وكان ﷺ يُعلمُ أصحابه من الفزع ( أعُوذُ بِكَلِمَاتِ... 💬 أقوال محمد ابن قيم الجوزية 📖 كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل)
- 📖 من ❞ كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ وكان ﷺ يُعلمُ أصحابه من الفزع ( أعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التامَّة مِنْ غَضَبِهِ وَمِنْ شَرِّ عباده ومن هَمَزَاتِ الشَّياطين وأن يَحضُرُون )
ويُذكر أن رجلاً شَكَى إليه أنه يفزع مَنَامِه فقالﷺ إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ فقل ثم ذكرها فقالها فذهب عنه كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه
وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ وكان ﷺ يُعلمُ أصحابه من الفزع ( أعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التامَّة مِنْ غَضَبِهِ وَمِنْ شَرِّ عباده
, ومن شَرِّ هَمَزَاتِ الشَّياطين
, وأن يَحضُرُون ), ويُذكر أن رجلاً شَكَى إليه أنه يفزع في مَنَامِه
, فقالﷺ ( إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ فقل ... ) ثم ذكرها
, فقالها فذهب عنه. ❝
❞ وكان مِنبَر الرسول ﷺ ثلاث درجات ، وكان قبل اتخاذه يخطب إلى جذع يستند إليه ، فلما تحوّل إلى المنبر ، حنَّ الجِذْعُ حنيناً سمعه أهل المسجد ، فنزل إليه وضمَّه ، قال أنس : حنَّ لما فقد ما كان يسمع من الوحي ، وفقده التصاق النبي ﷺ ، ولم يُوضع المنبر في وسط المسجد ، وإنما وضع في جانبه الغربي قريباً من الحائط ، وكان بينه وبين الحائط قدر ممر الشاة ، وكان إذا جلس عليه النبي ﷺ في غير الجمعة ، أو خطب قائماً في الجمعة ، استدار أصحابه إليه بوجوههم ، وكان وجهه ﷺ قِبَلِهم في وقت الخطبة ، وكان يقوم فيخطب ، ثم يجلس جلسة خفيفة ، ثم يقوم ، فيخطب الثانية ، فإذا فرغ منها ، أخذ بلال في الإقامة ، وكان يأمر الناس بالدنو منه ويأمرهم بالإنصات ، ويُخبرهم أن الرجل إذا قَالَ لِصاحبه : أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا . ويقول : مَنْ لَغَا فَلاَ جُمُعَة لَهُ . وكان يقول : مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الجُمُعَة والإمامُ يَخْطُبُ ، فَهُوَ كَمَثَلُ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ، والَّذِي يَقُول لَه : انْصِتُ لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَة . وكان ﷺ إذا صلى الجمعة دخل إلى منزله فصلى ركعتين سُنتها ، وأمر مَنْ صلاها أن يُصلي بعدها أربعاً . قال شيخنا أبو العباس ابن تيمية : إن صلى في المسجد صلى أربعاً ، وإن صلى في بيته ، صلى ركعتين . قلتُ : وعلى هذا تدل الأحاديث ، وقد ذكر أبو داود عن ابن عمر أنه كان إذا صلَّى في المسجد ، صلى أربعاً ، وإذا صلى في بيته ، صلى ركعتين
وفي الصحيحين عن ابن عمر أن النبي ، كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته ، وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ ، ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الجُمُعَةِ ، فَلْيُصَلُ بَعْدَهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ) . والله أعلم. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان مِنبَر الرسول ﷺ ثلاث درجات ، وكان قبل اتخاذه يخطب إلى جذع يستند إليه ، فلما تحوّل إلى المنبر ، حنَّ الجِذْعُ حنيناً سمعه أهل المسجد ، فنزل إليه وضمَّه ، قال أنس : حنَّ لما فقد ما كان يسمع من الوحي ، وفقده التصاق النبي ﷺ ، ولم يُوضع المنبر في وسط المسجد ، وإنما وضع في جانبه الغربي قريباً من الحائط ، وكان بينه وبين الحائط قدر ممر الشاة ، وكان إذا جلس عليه النبي ﷺ في غير الجمعة ، أو خطب قائماً في الجمعة ، استدار أصحابه إليه بوجوههم ، وكان وجهه ﷺ قِبَلِهم في وقت الخطبة ، وكان يقوم فيخطب ، ثم يجلس جلسة خفيفة ، ثم يقوم ، فيخطب الثانية ، فإذا فرغ منها ، أخذ بلال في الإقامة ، وكان يأمر الناس بالدنو منه ويأمرهم بالإنصات ، ويُخبرهم أن الرجل إذا قَالَ لِصاحبه : أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا . ويقول : مَنْ لَغَا فَلاَ جُمُعَة لَهُ . وكان يقول : مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الجُمُعَة والإمامُ يَخْطُبُ ، فَهُوَ كَمَثَلُ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ، والَّذِي يَقُول لَه : انْصِتُ لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَة . وكان ﷺ إذا صلى الجمعة دخل إلى منزله فصلى ركعتين سُنتها ، وأمر مَنْ صلاها أن يُصلي بعدها أربعاً . قال شيخنا أبو العباس ابن تيمية : إن صلى في المسجد صلى أربعاً ، وإن صلى في بيته ، صلى ركعتين . قلتُ : وعلى هذا تدل الأحاديث ، وقد ذكر أبو داود عن ابن عمر أنه كان إذا صلَّى في المسجد ، صلى أربعاً ، وإذا صلى في بيته ، صلى ركعتين وفي الصحيحين عن ابن عمر أن النبي ، كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته ، وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ ، ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الجُمُعَةِ ، فَلْيُصَلُ بَعْدَهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ) . والله أعلم . ❝
❞ وكان ﷺ يُشاوِر أصحابه في أمر الجهاد ، وأمر العدو ، وتخير المنازل ، وفي المستدرك عن أبي هريرة ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله ﷺ ، وكان يتخلَّفُ في ساقتِهم في المسير ، فيُزجي الضعيف ، ويُردِفُ المنقطع ، وكان ﷺ أرفق النَّاسِ بهم في المسير ، وكان ﷺ إذا أراد غزوة ورّى بغيرها ، فيقول مثلاً إذا أراد غزوة حنين : كيف طريق نجد ومياهها ومن بها من العدو ونحو ذلك . وكان يقولُ ( الحَرْبُ خَدْعَةٌ ) ، وكان ﷺ يبعث العيون يأتونه بخبر عدوه ، ويُطلعُ الطلائع ، ويُبيت الحرس ، وكان إذا لقي عدوه ، وقف ودعا ، واستنصر الله ، وأكثر هو وأصحابه من ذكر الله ، وخفضوا أصواتهم ، وكان ﷺ يرتب الجيش والمقاتلة ، ويجعل في كل جنبةٍ كُفْتاً لَها ، وكان يُبارَزُ بين يديه بأمرِهِ ، وكان ﷺ يَلْبَسُ للحرب عُدَّتَه ، ورُبَّما ظاهر بين دِرْعَيْنِ ، وكان له الألوية والرايات ، وكان إذا ظهر على قوم ، أقام بِعَرْصَتِهِمْ ثَلاثاً ، ثم قفل ، وكان إذا أراد أن يُغير ، انتظر ، فإن سمع في الحي مؤذناً ، لم يُغر وإلا أغار ، وكان ربما بَيَّت عدوه، وربما فاجأهم نهاراً ، وكان ﷺ يحب الخروج يوم الخميس بكرة النهار ، وكان العسكر إذا نزل انضم بعضه إلى بعض حتى لو بسط عليهم كساء لعمهم ، وكان ﷺ يرتب الصفوف ويُعَبثهم عند القتال بيده ، ويقول : تقدم يا فلان ، تأخر يا فلان ، وكان يستحب للرجُل منهم أن يُقاتل تحت راية قومه ، وكان ﷺ إذا لَقِيَ العدو ، قال ( اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَاب ، ومُجْرِيَ السَّحَاب ، وهَازِمَ الْأَحْزَابِ اهْزِمُهُمْ ، وانصُرْنَا عَلَيْهِم ) وربما قال ( سَيُهْزَمُ الجَمْعُ ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَل السَّاعَةُ مَوْعِدُهُم والسَّاعَةُ أَدْهَى وأمَّر ) ، وكان ﷺ يقُولُ ( اللَّهُمَّ أَنْزِلُ نَصرَكَ ) وكان يقولُ ( اللهمَّ أَنْتَ عَضُدِي وأَنتَ نَصِيري ، وَبِكَ أُقَاتِلُ ) ، وكان إذا اشتد له بأس ، وَحَمِيَ الحرب ، وقصده العدو ، يُعلِمُ بنفسه ويقولُ ﷺ ( أنا النبي لا كذب .. أنا إبن عبد المطلب ) ، وكانَ الناسُ إذا اشتدَّ الحَرْبُ اتَّقَوا به ﷺ ، وكان أقربهم إلى العدو ، وكان يجعل لأصحابه شِعَاراً في الحرب يُعْرَفُونَ به إذا تكلموا ، وكَانَ شِعَارُهُمْ مَرَّة ( أُمِتْ أُمِتُ ) ، ومرةً ( يَا مَنْصُورُ ) ، ومرة ( حم لا يُنْصَرُونَ ). ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكان ﷺ يُشاوِر أصحابه في أمر الجهاد ، وأمر العدو ، وتخير المنازل ، وفي المستدرك عن أبي هريرة ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله ﷺ ، وكان يتخلَّفُ في ساقتِهم في المسير ، فيُزجي الضعيف ، ويُردِفُ المنقطع ، وكان ﷺ أرفق النَّاسِ بهم في المسير ، وكان ﷺ إذا أراد غزوة ورّى بغيرها ، فيقول مثلاً إذا أراد غزوة حنين : كيف طريق نجد ومياهها ومن بها من العدو ونحو ذلك . وكان يقولُ ( الحَرْبُ خَدْعَةٌ ) ، وكان ﷺ يبعث العيون يأتونه بخبر عدوه ، ويُطلعُ الطلائع ، ويُبيت الحرس ، وكان إذا لقي عدوه ، وقف ودعا ، واستنصر الله ، وأكثر هو وأصحابه من ذكر الله ، وخفضوا أصواتهم ، وكان ﷺ يرتب الجيش والمقاتلة ، ويجعل في كل جنبةٍ كُفْتاً لَها ، وكان يُبارَزُ بين يديه بأمرِهِ ، وكان ﷺ يَلْبَسُ للحرب عُدَّتَه ، ورُبَّما ظاهر بين دِرْعَيْنِ ، وكان له الألوية والرايات ، وكان إذا ظهر على قوم ، أقام بِعَرْصَتِهِمْ ثَلاثاً ، ثم قفل ، وكان إذا أراد أن يُغير ، انتظر ، فإن سمع في الحي مؤذناً ، لم يُغر وإلا أغار ، وكان ربما بَيَّت عدوه، وربما فاجأهم نهاراً ، وكان ﷺ يحب الخروج يوم الخميس بكرة النهار ، وكان العسكر إذا نزل انضم بعضه إلى بعض حتى لو بسط عليهم كساء لعمهم ، وكان ﷺ يرتب الصفوف ويُعَبثهم عند القتال بيده ، ويقول : تقدم يا فلان ، تأخر يا فلان ، وكان يستحب للرجُل منهم أن يُقاتل تحت راية قومه ، وكان ﷺ إذا لَقِيَ العدو ، قال ( اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَاب ، ومُجْرِيَ السَّحَاب ، وهَازِمَ الْأَحْزَابِ اهْزِمُهُمْ ، وانصُرْنَا عَلَيْهِم ) وربما قال ( سَيُهْزَمُ الجَمْعُ ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَل السَّاعَةُ مَوْعِدُهُم والسَّاعَةُ أَدْهَى وأمَّر ) ، وكان ﷺ يقُولُ ( اللَّهُمَّ أَنْزِلُ نَصرَكَ ) وكان يقولُ ( اللهمَّ أَنْتَ عَضُدِي وأَنتَ نَصِيري ، وَبِكَ أُقَاتِلُ ) ، وكان إذا اشتد له بأس ، وَحَمِيَ الحرب ، وقصده العدو ، يُعلِمُ بنفسه ويقولُ ﷺ ( أنا النبي لا كذب .. أنا إبن عبد المطلب ) ، وكانَ الناسُ إذا اشتدَّ الحَرْبُ اتَّقَوا به ﷺ ، وكان أقربهم إلى العدو ، وكان يجعل لأصحابه شِعَاراً في الحرب يُعْرَفُونَ به إذا تكلموا ، وكَانَ شِعَارُهُمْ مَرَّة ( أُمِتْ أُمِتُ ) ، ومرةً ( يَا مَنْصُورُ ) ، ومرة ( حم لا يُنْصَرُونَ ) . ❝
❞ من هديه ﷺ حفظ المنطق واختيار الألفاظ .
كان ﷺ يتخير في خطابه ، ويختار لأمته أحسن الألفاظ ، وأجملها ، وألطفها ، وأبعدها الفاظ ، أهل الجفاء والغلظة والفحش ، فلم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صَحاباً ولا فَظًّا ، وكان ﷺ يكره أن يُسْتَعْمَلَ اللفظ الشريف المصون في حقِّ مَنْ ليس كذلك ، وأن يُسْتَعمل اللفظ المهين المكروه في حق من ليس من أهله ، فمِن الأول منعه أن يُقال للمنافق : يا سيدنا وقال ﷺ ( فإنَّه إنْ يكُ سَيِّداً قَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُم عَزَّ وَجَلَّ ) ، ومنعه أن تُسمى شجرة العنب كرماً ، ومنعه تسمية أبي جهل بأبي الحكم ، وكذلك تغييره لاسم أبي الحكم من الصحابة بأبي شريح ، وقال ﷺ ( إن الله هو الحكم ، وإليه الحكم ) ، ومن ذلك نهيه للمملوك أن يقول لسيده أو لسيدته : ربِّي وَرَبَّتِي ، وللسَّيِّدِ أن يقول لمملوكِهِ : عَبْدِي ، ولَكِن يَقُولُ المالِكُ : فَتَايَ وفَتَاتي ، ويَقُولُ المملوك : سيدي وسيدتي ، وقال ﷺ لمن ادعى أنه طبيب ( أَنْتَ رجلٌ رَفِيقٌ ، وَطَبِيبُها الَّذِي خَلَقَهَا ) ، والجاهلون يُسمون الكافر الذي له عِلْمٌ بشيء من الطبيعة حكيماً ، وهو من أسفه الخلق ، ومن هذا قوله للخطيب الذي قال : مَنْ يُطع اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَد غَوَى : بَئسَ الخطيبُ أَنْتَ ، ومن
ذلك قوله ﷺ ( لَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وشَاءَ فُلَانُ ، وَلَكِن قُولُوا : مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ مَا شَاءَ فُلَانٌ ) ، وقال له رجل : ما شاءَ اللهُ وشِئْتَ ، فَقَالَ ﷺ ( أَجَعَلْتَني لِلَّهِ نِدا ؟ قل : مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ ) ، وفي معنى هذا الشرك المنهي عنه قولُ من لا يتوقَّى الشرك : أنا باللَّهِ وَبِكَ ، وأنا في حَسْبِ اللَّهِ وَحَسْبِكَ ، ومالى إلَّا الله وأنتَ وأنا متوكل على الله وعليك ، وهذا من اللهِ ومِنك ، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض ، ووالله وحياتك ، وأمثال هذا من الألفاظ التي يجعل فيها قائِلُهَا المخلوق ندا للخالق ، أشد منعاً وقبحاً من قوله : ما شاء الله وشئتَ ، فأما إذا قال : أنا بالله ، ثم بك ، وما شاء الله ثم شئت ، فلا بأس بذلك ، كما في الثلاثة ( لا بَلاغَ لِيَ اليَوْمَ إِلَّا بِاللهِ ثُمَّ بِكَ ) ، وكما في الحديث المتقدم الإذن أن يُقال : ما شاء الله ثم شاءَ فلان. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ من هديه ﷺ حفظ المنطق واختيار الألفاظ . كان ﷺ يتخير في خطابه ، ويختار لأمته أحسن الألفاظ ، وأجملها ، وألطفها ، وأبعدها الفاظ ، أهل الجفاء والغلظة والفحش ، فلم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صَحاباً ولا فَظًّا ، وكان ﷺ يكره أن يُسْتَعْمَلَ اللفظ الشريف المصون في حقِّ مَنْ ليس كذلك ، وأن يُسْتَعمل اللفظ المهين المكروه في حق من ليس من أهله ، فمِن الأول منعه أن يُقال للمنافق : يا سيدنا وقال ﷺ ( فإنَّه إنْ يكُ سَيِّداً قَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُم عَزَّ وَجَلَّ ) ، ومنعه أن تُسمى شجرة العنب كرماً ، ومنعه تسمية أبي جهل بأبي الحكم ، وكذلك تغييره لاسم أبي الحكم من الصحابة بأبي شريح ، وقال ﷺ ( إن الله هو الحكم ، وإليه الحكم ) ، ومن ذلك نهيه للمملوك أن يقول لسيده أو لسيدته : ربِّي وَرَبَّتِي ، وللسَّيِّدِ أن يقول لمملوكِهِ : عَبْدِي ، ولَكِن يَقُولُ المالِكُ : فَتَايَ وفَتَاتي ، ويَقُولُ المملوك : سيدي وسيدتي ، وقال ﷺ لمن ادعى أنه طبيب ( أَنْتَ رجلٌ رَفِيقٌ ، وَطَبِيبُها الَّذِي خَلَقَهَا ) ، والجاهلون يُسمون الكافر الذي له عِلْمٌ بشيء من الطبيعة حكيماً ، وهو من أسفه الخلق ، ومن هذا قوله للخطيب الذي قال : مَنْ يُطع اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَد غَوَى : بَئسَ الخطيبُ أَنْتَ ، ومن
ذلك قوله ﷺ ( لَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وشَاءَ فُلَانُ ، وَلَكِن قُولُوا : مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ مَا شَاءَ فُلَانٌ ) ، وقال له رجل : ما شاءَ اللهُ وشِئْتَ ، فَقَالَ ﷺ ( أَجَعَلْتَني لِلَّهِ نِدا ؟ قل : مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ ) ، وفي معنى هذا الشرك المنهي عنه قولُ من لا يتوقَّى الشرك : أنا باللَّهِ وَبِكَ ، وأنا في حَسْبِ اللَّهِ وَحَسْبِكَ ، ومالى إلَّا الله وأنتَ وأنا متوكل على الله وعليك ، وهذا من اللهِ ومِنك ، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض ، ووالله وحياتك ، وأمثال هذا من الألفاظ التي يجعل فيها قائِلُهَا المخلوق ندا للخالق ، أشد منعاً وقبحاً من قوله : ما شاء الله وشئتَ ، فأما إذا قال : أنا بالله ، ثم بك ، وما شاء الله ثم شئت ، فلا بأس بذلك ، كما في الثلاثة ( لا بَلاغَ لِيَ اليَوْمَ إِلَّا بِاللهِ ثُمَّ بِكَ ) ، وكما في الحديث المتقدم الإذن أن يُقال : ما شاء الله ثم شاءَ فلان . ❝