📘 ❞ الجرائم الصحفية ❝ كتاب ــ حسنين عبد القادر اصدار 2023

عن كتاب الجرائم الصحفية:
لا شك في أن مـهنة الصحافة أصبحت من المـهـن الرفيعة في عالمنا المعاصر، يزهو بـها أربابـها ويظفروا باحتـرام المجتمع ويتقلدون أرفع المناصب.

وبالمصطلحات السائدة يتضح أن الصحافة تشكل قوة عظمـى تستطيع أن تـهـدي وتضل وتبنـي وتـهدم وتستوعب وتستبعد خاصة ونحن في عصر العولمة بكل ما فيها من معاني وأبعاد، الأمر الذي وضع على عاتق الصحافة والصحفيين مسئوليات كبرى وتحديات أكبـر.

لقد خاضت الصحافة في العقود الماضية معارك مع شتى النظم السياسية المختلفة في العالم بحيث كانت في بعض البلدان تمثل انعكاسا للنظام السياسـي السائد بـها فهو البوابة الرئيسية التـي تتحكم فـي الصحافة فبيده أن يسمح لـها بالعبور لتتنسم ريح الحرية أو يمنع عـنها الـهواء فيميتـها خنقا.

فكنا نرى نوعين من الصحافة بحسب النظام السياسـي فإذا كان ديمقراطيا شاهدنا حرية للرأي وللتعبيـر عنه بحيث تتمكن الصـحافة في ظل الحرية السياسية من تأدية رسالـتها أما في ظل النظم الديكتاتورية فلم نكن نرى سوى إرادة مسلوبة وكلمة ممسوخة وآراء مخضوعة، ولكن لا نستطيع أن نتجاهل أنه وفي ظل هذه الأجواء كان هناك في بلاط صاحبة الجلالة من استطاع أن يساهم في تبصير تلك الشعوب بأحوالها وفي تغذية الروح الوطنية وتقوية الانتماء الأمر الذي دفع كثيـر منـها وفـي ظل استبداد نظمـها إلى نيل حريتـها.

إذ يقع على عاتق الصحافة مسئولية تكوين عقلية الشعوب والتعبيـر عن رغباتـها وإيصال نبض الرأي العام إلـى أرباب السلطات، كما ترسم للشعوب طريق المستقبل، واختصارا يقع على كاهلها تربية الشعوب سياسيا واجتماعيا تربية واعية ناضجة.

ونظرة إلى ما وصلت إليه الصحافة من تطور في القرن العشرين يتبين أن هناك العديد من العوامل قد ساهمت في ذلك فتطور وتقدم وسائل المواصلات وطرق الطباعة والنمو المتسارع في التكنولوجيا المتقدمة أيضا، كل ذلك أدى إلى إمكان خلق رأي عام قد يكون غير محدد مكانيا بحيث يمكن أن يشكل رأيا عالميا موحدا في إحدى القضايا التي تشغل الرأي العام العالمي في بعض مناطقه.

وقد رأينا منذ عقود "الأمم المتحدة" تردد خوفها من الدعاية التي تقوم بها الصحافة في أنحاء متفرقة من العالم والتي تمهد الطريق إلى حرب عالمية ثالثة، وهذا "بالتيسكي" الكاتب الروسي يقول أن طائفة من صحف غرب أوروبا وأمريكا هى المسئولة عن الخلاف الذي حدث بين الحربين العالميتين، كما صرح "لستر ماركل" رئيس معهد الصحافة الدولي بمدينة زيورخ بأن المشكلة هى أن نقف على مدى ما يقوم به رؤساء تحرير الصحف لإشباع رغبات القراء واهتمامهم بالمسائل الدولية.

ولذلك فقد اهتمت الأمم المتحدة بالصحافة، فكم عقدت مؤتمرات تكفل حريتها، ونظمت لجان لتحدد أهدافها، وأصدرت قرارات لتذليل العقبات التي تعترضها، وفي هذا الإطار قامت منظمة اليونسكو ( إحدى منظمات الأمم المتحدة للتربية والعلوم الثقافية ) بعقد الاتفاقات التي تتناول تنظيم أجور البرقيات الصحفية وثمن ورق الصحف، وتقديم المعونة إلى وكالات الأنباء.

وبعد أن تحصل الصحافة على حريتها وتتربع على عرشها يكون لها أن تزهو بنفسها وفي نفس الوقت أن تتحمل مسئوليتها وتزن كلمتها بميزان الصدق والعدل والضمير.

ومن هذا المنطلق يتوجب على العاملين في المجال الصحفي الحفاظ على ما وصلت إليه صحافتهم بحمايتها من السقوط في مطامع النفس وأغوائها وأن يجعلوا منها أداة بناء وهدى لا معول هدم وضلال.