📘 ❞ اللاهوت ... أنثروبولوجيا التوحيد الكتابي ❝ كتاب ــ عبد الجواد ياسين اصدار 2019

فكر إسلامي - 📖 كتاب ❞ اللاهوت ... أنثروبولوجيا التوحيد الكتابي ❝ ــ عبد الجواد ياسين 📖

█ _ عبد الجواد ياسين 2019 حصريا كتاب ❞ اللاهوت أنثروبولوجيا التوحيد الكتابي ❝ عن مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث 2025 الكتابي: يستأنف المستشار هذا الكتاب العمل مشروعه الفكري والذي بدأه "السلطة الإسلام" وكتاب "الدين والتدين" ليكون بمثابة المتمم النظري وعيّنة الاختبار المثالية لفكرته التي طرحها بشكل موّسع والتدين"؛ ففي "اللاهوت" يعمد اللجوء لمنهج علمي أنثروبولوجي وظيفته اختبار الفكر الديني التوحيدي من حيث سياقات النشأة الاجتماعية واللاهوتية وعلاقة كل منها بالآخر الحيز الزماني والمكاني الواحد وبالآخر المفارق لهذا لكن ما يجعل مناسباً لشريحته المُستهدفة هو عدم الاكتفاء بالبُعد الوضعي فقط إنما يتجه للبحث البُنى اللاهوتية بمنهج جدلي يجمع بين المتناقضات ليخرج لنا بالفكرة الأكثر مُقاربةً لواقع الأمور؛ إذ يقابل العقل والعقل ولا يتحيّز لأي منهما ويقابل الأنثروبولوجيا واللاهوت يتوقف عند أي المُتقابلين لكنه يخرج بفكرته الأصلية يختبرها وهي أن هناك دينًا (المُطلق الأخلاق) وأن تدينًا (لاهوت تشريع) وأنه يصعب فصل الجانبين الآخر بشيءٍ البساطة ينقسم إلى ثلاثة فصول: الفصل الأول: العام: بنية وفيه يناقش منهجيته الفلسفية ومصادره القديمة الشرق الأدنى الفصل الثاني: السياق النسق الكلي وتباينات تطور اليهودية والمسيحية الثالث: الإسلامي الخاص: لاهوت الإسلام اعتمد عليها سواء أكانت توحيدية كتابية أم عربية جاهلية وأصل وكيف أثر تشكيل التصور مقدمة منهجية يبدأ الفصل الأول بالسبب الأساسي قضية "اللاهوت"؛ فالعقل يُنكر التعامل مع الدين أنه صنعة اجتماعية بحتة ينُكر المُطلق ويراه كتخيل وعي ولاوعي الديانة يتعامل إلا الجانب الاجتماعي الظاهرة ومن هاتين المقدمتين المتناقضتين نخرج بنتيجة تركيبية جديدة "أننا لا نعرف داخل العالم بمعنى يتجلى بالتمثل الاجتماع خلال التصور" يرتكزالنسق عناصر (الذات_المُطلق_الوحي) تفاعل العناصر الثلاثة ينتج اللاهوت؛ فالذات المُتلقية للمؤسس ينطبع صورة الهابطة بواسطة الوحي وينقل المؤسس تلك الصورة دون زيادة أو نقصان البشرية هُنا بحسب ليست فاعلة وإنما هي صفحة بيضاء يتم نقش الرسالة الدينية لأول مرة بإهمال العوامل الإنسانية والظروف المحيطة بتلك الذات وبذلك يُلزم نفسه بأي ربط وشبكة الدلالات اللغوية وبنى العلاقات المؤثرة حتى وصمها بأنها إنسانية وأنها تعرضت لهدر النقل انحراف مسارها بينما يرتكز عنصرين أساسيين تأمل (الذات_الموضوع)؛ مرت بعدد التطورات النظرية السوسيولوجي والأنثروبولوجي تم اعتبارها فعّالة فردي قياساً المجتمع؛ فمع أوجست كونت وإيميل دوركهايم سيتم اعتبار تصور المجتمع لضمان وحدته وهويته أُطره الخاصة فيقول دوركهايم: "الله المُجتمع وقد ألَّهَ ذاته" وتنتقل النظريات الوضعية أهم الأنثروبولوجيين مثل سميث وفريزر وحديثهم دين طقوسي ذي مسار تطوري فمن ممارسة لعدد الطقوس والممارسات ينشأ علاقة (تصعيدية) فيها استدعاء الموضوع وهو المعُتقد اللاهوتي (فكرة الإله) وليس الإله وعلى الرغم المنهج يبدو عاجزاً تفسير نشأة الأديان التوحيدية وتقاربهم ناحية الأفكار منتصف القرن العشرين ومع ظهور الفلسفات الهرمينوطيقية والفينومينولوجية إعادة الاعتبار للذات والشعور الداخلي والتصور الذاتي لتصبح المناهج المتبعة دراسة الأنثروبولوجية كما تبدأ رودولف أوتو ومرسيال إلياد وميشيل ميسلان وغيرهم ينشأ نتيجة انفصال أنطولوجي وموضوع المقام ذلك الانفصال أمكنه يُكرّس عتبة فاصلة الديانات البدائية الطقوسية القائمة الطوطمية (الديانات الطبيعية) وبين تصورات بشرية حول والكون والإنسان نقده للنظريات تدفع الاتجاه يقبل هذة النظرة أنها قد بدأت بفترات طويلة قبل لكننا نملك أية مادة قابلة للتوثيق حدث لحركة التطور الأنطولوجي الواعية بذاتها مقابل وتفاقم الفردانية أمام والطبيعي والرغبة السيطرة عليه قبل ينطلق تحليل يحدد عدداً الأسئلة والإجابات التقريبية لتعيين عدته وأدواته تساعده البحث سبيل المثال: إن كانت مركز ومصدر الخطاب فكيف يحدث ابتداءً؟ وإن فلماذا تتعدد التصورات بتعدد المؤسسين رغم موضوع التصور(المطلق) واحد؟ يتبنى موقفاً عقلياً تجريبياً يحاجج فيه بأن مركب جانب حسي غريزي وجانب عقلي إرادي دوافع وقدرات جسدية ودوافع نفسية مما وتُمكنها فرض ذاتها وإرادتها المدركات الخارجية وإستيعابها ومعالجتها والإخبار بها خصوصي جدًّا الأمر الذي يسمح بوجود تنوعات لاهوتية عِدة بل وحتى وجود خلاف دائم المؤسسة تتحدث باسم ونتيجة لوجود العامل الفردي تنشأ العديد الصدامات والذات وتتنوع التبني والنفي التام أما بالنسبة (الله المطلق) فالمنحى التجريبي يعتبره معرفة مجرد إيمان (نزوع تذوقي شاعري) ليُصبح المعرفة فعل الإيمان بالإله تعتبر التفرقة شكلاً أشكال السفسطة لأن يُفرق والإيمان لكن يعود فيُسائل تجريبية وحسية بالضرورة تتكون لدينا الإله؟ وهنا تخبرنا كيف والتصورات تُخبرنا تناقلها ليبقى العنصر إشكالية العقلين والوضعي ينظر للوحي اعتباره عُنصرًا لاهوتيًا بالأساس؛ مفهوم إنساني نابع وخاضع لتفاعل الإدراكات ملكات الإدراك؛ يزيد كونه تصاعدية يقوم العراف الكُهان ممارسات طقوسية للتنبؤ بالمستقبل والتواصل كيان مُفترض وتم تطورها أصبحت شكلها نعرفها بينما يرفض الرؤية التطورية والاجتماعية ويعتبر تواصل مباشر الله وشخص بشري مُعيّن لحظة زمانية ومكانية مُحددة اتصال (هابط) صاعداً العرافة والتنجيم ثم يمُر بأية مراحل تطورية أوهيمنة يكتفي بالفطرة التأمل بد وحي يُسلّم البشر تفاصيل البشري وهنا يقدم اعتراضه المُجمل العقلين؛ لايمكنه (الوحي_الإله) لأنه يمتلك أدوات تمكنه فحص المعطيات فيقع مشاكل موضوعية تُبين تحيزه والبراديغم العلمي الأوروبي الخاضع له وموقفه الخاص المسيحية يقع مشكلة إضفاء وقائع تاريخية واجتماعية يملك لها توثيق (فيض المعنى) عندها الحط مكانة الإنسان وفاعليتها لصالح المُقدس الواقع ففي النهاية تُعتبر منهجية كتابه وسطاً والفلسفية العقلية؛ فالفلسفة تناقضات الأنساق تشرح مصدرها تُقَدِّمُ تكون وتطوراته وبمزجهما معاً يُمكن مقاربة أكثر دقة وأقل تحيُّزًا وتحضر المصادرة حدودها الدنيا اللاهوت العام اللاهوت مجموعة تعاطي ليتم تناقله والتفاعل معه الحدود الجغرافية والثقافية فيُحدد أنساق التديّن أنتجت العبري نعرفه وهذه نسق المصري والكنعاني والميزوبوتامي (نسق النهرين) يحتوي تديّن عدد جرى تطويرها لقد جمع القديم عددًا كبيرًا التجريدي الخالص التعددية التجسيمية أول المعبد والكُهان والعرافين والقصص النشكونية قلب التناقضات تقع فكرة الملك الإله؛ فالملك قوى الآلهة "حو" النطق المقدس و"سيا" المقدسة و"حكا" القوة والسحر؛ وفي الدولة الحديثة صار تأليه عقيدة راسخة تُوجه إليه العبادة والطقوس فبمجُرد تتويج يُصبح تجسُّداً للإله تجليًا وثائق نفس الوقت يتحلى بكل الصفات يُمكننا القول بأنه حلقة الوصل والآلهة نقطة الاتصال والموضوع تصاعُدي الفكرة سوف تتطور النبي وساطة خارجه شئون الحياة اليومية تنبي حضور واهتمامه بتفاصيل تمجيده خارجها أيضا الخاصية تُميز وفي الكنعاني تأثيراً بحكم الجغرافيا السمة الغالبة النسق؛ فالميثولوجية الأوغاريتية تحكي "إيل" إله شخصي يسمى بالقوي والثور والملك رحيم ومقدس يُعرف فيما بعد "يهوه" العبراني نسل إيل خرج بعل وقام بينهما صراع انتهى بهزيمة واستئثار بزوجتيه حكمت الميثولوجية الكنعانية فلكل معبد وعدد كبير الأنبياء المتحدثين باسمه والمتوسطين بينه وكما يتحدث مرسيا إلياد: "النبوة الوجدية الإسرائيلية تغوص جذورها الكنعانية"؛ الممارسة وتدوين تاريخ الشعب وأساطيره يتعلق بنسق تدّين النهرين وأقدم المنطقة وأكثرها لتجاور فترة يبدأ بإبراهيم تواجد المملكة البابلية الجنوب والأشورية الشمال اشتمل التدين الميزوبوتامي المجامع الإلهية وامتزاجها بعناصر وممارسة لخبرة سكُان بالنجوم والفلك ومعرفتهم الكوزمولوجية ميّز التدّين "المدينة" فنشأة المدينة رافقتها أسطورة نشكونية حكاية بداية الخلق العماء (chaos) بالإضافة وثيقة قانونية مكتوبة فقوانين حمورابي (BC1792 1750) الوثيقة أمر إلهي صادر لحمورابي بإقامة العدل الأرض وتسليمه القوانين العبرانيين "الشريعة" لتنظيم حياة شعب الرب يراها ينتهي هذه وأهم عناصرها تكونت ثقافة الحصري شكله اليهودي المسيحي والإسلامي يُحدد أساسية شكّلت ومرت بمراحل والانفصال وصلت الأشكال يُناقشها بكثيرمن التوسُّع (الشعب_الأنبياء_النص) مستويان للمقارنة: مضمون آليات التواصل الخالص يتأسس أشكاله محددة عمل تخريجات وتموضعات إبراهيمي؛ فالقراءة القراءة التاريخية نقاط مجتمعية كالشعب والسلطة والدولة وغيرها كانت "الشعب" الأمة موضوعاً البدايات للدرجة معها تحرير النص التوراتي بداياته حمولته واستخلاص؛ رسالة خاصة بالمُطلق فالرب كان معنياً بالشعب الإسرائيلي آخر مخالف لكل السابقة فالوعد الإلهي لإبراهيم وإسحاق ويعقوب (آباء الشعب) مُحدداً بتكثير الذُرية وتمليكها مساحة وكذلك قصة الخروج فقد أرسل موسى فرعون ليطلق شعبه للتبشير بالله دعوته ولكن لإنقاذ يقول سفر الخروج: "وتقول له: أرسلني إليك قائلاً: أطلق شعبي ليعبدوني البرية" لم يكن للشعب لهداية ربّا ومُهلِكًا أعدائه الذين حولوا المصريين جحيم إطلاق الضفادع والبعوض والذباب وتحويل النهر دماء فكما ياسين: "كان غرض الواضح منذ اللقاء الأول"؛ تبنى يؤمنوا به يعرفوه وقال لموسى: "وأما باسمي يهوه فلم أُعرف عندهم" إشارة لآباء بأنهم عرفوه بـ وسوف يستمر تحيّز استقرارهم كنعان واختيارهم لملك (شاول) أصبح نبياً ليس وفقط مناصراً أوحد يؤيدهم جميع حروبهم ومذابحهم ارتكبوها ضد ساكني الموآبيين والأراميين في الشكل للاهوت مُقتصراً الجوهرية أخذت التحول بوصفها انشقاقًا ورسالة عالمية لجميع والشعوب فالإله إلهاً إثنياً مُميِّزاً ومحدداً لهويته تحدث عنها العهد صورته الأولى الملامح يتخلص لاحقًا الشامل والإسلام ظهر مصطلح "النبي" فيصف الوسطاء الروحانيين الكنعانيين بالأنبياء ويقول: "فالآن واجمع إلي كُل إسرائيل جبل الكرمل وأنبياء البعل أربع المئة والخمسين السواري يأكلون مائدة إيزابل " يختلف الاستعمال الرائي فالرائي يتلقى الحلم ويُبلغه للبشر يتضمن لاهوتي يشير نشاط دعوي عكس ذات كلي وظيفة زالت تحتوي خصائص التنبؤ والانفعال الوجدي طريق الأحلام فبشكل نموذجًا مُتطورًا الرائين المنتشرين يُميّزهم مجيء رسالتهم بمبادرة ينقسم العبرانيون رتبة (أبناء الأنبياء) يمكن تسميتهم بأنبياء القصر يعملون الكهنة بغرض تأميم الشعبي واستمرار الكهنوتية نشأت الهجرة نشأ تعيين هارون منصب الكاهن الأكبر وتخصيص المنصب لأبنائه (اللاويين) بالوراثة تُقام طقوس أقرب للروح الشرقية تقديم الأضاحي واستطلاع إرادة القرعة الأشبه بأزلام الجاهلية ومن المجاورين للمعبد أوالمنشقين عنه تنهل محتوياتها وتحولها كنيسة تعتمد منفرد سلطة الكنيسة وتتوقف حاجتها الكم الكبير والرائين وتنتهي الحاجة لضرورة إصدار التحذيرات المزيفين يرسلهم لاختبار وأما "النص" فكان ظاهرة فريدة نوعها مقارنة عاصرها المصرية او توافر بأس الكتابات نوعية النصوص مختلفة نص القديم؛ فالنص يُعتبر نهائية موحى السماء معين شرائع وطقوس ولاهوت للبحث أصل طريقتان يمكننا استعمالهما؛ الأركيولوجي والتاريخي للنص والثانية الطريقة الكتابية النقد النصي بحسب الرواية التوراتية ستنتقل فالكتاب موجود دخول تسلم لوحي الشهادة سيناء وبعدها يكتب وصايا يسلمها للكهنة أما تاريخيًا وبحسب أغلبية الوثائق الأركيولوجية الفترة المادة النصية (من مصادرها مملكتي والجنوب) وتدوينها تتراوح القرنين السابع والخامس الميلاد وأثناء وبعد السبي البابلي وتحديداً صعود حركة الإصلاح لمملكة يهوذا قادها يوشيا وليست وليدة الرابع عشر يدعيّ ناتجة التأثيرات الفارسية الزرادشتية ملامح خلال التدوين (القرن السابع) الخامس) والثالثة الأخيرة (نهاية الميلادي) سُلطة بوصفه شهادة إيمانية السُلطة إغلاق وانتهاء مُعطى معرفيًا ثابتًا غير زمني يحتل موقع الصدارة المصدر للتدين والبوصلة الثقافية للجماعة يجعلها تستعصي الرجوع للأصل التاريخي سياق الإسلامي "النفي نزوع اعتيادي الوعي عموماً تستغرق التناقض علاقات يؤدي صرف الأنظار الأرضية المشتركة دائماً جديد" في حديث فإنه بالبحث العربية السامية انطلق منها؛ فيقسم ثلاث فترات: مرحلة التأسيس ومرحلة المكي المدني يبحث الثقافة وعلاقتها بالأصنام ونسق قريش القيمي (الحمس) المرتبط بأخلاقيات تجارية واضحة لمركزية وعلاقاتها التجارية بالإمبراطوريات المجاورة الأخلاقيات يتطور الجديد للطقوس كالطواف بالكعبة وغيرها؛ رد والأخلاقيات أوليات الحنيفية ديانة إبراهيم انحرف الجاهليون البداية الصدام المباشر المشركين (لا الله) المرحلة المدنية اليهود المؤثر والاقتباس للقصص تخليصه الجوانب الوثنية القرآن موجهًا لأصحاب التشكيلة (فليعبدوا رب البيت) تتم دعوة يدينون (بحسب الإسلامية) يتصاعد تدريجيًا تلت نزول وبداية نبوة النمط تنتقل الآيات لمعالجة أحوال الجماعة المسلمة بدلاً أصول معالجة ووقائع حياتها التفصيلية الطابع التشريعي الناتج حدوث لظروف سياسية وضرورة لمواجهة خصم ديني وسياسي جديد ممثل الدافع لتبلور شبه حكومة بتشريع جماعة المؤمنين على اجتماعي يُسجله سيكتسب صفة الإطلاقية ويحتوي للتغير صالحة زمان ومكان بنفس الكيفية التوارتي ليكتسب ترى الفعل الإنساني الظرف أنتج نظام الداخلة نمط حكم داوود وأبنائه تبعاً للوعد أعطاه للآباء ملاحظات نقدية ثم مسيرة استكمالية جاز التعبير وجدت واستخلاصاتها الأوليَّة سردية لفكرة نفسها وفض الالتباس الاثنين ينتمي المطلق (المقدس_الأخلاق) وينتمي المتأثرة بحضور (اللاهوت) بالتالي يصبغ والاجتماعي بصبغته أوضحنا مغالطتين وجه التحديد الاحتجاج بهما مجمل عمله النقطة هنا بحثه باعتباره أنثروبولوجية فلسفية ويخص الأنثروبولوجي أحد طرفي النقيض الجدلي أننا نجد بحثاً أنثروبولوجياً عملياً دقيقاً؛ فما يوجد مزيج مبحث أركيولوجي قدمه فنكلشتاين (bible unearthed) بحث منجزات علم الحفريات وللتأكد نتائج المُلتزم بالروايات يلجأ الباحث المقاربة الأحفورة للدلالة صحتها شيء للحقيقة يعتبر أنثروبولوجيًا شكل ممكن لعدم الالتزام بالقواعد العلمية المسح الإثنوغرافي واللغوي وسبب عجزنا المتكامل غياب الأصلي سكن 1400 عام شعوب أمريكا الجنوبية حالها عشرات آلاف السنين الأبحاث المختلطة بروح (غير علمية) علمية الثانية الطرف الجدلية الفلسفي العقلاني يتبناه عقلانية كانط وغيره؛ فالعامل يشوش علينا سؤال ضروري فإن لدى الأغلبية الشعوب مطلق معرفته بعيداً الرموز والتمثيلات والأسطورية والإحيائية توصلت معزل القصص جدّاً بالعمر القديم؟ فكر إسلامي مجاناً PDF اونلاين ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل اسلامي

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
اللاهوت ... أنثروبولوجيا التوحيد الكتابي
كتاب

اللاهوت ... أنثروبولوجيا التوحيد الكتابي

ــ عبد الجواد ياسين

صدر 2019م عن مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث
اللاهوت ... أنثروبولوجيا التوحيد الكتابي
كتاب

اللاهوت ... أنثروبولوجيا التوحيد الكتابي

ــ عبد الجواد ياسين

صدر 2019م عن مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث
حول
عبد الجواد ياسين ✍️ المؤلف
المتجر أماكن الشراء
مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث 🏛 الناشر
مناقشات ومراجعات
QR Code
عن كتاب اللاهوت ... أنثروبولوجيا التوحيد الكتابي:
يستأنف المستشار عبد الجواد ياسين في هذا الكتاب العمل في مشروعه الفكري، والذي بدأه في "السلطة في الإسلام" وكتاب "الدين والتدين"، ليكون كتاب اللاهوت بمثابة المتمم النظري وعيّنة الاختبار المثالية لفكرته التي طرحها بشكل موّسع في "الدين والتدين"؛ ففي "اللاهوت" يعمد ياسين على اللجوء لمنهج علمي أنثروبولوجي وظيفته اختبار الفكر الديني التوحيدي من حيث سياقات النشأة الاجتماعية واللاهوتية، وعلاقة كل منها بالآخر في الحيز الزماني والمكاني الواحد وبالآخر المفارق لهذا الحيز.

لكن ما يجعل من "اللاهوت" مناسباً لشريحته المُستهدفة هو عدم الاكتفاء بالبُعد الوضعي فقط، إنما يتجه للبحث في البُنى اللاهوتية بمنهج جدلي يجمع بين المتناقضات ليخرج لنا بالفكرة الأكثر مُقاربةً لواقع الأمور؛ إذ يقابل بين العقل الوضعي والعقل الديني ولا يتحيّز لأي منهما، ويقابل بين الأنثروبولوجيا واللاهوت، ولا يتوقف عند أي من المُتقابلين، لكنه يخرج منهما بفكرته الأصلية التي يختبرها، وهي أن هناك دينًا (المُطلق - الأخلاق)، وأن هناك تدينًا (لاهوت - تشريع)، وأنه يصعب فصل كل من الجانبين عن الآخر بشيءٍ من البساطة.

ينقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول:

الفصل الأول: في اللاهوت العام: بنية اللاهوت، وفيه يناقش منهجيته الفلسفية ومصادره القديمة في الشرق الأدنى.

الفصل الثاني: في السياق التوحيدي العام: النسق الكلي وتباينات اللاهوت، وفيه يناقش تطور اللاهوت التوحيدي الكتابي في اليهودية والمسيحية.

الفصل الثالث: في السياق الإسلامي الخاص: لاهوت الإسلام، وفيه يناقش تطور النسق الإسلامي ومصادره التي اعتمد عليها، سواء أكانت توحيدية كتابية أم عربية جاهلية، وأصل كل منها وكيف أثر في تشكيل هذا التصور.

مقدمة منهجية

يبدأ الفصل الأول بالسبب الأساسي للبحث في قضية "اللاهوت"؛ فالعقل الديني يُنكر التعامل مع الدين على أنه صنعة اجتماعية بحتة، والعقل الوضعي ينُكر المُطلق ويراه كتخيل في وعي ولاوعي الديانة ولا يتعامل إلا مع الجانب الاجتماعي من الظاهرة، ومن هاتين المقدمتين المتناقضتين نخرج بنتيجة تركيبية جديدة، وهي "أننا لا نعرف المُطلق إلا داخل العالم، بمعنى أنه لا يتجلى إلا بالتمثل في الاجتماع من خلال التصور".

يرتكزالنسق التوحيدي على ثلاثة عناصر (الذات_المُطلق_الوحي) ومن تفاعل العناصر الثلاثة ينتج اللاهوت؛ فالذات المُتلقية للمؤسس الأول ينطبع عليها صورة اللاهوت الهابطة بواسطة الوحي، وينقل لنا المؤسس تلك الصورة دون زيادة أو نقصان، فالذات البشرية هُنا بحسب العقل الديني ليست فاعلة، وإنما هي صفحة بيضاء يتم نقش الرسالة الدينية عليها لأول مرة، بإهمال كل العوامل الإنسانية والظروف الاجتماعية المحيطة بتلك الذات، وبذلك لا يُلزم العقل الديني نفسه بأي ربط بين الرسالة وشبكة الدلالات اللغوية، وبنى العلاقات الاجتماعية المؤثرة في الرسالة، حتى لا يتم وصمها بأنها إنسانية، وأنها تعرضت لهدر في النقل أو انحراف عن مسارها المُطلق.

بينما يرتكز النسق الوضعي على عنصرين أساسيين في تأمل الظاهرة (الذات_الموضوع)؛ فالذات الإنسانية مرت بعدد من التطورات النظرية داخل السوسيولوجي والأنثروبولوجي حتى تم اعتبارها فعّالة بشكل فردي قياساً إلى المجتمع؛ فمع أوجست كونت وإيميل دوركهايم سيتم اعتبار أن الدين هو تصور المجتمع عن نفسه لضمان وحدته وهويته داخل أُطره الخاصة، فيقول دوركهايم: "الله هو المُجتمع وقد ألَّهَ ذاته"، وتنتقل النظريات الوضعية حتى أهم الأنثروبولوجيين، مثل سميث وفريزر وحديثهم عن دين طقوسي ذي مسار تطوري، فمن خلال ممارسة الذات لعدد من الطقوس والممارسات ينشأ اللاهوت من خلال علاقة (تصعيدية) يتم فيها استدعاء الموضوع، وهو المعُتقد اللاهوتي (فكرة الإله) وليس الإله نفسه، وعلى الرغم من أن المنهج الوضعي يبدو عاجزاً في كل مرة عن تفسير نشأة الأديان التوحيدية الثلاثة وتقاربهم من ناحية الأفكار، إلا أنه مع منتصف القرن العشرين ومع ظهور الفلسفات الهرمينوطيقية والفينومينولوجية التي يتم فيها إعادة الاعتبار للذات الإنسانية والشعور الداخلي والتصور الذاتي، لتصبح المناهج المتبعة في دراسة الظاهرة الدينية هي الأنثروبولوجية الفلسفية كما تبدأ من عند رودولف أوتو ومرسيال إلياد وميشيل ميسلان وغيرهم.

ينشأ اللاهوت بحسب عبد الجواد ياسين نتيجة انفصال أنطولوجي بين الذات وموضوع التصور في المقام الأول، ذلك الانفصال هو ما أمكنه أن يُكرّس عتبة فاصلة بين الديانات البدائية الطقوسية القائمة على الطوطمية (الديانات الطبيعية)، وبين الأديان القائمة على تصورات بشرية حول الإله والكون والإنسان، وعلى الرغم من نقده للنظريات الأنثروبولوجية التي تدفع في هذا الاتجاه إلا أنه يقبل هذة النظرة على اعتبار أنها قد بدأت بفترات طويلة قبل اليهودية، لكننا لا نملك أية مادة قابلة للتوثيق، إذ حدث الانفصال نتيجة لحركة التطور الأنطولوجي بين الذات الواعية بذاتها في مقابل الموضوع وتفاقم الفردانية أمام الموضوع الاجتماعي والطبيعي والرغبة في السيطرة عليه.

قبل أن ينطلق ياسين في تحليل اللاهوت التوحيدي ومصادره، يحدد عدداً من الأسئلة والإجابات التقريبية لتعيين عدته وأدواته التي تساعده في العمل على مادة البحث. على سبيل المثال: إن كانت الذات في اللاهوت هي مركز التصور ومصدر الخطاب، فكيف يحدث التصور فيها ابتداءً؟ وإن كانت صفحة بيضاء، فلماذا تتعدد التصورات اللاهوتية بتعدد المؤسسين، رغم أن موضوع التصور(المطلق) واحد؟

يتبنى ياسين موقفاً عقلياً لا-تجريبياً، يحاجج فيه بأن الذات مركب من جانب حسي غريزي وجانب عقلي إرادي، من دوافع وقدرات جسدية ودوافع وقدرات نفسية، مما يجعل الذات فاعلة وتُمكنها من فرض ذاتها وإرادتها على المدركات الخارجية وإستيعابها ومعالجتها والإخبار بها بشكل خصوصي جدًّا، وهو الأمر الذي يسمح بوجود تنوعات لاهوتية عِدة، بل وحتى وجود تنوعات داخل التصور اللاهوتي الواحد على خلاف دائم من تصور المؤسسة التي تتحدث باسم الديانة، ونتيجة لوجود العامل الذاتي الفردي تنشأ العديد من الصدامات بين الذات والذات الاجتماعية، وتتنوع بين التبني والنفي التام.

أما بالنسبة إلى موضوع التصور (الله / المطلق) فالمنحى التجريبي أو الوضعي لا يعتبره معرفة، إنما مجرد إيمان (نزوع تذوقي أو شاعري)، ليُصبح موضوع المعرفة هو فعل الإيمان بالإله وليس الإله نفسه. بالنسبة إلى العقل الديني تعتبر تلك التفرقة شكلاً من أشكال السفسطة اللغوية، لأن الدين لا يُفرق بين المعرفة والإيمان، لكن ياسين يعود فيُسائل العقل التجريبي إن كانت المعرفة تجريبية وحسية بالضرورة، فكيف تتكون لدينا تصورات لاهوتية عن الإله؟ وهنا لا تخبرنا الأنثروبولوجيا كيف تنشأ تلك الأفكار والتصورات، إنما تُخبرنا فقط كيف يتم تناقلها.

ليبقى الوحي هو العنصر الأكثر إشكالية بين العقلين الديني والوضعي، فالعقل الوضعي ينظر للوحي على اعتباره عُنصرًا لاهوتيًا بالأساس؛ بمعنى أن الوحي مفهوم إنساني نابع من داخل الاجتماع، وخاضع لتفاعل الذات مع الإدراكات الخارجية من خلال ملكات الإدراك؛ أي إن الوحي لا يزيد عن كونه علاقة تصاعدية يقوم بها العراف أو الكُهان من خلال ممارسات طقوسية للتنبؤ بالمستقبل والتواصل مع كيان ما مُفترض وتم تطورها، حتى أصبحت في شكلها التوحيدي كما نعرفها، بينما العقل الديني يرفض تلك الرؤية التطورية والاجتماعية ويعتبر أن الوحي هو تواصل مباشر بين الله وشخص بشري مُعيّن خلال لحظة زمانية ومكانية مُحددة، وهو اتصال (هابط) وليس صاعداً كما في ممارسات العرافة والتنجيم ومن ثم لا يمُر بأية مراحل تطورية أوهيمنة اجتماعية، فالعقل الديني لا يكتفي بالفطرة أو التأمل الذاتي، وإنما لا بد من وجود وحي يُسلّم البشر كل تفاصيل الديانة في الاجتماع البشري.

وهنا يقدم ياسين اعتراضه المُجمل على العقلين؛ فالعقل الوضعي لايمكنه اختبار قضية الإيمان (الوحي_الإله) لأنه لا يمتلك أية أدوات تجريبية تمكنه من فحص تلك المعطيات، فيقع في مشاكل موضوعية تُبين تحيزه والبراديغم العلمي الأوروبي الخاضع له وموقفه الخاص من المسيحية، بينما يقع العقل الديني في مشكلة إضفاء الإيمان على وقائع تاريخية واجتماعية لا يملك لها أي توثيق، فيقع في مشكلة (فيض المعنى) يتم عندها الحط من مكانة الإنسان والذات وفاعليتها لصالح المُقدس، وهو خلاف الواقع.

ففي النهاية تُعتبر منهجية ياسين في كتابه اللاهوت موقفاً وسطاً بين الأنثروبولوجيا والفلسفية العقلية؛ فالفلسفة تُبين لنا تناقضات الأنساق لكن لا تشرح مصدرها، بينما تُقَدِّمُ الأنثروبولوجيا لنا مراحل تكون النسق وتطوراته، وبمزجهما معاً يُمكن مقاربة الموضوع بشكل أكثر دقة وأقل تحيُّزًا وتحضر فيه المصادرة في حدودها الدنيا.

اللاهوت العام

اللاهوت بالنسبة إلى عبد الجواد ياسين مجموعة التصورات البشرية عن المُطلق أو هو تعاطي المُطلق داخل الاجتماع، ليتم تناقله والتفاعل معه داخل الحدود الجغرافية والثقافية التي يقع فيها هذا المجتمع أو ذلك، فيُحدد ثلاثة أنساق من التديّن أنتجت اللاهوت التوحيدي العبري كما نعرفه، وهذه الأنساق هي نسق التديّن المصري والكنعاني والميزوبوتامي (نسق ما بين النهرين) حيث يحتوي كل نسق تديّن على عدد من العناصر جرى تطويرها في اللاهوت التوحيدي.

لقد جمع نسق التديّن المصري القديم عددًا كبيرًا من المتناقضات، بين التوحيد التجريدي الخالص وبين التعددية التجسيمية، وبين أول الأفكار عن المعبد والكُهان والعرافين والقصص النشكونية، لكن في قلب تلك التناقضات تقع فكرة الملك الإله؛ فالملك كانت له قوى الآلهة مثل "حو" النطق المقدس و"سيا" المعرفة المقدسة و"حكا" القوة المقدسة والسحر؛ وفي الدولة الحديثة صار تأليه الملك عقيدة راسخة تُوجه إليه العبادة والطقوس، فبمجُرد تتويج الملك يُصبح تجسُّداً للإله أو تجليًا له بحسب ما نعرفه من وثائق، لكنه في نفس الوقت يتحلى بكل الصفات البشرية، أي يُمكننا القول بأنه حلقة الوصل بين البشر والآلهة، نقطة الاتصال بين الذات والموضوع بشكل تصاعُدي، وهي الفكرة التي سوف تتطور إلى النبي مع اللاهوت العبري، ومع وساطة الكُهان والعرافين داخل المعبد أو خارجه في شئون الحياة اليومية تم تنبي فكرة حضور الإله واهتمامه بتفاصيل الحياة اليومية والظروف الاجتماعية، وليس فقط تمجيده خارجها، وهي أيضا الخاصية التي سوف تُميز النسق العبري.

وفي نسق التديّن الكنعاني الأكثر تأثيراً في السياق العبري بحكم الجغرافيا، كانت التعددية هي السمة الغالبة على هذا النسق؛ فالميثولوجية الأوغاريتية تحكي عن الإله "إيل"، وهو إله شخصي يسمى بالقوي والثور والملك، وهو في نفس الوقت رحيم ومقدس، وهو الذي سوف يُعرف فيما بعد بالإله "يهوه" العبراني، ومن نسل إيل خرج بعل وقام بينهما صراع انتهى بهزيمة إيل واستئثار بعل بزوجتيه. حكمت الميثولوجية الكنعانية التصورات البشرية عن الإله، فلكل إله معبد وعدد كبير من الأنبياء المتحدثين باسمه والمتوسطين بينه وبين البشر، وكما يتحدث مرسيا إلياد: "النبوة الوجدية الإسرائيلية تغوص جذورها في الديانة الكنعانية"؛ فمن تلك الممارسة الوجدية وتدوين تاريخ الشعب وأساطيره وهويته سوف ينشأ اللاهوت العبري.

أما فيما يتعلق بنسق تدّين ما بين النهرين، وهو من أهم وأقدم الأنساق في المنطقة وأكثرها تأثيراً نتيجة لتجاور فترة النسق العبري الذي يبدأ بإبراهيم مع فترة تواجد المملكة البابلية في الجنوب والأشورية في الشمال، اشتمل التدين الميزوبوتامي على عدد كبير من المجامع الإلهية وامتزاجها بعناصر طقوسية وممارسة العرافة والتنجيم نتيجة لخبرة سكُان المنطقة بالنجوم والفلك ومعرفتهم الكوزمولوجية، لكن أهم ما ميّز هذا النسق من التدّين هو فكرة "المدينة"، فنشأة المدينة البابلية رافقتها أسطورة نشكونية تحكي حكاية بداية الخلق من العماء (chaos) بالإضافة إلى أهم وثيقة قانونية مكتوبة، فقوانين حمورابي (BC1792- 1750) وفي الوثيقة أمر إلهي صادر لحمورابي بإقامة العدل في الأرض وتسليمه عدد من القوانين، هذة الفكرة التي سوف يتم تطويرها مع الأنبياء العبرانيين لتصبح "الشريعة"، وهي مجموعة القوانين الإلهية لتنظيم حياة شعب الرب كما يراها.

ينتهي ياسين إلى أنه من خلال هذه الأنساق الثلاثة وأهم عناصرها تكونت ثقافة التوحيد الحصري في شكله اليهودي ثم المسيحي والإسلامي، ثم يُحدد ثلاثة عناصر أساسية شكّلت اللاهوت التوحيدي، ومرت بمراحل من التطور والانفصال حتى وصلت إلى الأشكال الثلاثة التي نعرفها، وأهم تلك العناصر التي يُناقشها الكتاب بكثيرمن التوسُّع هي (الشعب_الأنبياء_النص) من خلال مستويان للمقارنة: مضمون الوحي، آليات التواصل.

اللاهوت التوحيدي الخالص

يتأسس اللاهوت التوحيدي في أشكاله الثلاثة على ثلاثة عناصر محددة جرى عمل تخريجات وتموضعات جديدة لها مع كل دين إبراهيمي؛ فالقراءة اللاهوتية والفلسفية تبدأ موضوع الدين من المُطلق لكن القراءة التاريخية تبدأ من نقاط مجتمعية كالشعب والسلطة والدولة وغيرها.

كانت فكرة "الشعب" أو الأمة موضوعاً للوحي العبري من البدايات للدرجة التي يصعب معها تحرير النص التوراتي في بداياته من حمولته الاجتماعية واستخلاص؛ أي رسالة خاصة بالمُطلق، فالرب كان معنياً في المقام الأول بالشعب الإسرائيلي، وليس بأي شعب آخر بشكل مخالف لكل الأنساق السابقة، فالوعد الإلهي لإبراهيم وإسحاق ويعقوب (آباء الشعب) كان مُحدداً في شكله بتكثير الذُرية وتمليكها مساحة من الأرض، وكذلك في قصة الخروج فقد أرسل الرب موسى إلى فرعون، ليطلق شعبه وليس للتبشير بالله أو دعوته إلى الدين ولكن لإنقاذ شعبه فقط، يقول في سفر الخروج: "وتقول له: الرب إله العبرانيين أرسلني إليك قائلاً: أطلق شعبي ليعبدوني في البرية" فالرب لم يكن للشعب المصري ولا لهداية فرعون، وإنما ربّا للشعب اليهودي ومُهلِكًا لكل أعدائه الذين حولوا حياة المصريين إلى جحيم من إطلاق الضفادع والبعوض والذباب وتحويل النهر إلى دماء، فكما يقول ياسين: "كان الشعب غرض الوحي الواضح منذ اللقاء الأول"؛ فقد تبنى الرب هذا الشعب قبل أن يؤمنوا به أو يعرفوه وقال لموسى: "وأما باسمي يهوه فلم أُعرف عندهم" في إشارة لآباء الشعب بأنهم لم يعرفوه، وإنما عرفوه بـ "إيل"، وسوف يستمر تحيّز الرب للشعب حتى بعد استقرارهم في كنعان واختيارهم لملك (شاول) والذي أصبح نبياً، ليس هذا وفقط، وإنما صار مناصراً أوحد للشعب يؤيدهم في جميع حروبهم ومذابحهم التي ارتكبوها ضد ساكني المنطقة من الموآبيين والأراميين.

في الشكل الأول للاهوت التوحيدي العبري كان حضور الاجتماع مُقتصراً على الشعب العبري هو الفكرة الجوهرية التي أخذت في التحول مع المسيحية بوصفها انشقاقًا لاهوتيًا ورسالة عالمية لجميع البشر والشعوب، فالإله العبري كان إلهاً إثنياً مُميِّزاً للشعب ومحدداً لهويته من بين كل الآلهة التي تحدث عنها العهد القديم في صورته الأولى، وهي الملامح التي سوف يتخلص منها لاحقًا، حيث يُصبح مفهوم الأمة الشامل لجميع البشر هو موضوع اللاهوت في المسيحية والإسلام لاحقًا.

ظهر مصطلح "النبي" لأول مرة في السياق العبري، فيصف العهد القديم الوسطاء الروحانيين في ثقافة الكنعانيين بالأنبياء، ويقول: "فالآن أرسل واجمع إلي كُل إسرائيل إلي جبل الكرمل، وأنبياء البعل أربع المئة والخمسين، وأنبياء السواري أربع المئة الذين يأكلون على مائدة إيزابل." يختلف النبي بحسب الاستعمال العبري عن الرائي، فالرائي يتلقى الوحي من الإله من خلال الحلم ويُبلغه للبشر، لكنه لا يتضمن أي مضمون لاهوتي ولا يشير إلى نشاط دعوي، على عكس النبي الذي يتحدث عن رسالة ذات مضمون كلي، إلا أن وظيفة النبي ما زالت تحتوي على خصائص الرائي مثل التنبؤ بالمستقبل والانفعال الوجدي والتواصل عن طريق الأحلام، فبشكل ما كان الأنبياء العبرانيين نموذجًا مُتطورًا من الرائين المنتشرين في تلك المنطقة، إلا أن أهم ما يُميّزهم هو مجيء رسالتهم بمبادرة من الإله. ينقسم الأنبياء العبرانيون إلى أكثر من رتبة (أبناء الأنبياء)، أو ما يمكن تسميتهم بأنبياء القصر، وأنبياء المعبد الذين يعملون مع الكهنة بغرض تأميم نشاط التدين الشعبي واستمرار عمل المؤسسة الكهنوتية التي نشأت قبل الهجرة إلى كنعان، حيث نشأ المعبد لأول مرة وتم تعيين هارون في منصب الكاهن الأكبر وتخصيص المنصب لأبنائه (اللاويين) بالوراثة، تُقام في هذا المعبد طقوس هي أقرب للروح الشرقية التعددية منها إلى التوحيد، حيث يتم تقديم الأضاحي واستطلاع إرادة الرب من خلال القرعة الأشبه بأزلام الجاهلية.

ومن خلال الأنبياء المجاورين للمعبد أوالمنشقين عنه سوف تنهل المسيحية محتوياتها وتحولها إلى كنيسة، حيث لا تعتمد بشكل منفرد على الكتاب المقدس، وإنما على سلطة الكنيسة وتتوقف حاجتها لهذا الكم الكبير من الأنبياء والرائين، وتنتهي الحاجة لضرورة إصدار التحذيرات من الأنبياء المزيفين الذين يرسلهم الرب لاختبار الشعب.

وأما "النص"، فكان ظاهرة فريدة من نوعها في التدين العبري مقارنة بكل سياقات التدين التي عاصرها، سواء المصرية أو البابلية او الكنعانية، على الرغم من توافر عدد لا بأس به من الكتابات الدينية في تلك الأنساق، إلا أن نوعية تلك النصوص كانت مختلفة في عدد كبير من العناصر عن نص العهد القديم؛ فالنص العبري يُعتبر وثيقة نهائية موحى بها من السماء إلى عدد معين من الأنبياء تحتوي على شرائع وطقوس ولاهوت.

للبحث عن أصل ظاهرة النص هناك طريقتان يمكننا استعمالهما؛ الأولى هي البحث الأركيولوجي والتاريخي للنص، والثانية هي الطريقة الكتابية من داخل النسق عن طريق النقد النصي.

بحسب الرواية التوراتية التي ستنتقل إلى المسيحية والإسلام، فالكتاب موجود قبل دخول كنعان، حيث تسلم موسى لوحي الشهادة على جبل سيناء، وبعدها سوف يكتب موسى وصايا الرب "الشريعة" التي سوف يسلمها للكهنة. أما تاريخيًا وبحسب أغلبية الوثائق الأركيولوجية، تعتبر الفترة التي تم فيها جمع المادة النصية (من مصادرها من مملكتي الشمال والجنوب) وتدوينها تتراوح بين القرنين السابع والخامس قبل الميلاد قبل وأثناء وبعد السبي البابلي، وتحديداً مع صعود حركة الإصلاح الديني لمملكة يهوذا التي قادها الملك يوشيا، وليست وليدة القرن الرابع عشر قبل الميلاد كما يدعيّ الكتاب، إنما هي ناتجة من التأثيرات الفارسية الزرادشتية التي شكّلت أهم ملامح الكتاب المقدس العبري.

خلال مراحل التدوين الأولى (القرن السابع) والثانية (القرن الخامس) والثالثة الأخيرة (نهاية القرن الأول الميلادي) لم يكن للنص سُلطة بوصفه شهادة إيمانية نهائية للشعب، وإنما أصبح يمتلك تلك السُلطة من بعد إغلاق الكتاب وانتهاء فترة الأنبياء، عندها فقط أصبح مُعطى معرفيًا ثابتًا غير زمني يحتل موقع الصدارة بوصفه المصدر الأول للتدين والبوصلة الثقافية الأولى للجماعة بشكل يجعلها تستعصي على الرجوع للأصل التاريخي الاجتماعي في شكله الأول.

في سياق اللاهوت الإسلامي

"النفي نزوع اعتيادي في الوعي الديني عموماً، حيث تستغرق نقاط التناقض علاقات الأفكار، وهو ما يؤدي إلى صرف الأنظار عن الأرضية الدينية المشتركة التي ينطلق منها دائماً كل لاهوت جديد"

في حديث ياسين عن اللاهوت الإسلامي، فإنه يبدأ بالبحث في الأرضية المشتركة سواء العربية السامية أو التوحيدية التي انطلق منها؛ فيقسم ذلك البحث إلى ثلاث فترات: مرحلة ما قبل التأسيس، ومرحلة اللاهوت المكي، ومرحلة اللاهوت المدني.

في مرحلة ما قبل التأسيس يبحث الثقافة العربية الجاهلية وعلاقتها بالأصنام ونسق قريش القيمي (الحمس) المرتبط بأخلاقيات تجارية واضحة، لمركزية قريش وعلاقاتها التجارية بالإمبراطوريات المجاورة، وهي الأخلاقيات التي سوف يتطور منها اللاهوت الجديد بالإضافة للطقوس العربية كالطواف بالكعبة وغيرها؛ فمن خلال رد هذة الطقوس والأخلاقيات وحتى أوليات اللاهوت التوحيدي في معرفة الإله الواحد إلى الديانة الحنيفية ديانة إبراهيم التي انحرف عنها الجاهليون نشأ اللاهوت الجديد، في البداية من الصدام المباشر مع المشركين من خلال (لا إله إلا الله)، وفي المرحلة المدنية حيث تم الصدام مع اليهود، على الرغم من حضور المؤثر اليهودي من البدايات والاقتباس المباشر للقصص بعد تخليصه من الجوانب الوثنية.

في مرحلة القرآن المكي يبدأ الخطاب موجهًا لأصحاب التشكيلة الاجتماعية المشتركة، فمن خلال (فليعبدوا رب هذا البيت) تتم دعوة المشركين إلى الإله التوحيدي الذي يدينون به (بحسب الرواية الإسلامية)، ثم يتصاعد الصدام تدريجيًا، وهي الفترة التي تلت مرحلة نزول الوحي وبداية فترة نبوة على النمط العبراني.

وفي مرحلة القرآن المدني تنتقل الآيات لمعالجة أحوال الجماعة المسلمة بدلاً من أصول اللاهوت، إذ تبدأ في معالجة الأمة المسلمة ووقائع حياتها التفصيلية ذات الطابع التشريعي، وهو الأمر الناتج عن حدوث تطور مباشر لظروف سياسية واجتماعية، وضرورة لمواجهة خصم ديني وسياسي جديد ممثل في اليهود، وهو الدافع نفسه لتبلور شبه حكومة بتشريع إلهي من السماء لصالح جماعة المؤمنين.

على الرغم من أن هذا التطور فعل اجتماعي سوف يُسجله النص، لكنه سيكتسب صفة الإطلاقية ويحتوي عناصر غير قابلة للتغير، صالحة لكل زمان ومكان، بنفس الكيفية التي تم بها إغلاق النص التوارتي، ليكتسب سلطة لا ترى الفعل الإنساني أو الظرف الذي أنتج نظام الدولة الداخلة في الديانة على نمط حكم داوود وأبنائه تبعاً للوعد الذي أعطاه الرب للآباء.

ملاحظات نقدية

ثم مسيرة استكمالية، إن جاز التعبير، في هذا الكتاب يقوم بها عبد الجواد ياسين، وهي الفكرة التي وجدت جذورها واستخلاصاتها الأوليَّة في كتابه "الدين والتدين" بغرض تقديم سردية تاريخية لفكرة الدين نفسها وفض الالتباس بين الاثنين، حيث ينتمي الدين إلى المطلق (المقدس_الأخلاق)، وينتمي التدين إلى التصورات البشرية المتأثرة بحضور المطلق داخل الاجتماعي البشري (اللاهوت)، بالتالي، يصبغ العامل البشري والاجتماعي التدين بصبغته الخاصة كما أوضحنا، لكن ياسين يقع في مغالطتين على وجه التحديد يمكن الاحتجاج بهما على مجمل عمله في كتاب اللاهوت.

النقطة الأولى هنا هو أن ياسين يقدم بحثه، باعتباره أنثروبولوجية فلسفية، ويخص العقل الوضعي الأنثروبولوجي بوصفه أحد طرفي النقيض الجدلي، إلا أننا لا نجد بحثاً أنثروبولوجياً عملياً دقيقاً؛ فما يوجد هنا هو مزيج من مبحث أركيولوجي كما قدمه فنكلشتاين في (bible unearthed) حيث بحث في أهم منجزات علم الحفريات النصي، وللتأكد من نتائج علم النقد النصي المُلتزم بالروايات التوراتية الكتابية يلجأ الباحث إلى المقاربة بين النص وبين الأحفورة للدلالة على صحتها أو أقرب شيء للحقيقة، لكن هذا المنهج لا يعتبر أنثروبولوجيًا بأي شكل ممكن لعدم الالتزام بالقواعد العلمية في البحث مثل المسح الإثنوغرافي واللغوي، وسبب عجزنا عن وجود مثل هذا البحث الأنثروبولوجي المتكامل هو غياب الشعب الأصلي الذي سكن تلك المنطقة من 1400 عام قبل الميلاد، بينما ما زالت هناك شعوب في أمريكا الجنوبية على نفس حالها من عشرات آلاف السنين، وإنما يعتبر ياسين الأبحاث الأركيولوجية المختلطة بروح تطورية (غير علمية) على أنها أنثروبولوجية علمية.

النقطة الثانية هنا، هي الطرف الآخر من الجدلية، وهو الطرف الفلسفي العقلاني الذي يتبناه ياسين من عقلانية كانط وغيره؛ فالعامل الفلسفي هنا يشوش علينا البحث عن سؤال ضروري جدًّا، فإن كانت لدى الأغلبية من الشعوب تصور عن إله مطلق لا يمكن معرفته بعيداً عن الرموز والتمثيلات اللغوية والأسطورية والإحيائية، فكيف توصلت تلك الشعوب إلى هذا التصور عن إله مطلق في معزل عن القصص الكتابية الحديثة جدّاً مقارنة بالعمر البشري القديم؟
الترتيب:

#158

0 مشاهدة هذا اليوم

#77K

2 مشاهدة هذا الشهر

#99K

1K إجمالي المشاهدات