█ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) تفسير سورة التين مكية قول الأكثر وقال ابن عباس وقتادة : هي مدنية وهي ثماني آيات بسم الله الرحمن الرحيم والتين والزيتون فيه ثلاث مسائل : الأولى قوله تعالى والتين والزيتون قال والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وجابر زيد ومقاتل والكلبي هو تينكم الذي تأكلون وزيتونكم تعصرون منه الزيت وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين وقال أبو ذر أهدي للنبي صلى عليه وسلم سل تين فقال " كلوا وأكل ثم لو قلت إن فاكهة نزلت الجنة لقلت هذه ; لأن بلا عجم فكلوها فإنها تقطع البواسير وتنفع النقرس وعن معاذ أنه استاك بقضيب زيتون سمعت النبي يقول نعم السواك الزيتون الشجرة المباركة يطيب الفم ويذهب بالحفر سواكي وسواك الأنبياء قبلي وروي عن أيضا التين مسجد نوح السلام بني الجودي بيت المقدس الضحاك المسجد الحرام الأقصى ابن دمشق قتادة الجبل كتاب تفسير بالصور مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)
قوله تعالى : لقد خلقنا الإنسان هذا جواب القسم ، وأراد بالإنسان : الكافر . قيل : هو الوليد بن المغيرة . وقيل : كلدة بن أسيد . فعلى هذا نزلت في منكري البعث . وقيل : المراد بالإنسان آدم وذريته . في أحسن تقويم وهو اعتداله واستواء شبابه كذا قال عامة المفسرين . وهو أحسن ما يكون ; لأنه خلق كل شيء منكبا على وجهه ، وخلقه هو مستويا ، وله لسان ذلق ، ويد وأصابع يقبض بها . وقال أبو بكر بن طاهر : مزينا بالعقل ، مؤديا للأمر ، مهديا بالتمييز ، مديد القامة يتناول مأكوله بيده .
ابن العربي : ( ليس لله تعالى خلق أحسن من الإنسان ، فإن الله خلقه حيا عالما ، قادرا مريدا متكلما ، سميعا بصيرا ، مدبرا حكيما . وهذه صفات الرب سبحانه ، وعنها عبر بعض العلماء ، ووقع البيان بقوله : ˝ إن الله خلق آدم على صورته ˝ يعني على صفاته التي قدمنا ذكرها . وفي رواية ˝ على صورة الرحمن ˝ ومن أين تكون للرحمن صورة متشخصة ، فلم يبق إلا أن تكون معاني ) .
وقد أخبرنا المبارك بن عبد الجبار الأزدي قال : أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن أبي علي القاضي المحسن عن أبيه قال : كان عيسى بن موسى الهاشمي يحب زوجته حبا شديدا فقال لها يوما : أنت طالق ثلاثا إن لم تكوني أحسن من القمر فنهضت واحتجبت عنه ، وقالت : طلقتني . وبات بليلة عظيمة ، فلما أصبح غدا إلى دار المنصور ، فأخبره الخبر ، وأظهر للمنصور جزعا عظيما فاستحضر الفقهاء واستفتاهم . فقال جميع من حضر : قد طلقت إلا رجلا واحدا من أصحاب أبي حنيفة ، فإنه كان ساكتا . فقال له المنصور : ما لك لا تتكلم ؟ فقال له الرجل : بسم الله الرحمن الرحيم : والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم . يا أمير المؤمنين ، فالإنسان أحسن الأشياء ، ولا شيء أحسن منه . فقال المنصور لعيسى بن موسى : الأمر كما قال الرجل ، فأقبل على زوجتك . وأرسل أبو جعفر المنصور إلى زوجة الرجل : أن أطيعي زوجك ولا تعصيه ، فما طلقك .
فهذا يدلك على أن الإنسان أحسن خلق الله باطنا وظاهرا ، جمال هيئة ، وبديع تركيب : الرأس بما فيه ، والصدر بما جمعه ، والبطن بما حواه ، والفرج وما طواه ، واليدان وما بطشتاه ، والرجلان وما احتملتاه . ولذلك قالت الفلاسفة : إنه العالم الأصغر إذ كل ما في المخلوقات جمع فيه . ❝
❞ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)
قوله تعالى : فما يكذبك بعد بالدين قيل : الخطاب للكافر توبيخا وإلزاما للحجة . أي إذا عرفت أيها الإنسان أن الله خلقك في أحسن تقويم ، وأنه يردك إلى أرذل العمر ، وينقلك من حال إلى حال فما يحملك على أن تكذب بالبعث والجزاء ، وقد أخبرك محمد - صلى الله عليه وسلم - به ؟ وقيل : الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - أي استيقن مع ما جاءك من الله - عز وجل - ، أنه أحكم الحاكمين . روي معناه عن قتادة . وقال قتادة أيضا والفراء : المعنى فمن يكذبك أيها الرسول بعد هذا البيان بالدين . واختاره الطبري . كأنه قال : فمن يقدر على ذلك أي على تكذيبك بالثواب والعقاب ، بعد ما ظهر من قدرتنا على خلق الإنسان والدين والجزاء . قال الشاعر :
دنا تميما كما كانت أوائلنا دانت أوائلهم في سالف الزمن . ❝
❞ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)
قوله تعالى : ثم رددناه أسفل سافلين أي إلى أرذل العمر ، وهو الهرم بعد الشباب ، والضعف بعد القوة ، حتى يصير كالصبي في الحال الأول قالهالضحاك والكلبي وغيرهما . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد : ثم رددناه أسفل سافلين إلى النار ، يعني الكافر ، وقاله أبو العالية . وقيل : لما وصفه الله بتلك الصفات الجليلة التي ركب الإنسان عليها ، طغى وعلا ، حتى قال : أنا ربكم الأعلى وحين علم الله هذا من عبده ، وقضاؤه صادر من عنده ، رده أسفل سافلين بأن جعله مملوءا قذرا ، مشحونا نجاسة ، وأخرجها على ظاهره إخراجا منكرا ، على وجه الاختيار تارة ، وعلى وجه الغلبة أخرى ، حتى ، إذا شاهد ذلك من أمره ، رجع إلى قدره . وقرأ عبد الله أسفل السافلين . وقال : أسفل سافلين على الجمع ; لأن الإنسان في معنى جمع ، ولو قال : أسفل سافل جاز ; لأن لفظ الإنسان واحد . وتقول : هذا أفضل قائم . ولا تقول أفضل قائمين ; لأنك تضمر لواحد ، فإن كان الواحد غير مضمر له ، رجع اسمه بالتوحيد والجمع كقوله تعالى : والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون . وقوله تعالى : وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة . وقد قيل : إن معنى رددناه أسفل سافلين أي رددناه إلى الضلال كما قال تعالى : إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي إلا هؤلاء ، فلا يردون إلى ذلك . والاستثناء على قول من قال أسفل سافلين النار ، متصل . ومن قال : إنه الهرم فهو منقطع . ❝