❞ مراجعة رواية ( مجدولين ) للكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي :
لطالما جذبني اسم هذا الكاتب الجليل ورغبت في قراءة أحد أعماله وها قد بادرت بذلك حينما عثرت على تلك الرواية التي طالما بحثت عنها ،
هي رواية يغلُب عليها الطابع الرومانسي مشتقة من بعض الأشعار الفرنسية وقد أعجبني كثيراً أسماء الأبطال وكذلك تلك الرسائل التي كانت تُتبادَل بينهم طيلة أحداثها فطالما رغبت في قراءة شيء كهذا ورغم كونها رومانسية المضمون إلا أنَّ اللغة قد أَثرت الأحداث وجعلها تنتقل لطور آخر وكأنها آتيةٌ من عالم سرمدي بعيداً عن عالمنا الحالي المشحون بالضجيج والفوضى والصخب الذي يَدُك عقولنا ويحيط بنا من كل صوب وحدب ، ورُغم انقلاب الأحداث عمَّا توقعت إلا أن العنصر الجاذب سوف يجعلك تغوص في القراءة راغباً في معرفة النهاية والتوصُّل لأسباب هذا الانفصال الذي حدث بغتةً ،،،
للخيانة أوجه كثيرة لا يشعر بآلامها سوى من تجرَّع مَرارتها ويبقى أقساها عدم الوفاء بالعهد والإخلال به بعدما يُعلِّق الطرف الآخر كل آماله على محبوبه ثم يرحل عنه في منتصف الطريق دون إبداء أية أسباب أو مبررات جلية وهو ما يَدفعه للسقوط في هوة الحزن الذي يدوم لفترة طويلة كي يتمكن من الإفاقة من الصدمة والتعافي من آثار هذا الألم البالغ الذي أصاب قلبه وأَدماه ، فقد ذرف الكثير من الدموع في سبيل النسيان وتبقى بعض الأمور عالقةً في القلب بلا قدرة على تجاوزها ، وهذا ما حدث مع صاحبنا بطل الرواية الذي أَسكب كل مشاعره على تلك الفتاة التي أحبَّها من أعمق نقطة في قلبه وقد وعدته بالبقاء معه وانتظاره كي يجد العمل الذي يُمكِّنه من ادخار بعض المال كي يؤسِّس هذا المنزل الذي سوف يقيمان فيه ويُعِدُّه على الشكل الذي أرادته ولكنها غدرت به ، خدعته ، طعنته بخنجر الحب وضيَّعت حياته ، أطاحت بآماله ، بدَّدت أحلامه التي بناها معها ولم يَكُن ليتوقع ذلك فصُدم على إثر هذا الفراق المُفجِع الذي لم يكن يُصدِّقه في بادئ الأمر وأخذ يُكذِّب نفسه كثيراً إلى أنْ تحامل على نفسه وحاول تحمُّل الصدمة واستكمال حياته ولكن الألم كان ينخُر بقلبه كثيراً وما زاد الطين بِلَّة وضاعف ألمه أن صديقه الذي طالما أخبره عن هذا الحُلم بالزواج من تلك الفتاة هو مَنْ سلبه إياها بتلك البساطة حيث أغواها بالمال وتلك الحياة الجديدة التي كانت مشدوهةً بها ، منجذبةً إليها في بادئ الأمر ولكنها اكتشفت بمرور الوقت أنه لم يكن يُشبهها في أي شيء وأنها ورَّطت نفسها واختارت لها التعاسة وفرَّطت في الحب الصادق الذي فيه سعادتها ولكنها لم تُدرك ذلك سوى بعد فوات الأوان ، وبمرور الوقت تمكَّن من استعادة أوضاعه السابقة شيئاً فشيئاً وبدأ يزاول مهامه من جديد ، وقد ساعده في ذلك صديقٌ له طالما سانده واتخذ من أسرته ملاذاً له يأوى إليه ويعاونهم في أمور الإنفاق وخلافها ، وبدأ يعتاد الحياة بعد وقت طويل وحقَّق نجاحاً باهراً في تلك المهمة التي طالما شغف بها في الماضي وصار ذا شأن كبير فيها بل أصبح من النابغين في هذا المجال أيضاً ، ولم يُدهَش حينما ألتقى بهما من جديد فلم يَعُد يحمِل أي مشاعر تجاهها بعد اليوم إذْ اتخذ عهداً مع نفسه أنْ يلتفت لحياته ويُولِّي اهتمامه لذاته وينصرف عن التفكير فيها أو تذكُّر أيامه معها فيكفي العمر الذي انقضى في سبيل إسعادها ومحاولة البقاء معها ولم تُقدِّر كل تلك الجهود المستميتة التي بَذلها في سبيلها ، فلم يكن الحب ليستمر سوى بمزيد من المحاولات من كليهما فهو أمر مختلف نوعاً ما عن القَدر فقد اختارت الطريق الأسهل الذي يضمَن لها حياة يسيرة بعيداً عن الفقر والبؤس والشقاء الذي كانت ستُعانيه مع مَنْ أحبَّت بالفعل وهذا ما أَحال حياتها لسوادٍ قاتم بلا أي نوع من أنواع البهجة أو السعادة ، فقد بدَّد زوجها تلك الثروة التي تزوجته من أجلها حيث ضيَّعها في المقامرة التي كان يزاولها أغلب وقته بعدما ملَّ الحياة معها وكأنه زهد فيها بعدما نالها وصارت مِلْكَه ، فانصرف عنها لتلك التصرفات الصبيانية التي ضيَّعت حياته بالفعل وأَودَت به لنهاية لم يكن ليتوقعها فقد قرَّر الانتحار حينما خسر كل ما ملكت يداه ونفدت كل الحيل التي تُسدِّد ديونه التي تراكمت عليه فاضطر لبيع بيت الزوجية الذي كان يسكُنه معها ومع ذلك لم يَكفي لسداد ديونه فلم يجد بُداً من السفر واضطر لإنهاء حياته بأشنع طريقة ممكنة تاركاً تلك الفتاة المسكينة تعاني من بعده ولا تَجِدْ ما يَسِد رمقها أو يُعينها على شئون الحياة ، فسدَّدت ديونه حفاظاً على كرامته ورحلت في هدوء بعد ضغط من صاحب البيت الجديد محاولة البحث عن مكان يأويها فلم تعثر عليه وحينما لجأت لصديقتها خذلتها أيضاً ، صارت تَجوب أنحاء البلاد علَّها تصل لمكان يستقر به المَقام وحينما وصلت لبيت أبيها وجدت البستانيّ الذي طلبت منه أنْ يؤجِّر لها تلك الغرفة في أعلى المبنى وقد كان ، وبمرور الأيام تدهور حالها كثيراً فاضطرت للجوء لاستيفن الذي لم يساعدها سوى شفقة على حالها وكان يستنكر حبه الذي ما زال ساكناً في قلبه تجاهها ، ولما ضاقت بها الحال اتخذت قراراً مفجعاً فقد وضعت الطفلة في إناء وتركته في مدخل بيت استيفن وألقَت بنفسها في النهر وحينما حاول الجميع إنقاذها كانت قد هَلكت بالفعل ، كان رد فعل استيفن عجيباً إذْ ظل واجماً لا ينطِق أو يتحرك وفي اليوم التالي دفنها وطلب من الجميع أنْ يُدفَن بجانبها حينما يلقَى حتفه ، لقد عاش حياة بائسة وقد عصَف الحب بقلبه ولم يساعده على الخروج من تلك الأزمة سوى صديقه فرتز واندماجه في تلك المهمة التي وَلِع بها في الماضي وكان قد نسيها ولكنها أعادت إليه حياته حينما عاد إليها وقد لقي الجميع مصرعهم بالطريقة التي تليق بهم وتلك عاقبة مَنْ يظلم إنساناً ليس له ذنب سوى أنَّ مشاعره صادقة ويُحِب بصِدق وعمق دون أي زيف أو خداع أو مكائد من أجل الوصول لأهداف أو مصالح شخصية وهذا هو حال الحب في كل الأزمان والأوقات ...
#خلود_أيمن
#مراجعة_رواية_مجدولين #كتب #مراجعات .. ❝ ⏤Kholoodayman1994 Saafan
❞ مراجعة رواية ( مجدولين ) للكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي :
لطالما جذبني اسم هذا الكاتب الجليل ورغبت في قراءة أحد أعماله وها قد بادرت بذلك حينما عثرت على تلك الرواية التي طالما بحثت عنها ،
هي رواية يغلُب عليها الطابع الرومانسي مشتقة من بعض الأشعار الفرنسية وقد أعجبني كثيراً أسماء الأبطال وكذلك تلك الرسائل التي كانت تُتبادَل بينهم طيلة أحداثها فطالما رغبت في قراءة شيء كهذا ورغم كونها رومانسية المضمون إلا أنَّ اللغة قد أَثرت الأحداث وجعلها تنتقل لطور آخر وكأنها آتيةٌ من عالم سرمدي بعيداً عن عالمنا الحالي المشحون بالضجيج والفوضى والصخب الذي يَدُك عقولنا ويحيط بنا من كل صوب وحدب ، ورُغم انقلاب الأحداث عمَّا توقعت إلا أن العنصر الجاذب سوف يجعلك تغوص في القراءة راغباً في معرفة النهاية والتوصُّل لأسباب هذا الانفصال الذي حدث بغتةً ،،،
للخيانة أوجه كثيرة لا يشعر بآلامها سوى من تجرَّع مَرارتها ويبقى أقساها عدم الوفاء بالعهد والإخلال به بعدما يُعلِّق الطرف الآخر كل آماله على محبوبه ثم يرحل عنه في منتصف الطريق دون إبداء أية أسباب أو مبررات جلية وهو ما يَدفعه للسقوط في هوة الحزن الذي يدوم لفترة طويلة كي يتمكن من الإفاقة من الصدمة والتعافي من آثار هذا الألم البالغ الذي أصاب قلبه وأَدماه ، فقد ذرف الكثير من الدموع في سبيل النسيان وتبقى بعض الأمور عالقةً في القلب بلا قدرة على تجاوزها ، وهذا ما حدث مع صاحبنا بطل الرواية الذي أَسكب كل مشاعره على تلك الفتاة التي أحبَّها من أعمق نقطة في قلبه وقد وعدته بالبقاء معه وانتظاره كي يجد العمل الذي يُمكِّنه من ادخار بعض المال كي يؤسِّس هذا المنزل الذي سوف يقيمان فيه ويُعِدُّه على الشكل الذي أرادته ولكنها غدرت به ، خدعته ، طعنته بخنجر الحب وضيَّعت حياته ، أطاحت بآماله ، بدَّدت أحلامه التي بناها معها ولم يَكُن ليتوقع ذلك فصُدم على إثر هذا الفراق المُفجِع الذي لم يكن يُصدِّقه في بادئ الأمر وأخذ يُكذِّب نفسه كثيراً إلى أنْ تحامل على نفسه وحاول تحمُّل الصدمة واستكمال حياته ولكن الألم كان ينخُر بقلبه كثيراً وما زاد الطين بِلَّة وضاعف ألمه أن صديقه الذي طالما أخبره عن هذا الحُلم بالزواج من تلك الفتاة هو مَنْ سلبه إياها بتلك البساطة حيث أغواها بالمال وتلك الحياة الجديدة التي كانت مشدوهةً بها ، منجذبةً إليها في بادئ الأمر ولكنها اكتشفت بمرور الوقت أنه لم يكن يُشبهها في أي شيء وأنها ورَّطت نفسها واختارت لها التعاسة وفرَّطت في الحب الصادق الذي فيه سعادتها ولكنها لم تُدرك ذلك سوى بعد فوات الأوان ، وبمرور الوقت تمكَّن من استعادة أوضاعه السابقة شيئاً فشيئاً وبدأ يزاول مهامه من جديد ، وقد ساعده في ذلك صديقٌ له طالما سانده واتخذ من أسرته ملاذاً له يأوى إليه ويعاونهم في أمور الإنفاق وخلافها ، وبدأ يعتاد الحياة بعد وقت طويل وحقَّق نجاحاً باهراً في تلك المهمة التي طالما شغف بها في الماضي وصار ذا شأن كبير فيها بل أصبح من النابغين في هذا المجال أيضاً ، ولم يُدهَش حينما ألتقى بهما من جديد فلم يَعُد يحمِل أي مشاعر تجاهها بعد اليوم إذْ اتخذ عهداً مع نفسه أنْ يلتفت لحياته ويُولِّي اهتمامه لذاته وينصرف عن التفكير فيها أو تذكُّر أيامه معها فيكفي العمر الذي انقضى في سبيل إسعادها ومحاولة البقاء معها ولم تُقدِّر كل تلك الجهود المستميتة التي بَذلها في سبيلها ، فلم يكن الحب ليستمر سوى بمزيد من المحاولات من كليهما فهو أمر مختلف نوعاً ما عن القَدر فقد اختارت الطريق الأسهل الذي يضمَن لها حياة يسيرة بعيداً عن الفقر والبؤس والشقاء الذي كانت ستُعانيه مع مَنْ أحبَّت بالفعل وهذا ما أَحال حياتها لسوادٍ قاتم بلا أي نوع من أنواع البهجة أو السعادة ، فقد بدَّد زوجها تلك الثروة التي تزوجته من أجلها حيث ضيَّعها في المقامرة التي كان يزاولها أغلب وقته بعدما ملَّ الحياة معها وكأنه زهد فيها بعدما نالها وصارت مِلْكَه ، فانصرف عنها لتلك التصرفات الصبيانية التي ضيَّعت حياته بالفعل وأَودَت به لنهاية لم يكن ليتوقعها فقد قرَّر الانتحار حينما خسر كل ما ملكت يداه ونفدت كل الحيل التي تُسدِّد ديونه التي تراكمت عليه فاضطر لبيع بيت الزوجية الذي كان يسكُنه معها ومع ذلك لم يَكفي لسداد ديونه فلم يجد بُداً من السفر واضطر لإنهاء حياته بأشنع طريقة ممكنة تاركاً تلك الفتاة المسكينة تعاني من بعده ولا تَجِدْ ما يَسِد رمقها أو يُعينها على شئون الحياة ، فسدَّدت ديونه حفاظاً على كرامته ورحلت في هدوء بعد ضغط من صاحب البيت الجديد محاولة البحث عن مكان يأويها فلم تعثر عليه وحينما لجأت لصديقتها خذلتها أيضاً ، صارت تَجوب أنحاء البلاد علَّها تصل لمكان يستقر به المَقام وحينما وصلت لبيت أبيها وجدت البستانيّ الذي طلبت منه أنْ يؤجِّر لها تلك الغرفة في أعلى المبنى وقد كان ، وبمرور الأيام تدهور حالها كثيراً فاضطرت للجوء لاستيفن الذي لم يساعدها سوى شفقة على حالها وكان يستنكر حبه الذي ما زال ساكناً في قلبه تجاهها ، ولما ضاقت بها الحال اتخذت قراراً مفجعاً فقد وضعت الطفلة في إناء وتركته في مدخل بيت استيفن وألقَت بنفسها في النهر وحينما حاول الجميع إنقاذها كانت قد هَلكت بالفعل ، كان رد فعل استيفن عجيباً إذْ ظل واجماً لا ينطِق أو يتحرك وفي اليوم التالي دفنها وطلب من الجميع أنْ يُدفَن بجانبها حينما يلقَى حتفه ، لقد عاش حياة بائسة وقد عصَف الحب بقلبه ولم يساعده على الخروج من تلك الأزمة سوى صديقه فرتز واندماجه في تلك المهمة التي وَلِع بها في الماضي وكان قد نسيها ولكنها أعادت إليه حياته حينما عاد إليها وقد لقي الجميع مصرعهم بالطريقة التي تليق بهم وتلك عاقبة مَنْ يظلم إنساناً ليس له ذنب سوى أنَّ مشاعره صادقة ويُحِب بصِدق وعمق دون أي زيف أو خداع أو مكائد من أجل الوصول لأهداف أو مصالح شخصية وهذا هو حال الحب في كل الأزمان والأوقات ..
#خلود_أيمن #مراجعة_رواية_مجدولين#كتب#مراجعات. ❝