والنتيجة هي مفاجأة أكثر إدهاشًا من كل المفاجآت السابقة... 💬 أقوال مصطفى محمود 📖 كتاب آينشتين والنسبية
- 📖 من ❞ كتاب آينشتين والنسبية ❝ مصطفى محمود 📖
█ والنتيجة هي مفاجأة أكثر إدهاشًا من كل المفاجآت السابقة الكتلة مرادفة للوزن لغة الكلام العادي والذين يذكرون بعض المعلومات التي أخذوها كتب الطبيعة يعلمون أن للكتلة تعريفًا مختلفًا فهي : خاصية مقاومة الحركة هكذا يسميها الفقهاء وقد تعلمنا هؤلاء الكتلة كمٌ ثابت وأنها لا تتأثر بحركة الجسم أو بسكونه فهي صفة جوهرية فيه ولكن أينشتين الذي قلب وجه الفقه الطبيعي أثبت نسبية مثل الزمان والمكان مقدار متغير تتغير كلما ازدادت سرعة كلما كتلته ولا تبدو هذه الفروق السرع الصغيرة المألوفة حولنا ولهذا تفوتنا فلا نلاحظها ولكنها السرَع العالية تقترب الضوء تصبح فروقاً هائلة حتى إذا بلغت فإن نهائية وبالتالي مقاومته للحركة يتوقف وهذه فرضية مستحيلة طبعًا لأنه يوجد جسم يمكنه يتحرك بسرعة واستطاع يقدم المعادلة الدقيقة تبين العلاقة بين كتلة وسرعته لينك : http: im35 gulfup com MlRL9 jpg حيث ك1 وهو متحرك ك ساكن ع سرعته ص والذين أوليات علم الجبر كتاب آينشتين والنسبية مجاناً PDF اونلاين 2025 فكر وثقافة هذا الكتاب رحلة علمية خصبة يحوي طياته الكثير المفاتيج الهامة لبعض الالغاز نحاول جاهدين الي اداركها ,رحلة عملية مثيرة تصحب قارئ ذلك تصنع خياله مادة للتفكير المنطقي وفى هذا يأخذك " مصفى محمود" قصيرة وأقرب ما تكون لعقلك وقلبك وروحك إلى حيث بدأ آينشتاين رحتله مع النسبية يتدرج بها المكان والمجال ممتعة تلك الرحلة أنها تكاد تخلو الأرقام يحكيها بجمال ستعجب منه! كيف استطاع يقرب المعاني العلمية الكبيرة ويحاور قلبك قبل ذهنك يجعلك تتأمل عظمة الكون وفي مدى قصور العلم مهما بلغ ومهما حاول يفهم القدرات الإلهية نكاد نجهل ماهيتها تماما النهاية يقول عن كان يدرك تواضع عاجز رؤية البداية والنهاية قاصر فهم ماهية أي شيء يستطيعه هو يقيس كميات ويتعرف العلاقات تربط الكميات ويكشف القوانين تجمعها معاً شمل واحد" وحاول دكتور مصطفى محمود رحمه الله باسلوبه المعروف بالسهولة والمنطقية الشديدة النظرية لاينشتين بحيث تناسب وادراك عامة الناس اعتراض شديد منه قصر عدد قليل العلماء بحجة التعمق والتخصص قد يؤدي عزلة مؤيدا كتابه دعا اليه اينشتين نفسه نشر فقد يكره الكهانة والتلفع بالغموض والادعاء والتعاظم وكان الحقيقة بسيطة نجح اديب الفلاسفة حد كبير شرحها كالعادة خلال الكتاب إقتباسات : كل نراه ونتصوره خيالات مترجمة وجود لها الاصل مجرد صور رمزية للمؤثرات المختلفة صوّرها جهازنا العصبي بأدواته الحسية المحدودة رؤيتنا العاجزة ترى الجدران صمّاء وهي ليست بل مخلخلة أقصى درجات التخلخل! ولكن حواسنا تسمح لنا برؤية العالم ليس حقيقياً إنما عالم اصطلاحي بحت نعيش به معتقلين الرموز يختلقها عقلنا ليدلنا الأشياء غير المعروفة خضرة الحقول زرقة السماء وكل الألوان المبهجة أصلاً الأشياء! تفسيرات وترجمته لموجات حوله لا سبيل لمعرفة المطلق لأي أحسن الأحوال نقدّر موضعه نسبةً كذا وكذا يستحيل لأن "كذا وكذا" حالة حركة أيضاً! هناك استثناء واحد ندرك المطلقة: اللحظة تفقد انتظامها فتتسارع تتباطأ القطار نركبه بالفعل متحرك! يتضاعف لعشرات وملايين الأضعاف لكننا لن نشعر بذلك النسب الحجمية تظل محفوظة ولأن نسبة بجوارها ثابتة المراجع
❞ والنتيجة هي مفاجأة أكثر إدهاشًا من كل المفاجآت السابقة . الكتلة مرادفة للوزن في لغة الكلام العادي . والذين يذكرون بعض المعلومات التي أخذوها في كتب الطبيعة يعلمون أن للكتلة تعريفًا مختلفًا . فهي : خاصية مقاومة الحركة . هكذا يسميها الفقهاء . وقد تعلمنا من هؤلاء الفقهاء أن الكتلة كمٌ ثابت . وأنها لا تتأثر بحركة الجسم أو بسكونه . فهي صفة جوهرية فيه .
ولكن أينشتين الذي قلب وجه الفقه الطبيعي أثبت أن الكتلة نسبية مثل الزمان والمكان . وأنها مقدار متغير، وأنها تتغير بحركة الجسم .
كلما ازدادت سرعة الجسم كلما ازدادت كتلته . ولا تبدو هذه الفروق في السرع الصغيرة المألوفة حولنا ولهذا تفوتنا فلا نلاحظها . ولكنها في السرَع العالية التي تقترب من سرعة الضوء تصبح فروقاً هائلة . حتى إذا بلغت سرعة الجسم مثل سرعة الضوء فإن كتلته تصبح لا نهائية . وبالتالي تصبح مقاومته للحركة لا نهائية وبالتالي يتوقف .
وهذه فرضية مستحيلة طبعًا . لأنه لا يوجد جسم يمكنه أن يتحرك بسرعة الضوء . واستطاع أينشتين أن يقدم المعادلة الدقيقة التي تبين العلاقة بين كتلة الجسم وسرعته . لينك المعادلة :
http://im35.gulfup.com/MlRL9.jpg
حيث أن ك1 هي كتلة الجسم وهو متحرك ، ك كتلته وهو ساكن ، ع سرعته ، ص سرعة الضوء . والذين يذكرون أوليات علم الجبر يعلمون أن ع حينما تكون مقاديرها صغيرة لا تؤثر بكثير في المعادلة . ولكن حينما تقترب ع من سرعة الضوء فإن النتيجة تتضخم بشكل هائل وتصبح قيمة الجذر التربيعي أقرب إلى الصفر . وتصبح الكتلة الجديدة هي ك مقسومة على صفر . أي لا نهاية . ولم تلبث المعامل أن قدمت لنا التجربة الملموسة التي تثبت صدق هذه المعادلة . وبهذا خرجت بها من حيز الافتراضات الجبرية إلى حيز الحقائق العلمية المعترف بها .
أثبتت التجارب أن القذائف المشعة التي تطلقها مادة الراديوم واليورانيوم ( وهي دقائق مادية متناهية في الصِغَر تنطلق بسرعة قريبة من سرعة الضوء ) تزداد كتلتها بما يتفق مع حسابات أينشتين .
وخطا أينشتين خطوة أخرى في تفكيره النظري قائلًا : إنه مادام الجسم يكتسب مزيدًا من الكتلة حينما يكتسب مزيدًا من الحركة . وبما أن الحركة شكل من أشكال الطاقة . فإن معنى هذا أن الجسم حينما يكتسب طاقة يكتسب في نفس الوقت كتلة . أي أن الطاقة يمكن أن تتحول إلى كتلة، والكتلة يمكن أن تتحول إلى طاقة .
وما لبث أن قدم المعادلة التاريخية لهذه العلاقة بين الطاقة والكتلة . وهي المعادلة التي صُنِعت القنبلة الذرية على أساسها :
طـ = ك X ص2 .
أو أن الطاقة المتحصلة من كتلة معينة تساوي حاصل ضرب هذه الكتلة بالجرام في مربع سرعة الضوء بالسنتيمتر/ ثانية . ويلاحَظ هنا أن الطاقة الناتجة من تفجير جرام واحد كمية هائلة جدًا . وأنها يمكن أن تحرق مدينة . أو تزوِّد مديرية كاملة بالوقود لمدة سنة . فإذا أردنا أن نحسب كمية الكتلة المتحصلة من تركيز كمية الطاقة، فإن المعادلة تكون أن . الكتلة تساوي الطاقة مقسومة على سرعة الضوء بالسنتيمتر ثانية . أي مقدار ضئيل جدًا . والمعادلة تفسر لنا السر في أزلية هذا الكون وقِدَمه . السر أن هذا العدد الهائل من النجوم مضت عليه آماد طويلة من بلايين السنين وهو يشع نورًا وطاقة وحرارة . ولم تبد عليه مخايل الفناء بعد . والسر هو أن النجوم تحترق بطريقة أخرى غير احتراق السجاير . والكبريت . فالكبريت يشتعل بطريقة كيميائية . والنار التي تخرج منه هي حرارة اتحاد عناصر بعضها ببعض . هي حرارة إتحاد الكبريت بالأوكسجين لينتج ثاني أكسيد الكربون .
الكبريت لا يفنَى وإنما يتحول إلى مركبات أخرى . هي الدخان . أما احتراق الشمس والنجوم فإنه احتراق فَناء . ذرات الشمس والنجوم تتحطم وتتدفق شعاعًا في كل أقطار الكون، وهذا النوع من الاحتراق النووي بطيء جدًا . لأن قليلًا جدً جدًا من المادة يملأ الفضاء بالكثير جدًا جدًا من الطاقة .
فالنجوم تخسر قليلًا جدًا من مادتها كل يوم . وهذا سر عمرها الطويل الأزلي، ولو كانت الشمس تحترق بالطريقة التي تحترق بها السجائر وعيدان الكبريت لانطفأت في لحظة ولتحولت الأرض إلى صقيع وانقرض ما عليها من صنوف الحياة .
ولقد كان انفجار قنبلة هيروشيما ، واختراع القنبلة الهيدروجينية بعد ذلك ، ثم قنبلة النيوترون بداية فتح رهيب في عالَم الطاقة .
لقد سلَّم أينشتين مفاتيح جهنم للعلماء . وللساسة المخبولين . وللمجانين من هواة الحروب . بهذه المعادلة البسيطة . وأصبح ممكنًا بالحساب والأرقام معرفة كمية المادة اللازمة لنسف دولة وإفناء شعب . وهي في العادة قليل من جرامات اليورانيوم والماء الثقيل والكوبالت . أقل مما يملأ قبضة اليد .
وانفتح في نفس الوقت باب لبحوث الفضاء . وأصبح السفر في صواريخ هائلة تنطلق بسرعة خارقة وتخرج من جاذبية الأرض ممكنًا . نتيجة اختراع صنوف جديدة من الوقود الذرّي . لكن أهم من هذه التطبيقات العملية . كانت هناك نتيجة نظرية خطيرة ترتبت على هذه الخطوة . أن الحاجز بين المادة والطاقة قد سقط نهائيًا . وأصبحت المادة هي الطاقة ، والطاقة هي المادة . لا فرق بين الصوت والضوء والحرارة والحركة والمغنطيسية والكهرباء . وبين المادة الخاملة التي لا يخرج منها صوت ولا تندّ عنها حركة .
فالمادة هي كل هذه الظواهر مختزنة مركَّزة . المادة هي الحركة مضغوطة محبوسة . هي قمقم سليمان فيه عفريت .
وأينشتين هو الذي أطلق تعزيمة الرموز والطلاسم الجبرية فانفتح القمقم وخرج العفريت . المادة ليست مادة . إنها حركة .
ما الفرق بين أن نقول ذلك ، وبين أن نقول إنها روح . ؟! الروح تعبير صوفي نقصد به الفعالية الخالصة التي بلا جسد . والمادة اتضح أنها فعالية خالصة ( حركة ) وأن جسمها الملموس وَهم من أوهام الحواس . الألفاظ تختلط ببعضها . وكل شيء جائز .
ومنذ اللحظة التي حطم فيها أينشتين السدّ الوهميّ بين المادة والطاقة ، انهار كل يقين حسي ملموس . وتحولت الدنيا إلى خواء مشحون بطاقة غير مرئية . مثل الجن والعفاريت . مرة يسميها العِلم موجات مغناطيسية كهربائية . ومرة يسميها أشعة كونية . ومرة يسميها أشعة إكس . ومرة يسميها جزيئات بيتا . ومرة يسميها أشعة جاما . وأغلبها أشياء تقتل في الظلام دون أن تدركها الحواس . وهذه الأشياء هي نفسها المادة الساذجة الخاملة التي نتداولها بين أيدينا كل يوم .
وسط هذا التشويش والغموض وَجَدت بعض المعضلات العلمية تفسيرها . المشكلة التي أثارها ماكس بلانك : هل طبيعة الضوء ذرية . أو موجية . ؟! مثل هذا الازدواج أصبح طبيعيًا . فالضوء مادة وفي نفس الوقت طاقة . ولابد أن يحمل أثر هذه الطبيعة المزدوجة . وهي ازدواج وليس تناقضًا . لأن الذرة ليست شكلًا ثابتًا وحيدًا للمادة . وإنما هي في ذات الوقت يمكن أن تتبعثر أمواجًا .
مقال / الكتلة من كتاب / اينشتين والنسبيه للدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ والنتيجة هي مفاجأة أكثر إدهاشًا من كل المفاجآت السابقة .. الكتلة مرادفة للوزن في لغة الكلام العادي .. والذين يذكرون بعض المعلومات التي أخذوها في كتب الطبيعة يعلمون أن للكتلة تعريفًا مختلفًا .. فهي : خاصية مقاومة الحركة .. هكذا يسميها الفقهاء . وقد تعلمنا من هؤلاء الفقهاء أن الكتلة كمٌ ثابت .. وأنها لا تتأثر بحركة الجسم أو بسكونه .. فهي صفة جوهرية فيه . ولكن أينشتين الذي قلب وجه الفقه الطبيعي أثبت أن الكتلة نسبية مثل الزمان والمكان .. وأنها مقدار متغير، وأنها تتغير بحركة الجسم . كلما ازدادت سرعة الجسم كلما ازدادت كتلته .. ولا تبدو هذه الفروق في السرع الصغيرة المألوفة حولنا ولهذا تفوتنا فلا نلاحظها .. ولكنها في السرَع العالية التي تقترب من سرعة الضوء تصبح فروقاً هائلة .. حتى إذا بلغت سرعة الجسم مثل سرعة الضوء فإن كتلته تصبح لا نهائية .. وبالتالي تصبح مقاومته للحركة لا نهائية وبالتالي يتوقف . وهذه فرضية مستحيلة طبعًا .. لأنه لا يوجد جسم يمكنه أن يتحرك بسرعة الضوء .. واستطاع أينشتين أن يقدم المعادلة الدقيقة التي تبين العلاقة بين كتلة الجسم وسرعته .. لينك المعادلة : http://im35.gulfup.com/MlRL9.jpg حيث أن ك1 هي كتلة الجسم وهو متحرك ، ك كتلته وهو ساكن ، ع سرعته ، ص سرعة الضوء . والذين يذكرون أوليات علم الجبر يعلمون أن ع حينما تكون مقاديرها صغيرة لا تؤثر بكثير في المعادلة .. ولكن حينما تقترب ع من سرعة الضوء فإن النتيجة تتضخم بشكل هائل وتصبح قيمة الجذر التربيعي أقرب إلى الصفر .. وتصبح الكتلة الجديدة هي ك مقسومة على صفر .. أي لا نهاية .. ولم تلبث المعامل أن قدمت لنا التجربة الملموسة التي تثبت صدق هذه المعادلة .. وبهذا خرجت بها من حيز الافتراضات الجبرية إلى حيز الحقائق العلمية المعترف بها .. أثبتت التجارب أن القذائف المشعة التي تطلقها مادة الراديوم واليورانيوم ( وهي دقائق مادية متناهية في الصِغَر تنطلق بسرعة قريبة من سرعة الضوء ) تزداد كتلتها بما يتفق مع حسابات أينشتين .. وخطا أينشتين خطوة أخرى في تفكيره النظري قائلًا : إنه مادام الجسم يكتسب مزيدًا من الكتلة حينما يكتسب مزيدًا من الحركة .. وبما أن الحركة شكل من أشكال الطاقة .. فإن معنى هذا أن الجسم حينما يكتسب طاقة يكتسب في نفس الوقت كتلة .. أي أن الطاقة يمكن أن تتحول إلى كتلة، والكتلة يمكن أن تتحول إلى طاقة . وما لبث أن قدم المعادلة التاريخية لهذه العلاقة بين الطاقة والكتلة .. وهي المعادلة التي صُنِعت القنبلة الذرية على أساسها : طـ = ك X ص2 . أو أن الطاقة المتحصلة من كتلة معينة تساوي حاصل ضرب هذه الكتلة بالجرام في مربع سرعة الضوء بالسنتيمتر/ ثانية .. ويلاحَظ هنا أن الطاقة الناتجة من تفجير جرام واحد كمية هائلة جدًا .. وأنها يمكن أن تحرق مدينة .. أو تزوِّد مديرية كاملة بالوقود لمدة سنة . فإذا أردنا أن نحسب كمية الكتلة المتحصلة من تركيز كمية الطاقة، فإن المعادلة تكون أن .. الكتلة تساوي الطاقة مقسومة على سرعة الضوء بالسنتيمتر ثانية .. أي مقدار ضئيل جدًا .. والمعادلة تفسر لنا السر في أزلية هذا الكون وقِدَمه .. السر أن هذا العدد الهائل من النجوم مضت عليه آماد طويلة من بلايين السنين وهو يشع نورًا وطاقة وحرارة .. ولم تبد عليه مخايل الفناء بعد .. والسر هو أن النجوم تحترق بطريقة أخرى غير احتراق السجاير .. والكبريت .. فالكبريت يشتعل بطريقة كيميائية .. والنار التي تخرج منه هي حرارة اتحاد عناصر بعضها ببعض .. هي حرارة إتحاد الكبريت بالأوكسجين لينتج ثاني أكسيد الكربون .. الكبريت لا يفنَى وإنما يتحول إلى مركبات أخرى .. هي الدخان . أما احتراق الشمس والنجوم فإنه احتراق فَناء .. ذرات الشمس والنجوم تتحطم وتتدفق شعاعًا في كل أقطار الكون، وهذا النوع من الاحتراق النووي بطيء جدًا .. لأن قليلًا جدً جدًا من المادة يملأ الفضاء بالكثير جدًا جدًا من الطاقة .. فالنجوم تخسر قليلًا جدًا من مادتها كل يوم .. وهذا سر عمرها الطويل الأزلي، ولو كانت الشمس تحترق بالطريقة التي تحترق بها السجائر وعيدان الكبريت لانطفأت في لحظة ولتحولت الأرض إلى صقيع وانقرض ما عليها من صنوف الحياة . ولقد كان انفجار قنبلة هيروشيما ، واختراع القنبلة الهيدروجينية بعد ذلك ، ثم قنبلة النيوترون بداية فتح رهيب في عالَم الطاقة . لقد سلَّم أينشتين مفاتيح جهنم للعلماء .. وللساسة المخبولين .. وللمجانين من هواة الحروب .. بهذه المعادلة البسيطة .. وأصبح ممكنًا بالحساب والأرقام معرفة كمية المادة اللازمة لنسف دولة وإفناء شعب .. وهي في العادة قليل من جرامات اليورانيوم والماء الثقيل والكوبالت .. أقل مما يملأ قبضة اليد .. وانفتح في نفس الوقت باب لبحوث الفضاء .. وأصبح السفر في صواريخ هائلة تنطلق بسرعة خارقة وتخرج من جاذبية الأرض ممكنًا .. نتيجة اختراع صنوف جديدة من الوقود الذرّي . لكن أهم من هذه التطبيقات العملية .. كانت هناك نتيجة نظرية خطيرة ترتبت على هذه الخطوة .. أن الحاجز بين المادة والطاقة قد سقط نهائيًا .. وأصبحت المادة هي الطاقة ، والطاقة هي المادة . لا فرق بين الصوت والضوء والحرارة والحركة والمغنطيسية والكهرباء .. وبين المادة الخاملة التي لا يخرج منها صوت ولا تندّ عنها حركة . فالمادة هي كل هذه الظواهر مختزنة مركَّزة . المادة هي الحركة مضغوطة محبوسة . هي قمقم سليمان فيه عفريت . وأينشتين هو الذي أطلق تعزيمة الرموز والطلاسم الجبرية فانفتح القمقم وخرج العفريت . المادة ليست مادة .. إنها حركة .. ما الفرق بين أن نقول ذلك ، وبين أن نقول إنها روح .. ؟! الروح تعبير صوفي نقصد به الفعالية الخالصة التي بلا جسد .. والمادة اتضح أنها فعالية خالصة ( حركة ) وأن جسمها الملموس وَهم من أوهام الحواس .. الألفاظ تختلط ببعضها .. وكل شيء جائز . ومنذ اللحظة التي حطم فيها أينشتين السدّ الوهميّ بين المادة والطاقة ، انهار كل يقين حسي ملموس .. وتحولت الدنيا إلى خواء مشحون بطاقة غير مرئية .. مثل الجن والعفاريت .. مرة يسميها العِلم موجات مغناطيسية كهربائية .. ومرة يسميها أشعة كونية .. ومرة يسميها أشعة إكس .. ومرة يسميها جزيئات بيتا .. ومرة يسميها أشعة جاما .. وأغلبها أشياء تقتل في الظلام دون أن تدركها الحواس .. وهذه الأشياء هي نفسها المادة الساذجة الخاملة التي نتداولها بين أيدينا كل يوم .. وسط هذا التشويش والغموض وَجَدت بعض المعضلات العلمية تفسيرها .. المشكلة التي أثارها ماكس بلانك : هل طبيعة الضوء ذرية .. أو موجية .. ؟! مثل هذا الازدواج أصبح طبيعيًا .. فالضوء مادة وفي نفس الوقت طاقة .. ولابد أن يحمل أثر هذه الطبيعة المزدوجة .. وهي ازدواج وليس تناقضًا .. لأن الذرة ليست شكلًا ثابتًا وحيدًا للمادة .. وإنما هي في ذات الوقت يمكن أن تتبعثر أمواجًا .. مقال / الكتلة من كتاب / اينشتين والنسبيه للدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ والنتيجة هي مفاجأة أكثر إدهاشًا من كل المفاجآت السابقة . الكتلة مرادفة للوزن في لغة الكلام العادي . والذين يذكرون بعض المعلومات التي أخذوها في كتب الطبيعة يعلمون أن للكتلة تعريفًا مختلفًا . فهي : خاصية مقاومة الحركة . هكذا يسميها الفقهاء . وقد تعلمنا من هؤلاء الفقهاء أن الكتلة كمٌ ثابت . وأنها لا تتأثر بحركة الجسم أو بسكونه . فهي صفة جوهرية فيه .
ولكن أينشتين الذي قلب وجه الفقه الطبيعي أثبت أن الكتلة نسبية مثل الزمان والمكان . وأنها مقدار متغير، وأنها تتغير بحركة الجسم .
كلما ازدادت سرعة الجسم كلما ازدادت كتلته . ولا تبدو هذه الفروق في السرع الصغيرة المألوفة حولنا ولهذا تفوتنا فلا نلاحظها . ولكنها في السرَع العالية التي تقترب من سرعة الضوء تصبح فروقاً هائلة . حتى إذا بلغت سرعة الجسم مثل سرعة الضوء فإن كتلته تصبح لا نهائية . وبالتالي تصبح مقاومته للحركة لا نهائية وبالتالي يتوقف .
وهذه فرضية مستحيلة طبعًا . لأنه لا يوجد جسم يمكنه أن يتحرك بسرعة الضوء . واستطاع أينشتين أن يقدم المعادلة الدقيقة التي تبين العلاقة بين كتلة الجسم وسرعته . لينك المعادلة :
http://im35.gulfup.com/MlRL9.jpg
حيث أن ك1 هي كتلة الجسم وهو متحرك ، ك كتلته وهو ساكن ، ع سرعته ، ص سرعة الضوء . والذين يذكرون أوليات علم الجبر يعلمون أن ع حينما تكون مقاديرها صغيرة لا تؤثر بكثير في المعادلة . ولكن حينما تقترب ع من سرعة الضوء فإن النتيجة تتضخم بشكل هائل وتصبح قيمة الجذر التربيعي أقرب إلى الصفر . وتصبح الكتلة الجديدة هي ك مقسومة على صفر . أي لا نهاية . ولم تلبث المعامل أن قدمت لنا التجربة الملموسة التي تثبت صدق هذه المعادلة . وبهذا خرجت بها من حيز الافتراضات الجبرية إلى حيز الحقائق العلمية المعترف بها .
أثبتت التجارب أن القذائف المشعة التي تطلقها مادة الراديوم واليورانيوم ( وهي دقائق مادية متناهية في الصِغَر تنطلق بسرعة قريبة من سرعة الضوء ) تزداد كتلتها بما يتفق مع حسابات أينشتين .
وخطا أينشتين خطوة أخرى في تفكيره النظري قائلًا : إنه مادام الجسم يكتسب مزيدًا من الكتلة حينما يكتسب مزيدًا من الحركة . وبما أن الحركة شكل من أشكال الطاقة . فإن معنى هذا أن الجسم حينما يكتسب طاقة يكتسب في نفس الوقت كتلة . أي أن الطاقة يمكن أن تتحول إلى كتلة، والكتلة يمكن أن تتحول إلى طاقة .
وما لبث أن قدم المعادلة التاريخية لهذه العلاقة بين الطاقة والكتلة . وهي المعادلة التي صُنِعت القنبلة الذرية على أساسها :
طـ = ك X ص2 .
أو أن الطاقة المتحصلة من كتلة معينة تساوي حاصل ضرب هذه الكتلة بالجرام في مربع سرعة الضوء بالسنتيمتر/ ثانية . ويلاحَظ هنا أن الطاقة الناتجة من تفجير جرام واحد كمية هائلة جدًا . وأنها يمكن أن تحرق مدينة . أو تزوِّد مديرية كاملة بالوقود لمدة سنة . فإذا أردنا أن نحسب كمية الكتلة المتحصلة من تركيز كمية الطاقة، فإن المعادلة تكون أن . الكتلة تساوي الطاقة مقسومة على سرعة الضوء بالسنتيمتر ثانية . أي مقدار ضئيل جدًا . والمعادلة تفسر لنا السر في أزلية هذا الكون وقِدَمه . السر أن هذا العدد الهائل من النجوم مضت عليه آماد طويلة من بلايين السنين وهو يشع نورًا وطاقة وحرارة . ولم تبد عليه مخايل الفناء بعد . والسر هو أن النجوم تحترق بطريقة أخرى غير احتراق السجاير . والكبريت . فالكبريت يشتعل بطريقة كيميائية . والنار التي تخرج منه هي حرارة اتحاد عناصر بعضها ببعض . هي حرارة إتحاد الكبريت بالأوكسجين لينتج ثاني أكسيد الكربون .
الكبريت لا يفنَى وإنما يتحول إلى مركبات أخرى . هي الدخان . أما احتراق الشمس والنجوم فإنه احتراق فَناء . ذرات الشمس والنجوم تتحطم وتتدفق شعاعًا في كل أقطار الكون، وهذا النوع من الاحتراق النووي بطيء جدًا . لأن قليلًا جدً جدًا من المادة يملأ الفضاء بالكثير جدًا جدًا من الطاقة .
فالنجوم تخسر قليلًا جدًا من مادتها كل يوم . وهذا سر عمرها الطويل الأزلي، ولو كانت الشمس تحترق بالطريقة التي تحترق بها السجائر وعيدان الكبريت لانطفأت في لحظة ولتحولت الأرض إلى صقيع وانقرض ما عليها من صنوف الحياة .
ولقد كان انفجار قنبلة هيروشيما ، واختراع القنبلة الهيدروجينية بعد ذلك ، ثم قنبلة النيوترون بداية فتح رهيب في عالَم الطاقة .
لقد سلَّم أينشتين مفاتيح جهنم للعلماء . وللساسة المخبولين . وللمجانين من هواة الحروب . بهذه المعادلة البسيطة . وأصبح ممكنًا بالحساب والأرقام معرفة كمية المادة اللازمة لنسف دولة وإفناء شعب . وهي في العادة قليل من جرامات اليورانيوم والماء الثقيل والكوبالت . أقل مما يملأ قبضة اليد .
وانفتح في نفس الوقت باب لبحوث الفضاء . وأصبح السفر في صواريخ هائلة تنطلق بسرعة خارقة وتخرج من جاذبية الأرض ممكنًا . نتيجة اختراع صنوف جديدة من الوقود الذرّي . لكن أهم من هذه التطبيقات العملية . كانت هناك نتيجة نظرية خطيرة ترتبت على هذه الخطوة . أن الحاجز بين المادة والطاقة قد سقط نهائيًا . وأصبحت المادة هي الطاقة ، والطاقة هي المادة . لا فرق بين الصوت والضوء والحرارة والحركة والمغنطيسية والكهرباء . وبين المادة الخاملة التي لا يخرج منها صوت ولا تندّ عنها حركة .
فالمادة هي كل هذه الظواهر مختزنة مركَّزة . المادة هي الحركة مضغوطة محبوسة . هي قمقم سليمان فيه عفريت .
وأينشتين هو الذي أطلق تعزيمة الرموز والطلاسم الجبرية فانفتح القمقم وخرج العفريت . المادة ليست مادة . إنها حركة .
ما الفرق بين أن نقول ذلك ، وبين أن نقول إنها روح . ؟! الروح تعبير صوفي نقصد به الفعالية الخالصة التي بلا جسد . والمادة اتضح أنها فعالية خالصة ( حركة ) وأن جسمها الملموس وَهم من أوهام الحواس . الألفاظ تختلط ببعضها . وكل شيء جائز .
ومنذ اللحظة التي حطم فيها أينشتين السدّ الوهميّ بين المادة والطاقة ، انهار كل يقين حسي ملموس . وتحولت الدنيا إلى خواء مشحون بطاقة غير مرئية . مثل الجن والعفاريت . مرة يسميها العِلم موجات مغناطيسية كهربائية . ومرة يسميها أشعة كونية . ومرة يسميها أشعة إكس . ومرة يسميها جزيئات بيتا . ومرة يسميها أشعة جاما . وأغلبها أشياء تقتل في الظلام دون أن تدركها الحواس . وهذه الأشياء هي نفسها المادة الساذجة الخاملة التي نتداولها بين أيدينا كل يوم .
وسط هذا التشويش والغموض وَجَدت بعض المعضلات العلمية تفسيرها . المشكلة التي أثارها ماكس بلانك : هل طبيعة الضوء ذرية . أو موجية . ؟! مثل هذا الازدواج أصبح طبيعيًا . فالضوء مادة وفي نفس الوقت طاقة . ولابد أن يحمل أثر هذه الطبيعة المزدوجة . وهي ازدواج وليس تناقضًا . لأن الذرة ليست شكلًا ثابتًا وحيدًا للمادة . وإنما هي في ذات الوقت يمكن أن تتبعثر أمواجًا .
مقال / الكتلة من كتاب / اينشتين والنسبيه للدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
❞ كان أول سؤال سأله أينشتين : هل يمكن تقدير وضع أي شيء في المكان ؟ وهل يمكن الإثبات بشكل مطلق وقاطع بأن جسمًا من الأجسام يتحرك وجسمًا آخر ثابت لا يتحرك ؟ راكب يمشي على ظهر سفينة في عرض البحر .. لو أردنا أن نقدر موضعه فسوف نحاول أن نقيس مكانه بالنسبة للصاري أو المدخنة .. فنقول مثلًا إنه على بعد كذا من مدخنة السفينة .. ولكن هذا التقدير خاطئ لأن المدخنة ليست ثابتة وإنما هي تتحرك مع السفينة التي تتحرك بأسرها في البحر .. إذًا نحاول أن نعرف موضعه بالنسبة للأرض .. فنقول إنه عند تقاطع خط طول كذا بخط عرض كذا .. ولكن هذا التقدير خاطئ أيضًا لأن الأرض بأسرها تتحرك في الفضاء حول الشمس . إذًا نحاول أن نقدِّر وضعه بالنسبة للشمس .. ولكن الشمس تتحرك مع مجموعتها الشمسية كلها في الفضاء حول مركز مدينتها النجمية الكبرى .. لا فائــدة أيضًا .. فالمدينة النجمية هي الأخرى جزء من مجرة هائلة إسمها " سكة التبانة " .. وهي تتحرك حول مركز التبانة .. للأسف - لا أمل – لأن التبانة هي الأخرى تتحرك مع عدد من المجرات حول مصيبة أخرى لا يعلمها إلا الله .. وحتى بافتراض أننا أحطنا بكل مجرات الكون ومدنه النجمية الهائلة، وعرفنا حركاتها كلها بالنسبة للكون .. لا فائدة أيضًا .. لأن الكون كله في حالة تمدد .. وكل أقطاره في حالة انفجار دائم في جميع الاتجاهات .. إذًا هناك استحالة مؤكدة .. ولا سبيل لمعرفة المكان المطلق لأي شيء في الفضاء .. وإنما نحن في أحسن الأحوال نقدِّر موضعه النسبي بالنسبة إلى كذا وكذا .. أما وضعه الحقيقي فمستحيل معرفته .. لأن كذا وكذا في حالة حركة هي الأخرى . وأغلب الظن أنه لا يوجد شيء اسمه " وضع حقيقي " .. فإذا جئنا إلى الحركة فالمشكلة هي نفس المشكلة .. فأنت في قطار حينما يمر بك قطار آخر قادم في عكس الاتجاه، فإنك للوهلة الأولى يختلط عليك، يخيل إليك أن قطارك واقف والآخر هو الذي يتحرك .. وأنت عادة تقدر سرعته خطأ .. فيخيل إليك أنه يسير بسرعة خاطفة ( بينما هو في الواقع يسير بمعدل سرعة القطار الذي تركبه ) . وإذا كان يسير في نفس اتجاه قطارك، وموازٍ له .. فأنت يخيل إليك أن القطارين واقفان . فإذا أغلقت نوافذ قطارك خُيل إليك أنه ساكن لا يتحرك .. ولا سبيل للخروج من هذا الخلط إلا بالمقارنة بمرجع ثابت .. كأن تفتح النوافذ وتنظر إلى الأشجار أو أعمدة البرق .. فتدرك بالمقارنة أن القطار يتحرك بالنسبة لها . فإذا كان قطارك واحدًا من عدة قطارات فلا سبيل إلى تمييز حركاتها من سكونها إلا بالخروج منها والتفرج عليها من بعيد من على رصيف محطة ثابتة . القَطْع إذًا بحركة الجسم وسكونه يحتاج إلى رصيف ثابت للملاحظة، وبدون مرجع ثابت لا يمكن معرفة الحركة من السكون، وعلى الأكثر يمكن معرفة الحركة النسبية فقط . فإذا تركنا القطارات وجئنا إلى الكون .. فالمعروف أنه في حالة حركة ككل وكأجزاء .. الأرض مثلًا تدور حول محورها بسرعة ألف ميل في الساعة، وحول الشمس بسرعة عشرين ميلًا في يالثانية . والشمس تتحرك ضمن مجموعتها الشمسية بسرعة 13 ميلًا في الثانية حول مدينتها النجمية، والمدينة النجمية تتحرك داخل سكة التبانة بسرعة مائتي ميل في الثانية، وسكة التبانة تتحرك نحو المجرّات الأخرى بسرعة مائة ميل في الثانية .. إلخ .. وقد تعب نيوتن من مشكلة البحث عن الحركة الحقيقية، وظل يتخبط من حركة نسبية إلى حركة نسبية .. فحاول الخروج من المشكلة بافتراض أن هناك جسمًا ساكنًا تمامًا يوجد في مكان ما بعيد غير معروف، تقاس به الحركة الحقيقية .. ثم عاد فاعترف بعجزه عن البرهنة على وجود هذا الجسم الثابت، واعتبر أن الشيء الثابت هو الفضاء نفسه واستمر على هذه العقيدة بدوافع دينية، قائلًا أن الفضاء يدل على وجود الله، ولم تنفع بالطبع هذه الدروشة .. ولم يكن العلماء أقل دروشة من نيوتن .. فقد افترضوا مادة ثابتة تملأ الفضاء – هي الأثير – وبرهنوا على وجود الأثير بالطبيعة الموجية للضوء قائلين إن الأمواج لابد لها من وسط مادي تنتشر فيه كما ينتشر موج البحر في الماء، وأمواج الصوت في الهواء .. كذلك الضوء لابد لها من وسط . وحينما أثبتت التجارب أن الضوء يمكن أن ينتشر في الهواء المفرغ في الناقوس، قالوا بوجود مادة اسمها " الأثير " تملأ كل الفراغات الكونية، واعتبروا هذا الأثير المزعوم مرجعًا ثابتًا يمكن أن تُنسَب إليه الحركات، وتكتَشَف به الحركات الحقيقية . وفي سنة 1881 أجرى العالمان ميكلسون و مورلي تجربة حاسمة بغرض إثبات وجود الأثير .. وفكرة التجربة تتلخص في أن الأرض تتحرك حلال الأثير بسرعة عشرين ميلًا في الثانية، فهي بذلك تُحدِث تيارًا في الأثير بهذه السرعة .. فلو أن شعاع ضوء سقط على الأرض في اتجاه التيار، فإنه لابد ستزداد سرعته بمقدار العشرين ميلًا، فإذا سقط في اتجاه مضاد للتيار .. فلابد أن سرعته سوف تنقص بمقدار العشرين ميلًا .. فإذا كانت السرعة المعروفة للضوء 186284 ميلًا في الثانية، فإنها ستكون في التجربة الأولى 186304 ، وفي التجربة الثانية 186264 .. وبعد متاعب عديدة قام ميكلسون و مورلي بتنفيذ التجربة بدقة، وكانت النتيجة المدهشــــة .. أنه لا فرق بين سرعتي الضوء في الاتجاهين، وأنها 186284 بدون زيادة أو نقصان . وأن سرعة الأرض في الأثير تساوي صفر . وكان معنى هذا .. أن يسلم العلماء بأن نظرية الأثير كلام فارغ .. ولا وجود لشيء إسمه الأثير .. أو يعتبروا أن الأرض ساكنة في الفضاء . وكانت نظرية الأثير عزيزة عند العلماء لدرجة أن بعضهم شكّ في حركة الأرض واعتبرها ساكنة فعلًا . أما أينشتين فكان رأيه في المشكلة .. أن وجود الأثير خرافة لا وجود لها .. وأنه لا يوجد وسط ثابت، ولا مرجع ثابت في الدنيا .. وأن الدنيا في حالة حركة مصطخبة .. وبهذا لا يكون هناك وسيلة لأي تقدير مطلَق بخصوص الحركة أو السكون .. فلا يمكن القطع بأن جسمًا ما يتحرك وأن جسمًا ما ثابت . وإنما كل ما يُقال .. إن الجسم كذا يعتبر متحركًا بالنسبة إلى الجسم كذا .. كل ما هنالك حركة نسبية .. أما الحركة الحقيقية فلا وجود لها . كما وأن السكون الحقيقي لا وجود له أيضًا، والفضاء الثابت لا معنى له . ويؤيد هذا رأي قديم لفيلسوف اسمه ليبنتز .. يقول فيه : إنه لا يوجد شيء اسمه فضاء .. وما الفضاء سوى العلاقة بين الأجسام بعضها البعض . وكانت هناك مشكلة ثانية تفرعت عن تجربة ميكلسون و مورلي .. هي ثبات سرعة الضوء بالرغم من اختلاف أماكن رصدها .. وقد تأكد بعد هذا أن هذه السرعة ثابتة لا بالنسبة لزوايا الرصد المختلفة على الأرض وحدها، وإنما هي ثابتة بالنسبة للشمس والقمر والنجوم والنيازك والشهب .. وأنها أحد الثوابت الكونية . وقد استخلص أينشتين من هذه الحقيقة قانونه الأول في النسبية .. وهو: أن قوانين الكون واحدة لكل الأجسام التي تتحرك بحركة منتظمة . ولشرح هذا القانون نورِد هذا المَثَل : مثل الراكب على السفينة الذي يتمشى على سطحها بسرعة ميل واحد في الساعة .. لو أن السفينة كانت تسير بسرعة 15 ميلًا واحد في الساعة، لكانت سرعته بالنسبة إلى البحر 16 ميلًا في الساعة ( 15 + 1 ) .. ولو أنه غيّر اتجاهه وسار بالعكس ( بعكس اتجاه السفينة ) لأصبحت سرعته بالنسبة إلى البحر ( 15 – 1 ) 14 ميلًا في الساعة .. برغم أنه لم يغير سرعته في الحالين، وبرغم أن سرعته في الاتجاهين كانت ميلًا واحدًا في الساعة، ومعنى هذا أنه وهو نفس الشخص يسير بسرعتين مختلفتين 14 و 16 في نفس الوقت .. وهذه استحالة .. وأينشتين يكشف سر هذه الإستحالة قائلًا إن هناك خطأ حسابيًا . والخطأ الحسابي هنا هو الإضافة والطرح لكميات غير متجانسة .. واعتبار أن المسافة المكانية لحادثة يمكن أن ينظر إليها مستقلة عن الجسم الذي اتُخِذ مرجعًا لها .. وهو هنا الراكب .. والسرعة ميل واحد في الساعة هي سرعة الراكب، والمسافة هنا مرجعها الراكب .. أما الـ 15 ميل سرعة السفينة .. فهي بالنسبة إلى البحر .. ولا يمكن إضافة الـ 15 إلى الواحد لأنهما مسافتين من نظامين مختلفين، ومرجعهما مختلف، ونسبتهما مختلفة .. فالحساب هنا خطأ تبعًا لقانون النسبية الأول الذي يقول بوحدة القوانين للأجسام التي تتحرك بحركة منتظمة داخل نظام واحد . والقانون لا ينطبق على المسافة المكانية وحدها وإنما هو أيضًا ينطبق على الفترات الزمنية .. فالفترة الزمنية لحادثة لا يمكن أن يُنظَر إليها مستقلة عن حالة الجسم المتخَذ مرجعًا لها .. والمَثَل الوارد عن راكب السفينة يؤكد هذا أيضًا .. فسرعة الراكب وهي ميل/ساعة لا تقبل الإضافة إلى سرعة السفينة 15 ميل/ساعة .. حيث إن المرجعين اللذين تنتسب إليهما هاتين الفترتين الزمنيتين مختلفان . وهذا يجرنا إلى الحلقة الثانية في النظرية النسبية .. وهي الزمان . لقد رفض أينشتين فكرة المكان المطلق .. واعتبر أن المكان دائمًا مقدار متغير ونسبي، واعتبر التقدير المطلَق لوضع أي جسم في المكان مستحيلًا، وإنما هو في أحسن الحالات يقدّر له وضعه بالنسبة إلى متغيّر بجواره . كما اعتبر إدراك الحركة المطلقة لجسم يتحرك بانتظام أمرًا مستحيلًا .. وبالمثل إدراك سكونه المطلَق . إنه عاجز عن اكتشاف الحالة الحقيقية لجسم من حيث الحركة والسكون المطلقين طالما أن هذا الجسم في حالة حركة منتظمة .. وكل ما يستطيع أن يقوله إن هذا الجسم يتحرك حركة نسبيية معينة بالنسبة إلى جسم آخر . وهناك مثل طريف يضربه العالِم الرياضي هنري بوانكاريه على هذا العجز .. فهو يقول : لنتصور معًا أن الكون أثناء استغراقنا في النوم قد تضاعف في الحجم ألف مرة .. كل شيء في الكون بما في ذلك السرير الذيي ننام عليه بما في ذلك الوسادة والغرفة والشباك والعمارة والمدينة والسماء والشمس والقمر والنجوم .. بما في ذلك أجسامنا نحن أيضًا .. بما في ذلك الذرّات والجزيئات والأمواج .. بما في ذلك أجهزة القياس العيارية التي نقيس بها . ماذا يحدث لنا حينما نستيقظ .. يقول بوانكاريه في خبث شديد .. إننا لن نلاحظ شيئًا .. ولن نستطيع أن ندرك أن شيئًا ما قد حدث، ولو استخدمنا كل ما نملك من علوم الرياضة . إن الكون قد تضاعف في الحجم ألف مرة هذا صحيح، ولكن كل شيء قد تضاعف بهذه النسبة في ذات الوقت .. والنتيجة أن النِسَب الحجمية العامة تظل محفوظة بين الأشياء بعضها البعض . ونفس القصة تحدث إذا تضاعفت سرعة الأشياء جميعها أثناء النوم بنفس النسبة .. فإننا نصحو فلا ندرك أن شيئًا ما قد حدث .. بسبب عجزنا عن إدراك الحركة المطلَقة .. ولأننا نقف في إدراكنا عند الحركة النسبية، وهي في قصتنا ثابتة .. لأن نسبة كل حركة إلى الحركة بجوارها ثابتة رغم الزيادة المطلقة والعامة للحركة .. لأننا أيضًا قد تضاعفت حركتنا وسرعتنا ونشاطنا الحيوي . ويقول أينشتين أن هناك إستثناء واحدًا يمكن أن ندرك فيه الحركة المطلقة .. هو اللحظة التي تفقد الحركة انتظامها فتتسارع أو تتباطأ .. فندرك أن القطار الذي نركبه يتحرك عندما يبطئ استعدادًا للفرملة أو تغير الاتجاه .. في هذه اللحظة فقط نستطيع أن نجزم أننا نجلس في مركبة متحركة، ونستطيع أن نقول بحركتها المطلقة دون حاجة إلى مشاهدتها من رصيف منفصل . وسوف نرى أنه حتى هذا الإستثناء الواحد قد عاد أينشتين فنقضه في نهاية بحثه .. ** ** ** هذا ما قاله أينشتين عن المكان، وعن الحركة في المكان .. فماذا قال عن الزمان .. ! إن المكان والزمان هما حدّان غير منفصلين في الحركة .. فماذا قالت النسبية عن هذا الحدّ الثاني .. ؟ مقال / المكــان . من كتاب / أينشتين والنسبية لـلدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ كان أول سؤال سأله أينشتين :
هل يمكن تقدير وضع أي شيء في المكان ؟ وهل يمكن الإثبات بشكل مطلق وقاطع بأن جسمًا من الأجسام يتحرك وجسمًا آخر ثابت لا يتحرك ؟
راكب يمشي على ظهر سفينة في عرض البحر . لو أردنا أن نقدر موضعه فسوف نحاول أن نقيس مكانه بالنسبة للصاري أو المدخنة . فنقول مثلًا إنه على بعد كذا من مدخنة السفينة . ولكن هذا التقدير خاطئ لأن المدخنة ليست ثابتة وإنما هي تتحرك مع السفينة التي تتحرك بأسرها في البحر . إذًا نحاول أن نعرف موضعه بالنسبة للأرض . فنقول إنه عند تقاطع خط طول كذا بخط عرض كذا . ولكن هذا التقدير خاطئ أيضًا لأن الأرض بأسرها تتحرك في الفضاء حول الشمس . إذًا نحاول أن نقدِّر وضعه بالنسبة للشمس . ولكن الشمس تتحرك مع مجموعتها الشمسية كلها في الفضاء حول مركز مدينتها النجمية الكبرى . لا فائــدة أيضًا . فالمدينة النجمية هي الأخرى جزء من مجرة هائلة إسمها ˝ سكة التبانة ˝ . وهي تتحرك حول مركز التبانة .
للأسف - لا أمل – لأن التبانة هي الأخرى تتحرك مع عدد من المجرات حول مصيبة أخرى لا يعلمها إلا الله .
وحتى بافتراض أننا أحطنا بكل مجرات الكون ومدنه النجمية الهائلة، وعرفنا حركاتها كلها بالنسبة للكون . لا فائدة أيضًا . لأن الكون كله في حالة تمدد . وكل أقطاره في حالة انفجار دائم في جميع الاتجاهات .
إذًا هناك استحالة مؤكدة . ولا سبيل لمعرفة المكان المطلق لأي شيء في الفضاء . وإنما نحن في أحسن الأحوال نقدِّر موضعه النسبي بالنسبة إلى كذا وكذا . أما وضعه الحقيقي فمستحيل معرفته . لأن كذا وكذا في حالة حركة هي الأخرى .
وأغلب الظن أنه لا يوجد شيء اسمه ˝ وضع حقيقي ˝ .
فإذا جئنا إلى الحركة فالمشكلة هي نفس المشكلة .
فأنت في قطار حينما يمر بك قطار آخر قادم في عكس الاتجاه، فإنك للوهلة الأولى يختلط عليك، يخيل إليك أن قطارك واقف والآخر هو الذي يتحرك . وأنت عادة تقدر سرعته خطأ . فيخيل إليك أنه يسير بسرعة خاطفة ( بينما هو في الواقع يسير بمعدل سرعة القطار الذي تركبه ) .
وإذا كان يسير في نفس اتجاه قطارك، وموازٍ له . فأنت يخيل إليك أن القطارين واقفان . فإذا أغلقت نوافذ قطارك خُيل إليك أنه ساكن لا يتحرك . ولا سبيل للخروج من هذا الخلط إلا بالمقارنة بمرجع ثابت . كأن تفتح النوافذ وتنظر إلى الأشجار أو أعمدة البرق . فتدرك بالمقارنة أن القطار يتحرك بالنسبة لها . فإذا كان قطارك واحدًا من عدة قطارات فلا سبيل إلى تمييز حركاتها من سكونها إلا بالخروج منها والتفرج عليها من بعيد من على رصيف محطة ثابتة .
القَطْع إذًا بحركة الجسم وسكونه يحتاج إلى رصيف ثابت للملاحظة، وبدون مرجع ثابت لا يمكن معرفة الحركة من السكون، وعلى الأكثر يمكن معرفة الحركة النسبية فقط .
فإذا تركنا القطارات وجئنا إلى الكون . فالمعروف أنه في حالة حركة ككل وكأجزاء . الأرض مثلًا تدور حول محورها بسرعة ألف ميل في الساعة، وحول الشمس بسرعة عشرين ميلًا في يالثانية . والشمس تتحرك ضمن مجموعتها الشمسية بسرعة 13 ميلًا في الثانية حول مدينتها النجمية، والمدينة النجمية تتحرك داخل سكة التبانة بسرعة مائتي ميل في الثانية، وسكة التبانة تتحرك نحو المجرّات الأخرى بسرعة مائة ميل في الثانية . إلخ .
وقد تعب نيوتن من مشكلة البحث عن الحركة الحقيقية، وظل يتخبط من حركة نسبية إلى حركة نسبية . فحاول الخروج من المشكلة بافتراض أن هناك جسمًا ساكنًا تمامًا يوجد في مكان ما بعيد غير معروف، تقاس به الحركة الحقيقية . ثم عاد فاعترف بعجزه عن البرهنة على وجود هذا الجسم الثابت، واعتبر أن الشيء الثابت هو الفضاء نفسه واستمر على هذه العقيدة بدوافع دينية، قائلًا أن الفضاء يدل على وجود الله، ولم تنفع بالطبع هذه الدروشة . ولم يكن العلماء أقل دروشة من نيوتن . فقد افترضوا مادة ثابتة تملأ الفضاء – هي الأثير – وبرهنوا على وجود الأثير بالطبيعة الموجية للضوء قائلين إن الأمواج لابد لها من وسط مادي تنتشر فيه كما ينتشر موج البحر في الماء، وأمواج الصوت في الهواء . كذلك الضوء لابد لها من وسط .
وحينما أثبتت التجارب أن الضوء يمكن أن ينتشر في الهواء المفرغ في الناقوس، قالوا بوجود مادة اسمها ˝ الأثير ˝ تملأ كل الفراغات الكونية، واعتبروا هذا الأثير المزعوم مرجعًا ثابتًا يمكن أن تُنسَب إليه الحركات، وتكتَشَف به الحركات الحقيقية .
وفي سنة 1881 أجرى العالمان ميكلسون و مورلي تجربة حاسمة بغرض إثبات وجود الأثير . وفكرة التجربة تتلخص في أن الأرض تتحرك حلال الأثير بسرعة عشرين ميلًا في الثانية، فهي بذلك تُحدِث تيارًا في الأثير بهذه السرعة . فلو أن شعاع ضوء سقط على الأرض في اتجاه التيار، فإنه لابد ستزداد سرعته بمقدار العشرين ميلًا، فإذا سقط في اتجاه مضاد للتيار . فلابد أن سرعته سوف تنقص بمقدار العشرين ميلًا . فإذا كانت السرعة المعروفة للضوء 186284 ميلًا في الثانية، فإنها ستكون في التجربة الأولى 186304 ، وفي التجربة الثانية 186264 .
وبعد متاعب عديدة قام ميكلسون و مورلي بتنفيذ التجربة بدقة، وكانت النتيجة المدهشــــة . أنه لا فرق بين سرعتي الضوء في الاتجاهين، وأنها 186284 بدون زيادة أو نقصان . وأن سرعة الأرض في الأثير تساوي صفر .
وكان معنى هذا . أن يسلم العلماء بأن نظرية الأثير كلام فارغ . ولا وجود لشيء إسمه الأثير . أو يعتبروا أن الأرض ساكنة في الفضاء .
وكانت نظرية الأثير عزيزة عند العلماء لدرجة أن بعضهم شكّ في حركة الأرض واعتبرها ساكنة فعلًا . أما أينشتين فكان رأيه في المشكلة . أن وجود الأثير خرافة لا وجود لها . وأنه لا يوجد وسط ثابت، ولا مرجع ثابت في الدنيا . وأن الدنيا في حالة حركة مصطخبة . وبهذا لا يكون هناك وسيلة لأي تقدير مطلَق بخصوص الحركة أو السكون . فلا يمكن القطع بأن جسمًا ما يتحرك وأن جسمًا ما ثابت . وإنما كل ما يُقال . إن الجسم كذا يعتبر متحركًا بالنسبة إلى الجسم كذا . كل ما هنالك حركة نسبية . أما الحركة الحقيقية فلا وجود لها . كما وأن السكون الحقيقي لا وجود له أيضًا، والفضاء الثابت لا معنى له .
ويؤيد هذا رأي قديم لفيلسوف اسمه ليبنتز . يقول فيه : إنه لا يوجد شيء اسمه فضاء . وما الفضاء سوى العلاقة بين الأجسام بعضها البعض .
وكانت هناك مشكلة ثانية تفرعت عن تجربة ميكلسون و مورلي . هي ثبات سرعة الضوء بالرغم من اختلاف أماكن رصدها .
وقد تأكد بعد هذا أن هذه السرعة ثابتة لا بالنسبة لزوايا الرصد المختلفة على الأرض وحدها، وإنما هي ثابتة بالنسبة للشمس والقمر والنجوم والنيازك والشهب . وأنها أحد الثوابت الكونية . وقد استخلص أينشتين من هذه الحقيقة قانونه الأول في النسبية . وهو: أن قوانين الكون واحدة لكل الأجسام التي تتحرك بحركة منتظمة .
ولشرح هذا القانون نورِد هذا المَثَل :
مثل الراكب على السفينة الذي يتمشى على سطحها بسرعة ميل واحد في الساعة . لو أن السفينة كانت تسير بسرعة 15 ميلًا واحد في الساعة، لكانت سرعته بالنسبة إلى البحر 16 ميلًا في الساعة ( 15 + 1 ) . ولو أنه غيّر اتجاهه وسار بالعكس ( بعكس اتجاه السفينة ) لأصبحت سرعته بالنسبة إلى البحر ( 15 – 1 ) 14 ميلًا في الساعة . برغم أنه لم يغير سرعته في الحالين، وبرغم أن سرعته في الاتجاهين كانت ميلًا واحدًا في الساعة، ومعنى هذا أنه وهو نفس الشخص يسير بسرعتين مختلفتين 14 و 16 في نفس الوقت . وهذه استحالة . وأينشتين يكشف سر هذه الإستحالة قائلًا إن هناك خطأ حسابيًا . والخطأ الحسابي هنا هو الإضافة والطرح لكميات غير متجانسة . واعتبار أن المسافة المكانية لحادثة يمكن أن ينظر إليها مستقلة عن الجسم الذي اتُخِذ مرجعًا لها . وهو هنا الراكب . والسرعة ميل واحد في الساعة هي سرعة الراكب، والمسافة هنا مرجعها الراكب . أما الـ 15 ميل سرعة السفينة . فهي بالنسبة إلى البحر . ولا يمكن إضافة الـ 15 إلى الواحد لأنهما مسافتين من نظامين مختلفين، ومرجعهما مختلف، ونسبتهما مختلفة . فالحساب هنا خطأ تبعًا لقانون النسبية الأول الذي يقول بوحدة القوانين للأجسام التي تتحرك بحركة منتظمة داخل نظام واحد .
والقانون لا ينطبق على المسافة المكانية وحدها وإنما هو أيضًا ينطبق على الفترات الزمنية . فالفترة الزمنية لحادثة لا يمكن أن يُنظَر إليها مستقلة عن حالة الجسم المتخَذ مرجعًا لها . والمَثَل الوارد عن راكب السفينة يؤكد هذا أيضًا . فسرعة الراكب وهي ميل/ساعة لا تقبل الإضافة إلى سرعة السفينة 15 ميل/ساعة . حيث إن المرجعين اللذين تنتسب إليهما هاتين الفترتين الزمنيتين مختلفان .
وهذا يجرنا إلى الحلقة الثانية في النظرية النسبية . وهي الزمان .
لقد رفض أينشتين فكرة المكان المطلق . واعتبر أن المكان دائمًا مقدار متغير ونسبي، واعتبر التقدير المطلَق لوضع أي جسم في المكان مستحيلًا، وإنما هو في أحسن الحالات يقدّر له وضعه بالنسبة إلى متغيّر بجواره .
كما اعتبر إدراك الحركة المطلقة لجسم يتحرك بانتظام أمرًا مستحيلًا . وبالمثل إدراك سكونه المطلَق .
إنه عاجز عن اكتشاف الحالة الحقيقية لجسم من حيث الحركة والسكون المطلقين طالما أن هذا الجسم في حالة حركة منتظمة . وكل ما يستطيع أن يقوله إن هذا الجسم يتحرك حركة نسبيية معينة بالنسبة إلى جسم آخر .
وهناك مثل طريف يضربه العالِم الرياضي هنري بوانكاريه على هذا العجز . فهو يقول : لنتصور معًا أن الكون أثناء استغراقنا في النوم قد تضاعف في الحجم ألف مرة . كل شيء في الكون بما في ذلك السرير الذيي ننام عليه بما في ذلك الوسادة والغرفة والشباك والعمارة والمدينة والسماء والشمس والقمر والنجوم . بما في ذلك أجسامنا نحن أيضًا . بما في ذلك الذرّات والجزيئات والأمواج . بما في ذلك أجهزة القياس العيارية التي نقيس بها . ماذا يحدث لنا حينما نستيقظ . يقول بوانكاريه في خبث شديد . إننا لن نلاحظ شيئًا . ولن نستطيع أن ندرك أن شيئًا ما قد حدث، ولو استخدمنا كل ما نملك من علوم الرياضة .
إن الكون قد تضاعف في الحجم ألف مرة هذا صحيح، ولكن كل شيء قد تضاعف بهذه النسبة في ذات الوقت . والنتيجة أن النِسَب الحجمية العامة تظل محفوظة بين الأشياء بعضها البعض .
ونفس القصة تحدث إذا تضاعفت سرعة الأشياء جميعها أثناء النوم بنفس النسبة . فإننا نصحو فلا ندرك أن شيئًا ما قد حدث . بسبب عجزنا عن إدراك الحركة المطلَقة . ولأننا نقف في إدراكنا عند الحركة النسبية، وهي في قصتنا ثابتة . لأن نسبة كل حركة إلى الحركة بجوارها ثابتة رغم الزيادة المطلقة والعامة للحركة . لأننا أيضًا قد تضاعفت حركتنا وسرعتنا ونشاطنا الحيوي .
ويقول أينشتين أن هناك إستثناء واحدًا يمكن أن ندرك فيه الحركة المطلقة . هو اللحظة التي تفقد الحركة انتظامها فتتسارع أو تتباطأ . فندرك أن القطار الذي نركبه يتحرك عندما يبطئ استعدادًا للفرملة أو تغير الاتجاه . في هذه اللحظة فقط نستطيع أن نجزم أننا نجلس في مركبة متحركة، ونستطيع أن نقول بحركتها المطلقة دون حاجة إلى مشاهدتها من رصيف منفصل .
وسوف نرى أنه حتى هذا الإستثناء الواحد قد عاد أينشتين فنقضه في نهاية بحثه .
******
هذا ما قاله أينشتين عن المكان، وعن الحركة في المكان .
فماذا قال عن الزمان . !
إن المكان والزمان هما حدّان غير منفصلين في الحركة . فماذا قالت النسبية عن هذا الحدّ الثاني . ؟
مقال / المكــان .
من كتاب / أينشتين والنسبية لـلدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝