أعطني النَّاي وغنِّ
فالغنا سرُّ الوجود
وأنين النَّاي يبقى
بعد أن يفنى الوجود

تنطلق هذه الكلمات الساحرة التي تّشدو بها جارة القمر فيروز من مذياع في أحد البيوت في ضيعة وادي الشحرور في لبنان
فتقف ناي خلف النافذة تستمتع بصوت فيروز الساحر وهي تراقب عصفورة تطير وتشدو بحرية، وتتمنى أن تكون مثلها
تطير وتغني بحرية
أعطني النَّاي وغنِّ
فيروز هي المطربة المفضلة لناي، وهذه الأغنية الأقرب لقلبها 
....... أعطني النَّاي وغنِّ........
لا يوجد شئ أجمل من الغِناء في الحياة، هذه أبسط حقوق ناي 
الذي حرمها جدها منها
نعم ....في الوقت الذي تعتبر فيه ناي أن الغناء هو أجمل شئ في الحياة،جدها يراه العكس
يكره أن يسمع أغاني في البيت
وعندما يسمع ناي تُغني...
تكون النتيجة الضرب والحبس في مخزن الموجود في البيت 
الأمر لا يعني إلى ناي،إذا تم حبسها في غرفة المخزن أو في البيت 
فهي أشبه بعصفورٍ في قفص حُرِم من أبسط حقوقه 
ولكن العصفور يستطيع أن يُغرد،
أما ناي،لا تستطيع حتى أن تفعل هذا في سجنها الذي وضعها فيه جدها
فهو الذي قام بتربية ناي بعد وفاة والديها، وهي حفيدتها الوحيدة 
فهو كان رجل شديداً،ولكن هو أيضاً طيب القلب، وجميع أهل الضيعة 
يحبونه، ولكن ناي رغم أنها تعرف طيبة قلبه، ولكن قسوته وشدته تغلب عليه معها
من الممكن أن تكون فتاة عنيدة 
عنيدة؛لأنها أرادت حقها في الغناء
والدها أطلق عليها إسم ناي؛ليكون صوتها مثل الناي ساحر وآخاذ 
لو كان والدها حي الآن، كان يشاهد ما يفعله جدها معه،لابد أنه سيكون غاضباً
فكان والدها يحلم أن تكون إبنته مغنية مشهورة مثل فيروز؛لذلك هو لم يُخطئ عندما أطلق عليها إسم ناي 
فكان صوتها ساحر  يأسر  القلوب 
فأخذتها الغفلة وغنت أعطني الناي وأغني 
وأخذت تدور حول نفسها في سعادة متمسكة بها رغم ما تُعانيه من شدة جدها 
،ولكن سعادتها لم تكتمل،
حضر الجد على غفلة ليجدها تُغني وترقص 
وصرخ في حفيدته، فتصرخ صرخة صغيرة من المفاجأة 
جدها عاد مبكراً على غير عادته 
وقفت ناي قبالته، والنتيجة صفعة على وجهها، في الحقيقة الصفعة لم تعد تؤلمها مثل الأول؛لأنها إعتادت على صفعات جدها،
والآن المرحلة الثانية من العقاب   "الحبس"
ولكن الغريب أن جدها تركها بعد أن صفعها، ولم يقل كلمة أخرى،وسقط على الأرض مغشياً عليه
وإتجهت ناي سريعاً إلى جدها ،وأخذت تُناديه، ولكن بالإستجابة، وبعدها طلبت حكيم الضيعة؛ليفحص جدها
ليتأكد الحكيم أنه جاء مُتأخراً،ليقول لناي بكل أسف أن جدها فارق الحياة 
لا تُصدق ناي ما قاله الحكيم، لا تُصدق أن جدها رحل، جدها الذي كان قاسياً معها بعض الوقت، ويمنعها من الغناء، ولكنها
لم تكرهه للحظة، فأيضاً كانت تتذكر له أشياء رائعة معه،فكان دائماً يُحضر لها الحلوى المفضلة لديها،وكان يخرج معها في نزهة عندما كانت تحصل على درجات عالية في الدراسة،كل هذه الذكريات تقف أمام غضبها من جدها،ولا تفكر للحظة أنها
تكرهه؛لأنه كان يحرمها من الغناء لسببٍ لا تعرفه ناي
وبعد أيام من حالة الحزن والحِداد 
أدركت ناي أن الآن لا شئ يمنعها من الغناء، وأنها عصفورة تحررت من أسرها ،وآن الأوان أن تطير وتشدو بحرية،ولن يمنعها أحد من الغناء بعد الآن
فتخرج ناي من البيت تجري بحرية وسعادة، 
تريد الآن جناحات فقط لتطير، وتشعر بأنها عصفورة تطير في السماء لا ينقصها شئ 
وأخذت تردد .........

أعطني النَّاي وغنِّ
فالغنا سرُّ الوجود
وأنين النَّاي يبقى
بعد أن يفنى الوجود

في سعادة لم تشعر مثلها من قبل