❞ ✦ جِنَازَةُ النَّص ✦
على الطاولة الخشبية العتيقة، حيثُ تتناثرُ الأوراقُ كأشلاءِ حلمٍ مُبعثر، وحيثُ القهوةُ المُرَّةُ تبردُ على مهلٍ كأنّها ترثي صمتها، جلست تُحدّقُ في الفراغِ الممتدّ أمامها. لم يكن هذا الصمتُ كأيِّ صمت، بل كان جنازةً تُشيِّعُ فيها كلماتٍ لم تُكتب، وأحاسيسَ لم تجرؤ على الخروجِ من أسرها.
لم يكن الليلُ ثقيلًا كما اعتادت، ولم يكن الفراغُ مخيفًا كما ظنّت، بل كان مساحةً بيضاء، تنتظرُ أن تملأها بما تُخفيهُ روحها منذُ رحيله. أمسكت قلمها، تأمّلتهُ طويلًا، ثم تنفّست بعمقٍ وكأنّها تُودّعُ شيئًا في داخلها، شيئًا لم تعد بحاجةٍ لحملهِ أكثر.
✦
لم يكن مجرد غريبٍ عبر حياتها كما يعبُرُ المسافرُ دربًا لا ينتمي إليه، كان استثناءً حتى في رحيله. لم يَخلف وراءهُ فراغًا، بل ألقى في روحها شرارةً لم تكن تعلم أنها كامنةٌ بين ضلوعها. كان وجودهُ أمانًا يُسكّنها، ورحيله أمانًا يُحرّرها، وكأنّه لم يأتِ ليبقى، بل جاء ليوقظ فيها ما كان نائمًا.
وحيدةً، جلست أمام أوراقها البيضاء، كأنها تُشيّع بقاياها، تُهيلُ على قلبها رماد الذكرى، لكنّها لم تجد العتمةَ كما توقّعت، بل وجدت حروفًا تتدافع من جوفها كفيضانٍ تأخّر عن موعده. كان النصّ المسجّى أمامها ليس مرثيةً له، بل شهادة ميلادٍ لها. كأنّ رحيله كان الفديةَ التي دفعتها للحياة من جديد، لكن هذه المرة... ككاتبةٍ تصنع من غيابِهِ حُضورًا يتوهّجُ بين السطور.
هُنا، على هذه الصفحات، يرقدُ نصٌّ لم يكتمل، لكنه لم يُقتَل. هو لم يمت، بل تحوّل إلى أثر، إلى فكرة، إلى صوتٍ يُشبههُ حدَّ الوضوح. وحين خطّت بيدها آخر الكلمات، أدركت أنها لم تكتب عنه، بل كتبتهُ من جديد... كتبتهُ كما لم يكن يومًا، كما تمنّت أن يكون، كما بقي خالدًا فيها رغم اختفائه.
لأوَّلِ مَرَّةٍ، كَانَ الحَرفُ يَبكِي، وَهِيَ تَبتَسِمُ...😌🙂
✦•✧•✦ #𝓦𝓻_𝓒𝓱𝓲𝓫𝓸𝓾𝓫_𝓚𝓱𝓪𝓭𝓲𝓭𝓳𝓪. ◦•✧•✦. ❝ ⏤Khadidja Chiboub
❞ ✦ جِنَازَةُ النَّص ✦
على الطاولة الخشبية العتيقة، حيثُ تتناثرُ الأوراقُ كأشلاءِ حلمٍ مُبعثر، وحيثُ القهوةُ المُرَّةُ تبردُ على مهلٍ كأنّها ترثي صمتها، جلست تُحدّقُ في الفراغِ الممتدّ أمامها. لم يكن هذا الصمتُ كأيِّ صمت، بل كان جنازةً تُشيِّعُ فيها كلماتٍ لم تُكتب، وأحاسيسَ لم تجرؤ على الخروجِ من أسرها.
لم يكن الليلُ ثقيلًا كما اعتادت، ولم يكن الفراغُ مخيفًا كما ظنّت، بل كان مساحةً بيضاء، تنتظرُ أن تملأها بما تُخفيهُ روحها منذُ رحيله. أمسكت قلمها، تأمّلتهُ طويلًا، ثم تنفّست بعمقٍ وكأنّها تُودّعُ شيئًا في داخلها، شيئًا لم تعد بحاجةٍ لحملهِ أكثر.
✦
لم يكن مجرد غريبٍ عبر حياتها كما يعبُرُ المسافرُ دربًا لا ينتمي إليه، كان استثناءً حتى في رحيله. لم يَخلف وراءهُ فراغًا، بل ألقى في روحها شرارةً لم تكن تعلم أنها كامنةٌ بين ضلوعها. كان وجودهُ أمانًا يُسكّنها، ورحيله أمانًا يُحرّرها، وكأنّه لم يأتِ ليبقى، بل جاء ليوقظ فيها ما كان نائمًا.
وحيدةً، جلست أمام أوراقها البيضاء، كأنها تُشيّع بقاياها، تُهيلُ على قلبها رماد الذكرى، لكنّها لم تجد العتمةَ كما توقّعت، بل وجدت حروفًا تتدافع من جوفها كفيضانٍ تأخّر عن موعده. كان النصّ المسجّى أمامها ليس مرثيةً له، بل شهادة ميلادٍ لها. كأنّ رحيله كان الفديةَ التي دفعتها للحياة من جديد، لكن هذه المرة.. ككاتبةٍ تصنع من غيابِهِ حُضورًا يتوهّجُ بين السطور.
هُنا، على هذه الصفحات، يرقدُ نصٌّ لم يكتمل، لكنه لم يُقتَل. هو لم يمت، بل تحوّل إلى أثر، إلى فكرة، إلى صوتٍ يُشبههُ حدَّ الوضوح. وحين خطّت بيدها آخر الكلمات، أدركت أنها لم تكتب عنه، بل كتبتهُ من جديد.. كتبتهُ كما لم يكن يومًا، كما تمنّت أن يكون، كما بقي خالدًا فيها رغم اختفائه.
❞ مرثيتي في الحزن ضاقت دُنيتي
تغيرت
تبدلت حروفها
صابت سهام الحرف غيري دون قصد
ما عاد قلبي يحتمل
غضبت جوارحي من غزير حروفهم
مُقيداً
ومرغماً في بعض حينٍ أبتسم
في داخلي ألفٌ وألفٍ من جراح
أخفيتها ما بين دفة دفتري
ما بين شراع قصيدتي
لمّا إعتلت موج البحار
غرقت هناك بالأنين.. وأغرقتني في قوافي حروفها
ما ذنب قلبي إن يغار
ما ذنب أحرُفي لو تثور لأحرفٍ كُتبت لها
أنا لم أكن.. كل الجنود كنتهم
في أول الصف أتيت
صدري يذود عن الأميرة من سهامٍ
تغتالني
تغتالها
لمّا تجيء من العِدىٰ
أو رمح يُلقى للخيول مُعذِبا
رغم الزلازل
رغم الأعاصير التي أدمت مدائني في ضلوعي كلها
رغم أزيز الريح وأهلكت روح القصيد في خواطري كلها
الحزنُ أولىٰ بي أنا
لا أدري كيف سبيلهم
خلُصت مآقي من عيوني وانطوت
هم أنهكوني
أهلكوني
لستُ وحيداً من حروف حنانهم
جمعو الوصال لشاعرٍ وكاتبٍ وقصائداً ضلت هناك تستبيح قلوبهم
من غير قصد
لا أدري ذاك من خبر
والله.. هم أوجعوها قصائدي
قامت مآتم رحلتي
واللحنُ يرقبُ مقتلي
ولا رثاء
ولا بكاء
ولا زهور تُلقىٰ فوق شواهدي
كل العواطف هاجرت
واستبدلوها بالعتاب
وأظن أني من يعاتب حرفهم
أنا لم أخن في حرفي نبض
أنا في خيالي ضِقتُ في كل الحروف
حرّمتُها
لا حرف أكتب بعد هذا الحرف إن صَدَقَتْ بقول
إلا لها
تلك التي تأتي يزورني طيفها
وتحنُ لي
من غير وصلٍ يستفزني همسها
وندائها يبكي هناك بأحرفي
شوقاً لذاك العمر في ورق اللقاء
شوقاً كثيراً.. يا لها
#خالد_الخطيب. ❝ ⏤خالد الخطيب
❞ مرثيتي في الحزن ضاقت دُنيتي
تغيرت
تبدلت حروفها
صابت سهام الحرف غيري دون قصد
ما عاد قلبي يحتمل
غضبت جوارحي من غزير حروفهم
مُقيداً
ومرغماً في بعض حينٍ أبتسم
في داخلي ألفٌ وألفٍ من جراح
أخفيتها ما بين دفة دفتري
ما بين شراع قصيدتي
لمّا إعتلت موج البحار
غرقت هناك بالأنين. وأغرقتني في قوافي حروفها
ما ذنب قلبي إن يغار
ما ذنب أحرُفي لو تثور لأحرفٍ كُتبت لها
أنا لم أكن. كل الجنود كنتهم
في أول الصف أتيت
صدري يذود عن الأميرة من سهامٍ
تغتالني
تغتالها
لمّا تجيء من العِدىٰ
أو رمح يُلقى للخيول مُعذِبا
رغم الزلازل
رغم الأعاصير التي أدمت مدائني في ضلوعي كلها
رغم أزيز الريح وأهلكت روح القصيد في خواطري كلها
الحزنُ أولىٰ بي أنا
لا أدري كيف سبيلهم
خلُصت مآقي من عيوني وانطوت
هم أنهكوني
أهلكوني
لستُ وحيداً من حروف حنانهم
جمعو الوصال لشاعرٍ وكاتبٍ وقصائداً ضلت هناك تستبيح قلوبهم
من غير قصد
لا أدري ذاك من خبر
والله. هم أوجعوها قصائدي
قامت مآتم رحلتي
واللحنُ يرقبُ مقتلي
ولا رثاء
ولا بكاء
ولا زهور تُلقىٰ فوق شواهدي
كل العواطف هاجرت
واستبدلوها بالعتاب
وأظن أني من يعاتب حرفهم
أنا لم أخن في حرفي نبض
أنا في خيالي ضِقتُ في كل الحروف
حرّمتُها
لا حرف أكتب بعد هذا الحرف إن صَدَقَتْ بقول
إلا لها
تلك التي تأتي يزورني طيفها
وتحنُ لي
من غير وصلٍ يستفزني همسها
وندائها يبكي هناك بأحرفي
شوقاً لذاك العمر في ورق اللقاء
شوقاً كثيراً. يا لها