❞ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)
قوله تعالى : وإن يونس لمن المرسلين يونس هو ذو النون
, وهو ابن متى
, وهو ابن العجوز التي نزل عليها إلياس
, فاستخفى عندها من قومه ستة أشهر ويونس صبي يرضع
, وكانت أم يونس تخدمه بنفسها وتؤانسه
, ولا تدخر عنه كرامة تقدر عليها . ثم إن إلياس سئم ضيق البيوت فلحق بالجبال
, ومات ابن المرأة يونس
, فخرجت في أثر إلياس تطوف وراءه في الجبال حتى وجدته
, فسألته أن يدعو الله لها لعله يحيي لها ولدها
, فجاء إلياس إلى الصبي بعد أربعة عشر يوما من موته
, فتوضأ وصلى ودعا الله فأحيا الله يونس بن متى بدعوة إلياس عليه السلام . وأرسل الله يونس إلى أهل نينوى من أرض الموصل وكانوا يعبدون الأصنام ثم تابوا
, حسبما تقدم بيانه في سورة [ يونس ] ومضى في [ الأنبياء ] قصة يونس في خروجه مغاضبا . واختلف في رسالته هل كانت قبل التقام الحوت إياه أو بعده . قال الطبري عن شهر بن حوشب : إن جبريل - عليه السلام - أتى يونس فقال : انطلق إلى أهل نينوى فأنذرهم أن العذاب قد حضرهم . قال : ألتمس دابة . قال : الأمر أعجل من ذلك . قال : ألتمس حذاء . قال : الأمر أعجل من ذلك . قال : فغضب فانطلق إلى السفينة فركب
, فلما ركب السفينة احتبست السفينة لا تتقدم ولا تتأخر . قال : فتساهموا
, قال : فسهم
, فجاء الحوت يبصبص بذنبه
, فنودي الحوت : أيا حوت! إنا لم نجعل لك يونس رزقا
, إنما جعلناك له حرزا ومسجدا . قال : فالتقمه الحوت من ذلك المكان حتى مر به إلى الأبلة
, ثم انطلق به حتى مر به على دجلة
, ثم انطلق حتى ألقاه في نينوى . حدثنا الحارث قال حدثنا الحسن قال حدثنا أبو هلال قال حدثنا شهر بن حوشب عن ابن عباس قال : إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت
, واستدل هؤلاء بأن الرسول لا يخرج مغاضبا لربه
, فكان ما جرى منه قبل النبوة . وقال آخرون : كان ذلك منه بعد دعائه من أرسل إليهم إلى ما أمره الله بدعائهم إليه
, وتبليغه إياهم رسالة ربه
, ولكنه وعدهم نزول ما كان حذرهم من بأس الله في وقت وقته لهم
, ففارقهم إذ لم يتوبوا ولم يراجعوا طاعة الله
, فلما أظل القوم العذاب وغشيهم - كما قال الله تعالى في تنزيله - تابوا إلى الله
, فرفع الله العذاب عنهم
, وبلغ يونس سلامتهم وارتفاع العذاب الذي كان وعدهموه فغضب من ذلك وقال : وعدتهم وعدا فكذب وعدي . فذهب مغاضبا ربه وكره الرجوع إليهم
, وقد جربوا عليه الكذب
, رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس . وقد مضى هذا في [ الأنبياء ] وهو الصحيح على ما يأتي عند قوله تعالى : وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون ولم ينصرف يونس ; لأنه اسم أعجمي
, ولو كان عربيا لانصرف وإن كانت في أوله الياء ; لأنه ليس في الأفعال ˝ يفعل ˝ كما أنك إذا سميت بيعفر صرفته
, وإن سميت بيعفر لم تصرفه .. ❝