشة و الفرحة !
أعتدى العايق و رفاقه على الشابان و طلب العايق منهما أن يخبروهم من هما و ماذا يبغون من فريدة ولماذا أعتدوا عليها ؟
كانت فريدة أكثر تحفزاً لسماع أجابتهما و التى جائت صادمة لفريدة .. لقد فعلوا ذلك بداعى الأنتقام منها لأنها السبب فى أستدراجهم و أقناعهم بالأنضمام لفريقها التسويقى من أجل تحقيق حلم المليون جنيه و لكنهم أكتشفوا فى النهاية أن هذا الحلم ما هو الا وهم كبير لذلك قرروا الأنتقام من فريدة و تأديبها من خلال أذاقتها علقة موت على يد هذه المرأة التى صعقتها كهربائياً !
غضبت فريدة لأنحرافهما الفكرى و صرخت فيهما و قالت لهما أنهما فاشلان و غبيان و ليس من حقهما أن يعتديا عليها فهى لم تجبرهما على شئ لقد ألح كلاهما عليها لتقبلهما فى فريقها و كانا متكاسلان و يظنان أن
حلم المليون سيتحقق بمجرد التمنى دون كد أو تعب !!
ثم أذاق العايق و رفاقه الشابان علقة موت أثر أنفجار فريدة فيهما كانت كفيلة لأن تصرف الشياطين من رأسهما و أن يحملان هذه الشيطانة التى أحضروها معهما و يكوموها فى سيارتهما و كانا يجران أقدامهم فى وهن
و دخلا السيارة ثم هرولا بها من المكان ..
أختفى الشابان بسيارتهما و قد أبتلعهما الظلام و لم يتبق فى المكان غير فريدة و التى أصبحت فى مواجهة العايق و رفاقه ..
أستمر الصمت للحظات مع تبادل النظرات بين فريدة و العايق و تبادلا أيضاً الحوار ولكنه كان حوار ذهنى صامت .. كسرت فريدة حاجز الصمت و التوتر و أبدت أمتنانها للعايق و رفاقه لموقفهم الشهم و ظهورهم فى الوقت المناسب ..
طلب منها العايق أن توجه الشكر فيما بعد للشابان الهاربان و أكد لها أن ظهورهم لم يكن بمحض الصدفة و لكنها صدقت
حقاً بخصوص الوقت المناسب لحسن حظها !
عقدت فريدة حاجبيها و أصاب ملامحها طلاسم الغموض فى حين أحضر حرنوش زجاجة ماء النار من السيارة و ناولها للعايق أمام نظرات فريدة و قد أستشعرت بما تحويه هذه الزجاجة فحاولت الدفاع عن نفسها برفع الصاعق فى وجههم و قد أرتعدت فرائصها من الرعب بما يكفى فى هذا اليوم ..
طمأنها العايق و أكد لها أنه لن يؤذيها رغم أنه تتبعها خصيصاً لتنفيذ ذلك .. لكن بعد أن قام بحمايتها و التصدى للأعتداء عليها تبدد لديه دافع تشويه وجهها و لطمأنتها قام بسكب محتوى الزجاجة على جانب الطريق فنظرت فريدة و هى تتابع فى ذهول ما يفعله ماء النار و هو يذيب كل ما يصل أليه و حمدت الله فى سرها حمداً كثيراًعلى أن هذا السائل لم يلمس جلدها و أثنت على العايق كثيراً لتصديه للشابان و تخليه عن ما كان ينويه فقبل العايق ثنائها و طلب منها
أن تلجأ له فى حين تعرضها لأى تهديدات مستقبلية من قبل هؤلاء الفاشلين أو أمثالهم و أن تعتبره بمثابة صديقاً لها أن قبلت ذلك
فأضطرت فريدة لمجاملته و قالت له بالطبع ثم غادرت موقع الحدث ..
**************************
ترك حازم رسالة حزينة على جروب مثلث القادة تفيد أنه مشغول فى الفترة الراهنة لملازمته لصديقه مازن فى المستشفى الخاص و قد أصبح مازن نزيل بها نتيجة الحادث الذى تعرض له و دخل على أثره فى غيبوبة لا يعلم الأطباء متى سيفيق منها هذا أن ُكتبت له النجاة ..
ما أن قرأ نضال الرسالة حتى قام بالأتصال بحازم لمواساته لكن وجده نضال فى حالة يرثى لها و كان يتحدث و هو محطم الأعصاب حزناً على صديقه .. فأخبره نضال أنه سينتقل له ليكون بجانبه لمؤازرته فى محنته و يقدم له العون قدر أستطاعته فرفض حازم حتى لا يتكبد نضال عناء السفر لكن أصر نضال ..
لم يكتف نضال بذلك بل أتصل بفريدة و أخبرها حتى تتصل بحازم لمواساته بحكم رباط العمل الذى يجمع شملهم لكنه تفاجأ بطلبها .. لقد طلبت منه فريدة أن ترافقه السفر و يذهبان سوياً لتقضية الواجب !
كما طلبت منه فريدة أن كلاً منهما يسافر بسيارته و ستتبعه على الطريق .. عرض عليها نضال أنه لا داعى لسيارتين و واحدة تكفى لقضاء الغرض كانت هذه رغبة فريدة أيضاً على ما يبدو لكنها لم تجرؤ على أبداء ذلك و تمنعت فى بادئ الأمر لكن دون تعصب حتى وافقته على السفر بسيارته ..
قاد نضال سيارته و بجواره فريدة .. طال الصمت فترة و هما على الطريق الصحراوى نظراً لطبيعة شخصيتهما و التى تميل للصمت أكثر , لكن بحكم طباع الأناث قررت أن تتحدث فريدة و تكسر جو السكون لأشغال الوقت و لأشباع فضولها فسألت نضال عن عمق علاقته بحازم و التى لاحظتها يوم الأجتماع الأول و لم يخبرها بمعرفته بحازم فى عيد الميلاد و صارحته أن هذا قد أثار شكوكها ..
ضحك نضال على غير عادته و قد خطف نظرة لها و هو يقود فغضبت فريدة لضحكة نضال و هى تسأله فى أنفعال عن ما يضحك فى كلامها ؟!
فأجابها أنه تعرف على حازم يوم الأجتماع قبل مجيئها بدقائق و لم يسبق له معرفته حتى ذكره حازم و أخبره بعكس ذلك و أنه أجرى معه حواراً صحفياً يوم فوزه بلقب بطل الجمهورية و لهذا كان الفضل فى التألف الذى رأتهم عليه عند مجيئها ثم أبدى أندهاشه لأنها لم تسأله طوال الفترة السابقة
و سائت به الظن طيلة هذا الوقت !
أشارت الى أنها أنخرطت فى مشكلة كبيرة بعد الأجتماع تخص والدتها ثم توالت الأحداث و المؤتمرات و التدريبات الأون لاين مما لم يسنح للفرصة أن تولد لتحدثه بشأن هذا الأمر ..
سألها نضال من باب الأطمئنان عن مدى تطور المشكلة و أمكانية تدخله لحلها فأخبرته أنه قد ولى أمرها و تم حلها .. و ترطبت الأجواء بينهما و أنسجمت الكلمات و تحررت فريدة من تزمتها فى الحديث و نمت رغبتها فى أن تقص على نضال ماحدث معها من العايق و كيف أنقذها من قبضة الهلاك ..
أنزعج نضال و غضب و هو يستنكر هجوم بعض الأعضاء الفاشلين المنحرفين فكرياً عليها لأعتراض طريقها بهذه الهمجية .. أخبرها أن لا بد من موقف يؤخذ لحسم مثل هذه المهاترات .. كانت فريدة تتابع نضال
و هو ثائراً لما حدث معها معلناً رفضه التام لما تعرضت له !
كانت فريدة تنصت له و هى تخفى أحساساً نبت بداخلها و كادت أن تنساه ..
فرحت فريدة كمثل أى بنت عند وجود شخصاً أخر خارج نطاق الأسرة يُبدى خوفه و قلقه من أجلها ..
************************************
عندما وصل نضال و فريدة للمستشفى التى تتولى تقديم العناية لمازن وجد نضال حازم فى أستقباله و الذى تفاجأ بقدوم فريدة و رحب بهما فى أهتمام بالغ ..
داخل أحدى غرف المستشفى كان مازن مستلقياً على السرير و قد غرق فى غيبوبة لا يعلم مداها ألا الله و كان يجلس سعيد و جوزيف فى أحد أركان الغرفة و على مقعد بجوار السرير المستلقى عليه مازن كانت تجلس مروة زوجة مازن بوجه شاحب أثر القلق على زوجها و كان الطفل حمزة أبنه يجلس بجواره على الجانب الأخر ممسكاً بيد مازن و هو يحتضنها ..
حازم قدم نضال و فريدة للحاضرين سريعاً و عرف الجميع ببعضهم ثم جلسوا وكان حازم يشرح لهما ما حدث لمازن و كيف لأحد المنحرفين فكرياً و هو أحد أعضاء الفريق التسويقى لدى مازن و واحداً من الفاشلين الذى لم يتمكن من أنجاز ما تم تكليفه به فوجد أن حلم المليون مجرد سراب و قد تم النصب عليه من قبل مازن لأنه هو الذى أستقطبه و ورطه فى هذه الشجرة !
و حسب مستويات التفكير الموزعة على عقول البشر فقد كان أدناها من نصيب هذا الفاشل الذى قرر أن ينتقم للخمسة ألاف جنيهاً الذى أبتاع بهم أقل باقة و فشل فى حتى تحقيق عمولة لتعويضهم ففعل فعلته الشنعاء هذه بمازن !!
ظهرت غلظة نضال على وجهه لما سمعه و أشتعل الغضب داخل فريدة لأسترجاعها الأحداث المماثلة و التى مرت بها منذ أيام قليلة ..
بينما كانوا يتجاذبون أطراف الحديث جائت طرقات على باب الغرفة ثم دخلت دكتورة نسمة لتطمئن على الوضع الصحى و العام فقدمها حازم لنضال و فريدة فرحبا بها و عندما قدمهما لزوجته أبدت نسمة أعجابها بهما لنشاطهما و طموحهما ثم خاطبت مروة و التى تجلس حزينة صامتة فحاولت طمأنتها ببعض المصطلحات الطبية الغير مفهومة لتقنعها أن الأمل فى أفاقة مازن كبير حسب تشخيص الأطباء الذين يتابعون حالته ..
سادت لحظات صمت قليلة قطعتها نغمة رنين هاتف نضال .. رد نضال فى هدوء لكنه أنزعج من صوت المتصل وهو سيد عصفورة و كان الذعر يغمر صوته !
سأله نضال عن ما أصابه فتلعثم سيد فبدأ نضال يخرج عن هدوئه رويداً رويداً فأخبره سيد أن أحد أقاربه و الذى أجتذبه و أقنعه أن يؤجل عملية الحقن المجهرى لزوجته و بمبلغ العملية يبتاع باقة و ينضم لفريق الثراء ليحقق كل أحلامه و يقوم بأجراء العملية فيما بعد لزوجته فى أفضل مستشفى متخصصة قد فشل فى تحقيق أى عمولات كما أنه خسر مبلغ العملية التى طالما حلما بها هو و زوجته التى أرهقته باللوم لما أرتكب من الهرولة خلف أطماعه و ضياعه لحلمها و عليه فلم يتحمل الرجل تأنيب الضمير و أعترف بتحمله لوزر فقدان المبلغ الذى أدخراه بعد كفاح مضنى و ضياع حلم الأنجاب و عليه فقد ترك رسالة على الواتس لقائده و الذى تسبب فى تورطه , تفيد أنه قرر الأنتحار و التخلص من تحمل ما لا يطيق به صبراً ..
و بعد أن قرأ سيد عصفورة القائد المسئول عن تدريب هذا الرجل رسالته أصابته كلمات الرجل بالهلع و سارع بالأتصال به فى لهفة ليسمع صوته فلم يجيبه لكنه أصطدم بالحقيقة المريرة ليجد الرجل قد نفذ كلماته !
تحول نضال أشبه بصنم لما سمعه من سيد و قد غمرته حالة من الأستياء و رفض هذا الكيان الذى يمثله و الذى يتم تشييده من أحجار كفاح الكادحين !
فريدة سألت نضال و كذلك حازم فور أنتهاء المحادثة ماذا حدث ؟!
لخص لهم نضال فحوى المحادثة فى أسى و عندما تناول الجزء الخاص بالحقن المجهرى و حلم الأنجاب لم يلحظ النظرة المتبادلة بين حازم و زوجته نسمة طبيبة النساء و التوليد و التى تعانى من عقبة الأنجاب فهو ليس على علم بهذا الأمر ليراعى عدم ذكر هذه الجزئية فى حديثه لكنه على علم بقراره الذى حسمه بداية من سماع ما حدث لفريدة من هجوم غوغائى بسبب شركة الأخطبوط مروراً بما حدث لمازن لنفس السبب و نهاية بما حدث
لبلديات سيد لذات السبب أيضاً و هو كيان الأخطبوط و حلم الثراء السريع !
أعلن نضال للحاضرين و هو يخص حازم و فريدة أنه لم ينوى التمادى فى هذه الجرائم التى يتسبب فيها كيان الأخطبوط و أخبرهم أنه قانع جداً بما حققه من ثروة و يكتفى بما وصل أليه و سينفصل عن الكيان ..
لقد كان حازم و فريدة مشحونان هما أيضاً بما يكفى من كيان الأخطبوط لما يشعرون جميعاً بأنهيار أنسانيتهم فى تماديهم فيما هم منساقين خلفه !
لذلك لم يتردد حازم و لا فريدة من تأييد نضال فى قراره و حسمهم هم الثلاثة لأنهاء ممارسة هذا العمل و الذى تحول لفزاعة بدأت فى الأنقلاب عليهم !
أجمع الثلاثة على عدم أستمرارهم فى كيان الأخطبوط و حان وقت الأستيقاظ من غفلتهم و الحفاظ على فتات ما بقى من أنسانيتهم و قرروا الأتصال بمارك لأبلاغ مستر سولى أنهم يعلنون أعتزالهم لهذه اللعبة و لن يرغبون فى العودة لملاعب التسويق الألكترونى مرة أخرى ..
رغم أن الجو العام كان لا يسمح بالدعابة لكن فعلتها نسمة و قالت لنضال و فريدة يبدو أننى حسدتكما على طموحكما و نشاطكما و لكنى أراه حسد محمود فأنا أوافقكم على قراركم و أرحب به ..
كان سعيد و جوزيف يتابعان ما يدور من أحداث و أتخاذ قرارات و كأنهما مسحوران فكان للقرار قوة السحر فى أن يصيب سعيد و جو بالتخبط و الحيرة من حسم قرارهما بخصوص أستمرارهما أو أنفصالهما عن كيان الأحلام ..
كانت سرعة حسم مثلث القادة لقرارهم ناتجة من تراكمات سابقة تورمت فى جوفهم فكانت أشبه بحمم تغلى فى قاع بركان و تستعد للأنطلاق
لتصيب مارك و مستر سولى ..
*************************************. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل الثامن
- 8 -
تأسيس مستر سولى للفرع الثامن لشركة الأخطبوط فى مصر كان مبنى على خبرات سابقة و أسس مدروسة و خطوات منظمة فكان اللعب فى هذا الليفل بأحترافية و كأن تأسيس الفروع السابقة بمثابة التدريبات و التأهيل للعب فى الدور النهائى و هو تأسيس الفرع الثامن فى مصر ..
أدى المؤتمر السكندرى النتائج المرجوة منه .. لا يترك مارك تلميذ مستر سولى شيئاً يحدث هباءً , كان يخطط مع مستر سولى لكل شئ لدرجة تفقدهما متعة معايشة اللحظات الراهنة بسبب أدراكهما للسيناريو كامل لما سيحدث , لذلك حقق المؤتمر أقبال كبير و هجوم أستفسارات الكثير ممن حضر المؤتمر أو شاهده أون لاين و هو يتابع القادة وكلاً منهم يستعرض كيفية تحقيق الثراء السريع و ماهى ألية تحقيق المليون جنيه فى أقل من سنة مما أصاب المتابعين بالأنبهار و الرغبة فى ذات اللحظة لتحقيق الحلم الذى يرونه درباً من دروب الخيال ..
سقط الكثير من الأعضاء الفاشلين كأوراق شجر بالية من شجرة التسويق الألكترونى مما أوحى بأنهيار الفرق التسويقية للعديد من القادة المتواجدون فى الفرق التسويقية للقادة الثلاثة للمثلث .. لكن المؤتمر أحرز ....... [المزيد]
: - 4 -
كانت أجواء التصوير قد فرضت نفسها على المكان داخل شقة حازم .. بدأ فى تسجيل الفيديو الثالث و قدم فى مطلع الفيديو واقعة النصب الطريفة التى حدثت معه بالهايبر و أشار ألى أن هناك أساليب جديدة و متحورة للنصب و أوضح أن شهوة النصب هى عادة موروثة و محببة لدى البعض و تتوارثها الأجيال على مرور الزمان ما دام هناك طمع أو فقر فكلاهما أو على الأقل أحداهما تكون بمثابة تربة خصبة لأستقبال بذور النصب ..
و ليؤكد وجهة نظره و قد أكتسب حازم وجهة النظر فى هذا الموضوع بعد أن تعرض شخصيا لواقعة نصب و عليه فقد تحركت مناطق فى الجزء الخلفى من ذهنه و أتجهت لجذب المواضيع التى تدور حول نفس المضمون .. فقسم الفيديو لثلاث مراحل و برر أمام الكاميرا ذلك ليجعل من الفيديو سبوت على بعض وقائع النصب الواقعية التى حدثت منذ فترة طويلة و كما أنه نوه للمشاهدين أن فيديو اليوم هو بمثابة جرس أنذار لعدم الوقوع فى فخ النصب لا سيما و أن التربة خصبة جدا فى هذه الفترة لأنتعاش تنامى بذور النصب فقد خيم شبح الفقر بظلماته على الوضع العام للبلاد مما أدى ألى تأهب غريزة الطمع بداخل الكثير من الناس بغرض الحصول على أى ربح سريع يحقق الثراء السهل للهروب من بين فكى الفقر ..
فى المرحلة الثانية من الفيديو تناول حازم واقعة نصب طريفة حدثت عام 1946 م عندما نصب شاب أسمه رمضان أبو زيد العبد بدهائه على شاب قروى بسيط يدعى حفظ الله .. بدأ نصب الفخ عندما أفصح القروى لرمضان أنه جاء الى القاهرة و بحوزته مبلغ من المال يريد أن يفتح به مشروعا فعرض عليه رمضان العبد عدة مشاريع لكنها لم تنال أقتناع القروى الذى كان منبهرا بالترماى و معجبا بزحامها .. و ما أن لاحظ رمضان العبد ذلك فى عينى القروى حتى قفزت ألى رأسه حيلة أن يبع له الترماى و سيكون له الحق بعدها فى جنى قيمة التحصيل أخر الخط و سيكون مشروع مربح نظرا للتزايد المستمر للزحام فى الترماى و قد لاحظ حفظ الله ذلك بعينيه ..
و بالفعل ذهبا لمحامى من طرف النصاب و تم صياغة عقد مزيف يضمن البيع مقابل مبلغ 200 جنيه لم يكن منهم مع القروى سوى 83 جنيه فأخذ منه العبد ثمانون جنيه و ترك له ثلاثة جنيهات بعد أن أقنعه أن يكتب له كمبيالات بقيمة المبلغ المتبقى و هو 120 جنيه و أوهمه أنه كان لا ينوى البيع بأقل من مبلغ و قدره 1000 جنيه لكنه تنازل من أجل أنه بلدياته !!
و كان القروى فى غاية السعادة أنه أتم الصفقة و ركب الترماى ألى أن جاء فى أخر الخط و طلب من الكمسرى كل الأموال التى تم تحصيلها طول الخط فضحك الكمسرى ثم تطور الأمر عندما أيقن أن القروى يتحدث بجدية و تحول الموقف لخناقة أنتهت بالذهاب لقسم الشرطة و هناك أكتشف القروى أنه تحول لأكبر مغفل فى مصر و ليس فقط ذلك فقد ذاع صيته عالميا أيضا فلم تكتفى الصحافة المصرية بنشر قصته كجريدة أخبار اليوم التى سجلت الواقعة على صفحاتها فى عددها الصادر بتاريخ 3 \ 1 \1948 و تحولت القصة فيما بعد لفيلم العتبة الخضراء و الذى أنتج فى عام 1959 م فحسب بل مجلة أخبار لندن المصورة نشرت أيضا على غلافها لوحة تجسد تلك القصة !!
أما القسم الثالث من الفيديو فتناول فيه حازم النسخة الأجنبية و الأقدم و التى تشبه هذه الواقعة و أكد أن ما دام هناك فقر و طمع وجُد المغفل و النصاب فى أى بقعة على الأرض و فى أى حقبة من الزمن !
فى عام 1925 م و بعد خروج فرنسا من الحرب العالمية الأولى كانت بيئة مثالية لعمليات النصب و أنتشر مقال فى هذه الفترة يدعو لأصلاح برج أيفل حيث أن البرج كان يتجه للسقوط و كان يحتاج للصيانة و أعادة طلائه و لكن ذلك كان عمل مكلف جدا و كان هذا المقال مصدر ألهام لرجل فى غاية الدهاء يدعى فيكتور لوستيج و قد وضع خطة جهنمية من وراء هذا الخبر و من الوسائل المساعدة لتنفيذ خطته أنه كان يمتلك بطاقة عمل مزيفة للعمل لدى الحكومة الفرنسية فدعا ستة من تجار المعادن ألى أجتماع سرى فى فندق كريلون واحد من الفنادق العتيقة فى باريس رفيعة المستوى و قدم نفسه على أنه نائب مدير عام وزارة البريد و التلغراف و شرح لهم أنه تم أختيارهم لسمعتهم الجيدة و أن عملية صيانة البرج ستكون مكلفة جدا و لذلك تم الغاء العملية و سيتم بيع البرج للنفايات و نظرا للضجة المحيطة بتكلفة أعمال الصيانة للبرج فيجب ألتزام السرية حول عملية بيع البرج و شرح لهم أنه تم أختياره من قبل الوزراة لأختيار التاجر الذى سيتم التعامل معه بخصوص العملية و أخذهم فى ليموزين ألى البرج لمعاينته و ليكتشف من هو أكثرهم حماسا للموضوع و بالفعل و قع الأختيار على أحدهم و هو بويسون و لمح له فيكتور أنه يسعى لتحسين دخله و يبحث عن مصادر مساعدة للدخل بجانب عمله الحكومى لتحسين مستواه المعيشى و عليه فهم بويسون أن فيكتور يريد مبلغا كبيرا كرشوة ليرشحه و يقع عليه الأختيار لشراء برج أيفل !!
و بالفعل تلقى فيكتور و سكرتيره الأمريكى مبلغا كبيرا من المال و هو ثمن أن يقع الأختيار على التاجر بويسون و ليس ثمن البرج ثم أخذا قطارا متجها لـ فيينا النمساوية و معهما حقيبة مليئة بالنقود !!
و لم يحدث شئ بعد هروبهما حيث أن بويسون وجد أنه من الأذلال أن يبلغ عن كونه أحمق لهذه الدرجة فأثر الصمت ..
لكن بعد هذه العملية بشهر رجع فيكتور و سكرتيره لباريس مرة أخرى و أختار ستة تجار أخرين و كرر معهم ما فعله فى المرة السابقة و لكن هذه المرة ذهبت الضحية المختارة للبوليس قبل أتمام فيكتور للصفقة و أفتضح الأمر لكن تمكن فيكتور و سكرتيره من الهرب !!
و بعد سرد هذه الوقائع أنهى حازم الفيديو و هو يشير ألى أن النصب حدث و يحدث و سيظل يحدث بألوان مبتكرة مادام هناك فقر يولد الطمع ..
******************
كانت فيلا راغب الشامى من أرقى الفيلات الموجودة بحى رفيع المستوى فى مدينة الأسكندرية .. راغب رجل أعمال ذاع صيته فى مجال التجارة و الصناعة و مجال المقاولات و قد حقق نجاحات كبيرة فى هذه المجالات , كان يجلس فى حديقة فيلته مع صديق قديم له منذ المراهقة يدعى سليمان و لقب بـ مستر سولى و قد قضى أغلب سنوات عمره خارج مصر متنقلا بين دول العالم لكنه كان يستقر فى الأصل فى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن سافر مع والده للولايات المتحدة فى عمر السادسة عشرة و أكمل دراسته هناك و من ثم بدأ حياته الجديدة ..
مستر سولى مصرى أمريكى فوالده مصرى و تزوج من فتاة أمريكية كانت فى رحلة سياحية لمصر و كان هو مرشد الفوج السياحى و أنجذب لها فتزوجها وعاشت معه فى مصر سنوات و كان قد أنجب منها سليمان و عندما تعثرت معهما الحياة قررت الأمريكية العودة لموطنها و سافر معها زوجها والد سولى و ضغطا على سولى و أصرا على أن يسافر معهما و عاش الثلاثة هناك حياة أفضل جعلتهم لا يفكرون فى العودة لمصر مرة أخرى , سليمان كان على أتصال مع صديق المراهقة راغب الشامى من خلال جوابات البريد التى كانا يتبادلاها سويا للأطمئنان على بعضهما و متابعة أخبارهما لكنها كانت تنقطع لسنوات ثم تعود المراسلة مرة أخرى و كانا يلتقيان على فترات بعيدة عندما كان يجد مستر سولى فرصة ينزل فيها مصر بغرض الزيارة و الغوص فى عباب الذكريات و لكن زياراته كان لها دوما جانب خفى فهى فى الأساس تكون من أجل مصالح شخصية ..
كان يجلس رجل الأعمال المصرى راغب الشامى مع رجل الأعمال الأمريكى مستر سولى فى حديقة الفيلا على سفرة مصنوعة من الخشب التك و هو خشب مخصص للفرنيتشر الـ أوت دور , تشغل مساحة السفرة صينية كبيرة موضوعة عليها و تحمل فخذ ضأن ينز منه الدهن و حولها يتناثر أطباق صغيرة بها أصناف متنوعة من المحاشى .. كان راغب يعزم فى حرارة على مستر سولى كعادة المصريين فى الترحيب بضيوفهم فألزام الضيف بأنهاء كل الطعام هو رمز الحفاوة فى الترحيب .. كانا يتحدثان و يقصان لبعضهما أمور الحياة و العمل , أخبر مستر سولى صديقه أنه يرغب فى تنفيذ مشروع ألكترونى فى مصر و قد نفذه فى عدة دول عربية و نجح فى ذلك و هو يسعى لتكملة مشروعه لأتمام تأسيس الكيان الذى بدأه و عليه فقد قرر تنفيذه فى مصر فى الفترة الراهنة مما حفز راغب و عرض على صديقه أنه سيقدم له المساعدات التى فى قدر أستطاعته و التى تخدمه فى نجاح مشروعه ..
كان مستر سولى يقيم بشكل مؤقت فى فندق خمس نجوم مع مارك مساعده الخاص و لكن أصر راغب الشامى على تخصيص غرفة فى فيلته ليقضى فيها مستر سولى الليلة ليكون معه غدا من بداية اليوم لمباشرة التجهيز لحفل عيد ميلاد أبنه أسر و قال له مازحا أنها حفلة عيد ميلاد لأبنى أسر و أيضا نحسبها بمثابة حفلة ترحيب بمستر سولى لقدومه مصر .. و وعده راغب أنهما سوف يجلسان مرة أخرى لمناقشة حيثيات مشروعه و الذى يود تطبيقه فى مصر ..
************************
سيمفونية الحرب العالمية لـ بيتهوفن بدأت تنطلق من سماعات هاتف فريدة و هى جالسة فى محل - وشم و رسم - بجوار ماسة و تتوسطهما منضدة - جذع الشجرة - و التى كانت شاهدة على واقعة العايق كانت حاملة أعلاها أفيونة المزاج .. النسكافيه و الشيكولاتة الدارك ..
عندما بدأ بيتهوفن فى العزف مع أرتشاف النسكافيه كانت أجواء مماثلة لأجواء دخول العايق عليهم قبل تحويله ألى مسخ مما أدى لأستعادة ذكرى المشهد من قبل فريدة و ماسة فتبادلا الضحكات و التنمر على طارق العايق ..
ثم فاجأت فريدة صديقتها ماسة و سألتها : أيه أخبار سولم باشا ؟؟؟
فضحكت ماسة و قالت : لسة مفيش جديد .. زى ما أنتى عارفة .. أنا عارفة أنه بيحبنى و عايز يتقدملى .. علشان كدة لما بيحاول يفتح الموضوع فى كل مرة
بكون فاهمة فـ بصده ..
فريدة : يا بنتى هتجننينى معاكى ! مش أنتى معجبة بيه ؟
و لا طلعتى شمال و أنا معرفش ؟
رفعت ماسة حاجبيها مع أبتسامة : منكرش أنى معجبة بالنقيب أسلام لأن فيه بعض الصفات لفارس أحلامى .. بس طبيعة حياتى غير طبيعة حياته أنا بحب الرسم و الروقان و الأبداع و بسمع موسيقى .. هو بيسمع ضرب نار و بيشوف لوحات بشرية متشرحة و بيطلع مأموريات بالأيام ..
لسة متلغبطة بس حاسة أن القرار هو الفرار ..
فريدة : فالحة فى الألش .. طب ما هو بابا الحاج ظابط .. يعنى المفروض أنك واخدة على كدة برضه ؟
ماسة : دى كانت محور خناقاتى مع بابا .. من و أنا صغيرة و أنا بطلب منه يغير شغله علشان أعرف أشوفه و ألعب معاه و كان يبص لماما و يضحك و يقولها الكوبى بتاعك و بيحاول دايما يعوضنى عن غيابه بس بكون حاسة أن محتاجة لحضوره فى حياتى أكتر من كدة ..
و أستطردت ماسة و هى تغمز بأحدى عينيها : سيبك منى بقى و قوليلى أيه أخبار الكابتن نضال ؟
فريدة : لا فتحى عينيكى دى .. مفيش حاجة خالص من اللى فى دماغك دة عبارة عن رجل صخرى و الحادثة أنتزعت منه قلبه .. الميعاد اللى حددناه هيكون بكرة و هشوفه هنا فى المحل و أنتى أكيد مش هتفوتى الفرصة و هتبقى موجودة و بتابعى على المكتب و أنتى بتتفرجى على الكاميرا زى حكم ال VAR
ضحكت فريدة و ماسة ثم شرعت فريدة فى أن تجمع أشيائها و هى تخبر ماسة أنه يتحتم عليها الرحيل حتى تستعد لحفلة عيد ميلاد صديق أخيها جاسر الليلة ..
**************
خيم الليل بسكونه و ظلماته لكن فيلا راغب الشامى كانت تتلألأ فى الظلام و كأنها زمردة عملاقة منيرة .. خراطيم شرايط الليد بألوان قوس قزح كانت تكسو جسم الفيلا من الخارج و تـراكات الأضاءة الورم وايت كانت معلقة بالعرض على أعمدة مؤقتة مخصصة لرفعها فى حديقة الفيلا ناهيك عن السفرات المصنوعة من خشب التك مثمنة الشكل و التى تملأ الحديقة لأستقبال الضيوف .. فى أحد أطراف الحديقة يوجد أكثر من هاموك للأرجحة .. البالونات الغزيرة المترابطة تتطاير مع تيارات الهواء مكونة سقفا للحديقة من البالونات الملونة يعلو و يهبط .. فريق الـ دى جى نصب عدته من سماعات و أجهزة الليزر ذات مؤثرات الأضاءة المتحركة .. الجو مفعم بالبهجة و السرور ..
راغب و زوجته رانيا و مستر سولى كانوا يقفون فى أستقبال الضيوف و الترحيب بهم .. أسر و ياسمين كانوا يمرون على الضيوف و ينظموا حركة تموقعهم ..
ظهر جاسر على البوابة برفقة فريدة فتم الترحيب بهما من قبل راغب و رانيا و بترحيب خاص من مستر سولى الذى صافح فريدة و أطلق تجاهها نظرات و كأنه يصورها بعدسة عينيه و يخزن الصور فى ذهنه .. لمحتهم ياسمين فوغزت أسر فتحركا ناحيتهما و عانق أسر صديقه جاسر و عانقت ياسمين فريدة و جذبوهما للداخل الى ركناً فى الحديقة قام أسر بتخصيصه لأصدقائه و لصديقات شقيقته .. بعد الترحيب قدم جاسر شنطة هدايا لأسر وهو يتمنى له العمر المديد فشكره أسر و تنمر على ثقلها و أخرج ما بداخلها فوجد عبوتان كبيرتان واحدة كانت عبوة كرياتين مستوردة و الأخرى عبوة بروتين مستوردة أيضا ..
هذا النوع من الهدايا يتطاير به لاعبى كمال الأجسام فرحاً و بالفعل نالت الهدية أعجاب أسر كثيرا ..
شكره أسر مرة أخرى و أستأذنهما بعد أن أتخذ كلاً منهما مقعده
ليعاود الأهتمام بالضيوف الوافدين ..
بعد مرور حوالى نصف ساعة كانت الحديقة قد أكتظت بالضيوف , سحب أسر هاتفه من جيبه و فتحه للأتصال بكابتن نضال و ما أن بدأ الرنين حتى أستجاب نضال لهاتفه على الفور و أخبر أسر أنه عند المدخل فأستدار أسر بناظريه فوجد كابتن نضال فأبتسم له وهو يغلق الهاتف و يسرع تجاهه و عانقه بحرارة لحظة لقائه فأندهش راغب و رانيا و لفت ذلك نظر مستر سولى .. أرتباط أسر بمدربه لهذه الدرجة لكن الأندهاشة الكبرى التى أصابتهم و هى عندما أكتشفوا هدية كابتن نضال لأسر !
نضال كان ممسكا فى يده حامل للحيوانات عبارة عن قفص حديدى ذا مظهر شيك لكنه كان يحفظ بداخله جرو جيرمن شيبرد !!
راغب لا يهوى الكلاب و لذلك لم يهتم عندما أختفى كلب أبنه أسر فجأة و رفض أعادة تجربة شراء أسر لكلب أخر و مراعاته لذلك فهو أنزعج عندما وجد نضال يحُضر معه قفص يصدر منه أصواتا لنباح كلب !!
على النقيض تماما كان أسر لا يصدق المفاجأة و أنتابته فرحة عارمة لهدية مدربه فأخذها و حملها عنه و أجلسه فى الركن الخاص الذى ميزه لضيوفه ..
و هنا كان أسر يرد المفاجأة لنضال دون قصد عندما رأى نضال تواجد فريدة فى نفس المكان الذى هو فيه للمرة الثانية بترتيب القدر ! و عليه أندهش أسر من تبادلهما نظرات التعجب للحظات فسألهما فى أدب :
أنتو تعرفوا بعض ؟
نظرا كلا من نضال و فريدة تجاه أسر و نطقا فى صوتا واحداً و قالا : تقريبا !!
فتدخل جاسر مزمجرا : أنا مش فاهم حاجة !
فقال أسر لصديقه جاسر : دة كابتن نضال يا جاسر الـ بيدربنى بوكس ..
جاسر : أهلا يا كابتن .. أسر حكى ليا عنك كتير و كان نفسى أقابلك من زمان .. هو حضرتك تعرف فريدة أختى ؟
طلبت فريدة منهم الجلوس و رحبت بنضال فشكرها و جذب الكرسى المجاور لجاسر و جلس بجانبه و على الجانب الأخر لجاسر كانت تجلس فريدة و التى يثق فيها جاسر ثقة عمياء ..
كانت الأجواء تقترب من الأحتفال بعيد الميلاد كل شئ أصبح جاهز تقريبا بدأت الأضاءة تقل تدريجيا و التجمع يتزايد تدريجيا حول التورتة الضخمة و بدأت مراسم الأحتفال بأسر من غناء و تصوير و أطلاق صواريخ الأحتفال ..
ثم عاد الجميع بعد الأحتفال لأماكنهم و بدأ تقديم العشاء للحاضرين .. كانت أطباق من اللحوم و كانت غير مفهومة لبعض الضيوف منهم على سبيل المثال لا الحصر فريدة و جاسر و نضال و قد كانوا يجهلون هوية هذه اللحوم بدا ذلك عليهم جليا .. لكن كانت تنبعث منها رائحة شهية جدا .. سأل جاسر صديقه أسر عندما أقترب من السفرة التى يجلس عليها و هو يتمم على خدمة الضيوف و قال له :
أيه يا أسر اللحمة اللى بتدوب قبل ما أمضغها دى ؟
دى لحمة لكبار السن و لا ايه ؟
فضحك أسر و أيضا ضحكت فريدة و أخيرا أبتسم نضال و رد أسر :
دة لحم غزلان و لحم نعام يا صاحبى .. بألف هنا .. حد ناقصه أى حاجة ؟
فأثنوا عليه و طلبوا منه أن يجلس و يأكل معهم ففعل ذلك .. و طلب طبقا له و جلس يأكل فى نهم حتى يحفز ضيوفه على الأكل دون خجل ..
مستر سولى أبدى أعجابه لراغب بطهى اللحوم و تسويتها و أثنى كثيرا على طيب طعمها و سأل صديقه : هل لديك مزرعة للغزلان و النعام ؟
فأخبره راغب أنه لا يملك هذا الطراز من المزارع و لكن زوجته رانيا أعتادت على طلب ما تحتاجه من هذه الأصناف أون لاين من صفحة تزورها بأستمرار و قد عرفتها من صديقاتها فى أحد الجروبات الخاصة بهم و هى لمحل مميز لـ لحوم و طيور فى القاهرة لتاجر أسمه سعيد نتعامل معه منذ فترة طويلة و بضاعته دائما تكون جيدة .. كما أنه رشح لنا محلا للفواكه ممتازا لتاجر أسمه جوزيف أيضا نبتاع منه ما نريد منذ فترة طويلة عن طريق الطلب أون لاين , و بعد قليل ستتذوق فاكهة قادمة من محله ستنال أعجابك ..
بدأت تغادر أطباق اللحوم من على السُفر التك ليأخذ مكانها أطباق الجاتوه و أطباق فاكهة جوزيف المميزة ..
ما أن نزلت أطباق الفاكهة على السفرة التى تجمع نضال و فريدة و جاسر مع التعريف بأسمائها من قبل مقدميها .. هذا موز أحمر و هذا دوريان و هذه مانجوستين .. حتى ألتقط جاسر هاتفه وسط نظرات ترقب من فريدة و نضال و فتح اليوتيوب و كتب على محرك البحث أسم أحد أنواع الفاكهة التى سمعها غير الموز الأحمر .. و عندما سألته فريدة عن ما يفعله فأجابها أنه يحاول فهم كيفية التعامل مع هذه الفاكهة قبل أن يغادر الطبق السفرة و يخسر فرصة التجربة و لم يكترث لصرامة نظرتها له و التى تعنى أن يتحلى بالخجل .. ثم وضع الهاتف أمامه على السفرة و أسنده بميل على كوب الماء فأصبحت المشاهدة واضحة للثلاثة و ظهر أول فيديو فى البحث فلمس جاسر الشاشة مكان علامة التشغيل ليفتح فيديو حازم الذى يشرح كيفية تقشير هذه الأنواع من الفواكه المميزة .. و على نهج الخطوات التى تعلمها جاسر من الفيديو بدأ فى تناول الفاكهة من أمامه و عزم بها على فريدة و نضال و بدأ الثلاثة فى تطبيق الخطوات الطازجة التى علقت فى أذهانهم و تعاملوا مع حبات الفاكهة بوعى أكتسبوه من ثوان قليلة و نجحوا فى التعامل معها و تلذذوا بمذاقها
و كأنهم جربوها مرات من قبل ..
أبتسم نضال لجاسر و قال له : أنت مشكلة يا جاسر ..
رد جاسر بصوت متقطع : و لو ماروحتش الحمام دلوقت هتبقى مشكلة .. ثم قفز جاسر من على كرسيه متجها لأسر ليرشده لمكان الحمام ..
أصبح نضال يجلس مع فريدة على سفرة واحدة يفصلهما مقعد خاوى , نظر نضال لفريدة بملامح جدية و سألها : هو أحنا طلعنا قرايب ؟
ضحكت فريدة فى ذهول و قالت : أنت طلعت بتعرف تهزر يا كابتن !
نضال : أيه الموضوع ؟
أرتبكت فريدة لوهلة و هى تفكر فى الموقف الحرج الذى وقعت فيه فالوقت غير مناسب لتذكر نضال بالحادث و لو أجلت الحديث قد يسئ نضال بها الظن و يعتقد أنها تماطل من أجل أن يتقرب منها أكثر .. و قعت فى حيرة و قد لاحظ نضال عليها ذلك فقطع شرودها و سألها مرة أخرى : مالك يا فريدة ؟؟
سرت قشعريرة بداخل فريدة عندما سمعت أسمها هذه المرة من نضال دون أن يسبق أسمها لقب أستاذة .. نظرت لنضال و قررت أن تخبره و ليكن ما يكون ..
أكدت له رغم أن الوقت غير مناسب لفتح موضوع كهذا لكنها ستخبره حتى لا يتسلل الشك لعقله أن هناك سرا أو أمرا ما حولها ..
قدمت له فريدة نفسها أنها فريدة أبراهيم النحراوى بنت سائق أتوبيس الرحلات الذى توفى فى حادث أنقلاب الأتوبيس منذ ستة أعوام و توفى معه كل ركاب الأتوبيس من ضمنهم أسرته ..
تجمدت تعابير وجه نضال و أصبحت جافة لصعقه بهذه الذكرى المؤلمة له .. فجأة أقتحمت ياسمين مع أسر مجلسهما و طلبت من فريدة أن تقوم معها و تنخرط فى أجواء عيد الميلاد فقامت معها بعد أن أستأذنت من نضال و أسر .. جلس أسر بجوار كابتن نضال و هو يسأله عن سبب تأخر جاسر فى الحمام و لكنه لاحظ علامات أضطراب على وجه نضال و عندما سأله أسر عن ما أصابه فـ جائه الجواب من نضال أنه مرهق و يتحتم عليه الرحيل لينال قسطا من الراحة ثم غادر نضال ..
رغم أن مستر سولى كان مرافقا لراغب فى أغلب أوقات الحفلة لكنه كان مراقبا لسفرة فريدة و نضال أغلب أوقات الحفلة أيضا , كان يطبع فى عقله صورا لما يلاحظه لكن الصورة النهائية فى ذهنه أصبحت مشوشة خاصة بعد رحيل نضال فجأة و أندماج فريدة فى الأحتفال مع ياسمين و أنخراط جاسر فى الرقص مع أسر ..
ذهب مستر سولى للسفرة التى يجلس عليها مساعده الخاص مارك الأسود و قد دعاه لحضور حفل عيد الميلاد معه .. مارك نادرا ما يفارق مستر سولى فى أى مكان يذهب أليه فهو الذى يعد له جدول أعمال اليوم و لقبه مستر سولى بالأسود ليس للون بشرته السمراء لكن مارك هو بئر أسرار مستر سولى فيعتبره سولى الصندوق الأسود له لذلك لقبه بمارك الأسود كما أن مارك هو بمثابة مؤشر البحث لمستر سولى و الذى يحصل من خلاله
على أى معلومة يرغبها تخص أى شخص أو مكان !
طلب مستر سولى من مارك تكوين قاعدة بيانات وافية عن كلا من فريدة و نضال و أطلاعه عليها غدا فى الفندق الذى يقيمان فيه !
****************
داخل الفندق الراقى كان يشغل مستر سولى جناحا خاصا يقيم به , سولى يعشق حياة الفنادق و قد أعتادها بحكم زياراته الكثيرة لدول عديدة ..
قد تمكن اللون الأبيض من أن يغزو رأس مستر سولى بالكامل رغم أنه مازال فى الخمسين من عمره .. سولى يقدر النساء كثيرا و يقدر المال أكثر .. يزداد شعوره بالأمان كلما تضخمت ثروته و تورط فى علاقات نسائية عديدة !
كان يجلس فى غرفته على كنبة جلد أبيض مط .. تجاوره فتاة ثلاثينية فى يدها سيجارة و بيدها الأخرى كأس ممتلئ لنصفه بالنبيذ الأحمر و يضرب بكأسه فى كأسها فيصدر صوت طرقعة الكاسات مع الضحكات ..
يمد مستر سولى يده ليأخذ زجاجة النبيذ من أمامه ليزود كأسه و كان قد وضعها على مكعبا من رزم دولارات متراصة فوق بعضها البعض على الأرض مكونة شكل مكعب أرتفاعه حوالى 50 سم و طوله و عرضه حوالى 50 سم و يتعامل معه و كأنه قطعة أثاث يضع عليها هاتفه و زجاجة النبيذ !
قرع مارك باب الغرفة فأشار سولى للغانية التى بجواره لتذهب و تسمح لمارك بالدخول ثم تغادر و تتركهما .. دخل مارك و فى يده فلاشة رفعها فى وجه سولى و قال له أتفضل يا مستر سولى .. كل ما ترغب فى معرفته عن نضال و فريدة ستجده فى هذه الفلاشة .. جلس مارك بعد أن طلب منه مستر سولى ذلك كما طلب منه أن يقص عليه نبذة عن محتوى الفلاشة فأستغرقت النبذة حوالى عشرون دقيقة على سبيل الفضفضة كانت كافية لسولى لأن تخمر أفكارا كانت تراوده بخصوصهما لا سيما و أنه قد شاهد من قبل فيديو فريدة و هى توشم العايق و فهم مارك ذلك من مشاركة مستر سولى الحوار معه و ذكر بعض الأحداث التى ظهرت فى الفيديو , بدت علامات الرضا واضحة على وجه مستر سولى و هو يبتسم لمارك ثم طلب منه أن يقوم بتشغيل التلفاز و تناول مستر سولى هاتفه من على مكعب الدولارات و قام بتشغيل فيديو من على هاتفه بعد أن ربطه بالتلفاز فظهر الفيديو على شاشة التلفاز و كان فيديو لحازم و الذى يعرض فيه حيل النصب و وقائع حقيقية طريفة لنصابين ..
بعد أن شاهد مستر سولى الفيديو للمرة الثانية مع مارك الذى يشاهده للمرة الأولى طلب منه أن يتواصل مع صاحب الفيديو و يحدد معه موعد على أخر الأسبوع يخبره أن هناك رجل أعمال يريد مقابلته هنا فى الفندق ..
كما طلب مستر سولى من مساعده مارك أن يتواصل أيضا مع فريدة و نضال و ينسق معهما مقابلة فى نفس الموعد الذى سيحدده لحازم ..
أكد مستر سولى على مارك أن هذا الأجتماع المغلق للثلاثة فى جناحه الخاص يكون فى سرية تامة و لا يخبر أحدا من الثلاثة ألا بشئ واحد ..
أنه سيكون تحقيق أحلامهم و فرصة لهم لن تعوض فى هذا اللقاء !
******************
. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل الرابع
- 4 -
كانت أجواء التصوير قد فرضت نفسها على المكان داخل شقة حازم .. بدأ فى تسجيل الفيديو الثالث و قدم فى مطلع الفيديو واقعة النصب الطريفة التى حدثت معه بالهايبر و أشار ألى أن هناك أساليب جديدة و متحورة للنصب و أوضح أن شهوة النصب هى عادة موروثة و محببة لدى البعض و تتوارثها الأجيال على مرور الزمان ما دام هناك طمع أو فقر فكلاهما أو على الأقل أحداهما تكون بمثابة تربة خصبة لأستقبال بذور النصب ..
و ليؤكد وجهة نظره و قد أكتسب حازم وجهة النظر فى هذا الموضوع بعد أن تعرض شخصيا لواقعة نصب و عليه فقد تحركت مناطق فى الجزء الخلفى من ذهنه و أتجهت لجذب المواضيع التى تدور حول نفس المضمون .. فقسم الفيديو لثلاث مراحل و برر أمام الكاميرا ذلك ليجعل من الفيديو سبوت على بعض وقائع النصب الواقعية التى حدثت منذ فترة طويلة و كما أنه نوه للمشاهدين أن فيديو اليوم هو بمثابة جرس أنذار لعدم الوقوع فى فخ النصب لا سيما و أن التربة خصبة جدا فى هذه الفترة لأنتعاش تنامى بذور النصب فقد خيم شبح الفقر بظلماته على الوضع العام للبلاد مما أدى ألى تأهب ....... [المزيد]