📘 ❞ الحجاج بن يوسف الثقفي المفترى عليه ❝ كتاب ــ د. محمود زيادة اصدار 1995

كتب السير و المذكرات - 📖 كتاب ❞ الحجاج بن يوسف الثقفي المفترى عليه ❝ ــ د. محمود زيادة 📖

█ _ د محمود زيادة 1995 حصريا كتاب ❞ الحجاج بن يوسف الثقفي المفترى عليه ❝ عن دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة 2024 عليه: أبو محمد (40 95 هـ = 660 714 م) قائد العهد الأموي وُلِدَ ونَشأَ الطائف وانتقل إلى الشام فلحق بروح زنباع نائب عبد الملك مروان فكان عديد شرطته ثم ما زال يظهر حتى قَلَّدَه أمر عسكره أمره بقِتالِ الله الزبير فزحف الحجاز بجيشٍ كبيرٍ وقتل وفرَّق جموعه فولاَّه عبدُ مكة والمدينة والطائف أضاف إليها العراق والثورة قائمة فيه فانصرف الكوفة ثمانية أو تسعة رجال النجائب فقمع الثورة وثبتت له الإمارة عشرين سنة بنى مدينة واسط ومات بها وأجري قبره الماء فاندرس وكان سَفَّاكاً سَفَّاحاً مُرْعِباً باتِّفاقِ مُعْظَمِ المُؤَرِّخِين عُرف بـالمبير أي المُبيد ذُكر أن كان قبيح الوجه وصغير الجسد ولكن فصيحاً وبليغاً وخطيبا جباراً وقد ناصبيا يبغض عليا هوى بني أمية جبارا عنيدا مقداما سفك الدماء بأدنى شبهة حقودًا حسودا كما وصف نفسه لعبد وبمراجعة سريعة تاريخه وأفعاله يتضح للباحث بأنه سياسيا محنّكاً وقائداً مدبراً وكثيراً استخدم المكر والخداع لكي ينتصر حروبه سيرته حرب مكة في 73 قرر التخلص من فجهز جيشاً ضخماً لمنازلة ابن وأمر فخرج بجيشه وانتظر الخليفة ليزوده بمزيد الجيوش فتوالت إليه تقوى تماماً فسار وحاصر فيها ضرب الكعبة بالمنجنيق هدمها ذكر الإمام الذهبي ذلك السير 4 343:أهلكه رمضان خمس وتسعين كهلا ظلوماً خبيثا سافكا للدماء ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء وفصاحة وبلاغة وتعظيم للقرآن قد سقت سوء سيرته تاريخي الكبير وحصاره لابن بالكعبة ورميه إياها وإذلاله لأهل الحرمين ولايته والمشرق كله وحروب الأشعث وتأخيره للصلوات استأصله فنسبُّه ولا نحبه بل نبغضه فإن أوثق عرى الإيمان وله حسنات مغمورة بحر ذنوبه وأمره توحيد الجملة ونظراء ظلمة الجبابرة والأمراء انتهى وقد ذكرت تلك الواقعة أيضا البداية والنهاية الجزء الثامن دخلت ثلاث وسبعين : قال الواقدي: حدثني مصعب نافع مولى أسد عالما بفتنة قال: حصر ليلة هلال الحجة ثنتين لسبع عشر خلت جمادى الأول خمسة أشهر وسبع عشرة ذكرنا فيما تقدم حج بالناس هذه السنة الخارجة الحج عمر كتب يأتم بابن المناسك ثبت الصحيحين فلما استهلت وأهل محاصرون أهل نصب المنجنيق ليحصر أهلها يخرجوا الأمان والطاعة وكان مع الحبشة فجعلوا يرمون فقتلوا خلقا كثيرا معه مجانيق فألح عليها بالرمي كل مكان وحبس عنهم الميرة والماء فكانوا يشربون ماء زمزم وجعلت الحجارة تقع والحجاج يصيح بأصحابه: يا الطاعة أعلن لمن سلم أصحاب وأمنه هو غير لم يقبل أمان وقاتل رغم تفرق أصحابه عنه الذين طمعوا فقتل اثنتان وسبعون وولايته تنوف ثماني سنين وللحجاج وثلاثون ولاية الحجاز قتل وصلبه وأرسل أمه "أسماء بنت أبي بكر" تأتيه فأبت فأرسل لتأتين لأبعثن يسحبك بقرونك فأرسلت إليه: والله لا آتيك تبعث إلي يسحبني بقروني فلما رأى أتى فقال: كيف رأيتني صنعت بعبد الله؟ قالت: رأيتك أفسدت دنياه وأفسد عليك آخرتك بلغني أنك كنت تعيره ذات النطاقين فقد لي نطاق أغطي به طعام رسول صلى وسلم النمل ونطاق بد للنساء منه ولم يراجعها وقيل دخل إن ابنك ألحد هذا البيت وإن أذاقه عذاب أليم كذبت برا بوالديه صواما قواما أخبرنا أنه سيخرج ثقيف كذابان الآخر منهما شر وهو مبير إسناده قوي وهذا درس الصدع بقول الحق أمام يقدر إلا أوتي قوة وشجاعة دين وتوكل بعد انتصر حربه أقره ولاية وإياهم المدينة خلاف كبير وفي 75 قدم وخطب منبر النبي فعزل لكثرة الشكايات وأقره العراق اسم منقوش العملة باللغة العربية عام 695 م دامت عاماً وفيها مات وكانت عراقين عراق العرب وعراق العجم فنزل بالكوفة أرسل الناس بالاجتماع المسجد ملثماً بعمامة حمراء واعتلى المنبر فجلس وأصبعه فمه ناظراً المجتمعين ضجوا سكوته خلع عمامته فجأة وقال خطبته المشهورة التي بدأها بقول: أنا جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني ومنها: الثقفي أما فإني لأحمل الشر بثقله وأحذوه بنعله وأجزيه بمثله إني لأرى رؤوساً أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها لكأني أنظر بين العمائم واللحى قال: أمير المؤمنين نثل كنانة يديه فعجم عيدانها عوداً فوجدني أمرّها وأشدها مكسراً فوجهني إليكم ورماكم بي النفاق والشقاق ومساوئ الأخلاق إنكم طالما أوضعتم الفتنة واضطجعتم مناخ الضلال وسننتم سنن الغي وأيم لألحونكم لحو العود ولأقرعنكم قرع المروة ولأعصبنكم عصب السلمة ولأضربنكم غرائب الإبل أحلق فريت أعد وفيت إياي وهذه الزرافات وما يقول يكون أنتم وذاك؟ يا العراق! إنما قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً فكفرتم بأنعم فأتاها وعيد القرى ربها فاستوسقوا واعتدلوا تميلوا واسمعوا وأطيعوا وشايعوا وبايعوا واعلموا ليس مني الإكثار والإبذار والإهذار النفار والفرار انتضاء السيف يغمد الشتاء والصيف يذل لأمير صعبكم ويقيم أودكم وصغركم وجدت الصدق البر ووجدت الجنة الكذب الفجور النار[؟] أمرني بإعطائكم أعطياتكم وإشخاصكم لمجاهدة عدوكم وعدو أمرت لكم بذلك وأجلتكم ثلاثة أيام وأعطيت عهداً يؤاخذني ويستوفيه لئن تخلف منكم بعد قبض عطائه أحد لأضربن عنقه ولينهبن ماله التفت الشام[؟] الشام[؟]! البطانة والعشيرة لريحكم أطيب ريح المسك الأذفر وإنما قال الله: "ضرب مثلاً كلمة طيبة كشجرة أصلها ثابت وفرعها السماء" والتفت أنتن الأبخر "ومثل خبيثة اجتثت فوق الأرض[؟] مالها قرار" اقرأ غلام: فقال القارئ: بسم الرحمن الرحيم بالعراق والمسلمين سلام عليكم أحمد فسكتوا المنبر: "أسكت غلام" فسكت فقال:" الشقاق ويا يسلم فلا تردون السلام؟ أدب أبيه؟ بقيت لأؤدبنكم أدباً سوى أبيه ولتستقيمن لأجعلن لكل امرئ جسده شغلاً بلغ موضع صاحوا وعلى ورحمة وبركاته فأنهاه ودخل قصر " الثقفي —الحجاج يوسف وبين سياسته الشديدة وبين شخصيته ألقى الرعب قلوب ومن حكم الجزيرة فكانت اليمن والبحرين والحجاز وكذلك خراسان[؟] المشرق تتبعه فقاتل الخوارج والثائرين الدولة الأموية معارك كثيرة الغلبة عليهم الحروب وبنى فجعلها عاصمته حروب الخوارج في 76 وجه قادته منهم زائدة قدامة لقتال شبيب الشيباني البكري الوائلي لشبيب فهزمهم جميعاً خرج "شبيب" الموصل يريد مهاجمة ومعه "غزالة" وخرج "الحجّاج" البصرة أيضاً وأسرع لملاقاته قبل وصوله الحجّاج أسرع فدخل وتحصّن خوفاً ملاقاة و"غزالة" عيّره الشعراء ومنهم عمران حِطّان ملاحقاً يعيّره بهروبه اللقاء واختبائه الإمارة: أسدٌ عليّ نعامة ربداء تجفل صفير الصافرِ هلاّ برزت الوغى بل قلبك جناحي طائر صدعت غزالة قلبه بفوارس تركت مدابره كأمس الدابر ودخل "جهيزة" وزوجته عند الصباح نذرت تدخل مسجد فتصلّي ركعتين تقرأ الأولى سورة «البقرة» الثانية «آل عمران» وهما أطول سورتين سور القرآن الكريم جاؤوا الجامع سبعين رجلاً فصلّت وخرجت نذرها وهي محاطة بمظاهر التقدير والاحترام والذين حروب الحرورية أقلقتهم كثيراً قالوا السنة: وفت "الغزالة" نذرها يا ربّ تغفر لها وظلّ رأس قوّة «الحرورية» يحاربون هزموا مدّة سنتين للمرّة ألف مقاتل مئتين نساء تقلّدن السيوف وحملن الرماح ووصلوا بعدما قتلوا حرّاسه ونصّب فخطبت فيمن حضر "أيمن خريم فاتك الأسدي" ذلك: أقامت سوق الضراب لأهل العراقين شهراً قميطا (كاملاً) سمت للعراقين جيشها فلاقى العراقان منها بطيطا (عجباً) كما "عتبان وصيلة الخارجي" يخاطب مفاخراً برجال معدّداً مناقبهم وبطولاتهم قصيدة وذكر خصّها بهذا قصيدته تلك: "غزالة" النّذر منا حميدةٌ لها سهام المسلمين نصيبُ فأرسل جيوشاً عديدةً لمحاربة قوّات وغزالة استطاعت القوّات وبعد عنيفة تنتصر قتلت معركة قرب وحمل رأسها الفرسان ليأخذه شاهده وعرفه فرسانه فقتله وعاد بالرأس الذي بغسله وتكفينه ودفنه قبرها: هي أقرب رحماً أما قطري الفجاءة بينه جيشٍ جيوش الأمويين بقيادة «سفيان الأبرد الكلبي» باشر قتل سَوْرَة أبجر الدارمي أبان دارم 78هـ أُخِذَ رأسه فجيء قتله بطبرستان تسع عَثَرَ فرسه فاندقت فخذه فمات فأُخِذَ ثورة الأشعث في 80 ولى سجستان وجهز عظيماً للجهاد استقر ابتداء حرب طويلة بينهما 81 قام وقاتلوا يوم عيد الأضحى وانهزم فقيل أربع وثمانون وقعة مائة والباقية 82 استعرت الحرب وابن وبلغ جيش مبلغاً كبيراً القوة والكثرة جاءت 83 دير الجماجم أكثر الوقائع هولاً تاريخ النصر الثوار وقُتل خلق كثير وغنم شيئاً وكانت الفصل والكندي ظفر بكل قتيل وأسير الالتجاء رتبيل هدد رُتبيل بغزو بلاده يسلِّمه ووافق شريطة ألاّ تغزى وأن يؤدي السنين العشر مئة درهم أدرك سيُسلّم عمارة تميم اللخمي فتحيّن غفلة الحرس وألقى بنفسه القصر واحتز جند وأرسلوه 85 وانتهت بموته ثورة أقسى الأزمات واجهتها ولاية الوليد ثم 86 وتولى ابنه الوليد بعده فأقر أبوه وقربه فاعتمد كره أخيه وولي عهده سليمان عمه العزيز إذا تولى الحكم فرد مستخفاً مما زاد ولمظالمه وإذ ذاك قتيبة مسلم يواصل فتوحه ففتح بلاداً تركستان الشرقية وتركستان الغربية واشتبكت جيوشه الصين سيره البلاد نفس الوقت أخ بفتح بلاد السند (باكستان اليوم) من مواقف الحجاج عن بكر خيثمة أيوب مرة بجانب سعيد المسيب منصب وسلطة فجعل يرفع ويقع قبله السجود أخذ بطرف ردائه –وكان الصلاة فما ينازعه بردائه قضى ذكره أقبل له: «يا سارق خائن تصلي الصلاة؟ فوالله لقد هممت أضرب النعل وجهك» فلم يرد مضى فعاد جاء نائباً كر راجعاً مجلس فقصده فخشي فجاء جلس «أنت صاحب الكلمات؟» فضرب صدره بيده وقال: «نعم» «فجزاك معلم ومؤدب خيراً صليت بعدك صلاة وأنا أذكر قولك» ومضى وفاة الحجاج مرض مرضًا غريبًا يحكى المؤرخون الثقاة كابن خلكان الثقفي حيث مرضه بالأكلة وقعت بطنه ودعا بالطبيب لينظر فأخذ لحمًا وعلقه خيط وسرحه حلقة وتركه ساعة أخرجه علق دود وسلّط الزمهرير الكوانين تجعل حوله مملوءة نارًا وتدنى تحرق يحس بها الثقفي وقال الأصمعي: لما حضرت الوفاة أنشد يقول: يَا رَبِّ قَدْ حَلَفَ الأَعْدَاءُ وَاجْتَهَدُوا بِأَنَّنِي رَجُلٌ مِنْ سَاكِنِي النَّارِ أَيَحْلِفُونَ عَلَى عَمْيَاءَ؟ وَيْحَهُمُ ما عِلْمُهُمْ بكريم العَفْوِ غَفَّارِ؟ مات شوال ولمّا يعلم أشرفت جارية بكت وقالت «ألا مطعم الطعام ومُيتم الأيتام ومُرمل النساء ومفلق الهام وسيد مات» أوصى يزيد يُدفن سرا يخفي كي يتعرض للنبش ترك وصيته يوسف: يشهد إله وحده شريك محمداً عبده ورسوله وأنه يعرف طاعة يحيا وعليها يموت يبعث الخ ويروى قيل وفاته: ألا تتوب؟ مسيئاً فليست التوبة محسناً الفزع ورد دعا اللهم اغفر يزعمون تفعل دُفن قبر معروف المحلة فتفجع وجاء الأمصار يعزونه موته يقول: جلدة عينيه أما أنا فأقول وجهي آراء قيلت فيه قال فيه: الثقفي أهلكه والأمراء الثقفي قال الجصاص الثقفي ولم يكن آل أظلم أكفر أفجر عبدالملك عماله أول قطع ألسنة الأمر بالمعروف : الثقفي وقد وشيعته روي ألفاظ بشعة شنيعة ظاهرها الكفر قدمنا الثقفي كان شهامة عظيمة سيفه رهق (الهلاك والظلم) يغضب غضب الملوكِ أيضاً: عنيداً مقداماً تاب وأقلع عنها وإلا فهو باق عهدتها يخشى أنها رويت بنوع يكثر تلاوة ويتجنب المحارم يُشتهر شيء التلطخ بالفروج متسرعاً نكفر نمدحه نسبه ونبغضه بسبب تعديه بعض حدود وأحكامه الثقفي كما تحدث عينهم وكانوا ذوي سمعة مثل عروة المغيرة شعبة حيث ولي إمرة ملاحظة سأل عدد حروف القرآن وصف تاريخي كان بليغاً محباً للشعر الاستشهاد مُعظماً وآياته كريماً شجاعاً مقحمات عظام وأخبار مهولة الثقفي إن تدفعوا بأيديكم بالاستكانة والتضرع فإنه تعالى ((وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ)) المؤمنون آية الثقفي — الحسن البصري الحجاج والشام العلاقة هي العلاقات تعقيداً وطرافة أكثرها ترويعاً التاريخ الإسلامي فالحجاج وُلي كارهاً لأهلها وهُم كارهون واستمرت العلاقة بالإجبار كان دائم السب خطبه فكثيرة يذكر بشكل سيئ والتي يرى العراقيون إساءة اليوم فدائماً يذكرهم: "يا والنفاق آخر يمعن صفاتهم: "فإنكم اضجعتم مراقد الضلالة وغير الخطب الكثيرة فيهم كراهة لهم ومن أراد الحج[؟] استخلف ولده بهم بغير وصية الرسول الأنصار محسنهم ويتجاوز مسيئهم أوصاه يتجاوز لهم: أعلم أنكم تقولون مقالة يمنعكم إظهارها خوفكم أحسن لك الصحابة وأرد عليكم: الخلافة وأنهم شمتوا فُجع بولده وأخيه فخطب متوعداً إياهم مرض فشاع محتفلين ليخطب خطبة فيها: "وهل أرجو الخير الموت" أما محبة للحجاج وأكثرهم نصرة وبكاء مماته أنهم كانوا يقفون فيقولون رحم أبا الإشادة بخصالهم والرفع مكانتهم الاستنصار ومعظم جيشه رفيقاً ميراث الحجاج بنى وسير الفتوح لفتح خطط وحفظ أركانها قامعاً الفتن غير خلف ميراثاً الظلم وسفك يسبق مثيل كما كرهاً وحقداً لأفعاله ومنها وقتله إياه فعله وحقد لعظيم والشيعة لعدم احترامه بقي ميراث حياً الآن يزال وتطاحن المختلفين تزال الأخبار المختلقة تخالط يُلعن ويُسب ويراه الباحثون السياسي نموذجاً للطاغية الظالم سفاك المذكرات مجاناً PDF اونلاين هى كتبها أصحابها أشخاص آخرون تجارب شخصيات رسمت وأسست قواعد هامة حياتنا تستوجب القراءة والتفكّر

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
الحجاج بن يوسف الثقفي المفترى عليه
كتاب

الحجاج بن يوسف الثقفي المفترى عليه

ــ د. محمود زيادة

صدر 1995م عن دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
الحجاج بن يوسف الثقفي المفترى عليه
كتاب

الحجاج بن يوسف الثقفي المفترى عليه

ــ د. محمود زيادة

صدر 1995م عن دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
مميّز
حول
د. محمود زيادة ✍️ المؤلف
المتجر أماكن الشراء
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة 🏛 الناشر
مناقشات ومراجعات
QR Code
عن كتاب الحجاج بن يوسف الثقفي المفترى عليه:
أبو محمد الحجاج بن يوسف الثقفي (40 - 95 هـ = 660 - 714 م)، قائد في العهد الأموي، وُلِدَ ونَشأَ في الطائف وانتقل إلى الشام فلحق بروح بن زنباع نائب عبد الملك بن مروان فكان في عديد شرطته، ثم ما زال يظهر حتى قَلَّدَه عبد الملك أمر عسكره. أمره عبد الملك بقِتالِ عبد الله بن الزبير، فزحف إلى الحجاز بجيشٍ كبيرٍ وقتل عبد الله وفرَّق جموعه، فولاَّه عبدُ الملك مكة والمدينة والطائف، ثم أضاف إليها العراق والثورة قائمة فيه، فانصرف إلى الكوفة في ثمانية أو تسعة رجال على النجائب، فقمع الثورة وثبتت له الإمارة عشرين سنة. بنى مدينة واسط ومات بها، وأجري على قبره الماء، فاندرس. وكان سَفَّاكاً سَفَّاحاً مُرْعِباً باتِّفاقِ مُعْظَمِ المُؤَرِّخِين. عُرف بـالمبير أي المُبيد.

ذُكر أن الحجاج كان قبيح الوجه وصغير الجسد ، ولكن كان فصيحاً وبليغاً وخطيبا جباراً ، وقد كان ناصبيا يبغض عليا في هوى بني أمية وكان جبارا عنيدا مقداما على سفك الدماء بأدنى شبهة ، وكان حقودًا حسودا كما وصف نفسه لعبد الملك بن مروان ، وبمراجعة سريعة على تاريخه وأفعاله يتضح للباحث بأنه كان سياسيا محنّكاً وقائداً مدبراً، وكثيراً ما استخدم المكر والخداع لكي ينتصر في حروبه.

سيرته
حرب مكة
في 73 هـ قرر عبد الملك بن مروان التخلص من عبد الله بن الزبير، فجهز جيشاً ضخماً لمنازلة ابن الزبير في مكة، وأمر عليه الحجاج بن يوسف، فخرج بجيشه إلى الطائف، وانتظر الخليفة ليزوده بمزيد من الجيوش، فتوالت الجيوش إليه حتى تقوى تماماً، فسار إلى مكة وحاصر ابن الزبير فيها، وقد ضرب الكعبة بالمنجنيق حتى هدمها، وقد ذكر الإمام الذهبي ذلك في السير 4/343:أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين كهلا، وكان ظلوماً جباراً ناصبيا خبيثا سافكا للدماء، وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء، وفصاحة وبلاغة وتعظيم للقرآن، قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير، وحصاره لابن الزبير بالكعبة ورميه إياها بالمنجنيق وإذلاله لأهل الحرمين، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الأشعث له وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله، فنسبُّه ولا نحبه بل نبغضه في الله فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان، وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه وأمره إلى الله، وله توحيد في الجملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء. انتهى.

وقد ذكرت تلك الواقعة أيضا في البداية والنهاية/الجزء الثامن/ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين :-

قال الواقدي: حدثني مصعب بن نائب عن نافع مولى بني أسد - وكان عالما بفتنة ابن الزبير -.

قال: حصر ابن الزبير ليلة هلال الحجة سنة ثنتين وسبعين وقتل لسبع عشر ليلة خلت من جمادى الأول سنة ثلاث وسبعين، فكان حصر الحجاج له خمسة أشهر وسبع عشرة ليلة.

وقد ذكرنا فيما تقدم أن الحجاج حج بالناس في هذه السنة الخارجة، وكان في الحج ابن عمر، وقد كتب عبد الملك إلى الحجاج أن يأتم بابن عمر في المناسك كما ثبت ذلك في الصحيحين.

فلما استهلت هذه السنة استهلت وأهل الشام محاصرون أهل مكة، وقد نصب الحجاج المنجنيق على مكة ليحصر أهلها حتى يخرجوا إلى الأمان والطاعة لعبد الملك.

وكان مع الحجاج الحبشة، فجعلوا يرمون بالمنجنيق فقتلوا خلقا كثيرا، وكان معه خمس مجانيق فألح عليها بالرمي من كل مكان، وحبس عنهم الميرة والماء، فكانوا يشربون من ماء زمزم، وجعلت الحجارة تقع في الكعبة، والحجاج يصيح بأصحابه: يا أهل الشام الله الله في الطاعة.

أعلن الحجاج الأمان لمن سلم من أصحاب ابن الزبير، وأمنه هو نفسه، غير أن عبد الله بن الزبير لم يقبل أمان الحجاج، وقاتل رغم تفرق أصحابه عنه الذين طمعوا في أمان الحجاج فقتل. وكان لابن الزبير اثنتان وسبعون سنة، وولايته تنوف عن ثماني سنين، وللحجاج اثنتان وثلاثون سنة.

ولاية الحجاج على الحجاز
قتل الحجاج ابن الزبير وصلبه، وأرسل إلى أمه "أسماء بنت أبي بكر" أن تأتيه، فأبت، فأرسل إليها لتأتين أو لأبعثن من يسحبك بقرونك، فأرسلت إليه: والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني. فلما رأى ذلك أتى إليها فقال: كيف رأيتني صنعت بعبد الله؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، وقد بلغني أنك كنت تعيره بابن ذات النطاقين، فقد كان لي نطاق أغطي به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم من النمل ونطاق لا بد للنساء منه فانصرف ولم يراجعها. وقيل دخل الحجاج عليها فقال: إن ابنك ألحد في هذا البيت، وإن الله أذاقه من عذاب أليم. قالت: كذبت، كان برا بوالديه، صواما قواما، ولكن قد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيخرج من ثقيف كذابان، الآخر منهما شر من الأول، وهو مبير. إسناده قوي وهذا درس في الصدع بقول الحق أمام الجبابرة، لا يقدر عليه إلا من أوتي قوة وشجاعة دين وتوكل.

بعد أن انتصر الحجاج في حربه، أقره عبد الملك بن مروان على ولاية مكة وأهل مكة. وكان وإياهم وأهل المدينة على خلاف كبير، وفي 75 هـ قدم عبد الملك بن مروان المدينة، وخطب على منبر النبي صلى الله عليه وسلم، فعزل الحجاج عن الحجاز لكثرة الشكايات فيه، وأقره على العراق.

ولاية الحجاج على العراق

اسم الحجاج بن يوسف منقوش على العملة باللغة العربية في عام 695 م
دامت ولاية الحجاج على العراق عشرين عاماً، وفيها مات. وكانت العراق عراقين، عراق العرب وعراق العجم، فنزل الحجاج بالكوفة، وكان قد أرسل من أمر الناس بالاجتماع في المسجد، ثم دخل المسجد ملثماً بعمامة حمراء، واعتلى المنبر فجلس وأصبعه على فمه ناظراً إلى المجتمعين في المسجد فلما ضجوا من سكوته خلع عمامته فجأة وقال خطبته المشهورة التي بدأها بقول:

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني

ومنها:

الحجاج بن يوسف الثقفي
أما والله فإني لأحمل الشر بثقله وأحذوه بنعله وأجزيه بمثله، والله يا أهل العراق إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، والله لكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى. ثم قال: والله يا أهل العراق، إن أمير المؤمنين عبد الملك نثل كنانة بين يديه، فعجم عيدانها عوداً عوداً، فوجدني أمرّها عوداً، وأشدها مكسراً، فوجهني إليكم، ورماكم بي. يا أهل العراق، يا أهل النفاق والشقاق ومساوئ الأخلاق، إنكم طالما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مناخ الضلال، وسننتم سنن الغي، وأيم الله لألحونكم لحو العود، ولأقرعنكم قرع المروة، ولأعصبنكم عصب السلمة ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، إني والله لا أحلق إلا فريت، ولا أعد إلا وفيت، إياي وهذه الزرافات، وقال وما يقول، وكان وما يكون، وما أنتم وذاك؟.

يا أهل العراق! إنما أنتم أهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، فكفرتم بأنعم الله، فأتاها وعيد القرى من ربها، فاستوسقوا واعتدلوا، ولا تميلوا، واسمعوا وأطيعوا، وشايعوا وبايعوا، واعلموا أنه ليس مني الإكثار والإبذار والإهذار، ولا مع ذلك النفار والفرار، إنما هو انتضاء هذا السيف، ثم لا يغمد في الشتاء والصيف، حتى يذل الله لأمير المؤمنين صعبكم، ويقيم له أودكم وصغركم، ثم إني وجدت الصدق من البر، ووجدت البر في الجنة، ووجدت الكذب من الفجور، ووجدت الفجور في النار[؟]، وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم وإشخاصكم لمجاهدة عدوكم وعدو أمير المؤمنين، وقد أمرت لكم بذلك، وأجلتكم ثلاثة أيام، وأعطيت الله عهداً يؤاخذني به، ويستوفيه مني، لئن تخلف منكم بعد قبض عطائه أحد لأضربن عنقه. ولينهبن ماله. ثم التفت إلى أهل الشام[؟] فقال: يا أهل الشام[؟]!

أنتم البطانة والعشيرة، والله لريحكم أطيب من ريح المسك الأذفر، وإنما أنتم كما قال الله: "ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء" والتفت إلى أهل العراق فقال: لريحكم أنتن من ريح الأبخر، وإنما أنتم كما قال الله: "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض[؟] مالها من قرار". اقرأ كتاب أمير المؤمنين يا غلام: فقال القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين إلى من بالعراق من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله، فسكتوا فقال الحجاج من فوق المنبر: "أسكت يا غلام"، فسكت، فقال:" يا أهل الشقاق، ويا أهل النفاق ومساوئ الأخلاق. يسلم عليكم أمير المؤمنين فلا تردون السلام؟ هذا أدب ابن أبيه؟ والله لئن بقيت لكم لأؤدبنكم أدباً سوى أدب ابن أبيه، ولتستقيمن لي أو لأجعلن لكل امرئ منكم في جسده وفي نفسه شغلاً، اقرأ كتاب أمير المؤمنين يا غلام"، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم فلما بلغ إلى موضع السلام صاحوا وعلى أمير المؤمنين السلام ورحمة الله وبركاته، فأنهاه ودخل قصر الإمارة." .

الحجاج بن يوسف الثقفي
—الحجاج بن يوسف

وبين في خطبته سياسته الشديدة، وبين فيها شخصيته، كما ألقى بها الرعب في قلوب أهل العراق. ومن العراق حكم الحجاج الجزيرة العربية، فكانت اليمن والبحرين والحجاز، وكذلك خراسان[؟] من المشرق تتبعه، فقاتل الخوارج، والثائرين على الدولة الأموية في معارك كثيرة، فكانت له الغلبة عليهم في كل الحروب، وبنى واسط، فجعلها عاصمته.

حروب الخوارج
في عام 76 هـ وجه الحجاج خمسة من قادته منهم زائدة بن قدامة الثقفي لقتال شبيب الشيباني البكري الوائلي، فكانت الغلبة لشبيب، فهزمهم جميعاً، ثم خرج "شبيب" من الموصل يريد مهاجمة الكوفة ومعه "غزالة"، وخرج "الحجّاج" من البصرة يريد الكوفة أيضاً، وأسرع "شبيب" لملاقاته قبل وصوله الكوفة، ولكن الحجّاج كان أسرع منه، فدخل الكوفة وتحصّن في قصر الإمارة خوفاً من ملاقاة "شبيب" و"غزالة"، وقد عيّره الشعراء بذلك، ومنهم عمران بن حِطّان وكان ملاحقاً من "الحجّاج"، فقال يعيّره بهروبه من اللقاء واختبائه في دار الإمارة:

أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامة ربداء تجفل من صفير الصافرِ
هلاّ برزت إلى "غزالة" في الوغى بل كان قلبك في جناحي طائر
صدعت غزالة قلبه بفوارس تركت مدابره كأمس الدابر

ودخل "شبيب" الكوفة ومعه أمه "جهيزة" وزوجته غزالة عند الصباح، وكانت غزالة قد نذرت أن تدخل مسجد الكوفة فتصلّي فيه ركعتين، تقرأ في الأولى سورة «البقرة»، وفي الثانية سورة «آل عمران»، وهما أطول سورتين من سور القرآن الكريم، وقد جاؤوا إلى الجامع في سبعين رجلاً، فصلّت فيه غزالة ركعتين وخرجت من نذرها وهي محاطة بمظاهر التقدير والاحترام، ولكن أهل الكوفة والذين كانت حروب الحرورية قد أقلقتهم كثيراً، قالوا في تلك السنة:

وفت "الغزالة" نذرها يا ربّ لا تغفر لها

وظلّ شبيب ومعه غزالة على رأس قوّة من الخوارج «الحرورية» يحاربون "الحجّاج" حتى هزموا له عشرين جيشاً في مدّة سنتين، وقد دخل "شبيب" الكوفة للمرّة الثانية على رأس ألف مقاتل ومعه "غزالة" على رأس مئتين من نساء الخوارج، وقد تقلّدن السيوف وحملن الرماح، ووصلوا إلى المسجد الجامع بعدما قتلوا حرّاسه ومن كان فيه، ونصّب "شبيب" "غزالة" على المنبر، فخطبت فيمن حضر، وقد قال "أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي" في ذلك:

أقامت "غزالة" سوق الضراب لأهل العراقين شهراً قميطا (كاملاً)
سمت للعراقين في جيشها فلاقى العراقان منها بطيطا (عجباً)

كما قال "عتبان بن وصيلة الشيباني الخارجي" يخاطب عبد الملك بن مروان مفاخراً برجال الخوارج معدّداً مناقبهم وبطولاتهم في قصيدة له، وذكر فيمن ذكر "غزالة" التي خصّها بهذا البيت من قصيدته تلك:

"غزالة" ذات النّذر منا حميدةٌ لها في سهام المسلمين نصيبُ
فأرسل عبد الملك بن مروان جيوشاً عديدةً من الشام لمحاربة قوّات شبيب وغزالة، وقد استطاعت تلك القوّات وبعد معارك عنيفة أن تنتصر على قوّات شبيب، وقد قتلت غزالة في معركة قرب الكوفة، وحمل رأسها أحد الفرسان ليأخذه إلى "الحجّاج"، ولكن "شبيب" شاهده وعرفه، فأرسل إليه أحد فرسانه فقتله وعاد بالرأس إلى "شبيب" الذي أمر بغسله وتكفينه ودفنه، وقال شبيب فوق قبرها:

هي أقرب إليكم رحماً.

أما قطري بن الفجاءة فقتل في معركة بينه وبين جيشٍ من جيوش الأمويين بقيادة «سفيان بن الأبرد الكلبي»، وكان الذي باشر قتل قطري سَوْرَة بن أبجر الدارمي، من بني أبان بن دارم. وكان ذلك سنة 78هـ. ثم أُخِذَ رأسه فجيء به إلى الحجاج. وقيل إن قتله كان بطبرستان في سنة تسع وسبعين، وقيل عَثَرَ به فرسه فاندقت فخذه فمات، فأُخِذَ رأسه فجيء به إلى الحجاج.

ثورة ابن الأشعث
في 80 هـ ولى الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث على سجستان، وجهز له جيشاً عظيماً للجهاد. فلما استقر ابن الأشعث بها خلع الحجاج، وخرج عليه، وكان ذلك ابتداء حرب طويلة بينهما. وفي 81 هـ قام مع الأشعث أهل البصرة، وقاتلوا الحجاج يوم عيد الأضحى، وانهزم الحجاج، فقيل كانت أربع وثمانون وقعة في مائة يوم، ثلاث وثمانون على الحجاج والباقية له. وفي 82 هـ استعرت الحرب بين الحجاج وابن الأشعث، وبلغ جيش ابن الأشعث مبلغاً كبيراً من القوة والكثرة، ثم جاءت سنة 83 هـ وفيها وقعة دير الجماجم بين الحجاج وابن الأشعث.كانت من أكثر الوقائع هولاً في تاريخ بني أمية، وكان له فيها النصر على الثوار من أصحاب ابن الأشعث. وقُتل فيها خلق كثير، وغنم الحجاج شيئاً كثيراً.

وكانت تلك معركة الفصل بين الثقفي والكندي. فيها ظفر الحجاج بكل أصحاب ابن الأشعث، بين قتيل وأسير، إلا ابن الأشعث، فقد قرر الالتجاء إلى رتبيل. إلا أن الحجاج هدد رُتبيل بغزو بلاده إن لم يسلِّمه ابن الأشعث، ووافق رتبيل شريطة ألاّ تغزى بلاده عشر سنين، وأن يؤدي بعد هذه السنين العشر مئة ألف درهم في كل سنة. أدرك ابن الأشعث أنه سيُسلّم إلى عمارة بن تميم اللخمي قائد جيش الحجاج، فتحيّن غفلة من الحرس وألقى بنفسه من فوق القصر فمات واحتز جند رتبيل رأسه وأرسلوه إلى الحجاج سنة 85 هـ، وانتهت بموته ثورة كانت من أقسى الأزمات التي واجهتها الدولة الأموية.

ولاية الوليد
ثم مات عبد الملك بن مروان في 86 هـ، وتولى ابنه الوليد بعده، فأقر الحجاج على كل ما أقره عليه أبوه، وقربه منه أكثر، فاعتمد عليه. كان ذلك على كره من أخيه وولي عهده سليمان بن عبد الملك، وابن عمه عمر بن عبد العزيز. وفي ولاية الوليد هدد سليمان بن عبد الملك الحجاج إذا ما تولى الحكم بعد أخيه، فرد عليه الحجاج مستخفاً مما زاد في كره سليمان له ولمظالمه، وإذ ذاك كان قتيبة بن مسلم يواصل فتوحه في المشرق، ففتح بلاداً كثيرة في تركستان الشرقية وتركستان الغربية واشتبكت جيوشه مع جيوش الصين وكان الحجاج من سيره إلى تلك البلاد. وفي نفس الوقت قام ابن أخ الحجاج بفتح بلاد السند (باكستان اليوم).

من مواقف الحجاج
عن أبي بكر بن أبي خيثمة عن بحر بن أيوب عن عبد الله بن كثير قال : صلى الحجاج مرة بجانب سعيد بن المسيب قبل أن يكون الحجاج ذا منصب وسلطة فجعل يرفع قبل الإمام ويقع قبله في السجود. فلما سلم أخذ سعيد بطرف ردائه –وكان له ذكر بعد الصلاة _ ، فما زال الحجاج ينازعه بردائه، حتى قضى سعيد ذكره. ثم أقبل عليه سعيد فقال له: «يا سارق، يا خائن. تصلي هذه الصلاة؟ فوالله لقد هممت أن أضرب بهذا النعل وجهك». فلم يرد عليه. ثم مضى الحجاج إلى الحج، فعاد إلى الشام. ثم جاء نائباً على الحجاز. فلما قتل ابن الزبير، كر راجعاً إلى المدينة نائباً عليها. فلما دخل المسجد، إذا مجلس سعيد بن المسيب. فقصده الحجاج، فخشي الناس على سعيد منه. فجاء حتى جلس بين يديه، فقال له: «أنت صاحب الكلمات؟». فضرب سعيد صدره بيده وقال: «نعم». قال: «فجزاك الله من معلم ومؤدب خيراً. وما صليت بعدك صلاة إلا وأنا أذكر قولك». ثم قام ومضى.
وفاة الحجاج
مرض الحجاج مرضًا غريبًا يحكى عنه المؤرخون الثقاة كابن خلكان

الحجاج بن يوسف الثقفي حيث كان مرضه بالأكلة وقعت في بطنه، ودعا بالطبيب لينظر إليها، فأخذ لحمًا وعلقه في خيط وسرحه في حلقة وتركه ساعة، ثم أخرجه وقد علق به دود كثير، وسلّط عليه الزمهرير، فكانت الكوانين تجعل حوله مملوءة نارًا وتدنى منه حتى تحرق وهو لا يحس بها الحجاج بن يوسف الثقفي
وقال الأصمعي: لما حضرت الحجاج الوفاة أنشد يقول:

يَا رَبِّ قَدْ حَلَفَ الأَعْدَاءُ وَاجْتَهَدُوا بِأَنَّنِي رَجُلٌ مِنْ سَاكِنِي النَّارِ
أَيَحْلِفُونَ عَلَى عَمْيَاءَ؟ وَيْحَهُمُ ما عِلْمُهُمْ بكريم العَفْوِ غَفَّارِ؟
مات الحجاج في رمضان أو شوال سنة 95 ، ولمّا مات لم يعلم أحد بموته حتى أشرفت جارية، بكت وقالت «ألا أن مطعم الطعام، ومُيتم الأيتام، ومُرمل النساء، ومفلق الهام، وسيد أهل الشام قد مات» ، وكان قد أوصى يزيد بن أبي مسلم أن يُدفن سرا وأن يخفي موضع قبره، كي لا يتعرض للنبش .

ترك الحجاج وصيته، وفيها قال: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به الحجاج بن يوسف: أوصى بأنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأنه لا يعرف إلا طاعة الوليد بن عبد الملك، عليها يحيا وعليها يموت وعليها يبعث.. الخ.

ويروى أنه قيل له قبل وفاته: ألا تتوب؟ فقال: إن كنت مسيئاً فليست هذه ساعة التوبة، وإن كنت محسناً فليست ساعة الفزع. وقد ورد أيضاً أنه دعا فقال: اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل.

دُفن في قبر غير معروف المحلة في واسط، فتفجع عليه الوليد، وجاء إليه الناس من كل الأمصار يعزونه في موته، وكان يقول: كان أبي يقول أن الحجاج جلدة ما بين عينيه، أما أنا فأقول أنه جلدة وجهي كله.

آراء قيلت فيه
قال الذهبي فيه:
الحجاج بن يوسف الثقفي أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين كهلا، وكان ظلوماً جباراً ناصبيا خبيثا سافكا للدماء، وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء، وفصاحة وبلاغة وتعظيم للقرآن، قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير، وحصاره لابن الزبير بالكعبة ورميه إياها بالمنجنيق وإذلاله لأهل الحرمين، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الأشعث له وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله، فنسبُّه ولا نحبه بل نبغضه في الله فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان، وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه وأمره إلى الله، وله توحيد في الجملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء الحجاج بن يوسف الثقفي
قال الجصاص فيه:
الحجاج بن يوسف الثقفي ولم يكن في العرب ولا آل مروان أظلم ولا أكفر ولا أفجر من عبدالملك ولم يكن في عماله أكفر ولا أظلم ولا أفجر من الحجاج وكان عبدالملك أول من قطع ألسنة الناس في الأمر بالمعروف الحجاج بن يوسف الثقفي
قال ابن كثير فيه :
الحجاج بن يوسف الثقفي وقد كان ناصبيا يبغض عليا وشيعته في هوى آل مروان بني أمية، وكان جبارا عنيدا، مقداما على سفك الدماء بأدنى شبهة وقد روي عنه ألفاظ بشعة شنيعة ظاهرها الكفر كما قدمنا الحجاج بن يوسف الثقفي
قال ابن كثير فيه:
الحجاج بن يوسف الثقفي كان فيه شهامة عظيمة وفي سيفه رهق (الهلاك والظلم)، وكان يغضب غضب الملوكِ...وقال أيضاً: وكان جباراً عنيداً مقداماً على سفك الدماء بأدنى شبهة، وقد روي عنه ألفاظ بشعة شنيعة ظاهرها الكفر، فإن كان قد تاب منها وأقلع عنها، وإلا فهو باق في عهدتها ولكن يخشى أنها رويت عنه بنوع من زيادة عليه...،وكان يكثر تلاوة القرآن ويتجنب المحارم، ولم يُشتهر عنه شيء من التلطخ بالفروج، وإن كان متسرعاً في سفك الدماء. فلا نكفر الحجاج، ولا نمدحه، ولا نسبه ونبغضه في الله بسبب تعديه على بعض حدود الله وأحكامه، وأمره إلى الله. الحجاج بن يوسف الثقفي
كما أن ابن كثير تحدث عن بعض من عينهم الحجاج وكانوا ذوي سمعة طيبة مثل عروة بن المغيرة بن شعبة حيث ولي إمرة الكوفة.

ملاحظة : الحجاج بن يوسف أول من سأل عن عدد حروف القرآن

وصف تاريخي
كان الحجاج بن يوسف بليغاً فصيحاً، محباً للشعر كثير الاستشهاد به، مُعظماً للقرآن الكريم وآياته، كريماً، شجاعاً، وله مقحمات عظام وأخبار مهولة.

الحجاج بن يوسف الثقفي إن الحجاج عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع، فإنه تعالى يقول ((وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ))، سورة المؤمنون آية 76. الحجاج بن يوسف الثقفي
— الحسن البصري

الحجاج وأهل العراق والشام
العلاقة بين الحجاج وأهل العراق هي من أكثر العلاقات تعقيداً وطرافة، ومن أكثرها ترويعاً في التاريخ الإسلامي، فالحجاج وُلي على العراق كارهاً لأهلها، وهُم له كارهون، واستمرت العلاقة بينهما بالإجبار.
كان الحجاج دائم السب لأهل العراق في خطبه، فكثيرة خطبه التي يذكر فيها أهل العراق بشكل سيئ، والتي يرى فيها العراقيون إساءة إلى اليوم.
فدائماً كان يذكرهم:
"يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق...." إلى آخر خطبه، والتي يمعن فيها في ذكر صفاتهم:
"فإنكم قد اضجعتم في مراقد الضلالة..."، وغير ذلك من الخطب الكثيرة فيهم، كراهة منه لهم.
ومن ذلك أنه لما أراد الحج[؟] استخلف ابنه محمد عليهم، وخطب فيهم أنه أوصى ولده بهم بغير وصية الرسول في الأنصار، أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، فقد أوصاه ألا يقبل من محسنهم، ولا يتجاوز عن مسيئهم، وقال لهم: أعلم أنكم تقولون مقالة لا يمنعكم من إظهارها إلا خوفكم لي، لا أحسن الله لك الصحابة، وأرد عليكم: لا أحسن الله عليكم الخلافة.
وأنهم شمتوا به يوم فُجع بولده محمد، وأخيه محمد في نفس اليوم، فخطب فيهم متوعداً إياهم.
ومن ذلك أنه مرض فشاع بين الناس موته، فخرج أهل العراق محتفلين بموته، غير أنه قام من مرضه ليخطب فيهم خطبة قال فيها: "وهل أرجو الخير كله إلا بعد الموت"

أما أهل الشام[؟] فكانوا أكثر الناس محبة للحجاج، وأكثرهم نصرة له، وبكاء عليه بعد مماته، وقيل أنهم كانوا يقفون على قبره فيقولون رحم الله أبا محمد. وكان الحجاج محباً لهم، دائم الإشادة بخصالهم، والرفع من مكانتهم، وكان كثير الاستنصار بهم، ومعظم جيشه كان منهم، وكان رفيقاً بهم.

ميراث الحجاج
بنى الحجاج واسط، وسير الفتوح لفتح المشرق، خطط الدولة وحفظ أركانها قامعاً كل الفتن.
غير أن الحجاج خلف أيضاً ميراثاً من الظلم وسفك الدماء لم يسبق له مثيل.
كما خلف في قلوب الناس، حتى الأمويين، كرهاً له وحقداً عليه لأفعاله، ومنها حرب ابن الزبير وقتله إياه في مكة، وما فعله في وقعة دير الجماجم.
وحقد عليه الخوارج لعظيم فعله بهم، والشيعة لعدم احترامه آل البيت. بقي ميراث الحجاج حياً إلى الآن، فلا يزال موضع حرب وتطاحن بين المختلفين، ولا تزال الأخبار المختلقة تخالط سيرته، ولا زال يُلعن ويُسب. ويراه الباحثون في التاريخ السياسي نموذجاً للطاغية الظالم سفاك الدماء.
الترتيب:

#6K

0 مشاهدة هذا اليوم

#18K

2 مشاهدة هذا الشهر

#20K

12K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 472.