يأتي انشاء مؤسستنا ضمن سياق الجهود الكبيرة التي ظل العديد من دور النشر العربية يشارك فيها لتفعيل الثقافة العربية ونشرها وبناء الجسور مع الثقافات الأخرى في شتى أنحاء العالم. إضافة إلى ذلك، فإن التطور الهائل الذي نشهده اليوم في مجال تكنولوجيا المعلومات بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي والانتشار السريع للمعلومات وغزارتها على مواقع الانترنت قد وفر إطارا فعالا ومؤثرا لحوار واسع تشارك فيه فئات واسعة من المتعلمين في شتى أنحاء العالم العربي.
وللمساهمة في دعم وتطوير هذا الحوار الواسع، وجدت دار دلمون أن نشر الكتب المعمِّقة لهذا الحوار –سواء المؤلفة عربيا أو المترجمة من لغات أخرى- هو النهج الذي ستسير عليه.
بصيغة أخرى: المساهمة في تعميق حوار الحضارات عبر تبني الدراسات الجادة في ميادين الدراسات الانثروبولوجية واللاهوتية والعلمية والسياسية والفلسفية والأدبية.
وضمن هذا السياق فإن دار دلمون ستسعى إلى المساهمة في ترجمة الكتب العربية المحفزة للحوار لدى القارئ الأجنبي، إلى عدة لغات أجنبية.
كذلك، تنطلق دارنا من قناعة ترى أن سرعة التطور في مجالي تكنولوجيا المعلومات والتواصل الاجتماعي لا تنفي حقيقة أن الحاضر أصبح مقطوعا عن الماضي، وأن الدراسات التاريخية التي تعالج أشكال التطور في مختلف الحقول المعرفية جد ضرورية لبناء وعي معمق بحاضرنا.
فعلى سبيل المثال، كان لوسائل التواصل الاجتماعي دور حاسم في انطلاق الربيع العربي، في حين أن أعدادا كبيرة من الشباب التي لعبت دورا إيجابيا وفعالا في هز الانظمة السائدة، لم تكن على اطلاع كاف بمئات الكتب التي صدرت في العقد الأخير من القرن العشرين والتي عالجت بهذا الشكل أو ذاك الكيفية التي صيغ فيها تاريخ ذلك القرن سواء كان في مجال السياسة أو تكنولوجيا المعلومات أو علم الأجنة أو فيزياء الكم أو الفضاء.
لم يطلع الشباب على تجارب حية صاغتها شخصيات ثورية هامة في عصرنا مثل مارتن لوثر كينغ، نيلسون مانديلا، فاتسلافهافل. فالأول قاد أكبر ثورة سلمية للأميركيين الأفارقة خلال الستينات من القرن الماضي ودفع حياته ثمنا لها؛ والثاني تمكن من إسقاط أبشع نظام عنصري عرفته البشرية، من خلال رفعه شعار: “مواطن واحد، صوت واحد”، ومقابل ذلك، دفع 27 سنة من عمره في السجن؛ والثالث، تزعم الثورة البنفسجية في تشيكوسلوفاكيا وبلدان أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ولعب دورا مهما في تحقيق المصالحة الوطنية وتجنيب بلده الحرب الأهلية.
كذلك، فإن الدراسات العلمية التي تلقي الضوء على الكيفية التي تحققت وفقها ثورة تكنولوجيا المعلومات وثورة الفيزياء الحديثة والثورة الرقمية والثورة الجينية (التي تكللت بفك شفرة الخارطة الجينية لكل المخلوقات الحية بما فيها الانسان) لم تلق اهتماما كبيرا من قبل دور النشر العربية على الرغم من أن ثمار كل هذه الثورات قد أصبحت موضع استعمال يومي من قبل قطاعات واسعة من العرب.
ونقص في هذه المعرفة قد زاد، على الرغم من هذا الاستعمال اليومي، من العزلة بين العالم العربي وبقية العالم بشكل عام، وساعد على تعمق التطرف ورفض الآخر ، والابتعاد أكثر فأكثر عما تركه العلماء والفلاسفة االمسلمون من تراث بنى الغرب عليه عصر نهضته. وهذا ما عمق القطيعة بين الكثير من الشباب العربي المتعلم اليوم وما ينتج من دراسات غزيرة في الغرب في هذه الميادين الحيوية والموجهة للقارئ العادي.
لكن ذلك لن يمنعنا من المساهمة في تقديم الكتب الجادة (المؤلفة
والمترجمة) في مجالي الأدب والفنون التشكيلية والأدائية، وخصوصا تلك التي تتناول الأساليب الحديثة في التعبير من أجل إغناء المكتبة العربية بدراسات نقدية توسع الآفاق أمام المبدعين العرب.
وقد يكون من الضروري التأكيد على استقلالية دار دلمون في تحديد الكتب التي تتبناها وفي رسم سياستها المستقبلية، بالرغم من حرصنا على مد الجسور مع كل المؤسسات ذات الاهتمامات والأهداف المشتركةوتوطيد عرى التعاون معها.
أخيرا، نود التأكيد على أن دار دلمون مؤسسة ثقافية غير ربحية. مع ذلك، فإن العاملين والمتعاونين معها من كتّاب ومحررين ومترجمين وغيرهم سيتقاضون مكافآت تتناسب إلى حد كبير مع مساهماتهم القيّمة، فنوعية الكتب الصادرة عن دارنا ستضمن أعلى درجة من الجودة في مجالات التحرير والطباعة والتصميم.
دار دلمون ( منذ البدء كانت الكلمة)
ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ أزرقي ❝ ❞ قبل أن ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ آية المقداد ❝ ❞ سعيد أبو نعسة ❝