📘 ❞ حارس قبر الجمهورية ❝ كتاب ــ فايز قزي اصدار 2021

السياسة - 📖 كتاب ❞ حارس قبر الجمهورية ❝ ــ فايز قزي 📖

█ _ فايز قزي 2021 حصريا كتاب ❞ حارس قبر الجمهورية ❝ عن دار سائر المشرق للنشر والتوزيع 2024 الجمهورية: يركز «حارس الجمهورية» للكاتب اللبناني الذي كان مقرّباً جداً من رئيس ميشال عون أكثر 20 عاماً تتبع كل حركات عهد سمي «العهد القوي» وسكناته ليثبت بالمواقف والوثائق والتحليل أن نقل لبنان إلى وصاية «الولاية الإيرانية» بدلاً يحقق شعاره «حرية سيادة استقلال» رفعه طويلاً مخاطبة «شعب العظيم» وقزي مقرباً عندما قائداً للجيش ثم رئيساً للحكومة العسكرية عام 1988 واستمر كذلك حتى 2006 وقع غداة عودته المنفى فرنسا (2005) ورقة تفاهم مع «حزب الله» فابتعد عنه لأنه رأى هذا الاتفاق انتقاصاً وتغييراً المبادئ والشعارات التي رفعها وذهاباً حضن «ولاية الفقيه» الإيراني وتنشر «الشرق الأوسط» اليوم وغداً مقاطع الكتاب سيصدر قريباً «دار المشرق» بيروت وهذا الخامس لقزي له دور تواصل السوريين قبل منفاه الباريسي 2005 وكان روى محطات إعلامية سابقة تفاصيل دوره تلك العودة بدأت خلاله ويقول إن «زيارة لسوريا اكتملت حيث المعنى المجازي وكنتُ شاهداً الأمر تاريخ 27 ديسمبر (كانون الأول) 2004 حين تمَّ بين والسوريين وعلى مظاهر وما ذلك إثرها زار غابي عيسى (المسؤول التيار الوطني الحر) الشام (دمشق) والتقى عبد الحليم خدام» نائب الرئيس السوري آنذاك ويقول «أول (احتكاك) أقمته أنا بالذات يوليو (تموز) ربما طريق الصدفة أو سابق تصور وتصميم خلال العميد رسم غزالة (قائد جهاز الأمن والاستطلاع القوات السورية العاملة آنذاك) سألني (الجنرال عون) وأوصاني ينقل إليه سلامه (الحار) أزوره باريس» ويضيف قزي: «قلتُ إنَّ الجنرال يفكر فقال: أهلاً وسهلاً به» وهنا بعض مما ورد الجديد والذي والظروف السياسية سبقت انتخابه للجمهورية: تريّثثُ كثيراً ورفضتُ نصيحة الصديق ملحم رياشي (وزير الإعلام السابق) زرتُه بعد أيامٍ تولّيه حقيبة حكومة العهد الأول للرئيس سعد الحريري ممثّلي نقابة المؤسّسات السياحية فسألني ماذا عندي جديد؟ قلت: «عندي جديد لكني أتمهَل إكماله ونشره يتعلّق بميشال عون» قال: «وما هو عنوانه ومضمونه؟» «عون «لماذا ثلاث نقاط؟» «لا أريد أتسرّع فأحكم الرجل رافقتُه بصدق واقتناع عشرين سنة لذلك سوف أمهله وأنتظر مرور ولايته الأقل لأملأ نقاط الفراغ العنوان فأختار كلمتَين: حامي علماً بأنني منذ أميل اختياري الأول: وليس: قصر «فوراً ومن دون تردّد أنصحك ألا تنتظر بل تبادر فوراً اعتماد الخيار الأول» فاجأني رأي وهو صنّاع «اتفاق معراب» وروّاده الأوائل رفضت الأخذ به وفضَلتُ التريّث والسيطرة قناعتي ورويت وللحاضرين تعقيباً رفضي كيف التقيتُ يوماً بالقاضي ورئيس معهد القضاة الوزير السابق سليم الجاهل باريس وسألته: لا تعود لاستعادة موقعك المتقدّم القضاء؟» فأجابني: «أشعر بالخوف بسبب العلاقة المتينة تربطني بالشيخ بشير الجميّل وأخشى يؤثّر قراراتي وأحكامي وبقيت تمهيداً لهذا وخلافاً للخطأ الشائع يناسب أذواق المتزلّفين والانتهازيين المتحلّقين بصورة مستمرّة حول بينهم مثل النعجة الغريبة قطيعها فإنني لم أكن أعتبر نفسي مستشاراً مشاركاً ولم حليفاً متضامناً جميع أفكاره متعاطفاً ولا قبلتُ أخلع عقيدتي لألبس أفكاراً بدائية عونية كنت أقدّم دعمي لرجل توفرت ظروف مادية تسمح بمواجهة خطر الميليشيات نمت الحرب الأهلية فساندتُه لمحاولة إعادة تكوين السلطة واستعادة قومية الشعب والأرض فقد قائد الجيش قادراً سواه تحقيق حاجة ملحّة لحماية مشروع المهجّرين قراهم تهجير 1985 همّي والمشروع الوحيد أخذني مغامرة سياسية جديدة اسمها التجربة العونية ارتكبتُها الثمالة هذا التوضيح بات لازماً وواجباً فمن دونه لن يستطيع القارئ يفهم مسيرة علاقتي بالجنرال خصوصاً يكتشف كم كانت أحياناً وثيقة جدّاً بحيث تبدو للناظر حدود متميّزة للقائنا وكأننا وحدة متكاملة؛ وأحياناً باردة أخرى عاصفة فاجأني 6 فبراير (شباط) بتوقيع التفاهم «التيّار الحرّ» و«حزب كنيسة مار مخايل أَسْقَطتُ إذّاك تفاهمي معه ليتحوّل كلّياً خصومة عقائدية تحضرني مرّة خلاصة كتابي الأخير لأكرّر: «إن النظام وحزبه ضخّا عروقه السمّ الكافي لنقله حالة الموت السريري ولن يسلم منها حليفٌ متعاملٌ متفاهمٌ» وإذا 13 أكتوبر (تشرين 1990 أثبت معادلة وطنية فطرد بعبدا واغتصبت شرعيته الشعبية فهو 31 2016 قَلَبَ الأرقام والمعادلة فأعادوه فاقداً شرعيتَه الشخصية قطارٍ إيراني برتبة حارسٍ قصرٍ يحوّله قبراً وجمهورية تسبح عالم الممانعة ووطن شعبه مقسّم وأرضه ساحة سائبة كنت أظنّ شعار القيادة أقرب قلب لقب فبعد إسقاط تجربة الوزراء يُصرّ غالبية إطلالاته الإعلامية التذكير بأن طموحه «بناء جمهورية لبنانية» ويتعمّد ترداد راوياً أنه تبلغ أوائل مارس (آذار) 1989 رسالة مفادها بأنهم يقبلون للجمهورية فرفض وطالب بالجمهورية أولاً الرئاسة مصرّاً تسميتي هذه الواقعة ويقول: «اسألوا قزّي» واستمرّ الافتراق الشامل بيننا يستدعيني للشهادة رغم أنني أوضحتُ أنها تكن سوى وعد كاذب ومفخَخ تفاصيلها المعنون «مواطن لوطن مستحيل» الصادر لقد عرفتُ كثب أدبياته منازل كثيرة مقالات طويلة يعتمد المختصر المفيد وصاحبَ قناعات مبنية مقاصد ونوايا الإصلاح والتغيير يكمن سرّ قوّته والرهبة تقلق حلفاءه خصومه إذا يتفاعل الحلفاء المولودة الموعودة لكن التزاوج «القائد المتمرّد» والرئيس المتهافت شكّل خطراً كبيراً وتحديداً المعادلة المركّبة وشبه المستحيلة لمعركة التحرير متهافت إرضاء النواب الناخبين لذلك أستكمل حقيقة ولدت «الجنرال السابق» رُفّع دَفنَ حلم يكون مجرّد وكيل للمحتلّ ويتحالف مغتصبيها فاستحق عضوية الانتساب قافلة الوعد الصادق للعودة جنّة ليبيع روح سمّاه عظيماً ذئاب وشياطين جهنّم الفرصة الأولى: حق سلبه مؤتمر الدوحة بعد المشروطة متفاهماً الذين أضافوا استشهاد شرطَين: دعم إميل لحّود نهاية والثاني الدخول تفاهمٍ وقد افتتح بخطابٍ الشهداء هاجم فيه الإقطاعَين السياسي والمالي وسرعان ما اعتبر ركب قطار الأسرع بقوّة 70 المائة أصوات بيئته المسيحية انتخابات انحياز تيّار تأييد سليمان وموافقة خطفا منه الملكية برئاسة الدوحة ليبقى وعداً ناقصاً وليتخلّف نصرة العائد متمسّكاً ببقائه عهده سقط أمل يحقّق حلمه انتهاء ولاية كرئيسٍ وفُجعَ بفقدان 2008 قدّم عليه الثانية خرج آخر 2014 تاركاً بياناً معلّقاً غرفة الاستقلال بانتظار عودة شكّل اندفاعة لتحقيق رغبة فبات متسرّعاً لترجمة فوزه سبق يعتبره حقاً دائماً عيّنه أمين واستغلّ وصف البطريرك نصر الله صفير وحصوله نسبة المسيحيين ليستعمل الشرعية الانتخابية لاحقاً لتغطية تزوير المسيرة وعيوبها القانونية الشكلية والأساسية منافسة وجعجع تحوّل مسرح «الانتخابات» الرئاسية مسرحاً تنافس البداية مرشّحان: جعجع وعون ولم يوفّر وفريقه الحزبي وحلفاؤه الأساسيون مناوراتهم لتعطيل الانتخابات واستمرار فراغ وشغور منصب طالما يكن الفوز مضموناً فاعتمد ضمِّ اسم مرشّحه ليفسح المجال لتنافس حلفائه تقديم العروض والتنازلات ويستعمل التنافس ليعطّل النصاب القانوني لانعقاد جلسات الانتخاب أرنب برّي «الدستوري» انضمّ المجلس النيابي تعطيل خدمة لمشروع إذ انعقاد الجلسة الأولى واكتمال نصاب الثلثَين وعدم فوز أي مرشّح رفع إثر انسحاب فريق التعطيل وفقدان أصرَّ توافره لكي يستمر بالجلسة فأسقط بدعته انتخاب شرعياً وفقاً للأكثرية ضرورة توفّر للانعقاد الجلسات اللاحقة فسقطت المادة المسهّلة للانتخاب لتحلّ محلّها استحالة لمجرّد غياب الثلث تطبيقاً لبدعة المعطِّل الحشرة البَرّية صَحَّرت والوزارة طيلة «العقد ولاقت حجّة المعطّلين هوى لدى المرشّح فاستغلّها لممارسة مناوراته وضغوطه المرشّحين المحتملين الآخرين السياسة مجاناً PDF اونلاين ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
حارس قبر الجمهورية
كتاب

حارس قبر الجمهورية

ــ فايز قزي

صدر 2021م عن دار سائر المشرق للنشر والتوزيع
حارس قبر الجمهورية
كتاب

حارس قبر الجمهورية

ــ فايز قزي

صدر 2021م عن دار سائر المشرق للنشر والتوزيع
عن كتاب حارس قبر الجمهورية:
يركز كتاب «حارس قبر الجمهورية» للكاتب اللبناني فايز قزي، الذي كان مقرّباً جداً من رئيس الجمهورية ميشال عون أكثر من 20 عاماً، على تتبع كل حركات عهد عون الذي سمي «العهد القوي» وسكناته ليثبت بالمواقف والوثائق والتحليل أن عون نقل لبنان إلى وصاية «الولاية الإيرانية»، بدلاً من أن يحقق شعاره «حرية، سيادة، استقلال» الذي رفعه طويلاً في مخاطبة «شعب لبنان العظيم».

وقزي كان مقرباً جداً من عون عندما كان قائداً للجيش ثم رئيساً للحكومة العسكرية عام 1988، واستمر كذلك حتى عام 2006 عندما وقع عون، غداة عودته من المنفى في فرنسا (2005)، ورقة تفاهم مع «حزب الله»، فابتعد قزي عنه لأنه رأى في هذا الاتفاق انتقاصاً من سيادة لبنان وتغييراً في المبادئ والشعارات التي رفعها عون، وذهاباً إلى حضن «ولاية الفقيه» الإيراني.

وتنشر «الشرق الأوسط» اليوم وغداً، مقاطع من الكتاب الذي سيصدر قريباً عن «دار سائر المشرق» في بيروت. وهذا الكتاب الخامس لقزي، الذي كان له دور في تواصل عون مع السوريين قبل عودته من منفاه الباريسي عام 2005.

وكان قزي روى في محطات إعلامية سابقة، تفاصيل دوره في تلك العودة التي بدأت من خلاله، ويقول إن «زيارة عون لسوريا اكتملت من حيث المعنى المجازي، وكنتُ شاهداً على الأمر، في تاريخ 27 ديسمبر (كانون الأول) 2004 حين تمَّ الاتفاق بين عون والسوريين على عودته إلى لبنان وعلى مظاهر العودة وما إلى ذلك، وعلى إثرها زار غابي عيسى (المسؤول في التيار الوطني الحر) الشام (دمشق) والتقى عبد الحليم خدام» نائب الرئيس السوري آنذاك.

ويقول قزي إن «أول (احتكاك) أقمته أنا بالذات في يوليو (تموز) 2004 ربما عن طريق الصدفة أو عن سابق تصور وتصميم من السوريين، من خلال العميد رسم غزالة (قائد جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان آنذاك) الذي سألني عن (الجنرال عون)، وأوصاني أن ينقل إليه سلامه (الحار) عندما أزوره في باريس». ويضيف قزي: «قلتُ له إنَّ الجنرال يفكر في العودة إلى لبنان فقال: أهلاً وسهلاً به». وهنا بعض مما ورد في الكتاب الجديد «حارس قبر الجمهورية»، والذي يركز على عهد عون والظروف السياسية التي سبقت انتخابه رئيساً للجمهورية:

تريّثثُ كثيراً، ورفضتُ نصيحة الصديق ملحم رياشي (وزير الإعلام السابق) الذي زرتُه بعد أيامٍ من تولّيه حقيبة الإعلام في حكومة العهد الأول للرئيس سعد الحريري، مع ممثّلي نقابة المؤسّسات السياحية. فسألني ماذا عندي من جديد؟ قلت: «عندي كتاب جديد. لكني أتمهَل في إكماله ونشره. لأنه يتعلّق بميشال عون». قال: «وما هو عنوانه ومضمونه؟» قلت: «عون... الجمهورية». فقال: «لماذا ثلاث نقاط؟» قلت: «لا أريد أن أتسرّع، فأحكم على عهد الرجل، بعد أن رافقتُه بصدق واقتناع أكثر من عشرين سنة. لذلك سوف أمهله وأنتظر مرور عام من ولايته، على الأقل، لأملأ نقاط الفراغ في العنوان. فأختار بين كلمتَين: حارس أو حامي. علماً بأنني منذ اليوم أميل إلى اختياري الأول: «عون حارس قبر الجمهورية»، وليس: «عون حامي قصر الجمهورية»، فقال: «فوراً ومن دون تردّد أنصحك ألا تنتظر بل تبادر فوراً إلى اعتماد الخيار الأول».

فاجأني رأي ملحم رياشي، وهو من صنّاع «اتفاق معراب» وروّاده الأوائل. رفضت الأخذ به. وفضَلتُ التريّث والسيطرة على قناعتي. ورويت له وللحاضرين، تعقيباً على رفضي، كيف التقيتُ يوماً بالقاضي ورئيس معهد القضاة الوزير السابق سليم الجاهل في باريس وسألته: «لماذا لا تعود إلى بيروت، لاستعادة موقعك المتقدّم في القضاء؟» فأجابني: «أشعر بالخوف بسبب العلاقة المتينة التي تربطني بالشيخ بشير الجميّل، وأخشى أن يؤثّر ذلك على قراراتي وأحكامي، لذلك رفضت وبقيت في باريس».

تمهيداً لهذا الكتاب، وخلافاً للخطأ الشائع الذي يناسب أذواق المتزلّفين والانتهازيين، المتحلّقين بصورة مستمرّة حول الجنرال ميشال عون خلال عشرين سنة، وكنتُ بينهم مثل النعجة الغريبة عن قطيعها، فإنني لم أكن يوماً أعتبر نفسي مستشاراً له بل مشاركاً. ولم أكن حليفاً متضامناً مع جميع أفكاره بل متعاطفاً. ولا قبلتُ يوماً أن أخلع عقيدتي لألبس أفكاراً بدائية عونية. بل كنت أقدّم دعمي لرجل توفرت له ظروف مادية تسمح بمواجهة خطر الميليشيات التي نمت في الحرب الأهلية، فساندتُه لمحاولة إعادة تكوين السلطة واستعادة قومية الشعب والأرض.

فقد كان الجنرال قائد الجيش قادراً أكثر من سواه على تحقيق حاجة ملحّة لحماية مشروع إعادة المهجّرين إلى قراهم بعد تهجير سنة 1985. وهذا كان همّي الأول والمشروع الوحيد الذي أخذني في مغامرة سياسية جديدة اسمها التجربة العونية التي ارتكبتُها حتى الثمالة.

هذا التوضيح بات لازماً وواجباً، فمن دونه لن يستطيع القارئ أن يفهم مسيرة علاقتي بالجنرال عون، خصوصاً عندما يكتشف كم كانت العلاقة أحياناً وثيقة جدّاً، بحيث لا تبدو للناظر حدود متميّزة للقائنا وكأننا وحدة متكاملة؛ وأحياناً باردة، وأحياناً أخرى عاصفة، إلى أن فاجأني في 6 فبراير (شباط) 2006 بتوقيع ورقة التفاهم بين «التيّار الوطني الحرّ» و«حزب الله» في كنيسة مار مخايل. أَسْقَطتُ إذّاك تفاهمي معه ليتحوّل كلّياً إلى خصومة عقائدية. وهنا تحضرني مرّة أخرى، خلاصة كتابي الأخير لأكرّر: «إن النظام الإيراني وحزبه في لبنان ضخّا في عروقه السمّ الكافي لنقله إلى حالة الموت السريري، ولن يسلم منها حليفٌ أو متعاملٌ أو متفاهمٌ». وإذا كان الجنرال ميشال عون في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1990. أثبت معادلة وطنية، فطرد من قصر بعبدا واغتصبت شرعيته السياسية من دون شرعيته الشعبية، فهو في 31 أكتوبر 2016 قَلَبَ الأرقام والمعادلة، فأعادوه فاقداً شرعيتَه الشخصية، في قطارٍ إيراني برتبة حارسٍ لا رئيس إلى قصرٍ يحوّله قبراً، وجمهورية تسبح في عالم الممانعة، ووطن شعبه مقسّم وأرضه ساحة سائبة.

كنت أظنّ أن شعار القيادة أقرب إلى قلب ميشال عون من لقب رئيس الجمهورية. فبعد إسقاط تجربة قائد الجيش، ورئيس الوزراء، يُصرّ الجنرال ميشال عون في غالبية إطلالاته الإعلامية، على التذكير بأن طموحه كان «بناء جمهورية لبنانية». ويتعمّد ترداد ذلك راوياً أنه تبلغ من القيادة السورية في أوائل مارس (آذار) 1989 رسالة مفادها بأنهم يقبلون به رئيساً للجمهورية. فرفض وطالب بالجمهورية أولاً قبل الرئاسة، مصرّاً على تسميتي شاهداً على هذه الواقعة. ويقول: «اسألوا فايز قزّي»، واستمرّ حتى بعد الافتراق الشامل بيننا منذ فبراير 2006 يستدعيني للشهادة، رغم أنني أوضحتُ أنها لم تكن سوى وعد كاذب ومفخَخ، ورويت تفاصيلها في كتابي المعنون «مواطن سابق لوطن مستحيل» الصادر عن دار سائر المشرق.

لقد عرفتُ ميشال عون عن كثب، ولم تكن في أدبياته منازل كثيرة ولا مقالات طويلة. كان يعتمد المختصر المفيد، وصاحبَ قناعات مبنية على مقاصد ونوايا الإصلاح والتغيير. وهنا يكمن سرّ قوّته والرهبة التي كانت تقلق حلفاءه قبل خصومه، خصوصاً إذا لم يتفاعل الحلفاء مع قناعات الجنرال المولودة أو الموعودة.

لكن هذا التزاوج بين الجنرال «القائد المتمرّد» والرئيس المتهافت شكّل خطراً كبيراً على الجمهورية، وتحديداً على المعادلة المركّبة وشبه المستحيلة بين قائد لمعركة التحرير ورئيس متهافت على إرضاء النواب الناخبين.

لذلك فإنني أستكمل في هذا الكتاب حقيقة ولدت من قناعتي أن «الجنرال السابق» الذي رُفّع إلى الرئاسة، دَفنَ حلم الجمهورية، حتى قبل أن يكون مجرّد وكيل للمحتلّ، ويتحالف مع مغتصبيها. فاستحق عضوية الانتساب إلى قافلة الوعد الصادق للعودة إلى جنّة بعبدا ليبيع روح شعبه الذي سمّاه عظيماً، إلى ذئاب وشياطين جهنّم.

- الفرصة الأولى:

- الرئاسة حق سلبه مؤتمر الدوحة

بعد عودته المشروطة من باريس متفاهماً مع السوريين الذين أضافوا بعد استشهاد الحريري إلى الاتفاق مع عون شرطَين: الأول دعم إميل لحّود حتى نهاية ولايته والثاني الدخول في تفاهمٍ مع «حزب الله». وقد افتتح عون عودته بخطابٍ في ساحة الشهداء - بيروت هاجم فيه الإقطاعَين السياسي والمالي. وسرعان ما اعتبر أنه ركب قطار الرئاسة الأسرع بقوّة 70 في المائة من أصوات بيئته المسيحية في انتخابات 2005.

لكن انحياز تيّار الحريري إلى تأييد قائد الجيش ميشال سليمان وموافقة «حزب الله» على ذلك، خطفا منه حق الملكية برئاسة الجمهورية في الدوحة ليبقى تفاهم مار مخايل 2006 وعداً ناقصاً من الرئاسة. وليتخلّف إميل لحّود عن نصرة عون العائد من فرنسا متمسّكاً ببقائه في الرئاسة حتى نهاية عهده.

سقط أمل الجنرال عون في أن يحقّق حلمه بعد انتهاء ولاية إميل لحّود كرئيسٍ وفُجعَ بفقدان هذه الفرصة في مؤتمر الدوحة سنة 2008 الذي قدّم الجنرال ميشال سليمان عليه.

- الفرصة الثانية

خرج ميشال سليمان في آخر ولايته 2014 من بعبدا تاركاً بياناً معلّقاً في غرفة الاستقلال بانتظار عودة رئيس آخر.

شكّل هذا الأمر اندفاعة جديدة لتحقيق رغبة الجنرال عون، فبات متسرّعاً لترجمة فوزه في سبق الرئاسة الذي يعتبره حقاً دائماً بعد أن عيّنه أمين الجميّل قائداً للجيش، واستغلّ وصف البطريرك نصر الله صفير له وحصوله على نسبة 70 في المائة من أصوات المسيحيين في انتخابات سنة 2005، ليستعمل هذه الشرعية الشعبية الانتخابية لاحقاً لتغطية تزوير المسيرة الانتخابية وعيوبها القانونية الشكلية والأساسية.

- منافسة عون وجعجع

تحوّل مسرح «الانتخابات» الرئاسية مسرحاً تنافس عليه في البداية مرشّحان: جعجع وعون.

ولم يوفّر ميشال عون وفريقه الحزبي وحلفاؤه الأساسيون، مناوراتهم لتعطيل الانتخابات واستمرار فراغ وشغور منصب الرئاسة، طالما لم يكن الفوز مضموناً.

فاعتمد «حزب الله» على ضمِّ اسم مرشّحه، ليفسح المجال لتنافس حلفائه على تقديم العروض والتنازلات. ويستعمل ورقة هذا التنافس ليعطّل النصاب القانوني لانعقاد جلسات الانتخاب.

- أرنب برّي «الدستوري»

انضمّ رئيس المجلس النيابي إلى مشروع تعطيل الانتخاب خدمة لمشروع الفراغ، إذ بعد انعقاد الجلسة الأولى واكتمال نصاب الثلثَين وعدم فوز أي مرشّح، رفع الجلسة فوراً إثر انسحاب فريق التعطيل، وفقدان نصاب الثلثَين الذي أصرَّ برّي على توافره، لكي يستمر بالجلسة، فأسقط بدعته هذه انتخاب الرئيس شرعياً وفقاً للأكثرية. واستمرّ برّي مصرّاً على ضرورة توفّر نصاب الثلثَين للانعقاد في جميع الجلسات اللاحقة. فسقطت المادة المسهّلة للانتخاب لتحلّ محلّها استحالة توفّر النصاب لمجرّد غياب الثلث تطبيقاً لبدعة الثلث المعطِّل، التي كانت الحشرة البَرّية التي صَحَّرت المجلس والوزارة طيلة «العقد العهد القوي». ولاقت حجّة المعطّلين هوى لدى المرشّح ميشال عون فاستغلّها لممارسة مناوراته وضغوطه على المرشّحين المحتملين الآخرين.

الترتيب:

#1K

0 مشاهدة هذا اليوم

#41K

6 مشاهدة هذا الشهر

#103K

804 إجمالي المشاهدات
المتجر أماكن الشراء
فايز قزي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار سائر المشرق للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية