📘 ❞ صدفة جارية ❝ قصة ــ نجوى بن شتوان اصدار 2019

عن قصة صدفة جارية:
حدث أول إنزال فضائي على كوكب الأرض في العام 2016 ، في بلدة العجيلات . كان سكانها كافة من أولاد سيدي بو عجيلة الذين اشتهرت بهم واشتهروا بها ، والذين نذرهم سيدي بو عجيلة نفسه لقطع التابعة ( جني يتسلط على الإنسان ) والنحس وبتر الصلة مع سوء الحظ . اشتهرت العجيلات بفعل ذلك عبر الأزمان الطبشورية والغبارية ، وكذلك بموطنها نوري المقرعن ، الذي ما فتئ يرقص أمام بيت القذافي في باب العزيزية ، حاملاً لافتة تعلن أن : نوري المقرعن وأولاده مع القائد . هبطت المخلوقات الفضائية ذات يوم ، وسألت عنه ، وأبدت اهتمامها به ، فحضوره الراقص أمام بيت القائد في العزيزية لن يذهب سُدى ، إن لم يكن في كوكب ليبيا ، ففي كواكب أخرى تعرف قيمة وجوده وتثمّنه . كانت العجيلات وادعة مساء الهبوط الأول فيها ، وقد تناول الجميع فيها دشيشة بالقديد وأووا إلى مراقدهم ، وادعين ورأوا أحلاماً سارة منتظمة مقسّمة بالتساوي بينهم ، وما فاض منها ذهب إلى القرى المجاورة ، زيادة الروابط الاجتماعية بينهم حين يجتمعون ويتبادلون سرد المواضيع نفسها . في العادة ، العجيلات ، بلدة وادعة تنام عند السادسة مساءً ، ولا يوجد فيها أي أثر لثورة ، أو لدولة ، أو لشيء غير عجيلي ، حتى وإن لم يكن لهم شأن بالمتابعة السياسية التي لاحقت ليبيا منذ أمد ، إلا أنهم وضعوا قدراتهم الخارقة التي يملكها أولاد بو عجيلة في تحسين مستوى الحياة ، وهم ربما أقرباء ، وأولاد بو عجيلة ليسوا سوى نسختهم الأرضية التي ما كان لها أن تتحقق إلا بهم . وعليه ، فلا مدعاة للتساؤل : لماذا هبطت مركبة في العجيلات ، وليس في مكان آخر ؟ . ترجل الجنرال حزقيال والضابط نازكازوكي وعددٌ من خبراء الفايسبوك ، وبدأوا بتشمم الأخبار ، بعد أيام ظهرت أعراض البصاصة على ركاب المركبة ، ما عدا واحداً شك الجميع في أن لديه كريات دم في عروقه وليس ثقوباً سوداء ، وسيكون فضحه مسألة هينة للغاية عن طريق طعتنه عدة طعنات . فإن سال الدم منه ومات فهو مندسّ ، وأن لم يسل منه الدم ومات فهو تقيّ وليس مندسّاً . قال الضابط نازكازوكي : سيدي حزقيال ، هناك جرافة محملة بالسلاح والألغام تغادر ميناء مصراته باتجاه بنغازي . هل نوقفها ، كي تتوقف الحرب الأهلية ؟ - كلا دعوها . فخّار يكسر بعضه . ما جئنا هنا لفض نزاعاتهم ، قال عريف مضاني : - سيدي حزقيال ، هناك هجوم من كتيبة العقيد صلاح بادي على مطار طرابلس . هل نبتر له ذيله بمنشار الذيول الهيدروليك ، أم بالمنشار القنصلي ؟ - كلا ... هذا الكلب ، ليس من اختصاصنا . – سيدي حزقيال القائد الأمازيغي نوري بوسهين ، رئيس المؤتمر الوطني ، أعطى أوامره بغزو الحقول النفطية ، وقد أطلق أول صاروخ على خزان السدرة النفطي من تحت رأسه . هل نوقفه لئلا يحترق البترول .. أرسلوا إليه كتيبة التاجوري تعترض لقاءاته الغرامية ، فهذا النوري بوسهمين يعترض مسارات بحثنا عن نوري المقرعن العجيلي ، ومن الأفضل توقيفه . ثم ناداه أحدهم : سيدي حزقيال .. الشاي جاهز على الطريقة الدرناوية ، ليشرب منه الجميع حتى تنشط الغدد الفضولية وتتحفز قرون الإستشعار الراسية والأفقية . فأهل درنة أدرى بشعاب كل شيء " قصة كمثيلاتها في هذه المجموعة القصصية تدور في تلك المعاناة الليبية من الفساد والفوضى والظلم .. هي نقد ساخر من خلال الكلمة التي هي كل ما تمتلكه الكاتبة للتعبير عن الحالة التي آل إليها المجتمع الليبي . والأبعد من ذلك ، فإن براعة الإنتقاء لدى الكاتبة : الشخصيات ، الأمكنة ، المناخات ... كل ذلك يجعل من ذلك كله مكوّنات لقصص وحكايات تتوزع على طول المساحة العربية وعرضها . هي إسقاطات على الوضع العربي عامة ... بأسلوب السهل الممتنع .. أسلوب الأدب الساخر . ولا غرابة في ذلك .. فالعنوان يشي بالمضمون .