█ من رواية "يسرا البريطانية " طائر إلفينش حطّ طائر صغير بنافذتها عند تلك الصبيحة الرتيبة إثر ليلة ماطرة اشتدّ إثرها البرد لَوَن الأفق شطر السماء لقطعتين السحب أخذت الأولى شكل لسان نهر التيمز باللون الرصاصي القاتم والقطعة الأخرى ورقة العنب المصفحة المائل للسواد ولأن الليل ما زال يطبع الوقت بصداه رغم بزوغ الفجر فقد أيقظها صوت الطائر الشرشور وذكرها بصوت الحسون الوردي الذي سافر معها حافة سماء الزبير لأطراف برج الحمام بحلب خيّل إليها أنه يحمل رسالة جبار الشريف " ماذا يريد أن يوصل إلي هذا المُبكر الفجر؟ تساءلت وهي تهم بترك النافذة التي يتسلل أطرافها برد "كينغستون لاحقها الكسل والبرد والشعور بالخمول ودت لو يكون اليوم إجازتها لتبقى الفراش تتأمل الوحيد الضال وهو فصيلة "الفينش الانكليزي (finch) بلونه البني فيما مال لون ظهره للبني الفاتح وبرز صدره أما أسفل بطنه الصغير المدبب اكتسى الكستنائي بينما اتخذ رأسه اللون الرمادي وبدا الأسود منقاره وجناحيه تأملته كما كان إنساناً راحلاً موطن كتاب يسرا مجاناً PDF اونلاين 2024 تروي حكاية القرمزي … تتناول الرواية تطور قصة المرأة الزبيرية ذات الأصول والجذور “النيادة” مع مراحل تحولاتها : يسرا القرمزي يسرا البريطانية يسرا الإرهابية ومحطات عبورها خلال الرحلة الممتدة عبر سنوات الجمر إلى حلب الحدود اللبنانية السورية التركية والعراقية مرورا بالبحرين ودبي ولندن من البحرين وحتى بريطانيا ثم كردستان وقعت يد داعش وخرجت؟ أم هناك قدر رسم لها تحولاً فخ نصبته المخابرات؟ “عرفت الخطوط الحمراء موجودة كل مكان هذه الدنيا لكنها لم يُخيل عرشاً الرماح ينتظر جلوسها عليه لأيام تتحمل جبالاً المشاعر المنذرة بالرعب القادم سمعت عن المحاكم الثورية والعسكرية الميدانية السريعة تتصور ذهب النساء والرجال الأطفال للإعدام لمحت ساعة صفاء ذهني نادرة شبح نجوى القطان فوق سطح الدار تنشر الملابس المغسولة الحبل ومن بينها البذلة العسكرية لجبار تراءى طيف لطفلة صغيرة تقف بعد خطوات تتطلع للزي العسكري فترى فيه الشموخ الرمزي لشيء يبعث إحساساً تدركه ساعتها لاح الآن مقربة الموت ساد الصمت أيامها التالية محتجزة حجيرة مكتظة بالنمل والحشرات يعلوها سقفاً خشبياً ينبعث منه الغبار طوال ويسبب السعال المتواصل وصلت المكان ناقلة كبيرة محملة بالمواد عبرت بها الطريق معصوبة العينين تعرف يرافقها الناقلة ولا هويته العدد باستثناء رجل يسعل بين فترة وأخرى”
❞ تعج منطقة قلب ميلانو، وأطرافها بحركةٍ عامة، تنتشر على أطرافها مقاهي الأرصفة، روادها غالبيتهم من كبار السن، ذوي وجوهٍ تغمرها ابتسامات باردة، تجول نظراتهم ببطء وكسل مع كل حدث يجري أمامهم، مهما كان تافهًا وهامشيًا، وأطراف مقابلة تكتظ بمحلات بيع الأزهار والحقائب النسائية وملابس رياضية، لا تتوقف حركة السيارات والمشاة... تبدأ الحركة منذ التاسعة صباحًا وتشتد تدريجيًا، وتبلغ ذروتها مع الظهيرة حتى تتعاظم بنهاية الأسبوع، وإذا صادف يوم مباراة قمة الدوري الإيطالي يغلق الشارع، وتحتدم الزحمة... وتتشح الشوارع بأغانٍ منبعثة من بعض المحلات ومقاهي الرصيف.
بناية اللاجئين، أطلق التسمية عليها كهل إيطالي، عنصري النزعة ثم تغير، يقطن شقة بالدور الثاني، يبلغ التسعين كما يبدو من عروق ونتوء عظام وجهه المتشح بحب الشباب! يقطن البناية مع امرأة، تصغره سنًا، أنيقة المظهر، لا يعرف سكان البناية عنها شيئًا، تكهن البعض بأنها زوجته، وراهن آخرون أنها عشيقته، منذ الحرب الكونية الثانية، أكد بعض السكان من الذين أصابتهم سهامه العنصرية، أنه كان ينتمي لجيش موسوليني...
طويل القامة، مقوس الظهر كغصنٍ شجرةٍ معمرة بخريف الزمن... فقس عن وجهه عينان، واسعتان، ثاقبتان، يكتسح رأسه شعر طفيف تركز بمؤخرة رأسه المفلطح، يقابله أنف جميل يحسده كل من يصادفه، يدعي ماريو فيتالي... قنديل البحر! . ❝
❞ من رواية ˝القرنفل التبريزي أبو العلاء المعري وخليله˝
- حدثني عن الشكّ أبي العلاء، أما زلتَ بين الريبة واليقين؟ يُخَيَّل إليّ أنك بمنعطف السبيل إلى السداد، وكم تستغرق سفرة بلوغ مرفأ الحقيقة؟
˝إنّ حزناً في ساعة الموت، أضعاف سرورٍ في ساعةِ الميلادِ، أمر الإله واختلف الناسُ، فداعٍ إلى ضلال وهادٍ، واللبيبُ اللبيبُ من ليس يغترُّ بكونٍ مصيره للفساد، يأتي على الخلق إصباحٌ وإمساء وكلّنا لصروف الدهر نسّاءٌ، نالوا قليلاً من اللذات وارتحلوا، فإذاً النعماء بَأْسَاءٌ˝✍️ . ❝
❞ شعر القرمزي، بوخزةٍ في جهة صدره اليسرى، أحس بسهمٍ اخترق قلبه، وقد أدرك أن ثمة شيًئا غير طبيعي يجري حوله، لقد قابل مترجمًا محليًا بالسفارة، ولكن لم يعطه معلومات... والحديث الذي جرى لمرتين مع السفير، وأثار فيه خلاف أركان الحكم في بلاده، وتطرق كما يتذكر لاسم العقيد غازي فلاح، هل هناك من سرب هذه المعلومات، الحديث كان قد جرى بأقصى سرية؟ أم هو مجرد تخمين ذكي من الرجل لتوريطه وجره لاعتراف غير مبرمج...؟
˝اعترف بأنني التقيت السفير مثلما يلتقيه الجميع، كتاب وصحفيين، رؤساء أحزاب وجمعيات... وكان ذلك بوضح النهار... دخلت السفارة وخرجت في الضوء˝
جرى الاستجواب أمام الرجل المساعد الذي ظل طوال الوقت منتصبًا كالصنم، وكأنه شاهد على سين، جيم!
دقيقتان فصلتا بين آخر سؤال، وجواب... وبين تغير العقيد غازي فلاح من إنسان إلى وحشٍ كاسر...
عند منتصف الليل... وجد أحمد القرمزي نفسه عاريًا في زنزانةٍ اسمنتية، بفصل شهر تموز القائظ، وضوء مصباح كاشف، أشبه بأضواء ملاعب كرة القدم، وأمامه، وخلفه العقيد... كان صباح اليوم إنسانًا وقد أضحى أداة آلية، خلت من كل رحمة وعاطفة... فقد بعدها القرمزي وعيه، فتح عينيه ثانية بمنتصف النهار وقد تحول إلى جثةٍ حيةٍ مهشمة، لا يذكر معها سوى بقية من نبضٍ، يكفيه للبقاء على قيد الحياة . ❝