📘 ❞ ورقات في أُصول التفسير ❝ كتاب ــ عصام الدين إبراهيم النقيلي اصدار 2020
أصول التفسير - 📖 كتاب ❞ ورقات في أُصول التفسير ❝ ــ عصام الدين إبراهيم النقيلي 📖
█ _ عصام الدين إبراهيم النقيلي 2020 حصريا كتاب ❞ ورقات أُصول التفسير ❝ عن جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 2024 التفسير: هذأ كتيِّب مختصر أصول من كلام الإمام ابن القيِّم والإمام السَّعدي وهو مفعم بالفوائد وإنِّي طور شرح جزء منه تحت اسم "تمهيد البداية التَّفسير" مجاناً PDF اونلاين علم هو توضيح الشيء وبيان معناه اهتم به المسلمون لفهم آيات القرآن فلتفسير الكريم أصولًا لا بد أن يحسنها يروم تفسير الله تبارك وتعالى وقد كتب العلماء وبينوا الفرق بين المنقول وبين بالمعقول ووضحوا متى يمكن للإنسان يقول برأيه وفرقوا الرأي المحمود والمذموم
عن كتاب ورقات في أُصول التفسير:
هذأ كتيِّب مختصر في أصول التفسير من كلام الإمام ابن القيِّم والإمام السَّعدي، وهو مفعم بالفوائد وإنِّي في طور شرح جزء منه تحت اسم "تمهيد البداية في أصول التَّفسير"
❞ كأن المـــــدى ضـــــــــيــــقُ * كأن دمـــــــــي موثـــــــــــــــقُ
أنا النسر وزع ورد الحنيــــنْ * ومد يديه إلى الآخريــــــــــــــنْ
أنا النسر سوف أزف النشــيدْ * إلى كل عائلة بل أريـــــــــــــــدْ
بقاء الفضاء كروح الحــروفْ * له من نتاع1 الكلام طيـــــــوفْ
وأن يألف الطفل رسم الزهورْ * وينسى زمان الأسى والقبــورْ
ويأوي إلى حلمه في المســـاءْ * فيسمع تغريدة للصــــــــــــــفاءْ
ويكبر مثل طيور اليمـــــــــامْ * ويصبح أنقى بفضل الســـــــلامْ
للشاعر سامر رضوان.
1 - النتع: خروج الشيء، تقول نتعت العين الدمع، والجرح الدم. ❝ ⏤عصام الدين إبراهيم النقيلي
❞ كأن المـــــدى ضـــــــــيــــقُ كأن دمـــــــــي موثـــــــــــــــقُ
أنا النسر وزع ورد الحنيــــنْ ومد يديه إلى الآخريــــــــــــــنْ
أنا النسر سوف أزف النشــيدْ إلى كل عائلة بل أريـــــــــــــــدْ
بقاء الفضاء كروح الحــروفْ له من نتاع1 الكلام طيـــــــوفْ
وأن يألف الطفل رسم الزهورْ وينسى زمان الأسى والقبــورْ
ويأوي إلى حلمه في المســـاءْ فيسمع تغريدة للصــــــــــــــفاءْ
ويكبر مثل طيور اليمـــــــــامْ ويصبح أنقى بفضل الســـــــلامْ
للشاعر سامر رضوان.
1 النتع: خروج الشيء، تقول نتعت العين الدمع، والجرح الدم . ❝
❞ إنَّما الدنا هبــــاء * ليس للدنيا ثبــــوت
إنما الدنيا كبحـــر * يحتوي سمكا وحوت
ولقد يأتيك منــها * أيها الطالب قـــوت
فاغتنم وقتك فيها * قبل ما فيها يفــوت
وقل بخير تجتنيــه * أو تحلَّى بالسكـوت
إنَّما الدنيا كبيـــت * نسجته العنكبـوت. ❝ ⏤عصام الدين إبراهيم النقيلي
❞ إنَّما الدنا هبــــاء ليس للدنيا ثبــــوت
إنما الدنيا كبحـــر يحتوي سمكا وحوت
ولقد يأتيك منــها أيها الطالب قـــوت
فاغتنم وقتك فيها قبل ما فيها يفــوت
وقل بخير تجتنيــه أو تحلَّى بالسكـوت
إنَّما الدنيا كبيـــت نسجته العنكبـوت . ❝
❞ إشراقة النُّور
الحمد لله خالق الظلمات النور، الذي أرسل نبيه بالهدى والنور، والصلاة والسلام على الذي أنزل عليه النور، ما تغنى في الجنان حور، وبعد
فإنَّ عقيدة التَّوحيد نورٌ خارجيٌّ يُلقيه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده , فإذا طرق ذلك النُّور أبواب القلب , اهتزَّت به جبلَّة العبد الخالصة , فإذا وافقه العبد بالتَّسليم والقبول أجلى عنه رانه كما تُجلي النَّار الصديد عن الحديد فيبرق , فيشعُّ نور القلب الأصلي الفطري الجبلي , ثمَّ ينفجر ذلك النُّور من داخل القلب فيدفع كلَّ الشَّوائب المتعلِّقة به حتَّى يظهر على الجوارح بمبدئِ اللِّسانِ , فينطق به قولا وتصديقا , فإذا ما وافقه الإنسان واتَّبعه، عمِلَ به سائر جسده , فإن سلَّم له واتَّبعه في كلِّ أحواله تمكنَّ منه وانتشر على سائر جوارحه , فيُرى التَّوحيد في قلبه تصديقا , وعلى لسانه نطقا , وعلى جوارحه عملا , فيرسخُ رسوخَ الجبال , فلا جحافل الأهواء تمنعه , ولا جيوش الشهوات تقمعه , ولا غُبار الفتن يرهقه , ولا قٌطَّاع طُرُقِ الأنوار توقفه , وحتَّى إن عرضته الزلَّات يتلقَّاها نوره بالتَّوبة والإنابة , فيمحق عوالقها فيعود برَّاقا كالثوب إذا ما غُسل , فإن رحَّب المسلمُ بكلِّ هذا فُـتِّحت له أبواب العلوم والفهم على مصرعيها , فإن سار فيها سيَّرهُ الله تعالى مهيِّئًا له جنوده الخفيَّة , فإن توكَّل عليه حقَّ توكُّله زاده وألقى في نور قلبه لذَّة علمه , فلا يبغي عنه حولا , ولا يرضى بغيره بدلا , فتراه سعيدا ولو في المصائبِ , فرحا ولو في الأحزان , نشوانا ولو في التعب , وإن جاع , وإن ظُلمَ , وإن تعرَّى , وإن قُهرَ , فيرى الدُّنيا من فوق علم , علمٍ من نور يكسوه علم من صخر , نور حارق لكلِّ الأهواء والشهوات , وصخر لا يَهزُّه الظلم ولا الظُّلمات , فحينها يصلِّي على النبِّي الذي بنور سنَّتهِ رأى النور , شاكرا لله الغفور الشكور الذي بفضله طرق قلبه ذلك النور , فصلى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ما دام ساقي الجنان يدور والحمد لله رب العالمين نور على نور. ❝ ⏤عصام الدين إبراهيم النقيلي
❞ إشراقة النُّور
الحمد لله خالق الظلمات النور، الذي أرسل نبيه بالهدى والنور، والصلاة والسلام على الذي أنزل عليه النور، ما تغنى في الجنان حور، وبعد
فإنَّ عقيدة التَّوحيد نورٌ خارجيٌّ يُلقيه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده , فإذا طرق ذلك النُّور أبواب القلب , اهتزَّت به جبلَّة العبد الخالصة , فإذا وافقه العبد بالتَّسليم والقبول أجلى عنه رانه كما تُجلي النَّار الصديد عن الحديد فيبرق , فيشعُّ نور القلب الأصلي الفطري الجبلي , ثمَّ ينفجر ذلك النُّور من داخل القلب فيدفع كلَّ الشَّوائب المتعلِّقة به حتَّى يظهر على الجوارح بمبدئِ اللِّسانِ , فينطق به قولا وتصديقا , فإذا ما وافقه الإنسان واتَّبعه، عمِلَ به سائر جسده , فإن سلَّم له واتَّبعه في كلِّ أحواله تمكنَّ منه وانتشر على سائر جوارحه , فيُرى التَّوحيد في قلبه تصديقا , وعلى لسانه نطقا , وعلى جوارحه عملا , فيرسخُ رسوخَ الجبال , فلا جحافل الأهواء تمنعه , ولا جيوش الشهوات تقمعه , ولا غُبار الفتن يرهقه , ولا قٌطَّاع طُرُقِ الأنوار توقفه , وحتَّى إن عرضته الزلَّات يتلقَّاها نوره بالتَّوبة والإنابة , فيمحق عوالقها فيعود برَّاقا كالثوب إذا ما غُسل , فإن رحَّب المسلمُ بكلِّ هذا فُـتِّحت له أبواب العلوم والفهم على مصرعيها , فإن سار فيها سيَّرهُ الله تعالى مهيِّئًا له جنوده الخفيَّة , فإن توكَّل عليه حقَّ توكُّله زاده وألقى في نور قلبه لذَّة علمه , فلا يبغي عنه حولا , ولا يرضى بغيره بدلا , فتراه سعيدا ولو في المصائبِ , فرحا ولو في الأحزان , نشوانا ولو في التعب , وإن جاع , وإن ظُلمَ , وإن تعرَّى , وإن قُهرَ , فيرى الدُّنيا من فوق علم , علمٍ من نور يكسوه علم من صخر , نور حارق لكلِّ الأهواء والشهوات , وصخر لا يَهزُّه الظلم ولا الظُّلمات , فحينها يصلِّي على النبِّي الذي بنور سنَّتهِ رأى النور , شاكرا لله الغفور الشكور الذي بفضله طرق قلبه ذلك النور , فصلى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ما دام ساقي الجنان يدور والحمد لله رب العالمين نور على نور . ❝
❞ السلام عليكم، وبعد:
هل يوجد في الصفحة أستاذ عروض أو مختص؟ لو موجود يتصل بنا، ˝لو يسمح طبعا˝. ❝ ⏤الدُّكتُور: عِصَامُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ النُّقَيْلِي
❞ السلام عليكم، وبعد:
هل يوجد في الصفحة أستاذ عروض أو مختص؟ لو موجود يتصل بنا، ˝لو يسمح طبعا˝ . ❝
❞ يقول الفراهيدي:
يَوْمٌ أخرجُ فألقَى فيهِ مَن هُوَ أعلَمُ مِنّي، فأتعلَّم منه، فذلكَ يَوْمُ غَنيمَتي،
ويومٌ أخرجُ فألقَى فيه مَن أنا أعلمُ منه فأُعَلِّمه، فذلكَ يومُ أجري،
ويومٌ أخرجُ فألقَى مَن هو مِثلي فأُذاكِره، فذلكَ يومُ دَرسي،
ويومٌ أخرجُ فألقَى مَن هو دوني، ويَرَى أنه فَوْقي فلا أُكَلِّمه، وأجعلهُ يومَ راحَتي. انتهى
وأقول: إياكم وصاحب الجهل المركب، فهو أشد على العالم من الحديد والنار.
ففروا منه فرار ريمٍ من قسورة. ❝ ⏤الدُّكتُور: عِصَامُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ النُّقَيْلِي
❞ يقول الفراهيدي:
يَوْمٌ أخرجُ فألقَى فيهِ مَن هُوَ أعلَمُ مِنّي، فأتعلَّم منه، فذلكَ يَوْمُ غَنيمَتي،
ويومٌ أخرجُ فألقَى فيه مَن أنا أعلمُ منه فأُعَلِّمه، فذلكَ يومُ أجري،
ويومٌ أخرجُ فألقَى مَن هو مِثلي فأُذاكِره، فذلكَ يومُ دَرسي،
ويومٌ أخرجُ فألقَى مَن هو دوني، ويَرَى أنه فَوْقي فلا أُكَلِّمه، وأجعلهُ يومَ راحَتي. انتهى
وأقول: إياكم وصاحب الجهل المركب، فهو أشد على العالم من الحديد والنار.
ففروا منه فرار ريمٍ من قسورة . ❝
❞ هللي يا رياح
هللي هللي يا رياح ..... وانسجي حول نولي وشاح
من خرير الغدير ..... واهتزاز الأثير
واختلاج العبير ..... في دموع الصباح
هللي، هللي يا رياح
طوقيني بنور النجوم ..... وافتحي لي قصور الغيوم
واتركيني هناك ..... ما وراء السماك
فقد لمحت ملاكا ..... باسطا لي الجناح
هللي، هللي يا رياح
ها أنا يا ملاك النعيم ..... يا رسول الإله العظيم
ما عساك تشاء ..... من تراب وماء
فيهما ألف داء ..... ما لها من براء
هللي، هللي يا رياح. ❝ ⏤الدُّكتُور: عِصَامُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ النُّقَيْلِي
❞ هللي يا رياح
هللي هللي يا رياح ..... وانسجي حول نولي وشاح
من خرير الغدير ..... واهتزاز الأثير
واختلاج العبير ..... في دموع الصباح
هللي، هللي يا رياح
طوقيني بنور النجوم ..... وافتحي لي قصور الغيوم
واتركيني هناك ..... ما وراء السماك
فقد لمحت ملاكا ..... باسطا لي الجناح
هللي، هللي يا رياح
ها أنا يا ملاك النعيم ..... يا رسول الإله العظيم
ما عساك تشاء ..... من تراب وماء
فيهما ألف داء ..... ما لها من براء
هللي، هللي يا رياح . ❝
❞ الدكتور عصام الدين
قاعدة: يُرجَّح القول على الفعلِ
إذَا تعارضَ دليلانِ أحدهمَا منْ قولِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والثَّانِي منْ فعلهِ، وجبَ ترجيحُ القولِ علَى الفعلِ[1]؛ لأنَّ دلالةَ القولِ علَى الحكمِ أقوَى وأبلغُ فِي البيانِ منَ الفعلِ، ولأنَّهُ يدلُّ بنفسهِ علَى الحكمِ بخلافِ الفعلِ فيكونُ أقوَى، والفعلُ إنْ لمْ يصحبهُ أمرٌ يحتملُ أنَّهُ خاصٌ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم [2]، ولأنَّ مَا يفعلهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى الاختصاصِ بهِ أقربُ منِ اختصاصهِ بمدلولِ الصّيغةِ، ولقوَّةِ دلالةِ القولِ، وضعفِ الفعلِ.
مثال:
عنْ أبِي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: نهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عنِ الوصالِ فِي الصَّومِ[3].
وعنْ عليٍّ رضي اللهُ عنهُ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يواصلُ منَ السَّحرِ إلَى السحر[4].
الشَّاهدُ:
الروايةُ الأولَى تتعارضُ معَ الرِّوايةِ الثَّانيةِ؛ لأنَّ الأولى فيهَا نهيٌ منَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عنِ الوصالِ، والثَّانيةُ تثبتُ وصالهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
❞ الدكتور عصام الدين
قاعدة: يُرجَّح القول على الفعلِ
إذَا تعارضَ دليلانِ أحدهمَا منْ قولِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والثَّانِي منْ فعلهِ، وجبَ ترجيحُ القولِ علَى الفعلِ[1]؛ لأنَّ دلالةَ القولِ علَى الحكمِ أقوَى وأبلغُ فِي البيانِ منَ الفعلِ، ولأنَّهُ يدلُّ بنفسهِ علَى الحكمِ بخلافِ الفعلِ فيكونُ أقوَى، والفعلُ إنْ لمْ يصحبهُ أمرٌ يحتملُ أنَّهُ خاصٌ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم [2]، ولأنَّ مَا يفعلهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى الاختصاصِ بهِ أقربُ منِ اختصاصهِ بمدلولِ الصّيغةِ، ولقوَّةِ دلالةِ القولِ، وضعفِ الفعلِ.
مثال:
عنْ أبِي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: نهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عنِ الوصالِ فِي الصَّومِ[3].
وعنْ عليٍّ رضي اللهُ عنهُ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يواصلُ منَ السَّحرِ إلَى السحر[4].
الشَّاهدُ:
الروايةُ الأولَى تتعارضُ معَ الرِّوايةِ الثَّانيةِ؛ لأنَّ الأولى فيهَا نهيٌ منَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عنِ الوصالِ، والثَّانيةُ تثبتُ وصالهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
❞ الدكتور عصام الدين إبراهيم النقيلي
الشواهد والمتابعات
الشاهد:
الشاهد لغة:
الشاهد وجمعه: شواهِد، شاهدون، وأشهاد، وشُهداءُ، وشُهَّد، وشُهُود، وهو المخبر بحق شخص على غيره عن مشاهدة وعيان لا عن تخمين وحسبان، والشاهد: الدليل والبرهان[1].
الشاهد اصطلاحًا:
هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظًا ومعنى، أو معنى فقط، مع الاختلاف في الصحابي.
ولتوضيح التعريف نقول: إذا ورد الحديث عن صحابي، ثم ورد نفس الحديث أو معناه عن صحابي آخر، كان هذا شاهدًا للحديث الأول، فمثلًا: إذا جاء حديث عن عائشة رضى الله عنها، ثم ورد نفس الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، فإنَّنا نطلق على حديث أبي هريرة شاهدًا لحديث عائشة وحديث عائشة شاهدًا لحديث أبي هريرة.
والشواهد على قسمين:
الأوَّل: أن يشارك الحديث الثاني الحديث الأول في اللفظ والمعنى.
والثَّاني: يشاركه بالمعنى دون اللفظ.
1 - مثال مشاركة الحديث في اللفظ والمعنى:
عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ˝[2].
فهذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه: أبو ثِفَال المُري، قال فيه الذهبي: أبو ثفال المري ليس بعمدة، وروي مرسلًا بسند فيه مجهول ونحوه بسند فيه مجهول[3]، وقال ابن ابي حاتم: أبو ثقال مجهول، ورباح مجهول[4].
فهذا الحديث مع ضعفه الظاهر، فإنَّه يرتقي إلى الحسن لغيره بكثرة شواهده، وعلى ما قلت ذهب ابن حجر، وقال: غريب وله شواهد[5]، والسيوطي[6]، والشوكاني، وقال: حسن وله طرق أخرى[7]، والألباني، وقال: حسن لغيره[8]، والرَّابعي، وقال: بإسناد ضعيف وفي الباب أحاديث كثيرة في أسانيدها مقال، وبمجموع الأحاديث يرتقي الحديث إلى درجة الحسن لغيره[9]، والمباركفوري، وقال: مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلًا[10]، وغيرهم...
ومن شواهد هذا الحديث في اللفظ والمعنى:
أ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ˝[11]، وهو ضعيف؛ لأن في إسناده يعقوب بن سَلمة، قال فيه ابن حجر العسقلاني: فيه يعقوب بن سلمة هو الليثي مجهول الحال[12]، وقال البغوي: سلمة الليثي مولاهم، قال البخاري: ولا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة، ولا ليعقوب عن أبيه[13]، وابن حجر قال: فيه الليثي، قال البخاري: لا يعرف له سماع من أبيه، ولا لأبيه من أبي هريرة[14]، وقال الذهبي: شيخ ليس بعمدة[15].
ب - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ˝[16]، وهو ضعيف؛ لأن في إسناده عبد المهيمن بن عباس وقد ضعَّفه الكثير، قال فيه البُخارِيّ: عَبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد، منكر الْحَدِيثِ[17]، وكذلك ضعَّفه المباركفوري في التحفة[18].
ولا تزال أحاديث أخرى تشهد للحديث الأول يطول ذكرها، فكلُّ هذه الشواهد، تقَّوى بها الحديث الأوَّل وارتقى من الضعيف إلى الحسن لغيره.
فهذا مثال على الشاهد لفظًا ومعنى.
2 – مثال على مشاركة الحديث في المعنى دون اللفظ:
حديث ˝إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا وَإِنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ وَارِدَةً˝[19]، وهذا الحديث الأصل فيه الإرسال، قال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد رواه أشعث بن عبد الملك، عن الحسن مرسلًا[20].
وسند الحديث فيه سعيد بن بشير وهو ضعيف، قال فيه الأرنؤوط: في إسناده سعيد بن بشير وهو ضعيف، وعنعنَه الحسن، وذكر الترمذي أنه ورد مرسلا وقال: هو أصح[21].
وقال أبو محمد الحاكم: سعيد بن بشير ليس بالقوي عندهم، وقال أبو أحمد بن عدي الجرجاني: يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط والغالب على حديثه الاستقامة والغالب عليه الصدق، وقال البيهقي: ضعيف، وذكره العقيلي في الضعفاء[22].
ومن شواهد هذا الحديث بالمعنى:
أ – حديث الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا فَقدتُموني فأنا فرَطُكم على الحوضِ، إنَّ لِكلِّ نبيٍّ حَوضًا، وَهُوَ قائمٌ على حوضِهِ، بيدِه عصًا يدعو مَن عرفَ من أمَّتِهِ، ألا وإنَّهم يتباهونَ أيُّهم أَكثَرُ تبعًا، والَّذي نَفسي بيدِهِ، إنِّي لأرجو أن أَكونَ أَكثرَهُم تَبعًا[23]، قال ابن كثير وهذا مرسل عن الحسن البصري[24].
وقال الألباني: مرسل رجاله رجال الصحيح، فيه خالد بن خداش وحزم بن أبي حزم فيهما كلام وهو صحيح عن الحسن من طريق أخرى[25].
والصحيح أنَّ خالد بن خداش ليس به بأس وهو من شيوخ مسلم، قال فيه الرازي: صدوق، وقال العسقلاني: صدوق يخطئ، وقال الدارقطني، ثقة ربما وهم، وقال الأزدي: لا بأس به، وقال الواقدي: ثقة، وقال يحيى بن معين: صدوق، ومرة ينفرد عن حماد بن زيد بأحاديث، وفي رواية ابن محرز قال: لا بأس به[26]، فكما تلاحظ فإنَّ غالب أهل الصنعة أجمعوا على توثيقه إلَّا النَّزر القليل بسبب الوهم غير المطبق عليه أي أحيانا يهم، وعلى هذا فهو من رجال الحديث الحسن.
وأمَّا حزم بن أبي حزم فقد قال فيه ابن حنبل: شيخ ثقة، وقال أبو حاتم الرازي: صدوق، لا بأس به، هو من ثقات من بقي من أصحاب الحسن، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن حجر العسقلاني: صدوق يهم، وقال الدارقطني: ثقة، وقال الذهبي: ثقة[27].
فكذلك هذا الأخير من رجال الحديث الحسن ولا بأس به، ولعلَّ سبب من ضعَّف هذا الحديث هو إرسال الحسن البصري.
ب – ومن الشواهد التي تشهد على الحديث بالمعنى حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ˝إِنَّ لِي حَوْضًا مَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَبْيَضَ مِثْلَ اللَّبَنِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، وَكُلّ نَبِيّ يَدْعُو أُمَّته وَلِكُلِّ نَبِيّ حَوْضٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيه الْفِئَام وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيه الْعُصْبَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيه الْوَاحِدُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيه الِاثْنَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَأْتِيه أَحَدٌ، فَيقَال: قَدْ بَلَّغت، وَإِنِّي لَأَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ˝[28].
وهذا الحديث أيضا فيه عطية العوفي: قال الألباني فيه عطية العوفي ضعيف[29].
وبالطَّبع صححه الألباني رحمه الله تعالى بمجموع طرقه.
وعطيَّة العوفي هو: عطيَّة بن سعد بن جنادة العوفي وكنيته أبو الحسن وهو من الكوفة، قال فيه النسائي: ضعيف، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي ذكر عطية العوفي فقال: هو ضعيف الحديث، وقال الذهبي: أبو الحسن من مشاهير التابعين ضعيف الحديث[30].
فهذه الشواهد وردت بمعنى الحديث الأول لا بلفظه، فكما تُلاحظ ألفاظ الأحاديث ليست متطابقة، ولكنَّ المعنى هو نفسه، وكما تلاحظ أنَّ أسانيد الأحاديث السابقة ليس فيها متهم بالفسق ولا بالكذب، بل كل من هو ضعيف في السند تجد ضعفه من قلَّة حفظه أو وهمه، مع تمام عدالته، فعلى هذا فإنَّ كل الأحاديث السابقة شهدت لبعضها بالمعنى فتقوَّت وارتقت من الضعيف إلى الحسن لغيره، فكل الأحاديث السابقة هي حسان.
المتابعة:
المتابعة لغة:
المتابعة بضم الميم وفتح الباء مصدر تابع، وهي الموالاة[31].
المتابعة اصطلاحًا:
هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظًا ومعنى، أو معنى فقط، مع الاتحاد في الصحابي.
فالمتابعة تختلف عن الشاهد في كون المتابعة الصحابي فيها واحد، أما الشاهد فالصحابي يختلف.
مثال المتابعة: ما رواه الترمذي من طريق شَريك عن المقداد بن شُريح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ˝مَنْ حَدَّثَكُم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَالَ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُولُ إلا قَاعِدًا˝[32].
قال فيه الألباني: إسناده ضعيف ثم وجدت له متابعا قويًّا، فصح الحديث لكنه ناف، وحديث حذيفة مثبت، والمثبت مقدم على النافي[33].
وهذا الحديث ضعِّف لأنَّ في إسناده ˝شَريك˝ وهو ضعيف من سوء حفظه، فقد قال فيه ابن القاضي: فيه لين؛ لأن فيه شريكًا القاضي وهو متكلم فيه بسوء الحفظ[34].
وقال الحاكم: ليس بالمتين، وقال أبو حاتم الرازي: صدوق له أغاليط، وقال أبو زرعة الرازي: كان كثير الخطأ، صاحب وهم، وهو يغلط أحيانًا، وقال أبو عيسى الترمذي: كثير الغلط والوهم، وقال الذهبي: العَلاَّمَةُ، الحَافِظ، القَاضِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، عَلَى لِيْنٍ مَا فِي حَدِيْثِهِ[35].
لكن هناك من تابع شريكًا في هذا الحديث، وهو سفيان الثوري، فقد جاء الحديث من طريق سفيان الثوري عن المقداد بن شُريح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ونصُّه: قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ˝مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَالَ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقْهُ، ˝مَا بَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا مُنْذُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ˝[36].
فلو تلاحظ أنَّ السند تغيَّر فيه شريك فأخذ مكانه سفيان الثوري، فهذا طريق ثانٍ لهذا الحديث غير طريق شريك، وإن كان شريك ضعيفا، فسفيان الثوري لا تخفى على أحد إمامته في الدين، فالحديث إسناده صحيح على شرط مسلم، والمقدام وهو ابن شُريح بن هانىء الحارثي المذحجي الكوفي وأبوه من رجال مسلم، وروى البخاري لهما في ˝الأدب المفرد˝، وبقية رجاله ثقات وهم رجال الشيخين[37].
فيُحمل الحديث الأوَّل على الثَّاني، ويتقَّوى به ويكون حسنًا بهذه المتابعة، وقد تكون المتابعة بالمعنى كما سبق، أو بالمعنى واللَّفظ، كما في الأمثلة السابقة في الشواهد.
أنواع المتابعة:
المتابعة نوعان: متابعة تامَّة، ومتابعة قاصر.
المتابعة التامة:
وهي الحديث المشارك لغيره في اللفظ أو المعنى، أو بهما معا، مع الاتحاد في الصحابي مع، كون المشاركة من أوَّل السند، أي تحصل المتابعة للراوي نفسه، فيرويها غيره بنفس سند الراوي الأوَّل.
مثال: ما رواهُ الشَّافعي في الأمِّ، عن مالِكٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ، عن ابنِ عمر، أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: ˝الشهرُ تِسْعٌ وعِشرون، فلا تَصوموا حتَّى تَروُا الهِلالَ، ولا تُفْطِرُوا حتَّى تَرَوْه، فإنْ غُمَّ عليكم فأَكْمِلوا العِدَّةَ ثلاثين[38].
قال ابن حجر العسقلاني: فهذا الحديث، بهذا اللفظ، ظن قوم أن الشافعي تفرَّدَ بهِ عن مالِكٍ، فعدَّوْهُ في غرائِبِه؛ لأن أصحاب مالك رووه عنه بهذا الإسنادِ بلفظِ: ˝فإن غُمَّ علَيْكُم فاقْدُرُوا له˝، لكنْ وجَدْنا للشَّافعيَّ متابِعًا، وهو عبدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ[39]، كذلك أَخرجَهُ البُخَارِيّ عنهُ، عن مالك[40]، وهذه متابَعَةٌ تامة.
فهنا قد تابع القعني وهو ثقة ثبت عدل، الشافعي في روايته: عن مالك عن ابن دينار عن ابن عمر، فرواه القعني بنفس السند عن مالك، وكانت المتابعة لفظا ومعنى، إلَّا أنَّ في رواية البخاري زيادة: ˝ليلة˝ بعد قوله: ˝تسع وعشرون˝ فزيادة لفظة ˝ليلة˝ ونكَّر لفظ ثلاثين، وعند الشافعي معرَّفة، وهذا لا يعدُّ من كبير الزيادة أو التَّغيير، فتعدُّ متابعة تامَّة باللفظ والمعنى.
وأمَّا المتابعة القاصرة:
هو الحديث المشارك لغيره في اللفظ أو المعنى، أو بهما معا، مع الاتحاد في الصحابي، مع عدم كون المشاركة أوَّل السند، أي تحصل المتابعة من شيخ الراوي أو شيخ شيخه.
مثال:
ما رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق عَاصِم بن مُحَمَّدٍ العُمَرِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ˝الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ثَلَاثِينَ، وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، وَيَعْقِدُ فِي الثَّالِثَة، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ˝ وَفِي خَبَرِ ابْنِ فُضَيْلٍ: ˝ثُمَّ طَبَّقَ بِيَدِهِ، وَأَمْسَكَ وَاحِدَةً مِنْ أَصَابِعِهِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَثَلَاثِينَ˝[41].
وهذه متابعة قاصر لحديث الشافعي السابق، فلو تلاحظ أنَّ السنَّد مختلف مع أنَّ الصحابي نفسه، فالأوَّل: عن مالك عن ابن دينار عن ابن عمر.
والثاني: عن عاصم عن أبيه عن ابن عمر.
وهذه المتابعة قاصر وهي بالمعنى، إذ أنَّ اللفظ اختلف.
وكلُّ ما سبق من بحث وجمع طرق وغيره يسمَّى بالاعتبار.
الاعتبار:
والاعتبار لغة:
هو رد الشيء إلى نظيره بأن يحكم عليه بمثل حكمه[42].
واصطلاحًا:
هو التتبُّع، والسبر، والبحث، والنظر، والموازنة بين طرق الحديث لتقويته أو عدم ذلك، وهو نتيجة الاعتبار.
قال العراقي:
الاعتبار سبرك الحديث هلْ
شارك راو غيره فيما حملْ
عن شيخه، فإن يكن شورك مِنْ
مُعتبرٍ به فتابعٌ وإنْ
شورك شيخه ففوقُ فكذا
وقد يُسمَّى شاهدا ثمَّ إذا
متن بمعناه أتى فالشَّاهدُ
وما خلا عن كلِّ ذا مَفَاردُ[43]
ويجب أن يعلمَ أنَّ منهم من يسمي الشاهد تابعا والتابع شاهدًا، ومنهم من يسمي الذي بالمعنى سواء بالمتابعة أو بالشواهد شاهدًا، أو عكسه، ولكن استقرَّ الاصطلاح على ما ذكرنا سابقًا، قال السيوطي:
وربَّما يُدعى الذي بالمعنى
متابعًا، وعكسه قد يُعنى[44]
فائدة الاعتبار:
هو الوقوف على الطرق التي تصلح لتقوية الأحاديث الضعيفة، أو الحسان، وما لا يصلح للتقوية، لذا أحيانًا يقول أهل الحديث: هذا صالح للاعتبار، وهذا غير صالح للاعتبار، وكذلك بالاعتبار يُعلم هل هذا الحديث من قبيل المتواتر الذي رواه الجماعة، أو من قبيل الآحاد، وهل له طريق واحد فيكون غريبًا، أو له أكثر من طريق فيكون من قبيل العزيز، أو المشهور، وكلُّ هذا لا يكون إلَّا بالاعتبار.
هذا وبالله التَّوفيق وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم.
الهامش
[1] معجم المعاني.
[2] رواه الترمذي 25.
[3] تلخيص العلل المتناهية 114.
[4] علل ابن أبي حاتم 54.
[5] نتائج الأفكار 224/ 1.
[6] الجامع الصغير 9876.
[7] الدراري المضيَّة 42.
[8] صحيح الترغيب والترهيب 200.
[9] فتح الغفار 1/ 85.
[10] تحفة الأحوذي 88/ 1.
[11] رواه أحمد 9213.
[12] الدراية 1/ 14.
[13] شرح السنة 303/ 1.
[14] التلخيص الحبير 107/ 1.
[15] حاشية تهذيب الكمال ج32 ص 335.
[16] رواه ابن ماجه 399.
[17] الكامل في ضعفاء الرجال 46/ 7.
[18] تحفة الأحوذي 6/ 129.
[19] أخرجه الترمذي من حديث سمرة بن جندب 2443.
[20] السابق.
[21] تخريج شرح الطحاوية 281.
[22] الفتن للحافظ أبي عبد الله لنعيم بن حمَّاد ج2 ص330.
[32] ) أخرجه الترمذي 12، والنسائي 29 واللفظ له، وابن ماجه 307.
[33] شرح النسائي للسيوطي.
[34] يُنظر في ذلك علل الترمذي، وعلل ابن أبي حاتم، والكامل في ضعفاء الرجال، وسير أعلام النبلاء وغيرها.
[35] ينظر: الكامل في ضعفاء الرجال، وسير أعلام النبلاء وغيرها.
[36] رواه أحمد في مسنده 25045.
[37] يُنظر تخريج المسند للأرنؤوط 25045.
[38] ترتيب مسند الشافعي، نشر وتصحيح: السيد يوسف على الحسني، والسيد عزت العطار، 1/ 272، وهكذا هو عند مالك في الموطأ.
[39] كان عبدالله هذا من المتقنين، وكان يحيى بن معين لا يُقدِّم عليه في مالك أحدًا.
[40] حدثنا عبد الله بن مسلمة (القعنبي) حدثنا مالك، عن عبدالله بن دينار، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين البخاري، 1906، الصوم.
[41] صحيح ابن خزيمة (1909).
[42] معجم المعاني.
[43] ألفية العراقي في علم الحديث.
[44] ألفية السيوطي في علم الحديث. ❝ ⏤الدُّكتُور: عِصَامُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ النُّقَيْلِي
❞ الدكتور عصام الدين إبراهيم النقيلي
الشواهد والمتابعات
الشاهد:
الشاهد لغة:
الشاهد وجمعه: شواهِد، شاهدون، وأشهاد، وشُهداءُ، وشُهَّد، وشُهُود، وهو المخبر بحق شخص على غيره عن مشاهدة وعيان لا عن تخمين وحسبان، والشاهد: الدليل والبرهان[1].
الشاهد اصطلاحًا:
هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظًا ومعنى، أو معنى فقط، مع الاختلاف في الصحابي.
ولتوضيح التعريف نقول: إذا ورد الحديث عن صحابي، ثم ورد نفس الحديث أو معناه عن صحابي آخر، كان هذا شاهدًا للحديث الأول، فمثلًا: إذا جاء حديث عن عائشة رضى الله عنها، ثم ورد نفس الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، فإنَّنا نطلق على حديث أبي هريرة شاهدًا لحديث عائشة وحديث عائشة شاهدًا لحديث أبي هريرة.
والشواهد على قسمين:
الأوَّل: أن يشارك الحديث الثاني الحديث الأول في اللفظ والمعنى.
والثَّاني: يشاركه بالمعنى دون اللفظ.
1 مثال مشاركة الحديث في اللفظ والمعنى:
عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ˝[2].
فهذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه: أبو ثِفَال المُري، قال فيه الذهبي: أبو ثفال المري ليس بعمدة، وروي مرسلًا بسند فيه مجهول ونحوه بسند فيه مجهول[3]، وقال ابن ابي حاتم: أبو ثقال مجهول، ورباح مجهول[4].
فهذا الحديث مع ضعفه الظاهر، فإنَّه يرتقي إلى الحسن لغيره بكثرة شواهده، وعلى ما قلت ذهب ابن حجر، وقال: غريب وله شواهد[5]، والسيوطي[6]، والشوكاني، وقال: حسن وله طرق أخرى[7]، والألباني، وقال: حسن لغيره[8]، والرَّابعي، وقال: بإسناد ضعيف وفي الباب أحاديث كثيرة في أسانيدها مقال، وبمجموع الأحاديث يرتقي الحديث إلى درجة الحسن لغيره[9]، والمباركفوري، وقال: مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلًا[10]، وغيرهم...
ومن شواهد هذا الحديث في اللفظ والمعنى:
أ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ˝[11]، وهو ضعيف؛ لأن في إسناده يعقوب بن سَلمة، قال فيه ابن حجر العسقلاني: فيه يعقوب بن سلمة هو الليثي مجهول الحال[12]، وقال البغوي: سلمة الليثي مولاهم، قال البخاري: ولا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة، ولا ليعقوب عن أبيه[13]، وابن حجر قال: فيه الليثي، قال البخاري: لا يعرف له سماع من أبيه، ولا لأبيه من أبي هريرة[14]، وقال الذهبي: شيخ ليس بعمدة[15].
ب وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ˝لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ˝[16]، وهو ضعيف؛ لأن في إسناده عبد المهيمن بن عباس وقد ضعَّفه الكثير، قال فيه البُخارِيّ: عَبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد، منكر الْحَدِيثِ[17]، وكذلك ضعَّفه المباركفوري في التحفة[18].
ولا تزال أحاديث أخرى تشهد للحديث الأول يطول ذكرها، فكلُّ هذه الشواهد، تقَّوى بها الحديث الأوَّل وارتقى من الضعيف إلى الحسن لغيره.
فهذا مثال على الشاهد لفظًا ومعنى.
2 – مثال على مشاركة الحديث في المعنى دون اللفظ:
حديث ˝إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا وَإِنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ وَارِدَةً˝[19]، وهذا الحديث الأصل فيه الإرسال، قال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد رواه أشعث بن عبد الملك، عن الحسن مرسلًا[20].
وسند الحديث فيه سعيد بن بشير وهو ضعيف، قال فيه الأرنؤوط: في إسناده سعيد بن بشير وهو ضعيف، وعنعنَه الحسن، وذكر الترمذي أنه ورد مرسلا وقال: هو أصح[21].
وقال أبو محمد الحاكم: سعيد بن بشير ليس بالقوي عندهم، وقال أبو أحمد بن عدي الجرجاني: يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط والغالب على حديثه الاستقامة والغالب عليه الصدق، وقال البيهقي: ضعيف، وذكره العقيلي في الضعفاء[22].
ومن شواهد هذا الحديث بالمعنى:
أ – حديث الحسن البصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا فَقدتُموني فأنا فرَطُكم على الحوضِ، إنَّ لِكلِّ نبيٍّ حَوضًا، وَهُوَ قائمٌ على حوضِهِ، بيدِه عصًا يدعو مَن عرفَ من أمَّتِهِ، ألا وإنَّهم يتباهونَ أيُّهم أَكثَرُ تبعًا، والَّذي نَفسي بيدِهِ، إنِّي لأرجو أن أَكونَ أَكثرَهُم تَبعًا[23]، قال ابن كثير وهذا مرسل عن الحسن البصري[24].
وقال الألباني: مرسل رجاله رجال الصحيح، فيه خالد بن خداش وحزم بن أبي حزم فيهما كلام وهو صحيح عن الحسن من طريق أخرى[25].
والصحيح أنَّ خالد بن خداش ليس به بأس وهو من شيوخ مسلم، قال فيه الرازي: صدوق، وقال العسقلاني: صدوق يخطئ، وقال الدارقطني، ثقة ربما وهم، وقال الأزدي: لا بأس به، وقال الواقدي: ثقة، وقال يحيى بن معين: صدوق، ومرة ينفرد عن حماد بن زيد بأحاديث، وفي رواية ابن محرز قال: لا بأس به[26]، فكما تلاحظ فإنَّ غالب أهل الصنعة أجمعوا على توثيقه إلَّا النَّزر القليل بسبب الوهم غير المطبق عليه أي أحيانا يهم، وعلى هذا فهو من رجال الحديث الحسن.
وأمَّا حزم بن أبي حزم فقد قال فيه ابن حنبل: شيخ ثقة، وقال أبو حاتم الرازي: صدوق، لا بأس به، هو من ثقات من بقي من أصحاب الحسن، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن حجر العسقلاني: صدوق يهم، وقال الدارقطني: ثقة، وقال الذهبي: ثقة[27].
فكذلك هذا الأخير من رجال الحديث الحسن ولا بأس به، ولعلَّ سبب من ضعَّف هذا الحديث هو إرسال الحسن البصري.
ب – ومن الشواهد التي تشهد على الحديث بالمعنى حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ˝إِنَّ لِي حَوْضًا مَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَبْيَضَ مِثْلَ اللَّبَنِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، وَكُلّ نَبِيّ يَدْعُو أُمَّته وَلِكُلِّ نَبِيّ حَوْضٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيه الْفِئَام وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيه الْعُصْبَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيه الْوَاحِدُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيه الِاثْنَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَأْتِيه أَحَدٌ، فَيقَال: قَدْ بَلَّغت، وَإِنِّي لَأَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ˝[28].
وهذا الحديث أيضا فيه عطية العوفي: قال الألباني فيه عطية العوفي ضعيف[29].
وبالطَّبع صححه الألباني رحمه الله تعالى بمجموع طرقه.
وعطيَّة العوفي هو: عطيَّة بن سعد بن جنادة العوفي وكنيته أبو الحسن وهو من الكوفة، قال فيه النسائي: ضعيف، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي ذكر عطية العوفي فقال: هو ضعيف الحديث، وقال الذهبي: أبو الحسن من مشاهير التابعين ضعيف الحديث[30].
فهذه الشواهد وردت بمعنى الحديث الأول لا بلفظه، فكما تُلاحظ ألفاظ الأحاديث ليست متطابقة، ولكنَّ المعنى هو نفسه، وكما تلاحظ أنَّ أسانيد الأحاديث السابقة ليس فيها متهم بالفسق ولا بالكذب، بل كل من هو ضعيف في السند تجد ضعفه من قلَّة حفظه أو وهمه، مع تمام عدالته، فعلى هذا فإنَّ كل الأحاديث السابقة شهدت لبعضها بالمعنى فتقوَّت وارتقت من الضعيف إلى الحسن لغيره، فكل الأحاديث السابقة هي حسان.
المتابعة:
المتابعة لغة:
المتابعة بضم الميم وفتح الباء مصدر تابع، وهي الموالاة[31].
المتابعة اصطلاحًا:
هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظًا ومعنى، أو معنى فقط، مع الاتحاد في الصحابي.
فالمتابعة تختلف عن الشاهد في كون المتابعة الصحابي فيها واحد، أما الشاهد فالصحابي يختلف.
مثال المتابعة: ما رواه الترمذي من طريق شَريك عن المقداد بن شُريح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ˝مَنْ حَدَّثَكُم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَالَ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُولُ إلا قَاعِدًا˝[32].
قال فيه الألباني: إسناده ضعيف ثم وجدت له متابعا قويًّا، فصح الحديث لكنه ناف، وحديث حذيفة مثبت، والمثبت مقدم على النافي[33].
وهذا الحديث ضعِّف لأنَّ في إسناده ˝شَريك˝ وهو ضعيف من سوء حفظه، فقد قال فيه ابن القاضي: فيه لين؛ لأن فيه شريكًا القاضي وهو متكلم فيه بسوء الحفظ[34].
وقال الحاكم: ليس بالمتين، وقال أبو حاتم الرازي: صدوق له أغاليط، وقال أبو زرعة الرازي: كان كثير الخطأ، صاحب وهم، وهو يغلط أحيانًا، وقال أبو عيسى الترمذي: كثير الغلط والوهم، وقال الذهبي: العَلاَّمَةُ، الحَافِظ، القَاضِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، عَلَى لِيْنٍ مَا فِي حَدِيْثِهِ[35].
لكن هناك من تابع شريكًا في هذا الحديث، وهو سفيان الثوري، فقد جاء الحديث من طريق سفيان الثوري عن المقداد بن شُريح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ونصُّه: قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ˝مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَالَ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقْهُ، ˝مَا بَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا مُنْذُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ˝[36].
فلو تلاحظ أنَّ السند تغيَّر فيه شريك فأخذ مكانه سفيان الثوري، فهذا طريق ثانٍ لهذا الحديث غير طريق شريك، وإن كان شريك ضعيفا، فسفيان الثوري لا تخفى على أحد إمامته في الدين، فالحديث إسناده صحيح على شرط مسلم، والمقدام وهو ابن شُريح بن هانىء الحارثي المذحجي الكوفي وأبوه من رجال مسلم، وروى البخاري لهما في ˝الأدب المفرد˝، وبقية رجاله ثقات وهم رجال الشيخين[37].
فيُحمل الحديث الأوَّل على الثَّاني، ويتقَّوى به ويكون حسنًا بهذه المتابعة، وقد تكون المتابعة بالمعنى كما سبق، أو بالمعنى واللَّفظ، كما في الأمثلة السابقة في الشواهد.
أنواع المتابعة:
المتابعة نوعان: متابعة تامَّة، ومتابعة قاصر.
المتابعة التامة:
وهي الحديث المشارك لغيره في اللفظ أو المعنى، أو بهما معا، مع الاتحاد في الصحابي مع، كون المشاركة من أوَّل السند، أي تحصل المتابعة للراوي نفسه، فيرويها غيره بنفس سند الراوي الأوَّل.
مثال: ما رواهُ الشَّافعي في الأمِّ، عن مالِكٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ، عن ابنِ عمر، أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: ˝الشهرُ تِسْعٌ وعِشرون، فلا تَصوموا حتَّى تَروُا الهِلالَ، ولا تُفْطِرُوا حتَّى تَرَوْه، فإنْ غُمَّ عليكم فأَكْمِلوا العِدَّةَ ثلاثين[38].
قال ابن حجر العسقلاني: فهذا الحديث، بهذا اللفظ، ظن قوم أن الشافعي تفرَّدَ بهِ عن مالِكٍ، فعدَّوْهُ في غرائِبِه؛ لأن أصحاب مالك رووه عنه بهذا الإسنادِ بلفظِ: ˝فإن غُمَّ علَيْكُم فاقْدُرُوا له˝، لكنْ وجَدْنا للشَّافعيَّ متابِعًا، وهو عبدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ[39]، كذلك أَخرجَهُ البُخَارِيّ عنهُ، عن مالك[40]، وهذه متابَعَةٌ تامة.
فهنا قد تابع القعني وهو ثقة ثبت عدل، الشافعي في روايته: عن مالك عن ابن دينار عن ابن عمر، فرواه القعني بنفس السند عن مالك، وكانت المتابعة لفظا ومعنى، إلَّا أنَّ في رواية البخاري زيادة: ˝ليلة˝ بعد قوله: ˝تسع وعشرون˝ فزيادة لفظة ˝ليلة˝ ونكَّر لفظ ثلاثين، وعند الشافعي معرَّفة، وهذا لا يعدُّ من كبير الزيادة أو التَّغيير، فتعدُّ متابعة تامَّة باللفظ والمعنى.
وأمَّا المتابعة القاصرة:
هو الحديث المشارك لغيره في اللفظ أو المعنى، أو بهما معا، مع الاتحاد في الصحابي، مع عدم كون المشاركة أوَّل السند، أي تحصل المتابعة من شيخ الراوي أو شيخ شيخه.
مثال:
ما رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق عَاصِم بن مُحَمَّدٍ العُمَرِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ˝الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ثَلَاثِينَ، وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، وَيَعْقِدُ فِي الثَّالِثَة، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ˝ وَفِي خَبَرِ ابْنِ فُضَيْلٍ: ˝ثُمَّ طَبَّقَ بِيَدِهِ، وَأَمْسَكَ وَاحِدَةً مِنْ أَصَابِعِهِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَثَلَاثِينَ˝[41].
وهذه متابعة قاصر لحديث الشافعي السابق، فلو تلاحظ أنَّ السنَّد مختلف مع أنَّ الصحابي نفسه، فالأوَّل: عن مالك عن ابن دينار عن ابن عمر.
والثاني: عن عاصم عن أبيه عن ابن عمر.
وهذه المتابعة قاصر وهي بالمعنى، إذ أنَّ اللفظ اختلف.
وكلُّ ما سبق من بحث وجمع طرق وغيره يسمَّى بالاعتبار.
الاعتبار:
والاعتبار لغة:
هو رد الشيء إلى نظيره بأن يحكم عليه بمثل حكمه[42].
واصطلاحًا:
هو التتبُّع، والسبر، والبحث، والنظر، والموازنة بين طرق الحديث لتقويته أو عدم ذلك، وهو نتيجة الاعتبار.
قال العراقي:
الاعتبار سبرك الحديث هلْ
شارك راو غيره فيما حملْ
عن شيخه، فإن يكن شورك مِنْ
مُعتبرٍ به فتابعٌ وإنْ
شورك شيخه ففوقُ فكذا
وقد يُسمَّى شاهدا ثمَّ إذا
متن بمعناه أتى فالشَّاهدُ
وما خلا عن كلِّ ذا مَفَاردُ[43]
ويجب أن يعلمَ أنَّ منهم من يسمي الشاهد تابعا والتابع شاهدًا، ومنهم من يسمي الذي بالمعنى سواء بالمتابعة أو بالشواهد شاهدًا، أو عكسه، ولكن استقرَّ الاصطلاح على ما ذكرنا سابقًا، قال السيوطي:
وربَّما يُدعى الذي بالمعنى
متابعًا، وعكسه قد يُعنى[44]
فائدة الاعتبار:
هو الوقوف على الطرق التي تصلح لتقوية الأحاديث الضعيفة، أو الحسان، وما لا يصلح للتقوية، لذا أحيانًا يقول أهل الحديث: هذا صالح للاعتبار، وهذا غير صالح للاعتبار، وكذلك بالاعتبار يُعلم هل هذا الحديث من قبيل المتواتر الذي رواه الجماعة، أو من قبيل الآحاد، وهل له طريق واحد فيكون غريبًا، أو له أكثر من طريق فيكون من قبيل العزيز، أو المشهور، وكلُّ هذا لا يكون إلَّا بالاعتبار.
هذا وبالله التَّوفيق وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم.
الهامش
[1] معجم المعاني.
[2] رواه الترمذي 25.
[3] تلخيص العلل المتناهية 114.
[4] علل ابن أبي حاتم 54.
[5] نتائج الأفكار 224/ 1.
[6] الجامع الصغير 9876.
[7] الدراري المضيَّة 42.
[8] صحيح الترغيب والترهيب 200.
[9] فتح الغفار 1/ 85.
[10] تحفة الأحوذي 88/ 1.
[11] رواه أحمد 9213.
[12] الدراية 1/ 14.
[13] شرح السنة 303/ 1.
[14] التلخيص الحبير 107/ 1.
[15] حاشية تهذيب الكمال ج32 ص 335.
[16] رواه ابن ماجه 399.
[17] الكامل في ضعفاء الرجال 46/ 7.
[18] تحفة الأحوذي 6/ 129.
[19] أخرجه الترمذي من حديث سمرة بن جندب 2443.
[20] السابق.
[21] تخريج شرح الطحاوية 281.
[22] الفتن للحافظ أبي عبد الله لنعيم بن حمَّاد ج2 ص330.
[32] ) أخرجه الترمذي 12، والنسائي 29 واللفظ له، وابن ماجه 307.
[33] شرح النسائي للسيوطي.
[34] يُنظر في ذلك علل الترمذي، وعلل ابن أبي حاتم، والكامل في ضعفاء الرجال، وسير أعلام النبلاء وغيرها.
[35] ينظر: الكامل في ضعفاء الرجال، وسير أعلام النبلاء وغيرها.
[36] رواه أحمد في مسنده 25045.
[37] يُنظر تخريج المسند للأرنؤوط 25045.
[38] ترتيب مسند الشافعي، نشر وتصحيح: السيد يوسف على الحسني، والسيد عزت العطار، 1/ 272، وهكذا هو عند مالك في الموطأ.
[39] كان عبدالله هذا من المتقنين، وكان يحيى بن معين لا يُقدِّم عليه في مالك أحدًا.
[40] حدثنا عبد الله بن مسلمة (القعنبي) حدثنا مالك، عن عبدالله بن دينار، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين البخاري، 1906، الصوم.
❞ الدكتور عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
مقالة:
الإمام ابن أبي ذئب[1]
الحمد لله الذي أمرَ المؤمنينَ بما أمرَ بِه المرسلينَ فقالَ جلَّ من قائل: ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾[الحجر: 94]، والصَّلاة والسَّلام على إمام المرسلين، الصَّادق الأمين الناطق بالحق المبين القائل: ˝أفضلُ الجهادِ كلمةُ عدلٍ عند سلطان جائرٍ˝[2]، أمَّا بعد:
فهذه مقتطفات من أخبار علمٍ من أعلام الأمَّة، وعالمٍ من علمائها، وأمام من أئمَّتها، إمام عالم جمع بين العلم وقول الحقِّ والشجاعة، حتَّى شهدَ له أقرانه ومن بعدهم بأنَّه إمام وقته، وتناقل الأئمَّة أخباره، حتَّى صار مثلا يُقتدى به في العلم وقول الحق، وهو: ˝الإمام ابن أبي ذئب˝ هذا الإمام الذي غفل عن ذكره أهل العلم، حتَّى نسيه العامَّة، وهو الذي لا يهاب الملوك، حتَّى هابته الملوك، فأردت أن أكتب هذه المقالة فيها شيء من أخبار هذا الإمام الجليل، إحياءً لذكره وتشريفًا له، ولكي نقتبس من أخباره الدروس والعبر.
ترجمة الإمام ابن أبي ذئب:
يقول الحافظ أبو سليمان محمد بن عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبْر الرَّبعي: اسم ابن أبي ذئب: هشام بن شعبة بن عبد الله بن أبي قيس بن عُبدُ وَدّ بن (نصر) أو (مضر) بن مالك بن حِسْل بن عامر بن لؤي[3]فقيه أهل المدينة[4] وزاهدهم[5].
وأمُّه: بريهة بنت عبدالرَّحمن بن الحارث بن أبي ذئب[6].
قال عنه الإمام أحمد بن حنبل: كان ابن أبي ذئب رجلًا صالحًا قوَّالًا بالحقِّ، وكان يُشبَّهُ بسعيد بن المسيَّب، وكان قليل الحديث[7].
وقال الحافظ أبو سليمان[8]: وُلد ابن أبي ذئب في المحرَّم من سنة إحدى وثمانين[9]، ومات بالكوفة[10]، ودفن بها سنة تسع وخمسن ومائة[11].
من أخبار ابن أبي ذئب:
1 - قال الحافظ أبو سليمان بسنده إلى أبي نعيم، قال: حججتُ سنة حجَّ أبو جعفر[12]، وأنا ابن إحدى وعشرين سنة، ومعه ابن أبي ذئب، ومالك بن أنس[13]، فدعا ابن أبي ذئب، فأقعده معه على دار الندوة عند غروب الشمس، فقال له: ما تقول في الحسن بن زيد بن الحسن بن فاطمة[14]؟
قال: أما إنَّه يتحرَّى العدل.
قال: فما تقول فيَّ مرَّتين أو ثلاثًا؟
قال: وربِّ هذه البنية إنَّك لجائر.
قال: فأخذ الربيع[15] بلحيته.
فقال أبو جعفر: كُفَّ يا بن اللَّخناء[16]، وأمر له بثلاثمائة دينار.
2 - وقال ابن أبي فُديك[17] قال: سمعت ابن أبي ذئب يحدِّث سفيان الثوري[18] قال لأبي جعفر: أنا لك خير من ابنك المهدي[19].
فقال سفيان: سبحان الله، وحلَّ لك أن تقول: المهدي.
فقال ابن أبي ذئب: كلُّنا مهديٌّ هدانا الله عزَّ وجلَّ.
3 - وقال الإمام أحمد بن حنبل[20]: كان ابن أبي ذئب ومالك يحضران عند السلطان، فيسكت مالك ويتكلَّم ابن أبي ذئب، ولقد دخل على أبي جعفر فصدقه فأمر له بشيء فلم يقبله.
4 - قال الحافظ أبو سليمان بسنده إلى داود ابن أبي العباس، عن أبيه، عن جدِّه قال: بعث بي المنصور إلى ابن أبي ذئب أسأله عن مسألة فقال: ما هي؟ فذكرها له، فقال: لا يراني الله عزَّ وجلَّ أُفتي جبَّارا مثله في مسألة فيها ضرر على المسلمين.
قال فرجعت إلى المنصور مغضبا، فعرف في وجهي.
فقال: لقد جئت بغير الوجه الذي ذهبت به.
فقلت: تبعث بي إلى مجنون؟ وأخبرته.
فقال المنصور: الذي لقيته أنا منه العام في الطواف أشد من هذا، كنت في شوق إلى أن أراه، فبين أنا أطوف إذا قال لي المسيَّب[21]: أليس كنت تسأل عن ابن أبي ذئب؟ فقلت: بلى، فقال: هو ذا يطوف، فأتيته فقلت: السلام عليكم ورحمة الله، وناولته يدي، فبرق عينيه في وجهي وقال: من أنت؟ فلقد أخذت يدي أخذ جبَّار، قلت: أو ما تعرفني؟ قال: لا، قلت: أنا أبو جعفر المنصور، قال: فجذب يده من يدي وقال: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولهُ ﴾ [المجادلة: 22]، قال: قلت: يا أمير المؤمنين ما صنعت به؟ قال: ما عسيتُ أن أفعل برجل اللهُ في قلبه عظيم.
5 - وقال الإمام الشافعي[22]: قدمَ أبو جعفر المنصور المدينة حاجًّا فأتته الوفود من كلِّ بلد يشكون إليه الأمراء، فأتاه أهل اليمن يشكون معن بن زائدة[23]، وأتاه بنو أبي عمرو الغفاري من أهل المدينة يشكون أميرهم الحسن بن زيد[24]، فقال وفد اليمن لأبي جعفر المنصور، وقد أُحضر ابن أبي ذئب والعلماء فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنَّ معن بن زائدة قد تعدَّى علينا وأساء فينا السيرة، وقد رضينا بابن أبي ذئب، فقال له أبو جعفر: ما تقول في معن بن زائدة؟
قالا: قولي فيه وعلمي به أنَّه عدوُّ الله، يقتل المسلمين بغير حق والمعاهدين، ويحكم بغير ما أُنزلَ، ويُفسد العباد والبلاد.
قال: ثمَّ تقدَّم الغفَّاريون يشكون الحسن بن زيد وسيرته فيهم وقالوا: قد رضينا بان أبي ذئب، فأطبق عليه ابن أبي ذئب وذكره بسوء.
فقال الحسن بن زيد: يا أمير المؤمنين، ذكرني بما قد ذكر فإن رأى أمير المؤمنين أن يسأله عن حال أمير المؤمنين عنده؟ فقال أبو جعفر: ما تقول فيَّ يا ابن أبي ذئب؟
فقال: اعفني.
قال: قد عزمت عليك.
قال: اعفني.
قال: لست أفعل.
قال: فبكى ابن أبي ذئب، ثمَّ قال: تسألني عن نفسك، أنت أعلم بنفسك مني، وما عسى أن أقول فيك ممَّا فيك، أنت والله الرجل الذي أمْرَرَ على المسلمين أمرهم، ظلمتهم، واعتديت عليهم، وسفكت الدماء الحرام، وأخذت الأموال من غير حلِّها ووضعتها في غير حقِّها، وأهلكت المسلمين، والفقراء، واليتامى، والمساكين.
قال محمد بن إبراهيم[25] وبين يدي أبي جعفر عمود، فجمع الناس عليهم ثيابهم مخافة أن يتلطَّخ عليهم من دمه ودماغه، فلم يهجه بشيء وانصرف النَّاس، فقال عمٌّ لأبي جعفر: يا أمير المؤمنين، إنَّ هذا المجلس قد حضره أهل الآفاق وينصرفون إلى البلاد فيُخبرون بما كان إلى أمير المؤمنين من الجرأة، فلو قتلت هذا الكلب لئلَّا يجترئ عليك غيره من الناس.
فقال له أبو جعفر: ويحك، هذا رجل قد بلغت منه صعوبة العبادة، وقد سمع الحديث: ˝إنَّ أفضلَ الجهاد كلمة عدل قالها عند سلطانٍ جائر يُقتل عليها˝[26]، فطمع أن أقتله، أفيراني أقتله وأريحه ممَّا هو فيه من صعوبة العبادة؟ ولا والله ما أهيجه أبدا حتَّى أموت أو يموت.
6 - وقال محمد بن إبراهيم الإمام: حضرت أبا جعفر المنصور بالمدينة وعنده ابن أبي ذئب، فقال له أبو جعفر المنصور: يا ابن أبي ذئب أخبرني بحالات النَّاس.
فقال: يا أمير المؤمنين؛ هلك النَّاس، وضاعت أمورهم، فلو اتَّقيت الله فيهم، وقسمت فيئهم فيهم؟
فقال: ويلٌ لك يا ابن أبي ذئب، لولا ما بعثنا بذلك الفيء من البعوث وسددنا به الثغور لأُتيت في منزلك وأُخذت بعنقك وذُبحت كما يُذبح الجمل.
فقال ابن أبي ذئب: يا أمير المؤمنين، قد بعث البعوث وسدَّ الثغور وقسم فيئهم فيهم غيرك.
قال: ويلك؛ ومن ذلك؟
قال: عُمر ابن الخطَّاب؛ فأطرق أبو جعفر إطراقة، ثمَّ رفع رأسه فقال: إنَّ عمر ابن الخطَّاب رحمه الله عمل لزمان وعملنا لزمان.
فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ الحقَّ لا تنقله الأزمان عن مواضعه ولا تغيُّره عن وجه.
قال: أحسبك يا بن أبي ذئب طعَّانا على السلطان.
قال: لا تقل ذاك يا أمير المؤمنين، فَوَالَّذي يُمسك السماء أن تقع على الأرض إلَّا بإذنه لصلاحُكَ أحبُّ إليَّ من صلاح نفسي، وذاك أنَّ صلاحي لنفسي لا يعدوها، وصلاحك لجميع المسلمين.
قال: فأطرق أبو جعفر وإنَّ المسيب والحرس قيامٌ على رأس أبي جعفر بأيديهم السيوف المسلَّلة.
قال: ثمَّ رفع رأسه وقال: من أراد أن ينظر إلى خير أهل الأرض اليوم، فلينظر إلى هذا الرجل، وأومأَ إلى ابن أبي ذئب.
وصلَّى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم والحمد لله ربِّ العالمين.
------------------------------
الهامش
[1] الاعتماد الأوَّل بعد الله تعالى هو: كتاب الحافظ أبي سليمان محمد بن عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبْر الرَّبعي (298 - 379 هـ): الجزء فيه من أخبار ابن أبي ذئب، وسير أعلام النبلاء للذهبي، ثمَّ بقيَّة المصادر.
[2] أخرجه أبو داود (4344)، والترمذي واللفظ له (2174)، وابن ماجه (4011).
[3] تاريخ بغداد 297/2، وتهذيب الكمال 630/25.
[4] نسب قريش ص 423 - جمهرة أنساب العرب ص 168.
[5] انظر ترجمته في الطبقات الكبير 558/7 - وتاريخ ابن معين 525/2 - ونسب قريش ص 423 - وطبقات خليفة ص 273 - وتاريخ خليفة ص 469 - والتاريخ الكبير 152/1 - والتاريخ الأوسط 102/2 - والمعارف لابن قتيبة ص 485 - وجمهرة نسب قريش وأخبارها 936/2 - والمعرفة والتاريخ 146/1.
[7] مسند ابن الجعد 1021/2 - وتاريخ بغداد 298/2 - وتهذيب الكمال 635/25 - وسير أعلام النبلاء 465/7.
[8] سبقت ترجمته في الباب رقم 1.
[9] تاريخ مولد العلماء ص 83 - ورجال صحيح البخاري 663/2 - و)جمهرة أنساب العرب 168.
[10] الطبقات الكبير 563/8.
[11] تاريخ الخليفة ص 429 - ورجال صحيح البخاري 663/2 - وجمهرة انساب العرب 168.
[12] أبو جعفر: هو أو جعفر المنصور الهاشمي العباسي ثاني خلفاء بني العباس ولد سنة 95 هـ وتوفي سنة 179 هـ، ينُظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 83/3، والأعلام 117/40.
[13] مالك ابن أنس: هو أبو عبدالله الأصبحي الحميري إمام دار الهجرة ولد سنة 93 هـ، وتفي سنة 158 هـ، ينظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 48/8.
[14] الحسن وهو: ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبو محمد الهاشمي أمير المدينة ولد 83 هـ، وتفي 168 هـ، يُنظر في ذلك: الأعلام 191/2.
[15] الربيع: هو ابن يونس محمد، أبو الفضل الأموي مولاهم، الوزير والحاجب الكبير للخليفة أبي جعفر المنصور العباسي، ولد سنة 111 هـ، وتوفي سنة 169 هـ؛ يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 335/7 - والأعلام 15/3.
[16] اللخناء: التي لم تختن، وقيل: اللخن النتن، ينظر في ذلك: لسان العرب مادة لخن.
[17] ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم، أبو إسماعيل الديلمي مولاهم المدني، الإمام المحدث، المتوفي سنة 200 هـ. يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 486/9.
[18] سفيان الثوري: هو ابن سعيد بن مسروق، أبو عبد الله الثوري الكوفي، شيخ الإسلام إمام الحفَّاظ، وسيِّدُ العلماء العاملين في ومانه، ولد سنة 97 هـ، وتوفي 161 هـ. يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 229/7.
[19] المهدي: هو الخليفة محمد بن الخليفة أبي جعفر المنصور، ولد سنة 127 هـ، توفي سنة 169 هـ؛ يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 400/7.
[20] أحمد بن حنبل: هو ابن محمد أبو عبد الله الشيباني، الإمام حقًّا وشيخ الإسلام صدقا إمام أهل السنَّة، ولد سنة 164، توفي سنة 241؛ يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 177/11.
[21] المسيب: هو ابن زهير بن عمرو، أبو مسلم الضبي، كان قائدا شرطة المنصور والمهدي، ولد سنة 100 هـ، وتوفي سنة 175 هـ؛ ينظر في ذلك: الأعلام 225/7.
[22] الشافعي: وهو محمد بن إدريس بن العباس، أبو عبد الله القرشي المطلبي الشافعي فقيه الملة وعالم عصره، ولد سنة 150 هـ، وتوفي سنة 204 هـ؛ يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 5/10.
[23] معن هو ابن زائدة بن عبد الله الشيباني، أمير العرب، توفي سنة 152 هـ؛ يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 97/7، والأعلام 237/3.
[24] تقدَّمت ترجمته في رقم 12.
[25] هو محمد بن إبراهيم الإمام، أمير عباسيٌّ هاشميٌّ وُلِّي إمارة الحج أيام الخليفة أبي جعفر المنصور، توفي سنة 185؛ ينظر في ذلك: الأعلام 293/6.
[26] الحديث عن أبي داود 4344 من غير ˝يقتل عليها˝.
[27] قال الإمام الذهبي في السير (7/ 142 - 143) عند ترجمة ابن أبي ذئب - وقد رواه عنه أيضًا تلميذه حربٌ الكرمانيُّ في ˝مسائله˝(ص/481)؛ فقال: سمعته؛ يقول: ˝بلغ ابن أبي ذئب أنَّ مالك بن أنسٍ؛ قال: ليس البيِّعان بالخيار؟ فقال ابن أبي ذئب: يستتاب مالك، فإن تاب وإلاَّ ضربت عنقه.˝
وكذا هو عند ابن مفلح في ˝المقصد الأرشد˝(2/306) وابن أبي يعلى في ˝طبقات الحنابلة˝(2/56) عن عمر بن محمَّد بن بكَّار القلافلائيِّ أبي جعفرٍ حدَّث بمسائل أبي إسحاق إبراهيم بن هانىء النَّيسابوريِّ؛ قال: سمعت أبا عبد الله؛ يقول: فذكره.
وأيضًا من رواية الفضل بن زياد أبو العبَّاس القطَّان البغداديُّ عنه كما في ˝المقصد الأرشد˝(2/312) عن أبي بكرٍ الخلاَّل.
وفي روايةٍ عن ابنه عبد الله كما في ˝العلل˝(1275)؛ قال: سمعته؛ يقول: ˝قالوا لابن أبي ذئب: إنَّ مالكا؛ يقول: ليس البيِّعان بالخيار، فقال ابن أبي ذئب: هذا خبر موطوء في المدينة. قال أبي: وكان مالك؛ يقول: ليس البيِّعان بالخيار. سمعت أبي؛ يقول: قال ابن أبي ذئب: يستتاب مالك فإن تاب، وإلاَّ ضربت عنقه.
وأخرجه الفسويُّ في ˝المعرفة والتَّاريخ˝(1/686) ومن طريقه الخطيب البغداديُّ في ˝تاريخه˝(3/515) وابن أبي يعلى في ˝طبقاته˝(1/251) عن الفضل بن زياد، عن أحمد بن حنبل؛ قال: بلغ ابن أبي ذئب أنَّ مالكا لم يأخذ بحديث البيِّعين بالخيار؛ قال: يستتاب وإلاَّ ضربت عنقه. ومالك لم يرد الحديث ولكن تأوَّله على غير ذلك.
وقد ذكرها أيضًا الإمام الذَّهبيُّ في ˝تذهيب التَّهذيب˝(8/190).
وأخرجه أيضا الإمام أبو إسماعيل الأنصاريُّ الهرويُّ في ˝ذم الكلام˝(885)؛ قال: أخبرنا محمَّد بن موسى، حدَّثنا محمَّد بن يعقوب، حدَّثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل، سمعت أبي؛ يقول: قيل لابن أبي ذئب: مالك بن أنس؛ يقول: ليس البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا. فقال: يستتاب مالك؛ فإن تاب وإلاَّ ضربت عنقه.
قلت: فمدار هذه الرِّواية ـ كما رأينا آنفًا ـ هي فقط على الإمام أحمد، ومنه اشتهرت بواسطة تلامذته: الفضل بن زياد وحربٌ الكرمانيُّ وابن هانئ النَّيسابوريُّ وابنه عبد الله؛ وهؤلاء جميعهم أئمَّة ثقات أثبات. إلاَّ أنَّ علَّتها الانقطاع كما هو ملاحظٌ فيها؛ فالإمام أحمد لم يسندها، ولعلَّها لم تصح كما قال ذلك الذَّهبيُّ في السِّير، ولكنَّ الناظر إلى نمط حياة ابن أبي ذئب وشجاعته وقوله للحق لا يستغرب ذلك. ❝ ⏤الدُّكتُور: عِصَامُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ النُّقَيْلِي
❞ الدكتور عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
مقالة:
الإمام ابن أبي ذئب[1]
الحمد لله الذي أمرَ المؤمنينَ بما أمرَ بِه المرسلينَ فقالَ جلَّ من قائل: ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾[الحجر: 94]، والصَّلاة والسَّلام على إمام المرسلين، الصَّادق الأمين الناطق بالحق المبين القائل: ˝أفضلُ الجهادِ كلمةُ عدلٍ عند سلطان جائرٍ˝[2]، أمَّا بعد:
فهذه مقتطفات من أخبار علمٍ من أعلام الأمَّة، وعالمٍ من علمائها، وأمام من أئمَّتها، إمام عالم جمع بين العلم وقول الحقِّ والشجاعة، حتَّى شهدَ له أقرانه ومن بعدهم بأنَّه إمام وقته، وتناقل الأئمَّة أخباره، حتَّى صار مثلا يُقتدى به في العلم وقول الحق، وهو: ˝الإمام ابن أبي ذئب˝ هذا الإمام الذي غفل عن ذكره أهل العلم، حتَّى نسيه العامَّة، وهو الذي لا يهاب الملوك، حتَّى هابته الملوك، فأردت أن أكتب هذه المقالة فيها شيء من أخبار هذا الإمام الجليل، إحياءً لذكره وتشريفًا له، ولكي نقتبس من أخباره الدروس والعبر.
ترجمة الإمام ابن أبي ذئب:
يقول الحافظ أبو سليمان محمد بن عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبْر الرَّبعي: اسم ابن أبي ذئب: هشام بن شعبة بن عبد الله بن أبي قيس بن عُبدُ وَدّ بن (نصر) أو (مضر) بن مالك بن حِسْل بن عامر بن لؤي[3]فقيه أهل المدينة[4] وزاهدهم[5].
وأمُّه: بريهة بنت عبدالرَّحمن بن الحارث بن أبي ذئب[6].
قال عنه الإمام أحمد بن حنبل: كان ابن أبي ذئب رجلًا صالحًا قوَّالًا بالحقِّ، وكان يُشبَّهُ بسعيد بن المسيَّب، وكان قليل الحديث[7].
وقال الحافظ أبو سليمان[8]: وُلد ابن أبي ذئب في المحرَّم من سنة إحدى وثمانين[9]، ومات بالكوفة[10]، ودفن بها سنة تسع وخمسن ومائة[11].
من أخبار ابن أبي ذئب:
1 قال الحافظ أبو سليمان بسنده إلى أبي نعيم، قال: حججتُ سنة حجَّ أبو جعفر[12]، وأنا ابن إحدى وعشرين سنة، ومعه ابن أبي ذئب، ومالك بن أنس[13]، فدعا ابن أبي ذئب، فأقعده معه على دار الندوة عند غروب الشمس، فقال له: ما تقول في الحسن بن زيد بن الحسن بن فاطمة[14]؟
قال: أما إنَّه يتحرَّى العدل.
قال: فما تقول فيَّ مرَّتين أو ثلاثًا؟
قال: وربِّ هذه البنية إنَّك لجائر.
قال: فأخذ الربيع[15] بلحيته.
فقال أبو جعفر: كُفَّ يا بن اللَّخناء[16]، وأمر له بثلاثمائة دينار.
2 وقال ابن أبي فُديك[17] قال: سمعت ابن أبي ذئب يحدِّث سفيان الثوري[18] قال لأبي جعفر: أنا لك خير من ابنك المهدي[19].
فقال سفيان: سبحان الله، وحلَّ لك أن تقول: المهدي.
فقال ابن أبي ذئب: كلُّنا مهديٌّ هدانا الله عزَّ وجلَّ.
3 وقال الإمام أحمد بن حنبل[20]: كان ابن أبي ذئب ومالك يحضران عند السلطان، فيسكت مالك ويتكلَّم ابن أبي ذئب، ولقد دخل على أبي جعفر فصدقه فأمر له بشيء فلم يقبله.
4 قال الحافظ أبو سليمان بسنده إلى داود ابن أبي العباس، عن أبيه، عن جدِّه قال: بعث بي المنصور إلى ابن أبي ذئب أسأله عن مسألة فقال: ما هي؟ فذكرها له، فقال: لا يراني الله عزَّ وجلَّ أُفتي جبَّارا مثله في مسألة فيها ضرر على المسلمين.
قال فرجعت إلى المنصور مغضبا، فعرف في وجهي.
فقال: لقد جئت بغير الوجه الذي ذهبت به.
فقلت: تبعث بي إلى مجنون؟ وأخبرته.
فقال المنصور: الذي لقيته أنا منه العام في الطواف أشد من هذا، كنت في شوق إلى أن أراه، فبين أنا أطوف إذا قال لي المسيَّب[21]: أليس كنت تسأل عن ابن أبي ذئب؟ فقلت: بلى، فقال: هو ذا يطوف، فأتيته فقلت: السلام عليكم ورحمة الله، وناولته يدي، فبرق عينيه في وجهي وقال: من أنت؟ فلقد أخذت يدي أخذ جبَّار، قلت: أو ما تعرفني؟ قال: لا، قلت: أنا أبو جعفر المنصور، قال: فجذب يده من يدي وقال: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولهُ ﴾ [المجادلة: 22]، قال: قلت: يا أمير المؤمنين ما صنعت به؟ قال: ما عسيتُ أن أفعل برجل اللهُ في قلبه عظيم.
5 وقال الإمام الشافعي[22]: قدمَ أبو جعفر المنصور المدينة حاجًّا فأتته الوفود من كلِّ بلد يشكون إليه الأمراء، فأتاه أهل اليمن يشكون معن بن زائدة[23]، وأتاه بنو أبي عمرو الغفاري من أهل المدينة يشكون أميرهم الحسن بن زيد[24]، فقال وفد اليمن لأبي جعفر المنصور، وقد أُحضر ابن أبي ذئب والعلماء فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنَّ معن بن زائدة قد تعدَّى علينا وأساء فينا السيرة، وقد رضينا بابن أبي ذئب، فقال له أبو جعفر: ما تقول في معن بن زائدة؟
قالا: قولي فيه وعلمي به أنَّه عدوُّ الله، يقتل المسلمين بغير حق والمعاهدين، ويحكم بغير ما أُنزلَ، ويُفسد العباد والبلاد.
قال: ثمَّ تقدَّم الغفَّاريون يشكون الحسن بن زيد وسيرته فيهم وقالوا: قد رضينا بان أبي ذئب، فأطبق عليه ابن أبي ذئب وذكره بسوء.
فقال الحسن بن زيد: يا أمير المؤمنين، ذكرني بما قد ذكر فإن رأى أمير المؤمنين أن يسأله عن حال أمير المؤمنين عنده؟ فقال أبو جعفر: ما تقول فيَّ يا ابن أبي ذئب؟
فقال: اعفني.
قال: قد عزمت عليك.
قال: اعفني.
قال: لست أفعل.
قال: فبكى ابن أبي ذئب، ثمَّ قال: تسألني عن نفسك، أنت أعلم بنفسك مني، وما عسى أن أقول فيك ممَّا فيك، أنت والله الرجل الذي أمْرَرَ على المسلمين أمرهم، ظلمتهم، واعتديت عليهم، وسفكت الدماء الحرام، وأخذت الأموال من غير حلِّها ووضعتها في غير حقِّها، وأهلكت المسلمين، والفقراء، واليتامى، والمساكين.
قال محمد بن إبراهيم[25] وبين يدي أبي جعفر عمود، فجمع الناس عليهم ثيابهم مخافة أن يتلطَّخ عليهم من دمه ودماغه، فلم يهجه بشيء وانصرف النَّاس، فقال عمٌّ لأبي جعفر: يا أمير المؤمنين، إنَّ هذا المجلس قد حضره أهل الآفاق وينصرفون إلى البلاد فيُخبرون بما كان إلى أمير المؤمنين من الجرأة، فلو قتلت هذا الكلب لئلَّا يجترئ عليك غيره من الناس.
فقال له أبو جعفر: ويحك، هذا رجل قد بلغت منه صعوبة العبادة، وقد سمع الحديث: ˝إنَّ أفضلَ الجهاد كلمة عدل قالها عند سلطانٍ جائر يُقتل عليها˝[26]، فطمع أن أقتله، أفيراني أقتله وأريحه ممَّا هو فيه من صعوبة العبادة؟ ولا والله ما أهيجه أبدا حتَّى أموت أو يموت.
6 وقال محمد بن إبراهيم الإمام: حضرت أبا جعفر المنصور بالمدينة وعنده ابن أبي ذئب، فقال له أبو جعفر المنصور: يا ابن أبي ذئب أخبرني بحالات النَّاس.
فقال: يا أمير المؤمنين؛ هلك النَّاس، وضاعت أمورهم، فلو اتَّقيت الله فيهم، وقسمت فيئهم فيهم؟
فقال: ويلٌ لك يا ابن أبي ذئب، لولا ما بعثنا بذلك الفيء من البعوث وسددنا به الثغور لأُتيت في منزلك وأُخذت بعنقك وذُبحت كما يُذبح الجمل.
فقال ابن أبي ذئب: يا أمير المؤمنين، قد بعث البعوث وسدَّ الثغور وقسم فيئهم فيهم غيرك.
قال: ويلك؛ ومن ذلك؟
قال: عُمر ابن الخطَّاب؛ فأطرق أبو جعفر إطراقة، ثمَّ رفع رأسه فقال: إنَّ عمر ابن الخطَّاب رحمه الله عمل لزمان وعملنا لزمان.
فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ الحقَّ لا تنقله الأزمان عن مواضعه ولا تغيُّره عن وجه.
قال: أحسبك يا بن أبي ذئب طعَّانا على السلطان.
قال: لا تقل ذاك يا أمير المؤمنين، فَوَالَّذي يُمسك السماء أن تقع على الأرض إلَّا بإذنه لصلاحُكَ أحبُّ إليَّ من صلاح نفسي، وذاك أنَّ صلاحي لنفسي لا يعدوها، وصلاحك لجميع المسلمين.
قال: فأطرق أبو جعفر وإنَّ المسيب والحرس قيامٌ على رأس أبي جعفر بأيديهم السيوف المسلَّلة.
قال: ثمَّ رفع رأسه وقال: من أراد أن ينظر إلى خير أهل الأرض اليوم، فلينظر إلى هذا الرجل، وأومأَ إلى ابن أبي ذئب.
وصلَّى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم والحمد لله ربِّ العالمين.
الهامش
[1] الاعتماد الأوَّل بعد الله تعالى هو: كتاب الحافظ أبي سليمان محمد بن عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبْر الرَّبعي (298 379 هـ): الجزء فيه من أخبار ابن أبي ذئب، وسير أعلام النبلاء للذهبي، ثمَّ بقيَّة المصادر.
[2] أخرجه أبو داود (4344)، والترمذي واللفظ له (2174)، وابن ماجه (4011).
[3] تاريخ بغداد 297/2، وتهذيب الكمال 630/25.
[4] نسب قريش ص 423 جمهرة أنساب العرب ص 168.
[5] انظر ترجمته في الطبقات الكبير 558/7 وتاريخ ابن معين 525/2 ونسب قريش ص 423 وطبقات خليفة ص 273 وتاريخ خليفة ص 469 والتاريخ الكبير 152/1 والتاريخ الأوسط 102/2 والمعارف لابن قتيبة ص 485 وجمهرة نسب قريش وأخبارها 936/2 والمعرفة والتاريخ 146/1.
[7] مسند ابن الجعد 1021/2 وتاريخ بغداد 298/2 وتهذيب الكمال 635/25 وسير أعلام النبلاء 465/7.
[8] سبقت ترجمته في الباب رقم 1.
[9] تاريخ مولد العلماء ص 83 ورجال صحيح البخاري 663/2 و)جمهرة أنساب العرب 168.
[10] الطبقات الكبير 563/8.
[11] تاريخ الخليفة ص 429 ورجال صحيح البخاري 663/2 وجمهرة انساب العرب 168.
[12] أبو جعفر: هو أو جعفر المنصور الهاشمي العباسي ثاني خلفاء بني العباس ولد سنة 95 هـ وتوفي سنة 179 هـ، ينُظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 83/3، والأعلام 117/40.
[13] مالك ابن أنس: هو أبو عبدالله الأصبحي الحميري إمام دار الهجرة ولد سنة 93 هـ، وتفي سنة 158 هـ، ينظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 48/8.
[14] الحسن وهو: ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبو محمد الهاشمي أمير المدينة ولد 83 هـ، وتفي 168 هـ، يُنظر في ذلك: الأعلام 191/2.
[15] الربيع: هو ابن يونس محمد، أبو الفضل الأموي مولاهم، الوزير والحاجب الكبير للخليفة أبي جعفر المنصور العباسي، ولد سنة 111 هـ، وتوفي سنة 169 هـ؛ يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 335/7 والأعلام 15/3.
[16] اللخناء: التي لم تختن، وقيل: اللخن النتن، ينظر في ذلك: لسان العرب مادة لخن.
[17] ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم، أبو إسماعيل الديلمي مولاهم المدني، الإمام المحدث، المتوفي سنة 200 هـ. يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 486/9.
[18] سفيان الثوري: هو ابن سعيد بن مسروق، أبو عبد الله الثوري الكوفي، شيخ الإسلام إمام الحفَّاظ، وسيِّدُ العلماء العاملين في ومانه، ولد سنة 97 هـ، وتوفي 161 هـ. يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 229/7.
[19] المهدي: هو الخليفة محمد بن الخليفة أبي جعفر المنصور، ولد سنة 127 هـ، توفي سنة 169 هـ؛ يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 400/7.
[20] أحمد بن حنبل: هو ابن محمد أبو عبد الله الشيباني، الإمام حقًّا وشيخ الإسلام صدقا إمام أهل السنَّة، ولد سنة 164، توفي سنة 241؛ يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 177/11.
[21] المسيب: هو ابن زهير بن عمرو، أبو مسلم الضبي، كان قائدا شرطة المنصور والمهدي، ولد سنة 100 هـ، وتوفي سنة 175 هـ؛ ينظر في ذلك: الأعلام 225/7.
[22] الشافعي: وهو محمد بن إدريس بن العباس، أبو عبد الله القرشي المطلبي الشافعي فقيه الملة وعالم عصره، ولد سنة 150 هـ، وتوفي سنة 204 هـ؛ يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 5/10.
[23] معن هو ابن زائدة بن عبد الله الشيباني، أمير العرب، توفي سنة 152 هـ؛ يُنظر في ذلك: سير أعلام النبلاء 97/7، والأعلام 237/3.
[24] تقدَّمت ترجمته في رقم 12.
[25] هو محمد بن إبراهيم الإمام، أمير عباسيٌّ هاشميٌّ وُلِّي إمارة الحج أيام الخليفة أبي جعفر المنصور، توفي سنة 185؛ ينظر في ذلك: الأعلام 293/6.
[26] الحديث عن أبي داود 4344 من غير ˝يقتل عليها˝.
[27] قال الإمام الذهبي في السير (7/ 142 143) عند ترجمة ابن أبي ذئب وقد رواه عنه أيضًا تلميذه حربٌ الكرمانيُّ في ˝مسائله˝(ص/481)؛ فقال: سمعته؛ يقول: ˝بلغ ابن أبي ذئب أنَّ مالك بن أنسٍ؛ قال: ليس البيِّعان بالخيار؟ فقال ابن أبي ذئب: يستتاب مالك، فإن تاب وإلاَّ ضربت عنقه.˝
وكذا هو عند ابن مفلح في ˝المقصد الأرشد˝(2/306) وابن أبي يعلى في ˝طبقات الحنابلة˝(2/56) عن عمر بن محمَّد بن بكَّار القلافلائيِّ أبي جعفرٍ حدَّث بمسائل أبي إسحاق إبراهيم بن هانىء النَّيسابوريِّ؛ قال: سمعت أبا عبد الله؛ يقول: فذكره.
وأيضًا من رواية الفضل بن زياد أبو العبَّاس القطَّان البغداديُّ عنه كما في ˝المقصد الأرشد˝(2/312) عن أبي بكرٍ الخلاَّل.
وفي روايةٍ عن ابنه عبد الله كما في ˝العلل˝(1275)؛ قال: سمعته؛ يقول: ˝قالوا لابن أبي ذئب: إنَّ مالكا؛ يقول: ليس البيِّعان بالخيار، فقال ابن أبي ذئب: هذا خبر موطوء في المدينة. قال أبي: وكان مالك؛ يقول: ليس البيِّعان بالخيار. سمعت أبي؛ يقول: قال ابن أبي ذئب: يستتاب مالك فإن تاب، وإلاَّ ضربت عنقه.
وأخرجه الفسويُّ في ˝المعرفة والتَّاريخ˝(1/686) ومن طريقه الخطيب البغداديُّ في ˝تاريخه˝(3/515) وابن أبي يعلى في ˝طبقاته˝(1/251) عن الفضل بن زياد، عن أحمد بن حنبل؛ قال: بلغ ابن أبي ذئب أنَّ مالكا لم يأخذ بحديث البيِّعين بالخيار؛ قال: يستتاب وإلاَّ ضربت عنقه. ومالك لم يرد الحديث ولكن تأوَّله على غير ذلك.
وقد ذكرها أيضًا الإمام الذَّهبيُّ في ˝تذهيب التَّهذيب˝(8/190).
وأخرجه أيضا الإمام أبو إسماعيل الأنصاريُّ الهرويُّ في ˝ذم الكلام˝(885)؛ قال: أخبرنا محمَّد بن موسى، حدَّثنا محمَّد بن يعقوب، حدَّثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل، سمعت أبي؛ يقول: قيل لابن أبي ذئب: مالك بن أنس؛ يقول: ليس البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا. فقال: يستتاب مالك؛ فإن تاب وإلاَّ ضربت عنقه.
قلت: فمدار هذه الرِّواية ـ كما رأينا آنفًا ـ هي فقط على الإمام أحمد، ومنه اشتهرت بواسطة تلامذته: الفضل بن زياد وحربٌ الكرمانيُّ وابن هانئ النَّيسابوريُّ وابنه عبد الله؛ وهؤلاء جميعهم أئمَّة ثقات أثبات. إلاَّ أنَّ علَّتها الانقطاع كما هو ملاحظٌ فيها؛ فالإمام أحمد لم يسندها، ولعلَّها لم تصح كما قال ذلك الذَّهبيُّ في السِّير، ولكنَّ الناظر إلى نمط حياة ابن أبي ذئب وشجاعته وقوله للحق لا يستغرب ذلك . ❝
❞ ﴿6 رمضان الحديث العاشر﴾
عن عبدالله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: اللهَ اللهَ في أصحابي لا تتَّخِذوا أصحابي غَرَضًا بعدي، فمَن أحَبَّهم فبِحُبِّي أحَبَّهم، ومَن أبغَضهم فبِبُغْضي أبغَضهم، ومَن آذاهم فقد آذاني ومَن آذاني فقد آذى اللهَ، ومَن آذى اللهَ يوشِكُ أنْ يأخُذَه .
********** الشرح **********
فقوله ﷺ: الله الله في أصحابي، أي: أذكرِّكم الله تعالى في أصحابي، بمعنى اتقوا الله في أصحابي.
وقوله ﷺ: لا تتحذوا أصحابي غرضا: الغرض: الهدف الذي يرمى إليه، كناية على استهدافهم بالغيبة أو السب والشتم.
وقوله ﷺ: فمَن أحَبَّهم فبِحُبِّي أحَبَّهم، ومَن أبغَضهم فبِبُغْضي أبغَضهم: أي علامة حب رسول الله ﷺ حب أصحابه، وعلامة بغض رسول الله ﷺ بغض أصحابه.
وقوله ﷺ: ومَن آذاهم فقد آذاني ومَن آذاني فقد آذى اللهَ: أي: أنَّ الذي يؤذي أصحابي فإنَّه يؤذيني على الحقيقة لأنهم أصحابي وأحبابي وأنصاري، وإنَّه من آذاني فقد آذى الله تعالى، لأني رسول الله ونبيُّه وحبيبه، فإنَّ أذيَّتي تؤذي الله تعالى.
وقوله ﷺ: ومَن آذى اللهَ يوشِكُ أنْ يأخُذَه: أي: يوشك الله تعالى أن يُنزل عليه سخطه وعذابه، أو يوشك الله تعالى أن يقبظه فيُعذبَّه في الآخرة العذاب الأليم.
وهل التابعون وأتباعهم من جملة من أوصى بهم رسول الله ﷺ؟
الظَّاهر وبما سبق من الأحاديث من اتصال التابعين وأتباعهم بالصحابة، فإنَّ الخطاب عامٌّ للأجيال الثلاثة والله أعلم.
وفي الحديث: تعظيم شأن أصحاب رسول الله ﷺ وأنهم متصلون بالنبي ﷺ كل الاتصال؛ فإن أذيتهم تؤذي النبي ﷺ وأذية النبي تؤذي الله تعالى.
وفيه: وعيد شديد لمن يؤذي أصحاب الرسول ﷺ. ❝ ⏤الدُّكتُور: عِصَامُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ النُّقَيْلِي
❞ ﴿6 رمضان الحديث العاشر﴾
عن عبدالله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: اللهَ اللهَ في أصحابي لا تتَّخِذوا أصحابي غَرَضًا بعدي، فمَن أحَبَّهم فبِحُبِّي أحَبَّهم، ومَن أبغَضهم فبِبُغْضي أبغَضهم، ومَن آذاهم فقد آذاني ومَن آذاني فقد آذى اللهَ، ومَن آذى اللهَ يوشِكُ أنْ يأخُذَه .
الشرح
فقوله ﷺ: الله الله في أصحابي، أي: أذكرِّكم الله تعالى في أصحابي، بمعنى اتقوا الله في أصحابي.
وقوله ﷺ: لا تتحذوا أصحابي غرضا: الغرض: الهدف الذي يرمى إليه، كناية على استهدافهم بالغيبة أو السب والشتم.
وقوله ﷺ: فمَن أحَبَّهم فبِحُبِّي أحَبَّهم، ومَن أبغَضهم فبِبُغْضي أبغَضهم: أي علامة حب رسول الله ﷺ حب أصحابه، وعلامة بغض رسول الله ﷺ بغض أصحابه.
وقوله ﷺ: ومَن آذاهم فقد آذاني ومَن آذاني فقد آذى اللهَ: أي: أنَّ الذي يؤذي أصحابي فإنَّه يؤذيني على الحقيقة لأنهم أصحابي وأحبابي وأنصاري، وإنَّه من آذاني فقد آذى الله تعالى، لأني رسول الله ونبيُّه وحبيبه، فإنَّ أذيَّتي تؤذي الله تعالى.
وقوله ﷺ: ومَن آذى اللهَ يوشِكُ أنْ يأخُذَه: أي: يوشك الله تعالى أن يُنزل عليه سخطه وعذابه، أو يوشك الله تعالى أن يقبظه فيُعذبَّه في الآخرة العذاب الأليم.
وهل التابعون وأتباعهم من جملة من أوصى بهم رسول الله ﷺ؟
الظَّاهر وبما سبق من الأحاديث من اتصال التابعين وأتباعهم بالصحابة، فإنَّ الخطاب عامٌّ للأجيال الثلاثة والله أعلم.
وفي الحديث: تعظيم شأن أصحاب رسول الله ﷺ وأنهم متصلون بالنبي ﷺ كل الاتصال؛ فإن أذيتهم تؤذي النبي ﷺ وأذية النبي تؤذي الله تعالى.
وفيه: وعيد شديد لمن يؤذي أصحاب الرسول ﷺ . ❝
❞ {5 رمضان}
﴿الحديث التاسع﴾
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ الأنْصارَ، وأبْناءَ الأنْصارِ، وأبْناءَ أبْناءِ الأنْصارِ... .
************ الشرح ************
وهذا دُعاءٌ بالرحمة مِنَ النَّبيِّ ﷺ لِلأنصارِ وذَراريِّهم ومن بعدهم؛ وذلكَ لِمَا لِأُصولِهم مِنَ القِيامِ في نُصرةِ الدِّينِ وإيواءِ النَّبيِّ ﷺ ومَن معه حالَ شِدَّةِ الخَوفِ والضِّيقِ والعُسْرةِ، وَحِمايتِهم له حتَّى بَلَّغَ أَوامِرَ رَبِّه، وأظهَرَ الدِّينَ وأَسَّسَ قَواعِدَ الشَّريعةِ، فَعادَتْ مَآثِرُهمُ الشَّريفةُ على أَبنائِهم وذُرِّيَّاتِهم.
وعلى كل الحال فالأنصار هم الجيل الأوَّل، وأبناؤهم هم التابعون، وأبناء أبنائهم هم أتباع التابعين، فلا زلن بهذا في فضل الأجيال الثلاثة المباركة وفضل الصحابة.
﴿الحديث العاشر﴾
عن عبدالله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: اللهَ اللهَ في أصحابي لا تتَّخِذوا أصحابي غَرَضًا بعدي، فمَن أحَبَّهم فبِحُبِّي أحَبَّهم، ومَن أبغَضهم فبِبُغْضي أبغَضهم، ومَن آذاهم فقد آذاني ومَن آذاني فقد آذى اللهَ، ومَن آذى اللهَ يوشِكُ أنْ يأخُذَه .
********** الشرح **********
فقوله ﷺ: الله الله في أصحابي، أي: أذكرِّكم الله تعالى في أصحابي، بمعنى اتقوا الله في أصحابي.
وقوله ﷺ: لا تتحذوا أصحابي غرضا: الغرض: الهدف الذي يرمى إليه، كناية على استهدافهم بالغيبة أو السب والشتم.
وقوله ﷺ: فمَن أحَبَّهم فبِحُبِّي أحَبَّهم، ومَن أبغَضهم فبِبُغْضي أبغَضهم: أي علامة حب رسول الله ﷺ حب أصحابه، وعلامة بغض رسول الله ﷺ بغض أصحابه.
وقوله ﷺ: ومَن آذاهم فقد آذاني ومَن آذاني فقد آذى اللهَ: أي: أنَّ الذي يؤذي أصحابي فإنَّه يؤذيني على الحقيقة لأنهم أصحابي وأحبابي وأنصاري، وإنَّه من آذاني فقد آذى الله تعالى، لأني رسول الله ونبيُّه وحبيبه، فإنَّ أذيَّتي تؤذي الله تعالى.
وقوله ﷺ: ومَن آذى اللهَ يوشِكُ أنْ يأخُذَه: أي: يوشك الله تعالى أن يُنزل عليه سخطه وعذابه، أو يوشك الله تعالى أن يقبظه فيُعذبَّه في الآخرة العذاب الأليم.
وهل التابعون وأتباعهم من جملة من أوصى بهم رسول الله ﷺ؟
الظَّاهر وبما سبق من الأحاديث من اتصال التابعين وأتباعهم بالصحابة، فإنَّ الخطاب عامٌّ للأجيال الثلاثة والله أعلم.
وفي الحديث: تعظيم شأن أصحاب رسول الله ﷺ وأنهم متصلون بالنبي ﷺ كل الاتصال؛ فإن أذيتهم تؤذي النبي ﷺ وأذية النبي تؤذي الله تعالى.
وفيه: وعيد شديد لمن يؤذي أصحاب الرسول ﷺ. ❝ ⏤الدُّكتُور: عِصَامُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ النُّقَيْلِي
❞ {5 رمضان}
﴿الحديث التاسع﴾
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: اللَّهُمَّ ارْحَمِ الأنْصارَ، وأبْناءَ الأنْصارِ، وأبْناءَ أبْناءِ الأنْصارِ... .
الشرح
وهذا دُعاءٌ بالرحمة مِنَ النَّبيِّ ﷺ لِلأنصارِ وذَراريِّهم ومن بعدهم؛ وذلكَ لِمَا لِأُصولِهم مِنَ القِيامِ في نُصرةِ الدِّينِ وإيواءِ النَّبيِّ ﷺ ومَن معه حالَ شِدَّةِ الخَوفِ والضِّيقِ والعُسْرةِ، وَحِمايتِهم له حتَّى بَلَّغَ أَوامِرَ رَبِّه، وأظهَرَ الدِّينَ وأَسَّسَ قَواعِدَ الشَّريعةِ، فَعادَتْ مَآثِرُهمُ الشَّريفةُ على أَبنائِهم وذُرِّيَّاتِهم.
وعلى كل الحال فالأنصار هم الجيل الأوَّل، وأبناؤهم هم التابعون، وأبناء أبنائهم هم أتباع التابعين، فلا زلن بهذا في فضل الأجيال الثلاثة المباركة وفضل الصحابة.
﴿الحديث العاشر﴾
عن عبدالله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: اللهَ اللهَ في أصحابي لا تتَّخِذوا أصحابي غَرَضًا بعدي، فمَن أحَبَّهم فبِحُبِّي أحَبَّهم، ومَن أبغَضهم فبِبُغْضي أبغَضهم، ومَن آذاهم فقد آذاني ومَن آذاني فقد آذى اللهَ، ومَن آذى اللهَ يوشِكُ أنْ يأخُذَه .
الشرح
فقوله ﷺ: الله الله في أصحابي، أي: أذكرِّكم الله تعالى في أصحابي، بمعنى اتقوا الله في أصحابي.
وقوله ﷺ: لا تتحذوا أصحابي غرضا: الغرض: الهدف الذي يرمى إليه، كناية على استهدافهم بالغيبة أو السب والشتم.
وقوله ﷺ: فمَن أحَبَّهم فبِحُبِّي أحَبَّهم، ومَن أبغَضهم فبِبُغْضي أبغَضهم: أي علامة حب رسول الله ﷺ حب أصحابه، وعلامة بغض رسول الله ﷺ بغض أصحابه.
وقوله ﷺ: ومَن آذاهم فقد آذاني ومَن آذاني فقد آذى اللهَ: أي: أنَّ الذي يؤذي أصحابي فإنَّه يؤذيني على الحقيقة لأنهم أصحابي وأحبابي وأنصاري، وإنَّه من آذاني فقد آذى الله تعالى، لأني رسول الله ونبيُّه وحبيبه، فإنَّ أذيَّتي تؤذي الله تعالى.
وقوله ﷺ: ومَن آذى اللهَ يوشِكُ أنْ يأخُذَه: أي: يوشك الله تعالى أن يُنزل عليه سخطه وعذابه، أو يوشك الله تعالى أن يقبظه فيُعذبَّه في الآخرة العذاب الأليم.
وهل التابعون وأتباعهم من جملة من أوصى بهم رسول الله ﷺ؟
الظَّاهر وبما سبق من الأحاديث من اتصال التابعين وأتباعهم بالصحابة، فإنَّ الخطاب عامٌّ للأجيال الثلاثة والله أعلم.
وفي الحديث: تعظيم شأن أصحاب رسول الله ﷺ وأنهم متصلون بالنبي ﷺ كل الاتصال؛ فإن أذيتهم تؤذي النبي ﷺ وأذية النبي تؤذي الله تعالى.
وفيه: وعيد شديد لمن يؤذي أصحاب الرسول ﷺ . ❝
❞ ﴿4 رمضان - الحديث الثامن﴾
عن عمرو بن عوف بن يزيد بن ملحة المزني رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: يَا معشرَ قريش احفظونِي فِي أصحابِي وأبنائهمْ وأبناءِ أبنائهمْ... .
********** الشرح **********
وهنا يوصي رسول الله ﷺ النَّاس عامَّة، فيبدأ برأس الأمر وهي قريش فإن كانت الوصيَّة لهم فمن دونهم أولى منهم بالوصيَّة، فيقول ﷺ: احفظوني في أصحابي: أي لا تؤذوني بأذيَّتهم، وتؤذوني بسبهم أو شتمهم، ثم يُلحق عليهم التابعين بقوله: وأبنائهم، ثمَّ يُلحق أتباع التابعين بقوله: وأبناء أبنائهم.
وهذا الحديث يتابع الحديث السابق ويشهد له بأنَّ أتباع التابعين داخلون في البشارة والدعوة بالمغفرة، فكل حديث فيه بشارة للصحابة والتابعين أو دعوة لهم، فأتباع التابعين داخلون في ذلك، لما تشهد له الأحاديث بأنهم منهم في كل مدح ومغفرة ودعوة.
وفي الحديث: شرف الأجيال الثلاثة المباركة.
وفيه: أنَّ من إكرام رسول الله ﷺ إكرام أصحابه ثمَّ الذين يلونهم ثمَّ الذين يلونهم. ❝ ⏤الدُّكتُور: عِصَامُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ النُّقَيْلِي
❞ ﴿4 رمضان الحديث الثامن﴾
عن عمرو بن عوف بن يزيد بن ملحة المزني رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: يَا معشرَ قريش احفظونِي فِي أصحابِي وأبنائهمْ وأبناءِ أبنائهمْ... .
الشرح
وهنا يوصي رسول الله ﷺ النَّاس عامَّة، فيبدأ برأس الأمر وهي قريش فإن كانت الوصيَّة لهم فمن دونهم أولى منهم بالوصيَّة، فيقول ﷺ: احفظوني في أصحابي: أي لا تؤذوني بأذيَّتهم، وتؤذوني بسبهم أو شتمهم، ثم يُلحق عليهم التابعين بقوله: وأبنائهم، ثمَّ يُلحق أتباع التابعين بقوله: وأبناء أبنائهم.
وهذا الحديث يتابع الحديث السابق ويشهد له بأنَّ أتباع التابعين داخلون في البشارة والدعوة بالمغفرة، فكل حديث فيه بشارة للصحابة والتابعين أو دعوة لهم، فأتباع التابعين داخلون في ذلك، لما تشهد له الأحاديث بأنهم منهم في كل مدح ومغفرة ودعوة.
وفي الحديث: شرف الأجيال الثلاثة المباركة.
وفيه: أنَّ من إكرام رسول الله ﷺ إكرام أصحابه ثمَّ الذين يلونهم ثمَّ الذين يلونهم . ❝