❞ موقف الهداف و هو يصوب ضربة الجزاء والكل ينتظر .. هذا هو موقفه تجاه الرواية التالية له .. حذر شديد .. يحبس أنفاسه .. الويل له لو طاشت. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ موقف الهداف و هو يصوب ضربة الجزاء والكل ينتظر . هذا هو موقفه تجاه الرواية التالية له . حذر شديد . يحبس أنفاسه . الويل له لو طاشت. ❝
❞ #يقول الشيخ الغزالي (رحمه الله):
#سألني سائل: هل الإنسان مسيَّر أم مخيَّر؟
#فنظرت إليه في ضيق شديد، وقررت أن ألتوي معه في الإجابة كما التوى هو مع فطرته في هذا التساؤل، وقلت له: الإنسان نوعان؛ نوع يعيش في الشرق ونوع يعيش في الغرب، والأول مسيّر والآخر مخيّر!
ففغر الرجل فاه عن ابتسامة هي بالضبط نصف تثاؤب الكسالى و العجزة والثرثارين الذين ينتشرون في بلادنا.
#ثم قال: ما هذا الكلام؟ إنني أسألك هل للإنسان إرادة حرة وقدرة مستقلة يفعل بهما ما يفعل ويترك ما يترك أم هو مجبور!
#فقلت له: قد أجبتك، الإنسان في الغرب مستقل وفي الشرق مستعمر هناك له إرادة وقدرة، وهنا لا شيء له!!
#فضحك أحد الظرفاء وقال: هذه إجابة سياسية. فقلت وإنها لدينية كذلك..
#يا رجل إن القوم في الغرب شعروا بأن لهم عقولا ففكروا بها حتى كشفوا المساتير من بدائع الكون وشعروا بأن لهم إرادة فصمموا بها حتى التقت في أيديهم مصاير الأمم وأزمة السياسات
وشعروا بأنه لهم قدرة، فجابوا المشارق والمغارب، وصنعوا الروائع والعجائب.
#أما نحن...فهذا رجل من ألوف الألوف التي تزحم البلاد يأتي ليستفتي في هذه المعضلة التي غاب عنه حلها، #ألَه حقا عقل حرّ يستطيع أن يفكر به؟ ألَه إرادة يستطيع أن يعزم بها؟ ألَه قوة يستطيع أن يتحرك بها؟
#وإلى أن نثبت له نحن ذلك! سوف يبدأ فيفكر ثم يعزم ثم يعمل. أما الآن فهو -فعلا- مسيَّر من ذلك الرجل المخير في الغرب... ما أبعد البَوْن بين الشخصين!
الرجل في الغرب ألقي به في تيار الحياة، فعلم أن له أعضاء يستطيع أن يعوم بها فظلّ يسبح مع التيار تارة وضده تارك أخرى، حتى وصل إلى الشاطئ!!
#أما هنا، فلما ألقي بالرجل في معترك الأمواج، بدأ يسأل نفسه: هل أنا حيّ حقا أم أنا جثة هامدة؟
#أو بتعبير المتفيقهين: هل أنا حرّ أم أعضائي مقيدة؟
#ولكن التيار الجارف لا ينتظر نتائج هذه السفسطة، فلا يلبث أن يطويه اليمّ مع الهالكين. وليس يغني في عزائه قول الشاعر السفيه:
ألقاه في اليمّ مكتوفا وقال له
إياك إياك أن تبتلّ بالماء..
#اعمل أيها الرجل ولا تقل: هل أنا مسيّر أم مخيّر، واستغل المواهب التي آتاك الله واشعر بأن لك في الحياة حقوقا وعليك للحياة واجبات.
وكفى كذبا على الدين والدنيا!
......
#كتاب (عقيدة المسلم). ❝ ⏤محمد الغزالى السقا
❞
#يقول الشيخ الغزالي (رحمه الله):
#سألني سائل: هل الإنسان مسيَّر أم مخيَّر؟
#فنظرت إليه في ضيق شديد، وقررت أن ألتوي معه في الإجابة كما التوى هو مع فطرته في هذا التساؤل، وقلت له: الإنسان نوعان؛ نوع يعيش في الشرق ونوع يعيش في الغرب، والأول مسيّر والآخر مخيّر!
ففغر الرجل فاه عن ابتسامة هي بالضبط نصف تثاؤب الكسالى و العجزة والثرثارين الذين ينتشرون في بلادنا.
#ثم قال: ما هذا الكلام؟ إنني أسألك هل للإنسان إرادة حرة وقدرة مستقلة يفعل بهما ما يفعل ويترك ما يترك أم هو مجبور!
#فقلت له: قد أجبتك، الإنسان في الغرب مستقل وفي الشرق مستعمر هناك له إرادة وقدرة، وهنا لا شيء له!!
#فضحك أحد الظرفاء وقال: هذه إجابة سياسية. فقلت وإنها لدينية كذلك.
#يا رجل إن القوم في الغرب شعروا بأن لهم عقولا ففكروا بها حتى كشفوا المساتير من بدائع الكون وشعروا بأن لهم إرادة فصمموا بها حتى التقت في أيديهم مصاير الأمم وأزمة السياسات
وشعروا بأنه لهم قدرة، فجابوا المشارق والمغارب، وصنعوا الروائع والعجائب.
#أما نحن..فهذا رجل من ألوف الألوف التي تزحم البلاد يأتي ليستفتي في هذه المعضلة التي غاب عنه حلها، #ألَه حقا عقل حرّ يستطيع أن يفكر به؟ ألَه إرادة يستطيع أن يعزم بها؟ ألَه قوة يستطيع أن يتحرك بها؟
#وإلى أن نثبت له نحن ذلك! سوف يبدأ فيفكر ثم يعزم ثم يعمل. أما الآن فهو -فعلا- مسيَّر من ذلك الرجل المخير في الغرب.. ما أبعد البَوْن بين الشخصين!
الرجل في الغرب ألقي به في تيار الحياة، فعلم أن له أعضاء يستطيع أن يعوم بها فظلّ يسبح مع التيار تارة وضده تارك أخرى، حتى وصل إلى الشاطئ!!
#أما هنا، فلما ألقي بالرجل في معترك الأمواج، بدأ يسأل نفسه: هل أنا حيّ حقا أم أنا جثة هامدة؟
#أو بتعبير المتفيقهين: هل أنا حرّ أم أعضائي مقيدة؟
#ولكن التيار الجارف لا ينتظر نتائج هذه السفسطة، فلا يلبث أن يطويه اليمّ مع الهالكين. وليس يغني في عزائه قول الشاعر السفيه:
ألقاه في اليمّ مكتوفا وقال له
إياك إياك أن تبتلّ بالماء.
#اعمل أيها الرجل ولا تقل: هل أنا مسيّر أم مخيّر، واستغل المواهب التي آتاك الله واشعر بأن لك في الحياة حقوقا وعليك للحياة واجبات.
❞ الخـــروج . . .
كان يزدرد الطعام كأنه يزدرد كُرات من العجين يُلقي بها في جوفه دون تَلذُذ .. و كان الهواء راكداً ثقيلاً .. و كل شيء راكد ثقيل .. و صفحة النهار تبدو كليلٍ بلا نجوم ..
و لم يكن يدري كم من الوقت قد مضى عليه و هو جالس في كُرسيه في مقهى الروف بأعلى البرج ..
ربما بِضع ساعات و هو يجلس نفس الجلسة لم يُحرك إصبعاً .. و ربما بنفس النظرة الذاهلة المحملقة في الهواء دون أن يختلج له جفن ، و كأنما تسمرت نفسه و بات عقله مصلوباً على فكرة واحدة لا يبرحها .. أن يتخلص من حياته .
مريض بلا شفاء .. يتنقل من طبيب إلى طبيب .. و من دواء إلى دواء .. و من مُخدِر إلى مخدر .. و من أمل إلى أمل .. ثم تذوي الآمال ثم يكتشف أنه لم يبق له إلا الصبر .
و في البيت وحده .. و فِراش بارد .. و مائدة عليها عشرات العقاقير، و خِطابات لا يجف حبرها .. تجري سطورها اللاهِثة بنداء واحد لا يهدأ :
سوزان . . سوزان . .
عودي .. أحبك .. لا أستطيع أن أحيا بدونك .. و لا أن أموت بدونك .
حياتي ليل بدون ضوء عينيك .
و دائماً تُرسَل الخطابات و تسافر عبر البحر .. و لا يأتي لها رد ، و لا يُسمَع لها صَدى .
الزوجة الأوروبية عادت إلى بلادها بقلب ينزف ، و تركت وراءها قلباً آخر ينزف .
و في ذلك الصمت الشبيه بالصراخ يعيش ..
و في تلك الغرفة المُترَفة الوثيرة ذات الديكورات الغالية يتقلب .. و كأنما يتقلب على صحراء مُوحِشة تسرح فيها الأفاعي .. ثم ينفد الصبر .. و تنقطع حِبال الإنتظار .
و لا تبقى في ذهنه إلا فكرة واحدة .. أن يتخلص من حياته .
تأتيه الفكرة في البداية زائرة ثم تصبح طَوّافة ثم تُلِح عليه ثم تُقيم في رأسه ثم تتحول إلى حصار ثم تغدو كابوساً قهرياً يحتويه و يجثم عليه و يخنقه رويداً رويداً .
و يتحرك أخيراً .. فينظر إلى ساعته .
لقد مضت أربع سنوات و هو مُتجمد في كُرسيه كتمثال ، و شيء في داخله ينخر في بنيانه و يأكل جوفه .. و بنظرة سريعة عبر الشرفة يطل على الناس الذين يبدون كالنمل الصغير أسفل البرج .. و تتسمر عيناه على الهُوّة التي تَفغُر فاها تحت قدميه .
ثم في لحظة يرمي بنفسه من شاهِق .
و يتجمع الناس أسفل البرج .. و هُم يحكون في ذهول ..
هناك رجل رمى بنفسه من أعلى البرج فسقط على كتفي عامل فقتله لساعته .. أما هو فلم يُصَب بخدش ..
و حينما أفاق الرجل من صدمته و أدرك ما فعل .. إنكَبَّ على شفرة حديد صَدِئة إلتقطها من الطريق و قطع شرايينه .
و حملوه إلى المستشفى و هو ينزف .. و أسعفوه ..
و حينما فتح عينيه و اكتشف أنه لم يمُت بعد .. إبتلع زجاجة الأقراص المنومة كلها في غفلة من الممرضة ..
و لكنهم غسلوا معدته ، و أعطوه شيئاً .. و أنقذوه ..
و فتح عينيه من جديد ليجد أنه لم يمت بعد ثلاث محاولات قاتلة .. قتل فيها رجل آخر و لم يَمُت .. و سقط مغشياً عليه ..
و في النوم و بين لحظات الخدر ، و فيما يشبه الرؤيا شاهد الرجل نوراً و سمع صوتاً يقول له :
●● ماذا فعلت بنفسك ؟
● أردت أن أقتل نفسي لأستريح .
●● و من أين لك العلم بأنك سوف تستريح .. أعلِمت بما ينتظرك بعد الموت ؟
● إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا .
●● هذا ظنك .. و لا يقتُل الناس أنفسهم بالظن .
● و ماذا كنت أستطيع أن أفعل .. و ماذا بقيَ لي ؟
●● أن تصبر و تنتظر أمرنا ..
● صبِرت .
●● تصبر يوماً آخر إلى غَد .
● سيكون غداً مشئوماً مثل سالفه .
●● كيف علمت .. هل أنت الذي خلقت الأيام .. هل أنت الذي خلقت نفسك ؟
● لا .
●● فكيف تحكم على ما لا تعلم ، و كيف تتصرف فيما لا تملك ؟
● هذا عمري و قد ضقت به .
●● أتعلم ماذا نُخفي لك غداً ؟
● لا .
●● إذاً فهو ليس عُمرك .
● لا أريد أن أعيش .. خلوا بيني و بين الموت .. دعوني .. ارحموني .
●● لو تركناك فما رحمناك .. إنما نحول بينك و بين رغبتك رحمةً مِنا و فضلاً ، و لو تخلينا عنك لهلَكت .
● يا مرحباً بالهلاك .. ما أريد إلا الهلاك .. يا أهلاً بالهلاك .
●● لن يكون الهلاك رقدة مُطمَئنة تحت التراب كما تتصور .
● أريد أن أخرج مما أنا فيه و كَفَى .
●● و لو إلى النار ؟
● و هل هناك نار غير هذه ؟
●● أتصَوَّرت أنه لا وجود إلا لما يقع تحت حسك من جنة و نار .. أظننت أنه لا جنة و لا نار إلا نعيمكم و عذابكم .. أظننتنا فقراء لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالَم .. أتصَوَّرتَ أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي .. و ليس عند رب العالمين غير هذه الكرة الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء .. ؟
بئس ما خَيَّل لك بَصرُك الضرير عن فقرنا .
● ضقت ذرعاً مما أنا فيه .. إنسدت أمامي المسالك .. إنطبقت السماء على الأرض .. إختنقْت .. أريد الخروج .. أريد الخروج .
●● ألا تصبر لحظات أخرى .. أترفض عطيّتنا في الغد قبل أن تراها ؟
● رأيت منها ما يكفيني .
●● هذا رفض لنا و يأس مِنّا و اتهام لحكمتنا و سوء ظن بتدبيرنا و انتقاص لملكنا .. بئس ما قررت لنفسك .. إذهب .. رفضناك كما رفضتنا ، و حرمناك ما حرمت نفسك .. خَلّوا بينه و بين الموت ..
و في تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش .. و مات في هذه المحاولة الرابعة .. و فشلت كل الإسعافات في إنقاذه .
و جاء الغــد . .
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه .
و جاءت سوزان تدق بابه في شوق و في يدها بضع زجاجات من هذا الترياق الجديد و قلبها يطفح بالحب و الأمل .
و لكنه كان قد ذهب .
لم ينتظر العطية .
ظلم المُعطي و العَطيّة و ظلم نفسه و ظلم الغد الذي لم يره و اتهم الرحيم في رحمته و أنكر على المدبر تدبيره .
و خـــرج . .
إلى حيــث لا رحمـــة . . و لا عــودة . .
..
قصة : الخروج
من كتـــاب / نقطــة الغليـــان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ الخـــروج . . .
كان يزدرد الطعام كأنه يزدرد كُرات من العجين يُلقي بها في جوفه دون تَلذُذ . و كان الهواء راكداً ثقيلاً . و كل شيء راكد ثقيل . و صفحة النهار تبدو كليلٍ بلا نجوم .
و لم يكن يدري كم من الوقت قد مضى عليه و هو جالس في كُرسيه في مقهى الروف بأعلى البرج .
ربما بِضع ساعات و هو يجلس نفس الجلسة لم يُحرك إصبعاً . و ربما بنفس النظرة الذاهلة المحملقة في الهواء دون أن يختلج له جفن ، و كأنما تسمرت نفسه و بات عقله مصلوباً على فكرة واحدة لا يبرحها . أن يتخلص من حياته .
مريض بلا شفاء . يتنقل من طبيب إلى طبيب . و من دواء إلى دواء . و من مُخدِر إلى مخدر . و من أمل إلى أمل . ثم تذوي الآمال ثم يكتشف أنه لم يبق له إلا الصبر .
و في البيت وحده . و فِراش بارد . و مائدة عليها عشرات العقاقير، و خِطابات لا يجف حبرها . تجري سطورها اللاهِثة بنداء واحد لا يهدأ :
سوزان . . سوزان . .
عودي . أحبك . لا أستطيع أن أحيا بدونك . و لا أن أموت بدونك .
حياتي ليل بدون ضوء عينيك .
و دائماً تُرسَل الخطابات و تسافر عبر البحر . و لا يأتي لها رد ، و لا يُسمَع لها صَدى .
الزوجة الأوروبية عادت إلى بلادها بقلب ينزف ، و تركت وراءها قلباً آخر ينزف .
و في ذلك الصمت الشبيه بالصراخ يعيش .
و في تلك الغرفة المُترَفة الوثيرة ذات الديكورات الغالية يتقلب . و كأنما يتقلب على صحراء مُوحِشة تسرح فيها الأفاعي . ثم ينفد الصبر . و تنقطع حِبال الإنتظار .
و لا تبقى في ذهنه إلا فكرة واحدة . أن يتخلص من حياته .
تأتيه الفكرة في البداية زائرة ثم تصبح طَوّافة ثم تُلِح عليه ثم تُقيم في رأسه ثم تتحول إلى حصار ثم تغدو كابوساً قهرياً يحتويه و يجثم عليه و يخنقه رويداً رويداً .
و يتحرك أخيراً . فينظر إلى ساعته .
لقد مضت أربع سنوات و هو مُتجمد في كُرسيه كتمثال ، و شيء في داخله ينخر في بنيانه و يأكل جوفه . و بنظرة سريعة عبر الشرفة يطل على الناس الذين يبدون كالنمل الصغير أسفل البرج . و تتسمر عيناه على الهُوّة التي تَفغُر فاها تحت قدميه .
ثم في لحظة يرمي بنفسه من شاهِق .
و يتجمع الناس أسفل البرج . و هُم يحكون في ذهول .
هناك رجل رمى بنفسه من أعلى البرج فسقط على كتفي عامل فقتله لساعته . أما هو فلم يُصَب بخدش .
و حينما أفاق الرجل من صدمته و أدرك ما فعل . إنكَبَّ على شفرة حديد صَدِئة إلتقطها من الطريق و قطع شرايينه .
و حملوه إلى المستشفى و هو ينزف . و أسعفوه .
و حينما فتح عينيه و اكتشف أنه لم يمُت بعد . إبتلع زجاجة الأقراص المنومة كلها في غفلة من الممرضة .
و لكنهم غسلوا معدته ، و أعطوه شيئاً . و أنقذوه .
و فتح عينيه من جديد ليجد أنه لم يمت بعد ثلاث محاولات قاتلة . قتل فيها رجل آخر و لم يَمُت . و سقط مغشياً عليه .
و في النوم و بين لحظات الخدر ، و فيما يشبه الرؤيا شاهد الرجل نوراً و سمع صوتاً يقول له :
●● ماذا فعلت بنفسك ؟
● أردت أن أقتل نفسي لأستريح .
●● و من أين لك العلم بأنك سوف تستريح . أعلِمت بما ينتظرك بعد الموت ؟
● إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا .
●● هذا ظنك . و لا يقتُل الناس أنفسهم بالظن .
● و ماذا كنت أستطيع أن أفعل . و ماذا بقيَ لي ؟
●● أن تصبر و تنتظر أمرنا .
● صبِرت .
●● تصبر يوماً آخر إلى غَد .
● سيكون غداً مشئوماً مثل سالفه .
●● كيف علمت . هل أنت الذي خلقت الأيام . هل أنت الذي خلقت نفسك ؟
● لا .
●● فكيف تحكم على ما لا تعلم ، و كيف تتصرف فيما لا تملك ؟
● هذا عمري و قد ضقت به .
●● أتعلم ماذا نُخفي لك غداً ؟
● لا .
●● إذاً فهو ليس عُمرك .
● لا أريد أن أعيش . خلوا بيني و بين الموت . دعوني . ارحموني .
●● لو تركناك فما رحمناك . إنما نحول بينك و بين رغبتك رحمةً مِنا و فضلاً ، و لو تخلينا عنك لهلَكت .
● يا مرحباً بالهلاك . ما أريد إلا الهلاك . يا أهلاً بالهلاك .
●● لن يكون الهلاك رقدة مُطمَئنة تحت التراب كما تتصور .
● أريد أن أخرج مما أنا فيه و كَفَى .
●● و لو إلى النار ؟
● و هل هناك نار غير هذه ؟
●● أتصَوَّرت أنه لا وجود إلا لما يقع تحت حسك من جنة و نار . أظننت أنه لا جنة و لا نار إلا نعيمكم و عذابكم . أظننتنا فقراء لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالَم . أتصَوَّرتَ أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي . و ليس عند رب العالمين غير هذه الكرة الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء . ؟
بئس ما خَيَّل لك بَصرُك الضرير عن فقرنا .
● ضقت ذرعاً مما أنا فيه . إنسدت أمامي المسالك . إنطبقت السماء على الأرض . إختنقْت . أريد الخروج . أريد الخروج .
●● ألا تصبر لحظات أخرى . أترفض عطيّتنا في الغد قبل أن تراها ؟
● رأيت منها ما يكفيني .
●● هذا رفض لنا و يأس مِنّا و اتهام لحكمتنا و سوء ظن بتدبيرنا و انتقاص لملكنا . بئس ما قررت لنفسك . إذهب . رفضناك كما رفضتنا ، و حرمناك ما حرمت نفسك . خَلّوا بينه و بين الموت .
و في تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش . و مات في هذه المحاولة الرابعة . و فشلت كل الإسعافات في إنقاذه .
و جاء الغــد . .
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه .
و جاءت سوزان تدق بابه في شوق و في يدها بضع زجاجات من هذا الترياق الجديد و قلبها يطفح بالحب و الأمل .
و لكنه كان قد ذهب .
لم ينتظر العطية .
ظلم المُعطي و العَطيّة و ظلم نفسه و ظلم الغد الذي لم يره و اتهم الرحيم في رحمته و أنكر على المدبر تدبيره .
و خـــرج . .
إلى حيــث لا رحمـــة . . و لا عــودة . .
.
قصة : الخروج
من كتـــاب / نقطــة الغليـــان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ _مرحبًا يعزيزي، كيف حالك الآن؟ طاب يومك، أفتقدتُك كثيرًا، كيف الحال؟
_فرد هو ببلاهه من انتِ؟ فصُعقت أنا من حديثه.
_فسألته: ألا تتذكرُني؟ أنا حبيبةُ قلبك وطبيبةُ فؤادك، أنت الذي حدثتني قائلًا هكذا! أحقًا لا تعرفُني؟ أنا التي أحببتك بكل صدق، انا التي كانت بجوارك دائمًا، انا التي تمنيتُ لو يجمعُنا النصيب، انا التي كانت تتمنى أن القاك مرة أخرىٰ، كُنت أراك كُل ليلة في منامِ، وفي آخر لحظات قبل أن استيقظ اتمنىٰ لو أستطيع أخذُكَ معي إلا الواقع ولو ليوم واحد، انا هي التي كانت دواء لجرُحك، فخُنتها انت بأبشع الطُرق، أحقًا لا تتذكرُني؟
_فرد هو بكل برود: لامعذرةً لا أتذكرُك، ولاكن سرورت بِلقاك، إلا إلقاء. وقبل أن يُكمل كَلِمته، أختفىٰ، فظننتُ أنا لوهلة أنه كان مُجرد حلم.
ذهبتُ أنا إلىٰ المنزل كِ أرتاح قليلًا وأُرخي عضلات جسمي المنهكه من عمل اليوم الشاق هذا، وبعد مدة من التفكير في الحاضر والماضي والمستقبل، رجعتُ بالزمن لـِ أول مرة تلاقت فيه قلوبُنا وأرواحِنا، تذكرت كم كُنا سُعداء جدًا سويًا، كيف كُنا نعتصم ببعضنا البعض، وتذكرت أيضًا كيف ذهب وتركني وحول كل جزء داخل قلبي إلى فزور، أتذكر كيف كيف تساقط وفاض الأغزرين لِحُزني، وفي أثناء شرودي قطع تفكيري طرق علىٰ الباب.
_من؟
_فردت والدتي: أنا يعزيزتي، كيف حالكِ اليوم، أراكِ حزينة، ماذا بكِ؟
_لا شيء يحبيبتي لا تقلقي.
_ فردت والدتي: تحدثي يأبنتي لا تصمُتي هكذا، فأنا أخشىٰ فُراقكِ، ولا أتحملُ رحيلك عني، ألا تذكُري ما حدث لكِ بسببِ ذلك الأحمق؟ كُنتُ سأفقِدُكِ بسببه؛ ولكن اللّٰه يعلمُ أنكِ أخر شيءٍ جميل لي في هذةِ الحياة انتِ وأخاكِ عزيزتي.
_فتساقطت دمعة مني، ورددت علىٰ حديثها قائلة: لا تقلقي عزيزتي أعِدُكِ أنه لن يمر عليكِ شيءٍ كهذا مرة أُخرى.
_فردت هي قائلة: اتمنىٰ عزيزتي فأنا لن اتحمل فِراقُكِ، سأخرج لتحصُلين علىٰ قليل من الراحة، إذا أردتي أي شيء انا هُنا بالخارج.
وذهب هي للخارج وتركتني لحبل أفكاري مرة أُخرىٰ.
في صباح اليوم التالي\'
أستيقظتُ أنا وصليتُ فُرضي، وأرتديتُ ملابسي التي كانت عبارة عن جلباب أسلامي فِضفاض جميل وخِمار، وذهبتُ للعمل.
وأنا في طريقي للعمل تذكرتُ ذلك الشخص التي ألتقيتُ بهِ أمس، كم كان يُشبه ذاك الشخص اللعين الذي أحببته، كم كان يُشبه في شكله، ملامحه، نبرة صوته! وكنتُ أتساءل أيضًا كيف بعد كُلِ هذا الوقت لازلتُ أتذكر حبيبي اللعين؟ كيف مازلتُ أتذكر نبرة صوته؟ وملامح وجهه؟ وإبتسامته؟
كنتُ أودُ أن أذهب وأسأل كُل شخص أخبرني أنه يوجد شيء يُدعىٰ النسيان، أين هو النسيان؟
وفجأة طرقتُ فيّ شيء ضخم
_اهه، ما هذا؟
_ فرد هو ببرود شديد: ألا ترين؟
_فكدتُ أن أصرُخ عليه حتىٰ وجدته نفس الشخص التي التقيتُ بهِ الأمس.
_فقُلت: أهذا انت؟
_ فرد بكُل غرور: نعم أنا.
فنظرتُ له بِكُل إحتقار وذهبت لِعَملي، فاليوم أول يوم لي فيّ هذا الدوام الجديد، أتمنى أن يكون المُدير لطيفًا؛ لِانني أغشىٰ الاصوات المُرتفعة، وبعد أن ذهبتُ لمكان العمل وبدأت أن اتعرف على اصدقاء جُدد.
قولت بكل بهجة: يبدوا أن هذا العمل أفضل من العمل السابق.
_وفجأة جاء أحد المُظفين من خلفي وحدثني قائلًا: المُدير ينتظُركِ في المكتب.
_تمام سأذهب لهُ.
_ فوجدت نفس الشخص الذي التقيت به في الصباح هو نفس المُدير...
بعد أن خرجتُ من هذهِ الشركة اللعينة بعد يومٍ شاق ذهبتُ للمنزل، وأستغفرتُ اللّٰه علىٰ أي ذنب فعلته في هذا اليوم الغريب وصليتُ قيامِ ودعيتُ اللّٰه أن يُنجيني من أفكاري وأن يُعوضُني عن كُل هذا الألم وأن يبعثُ لي من يُعاملني علىٰ معنىٰ اسمي فأنا ملاك أسم علىٰ مُسمىٰ، تساقطت مني بعض الذكريات والدموع وكثير من عُمري، فَحمدتُ اللّٰه شاكرًا علىٰ ما أعطاني، ووعدت نفسي أن أبحث عن عمل آخر واللّٰه الموفق وذهبتُ في نوم عميق.
وبعد عدة أيام\"
ها أنا ذهبتُ لِعمل جديد بعيد عن شبيه ذلك الخائن، بعيد عن الذكريات المؤلمة التي مازالت عالقة في ذهني حتىٰ الآن، دعوتُ اللّٰه أن يُبدلني خيرًا منها، فأنا أعلم أنه الوحيد الذي يسمع ضجيجُ قلبي، ودعوت أن يرحمني.
وها أنا اليوم أُحدثُكم بعد بضعة أشهُر من ذلك اليوم وأنا في حفل خطوبتي علىٰ ذلك الشخص الذي ظننته شبيه خائني، كنتُ تمنيتُ من النصيب أن يجمعني به في عالم أخر في شكل جديد وعالم جديد وصفحة جديدة نستطيع فيها نسيان الماضي، وها أنا أتزوج شبيه خائني، لا أعلم كيف ولكن أعلم أن هذه حكمة الخالق.
گ/ملك أكرم »»أستير»». ❝ ⏤Malakakram
❞ _مرحبًا يعزيزي، كيف حالك الآن؟ طاب يومك، أفتقدتُك كثيرًا، كيف الحال؟
_فرد هو ببلاهه من انتِ؟ فصُعقت أنا من حديثه.
_فسألته: ألا تتذكرُني؟ أنا حبيبةُ قلبك وطبيبةُ فؤادك، أنت الذي حدثتني قائلًا هكذا! أحقًا لا تعرفُني؟ أنا التي أحببتك بكل صدق، انا التي كانت بجوارك دائمًا، انا التي تمنيتُ لو يجمعُنا النصيب، انا التي كانت تتمنى أن القاك مرة أخرىٰ، كُنت أراك كُل ليلة في منامِ، وفي آخر لحظات قبل أن استيقظ اتمنىٰ لو أستطيع أخذُكَ معي إلا الواقع ولو ليوم واحد، انا هي التي كانت دواء لجرُحك، فخُنتها انت بأبشع الطُرق، أحقًا لا تتذكرُني؟
_فرد هو بكل برود: لامعذرةً لا أتذكرُك، ولاكن سرورت بِلقاك، إلا إلقاء. وقبل أن يُكمل كَلِمته، أختفىٰ، فظننتُ أنا لوهلة أنه كان مُجرد حلم.
ذهبتُ أنا إلىٰ المنزل كِ أرتاح قليلًا وأُرخي عضلات جسمي المنهكه من عمل اليوم الشاق هذا، وبعد مدة من التفكير في الحاضر والماضي والمستقبل، رجعتُ بالزمن لـِ أول مرة تلاقت فيه قلوبُنا وأرواحِنا، تذكرت كم كُنا سُعداء جدًا سويًا، كيف كُنا نعتصم ببعضنا البعض، وتذكرت أيضًا كيف ذهب وتركني وحول كل جزء داخل قلبي إلى فزور، أتذكر كيف كيف تساقط وفاض الأغزرين لِحُزني، وفي أثناء شرودي قطع تفكيري طرق علىٰ الباب.
_من؟
_فردت والدتي: أنا يعزيزتي، كيف حالكِ اليوم، أراكِ حزينة، ماذا بكِ؟
_لا شيء يحبيبتي لا تقلقي.
_ فردت والدتي: تحدثي يأبنتي لا تصمُتي هكذا، فأنا أخشىٰ فُراقكِ، ولا أتحملُ رحيلك عني، ألا تذكُري ما حدث لكِ بسببِ ذلك الأحمق؟ كُنتُ سأفقِدُكِ بسببه؛ ولكن اللّٰه يعلمُ أنكِ أخر شيءٍ جميل لي في هذةِ الحياة انتِ وأخاكِ عزيزتي.
_فتساقطت دمعة مني، ورددت علىٰ حديثها قائلة: لا تقلقي عزيزتي أعِدُكِ أنه لن يمر عليكِ شيءٍ كهذا مرة أُخرى.
_فردت هي قائلة: اتمنىٰ عزيزتي فأنا لن اتحمل فِراقُكِ، سأخرج لتحصُلين علىٰ قليل من الراحة، إذا أردتي أي شيء انا هُنا بالخارج.
وذهب هي للخارج وتركتني لحبل أفكاري مرة أُخرىٰ.
في صباح اليوم التالي˝
أستيقظتُ أنا وصليتُ فُرضي، وأرتديتُ ملابسي التي كانت عبارة عن جلباب أسلامي فِضفاض جميل وخِمار، وذهبتُ للعمل.
وأنا في طريقي للعمل تذكرتُ ذلك الشخص التي ألتقيتُ بهِ أمس، كم كان يُشبه ذاك الشخص اللعين الذي أحببته، كم كان يُشبه في شكله، ملامحه، نبرة صوته! وكنتُ أتساءل أيضًا كيف بعد كُلِ هذا الوقت لازلتُ أتذكر حبيبي اللعين؟ كيف مازلتُ أتذكر نبرة صوته؟ وملامح وجهه؟ وإبتسامته؟
كنتُ أودُ أن أذهب وأسأل كُل شخص أخبرني أنه يوجد شيء يُدعىٰ النسيان، أين هو النسيان؟
وفجأة طرقتُ فيّ شيء ضخم
_اهه، ما هذا؟
_ فرد هو ببرود شديد: ألا ترين؟
_فكدتُ أن أصرُخ عليه حتىٰ وجدته نفس الشخص التي التقيتُ بهِ الأمس.
_فقُلت: أهذا انت؟
_ فرد بكُل غرور: نعم أنا.
فنظرتُ له بِكُل إحتقار وذهبت لِعَملي، فاليوم أول يوم لي فيّ هذا الدوام الجديد، أتمنى أن يكون المُدير لطيفًا؛ لِانني أغشىٰ الاصوات المُرتفعة، وبعد أن ذهبتُ لمكان العمل وبدأت أن اتعرف على اصدقاء جُدد.
قولت بكل بهجة: يبدوا أن هذا العمل أفضل من العمل السابق.
_وفجأة جاء أحد المُظفين من خلفي وحدثني قائلًا: المُدير ينتظُركِ في المكتب.
_تمام سأذهب لهُ.
_ فوجدت نفس الشخص الذي التقيت به في الصباح هو نفس المُدير..
بعد أن خرجتُ من هذهِ الشركة اللعينة بعد يومٍ شاق ذهبتُ للمنزل، وأستغفرتُ اللّٰه علىٰ أي ذنب فعلته في هذا اليوم الغريب وصليتُ قيامِ ودعيتُ اللّٰه أن يُنجيني من أفكاري وأن يُعوضُني عن كُل هذا الألم وأن يبعثُ لي من يُعاملني علىٰ معنىٰ اسمي فأنا ملاك أسم علىٰ مُسمىٰ، تساقطت مني بعض الذكريات والدموع وكثير من عُمري، فَحمدتُ اللّٰه شاكرًا علىٰ ما أعطاني، ووعدت نفسي أن أبحث عن عمل آخر واللّٰه الموفق وذهبتُ في نوم عميق.
وبعد عدة أيام˝
ها أنا ذهبتُ لِعمل جديد بعيد عن شبيه ذلك الخائن، بعيد عن الذكريات المؤلمة التي مازالت عالقة في ذهني حتىٰ الآن، دعوتُ اللّٰه أن يُبدلني خيرًا منها، فأنا أعلم أنه الوحيد الذي يسمع ضجيجُ قلبي، ودعوت أن يرحمني.
وها أنا اليوم أُحدثُكم بعد بضعة أشهُر من ذلك اليوم وأنا في حفل خطوبتي علىٰ ذلك الشخص الذي ظننته شبيه خائني، كنتُ تمنيتُ من النصيب أن يجمعني به في عالم أخر في شكل جديد وعالم جديد وصفحة جديدة نستطيع فيها نسيان الماضي، وها أنا أتزوج شبيه خائني، لا أعلم كيف ولكن أعلم أن هذه حكمة الخالق.
گ/ملك أكرم »»أستير»». ❝
❞ أخذ الأصدقاء ينتظرون سماع صوت البوق الآذن لجحافل الجيوش بالتحرك.
وكل واحد منهم يتذكر وصية عاصف الأخيرة:
_تذكروا أن سرابي لم تعد صديقتنا،إنها عدوتكم فاقتلوها بلا رحمة. ❝ ⏤أحمد آل حمدان
❞ أخذ الأصدقاء ينتظرون سماع صوت البوق الآذن لجحافل الجيوش بالتحرك.
وكل واحد منهم يتذكر وصية عاصف الأخيرة:
_تذكروا أن سرابي لم تعد صديقتنا،إنها عدوتكم فاقتلوها بلا رحمة. ❝