❞ من بين الحضارات التي عرفها العالم في العصور الوسطي فيما بين أواخر القرن الخامس والقرن الخامس عشر للميلاد تبرر الحضارة الإسلامية العربية لتحتل مكان الصدارة والزعامة ففي بوتقة هذه الحضارة التقت حضارات عديدة متباعدة عن بعضها البعض، كحضارة الصين والهند وفارس واليونان والرومان، وغيرها من حضارات منطقة الهلال الخصيب المعروفة منذ القدم. وبين رحاب الحضارة الإسلامية اجتمعت العناصر الحضارية المرتبطة بالديانات السابقة في ظهورها علي الإسلام، وثنية كانت أو سماوية.. ❝ ⏤سعيد عبد الفتاح عاشور، سعد زعلول عبد الحميد، أحمد مختار العبادي
❞ من بين الحضارات التي عرفها العالم في العصور الوسطي فيما بين أواخر القرن الخامس والقرن الخامس عشر للميلاد تبرر الحضارة الإسلامية العربية لتحتل مكان الصدارة والزعامة ففي بوتقة هذه الحضارة التقت حضارات عديدة متباعدة عن بعضها البعض، كحضارة الصين والهند وفارس واليونان والرومان، وغيرها من حضارات منطقة الهلال الخصيب المعروفة منذ القدم. وبين رحاب الحضارة الإسلامية اجتمعت العناصر الحضارية المرتبطة بالديانات السابقة في ظهورها علي الإسلام، وثنية كانت أو سماوية. ❝
⏤
سعيد عبد الفتاح عاشور، سعد زعلول عبد الحميد، أحمد مختار العبادي
❞ هل نحن نرى الدنيا على حقيقتها ؟
هل هذه السماء زرقاء فعلًا .. وهل الحقول خضراء .. وهل الرمال صفراء ؟
وهل العسل حلو .. والعلقَم مُر ؟
هل الماء سائل .. والجليد صلب ؟
وهل الخشب مادة جامدة كما تقول لنا حواسّنا ؟
وهل حجارة الأرض مادة موات، لا حركة فيها ولا دبيب ؟
وهل الزجاج شفاف كما يبدو لنا .. والجدران صمّاء كما نراها ؟
وهل الخط المستقيم هو أقصر مسافة بين نقطتين كما تقول لنا الهندسة التقليدية التي تعلمناها .. وهل مجموع زوايا المثلث تساوي 2 ق ؟
وهل أحداث الكون كلها ممتدة في زمن واحد .. بحيث يمكن أن تتواقت بعضها مع بعض في آن واحد في أماكن متفرقة .. كما يتواقت خروج الموظفين مثلًا من مختلف الوزارات في ذات الوقت والساعة .. فنقارن أحداثًا تجري في الأرض مع أحداث تجري في المريخ .. والزهرة وسديم الجبار .. ونقول إنها حدثت في وقت واحد .. أو أن أحدها كان قبل الآخر ..
وهل يمكننا أن نقطع في يقين أن جسمًا ما من الأجسام يتحرك وأن جسمًا آخر لا يتحرك ؟
♦♦ كل هذه الأسئلة التي يُخيّل لك أنك تستطيع الإجابة عنها في بساطة، والتي كان العلماء يظنون أنهم قد انتهوا منها من زمن .. قد تحولت الآن إلى ألغاز ..
لقد انهار اليقين العلمي القديم ..
والمطرقة التي حطمت هذا اليقين، وكشفت لنا عن أنه كان يقينا ساذجا، هي عقل أينشتين الجبار ..
ونظريته التي غيرت الصورة الموضوعة للعالم .. نظرية النسبية .
*********
والنظرية النسبية قد عاشت سنوات منذ بداية وضعها في سنة 1905 إلى الآن في برج عاجي لا يقربها إلا المختصون ..
وكان القارئ العادي يسمع عنها في خوف كما يسمع عن الكِهانات الغامضة والطقوس الماسونية .. ولا يجرؤ على الخوض فيها ..
ومن المأثور عن الدكتور "مشرفة" أنه كان يقول دائما إن هذه النظرية " النظرية النسبية " لا يفهمها في العالم كله إلا عشرة ..
ولكن النظرية النسبية ترتبت عليها القنبلة الذرية ..
إنها لم تعد نظرية .. وإنما تحولت إلى تطبيقات خطيرة تمس كيان كل فرد وتؤثر في مصيره .
لقد خرجت من حيز الفروض والمعادلات الرياضية لتتحول إلى واقع رهيب ..
وأصبح من حق كل فرد أن يعرف عنها شيئا .
ولقد تعددت المحاولات من العلماء لتبسيطها وتقريبها إلى الفهم .. من ادنجتون إلى جيمس جينز .. إلى لنكولن بارنت .. إلى راسِل ..
وكان أينشتين نفسه يحاول أن يبسط ما في نظريته من غموض .. وكان يقول إن قَصْر المعلومات على عدد قليل من العلماء بحجة التعمق والتخصص .. يؤدي إلى عزلة العِلم .. ويؤدي إلى موت روح الشعب الفلسفية وفقره الروحي، وكان يكره الكهانة العلمية والتلَفُح بالغموض، والادعاء .. والتعاظم ..
وكان يقول إن الحقيقة بسيطة .
وفي آخر محاولاته التي أتمها في عام 1949 كان يبحث عن قانون واحد يفسر به كل علاقات الكون .
ونظرية النسبية ليست كلها معادلات .. وإنما لها جوانب فلسفية .
وحتى المعادلات الرياضية .. يقول أينشتين أنها انبعثت في ذهنه نتيجة شطحاته التي حاول فيها أن يتصور الكون على صورة جديدة ..
وأمام هذه الشطحات الفلسفية سوف نقف قليلًا .. تاركين المعادلات الرياضية لأربابها من القادرين عليها، محاولين أن نشرح بعض ما أراد ذلك العالِم العظيم أن يقوله، على قدر الإمكان، إمكان فهمنا .
وسوف نبدأ من البداية .. من قبل أينشتين .. من السؤال الذي بدأنا به المقال :
هل نحن نرى الدنيا على حقيقتها ؟
هل هذه السماء زرقاء فعلًا .. وهل الحقول خضراء .. وهل الرمال صفراء ؟
وهل العسل حلو .. والعلقَم مُر ؟
هل الماء سائل .. والجليد صلب ؟
وهل الخشب مادة جامدة كما تقول لنا حواسّنا ؟
وهل حجارة الأرض مادة موات، لا حركة فيها ؟
وهل الزجاج شفاف .. والجدران صمّاء ؟
# # # # #
لا ..
ليست هذه هي الحقيقة ..
هذا ما نراه .. وما نحسه بالفعل .. ولكنه ليس كل الحقيقة ..
فالنور الأبيض الذي نراه أبيض .. إذا مررناه خلال منشور زجاجي .. يتحلل إلى سبعة ألوان .. هي ألوان الطيف المعروفة .. الأصفر والبرتقالي والأحمر والأخضر والأزرق والبنفسجي .. إلخ .
فإذا حاولنا أن ندرس ماهية هذه الألوان، لم نجد أنها ألوان .. وإنما وجدناها موجات لا تختلف في شيء إلا في طولها ..
ذبذبات متفاوتة في ترددها .. وهذه كل الحكاية .. ولكن عيننا لا تستطيع أن ترى هذه الأمواج كأمواج .. ولا تستطيع أن تحس بهذه الذبذبات كذبذبات .. وانما كل ما يحدث أن الخلايا العصبية في قاع العين تتأثر بكل نوع من هذه الذبذبات بطريقة مختلفة ..
ومراكز البصر في المخ تترجم هذا التأثر العصبي على شكل ألوان ..
ولكن هذه المؤثرات الضوئية ليست ألوانًا .. وإنما هي محض موجات واهتزازات .. والمخ بلغته الإصطلاحية .. لكي يميزها عن بعضها .. يطلق عليها هذه التعريفات التي هي عبارة عن تصورات .. وهذه هي حكاية الألوان ..
والحقول التي نراها خضراء ليست خضراء .. وإنما كل ما يحدث أن أوراق النباتات تمتص كل أمواج الضوء بكافة أطوالها ما عدا تلك الموجة ذات الطول المعين التي تدخل عيننا وتؤثر في خلاياها فيكون لها هذا التأثير الذي هو في اصطلاح المخ "أخضر" ..
وبالمثل .. أي لون .. ليس له لون .. وإنما هو مؤثِر يفرقه المخ عن غيره بهذه الطريقة الاصطلاحية .. بأن يلونه .. ويتضح هذا الخلط أكثر حينما ننتقل إلى المثل الثاني .. العســل ..
فالعسل في فمنا حلو .. ونحن نتلذذ به ونلحسه لحسًا ونمصمصه بلساننا .. ولكن دودة المش لها رأي مختلف تمامًا في العسل .. بدليل أنها لا تقربه ولا تذوقه بعكس المش الذي تغوص فيه وتلتهمه التهامًا وتبيض وتفقس وتعشش فيه .
الحلاوة إذًا لا يمكن أن تكون صفة مطلقة موضوعية في العسل .. وإنما هي صفة نسبية نِسبةً إلى أعضاء التذوق في لساننا .. إنها ترجمتنا الإصطلاحية الخاصة للمؤثرات التي تُحدِثها ذرات العسل فينا ..
وقد يكون لهذه المؤثرات بالنسبة للأعضاء الحسيّة في حيوان آخر طعمًا مختلفًا هو بالمرارة أشبه ..
♦ فإذا جئنا للسؤال الثالث لنسأل أنفسنا .. هل الماء سائل .. وهل الجليد صلب .. فإن المشكلة تتضح أكثر ..
فالماء والبخار والجليد .. مادة كيميائية واحدة تركيبها الكيميائي ( اتحاد الأيدروجين بالأوكسجين 1:2 ) .. وما بينها من اختلاف ليس اختلافًا في حقيقتها وإنما هو اختلافًا في كيفيتها ..
فحينما نضع الماء على النار فإننا نعطيه حرارة .. أو بمعنى آخر طاقة .. فتزداد حركة جزيئاته وبالتالي تتفرق وتتفركش نتيجة اندفاعها الشديد في كل اتجاه ويكون نتيجة هذه الفركشة عند لحظة معينة أن تتفكك تمامًا وتتحول إلى جزيئات سابحة بعيدة عن بعضها (غاز) .. فإذا فقدت هذه الحرارة الكامنة التي أخذتها عن طريق النار حتى تصل في لحظة إلى درجة من التقارب نترجمها بحواسنا على أنها (صلابة) .
الحالة الغازية والسائلة والصلبة هي ظواهر كيفية لحقيقة واحدة .. هي درجة تقارب الجزيئات من بعضها البعض لمادة واحدة هي الماء ..
وشفافية الماء وعتامة الثلج سببها أن جزيئات الماء متباعدة لدرجة تسمح لنا بالرؤية من خلالها .
ولا يعني هذا أن جزيئات الثلج متلاصقة .. وإنما هي متباعدة هي الأخرى ولكن بدرجة أقل .
وجزيئات كل المواد حتى الحديد مخلخلة ومنفصلة عن بعضها .. بل إن الجزئ نفسه مؤلف من ذرات منفصلة .. والذرّة مؤلفة من بروتونات وإلكترونات هي الأخرى منفصلة ومخلخلة ومتباعدة تباعد الشمس عن كواكبها .
كل المواد الصُلبة عبارة عن خلاء منثورة فيه ذرّات .. ولو أن حِسّنَا البصري مكتمل لأمكننا أن نرى من خلال الجدران لأن نسيجها مخلخل كنسيج الغربال ..
ولو كنا نرى عن طريق أشعة إكس لا عن طريق النور العادي لرأينا بعضنا عبارة عن هياكل عظمية، لأن أشغة اكس تخترق المسافات الجزيئية في اللحم .. وتراه في شفافية الزجاج ..
♦ مرة أخرى ..
رؤيتنا العاجزة هي التي ترى الجدران صماء .. وهي ليست صمّاء .. بل هي مخلخلة أقصى درجات التخلخل .. ولكن وسائلنا المحدودة والأشعة التي نرى عن طريقها .. لا تنفد فيها، وإنما تنعكس على سطوحها وتبدو لنا وكأنها ســدّ يقف في طريق رؤيتنا .
إنها جميعًا أحكام نسبية تلك التي نطلقها على الأشياء .. ( نسبة إلى حواسنا المحدودة ) وليست أحكامًا حقيقية ..
والعالَم الذي نراه ليس هو العالَم الحقيقي .. وإنما هو عالَم اصطلاحي بَحتْ .. نعيش فيه معتقَلين في الرموز التي يختلقها عقلنا .. ليدلنا على الأشياء التي لا يعرف لها ماهية أو كَنَهًا .
والرسّام التجريدي على حق حينما يحاول أن يعبر عما يراه .. على طريقته .. فهو يدرك بالفطرة أن ما يراه بعينه ليس هو كل الحقيقة، وبالتالي فهو ليس ملزِمًا له .. وفي إمكانه أن يتلَمّس الحقيقة .. لا بعينه .. وإنما بعقله .. وربما بعقله الباطن .. أو وجدانه .. أو روحه ..
وهو لا يكون مجنونـــًا .. وقد نكون نحن المجــانين .
ورجل العلم له وسائل أخرى غير رجل الفن ..
الفنان يبحث عن الحقيقة معتمدًا على وسائله .. عن طريق الإلهام .. والروح .. والوجدان .
ورجل العلم يلجأ إلى الحسابات والمعادلات .. والفروض النظرية .. التي يحاول أن يتثبت منها بتجارب عملية .
وأينشتين في مغامرته العقلية لم يكن يختلف كثيرًا عن الرسّام التجريدي في مغامرته الفنية .
ومعظم ما كتبه أينشتين في معادلاته كان في الحقيقة تجريدًا للواقع على شكل أرقام وحدود رياضية .. ومحاولة جادة من رجل العلم في أن يهزم العلاقات المألوفة للأشياء ويزيحها لتبدو من خلفها لمحات من الحقيقة المدهشة التي تتخفى في ثياب العادة والألفة ..
وماذا هناك في الواقع المحسوس المألوف ؟
إننا لا نرى الأشياء مشوهة عن أصلها فقط .. وإنما لا نراها إطلاقًا .. وأحيانًا يكون ما نراه لا وجود له بالمرة ..
فهناك غير ألوان الطيف السبعة .. أمواج أقصر من أن ندركها .. هي فوق البنفسجية .. وأمواج أخرى أطول من أن ندركها .. هي تحت الحمراء .. وتكون النتيجة ألا نراها مع أنها موجودة ويمكن إثباتها باللوح الفوتوغرافي الحساس .. وبالترمومتر ..
وعلى العكس نرى أحيانًا أشياء لا وجود لها ..
فبعض النجوم التي نراها بالتلسكوب في أعماق السماء تبعد عنا بمقدار 500 مليون سنة ضوئية .. أي أن الضوء المنبعث منها يحتاج إلى خمسمائة مليون سنة ليصل إلى عيوننا .. وبالتالي فالضوء الذي نلمحها به هو ضوء خرج منها منذ هذا العدد الهائل من السنين .. فنحن لا نراها في الحقيقة .. وإنما نرى ماضيها السحيق الموغَل في القِدَم ..
أما ماهيتها الآن .. فالله وحده يعلم .. وربما تكون قد انفجرت واختفت .. أو انطفأت .. أو ارتحلت بعيدًا في أطراف ذلك الخلاء الأبدي وخرجت من مجال الرؤية بكل وسائلها .. فحالها الآن لا يمكن أن يصلنا خبره إلا بعد مضي خمسمائة مليون سنة ..
إننا قد نكون محملقين في شيء يلمع دون أن يكون له وجود بالمرة .
إلى هذه الدرجة يبلغ عدم اليقين ..
وإلى هذه الدرجة يمكن أن تضللنا الحواس ..
ما دليلنا في هذا التِيه .. ؟!
وكيف نهتدي إلى الحقيقة في هذه الظلمات المطبقة ؟!
مقال / أينشتين والنظرية النسبية .
من كتاب : اينشتين والنسبيه.
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ هل نحن نرى الدنيا على حقيقتها ؟
هل هذه السماء زرقاء فعلًا . وهل الحقول خضراء . وهل الرمال صفراء ؟
وهل العسل حلو . والعلقَم مُر ؟
هل الماء سائل . والجليد صلب ؟
وهل الخشب مادة جامدة كما تقول لنا حواسّنا ؟
وهل حجارة الأرض مادة موات، لا حركة فيها ولا دبيب ؟
وهل الزجاج شفاف كما يبدو لنا . والجدران صمّاء كما نراها ؟
وهل الخط المستقيم هو أقصر مسافة بين نقطتين كما تقول لنا الهندسة التقليدية التي تعلمناها . وهل مجموع زوايا المثلث تساوي 2 ق ؟
وهل أحداث الكون كلها ممتدة في زمن واحد . بحيث يمكن أن تتواقت بعضها مع بعض في آن واحد في أماكن متفرقة . كما يتواقت خروج الموظفين مثلًا من مختلف الوزارات في ذات الوقت والساعة . فنقارن أحداثًا تجري في الأرض مع أحداث تجري في المريخ . والزهرة وسديم الجبار . ونقول إنها حدثت في وقت واحد . أو أن أحدها كان قبل الآخر .
وهل يمكننا أن نقطع في يقين أن جسمًا ما من الأجسام يتحرك وأن جسمًا آخر لا يتحرك ؟
♦♦ كل هذه الأسئلة التي يُخيّل لك أنك تستطيع الإجابة عنها في بساطة، والتي كان العلماء يظنون أنهم قد انتهوا منها من زمن . قد تحولت الآن إلى ألغاز .
لقد انهار اليقين العلمي القديم .
والمطرقة التي حطمت هذا اليقين، وكشفت لنا عن أنه كان يقينا ساذجا، هي عقل أينشتين الجبار .
ونظريته التي غيرت الصورة الموضوعة للعالم . نظرية النسبية .
*********
والنظرية النسبية قد عاشت سنوات منذ بداية وضعها في سنة 1905 إلى الآن في برج عاجي لا يقربها إلا المختصون .
وكان القارئ العادي يسمع عنها في خوف كما يسمع عن الكِهانات الغامضة والطقوس الماسونية . ولا يجرؤ على الخوض فيها .
ومن المأثور عن الدكتور ˝مشرفة˝ أنه كان يقول دائما إن هذه النظرية ˝ النظرية النسبية ˝ لا يفهمها في العالم كله إلا عشرة .
ولكن النظرية النسبية ترتبت عليها القنبلة الذرية .
إنها لم تعد نظرية . وإنما تحولت إلى تطبيقات خطيرة تمس كيان كل فرد وتؤثر في مصيره .
لقد خرجت من حيز الفروض والمعادلات الرياضية لتتحول إلى واقع رهيب .
وأصبح من حق كل فرد أن يعرف عنها شيئا .
ولقد تعددت المحاولات من العلماء لتبسيطها وتقريبها إلى الفهم . من ادنجتون إلى جيمس جينز . إلى لنكولن بارنت . إلى راسِل .
وكان أينشتين نفسه يحاول أن يبسط ما في نظريته من غموض . وكان يقول إن قَصْر المعلومات على عدد قليل من العلماء بحجة التعمق والتخصص . يؤدي إلى عزلة العِلم . ويؤدي إلى موت روح الشعب الفلسفية وفقره الروحي، وكان يكره الكهانة العلمية والتلَفُح بالغموض، والادعاء . والتعاظم .
وكان يقول إن الحقيقة بسيطة .
وفي آخر محاولاته التي أتمها في عام 1949 كان يبحث عن قانون واحد يفسر به كل علاقات الكون .
ونظرية النسبية ليست كلها معادلات . وإنما لها جوانب فلسفية .
وحتى المعادلات الرياضية . يقول أينشتين أنها انبعثت في ذهنه نتيجة شطحاته التي حاول فيها أن يتصور الكون على صورة جديدة .
وأمام هذه الشطحات الفلسفية سوف نقف قليلًا . تاركين المعادلات الرياضية لأربابها من القادرين عليها، محاولين أن نشرح بعض ما أراد ذلك العالِم العظيم أن يقوله، على قدر الإمكان، إمكان فهمنا .
وسوف نبدأ من البداية . من قبل أينشتين . من السؤال الذي بدأنا به المقال :
هل نحن نرى الدنيا على حقيقتها ؟
هل هذه السماء زرقاء فعلًا . وهل الحقول خضراء . وهل الرمال صفراء ؟
وهل العسل حلو . والعلقَم مُر ؟
هل الماء سائل . والجليد صلب ؟
وهل الخشب مادة جامدة كما تقول لنا حواسّنا ؟
وهل حجارة الأرض مادة موات، لا حركة فيها ؟
وهل الزجاج شفاف . والجدران صمّاء ؟
# # # # #
لا .
ليست هذه هي الحقيقة .
هذا ما نراه . وما نحسه بالفعل . ولكنه ليس كل الحقيقة .
فالنور الأبيض الذي نراه أبيض . إذا مررناه خلال منشور زجاجي . يتحلل إلى سبعة ألوان . هي ألوان الطيف المعروفة . الأصفر والبرتقالي والأحمر والأخضر والأزرق والبنفسجي . إلخ .
فإذا حاولنا أن ندرس ماهية هذه الألوان، لم نجد أنها ألوان . وإنما وجدناها موجات لا تختلف في شيء إلا في طولها .
ذبذبات متفاوتة في ترددها . وهذه كل الحكاية . ولكن عيننا لا تستطيع أن ترى هذه الأمواج كأمواج . ولا تستطيع أن تحس بهذه الذبذبات كذبذبات . وانما كل ما يحدث أن الخلايا العصبية في قاع العين تتأثر بكل نوع من هذه الذبذبات بطريقة مختلفة .
ومراكز البصر في المخ تترجم هذا التأثر العصبي على شكل ألوان .
ولكن هذه المؤثرات الضوئية ليست ألوانًا . وإنما هي محض موجات واهتزازات . والمخ بلغته الإصطلاحية . لكي يميزها عن بعضها . يطلق عليها هذه التعريفات التي هي عبارة عن تصورات . وهذه هي حكاية الألوان .
والحقول التي نراها خضراء ليست خضراء . وإنما كل ما يحدث أن أوراق النباتات تمتص كل أمواج الضوء بكافة أطوالها ما عدا تلك الموجة ذات الطول المعين التي تدخل عيننا وتؤثر في خلاياها فيكون لها هذا التأثير الذي هو في اصطلاح المخ ˝أخضر˝ .
وبالمثل . أي لون . ليس له لون . وإنما هو مؤثِر يفرقه المخ عن غيره بهذه الطريقة الاصطلاحية . بأن يلونه . ويتضح هذا الخلط أكثر حينما ننتقل إلى المثل الثاني . العســل .
فالعسل في فمنا حلو . ونحن نتلذذ به ونلحسه لحسًا ونمصمصه بلساننا . ولكن دودة المش لها رأي مختلف تمامًا في العسل . بدليل أنها لا تقربه ولا تذوقه بعكس المش الذي تغوص فيه وتلتهمه التهامًا وتبيض وتفقس وتعشش فيه .
الحلاوة إذًا لا يمكن أن تكون صفة مطلقة موضوعية في العسل . وإنما هي صفة نسبية نِسبةً إلى أعضاء التذوق في لساننا . إنها ترجمتنا الإصطلاحية الخاصة للمؤثرات التي تُحدِثها ذرات العسل فينا .
وقد يكون لهذه المؤثرات بالنسبة للأعضاء الحسيّة في حيوان آخر طعمًا مختلفًا هو بالمرارة أشبه .
♦ فإذا جئنا للسؤال الثالث لنسأل أنفسنا . هل الماء سائل . وهل الجليد صلب . فإن المشكلة تتضح أكثر .
فالماء والبخار والجليد . مادة كيميائية واحدة تركيبها الكيميائي ( اتحاد الأيدروجين بالأوكسجين 1:2 ) . وما بينها من اختلاف ليس اختلافًا في حقيقتها وإنما هو اختلافًا في كيفيتها .
فحينما نضع الماء على النار فإننا نعطيه حرارة . أو بمعنى آخر طاقة . فتزداد حركة جزيئاته وبالتالي تتفرق وتتفركش نتيجة اندفاعها الشديد في كل اتجاه ويكون نتيجة هذه الفركشة عند لحظة معينة أن تتفكك تمامًا وتتحول إلى جزيئات سابحة بعيدة عن بعضها (غاز) . فإذا فقدت هذه الحرارة الكامنة التي أخذتها عن طريق النار حتى تصل في لحظة إلى درجة من التقارب نترجمها بحواسنا على أنها (صلابة) .
الحالة الغازية والسائلة والصلبة هي ظواهر كيفية لحقيقة واحدة . هي درجة تقارب الجزيئات من بعضها البعض لمادة واحدة هي الماء .
وشفافية الماء وعتامة الثلج سببها أن جزيئات الماء متباعدة لدرجة تسمح لنا بالرؤية من خلالها .
ولا يعني هذا أن جزيئات الثلج متلاصقة . وإنما هي متباعدة هي الأخرى ولكن بدرجة أقل .
وجزيئات كل المواد حتى الحديد مخلخلة ومنفصلة عن بعضها . بل إن الجزئ نفسه مؤلف من ذرات منفصلة . والذرّة مؤلفة من بروتونات وإلكترونات هي الأخرى منفصلة ومخلخلة ومتباعدة تباعد الشمس عن كواكبها .
كل المواد الصُلبة عبارة عن خلاء منثورة فيه ذرّات . ولو أن حِسّنَا البصري مكتمل لأمكننا أن نرى من خلال الجدران لأن نسيجها مخلخل كنسيج الغربال .
ولو كنا نرى عن طريق أشعة إكس لا عن طريق النور العادي لرأينا بعضنا عبارة عن هياكل عظمية، لأن أشغة اكس تخترق المسافات الجزيئية في اللحم . وتراه في شفافية الزجاج .
♦ مرة أخرى .
رؤيتنا العاجزة هي التي ترى الجدران صماء . وهي ليست صمّاء . بل هي مخلخلة أقصى درجات التخلخل . ولكن وسائلنا المحدودة والأشعة التي نرى عن طريقها . لا تنفد فيها، وإنما تنعكس على سطوحها وتبدو لنا وكأنها ســدّ يقف في طريق رؤيتنا .
إنها جميعًا أحكام نسبية تلك التي نطلقها على الأشياء . ( نسبة إلى حواسنا المحدودة ) وليست أحكامًا حقيقية .
والعالَم الذي نراه ليس هو العالَم الحقيقي . وإنما هو عالَم اصطلاحي بَحتْ . نعيش فيه معتقَلين في الرموز التي يختلقها عقلنا . ليدلنا على الأشياء التي لا يعرف لها ماهية أو كَنَهًا .
والرسّام التجريدي على حق حينما يحاول أن يعبر عما يراه . على طريقته . فهو يدرك بالفطرة أن ما يراه بعينه ليس هو كل الحقيقة، وبالتالي فهو ليس ملزِمًا له . وفي إمكانه أن يتلَمّس الحقيقة . لا بعينه . وإنما بعقله . وربما بعقله الباطن . أو وجدانه . أو روحه .
وهو لا يكون مجنونـــًا . وقد نكون نحن المجــانين .
ورجل العلم له وسائل أخرى غير رجل الفن .
الفنان يبحث عن الحقيقة معتمدًا على وسائله . عن طريق الإلهام . والروح . والوجدان .
ورجل العلم يلجأ إلى الحسابات والمعادلات . والفروض النظرية . التي يحاول أن يتثبت منها بتجارب عملية .
وأينشتين في مغامرته العقلية لم يكن يختلف كثيرًا عن الرسّام التجريدي في مغامرته الفنية .
ومعظم ما كتبه أينشتين في معادلاته كان في الحقيقة تجريدًا للواقع على شكل أرقام وحدود رياضية . ومحاولة جادة من رجل العلم في أن يهزم العلاقات المألوفة للأشياء ويزيحها لتبدو من خلفها لمحات من الحقيقة المدهشة التي تتخفى في ثياب العادة والألفة .
وماذا هناك في الواقع المحسوس المألوف ؟
إننا لا نرى الأشياء مشوهة عن أصلها فقط . وإنما لا نراها إطلاقًا . وأحيانًا يكون ما نراه لا وجود له بالمرة .
فهناك غير ألوان الطيف السبعة . أمواج أقصر من أن ندركها . هي فوق البنفسجية . وأمواج أخرى أطول من أن ندركها . هي تحت الحمراء . وتكون النتيجة ألا نراها مع أنها موجودة ويمكن إثباتها باللوح الفوتوغرافي الحساس . وبالترمومتر .
وعلى العكس نرى أحيانًا أشياء لا وجود لها .
فبعض النجوم التي نراها بالتلسكوب في أعماق السماء تبعد عنا بمقدار 500 مليون سنة ضوئية . أي أن الضوء المنبعث منها يحتاج إلى خمسمائة مليون سنة ليصل إلى عيوننا . وبالتالي فالضوء الذي نلمحها به هو ضوء خرج منها منذ هذا العدد الهائل من السنين . فنحن لا نراها في الحقيقة . وإنما نرى ماضيها السحيق الموغَل في القِدَم .
أما ماهيتها الآن . فالله وحده يعلم . وربما تكون قد انفجرت واختفت . أو انطفأت . أو ارتحلت بعيدًا في أطراف ذلك الخلاء الأبدي وخرجت من مجال الرؤية بكل وسائلها . فحالها الآن لا يمكن أن يصلنا خبره إلا بعد مضي خمسمائة مليون سنة .
إننا قد نكون محملقين في شيء يلمع دون أن يكون له وجود بالمرة .
إلى هذه الدرجة يبلغ عدم اليقين .
وإلى هذه الدرجة يمكن أن تضللنا الحواس .
ما دليلنا في هذا التِيه . ؟!
وكيف نهتدي إلى الحقيقة في هذه الظلمات المطبقة ؟!
مقال / أينشتين والنظرية النسبية .
من كتاب : اينشتين والنسبيه.
❞ فوق سفح جبل شاهق و في أعالي منطقة هادئة تم بناء هذه التحفة المعمارية التي تعانق السماء بيدها و التي تطل فوق منحدر على المدينة السحلية للبحر الأبيض المتوسط المعروفة قديما بسانت أوجان نسبة إلى القديس أوجان... أما اليوم فالمدينة تلقب باسم بولوغين التي بنيت إبان حكم البايات العثمانيين لموقعها الإستراتيجي المتخصص بحماية القصبة من الغزاة للمرة الأولى يخيل لك أنك ترى قلعة ما أثرية تعود إلى الزمن الغابر زمن اللوردات و الفرسان و الدوقات و لكنها لم تكن سوى كاتدرائية السيدة الإفريقية أصالة عريقة تحكي عن تاريخ هذه الأرض التي تأبى أن تندثر بالرغم من الحملات الاستعمارية التي دفقت عليها كمياه الشلالات.. ❝ ⏤هاجر غنيات
❞ فوق سفح جبل شاهق و في أعالي منطقة هادئة تم بناء هذه التحفة المعمارية التي تعانق السماء بيدها و التي تطل فوق منحدر على المدينة السحلية للبحر الأبيض المتوسط المعروفة قديما بسانت أوجان نسبة إلى القديس أوجان.. أما اليوم فالمدينة تلقب باسم بولوغين التي بنيت إبان حكم البايات العثمانيين لموقعها الإستراتيجي المتخصص بحماية القصبة من الغزاة للمرة الأولى يخيل لك أنك ترى قلعة ما أثرية تعود إلى الزمن الغابر زمن اللوردات و الفرسان و الدوقات و لكنها لم تكن سوى كاتدرائية السيدة الإفريقية أصالة عريقة تحكي عن تاريخ هذه الأرض التي تأبى أن تندثر بالرغم من الحملات الاستعمارية التي دفقت عليها كمياه الشلالات. ❝
❞ دكتور أحمد أبو تليح
بسم الله الرحمن الرحيم
عفاريـــت سليمـــــان
رواية للأديب والروائى اليمني
الأستاذ الصحفي والإعلامي / عبد الحافظ الصمدي
وهو من مواليد عام 1982 بمدينة تعز باليمن الشقيق
صدرت الرواية عن دار ديوان العرب للنشر والتوزيع
في جمهورية مصر العربية بتاريخ 2022 ميلادية
حجم الكتاب : من القطع المتوسط عدد صفحاته 109 صفحة
وتعد رواية ( عفاريت سليمان ) إحدي سلسلة من الروايات صدرت للكاتب مثل رواية (سائحة تحت الحرب ) و رواية ( راقصة في المعبد )
ورواية ( الحب في أرض ملغومة )
كما صدرت له رواية ( مجنون المدينة )
ولقد حصد الكاتب لقب أفضل كاتب في المسابقة التي نظمتها دار ديوان العرب للنشر والتوزيع لعام 2023م
الغـــــلاف :
جاء الغلاف من تصميم الفنانة ( نورا حسين )
متدرجا من اللون البينك الي الازرق مما يحمل اللونين القدرة علي المقاومة والصفاء والانتماء الي الارض وحب الطبيعة ومقاومة الشر
وهذا يخدم الرواية من الناحية النفسية لما فيها من مقاومة للشر ونشر الحب والسلام والارتباط بالبيئة كما سيتضح لاحقا
جاء التصميم للغلاف مركب حيث ترى ثلاثة أشخاص يظهرون كظل ينظر الي مدينة من الطراز اليمني بينما ينظر من خلف المدينة ما يشبه وجه وحش تبرق عينيه فتضىء الليل البهيم فتبدد الأمن والأمان اللذان كانا يكتنفان المدينة الراقدة بسلام محتضنة أبناءها
ظهر الغلاف :-
جاء الظهر بلون البينك الفاتح وعليه صورة للكاتب ومقتبس من الرواية حيث يصف في المقتبس كيف تحول الحروب المدن العامرة الي خرائب ودمار وقتل وتشريد وضياع للأمال والاحلام وتشتيت للأسر وجروح لم تندمل .
الصنف الأدبي للرواية :-
تعتبر رواية ( عفاريت سليمان ) من الأدب الواقعي
والذي يجيده الكاتب ويبدع فيه حيث يقدم لنا واقع اليمن المرير تحت وطأة الحرب الاهلية التي دمرت كل شىء
وتظهر براعة الكاتب في إظهار جغرافية وتاريخ المنطقة التي وقعت فيها الاحداث مع ذكر المدن والقرى ووصف دقيق للبيئة من حوله وطقوس وعادات وسلوكيات إجتماعية فقدم لنا وجبة دسمة وكانك تعيش فيها مع الابطال كل تفاصيل الحياة من واقع مرير حول الاحلام الي آلام .
الحبكة الدرامية وتصاعد الأحداث :-
من الواضح تمكن الكاتب من أدواته بحرفية منقطعة النظير
فأستخدم السرد ليتمكن من توضيح وتفسير الأحداث كما أعتمد علي تقليل الحوار قدر الامكان إلا في الضرورة القسوى حينما يدخل الاشخاص لتوضيح وجهات نظرهم وما يجول بهم من خواطر
ودمج الكاتب بين خط الدراما التصاعدي وبين وضعية الفلاش باك
حيث بدات الاحداث تتصاعد تدريجيا وفي منتصف الطريق يرجع الي ما قبل الاحداث لتوضيح الاوضاع قبل الحروب والدمار .
وتلك عبقرية من الكاتب وتمكن من الادوات وحرفية منقطعة النظير
اللغـــــــــة :-
أعتمد الكاتب علي لغة عربية فصحي رصينة مملوءة بجماليات التعبير من تشبيه وأستعارة و تورية وكناية ولما لا وهو الصحفي الدارس في كلية الصحافة والاعلام .
العنوان :-
برع الكاتب في تسمية الرواية بإسم ( عفاريت سليمان )
ليجعلك تبحث من خلال مجريات الاحداث من هم العفاريت ومن هو سليمان وما دورهم في الرواية وتدور رأسك هل هو سيدنا سليمان هل هم جن سيدنا سليمان ولم يعطيك الكاتب الاجابة بسهولة الا في الثلث الاخير من الرواية وهذه خبرة ودراية من الكاتب يجعلك تتبع الاحداث بشغف وفضول لمعرفة الاحداث .
الأحــــداث :
يخطفك الصمدي من أول سطر بقوة الوصف وجياشة العواطف ليلقي بك في خضم حرب وتفجيرات ومطاردات ومعتقلات وقتل وتدمير . يجعلك تلهث خلف الاحداث وكأنك احد الابطال القابعين في حضن الجبل لمقاومة الاشرار ويعرج بك كيف كانت اليمن مهد الحضارة منذ الازل وكيف مرت بتنمية للفنون والسينما والاداب والمسرح حتي جاءت الحرب وقلبت كل شىء رأسا علي عقب
الشخصيات ( الأبطال )
تنوعت الشخصيات من بين شباب ورجال واطفال وسيدات وفتيات
وأتحدوا فيما بينهم لتكوين جبهة ( عفاريت سليمان ) لمقاومة الجماعات المارقة المتخذة الدين ذريعة لفرض قوتها متمثلة في جماعة الشيخ ذى الاكتاف المتحذلق .
بينما رجل الاعمال المهيوب الذي كون جماعة سرية للمقاومة سرعان ما
أنضم اليهم سليمان وعفاريته لينتصر للحق ويضرب علي كفة الظلم الذي سرعان ما فر هاربا خارج البلاد بعد سقوط عصابته في أيدي الامن وتسليم سلاح عفاريت سليمان للحكومة كي تستقر المدن في امان وتحت قوة الدولة .
كما يتبين لنا أن الكاتب أستوحي شخصيات روايته من الواقع مع تغيير بالأسماء ولا ضير في-ذلك حيث ينبغي أن يوحي الواقع بالشخصية لا أن يمليها كما تقول \"شارلوت برنتي\"
إنطباع :-
صدر لنا الرائع الروائي / عبد الحافظ الصمدي وجهة نظرة بقوة لحب الاوطان والكفاح من أجل السلام كما صدر لنا حبه للقاهرة وأهلها بدليل ذكره لمدينة القاهرة أكثر من ثلاث مرات في متن الرواية
كما ذكر الجزائر كجزء من الوطن العربي ورمزية الكفاح المسلح ضد الاحتلال .
مآخذ علي الكاتب :
رغم حبي الشديد لأسلوبه وقوة لغته و أدائه المتمرس
إلا أنه وقع في بعض الاخطاء
اولها ذكره لبعض القرى الغير موجودة حقيقتا أو تم تغيير اسمها وبمناقشتي اياه أخبرنبي أن تلك القرى تم محوها او هجرها بسبب الحروب ولم تعد موجودة او تم دمجها في مناطق أخرى وكان الاجدر من باب الواقعية الاكتفاء بالمدن والقرى المسجلة ومعروفة
ثانيهما
ذكره لبعض الكلمات التي لا تمت للفصحي بصلة وكان الاجدر أن يبحث ويجد البديل لتكون الرواية بلا رتق او عيب ومن أمثال تلك الكلمات
1. هه هه والافضل ان نقول قهقهه ضاحكا
2. واااو ولو أستعملنا كلمة يالها من عجيبة كان افضل
3. بردقان وبقصد هنا البرتقال وهي كلمة يمنية عامية
4. فلاشة ويقصد فلاش ميمورى وهو قرص صلب لنقل البيانات في الاجهزة الحاسوبية وتم الاتفاق اصطلاحا ان تكتب ( سواقة الذاكرة الوميضية ) او ( ذاكرة وميضة )
5. وإن كان كل ذلك لا يؤثر بالسلب علي النسق الدرامي والبناء في الرواية ولا يعكر صفو القارىء وان الكمال لله وحده .
. وحسب رد و توضيح الكاتب علي تلك الملحوظات شرح لنا موضحا لنا وجهة نظره حيث ذكر
. ان البردقان هو مسحوق الشمة وليس البرتقال المتعارف عليه
وهي كلمة فصحي لا غبار عليها
اما بالنسبة لأسماء القرى فهي أسماء مناطق موجودة بالفعل ولها دلالة تاريخية لكن ذكر أسماء البلدات التي تضم هذه المناطق سيظهر علي تحيز من الكاتب لطرف معين فمثلا الجماعة التي تسيطر علي بلدة ما سترى انها المقصودة في جماعة ذى الأكتاف وهنا خرجت الرواية من الدلالة التاريخية الي مشكلة امنية لا جدوي منها
أسماء مناطق غير مشهورة لها دلالة تاريخية أغفلها بقية الكتاب أو لم يعرفوا عنها، يجب علي أنا ككاتب مهتم أن عمل على إبرازها، فما الداعي من ذكر مناطق حضرية معروفة وهناك مناطق غير معروفة لها دلالة تاريخية عند أهالي الريف البسيط الذين أحرموا من التغطية الاعلامية لمناطقهم كما أحرموا من الخدمات .
إقتباسـات :-
1-
(يزداد جنونها وهي تشعر بحرارة البوح تلفح أذنها حين همس لها سليمان وهي تحتضنه : تكاد الانوثة تفيض حنانا حين تقفين أنت علي ساقين باسقات كالنخيل إنها اللحظة التي تختطف مني التوازن ،معها تبخرت كل الامنيات لتبقين أنت أمنيتي الصامدة وأنا أتوق لأن أحظي معك بلحظات مسروقة ، نحتسي فيها قبلات علي عجل )
2-
( تصرخ نعيمة وهي ترفع تنورتها وترميها للأسفل للسيطرة علي الحريق الذي تتوقعه بتنورتها وما ان بدي لها أن لا نار تشتعل بثيابها هرعت نحو الكهف لكنها ما إن وصلت الي بوابة الكهف حتي كان المسلح خلفها يصرخ فيها \" قلت لك أين سليمان ؟
في النهاية لا يسعنا الا ان نرفع القبعة للروائى المتمكن لما قدمه لنا من وجبة دسمة في روايته عفاريت سليمان سنحت لنا الفرصة من خلالها ان نتعرف علي الاحداث من قرب ونتعرف علي دفوع كل فريق من المتناحرين وكيف كانت اليمن وكيف أصبحت أنها رسالة سلام يكسوها شغف وحب يقدمها الكاتب لقراءه بكل حرفية
كتبه / أحمد أبوتليح. ❝ ⏤صفاء فوزي
❞ دكتور أحمد أبو تليح
بسم الله الرحمن الرحيم
عفاريـــت سليمـــــان
رواية للأديب والروائى اليمني
الأستاذ الصحفي والإعلامي / عبد الحافظ الصمدي
وهو من مواليد عام 1982 بمدينة تعز باليمن الشقيق
صدرت الرواية عن دار ديوان العرب للنشر والتوزيع
في جمهورية مصر العربية بتاريخ 2022 ميلادية
حجم الكتاب : من القطع المتوسط عدد صفحاته 109 صفحة
وتعد رواية ( عفاريت سليمان ) إحدي سلسلة من الروايات صدرت للكاتب مثل رواية (سائحة تحت الحرب ) و رواية ( راقصة في المعبد )
ورواية ( الحب في أرض ملغومة )
كما صدرت له رواية ( مجنون المدينة )
ولقد حصد الكاتب لقب أفضل كاتب في المسابقة التي نظمتها دار ديوان العرب للنشر والتوزيع لعام 2023م
الغـــــلاف :
جاء الغلاف من تصميم الفنانة ( نورا حسين )
متدرجا من اللون البينك الي الازرق مما يحمل اللونين القدرة علي المقاومة والصفاء والانتماء الي الارض وحب الطبيعة ومقاومة الشر
وهذا يخدم الرواية من الناحية النفسية لما فيها من مقاومة للشر ونشر الحب والسلام والارتباط بالبيئة كما سيتضح لاحقا
جاء التصميم للغلاف مركب حيث ترى ثلاثة أشخاص يظهرون كظل ينظر الي مدينة من الطراز اليمني بينما ينظر من خلف المدينة ما يشبه وجه وحش تبرق عينيه فتضىء الليل البهيم فتبدد الأمن والأمان اللذان كانا يكتنفان المدينة الراقدة بسلام محتضنة أبناءها
ظهر الغلاف :-
جاء الظهر بلون البينك الفاتح وعليه صورة للكاتب ومقتبس من الرواية حيث يصف في المقتبس كيف تحول الحروب المدن العامرة الي خرائب ودمار وقتل وتشريد وضياع للأمال والاحلام وتشتيت للأسر وجروح لم تندمل .
الصنف الأدبي للرواية :-
تعتبر رواية ( عفاريت سليمان ) من الأدب الواقعي
والذي يجيده الكاتب ويبدع فيه حيث يقدم لنا واقع اليمن المرير تحت وطأة الحرب الاهلية التي دمرت كل شىء
وتظهر براعة الكاتب في إظهار جغرافية وتاريخ المنطقة التي وقعت فيها الاحداث مع ذكر المدن والقرى ووصف دقيق للبيئة من حوله وطقوس وعادات وسلوكيات إجتماعية فقدم لنا وجبة دسمة وكانك تعيش فيها مع الابطال كل تفاصيل الحياة من واقع مرير حول الاحلام الي آلام .
الحبكة الدرامية وتصاعد الأحداث :-
من الواضح تمكن الكاتب من أدواته بحرفية منقطعة النظير
فأستخدم السرد ليتمكن من توضيح وتفسير الأحداث كما أعتمد علي تقليل الحوار قدر الامكان إلا في الضرورة القسوى حينما يدخل الاشخاص لتوضيح وجهات نظرهم وما يجول بهم من خواطر
ودمج الكاتب بين خط الدراما التصاعدي وبين وضعية الفلاش باك
حيث بدات الاحداث تتصاعد تدريجيا وفي منتصف الطريق يرجع الي ما قبل الاحداث لتوضيح الاوضاع قبل الحروب والدمار .
وتلك عبقرية من الكاتب وتمكن من الادوات وحرفية منقطعة النظير
اللغـــــــــة :-
أعتمد الكاتب علي لغة عربية فصحي رصينة مملوءة بجماليات التعبير من تشبيه وأستعارة و تورية وكناية ولما لا وهو الصحفي الدارس في كلية الصحافة والاعلام .
العنوان :-
برع الكاتب في تسمية الرواية بإسم ( عفاريت سليمان )
ليجعلك تبحث من خلال مجريات الاحداث من هم العفاريت ومن هو سليمان وما دورهم في الرواية وتدور رأسك هل هو سيدنا سليمان هل هم جن سيدنا سليمان ولم يعطيك الكاتب الاجابة بسهولة الا في الثلث الاخير من الرواية وهذه خبرة ودراية من الكاتب يجعلك تتبع الاحداث بشغف وفضول لمعرفة الاحداث .
الأحــــداث :
يخطفك الصمدي من أول سطر بقوة الوصف وجياشة العواطف ليلقي بك في خضم حرب وتفجيرات ومطاردات ومعتقلات وقتل وتدمير . يجعلك تلهث خلف الاحداث وكأنك احد الابطال القابعين في حضن الجبل لمقاومة الاشرار ويعرج بك كيف كانت اليمن مهد الحضارة منذ الازل وكيف مرت بتنمية للفنون والسينما والاداب والمسرح حتي جاءت الحرب وقلبت كل شىء رأسا علي عقب
الشخصيات ( الأبطال )
تنوعت الشخصيات من بين شباب ورجال واطفال وسيدات وفتيات
وأتحدوا فيما بينهم لتكوين جبهة ( عفاريت سليمان ) لمقاومة الجماعات المارقة المتخذة الدين ذريعة لفرض قوتها متمثلة في جماعة الشيخ ذى الاكتاف المتحذلق .
بينما رجل الاعمال المهيوب الذي كون جماعة سرية للمقاومة سرعان ما
أنضم اليهم سليمان وعفاريته لينتصر للحق ويضرب علي كفة الظلم الذي سرعان ما فر هاربا خارج البلاد بعد سقوط عصابته في أيدي الامن وتسليم سلاح عفاريت سليمان للحكومة كي تستقر المدن في امان وتحت قوة الدولة .
كما يتبين لنا أن الكاتب أستوحي شخصيات روايته من الواقع مع تغيير بالأسماء ولا ضير في-ذلك حيث ينبغي أن يوحي الواقع بالشخصية لا أن يمليها كما تقول ˝شارلوت برنتي˝
إنطباع :-
صدر لنا الرائع الروائي / عبد الحافظ الصمدي وجهة نظرة بقوة لحب الاوطان والكفاح من أجل السلام كما صدر لنا حبه للقاهرة وأهلها بدليل ذكره لمدينة القاهرة أكثر من ثلاث مرات في متن الرواية
كما ذكر الجزائر كجزء من الوطن العربي ورمزية الكفاح المسلح ضد الاحتلال .
مآخذ علي الكاتب :
رغم حبي الشديد لأسلوبه وقوة لغته و أدائه المتمرس
إلا أنه وقع في بعض الاخطاء
اولها ذكره لبعض القرى الغير موجودة حقيقتا أو تم تغيير اسمها وبمناقشتي اياه أخبرنبي أن تلك القرى تم محوها او هجرها بسبب الحروب ولم تعد موجودة او تم دمجها في مناطق أخرى وكان الاجدر من باب الواقعية الاكتفاء بالمدن والقرى المسجلة ومعروفة
ثانيهما
ذكره لبعض الكلمات التي لا تمت للفصحي بصلة وكان الاجدر أن يبحث ويجد البديل لتكون الرواية بلا رتق او عيب ومن أمثال تلك الكلمات
1. هه هه والافضل ان نقول قهقهه ضاحكا
2. واااو ولو أستعملنا كلمة يالها من عجيبة كان افضل
3. بردقان وبقصد هنا البرتقال وهي كلمة يمنية عامية
4. فلاشة ويقصد فلاش ميمورى وهو قرص صلب لنقل البيانات في الاجهزة الحاسوبية وتم الاتفاق اصطلاحا ان تكتب ( سواقة الذاكرة الوميضية ) او ( ذاكرة وميضة )
5. وإن كان كل ذلك لا يؤثر بالسلب علي النسق الدرامي والبناء في الرواية ولا يعكر صفو القارىء وان الكمال لله وحده .
. وحسب رد و توضيح الكاتب علي تلك الملحوظات شرح لنا موضحا لنا وجهة نظره حيث ذكر
. ان البردقان هو مسحوق الشمة وليس البرتقال المتعارف عليه
وهي كلمة فصحي لا غبار عليها
اما بالنسبة لأسماء القرى فهي أسماء مناطق موجودة بالفعل ولها دلالة تاريخية لكن ذكر أسماء البلدات التي تضم هذه المناطق سيظهر علي تحيز من الكاتب لطرف معين فمثلا الجماعة التي تسيطر علي بلدة ما سترى انها المقصودة في جماعة ذى الأكتاف وهنا خرجت الرواية من الدلالة التاريخية الي مشكلة امنية لا جدوي منها
أسماء مناطق غير مشهورة لها دلالة تاريخية أغفلها بقية الكتاب أو لم يعرفوا عنها، يجب علي أنا ككاتب مهتم أن عمل على إبرازها، فما الداعي من ذكر مناطق حضرية معروفة وهناك مناطق غير معروفة لها دلالة تاريخية عند أهالي الريف البسيط الذين أحرموا من التغطية الاعلامية لمناطقهم كما أحرموا من الخدمات .
إقتباسـات :-
1-
(يزداد جنونها وهي تشعر بحرارة البوح تلفح أذنها حين همس لها سليمان وهي تحتضنه : تكاد الانوثة تفيض حنانا حين تقفين أنت علي ساقين باسقات كالنخيل إنها اللحظة التي تختطف مني التوازن ،معها تبخرت كل الامنيات لتبقين أنت أمنيتي الصامدة وأنا أتوق لأن أحظي معك بلحظات مسروقة ، نحتسي فيها قبلات علي عجل )
2-
( تصرخ نعيمة وهي ترفع تنورتها وترميها للأسفل للسيطرة علي الحريق الذي تتوقعه بتنورتها وما ان بدي لها أن لا نار تشتعل بثيابها هرعت نحو الكهف لكنها ما إن وصلت الي بوابة الكهف حتي كان المسلح خلفها يصرخ فيها ˝ قلت لك أين سليمان ؟
في النهاية لا يسعنا الا ان نرفع القبعة للروائى المتمكن لما قدمه لنا من وجبة دسمة في روايته عفاريت سليمان سنحت لنا الفرصة من خلالها ان نتعرف علي الاحداث من قرب ونتعرف علي دفوع كل فريق من المتناحرين وكيف كانت اليمن وكيف أصبحت أنها رسالة سلام يكسوها شغف وحب يقدمها الكاتب لقراءه بكل حرفية