█ من الرسالة الأولي ــ العدد واعلمْ أيها الأخ البار الرحيم أيدك لله وإيانا بروح منه أنه إنما قدم الحكماءُ النظر علم قبل سائر العلوم الرياضية؛ لأن هذا العلم مركوز كل نفس بالقوة وإنما يحتاج الإنسان إلى التأمل الفكرية حسب غير أن يأخذ لها مثالًا آخر بل يؤخذ المثال معلوم (( واعلم أحد أغراضنا هذه الرسالة ما قد بيَّنا أولها وأما الغرض الآخر فهو التنبيهُ « النفس » والحث على معرفة جوهرها وذلك العاقل الذهين إذا نظر وتفكر كمية أجناسه وتقاسيمِ أنواعه وخواص تلك الأنواع؛ أنها كلها أعراض وجودها وقوامها بالنفس فالنفسُ إذن جوهر؛ لأن العرض لا يكون له قوام إلا بالجوهر ولا يوجد فيه كتاب رسائل اخوان الصفاء وخلان الوفاء (الجزء ألأول) مجاناً PDF اونلاين 2025 لم يعرف المسلمون عصرًا كالقرن الرابع للهجرة تناقضت حياتهم العامة أشد التناقض فكانت سيئة السوء مجدبة أقبح الإجداب ناحية وكانت حسنة قيمة خصبة منتجة أخرى فسدَت حياتُهم السياسية فسادًا ظاهرًا فانحل سلطان الخلافة بغداد وأصبح أمر الخلفاء المسيطرين عليهم رجال القصر ونسائه يعبثون بهم ويحتكمون فيهم ويكلفونهم صروف الذلة والهوان واضطربت الدولة فاستقلت عنها الأطراف البعيدة استقلالًا تامٍّا وطمحت الأقاليم القريبة شيء الاستقلال الداخلي يختلف قوة وضعفًا باختلاف لهذه حظ حياتها الاقتصادية والاجتماعية وباختلاف مَن ينجم فيها الزعماء وأصحاب المطامع بحيث أصبح العالم الإسلامي العصر ميدانًا للتنافس وازدحام الأهواء والشهوات والاستباق مظاهر الفوضى والاضطراب وصلحت العقلية صلاحًا يعرفوا مثيلًا فأزهر الشعر والنثر ونضج والفلسفة ونمت علوم اللغة وفنونها ونهض التاريخ والجغرافيا إنك تنظر هاتين الناحيتين نواحي الحياة الإسلامية العصرفلا تكاد تستريح أنهما تمثلان أمة واحدة هي الأمة متأثرة بحضارة الحضارة وخاضعة لسلطان واحد هو الإسلام