📘 ❞ الحداثة اللامتناهية الشبكية: آفاق بعد ما بعد الحداثة؛ أزمنة النص ميديا ❝ كتاب ــ هاني جازم الصلوي اصدار 2016

الفكر والفلسفة - 📖 كتاب ❞ الحداثة اللامتناهية الشبكية: آفاق بعد ما بعد الحداثة؛ أزمنة النص ميديا ❝ ــ هاني جازم الصلوي 📖

█ _ هاني جازم الصلوي 2016 حصريا كتاب ❞ الحداثة اللامتناهية الشبكية: آفاق بعد ما الحداثة؛ أزمنة النص ميديا ❝ عن أروقة للدراسات والنشر 2024 ميديا: يتكون الكتاب من إهداء وخاتمتين وضعهما المؤلف مقدمة ثم تسعة فصول وبعض الملحقات وأخيرًا جاءت المقدمة نهاية وقد عناوين الفصول كالتالي: المتن الرقمية بين إشكاليتي الورقية وهدم الأطر الفلسفية والنقدية الحداثة الشبكية نافذة فوضى الكائنات ما لا يعنيه اللاتناهي الشبكي: صراحة الفضيحة وهم العمق الحداثة وما بعدها: تفاوض غير مجدٍ اللاتناهي انهيار المثقف وبروز مجتمع الإعلام الاستهلاك الفن اللامتناهي الشبكي ما قبل الحداثة جدليات اللامجتمع: اللامجتمع الافتراضي – المعتمد المتون اللامتوازية مقدمة: يناقش “الحداثة الشبكية” مرحلة “ما الحداثة” وصعود جديدة وهي “بعد ويرى أن هي إلا الحياة الرقمية التي أصبحنا نعيشها خلال شبكة الإنترنت أصبحت متاحة للجميع وهكذا يحاول تقديم رؤيته لـ”بعد تحت مُسمى ليرصد انتقال الحركة الإنسانية إلى الفضاء الرقمي؛ فاللامتناهي الشبكي يشير اللامحدودة واللانهائية شكلت مجتمعا افتراضيا فاعلا يمارس أفراده حياتهم بشكل طبيعي فعلي وبالتالي يناقش كيف أصبح شكل الإنسان والمجتمع ظل هو تأثير الفكر الرقمي كلٍ التعليم والسياسة والإعلام واللغة وقد نوه أنه يمكن قراءة أي فصل أو مبحث يريده القارئ دون يؤثر هذا فهمه تسلسل ولذلك لم تلتزم هذه المراجعة بترتيب الوارد بل ناقشت الأفكار المهمة الواردة نقاط محددة بعد الحداثة؟ في الفترة الأخيرة بدأ منظرو مثل إيهاب حسن وليندا هتشيون يتحدثون انتهاء لكنهم يقدموا نظرية اتجاهًا جديدًا يحل محل تلك المرحلة المنتهية بينما قدّم باحثون آخرون بعض النظريات السياسة والفلسفة ونسبوها حسب تسميتهم وهذه منها عاد الاتجاهات القديمة ومنها ركّز البُعد حداثة آلان كيربي أكدت وبداية صعيدٍ آخر هناك الأحدث والتي تصرح بانتمائها لأنها ابتعدت تنظيراتها التفكير الزمني ولكنها تدور حول التكنولوجيا والحيوات أنتجتها وربما انتمت أما المستوى العربي فقد حاول الباحثين العودة التراث أجل صياغة نقدية محاولة عبد العزيز حمودة كتابه “المرايا المحدبة” “الخروج التيه” المحاولات تنتمي محاولات محمد سناجلة وسعيد يقطين فيرى أنها لمرحلة نظرة حاسوبية صرفة؛ بمعنى تركز الحاسوب كأداة بقيت الرؤى العربية حبيسة المراحل السابقة نظر ويرجع السبب عدم ظهور متكاملة حتى الآن تتعلق بالبعد التقني المعلوماتي وجهة الكاتب الثورة (وبعدها المعلوماتية) أربكت العلوم إرباكًا شديدًا؛ فالمجتمع الذي كان علم الاجتماع يدرسه يندثر ليظهر بدلًا عنه مجتمعًا افتراضيًا معلوماتيًا بمسلماته الاجتماعية المختلفة تغير كل شيء مع الإنترنت؛ فظهر فضاء رقمي ومعلوماتي جديد وهو اخترعناه كبشر ففُرِض علينا ظهر “الفرد الإنترنتي” المتصل بالشبكة طوال الوقت وظهر أيضًا “اللامجتمع المآل” افتراضي موازٍ للمجتمع الواقعي يسميه “المجتمع المعتمد” ولذلك يطرح ويؤكد تمثّل والشبكية أتاحها وجود بعوالمها اللانهائية يصفها بأنها مشيرًا عصر المعلومات بُعده الألفيني تتضمن رؤية “آليات والفعل تحركها اللاخطية والتشعبية وانتهاء المفاهيم النصية التقليدية” [2] ذلك يدرك جيدًا ليست فضلا تكون مكتملة وإنما لتقريب والتعمق الجديدة تاريخية حتى نستطيع فهم يأخذنا جولة بعدها لنتتبع الجذور التاريخية أفضت بنا الحالية فكانت البداية غيرت بما فيها مفاهيم التاريخ والإنسان وأصبح فاعلًا ومسئولًا ومسخرًا للعمل والإنتاج يتعامل الطبيعة بميكانيكية شديدة الآلة الصناعية قامت الفردية والعقلانية والوضعية والاعتماد العلم كما آمنت بفكرة التقدم الخطي تطور الإنساني لأخرى تصاعدي ثم كرد فعل معارض للحداثة لتعلن رفضها الصريح لكل به انقسم فريقين فيما يخص العلاقة فريق يرى حركة تقوم نفي ورفض مبادئها الفريق الآخر تعكس نوعًا خاصًا التأزم مسيرة وقسّم ليمرت المفكرين الحداثيين ثلاث فئات: الراديكاليون الذين يعتبرون شيئا ينتمي للماضي أمثال ليوتار وبورديار وإيهاب والاستراتيجيون يعتمدون اللغة والخطاب تحليلاتهم ويرفضون فكرة المركزية القيم الشمولية ميشيل فوكو وجاك دريدا وأخيرا الحداثيون المتأخرون ينقدون الأنساق يرفضون يحاولون فقط تجديدها هابرماس بالقضاء الصرامة والعقل والخطية حطمت مفهوم الزمن وفكرة وبشّرت بالنسبية واللاثبات واللايقين وهذا عجّل فضاءات والانتقال خائفين (المتمثل وقتها الكمبيوتر) تمثله خطر ولكنّ بعضهم اقتراحات أرهصت بالعصر ففي أواخر القرن الماضي الحديث ومن أوائل أشاروا ذلك: مقاله “تجاوز الحداثية” هاتشون وهناك مَن كحاضن وجيل دولوز ليبوفيتسكي الجانب أشار جان بودريار الفائق” ليبدأ الفائق الثمانينيات والتسعينيات القنطرة الحقيقية و”بعد يدخل ضمن النقاشات موت (وليس نهايتها) وهكذا يعني ميلاد يراها قابلة للتصنيف الصعب حصرها نظريات وبدأ المنظرون يضعون والرؤى الحداثة”؛ “عصر الألفية” و”ما العلمانية” المغايرة” الزائفة الرقمية” “التلبيدية” “التعقيدية” الآلية” “الأدائية” المتذبذبة” لكن معظم باستثناء والفائقة والتعقيدية والحداثة الآلية بعضها لبعد وينتمي معطيات العصر كما يوجد تنظيرات عربية “نقلت جملة بوعي عميق ومختلف ككتابات نبيل علي مثلًا وأحمد أبو زيد والسيد ياسين دراسة رحومة (الإنترنت والمنظومة التكنو اجتماعية)” [3] بالتالي الانتقال يعتبرها ردة ونتيجة حتمية الحداثية هنا يقدّم عنوان ليعبّر الواسع واللامتناهي قيام بصورة زمنية؛ “فبعد الما ليس المفتوح…هناك حداثات لانهائية وغير محدثة” [4] في الجولة المهم الإشارة التقنية تشير معانٍ مختلفة مرحلة؛ كانت اخترعها تساعده المجالات كالصناعة والزراعة والطباعة فتشير البعد البرامجي للتكنولوجيا كأجهزة التلفاز والحاسوب فإن تتعدى لتدل تشابك العالم والمعلوماتي (الإنترنت) يقترح للتعبير اليومية جديدة يحاول بلورة ويصك مصطلح ليعرض خلاله لتحولات المرحلة؛ فيحدثنا الإنترني وعن المجتمع الفلسفة والتعليم والنصوص لكنه يحدد مفهومًا محددًا للاتناهي الإحاطة بمفهوم كهذا أصلًا لأن متناهي محدود يصعب حصره محدد عرض يقوم بالمقارنة الوضع الحداثي وبين لتتضح التغيرات أحدثها (أ) الشبكية بدأ يعيش حياة “أجد” ارتباطه بالإنترنت فأصبح اليوم النظر للكائن بعيدًا مساراته التكنولوجية لدينا دائما بشبكة والذي يحترم التراتبية فهو فاعل “داخل دوامة انكسار الأدوار الاجتماعية” الشبكة بحرية وتجرد يعرف سن عرق الأشخاص المقابلين له نوع الفوضى وعدم الثبات يُقدّم الفعل التأمل السطح فلا يتعمق كله نتيجة السرعة الفائقة للحياة إيجابي وفاعل مهزوم يشعر بالحرية والاستقلالية والثقة النفس سمحت بالإنجاز والتحكم جهاز إلكتروني والعمل بالنسبة للإنسان لتحقيق متطلبات الواجبات الوطنية الأسرية إن العمل يكون تحقيق متعته الخاصة يعمل ليستمتع وليُمضي يعد يخضع لسلطة مؤسسة رقيب توجهه تشاء فالفرد قائد نفسه أنفسه المتعددة الموجودة يؤكد بمسئوليته نبعت استقلاليته فإذا يائسًا ومهزومًا نجده متفائلًا وواثقًا قدراته؛ منحت الشبكيةُ الإنسانَ إحساسا بالسيطرة والإنجاز بسبب التدفق اللامحدود للمعلومات فتح أمامه خيارات وبدائل نهائية ويبدو متفائل بالوضع الجديد حيث يتوفر لديه قدر كبير الاستقلالية والحرية بالنفس تخلّص السلطات تكبل حركته فلم تعد الدولة قادرين إحكام سيطرتهم عليه (الشبكة اللامتناهية) يزوده بقدر والأخبار ويفسح المجال لتبني هويات يفترض قادرا التوصل والمعارف بنفسه مالكا لأمره يستطيع أحد التحكم فيه لكن ربما تسرّع تفاؤله غالى فيه؛ فكيف التعامل القدر اللانهائي الحرية؟ يضمن لنا قادر المقدار الكبير الحرية بحكمة وبشكل صحيح؟ وكيف الكم الإشاعات والمعلومات الخاطئة؟ جهةٍ أخرى نرى بوضوح يتحرر كامل فمازال العديد الجهات تحاول السيطرة بالإنسان الشركات المتحكمة المواقع خاصةً مواقع التواصل الاجتماعي يستخدمها الناس بكثافة تهدف للربح وتوجيه الأفراد المجتمعات يتم استغلاله قِبل الدول تستخدم للترويج لبعض الرأي العام العالمي الإخبارية انتقلت لازالت استراتيجيات التلاعب والتعتيم تمارسها سابقا لذلك التسرع نظن تحرر قيوده مجئ مجاناً PDF اونلاين ترتيب أمور معلومة للتأدي مجهول ويُستخدم الدراسات المتعلقة بالعقل البشري ويشير قدرة العقل تصحيح الاستنتاجات بشأن حقيقي واقعي وبشأن كيفية حل المشكلات ويمكن تقسيم النقاش المتعلق بالفكر مجالين واسعي النطاق وفي هذين المجالين استمر استخدام المصطلحين "الفكر" و"الذكاء" كمصطلحين مرتبطين ببعضهما البعض الفلسفة (لغويا اليونانية φιλοσοφία‏ philosophia تعني حرفيًا "حب الحكمة") الأسئلة العامة والأساسية الوجود والمعرفة والقيم والاستدلال غالبًا تطرح كمسائل لدراستها حلها صاغ "فيلسوف (محب الحكمة)" الفيلسوف وعالم الرياضيات فيثاغورس (570 495 الميلاد) تشمل الأساليب الاستجواب والمناقشة النقدية والحجة المنطقية والعرض المنهجي وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
 الحداثة اللامتناهية الشبكية: آفاق بعد ما بعد الحداثة؛ أزمنة النص ميديا
كتاب

الحداثة اللامتناهية الشبكية: آفاق بعد ما بعد الحداثة؛ أزمنة النص ميديا

ــ هاني جازم الصلوي

صدر 2016م عن أروقة للدراسات والنشر
 الحداثة اللامتناهية الشبكية: آفاق بعد ما بعد الحداثة؛ أزمنة النص ميديا
كتاب

الحداثة اللامتناهية الشبكية: آفاق بعد ما بعد الحداثة؛ أزمنة النص ميديا

ــ هاني جازم الصلوي

صدر 2016م عن أروقة للدراسات والنشر
عن كتاب الحداثة اللامتناهية الشبكية: آفاق بعد ما بعد الحداثة؛ أزمنة النص ميديا:
يتكون الكتاب من إهداء وخاتمتين وضعهما المؤلف في مقدمة الكتاب، ثم تسعة فصول، وبعض الملحقات، وأخيرًا جاءت المقدمة في نهاية الكتاب. وقد جاءت عناوين الفصول كالتالي:

المتن

الرقمية بين إشكاليتي الورقية وهدم الأطر الفلسفية والنقدية

الحداثة اللامتناهية الشبكية.. نافذة على فوضى الكائنات

ما لا يعنيه اللاتناهي الشبكي: صراحة الفضيحة، وهم العمق

الحداثة وما بعدها: تفاوض غير مجدٍ

اللاتناهي الشبكي: انهيار المثقف وبروز مجتمع ما بعد الإعلام وما بعد الاستهلاك

الفن اللامتناهي الشبكي

ما قبل بعد ما بعد الحداثة، الحداثة، بعد ما بعد الحداثة

جدليات اللامجتمع: اللامجتمع الافتراضي – المعتمد – المتون اللامتوازية

مقدمة:

يناقش كتاب “الحداثة اللامتناهية الشبكية” نهاية مرحلة “ما بعد الحداثة” وصعود مرحلة جديدة وهي “بعد ما بعد الحداثة”، ويرى المؤلف أن بعد ما بعد الحداثة ما هي إلا الحياة الرقمية التي أصبحنا نعيشها من خلال شبكة الإنترنت بعد أن أصبحت متاحة للجميع. وهكذا يحاول المؤلف تقديم رؤيته لـ”بعد ما بعد الحداثة” تحت مُسمى “الحداثة اللامتناهية الشبكية” ليرصد انتقال الحركة الإنسانية إلى الفضاء الرقمي؛ فاللامتناهي الشبكي يشير إلى شبكة الإنترنت اللامحدودة واللانهائية التي شكلت مجتمعا افتراضيا فاعلا يمارس أفراده حياتهم بشكل طبيعي فعلي على الإنترنت. وبالتالي يناقش المؤلف كيف أصبح شكل الإنسان والمجتمع في ظل الحداثة اللامتناهية الشبكية، وما هو تأثير الفكر الرقمي الشبكي على كلٍ من التعليم والسياسة والإعلام واللغة.

وقد نوه المؤلف أنه يمكن قراءة الكتاب من أي فصل أو مبحث يريده القارئ دون أن يؤثر هذا على فهمه أو تسلسل الكتاب، ولذلك لم تلتزم هذه المراجعة بترتيب الفصول الوارد في الكتاب، بل ناقشت الأفكار المهمة الواردة في نقاط محددة.

بعد ما بعد الحداثة؟

في الفترة الأخيرة، بدأ منظرو “ما بعد الحداثة” مثل إيهاب حسن وليندا هتشيون يتحدثون عن انتهاء مرحلة “ما بعد الحداثة”، لكنهم لم يقدموا نظرية أو اتجاهًا جديدًا يحل محل تلك المرحلة المنتهية. بينما قدّم باحثون آخرون بعض النظريات في السياسة والفلسفة والإعلام ونسبوها إلى مرحلة “بعد ما بعد الحداثة” على حسب تسميتهم، وهذه النظريات منها ما عاد إلى بعض الاتجاهات القديمة، ومنها ما ركّز على البُعد الرقمي مثل حداثة آلان كيربي الرقمية التي أكدت انتهاء ما بعد الحداثة وبداية الحداثة الرقمية. على صعيدٍ آخر، هناك بعض الاتجاهات الأحدث والتي لم تصرح بانتمائها لـ”بعد ما بعد الحداثة” لأنها ابتعدت في تنظيراتها عن التفكير الزمني، ولكنها تدور حول التكنولوجيا والحيوات الأحدث التي أنتجتها الرقمية، وربما انتمت هذه الاتجاهات إلى مرحلة بعد ما بعد الحداثة. أما على المستوى العربي، فقد حاول بعض الباحثين العودة الى التراث من أجل صياغة نظرية نقدية مثل محاولة عبد العزيز حمودة في كتابه “المرايا المحدبة” ثم كتابه “الخروج من التيه”، ويرى المؤلف أن هذه المحاولات لا تنتمي إلا إلى مرحلة الحداثة. أما محاولات محمد سناجلة وسعيد يقطين فيرى المؤلف أنها تنتمي لمرحلة ما بعد الحداثة لأنها نظرة حاسوبية صرفة؛ بمعنى أنها تركز على الحاسوب كأداة لا الإنترنت اللامتناهي. وهكذا بقيت الرؤى العربية حبيسة المراحل السابقة في نظر المؤلف.

ويرجع السبب في عدم ظهور نظرية متكاملة حتى الآن تتعلق بالبعد التقني أو حتى المعلوماتي -من وجهة نظر الكاتب- إلى أن الثورة الرقمية (وبعدها المعلوماتية) أربكت العلوم الإنسانية إرباكًا شديدًا؛ فالمجتمع الذي كان علم الاجتماع يدرسه بدأ يندثر ليظهر بدلًا عنه مجتمعًا افتراضيًا معلوماتيًا بمسلماته الاجتماعية المختلفة. وهكذا، تغير كل شيء مع ظهور الإنترنت؛ فظهر فضاء رقمي ومعلوماتي جديد، وهو فضاء اخترعناه كبشر ففُرِض علينا، وبالتالي ظهر “الفرد الإنترنتي” المتصل بالشبكة طوال الوقت، وظهر أيضًا “اللامجتمع المآل” وهو مجتمع افتراضي موازٍ للمجتمع الواقعي الذي يسميه الكاتب “المجتمع المعتمد”.

ولذلك، يحاول المؤلف في هذا الكتاب أن يطرح رؤيته لمرحلة بعد ما بعد الحداثة، ويؤكد أن بعد ما بعد الحداثة تمثّل الحياة الرقمية والشبكية التي أتاحها وجود شبكة الإنترنت بعوالمها اللانهائية، ولذلك يصفها بأنها “الحداثة اللامتناهية الشبكية” مشيرًا إلى عصر المعلومات في بُعده ما بعد الألفيني. هذه الحداثة اللامتناهية الشبكية تتضمن رؤية إلى “آليات جديدة في التفكير والفعل تحركها اللاخطية والتشعبية وانتهاء المفاهيم النصية التقليدية”.[2] مع ذلك، يدرك المؤلف جيدًا أن رؤيته تلك ليست نظرية فضلا عن أن تكون نظرية مكتملة، وإنما هي محاولة لتقريب المفاهيم والتعمق في رؤية المرحلة الجديدة.

بعد ما بعد الحداثة؛ نظرة تاريخية

حتى نستطيع فهم مرحلة “بعد ما بعد الحداثة”، يأخذنا المؤلف في جولة بين الحداثة وما بعدها لنتتبع الجذور التاريخية التي أفضت بنا إلى المرحلة الحالية. فكانت البداية مع الحداثة التي غيرت كل المفاهيم بما فيها مفاهيم التاريخ والفلسفة والإنسان، وأصبح الإنسان فاعلًا ومسئولًا ومسخرًا للعمل والإنتاج، يتعامل مع الطبيعة بميكانيكية شديدة من خلال الآلة الصناعية. وقد قامت الحداثة على الفردية والعقلانية والوضعية والاعتماد على العلم، كما آمنت بفكرة التقدم الخطي بمعنى تطور التاريخ الإنساني من مرحلة لأخرى بشكل تصاعدي.

ثم جاءت “ما بعد الحداثة” كرد فعل معارض للحداثة لتعلن رفضها الصريح لكل ما جاءت به الحداثة. وقد انقسم منظرو ما بعد الحداثة إلى فريقين فيما يخص العلاقة بين الحداثة وما بعدها: فريق يرى أن حركة ما بعد الحداثة تقوم على نفي الحداثة ورفض كل مبادئها، بينما الفريق الآخر يرى أن ما بعد الحداثة تعكس نوعًا خاصًا من التأزم في مسيرة الحداثة. وقسّم ليمرت المفكرين ما بعد الحداثيين إلى ثلاث فئات: الراديكاليون الذين يعتبرون الحداثة شيئا ينتمي للماضي من أمثال ليوتار وبورديار وإيهاب حسن، والاستراتيجيون الذين يعتمدون على اللغة والخطاب في تحليلاتهم ويرفضون فكرة المركزية أو القيم الشمولية من أمثال ميشيل فوكو وجاك دريدا، وأخيرا الحداثيون المتأخرون الذين ينقدون الأنساق الشمولية لكنهم لا يرفضون مفاهيم الحداثة بل يحاولون فقط تجديدها مثل هابرماس. وقد قامت “ما بعد الحداثة” بالقضاء على الصرامة والعقل والخطية، كما حطمت مفهوم الزمن وفكرة المركزية، وبشّرت بالنسبية واللاثبات واللايقين، وهذا -كما يرى المؤلف- ما عجّل في ظهور فضاءات اللامتناهي الشبكي والانتقال إلى “بعد ما بعد الحداثة”.

وقد ظل منظرو ما بعد الحداثة خائفين من التكنولوجيا (المتمثل وقتها في الكمبيوتر) وما تمثله من خطر على الإنسان، ولكنّ بعضهم قدّم اقتراحات أرهصت بالعصر الرقمي اللامتناهي. ففي أواخر القرن الماضي، بدأ بعض المفكرين في الحديث عن انتهاء مرحلة ما بعد الحداثة، ومن أوائل من أشاروا إلى ذلك: إيهاب حسن في مقاله “تجاوز ما بعد الحداثية” وليندا هاتشون. وهناك مَن بدأ الحديث عن التكنولوجيا كحاضن جديد مثل ليوتار وجيل دولوز وجيل ليبوفيتسكي. على الجانب الآخر أشار جان بودريار إلى “المجتمع الفائق” ليبدأ الحديث عن الفكر الفائق، ويرى المؤلف أن مرحلة الفكر الفائق -خلال نهاية الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي- هي القنطرة الحقيقية بين “ما بعد الحداثة” و”بعد ما بعد الحداثة”، كما يدخل ضمن القنطرة تلك النقاشات أو النظريات حول موت ما بعد الحداثة (وليس نهايتها).

وهكذا، كان موت “ما بعد الحداثة” يعني ميلاد “بعد ما بعد الحداثة” التي يراها المؤلف غير قابلة للتصنيف ومن الصعب حصرها في نظريات محددة. وبدأ المنظرون يضعون بعض النظريات والرؤى التي تنتمي لمرحلة “بعد ما بعد الحداثة”؛ مثل “عصر ما بعد الألفية”، و”ما بعد العلمانية”، “الحداثة المغايرة”، “الحداثة الزائفة أو الرقمية”، “التلبيدية”، “التعقيدية”، “الحداثة الآلية”، “الأدائية”، “الحداثة المتذبذبة”. لكن المؤلف يرى أن معظم هذه النظريات تنتمي إلى ما بعد الحداثة باستثناء الحداثة الرقمية والفائقة والتعقيدية والحداثة الآلية والتي ينتمي بعضها لبعد ما بعد الحداثة وينتمي بعضها الآخر إلى معطيات العصر الفائق.

كما يوجد تنظيرات عربية “نقلت جملة من مفاهيم بعد ما بعد الحداثة بوعي عميق ومختلف ككتابات نبيل علي مثلًا وأحمد أبو زيد والسيد ياسين أو دراسة علي رحومة (الإنترنت والمنظومة التكنو-اجتماعية)”.[3]

بالتالي، بدأ الانتقال إلى مرحلة “بعد ما بعد الحداثة” -مع عصر المعلومات/الإنترنت- التي لا يعتبرها المؤلف ردة فعل على “ما بعد الحداثة” وإنما تطور طبيعي ونتيجة حتمية لكل الرؤى السابقة الحداثية وما بعد الحداثية، ومن هنا يقدّم رؤيته لمرحلة بعد ما بعد الحداثة تحت عنوان “الحداثة اللامتناهية الشبكية” ليعبّر عن الانتقال إلى فضاء الإنترنت الواسع واللامتناهي. ويرى المؤلف أنه مع قيام اللامتناهي الشبكي أصبح من الصعب الحديث بصورة زمنية؛ “فبعد الما بعد ليس إلا اللامتناهي المفتوح…هناك حداثات لانهائية وغير محدثة”.[4]

في نهاية هذه الجولة التاريخية، من المهم الإشارة إلى أن الآلة أو التقنية -حسب المؤلف- تشير إلى معانٍ مختلفة في كل مرحلة؛ ففي الحداثة كانت التقنية تشير إلى الآلة التي اخترعها الإنسان والتي تساعده في المجالات المختلفة كالصناعة والزراعة والطباعة، أما التقنية في ما بعد الحداثة فتشير إلى البعد البرامجي للتكنولوجيا كأجهزة التلفاز والحاسوب، وأخيرا فإن التقنية تتعدى ذلك في ظل بعد ما بعد الحداثة لتدل على تشابك الحاسوب مع العالم الافتراضي والمعلوماتي (الإنترنت)، ولذلك يقترح المؤلف مفهوم الشبكية بدلًا من التقنية للتعبير عن تشابك التكنولوجيا مع الحياة اليومية في عصر بعد ما بعد الحداثة.

بعد ما بعد الحداثة؛ رؤية جديدة

يحاول المؤلف بلورة رؤيته لمرحلة بعد ما بعد الحداثة ويصك مصطلح “الحداثة اللامتناهية الشبكية” ليعرض من خلاله رؤيته لتحولات هذه المرحلة؛ فيحدثنا عن الإنسان الإنترني، وعن شكل المجتمع الافتراضي، وعن الإعلام، وعن الفلسفة والتعليم واللغة والنصوص في ظل الحداثة اللامتناهية الشبكية. لكنه لم يحدد مفهومًا محددًا للاتناهي الشبكي، ويرى أنه لا يمكن الإحاطة بمفهوم كهذا أصلًا لأن الفضاء الشبكي غير متناهي وغير محدود وبالتالي يصعب حصره في مفهوم محدد. ولذلك، في محاولة عرض رؤيته حول اللاتناهي الشبكي، يقوم المؤلف بالمقارنة بين الوضع ما بعد الحداثي وبين الوضع بعد ما بعد الحداثي لتتضح التغيرات التي أحدثها اللاتناهي الشبكي.

(أ) الإنسان والمجتمع في الحداثة اللامتناهية الشبكية

بدأ الإنسان يعيش في حياة “أجد” بعد ارتباطه بالإنترنت، فأصبح من الصعب اليوم النظر للكائن الإنساني بعيدًا عن مساراته التكنولوجية اللانهائية. وهكذا، أصبح لدينا الإنسان اللامتناهي الشبكي -المتصل دائما بشبكة الإنترنت-، والذي لا يحترم التراتبية الاجتماعية، فهو فاعل “داخل دوامة انكسار الأدوار الاجتماعية”، بمعنى أنه يعيش على الشبكة بحرية وتجرد دون أن يعرف سن أو عرق الأشخاص المقابلين له على الشبكة. هذا الإنسان يعيش في نوع من الفوضى وعدم الثبات، يُقدّم الفعل على التأمل، كما أنه يعيش على السطح فلا يتعمق في أي شيء، وهذا كله نتيجة السرعة الفائقة للحياة على الإنترنت. هذا الإنسان إيجابي وفاعل وغير مهزوم، كما أنه يشعر بالحرية والاستقلالية والثقة في النفس لأن الشبكة اللامتناهية سمحت له بالإنجاز والتحكم من أي جهاز إلكتروني.

والعمل بالنسبة للإنسان ليس لتحقيق متطلبات الحياة أو الواجبات الوطنية أو الأسرية، بل إن العمل يكون من أجل تحقيق متعته الخاصة، فهو يعمل ليستمتع وليُمضي الوقت. كما لم يعد يخضع لسلطة مؤسسة أو رقيب توجهه كما تشاء، فالفرد أصبح قائد نفسه -أو أنفسه المتعددة- الموجودة على الشبكة، لكنه مع ذلك -كما يؤكد المؤلف- يشعر بمسئوليته الفردية التي نبعت من استقلاليته. فإذا كان الإنسان في ما بعد الحداثة يائسًا ومهزومًا، نجده في بعد ما بعد الحداثة متفائلًا وواثقًا من قدراته؛ فقد منحت الشبكيةُ الإنسانَ إحساسا بالسيطرة والإنجاز بسبب التدفق اللامحدود للمعلومات والذي فتح أمامه خيارات وبدائل لا نهائية.

ويبدو أن المؤلف متفائل بالوضع الجديد للإنسان في مرحلة بعد ما بعد الحداثة؛ حيث يرى أن الإنسان اللامتناهي الشبكي يتوفر لديه قدر كبير من الاستقلالية والحرية والثقة بالنفس، كما يرى أنه تخلّص من كل السلطات التي كانت تكبل حركته في مرحلة الحداثة أو ما بعد الحداثة، فلم تعد الدولة أو الإعلام قادرين على إحكام سيطرتهم عليه في ظل وجود الإنترنت (الشبكة اللامتناهية) الذي يزوده بقدر لا محدود من المعلومات والأخبار ويفسح له المجال لتبني هويات لا نهائية، فهو يفترض أن الإنسان أصبح قادرا على التوصل للمعلومات والمعارف بنفسه في ظل الشبكة اللامتناهية وبالتالي أصبح مالكا لأمره لا يستطيع أحد التحكم فيه.

لكن ربما تسرّع المؤلف في تفاؤله أو غالى فيه؛ فكيف يستطيع الإنسان التعامل مع هذا القدر اللانهائي من المعلومات/الحرية؟ بمعنى آخر ما الذي يضمن لنا أن الإنسان قادر على التعامل مع هذا المقدار الكبير من الحرية بحكمة وبشكل صحيح؟ وكيف يتعامل مع الكم الكبير من الإشاعات والمعلومات الخاطئة؟ ومن جهةٍ أخرى يمكن أن نرى بوضوح أن الإنسان لم يتحرر بشكل كامل بعد، فمازال هناك العديد من الجهات التي تحاول السيطرة والتحكم بالإنسان من خلال الإنترنت؛ هناك الشركات المتحكمة في بعض المواقع -خاصةً مواقع التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الناس بكثافة- والتي تهدف للربح وتوجيه الأفراد/المجتمعات. كما أن فضاء الإنترنت يتم استغلاله من قِبل بعض الدول التي تستخدم المواقع المختلفة للترويج لبعض الإشاعات وتوجيه الرأي العام العالمي. حتى المواقع الإخبارية التي انتقلت إلى فضاء الإنترنت لازالت تستخدم استراتيجيات التلاعب والتعتيم التي كانت تمارسها سابقا من خلال التلفاز. لذلك، ربما يكون من التسرع أن نظن أن الإنسان تحرر من قيوده مع مجئ الإنترنت.
الترتيب:

#2K

0 مشاهدة هذا اليوم

#43K

5 مشاهدة هذا الشهر

#113K

420 إجمالي المشاهدات
المتجر أماكن الشراء
هاني جازم الصلوي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
أروقة للدراسات والنشر 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية