❞ ملخص كتاب ❞ملخص كتاب ميليشيا الإلحاد (الالحاد الجديد)❝ ، بقلم عبد الله صالح العجيري “مدخل لفهم الإلحاد الجديد”
أعترف أنني ظللت مدة من الزمن مُتحرجاً من فتح هذا الملف بشكل علني عام خشيةً من تفتيح أعين غُفلٍ عن جوانب أرى من الخير للإنسان أن يكون غافلاً عنها، مع قناعة بأن موجة الإلحاد التي كانت تضرب المجتمعات الغربية ستتمدد لتقرع أبوابنا لكني ما كنت أظن أن الأمر سيكون بهذه السرعة.
وحين بدأ الكلام يتخذ طابعاً علنياً في مشهدنا المحلي بعد بعض الحوادث الشهيرة المتصلة بهذا الموضوع، شرفني الشيخ سعد الغنام باستضافةٍ في ديوانيته الفكرية لتقديم رؤية حول الإلحاد الجديد، تلاه لقاءات ومحاضرات متعلقة بهذا الموضوع أهمها ندوة مطولة في ملتقى (تهافت الفكر الإلحادي)، والذي كان له أصداء طيبة، وقد اطلع الأحباب على شيء من هذه المواد السمعية والمرئية فشجعني على تسجيلها في كتاب، فكانت هذه الورقة، التي قصدت منها أن تكون مدخلاً موجزاً للتعريف بالظاهرة الإلحادية الجديدة، واطلاع المتلقي على أهم السمات والخصائص لها، وليس من قصدها أبداً معالجة كافة جوانب الظاهرة الإلحادية، ولا مناقشة الشبهات والإشكالات التي تطرحها، هذه الورقة إذن محاولة يسيرة لتعريف الدعاة والمشايخ وطلبة العلم والمربين والمفكرين بأهم التطورات التي لحقت بالخطاب الإلحادي، والذي جعلنا أمام خطاب إلحادي تم وصفه في الأدبيات الفكرية والعقدية الغربية بالإلحاد الجديد.
(الإلحاد الجديد، التطورات والسمات والخصائص): أول من سك هذا الاسم، ووضع هذا المصطلح (الإلحاد الجديد)، هو (جيري وولف) في مقالة نشرها سنة 2006م في مجلة “وايرد” البريطانية بعنوان: “كنيسة غير المؤمنين” والعنوان الفرعي لها: “فرقة من الأشقاء فكرياً يُقيمون حملة ضد الإيمان بالله، هل نجحوا في كسب المتحولين؟ أم اقتصروا على التبشير بين جمهورهم؟”.
وقبل الخوض في ذكر سمات الإلحاد الجديد، أُقدم بالتنبيه إلى قضية تتعلق بمفهوم الإلحاد ذاته ليعرف القارئ بدقة المفهوم الذي تدور عليه هذه الورقة، فالإلحاد في أصل وضعه اللغوي دالٌ على معنى الميل والانحراف، ومن هُنا جُعلت هذه اللفظة توصيفاً للانحرافات العقدية العميقة والكبيرة خصوصاً في الكتابة العقدية التراثية؛ كاعتقاد الحلول والاتحاد، أو التعطيل المغالي لأسماء الله وصفاته، أو إنكار مبدأ النبوة…
ولذا فقد تنبه بعض الباحثين إلى أحد الفوارق بين نمط الإلحاد في الفضاء الغربي وحالته في الفضاء العربي الإسلامي وذلك في سياقات تاريخية متقدمة، فالمتهمون بالإلحاد في سياق التاريخ الغربي هم من المنكرين فعلاً لوجود الخالق جل وعلا، أما في السياق العربي الإسلامي فكثير ممن اُتهم بهذا الوصف ليس منكراً في الحقيقة لوجود الخالق تعالى، وإنما كثيرٌ منهم من أصحاب المنكرات العقدية الكبيرة كإنكار النبوة أو القول بالاتحاد أو غير ذلك، يقول عبد الرحمن بدوي مُنبهاً إلى طبيعة الإلحاد في الفضائين الغربي والعربي: (إذا كان الإلحاد الغربي بنزعته الديناميكية هو ذلك الذي عبر عنه نيتشه حين قال: (لقد مات الله)، وإذا كان الإلحاد اليوناني هو الذي يقول: (إن الآلهة المُقيمين في المكان المقدس قد ماتت)، فإن الإلحاد العربي هو الذي يقول: (لقد ماتت فكرة النبوة والأنبياء).
وفي العصر الحديث طرأ على مصطلح الإلحاد في البحث العقدي الإسلامي شيء من التطور ليقترن مفهومه بحالة عقدية خاصة وهي عدم الإيمان بوجود الخالق.
وحتى تتضح هذه المسألة بشكل أكبر، ونُدرك طبيعة الموقف الإلحادي من الإيمان بالله تعالى، فإن المواقف العقدية الممكنة من مبدأ وجود الله تعالى والنبوة، أربع مواقف عقدية رئيسة، وهي مرتبة من أشدها تنكراً لهذه المبادئ إلى المؤمنين بها:
الإلحاد الصلب، أو الإلحاد الإيجابي: وهو الإلحاد الذي يؤمن صاحبه بعدم وجود الخالق، وبالتالي يتنكر للوحي والنبوات، ولا يتدين بدين.
الإلحاد السلبي، أو اللاأدري: وهو الإلحاد الذي لا يؤمن صاحبه بوجود الخالق، لكنه أيضاً لا يؤمن بعدم وجوده.
الربوبية: وهو موقف عقدي يؤمن صاحبه بوجود خالق لهذا الكون، لكنه يُنكر صلة هذا الخالق بهذا الكون عبر الوحي والرسالة، فالخالق في هذا المنظور العقدي خلق العالم ثم تركه.
المؤمن المتدين: وهو الموقف العقدي الذي يؤمن صاحبه بوجود خالق لهذا الكون، كما يؤمن بالوحي والنبوات.. ❝ ⏤عبدالله بن صالح العجيري
ملخص كتاب ❞ملخص كتاب ميليشيا الإلحاد (الالحاد الجديد)❝ ، بقلم عبد الله صالح العجيري
“مدخل لفهم الإلحاد الجديد”
أعترف أنني ظللت مدة من الزمن مُتحرجاً من فتح هذا الملف بشكل علني عام خشيةً من تفتيح أعين غُفلٍ عن جوانب أرى من الخير للإنسان أن يكون غافلاً عنها، مع قناعة بأن موجة الإلحاد التي كانت تضرب المجتمعات الغربية ستتمدد لتقرع أبوابنا لكني ما كنت أظن أن الأمر سيكون بهذه السرعة.
وحين بدأ الكلام يتخذ طابعاً علنياً في مشهدنا المحلي بعد بعض الحوادث الشهيرة المتصلة بهذا الموضوع، شرفني الشيخ سعد الغنام باستضافةٍ في ديوانيته الفكرية لتقديم رؤية حول الإلحاد الجديد، تلاه لقاءات ومحاضرات متعلقة بهذا الموضوع أهمها ندوة مطولة في ملتقى (تهافت الفكر الإلحادي)، والذي كان له أصداء طيبة، وقد اطلع الأحباب على شيء من هذه المواد السمعية والمرئية فشجعني على تسجيلها في كتاب، فكانت هذه الورقة، التي قصدت منها أن تكون مدخلاً موجزاً للتعريف بالظاهرة الإلحادية الجديدة، واطلاع المتلقي على أهم السمات والخصائص لها، وليس من قصدها أبداً معالجة كافة جوانب الظاهرة الإلحادية، ولا مناقشة الشبهات والإشكالات التي تطرحها، هذه الورقة إذن محاولة يسيرة لتعريف الدعاة والمشايخ وطلبة العلم والمربين والمفكرين بأهم التطورات التي لحقت بالخطاب الإلحادي، والذي جعلنا أمام خطاب إلحادي تم وصفه في الأدبيات الفكرية والعقدية الغربية بالإلحاد الجديد.
أول من سك هذا الاسم، ووضع هذا المصطلح (الإلحاد الجديد)، هو (جيري وولف) في مقالة نشرها سنة 2006م في مجلة “وايرد” البريطانية بعنوان: “كنيسة غير المؤمنين” والعنوان الفرعي لها: “فرقة من الأشقاء فكرياً يُقيمون حملة ضد الإيمان بالله، هل نجحوا في كسب المتحولين؟ أم اقتصروا على التبشير بين جمهورهم؟”.
وقبل الخوض في ذكر سمات الإلحاد الجديد، أُقدم بالتنبيه إلى قضية تتعلق بمفهوم الإلحاد ذاته ليعرف القارئ بدقة المفهوم الذي تدور عليه هذه الورقة، فالإلحاد في أصل وضعه اللغوي دالٌ على معنى الميل والانحراف، ومن هُنا جُعلت هذه اللفظة توصيفاً للانحرافات العقدية العميقة والكبيرة خصوصاً في الكتابة العقدية التراثية؛ كاعتقاد الحلول والاتحاد، أو التعطيل المغالي لأسماء الله وصفاته، أو إنكار مبدأ النبوة…
ولذا فقد تنبه بعض الباحثين إلى أحد الفوارق بين نمط الإلحاد في الفضاء الغربي وحالته في الفضاء العربي الإسلامي وذلك في سياقات تاريخية متقدمة، فالمتهمون بالإلحاد في سياق التاريخ الغربي هم من المنكرين فعلاً لوجود الخالق جل وعلا، أما في السياق العربي الإسلامي فكثير ....... [المزيد]
- “السمة الأولى: الحماسة والحرص الشديد على الدعوة للإلحاد”:
كان الإلحاد في سياقه التاريخي إجمالاً يُمثل خطاباً ميالاً نسبياً إلى قدرٍ من الحيادية من الموقف الديني، ولم يكن لديه تلك الحماسة لممارسة الدعوة والتبشير بقضية الإلحاد، بل كانت قضية الإيمان في حسه قضية شخصية مُتعلقة بالأفراد لا تستفز الملاحدة كثيراً، ولكن من لحظة اصطدام الطائرتين ببرجي التجارة العالمي تغيرت المعادلة، وترسخ في وعيّ كثير من الملاحدة أن قضية الإيمان والتدين باتت مهدداً حقيقياً للبشرية، وأنه من المتعين على الملاحدة السعي جدياً في استئصال مبدأ التدين من الحياة البشرية، وإحلال قضية الإلحاد كخيار مُنقذ.
التأليف والكتابة: حيث انهمرت مجموعة من التآليف المتعددة والتي شكلت القوة الدافعة للإلحاد الجديد، ونواته الصلبة، واستطاعت أن تخترق الفضاء العام بسبب جودة الأسلوب، ووضوح الأفكار، ومباشرة الطرح. وقد برز بسبب هذه التآليف مؤلفوها كرموز للإلحاد الجديد، والذين صاروا يشكلون العمود الفقري لهذه الظاهرة العقدية الجديدة، وأهم هذه الكتب، والتي يمكن أن يُقال أنها فجرت الظاهرة الإلحادية الجديدة:
كتاب “نهاية الإيمان” لسام هارس، المختص.... المزيد.
- “السمة الثانية: عدائية الخطاب الإلحادي الجديد”:
من الملاحظات المهمة التي يمكن تسجيلها حول ظاهرة الإلحاد الجديد، ولعلها تُمثل الصفة المركزية المميزة لهذه الظاهرة، تلك اللغة شديدة العدائية للدين، ولمبدأ التدين، ولقضية الإيمان بالله، حتى تم توصيف الظاهرة الإلحادية الجديدة في بعض الدوائر الفكرية الغربية بــ (ميليشيات الإلحاد)، فالملاحدة الجدد ينطلقون في تعاملهم مع الدين من رؤية ترى فيه منبعاً للشرور والكوارث، وأنه من الواجب السعي بجدية في محاربته، ومن هنا سُميت سلسلة الأفلام الوثائقية الإلحادية الشهيرة لريتشارد دوكنز بـ (جذور الشرور كلها) ويقصد بهذا الجذر (الدين والإيمان)، ومثله كريستوفر هيتشنز والذي جعل لكتابه GOD is not Great عنواناً فرعياً يقول فيه: (كيف يُسمم الدين كل شيء) ويرى في العنوان تعبيراً حقيقياً عن نظرته للدين، فيقول: (هنالك بالتأكيد طُرق متعددة تكشف أن الدين ليس فاقداً للحس الأخلاقي فحسب، بل يدفع دفعاً إيجابياً للفساد الأخلاقي).
ونتيجة لمثل ذلك التصور شديد القتامة عن التدين في التصور الإلحادي الجديد، فإن موقفهم سيكون واضحاً حيال الموقف الديني، فهذا ريتشارد دوكنز يقول بصراحة: (أتمنى.... المزيد.
- “السمة الثالثة: استعمال أداة الإرهاب في حرب الأديان”:
من الأسئلة التقليدية التي يفضي بها الخطاب الديني اتجاه الملاحدة السؤال التالي: تخيلوا عالماً بلا دين؟ وبلا إيمان؟ كيف ستكون أحوال البشرية؟ وما الذي سيولّد حالة الانضباط الأخلاقي عند الناس؟ تأتي هذه الأسئلة كمحاولة للتأكيد على أهمية البُعد الديني في حياة الناس، وكارثية التفلت الأخلاقي الذي سيتولّد نتيجة إلغائه واعدامه من الوجود.
فيسعى الخطاب الإلحادي اليوم عبر إيراد ذات السؤال: تخيلوا عالماً بلا دين؟ إلى إثارة الشبهات حول الموقف الديني وقلب الطاولة عليه.
لن تكون هناك محاكم تفتيش، ولا حروب صليبية، ولا صراع عربي إسرائيلي، ولا 11 سبتمبر…الخ هكذا يُجيب الملاحدة الجدد، فينقلب الخطاب الديني ليكون في موقف الدفاع عن موقع الأديان في الحياة الإنسانية بدل أن يكون السؤال هجومياً مُحرجاً للخطاب الإلحادي..
- “السمة الرابعة: الهجوم اللاذع على دين الإسلام”:
بعد حادثة الحادي عشر من سبتمبر، وربط الحدث بالإرهاب، والإرهاب بالإسلام، انتقل الإسلام من كونه قضية على هامش اهتمام الملاحدة الغربيين، ليكون في فوهة مدفع الإلحاد الجديد، وليحظى بموقع شديد التقدم في حرب الملاحدة الجدد على الأديان.
فهذا سام هارس يقول بوضوح: (بأن فكرة الحرب على الإرهاب لا معنى لها). (وأنه حان الوقت للاعتراف بأننا لسنا في حرب مع الإرهاب وإنما في حرب مع الإسلام). بل يقول: (إننا في حرب تحديداً مع الرؤية للحياة التي يُحددها القرآن لكل المسلمين، لسنا نقول بأننا في حرب مع جميع المسلمين لكننا قطعاً في حرب مع ملايين ليس لهم صلات مباشرة بالقاعدة).
وحتى يتضح عمق مشكلتهم مع المسلمين فإن كريستفر هيتشنز وفي أكثر من مناسبة يقوم بسؤال المُناظر النصراني أو اليهودي أيهما تُفضل: أن أكون مُسلماً أو مُلحداً؟ أو يسأل: أيهما تُفضل أن تُحكم أوروبا بالشريعة أم بالعلمانية الملحدة؟ أو يقول: في أي دولة إسلامية اليوم تود أن تعيش؟ وهي أسئلة تنم عن حالة الاحتقار الشديد للإسلام والمسلمين. الطريف أنه وفي أحد المناظرات التي عقدها مع أحد اليهود طرح عليه هذا السؤال.... المزيد.
- “السمة الخامسة: جاذبية الإلحاد الجديد”:
لقد أضحى رموز الإلحاد الجديد أيقونات تحظى بالمعجبين والمعجبات، خصوصاً مشاهيره الأربعة (ريتشارد دوكنز، وسام هارس، وكريستوفر هيتشنز، ودانيل دينيت) والذين باتوا يُعرفون في كثير من الدوائر الغربية بالفرسان الأربعة، وهو مصطلح توراتي يُشير إلى ظهور فرسان أربعة كعلامة لنهاية العالم.
.
يمكن أن يلحظ المُراقب للحالة الدينية والعقدية محلياً أن ثمة حالة من حالات التمرد ضد القيم والمبادئ الدينية في بعض الدوائر والشرائح، وهذه الحالة في تقييمي آخذة في التوسع – في هذه المرحلة – خصوصاً بين القواعد الشبابية، وذلك لمعاملات متعددة، أهمها هذا الانفتاح المعرفي الهائل، والذي يُحقق دوراً تثقيفياً حقيقياً إلى حدٍ ما، كما يخلق حالة من وهم الثقافة أيضاً، فكثير من الشرائح الشبابية بات يتلقى معرفة أُفقية سطحية في ملفات متعددة، ويُحصّل عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي جُرعات معلوماتية مخففة ومبعثرة، تخلق مع الوقت حالة من الانتفاخ المعرفي الخاوي. هذه الحالة أوجدت شعوراً مع الوقت بأن هامش الفرق بينهم وبين طبقة الدعاة وطلبة العلم والمفكرين والمثقفين ما عادت كما كانت، وأضحت الصورة النمطية للخطاب المشيخي في وعي الكثيرين صورة سلبية قاتمة أثمرت للأسف مع الوقت حالة من عدم الرضى عن الخطاب القائم أو سخطاً عليه. وقد زاد من حدة الإشكالية الماضية عوامل متعددة أخرى كغلبة القيم المادية العلمانية وهذا المزاج الليبرالي المهيمن في عالمنا اليوم، والذي يؤدي ....... [المزيد]
من القضايا المهمة في تناول الظاهرة الإلحادية عدم تسطيحها، فهي ظاهرة معقدة مركبة، وبالتالي تستدعي نظراً مركباً، فليس صحيحاً مثلاً أن جميع الملاحدة إنما ألحدوا محبة للشهوات وطلباً للتخفيف من سطوة الضمير، بل أسباب الإلحاد متنوعة وفي كثير من الأحيان لا تكون عائدة إلى عامل واحد.
وحتى تُدرك إشكالية التسطيح لظاهرة الإلحاد محلياً، وأنها مشكلة حقيقية سواءً على مستوى تشخيص الظاهرة أو تحليلها أو التفتيش عن بواعثها وعلاجها، فقد سُئلت مراراً ممن له قريب اُبتلي بالإلحاد، (هل لديك محاضرة، أو كُتيب، أو مطوية يمكن أن تكون سبباً في هدايته؟!) والحق أننا أمام ظاهرة الأصل فيها أن تستدعي علاجاً أكثر عمقاً من مُجرّد كُتيّب أو مطوية، أو مقطعٍ مرئي في خمس دقائق.
ومن السطحية في تناول الظاهرة أيضاً، سطحية التناول العلمي لها، إما بسطحية الإدراك لمقولاتها، أو بضعف الاستجابة والرد على تلك المقولات، فمن الأمثلة المعبرة عن سطحية التناول لبعض مقولات الملاحدة ما يُمارسه البعض من نقد سطحي ساذج لنظرية التطور، كقول بعضهم: فلماذا لم تتطور القرود مثلنا؟ أو القول: فلما لا ....... [المزيد]
مما ينبغي مراعاته في سجال الإلحاد أن لا يكون موقف المنتصر للموقف الديني انهزامياً مكتفياً بالمدافعة فقط، بل ينبغي أن يكون مُنطَلق المؤمن في جدله من تصور عقدي صلب يستحضر في نفسه معنى قوله تعالى: (أفي اللهِ شكٌ فاطرِ السماواتِ والأرض)، فالقضية التي يُدافع عنها ليست قضية هامشية أو ظنية بل هي أم اليقينيات الدينية.
فلا بد أن يتسم الخطاب الشرعي بالوثوقية العالية في دعوته، وأن يكون له أيضاً خطابه الهجومي والذي يكشف من خلاله الإشكالات والثغرات الهائلة الموجودة في بُنية التصور الإلحادي وخطابه. فالتيار الإلحادي تيار هدمي، يسعى أفراده إلى هدم التصورات الدينية دون أن يُقدموا فلسفتهم الخاصة للوجود، ومتى ما سعوا في ذلك فمن السهل ملاحظة حالة التعجل والسطحية والحيدة عن مواطن الإشكال، وحتى لا يكون الكلام مرسلاً ويبقى معلقاً دون شواهد، إليك شيئاً من النماذج والأمثلة التي تكشف عن عمق الإشكال في الفلسفة الإلحادية، وكيف أن الملاحدة في فورة الحماسة لنقض المفاهيم الدينية لا يُقدمون جهداً كافياً للتفكير في كثير من الأسئلة الصعبة، فضلاً عن تقديم إجابات معمقة ....... [المزيد]
في الثامن من أبريل سنة 1966م نشرت مجلة التايم الأمريكية عددها الشهير والمثير للجدل، والذي كان عنوانه الرئيس: “هل مات الإله؟” لتعود ذات المجلة في السادس والعشرين من ديسمبر سنة 1969م لتضع على غلافها عنوناً مضاداً تماماً “هل الله عائد إلى الحياة؟”.
وبعد ثلاثين سنة قامت (مجلة إكونومست) في عددها المخصص للألفية الثانية بكتابة نعي لله لتعود بعدها بثمان سنوات لتكتب على غلافها “باسم الله” مُعترفة بأن الدين سيلعب دوراً حقيقياً فاعلاً في عالمنا المعاصر.
نعم…
لقد قالها نيتشه من قبل: مات الإله!
لكن نيتشه مات.
وتبعه ملاحدة كثر.
والله حيٌّ لا يموت