█ _ سليم حسن 2017 حصريا كتاب ❞ موسوعة مصر القديمة (الجزء الثامن): نهاية عصر الرعامسة وقيام دولة الكهنة بطيبة عهد الأسرة الواحدة والعشرين (القسم الثامن) ❝ عن مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة 2024 هي تاريخية ضخمة من تأليف عالم الآثار المصري الرائد الدكتور (8 إبريل 1893 ميت ناجي غمر الدقهلية 29 سبتمبر 1961 القاهرة) الذي يعتبر ثاني آثار مصري يساهم تأسيس علم المصريات باللغة العربية بعد أحمد كمال باشا قد بدأ تأليفها إحالته للمعاش هو السادسة الأربعين العمر فقط نتيجة خلاف بينه بين القصر الملكي مجموعة قطع أثرية طالب بها الملك فاروق أن أعادها فؤاد لتعرض متحف القاهرة هذه الموسوعة تعتبر الوحيدة المتكاملة التاريخ القديم التي وضعها ألفها واحد بمفرده تناول فيها شرحاً دقيقاً تحليلاً مستفيضاً مراحل الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل الأسرات إلى قرب العصر البطلمي ذلك 16 عشر جزءاً اضيف لها طبعة مكتبة ضمن مهرجان القراءة للجميع عام 2000 جزئين إضافيين هما الأدب ليصبح عدد مجلدات 18 مجلداً مَثَلُ الباحثِ تاريخ كَمَثَلِ السائح يجتاز مَفَازَةً مترامية الأطرافِ يتخللها بعض وديان ذات عيون تتفجر المياه خلالها وتلك الوديان تقع مسافات أرجاء تلك المفازة الشاسعة ومن عيونها المتفجرة يطفئ غلته ويتفيأ ظلال واديها؛ فهو يقطع الميل تلو عدة أيام ولا يصادف طريقة إلا الرمال القاحلة والصحاري المالحة أنه يعترضه الفينة الكلأ تخلف جود السماء بمائها فترات متباعدة هكذا يسير هذا زاد معه ماء حمله آخر عين غادرها يستقر به المطاف وادٍ خصيبٍ وهناك ينعم مرة أخرى بالماء والزاد وهذه حالة المؤرخ نفسه يؤلف فالمصادر الأصلية لديه ضئيلة سقيمة جدًّا لا تتصل حلقات حوادثها بعضها ببعض فإذا أتيح له يعرف شيئًا ناحية معين مجاهل التاريخ؛ فإن النواحي الأخرى لذلك تستعصي عليه وقد تكون أبوابها موصدة وجهه؛ لأن أخبار اختفت للأبد أو أسرارها تزال دفينة تحت تربة لم يكشف عنها هذه التاريخية القيمة " غني لكل المتخصصين والدارسين لتاريخ والآثار غنى أيضاً المثقفين الراغبين التزود بالمعرفة لجذور تغلغلت الشعوب التى تسكن أراضى المنطقة الجغرافية الواسعة الممتدة بلاد النوبة والسودان وليبيا والمناطق السورية وبلاد النهرين وآسيا الصغرى وجزر البحر المتوسط واليونان ويتضمن الجزء الأول العهد الإهناسى أجزاء الموسوعة: المجلد : الإهناسي المجلد الثاني مدنية ثقافتها الدولة الثالث الذهبي الوسطي مدنيتها علاقتها بالسودان الأقطار الآسياوية ليبيا الرابع الهكسوس الإمبراطورية الخامس السيادة العالمية التوحيد السادس رمسيس قيام الثانية السابع مرنبتاح لمحة الثامن العشرين التاسع حكم الليبيين لمصر حتى بداية الأثيوبي العبرانيين العاشر السودان المقارن أوائل بيعنخي الحادي الخامسة آشور النهضة الإغريق الفارسي دخول الإسكندر الأكبر البطالمة بطليموس القصة الحكم الأمثال التأملات الرسائل الأدبية الشعر فنونه المسرح طبعات لها: 1957 مطبعة جامعة 1994 الهيئة العامة للكتاب 2000 2001 كتب مجاناً PDF اونلاين أطول مستمر لدولة العالم لما يزيد 7000 الميلاد حيث تميزت بوجود نهر النيل يشق أرضها والذي اعتبر عامل مساعد لقيام حضارة عريقة كما بموقع جغرافي متميز يربط قارتي آسيا وإفريقيا ويرتبط بقارة أوروبا طريق الأبيض كل أدى عرفت بأنها أقدم الإنساني
❞ الحضارة المصرية القديمة كانت شديدة التفوق في كل شيء، كانت كأنها نبتت في فراغ يشمل العالم، فراغ من التخلف الضحالة والفوضي، في وسط هذا العالم نبتت مصر، نهضت من قلب الطين نشأة لم تتكرر علي مدار التاريخ كله.
لم تكن الحضارة المصرية حضارة مباني وإنشاءات ضخمة فقط، بل هذه الحضارة ما استطاعت أن تنشيء مبانيها ولا معابدها الضخمة إلا بعد أن أنشأت الإنسان الكامل حسب وجهة نظرها للكمال الإنساني في ذلك الزمان،
استطاعت مصر أن تبني الإنسان ثم بني الإنسان هذا الوطن العظيم.
مثل الأدب بفروعه المختلفة واحد من روافد الإبداع في مصر القديمة، فبالرغم مما يشاع عن أن الأدب بفروعه المختلفة هو نتاج حديث إلا أن مصر القديمة كانت لها إسهاماتها العظيمة جدا المبكرة جدا في إنشاء هذا الانواع الأدبية المختلفة من قصة ومسرحية وشعر وغيره.
ويعتقد كثيرون أن الدراما والأشعار الملحمية وغيرها من الفنون قد ابتكرت مع العصر اليوناني،
لكن ذلك يتنافي مع الكشوفات الأثرية التي دلت علي أن المصريين القدماء قد ألفوا في الدراما والتمثيليات بعض المؤلفات التي يمكن قراءتها مثل: الدراما المنفية أو تمثيلية بدء الخليقة. ودراما التتويج،
ودراما انتصار حور علي أعدائه. أما الأغاني والأناشيد فقد ألف المصريون في الأناشيد الدينية والأناشيد الغنائية والغزليات. كما ألف المصريون المدائح لملوكهم في شكل أشعار. كما دون المصريون الأغاني التي كان يدندن بها العمال أثناء تأدية أعمالهم . ❝
❞ الرجل الذي يعمل علي حسب عقل غيره لا ينجح
لا تدخلن بيت غيرك... ولا تمعنن في النظر إلي الشيء المنتقد في بيته؛ إذ يمكن لعينك أن تراه، ولكن الزم الصمت، ولا تتحدثن عنه لآخر في الخارج؛ حتي لا تصبح جريمة كبري تستحق الإعدام عندما تسمع.
إذا كنت ماهرا في الكتابة، فإن الناس أجمع يفعلون كل ما تقوله، إذن خصص نفسك للكتب وضعها في لبك، وبذلك يكون كل ما تقوله ممتازا. كل وظيفة يعين فيها الكاتب فإنه لا بد يستشير فيها الكتب وبذلك يلازمه النجاح، فليس هناك ولد لملاحظ الخزانة ولا وارث لملاحظ الحصن... الوظائف لا أولاد لها... وفي هذه الحالة يحصل عليها الأكفاء الذين تعلموا كثيرا . ❝
❞ مقتطفات من حكم مصر القديمة التي ورثناها عن أدابها.
إن الروح تذهب إلي المكان الذي تعرفه ولا تحيد في مسيرها عن طريق أمسها.
ولو كنت استللت سلاحي بيدي، لكنت جعلت هؤلاء المخنثين يولون الأدبار، ولكن لا شجاع في الليل، ولا أحد يحارب وحيدا، ولا يحرز النصر بدون عضد.
لقد أعطيت الفقير وعلمت اليتيم، وقد جعلت الرجل المغمور الذكر يصل إلي غرضه مثل صاحب المكانة.
تأمل لا شيء يفوق الكتب . ❝
❞ الحضارة المصرية القديمة كانت شديدة التفوق في كل شيء، كانت كأنها نبتت في فراغ يشمل العالم، فراغ من التخلف الضحالة والفوضي، في وسط هذا العالم نبتت مصر، نهضت من قلب الطين نشأة لم تتكرر علي مدار التاريخ كله.
لم تكن الحضارة المصرية حضارة مباني وإنشاءات ضخمة فقط، بل هذه الحضارة ما استطاعت أن تنشيء مبانيها ولا معابدها الضخمة إلا بعد أن أنشأت الإنسان الكامل حسب وجهة نظرها للكمال الإنساني في ذلك الزمان، استطاعت مصر أن تبني الإنسان ثم بني الإنسان هذا الوطن العظيم.
مثل الأدب بفروعه المختلفة واحد من روافد الإبداع في مصر القديمة، فبالرغم مما يشاع عن أن الأدب بفروعه المختلفة هو نتاج حديث إلا أن مصر القديمة كانت لها إسهاماتها العظيمة جدا المبكرة جدا في إنشاء هذا الانواع الأدبية المختلفة من قصة ومسرحية وشعر وغيره . ❝
❞ تستمر حروب الملوك الغرباء بدماء أحيانا تكون مصرية، وإن لم تكن مصرية فالمال من عرق المصريين ومن دمهم أحيانا، استمرت حروب هؤلاء لامتلاك مزيد من الأرض ومد نفوذهم لبلاد سوريا، حتي بلغت الحروب التي وقعت لضم سوراي سبعة حروب.
في الحقيقة لم تكن الحياة المصرية راكدة راضية بحكم الإغريق، بل هناك الكثير من الثورات التي قامت لطرد الإغريق وبعض هذه الثورات كانت تحت قيادة رجال من ذوي الدم الملكي الذين بقوا محاولين إعادة مجد عائلاتهم وأسرهم الحاكمة ومجد بلادهم كما كان.
استغل الرومان اضطراب البلاد وقام سفرائهم بدراسة كل شبر في مصر ومع كثرة الاستعانة بهم لفض خلافات الحكم ووراثته في مصر أصبح لهم كلمة فيمن يحكم ومن لا يحكم،
يكفي أن يساند حاكم روما رجلا إغريقيا كي يصبح حاكما علي البلاد،
وهذا جعل روما ملجأ لكل من شعر بالظلم وكل من اغتصب منه العرش،
وفي النهاية وقعت البلاد تماما في ظل الحكم الروماني كي تبدأ البلاد حلقة جديدة من حلقات الضياع. وكي تبدأ صفحة جديدة من صفحات الحزن الطويل . ❝
❞ لم تكن أحوال مصر تسر أحد في عهد البطالمة، رغم أن بعضهم قد اهتم اهتماما شديدا بالزراعة، فازدادت في عهده رقعة البلاد الزراعية كما اهتم بمشروعات الري وغيرها. غير أن عهد البطالمة بكامله تقريبا كان عهد مذلة للمصريين،
كل هذا بالرغم من محاولات بعض الملوك البطالمة التقرب للكهنة المصريين بالتعبد في المعابد المصرية والاهتمام بآلهة مصر القديمة إرضاء للمصريين.
كانت مشاعر المصريين تتجه نحو كراهية المحتل بلا هوادة، وكان المحتل يشتد في إيذاء الشعب كلما واتته الفرصة بهدف جلب المزيد من أموال الضرائب. وكانت الحروب المستمرة للبطالمة خارج الحدود المصرية، لزيادة أملاكهم ، سببا آخر في شقاء المصريين.
ورغم أن البطالمة استبعدوا تماما المصريين من التجنيد في الجيش للحفاظ علي حالة الاستقرار ومنع حدوث ثورات مسلحة تستهدف اقصائهم عن حكم البلاد، إلا أن بعض حروب البطالمة في سوريا قد اضطرتهم لاستخدام المجندين المصريين، وكان هروب الإغريق من ميدان الحرب وثبات المصريين حتي النصر أمرا حافزا للروح القومية المصرية التي بدأت تتواثب من جديد وتسعي لأداء دورها التاريخي.
من بين أهم الآثار التي خلفها لنا البطالمة معبد فيله، وقد ظل العمل فيه مستمرا لأكثر من قرن كامل من الزمان، واستغرق حياة عددا من حكام البطالمة، وكذلك من أهم الأثار التي خلفها لنا هذا العصر، حجر رشيد، ومن المعروف عن حجر رشيد أنه مكتوب بثلاث لغات، أو بثلاث خطوط مختلفة، وعن طريق مطابقة المكتوب باللغة المصرية القديمة مع اللغة الاغريقية المكتوبة علي نفس الحجر تم فك رموز اللغة المصرية القديمة وطريقة نطقها والتعرف علي معاني كلماتها. وهذا الحجر كان عبارة عن مرسوم ملكي يتضمن بعض القوانين، ومن الطريف أنه يوجد أكثر من حجر يشبه حجر رشيد من حيث وجود كتابة متعددة اللغات تتيح التعرف علي اللغة المصرية من خلالها.
تستمر الأسماء الغريبة في الظهور والانتشار والاستقرار مع غياب الأسماء التي تعودنا عليها ألاف السنين. نجد حاكما وقائدا مثل أنطيوكوس، وإيريجيتيس،
وكليوباترا وغيرهم من القادة والملوك يستقرون في مصر مع الغياب التام لملوك مصر القديمة . ❝
❞ لم ينس المصريون مجدهم ولا عظمة ملوكهم، ووجدوا أن الاحتلال إهانة شديدة لتاريخهم المجيد لذلك قاموا بالعديد من الثورات التي سجلها بعض المؤرخين، إلا أن هذه الثورات تفاوتت شدة وضعفا ولقت من العنف المبالغ فيه ما حكم إرادة الثوار واستتب الأمر في النهاية لملوك البطالمة إلي حين.
استعرض المؤلف في هذا الجزء وكعادته في باقي الأجزاء الأثار التي دلت علي تاريخ الملكين بطليموس الثالث والرابع،
وذكر كل قطعة أمكن الاستشهاد بها مهما كانت صغيرة، وهذه الأثار تغطي أماكن متفرقة في البلاد، وهي أثار متنوعة، فبعضها منشئات كاملة وبعضها مجرد إضافة لمعابد قائمة وبعضها مجرد قطع أثرية لا تلفت نظر أحد غير الأثريين.
في هذا الجزء يستمر الحزن والملل علي ما آلت إليه بلد عظيم وشعب عظيم خلد اسمه في كل كتب التاريخ . ❝
❞ إستطاع الفرس غزو مصر أكثر من مرة، نجحوا أحيانا وفشلوا أحيانا،
بعض هذه المرات كان بعض قادة جيشهم مرتزقة من الإغريق. كما أن الإغريق في أخر الأمر قاموا بطرد الفرس من مصر بدون قتال في عهد الاسكندر
حيث دارت بينهم معارك عيدة في الكثير من البلاد فشل فيها الفرس في الاحتفاظ ببعض قوتهم للبقاء في مصر فتركوها بدون شروط كي تقع في يد الاسكندر الأكبر.
آخر ملوك مصر كان الملك ˝نقطانب الثاني˝ هو آخر من قاوم الفرس من المصريين لكنه سقط ووقعت لبلاد في عهده في يد الفرس ورغم قيام الثورات ضد الفرس إلا أنهم بقوا حتي طردهم الإغريق، ولأجل أن يستتب له الأمر عرف الاسكندر عقائد المصريين واحترمها وجعل نفسه ابنا للإله ˝أمون˝ وجعله الكهنة فرعونا علي مصر رغم أنه أجنبي عنها.
كان الحكم في بيت الاسكندر الأكبر لأبيه وكان هناك صراع واضح بين زوجتيه علي من يخلفه، وجرت بعض جرائم القتل المعتادة في مثل هذه الظروف تبعها هروب بعض أفراد البيت المالك، وعمليات انتقام بالتبعية، والكثير من التفاصيل التي سبقت تولي الاسكندر الأكبر الملك.
استطاع الاسكندر بعبقرية عسكرية قيادية واضحة أن ينهي الصراع بين الفرس والإغريق بالضربات القاضية المتتالية في وسط أسيا حتي استطاع الحصول علي استسلام غير مشروط في مصر وأصبحت مصر ولاية تابعة لإمبراطورية مترامية الأطراف.
كان الموت الفجائي للإسكندر الأكبر بعد مغادرته مصر ذو أثر كارثي علي الامبراطورية، حيث تداول كبار القادة أمر وراثة الحكم حتي انتهي الأمر باقتسام التركة بين القادة الكبار،
ووقعت مصر في نصيب بطليموس الأول الذي سيحكم مصر وسيورث الحكم لأولاده من بعده وسيحكم مصر عائلة كاملة من البطالمة سيزيد عددهم عن عشرة، مما سيذكرنا بعصر الرعامسة الثلاثة عشر . ❝
❞ إن هزيمة الفرس أمام الإغريق في إحدي المعارك الطويلة بينهم أدت إلي قيام ثورات في مصر استطاع الملك ˝أكزركزس الأول˝ القضاء عليها، غير أن المعارك التي دارت بين الفرس والإغريق من جديد كانت مبررا للمصريين للقيام بثورات جديدة أشعل نارها مصري يدعي ˝إيناروس˝ لكنه لم يفلح في طرد الفرس.
رغم حالة السوء التي كانت تعيش فيها البلاد، ورغم قسوة الظروف التي عاناها الشعب في ذلك الوقت، إلا أن في البلاد لم تعدم ظهور ملك حاول واستطاع أن يجلب للبلاد استقلالها، واستطاع أن ينتصر ويطرد الفرس من مصر. هذا الملك هو ˝أمير تاوس˝، وكان نصره في ثصورته علي الملك ˝دارا الثاني˝، وهو من الملوك المجهولين جدا في مصر إذ ليس له شهرة كافية في التاريخ المصري لقلة الآثار التي تدل عليه، كما أنه أتي في فترة اضمحلال في نهايات التاريخ المصري، وقد أسس هذا الملك الأسرة الثامنة والعشرين، ولا يعرف ملكا في هذه الأسرة غيره.
استطاع ملوك مصر في عهد الأسرتين التاسعة والعشرين والثلاثين تبني سياسة حيادية تقوم علي الحفاظ علي استقلال البلاد دون الدخول في حروب توسعية، وكان من جراء ذلك أن استطاعت البلاد مقاومة هجوم فارسي جديد في عهد نقطانب الأول وبفضل فيضان النيل وبفضل وجود آلاف الجنود المرتزقة المحترفين من بلاد الإغريق صدت مصر هجوم فارسي جديد . ❝
❞ تستمر مشاعر وأحاسيس العظمة كلما استمريت في القراءة في تاريخ مصر القديمة، وتختلف المشاعر وتتطور الأحاسيس بتطور أحداث هذا التاريخ، فمصر تقوي وتستمر في القوة والسطوة وتستمر في كتابة تاريخ استمر لألاف السنين قبل أن يشاركها في مسك قلم التاريخ أي دولة أخري،
وحينما ظهرت دول أخري حاولت منافسة مصر في قيادة العالم،
ولعشرات القرون تفشل هذه المحاولات؛ لأن مصر كانت أشد بأسا ونفوذا من أن يشاركها في قيادة العالم أحد. لكن لا تستمر الحياة علي وتيرة واحدة، فبالرغم من أن دولا وحضارات ظهرت وماتت وبقيت مصر، إلا أن هناك أمما جديدة علي مسرح الأحداث ظهرت في وقت شاخت فيه مصر وأصابها المرض، فاستطاعت هذه الأمم الفتية أن تغلبها وتسيطر عليها وتسقط الأسرات المصرية العريقة وتستبدل بها أسرا غير مصرية في الحكم.
ولا نبالغ إذا قلنا أن تغلغل السلالات الأجنبية في أرجاء البلاد، واستيلاء أسرهم علي السلطة كان السبب الرئيسي في حالة الانهيار الحضاري التي ألمت بالبلاد وأدت في لنهاية إلي سقوط حضارة مصر وانتهائها بعد أن عمرت الدنيا دهرا طويلا.
سقطت دولة آشور وانتهت تماما، وسقط اللوبيون ونساهم التاريخ وغيرهم من الأمم التي ظهرت بجوار مصر في بعض فترات التاريخ، وورث هذا العالم القديم دولة الفرس،
وظهرت أمة الإغريق الفتية، وجرت بينهما الكثير من المعارك علي السيادة والسيطرة علي الأمم المعروفة في ذلك الوقت. وفي بلاد الفرس ظهر الكثير من الملوك المشاهير منهم قمبيز، ودارا الأول والثاني، وأكزركزس، وأرتكزركزس، و
غيرهم من الملوك الكبار الذين دخلوا في صراعات مع الإغريق انتهت بسيطرتهم علي مصر في عهد الملك قمبيز بعد أن استطاع هزيمة ملك مصر ˝أحمس الثاني˝ . ❝
❞ ظهر الحيثيون أولا والآشوريون ثم الكوشيون واللوبيون والفينيقيون والفرس والإغريق أخيرا، كل هؤلاء لعبوا دورا هاما علي مسرح التاريخ، يختلف في حجمه حسب حجم مشاركة هذه الشعوب في الحضارة العالمية، كما استطاع بعضهم عمل علاقة شراكة قوية مع مصر،
ظلت تقوي حتي انتهي الحال بهم إلي العمل كمرتزقة في الجيش ووصل الحال من ضعف مصر في بعض فترات تاريخها إلي وصول بعض هؤلاء الغرباء إلي كرسي السلطة في البلاد وأسسوا أسرات حاكمة لم تكن من أصول مصرية.
بعد انهيار الحضارة المصرية القديمة، وسقوط مصر في قبضة الفوضي وانهيار أمنها الخارجي بغزوات متكررة من جهاتها الحدودية الجنوبية والشرقية والغربية، استطاع بعض الرجال العودة بالبلاد سيرتها الأولي، وقد كانت ذروة هذه النهضة في عهد الملك ˝بسمتيك الأول˝، وقد كان ذروة المجد في أغرب أحداثه التاريخية في عهد الملك ˝نيكاو الثاني˝.
قام الملك ˝بسمتيك الأول˝ فور توليه الحكم بإعادة البلاد إلي حالة من الأمن والاستقرار بفضل حزمه وصرامته وحسن تخطيطه، كما أنه استخدم المرتزقة من الإغريق،
مضطرا؛ لبراعتهم في فنون الحرب بصورة لم تكن معروفة في مصر في فترة انحطت فيها قوتها العسكرية. وفي عهد ابنه الملك ˝
نيكاو الأول˝ أصبح لمصر اسطولا تجاريا تمكن به من السيطرة علي البحار المعروفة في زمنه. وكان لهذا الملك طموح بأن يعيد مجد مصر في عهد تحتمس الثالث . ❝
❞ لمصر تاريخ طويل وعلاقات بعيدة في الزمن بجيرانها، ولمصر في جيرتها سياسات تعتمد علي الاحتفاظ بسيادة تحفظ لها حقوقها الأمنية بالدرجة الأولي ثم حقوقها التجارية مع هذه البلاد التي تحيط بحدودها من جميع الجهات،
وتحتفظ الوثائق التي يرجع عمرها لألاف السنين بدلائل قوية علي علاقات اختلفت طبيعتها بحسب الحالة التي كانت تمر بها مصر من قوة أو ضعف عبر الزمن،
فتارة تكون العلاقة سيادة مصرية شاملة وقبول بالأمر الواقع عن رضا وقناعة من الطرف الآخر بسيادة مصر، وتارة تكون هذه العلاقة علاقة جوار وسلام إذا قويت البلاد المجاورة وضمنت استقلال قراها وضمنت مصر تجارة وسلام علي جدودها، وفي أحيان أخري تضعف مصر متغير عليها الدول المجاورة لها وأحيانا يتسرب إليها العنصر الأجنبي عنها فيصل إلي الحكم.
وقد مضي علي مصر عصور طويلة من الزمن لم يكن هناك دول منظمة غيرها، ولم تكن هناك حضارات إلا فيها، ولم يكن هناك شعوب ذات اتجاهات قومية إلا شعبها،
لكن بمرور الزمن وتوالي العصور صعدت إلي مسرح التاريخ أمم أخري، ربطتها بمصر علاقات تعاون أحيانا ومنافسة أحيانا أخري،
ومع بداية ضعف الدولة المصرية بدأت هذه الأمم الصاعدة تطمع في أن تحل محل مصر في قيادة العالم، بل بدأت بعض هذه الأمم الناشئة في مناوءة مصر علي أرضها حتي أسقطتها واحتلتها في نهاية الأمر . ❝
❞ الملك ˝شبكا˝ تولي الحكم بعد أخيه الأكبر ˝بيعنخي˝ ويعتبر هو مؤسس الأسرة الخامسة والعشرين؛ لأنه هو من أقام في مصر بعكس أخيه الذي هاجر إلي الجنوب بعد السيطرة الكاملة علي مصر، وقد حكم شبكا قرابة الخمس عشرة سنة، وقد تم الكشف عن مقبرته ووجدت منهوبة تماما. ثم تولي الحكم من بعده الملك ˝شبتاكا˝ حكم البلاد ما يقرب من أربع عشرة سنة،
وهو أبن الملك ˝بيعنخي˝ ووالد الملك ˝تانوت آمون˝ الذي تولي العرش بعد الملك تهرقا، أما الملك ˝تهرقا˝ فهو واحد من أشهر ملوك مصر وواحد من رجال البعث الحقيقي لنهضة مصر.
ويعتبر عهد الملك ˝تهرقا˝ مليئا بالأحداث الجسام في داخل البلاد وخارجها، فإصلاحاته ومبانيه في مصر وبلاد كوش تشهد له بأنه واحد من أمجد ملوك مصر في تاريخها، ولهذا الملك حروب مع دولة أشور سكتت عنها الأخبار المصرية تماما، بينما توجد عنها القليل من الأخبار في الوثائق الأشورية وهو ما يعطي دلالة أو إشارة بأن مصر قد هزمت في هذه الحروب أمام دولة أشور. وتحتفظ الأرض المصرية للملك ˝تهرقا˝ بالكثير من الأثار التي توجد في أماكن متفرقة من مصر وكوش، منها المعابد والتماثيل وبعض القطع الصغيرة التي تحمل أسم وألقاب الملك، وبعض تماثيل الكباش، وبعض اللوحات وتتوزع هذه الأثار علي الكثير من متاحف العالم.
تزوج الملك ˝تهرقا عدد من المرات من بينهن: الملكة أتخباسكن، والملكة تابكنأمون، والملكة ناباري، والملكة تكاهاتاماني، وملكة لم يبق من اسمها إلا جزء صغير هو˝ سالكا..˝. وبعض هؤلاء الملكات قد كشف الأثريون عن قبورهن وبعضهن لا. ويعرف الأثريون من أبناء تهرقا: ˝أتلانرسا˝ و˝إسانهورت˝ ومن بناته ˝يتورو˝ و˝يلتاسن˝ و˝أمنردس الثانية˝. ومن الواضح أن هذه الأسماء كلها ليست مصرية بل لكوشيين متمصرين.
في هذا العصر برز عدد من رجالا لدولة المهمين من أشهرهم: منومحات، وكان من أمهر الإداريين في طيبة، وقد عاصر الملكين ˝تهرقا˝ و˝تانوت أمون˝، كما عاش في عهد الملك ˝بسماتيك الأول˝ حتي السنة التاسعة من حكمه، وقد شاءت له الأقدار أن يعيش في فترة هامة من تاريخ مصر توالت فيها غارات الآشوريين علي البلاد حتي سقطت في النهاية في أيديهم.
وقد تنازعت مصر ثلاث قوي في عصره، أما المصريون فقد أرادوا بلادهم حرة كما عهدوها، بينما أراد الكوشيون توحيدها مع مملكتهم في مملكة واحدة،
أما الأشوريون فقد استطاعو السيطرة عليها في النهاية. وفي هذه الفترة المضطربة استطاع منتومحات أن يدير مصر في ظل ثلاث قوي تتنازعها وخرج بالبلاد سالمة وسار بها حاملا لواء الاستقلال حتي ظخهر منقذها ˝بسماتيك الأول˝ . ❝
❞ واصل الحديث عن ملوك هذا العصر ومشاهير الرجال واهم كبار رجال الدولة واهم الأحداث في هذا العصر.
بدأ الملك بيعنخي عهده بالسيطرة الكاملة علي مصر قادما من الجنوب إذ ظل يستولي علي مدينة فمدينة بالقتال أو بالحصار او بالاستسلام حتي وصل إلي أقصي شمال البلاد منحدرا مع النهر حتي سيطر علي مصر كاملة،
ثم قام بتقديم ثروة منف للإله آمون رب طيبة، ثم واصل الزحف نحو عين شمس وسيطر عليها ودخل معبد (رع) وتضرع الكاهن رئيس المرتلين إلي الإله أن يصد الثوار عن الملك بعد أن أبدي احترامه لعقائد المصريين. ثم قام بهذا العمل في معبد ˝آتوم˝.
في طريقه للسيطرة علي مصر كلها خضع له الملك ˝أوسركون˝ في دلتا مصر، وقام عدد من الأمراء بتقديم فروض الولاء والطاعة للملك ˝بيعنخي˝ من هؤلاء الأمراء: ˝أوسركون˝ في بوبسطة ، و˝أوبوت˝ في تنترمو، و˝زد أمنف عنخ˝، والأمير ˝أكانش˝ في سمنود وغيرهم من الأمراء.
بخلاف الطاعة التي لقيها من الأمراء كانت هناك حالات عصيان منها بلدة ˝مسد˝ فقام ˝بيعنخي˝ بمهاجمتها حتي وصلته رسالة استسلام من ˝تفخنت˝ وقام بعقد يمين الطاعة للملك الجديد، وبعد أن أخضع بيعنخي
كل البلاد تحت سلطته عاد إلي الجنوب من جديد بسفن محملة بالذهب والفضة والنحاس والملابس . ❝
❞ لمصر منذ القدم علاقة وطيدة ببلاد النوبة، وليست النوبة المقصودة هنا هي النوبة التي نعرفها كجزء من مصر الآن، لكن النوبة المقصودة هي مملكة كاملة تقع علي الحدود الجنوبية لمصر وكانت تسمي مملكة ˝كوش˝،
وقد حرص قدماء ملوك مصر منذ بداية تأسيس الدولة المصرية علي إقامة علاقة قوية معها أو السيطرة عليها وجعلها جزء من الأراضي التي تخضع للسيادة المصرية، لأهمية تأمين الحدود الجنوبية للبلاد،
وتعتبر الحدود الجنوبية ذات أهمية خاصة لأن النيل يأتي منها . ❝