█ _ أحمد خالد توفيق 1998 حصريا رواية ❞ ذات مرة الغرب ❝ عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2024 الغرب: نبذة عامة : سلسلة فانتـازيا سلسلة روايات من تأليف د بدأ إصدارها عام 1995 وهي ثاني له وتلعب دور البطولة الأساسي بها شخصية عبير عبد الرحمن نموذج آخر للبطل الذي يحمل مواصفات ضد البطل البطلة (عبير الرحمن) لما يُسمى بـ"نقيض البطل" أو "البطل المخالف للعرف" (بالإنجليزية: بطل مخالف للعرف) عالم فانتازيا مكون مخيلة الفتاة الرقيقة الهشة الحالمة والتي قرأت كمًّا الكتب والقصص والروايات التي يصعب أن يلم شخص واحد وفي هذا العالم العديد المدن والجسور والقرى والسهول والقلاع والحصون والأبراج والأسوار تحيط بمختلف أنواع الأدب والخيال بداخلها تطوف بمساعدة المرشد مرشد فانتازيا :أبطال السلسلة شريف إبراهيم زوج (عبير) السابق ومخترع جهاز (دي جي 2) صفوت صديق (شريف) ورئيس سابقاً حينما كانت تعمل مكتب الكمبييوتر المرشد عبر فانتازيــا والذي يشبه وجهه وجه مدرس اللغة لـ(عبير) نبذه منالرواية: حين تأخذنا ( ) إلى نعرف أننا سنواجه كل شىء الهنود الحمـر الثائرين والوعـاظ المزيفين والدببـة الشهباء الغاضبة والجمعيـات السرية التى شعارها الـدم والأوغاد المتحرشين بكل قادم فى الحانات وأكثر نلقاه مجاناً PDF اونلاين يقول عنها الكاتب المقدمة (مقدمة العدد 46): "(عبير عادية حد غير مسبوق يخطف الأبصار إنها الشخص نتمنى ألا نكونه حين نتحدث أنفسنا لا يتفوق الجمال القوة البراعة الذكاء [ ] ثمة أبطال قصص يمتازون بالقوة بالذكاء الخارق بالحظ العاثر بأنهم بشيء ويبدو هذه الفئة الأخيرة" ونقتبس الآن مقدمة 16: "لقد قابلتْ خبير الكمبيوتر الثري الوسيم والأهم العبقري وكان وقتها يبحث فتاة جدًا ولا تملك أي ذكاء ستخضع لاختبار (صانع الأحلام) ابتكره وهو قادر استرجاع ثقافة المرء وإعادة برمجتها صوة مغامرات متكاملة ولأن تقرأ كثيرًأ ولأن عقلها مزدحم بأبطال القصص ومواقف القصص؛ صار خامة صالحة لخلق مئات المثيرة (عبير) سترى عشقتها ولكن مع تحوير بسيط: ستكون جزءًا متفاعلًا قصة! ستطير (سوبر مان) وتتسلق الأشجارمع (طرزان) وتغوص أعماق المحيط كابتن (نيمو)" ارتادتْ عوالمَ مختلفة والتقت بشخصيات خيالية وحقيقية سبيل المثال التقت (بجيمس بوند) و(طرزان) و(سوبر و(باتمان) و(أدهم صبري) و(رفعت إسماعيل) و(نور) ورفاقه (في الأعداد (3) (14) (29) (31) (35) (40) بالترتيب) كما (بشكسبير) و(دوستويفسكي) و(سيبويه) و(تشي جيفارا) و(أحمد بن ماجد) و(المتنبي) (10) (30) (44) (45 و46) (53) (54) والتقت أخرى كثيرة نقتبس مجددًا "وتزوج ربما لانه أحبها حقًّا وربما لأنه كان بحاجة إبقاء فأر تجاربه معه للأبد ونعرف حامل" وأنجبت طفلةً فيما بعد من الجدير بالذكر لم تُكوَّن جيدًا بتعبيرِ آخر: تُشَكَّل أدبيًا نحو جيد ولقد أشار (ألمؤلف) نفسُه فيلمٍ تسجيلي بعنوان (اللغز وراء السطور) قال: "عبير مش مِتْشَكِّلة أوي الناس بتقرأ أول أربع صفح بعدين بتتحول لشخصية تانية" عندما تنتقل عالم الأحلام بواسطة سابق الذكر "فمفيش وقت أنك تعاشر الشخصية وتعرفها وتعرف أعماقها وتفاصيلها زي ما حصل رفعت الكتاب أوله لآخره أنت عايش عقل وأفكاره" ورفعت هو الرئيسي الطبيعة (وهي كتبها أحمد) ولقد استوحى فتاةٍ نادي فيديو قرب بيتِه يقول الخاص 30 (30 عنوان ترتيبه بين الأعداد): "رأيت فتاةً بيتنا تمضي الوقت القراءة بنهم بتوحش واضحًا أنها فقيرة ناحية المال والجمال والتعليم لكن نهمها يمنحها عوالم محدودة تزورها جالسة ذلك المكان الضيق وسط شرائط الفيديو هكذا ولدت مشهدًا طريفًا دخلت يومًا فوجدت تطالع نهم عددًا بالطبع تجهل أنني! كيف لو عرفت هي بطلة الكتيب تطالعه!" هل السلسلة مقتبسة؟ اتهم البعضُ (المؤلف) باقتباس فكرة مسلسل الخيال العلمي الأمريكي "القفزة الكمية Quantum Leap" وبينما يزعم البعض أنَّ مقتبسة آخرون أنَّه يوجد وجهَ شبه حقيقي والمسلسل المذكور الجديرِ اتُهِمَ أكثر بالاقتباس الأفلام الأجنبية أثارت المذيعة ريهام السهلي الموضوع لقاء برنامج 90 دقيقة بتاريخ 24 3 2009 قالت: "كتير يا دكتور بيتهموا حضرتك بأنك بتقتبس الأفكار ممكن أدِّي مثل اللي سالم وسلمى" وسلمى شخصيتان تأليفه وكانا يتنقلان العوالم اتُهِم بسرقة الفكرة sliders "فيه ناس بتقول دا اتقدم أكتر ردك أيه بيقولوا كدا؟" رَدَ أحمد: "أصل الأمثلة كذا مثال وكل برد رد مقنع ظهر القصة بتاعتي بخمس سنين ست سنين!" المذيعة: "دا هُم بقى مقتبسين منك!" د "مش هجرؤ أقول كدا هوليود بتسرق مني! مقدرش أنهم سرقوا مني بس أنا مسرقتش منهم" وأضاف: "الحقيقة إن قاري العالمي وشايف أفلام أجنبية بكثرة يمكن تصورها فلو حبيت أسرق لن يكتشف أحد السرقة محدش هيشك! بتاتًا!" وهذا ردٌ كافٍ يتهمونه فانتازيا عالم فانتازيا الوصول فانتازيا عادة يتم بجهاز الحاسوب ذي الأقطاب المسمى دي 1 والإصدارة الثانية منه 2 ونادرًا تدخله بمجرد النوم أبطال
❞ وابتسمت ..
وتمنيت ألا يرى أحد ابتسامتي ..
لقد رأيت في حياتي أفخم القصور في ( سكوتلندا ) ، وأرقى الفنادق في ( چينيف ) ..
لكن هذا الجو المصري الحميم ما زال يثير حنينًا شديدًا في أعماقي . ❝
❞ نفس الجلسات لنفس الفنانين و نفس المقالب.. عندما أرى هذه الجلسات أشعر بأنهم يقولون لنا : ˝ هكذا يتكلم أسيادكم و هكذا يمزحون.. هذا هو الشيء الوحيد الجدير بالمشاهدة يا أولاد الفقرية . ❝
❞ أمس راقبت ذبابة سقطت في خيوط عنكبوت .. كانت في البداية تتصرف بخيلاء وثقة. كانت تعتقد أنها حرة، وأن بوسعها التملص بشىء من الجهد الصادق .. ذبابة قوية مثلها لن تعوقها خيوط من حرير لا يمكن كتابة سمكها علي الورق .. لكنها بدأت تقلق .. بدأت تتوتر عندما عرفت أن كل حركة جديدة تقيدها أكثر .. لابد أن ربع ساعة قد مرت وهي تزداد تورطاً، وفي النهاية عرفت أن عليها أن تصاب بالذعر .. بدأت ترفرف بجناحيها بقوة وتطن بصوت مسموع وعال، حاسبة أن هذه الهستيريا سوف تحقق ما عجزت عنه .. لا جدوي .. لا جدوي.. لكن كان لطنينها نتيجة واحدة أكيدة، هي أن الذبذبات وصلت إلي العنكبوت .. لقد جاء من مكان ما، ووقف علي طرف النسيج يختبره بقدم .. تأكد من أنه متين، ثم اتجه نحو الذبابة .. كأنه كابوس يمشي علي ثمان أقدام .. لهذا يصاب الناس بالأراكنوفوبيا .. هذا المخلوق جدير بأن يستأثر لنفسه بنوع كامل من الفوبيا .. بحركات رشيقة مدروسة راح يدور حولها ليحكم الكفن الحريري. دورة. دورتان.. ثلاث دورات .. الخيط يخرج ويلتف أكثر والذبابة لم تعد مرئية تقريباً ... وفي النهاية دنا منها ليحقنها بالسم .. وسرعان ما همدت وبدأت عملية الإمتصاص .. غدًا تهب الريح وتهدم جزءًا من النسيج .. لو فتحت هذا الكفن لوجدت هيكل ذبابة بعد ما امتص منها عصارة الحياة ... هيكلاً يتهشم لو نفخت فيه .. الذبابة المغرورة التي حسبت أنها تملك إرادتها .. لكن الغرور كان مفيدًا للعنكبوت .. لابد أن تجن الذبابة وتحسب نفسها حرة . ❝
❞ مهما اعتقدت في نفسك الموضوعية، وأنك أبرع وأذكى من أن يصيبك الغرور، فثمة لحظة لا شك فيها تفقد فيها تلك الدفة وتعتقد أن ما تقوم به هو الشيء الصحيح فقط. الآخرون مضللون لا يفهمون.
جربت هذا الشعور المقيت ذات مرة، عندما حضرت إحدى حفلات التكريم في مكتبة مشهورة، وكما يوضح العنوان فهو حفل تكريم، فلا مجال للمناقشة أو الانتقاد، وإنما هو حشد من ذكر المآثر والنقاط الإيجابية. ظللت جالسًا لمدة ساعة أصغي لعبارات الإطراء التي لا أستحق ربعها. صدق أو لا تصدق: شعرت بروحي تضيق وأفقي يضيق، ورأيت صورة وهمية لنفسي أكبر بمراحل من صورتي الحقيقية.
بدأت أعتقد أنني معصوم وأن من يجادلني مغيب لا يعي ما يقول. لقد ضاق صدري بأي انتقاد أو لوم مهما كان بسيطًا واهيًا، مع أنني دخلت المكان أقرب للتواضع والميل لتقليل شأن الذات. لهذا – وقد شعرت بأن نفسيتي تتغير فعلاً – بدأت أشكر الحضور ثم أتحدث عن النقاط السلبية التي لا تروق لي في شخصي وفي كتاباتي. تذكرت هنا ما يفعله بعض المتصوفين عندما يعمدون إلى تقبيل أيدي الفقراء على سبيل كسر كبرياء النفس. والنقطة الأخطر هي أن غرورًا من نوع آخر بدأ يتكون في ذاتي: الغرور لأنني متواضع ولأنني أفعل هذا كله!.
عندما عدت لبيتي خطر لي أن الأمر كان شبيهًا بالسحر.. هذا التغيير أحدثته في نفسي بعض عبارات الإطراء لمدة ساعة فقط، فأي اضطراب وتشويه يحدث لمسئول كبير عندما يتلقى المديح طيلة حياته، وهذا المديح قد يرتفع جدًا ليدنو من العبادة؟. لا شك أن لدينا – معشر المصريين والعرب عامة – استعدادًا فطريًا لإفساد كل مسئول بهذا المدح الزائد.. كل أفكاره عبقرية.. كل أعماله إنجازات.. كل خصومه مغيبون أو عملاء.. في النهاية أنت تخلق صنمًا لا يقبل النقاش ولا يعترف بالخطأ. لا شك في أن نقطة البدء الصحيحة تكمن في اعتبار الوزير أو الرئيس شخصًا عاديًا يرتكب أخطاء، ولابد من مصارحته بها.
في أعوامه العشرة الأولى كان حسني مبارك قابلاً للنقاش وكان يصغي لمعارضيه، ويعرف ما تقوله صحف المعارضة، ثم نال منه السحر المصري الشهير فلم يفلت من عقدة (كلي القدرة والحكمة) هذه . ❝
❞ إن المرأة تفهم أن يكون الرجل وقحًا، أو عصبيًّا، أو وغدًا، أو أنانيًّا، أو بخيلًا، أو كاذبًا.. لكنها لا تفهم أن يصير غير مبالٍ بها.
يعود للدار صامتًا.. يجلس أمام التلفزيون صامتًا.. يأكل صامتًا.. ينام صامتًا.. بل ويتكلم صامتًا إذا فهمتَ معنى هذا، عيناه تتجاوزان ذاتها لتريا من خلالها، بالنسبة له هي لوح زجاج.. والمرء لا ينظر للوح زجاج أبدًا، بل يخترقه ببصره إلى العالم الواسع وراءه.
لقد وضع ذلك الحائط بينهما وصار من العسير أن يزول، وبرغم هذا لم ترَ منه كراهية ولا تقصيرًا، هو يؤدي واجباته كآلة تفعل ما يُطلب منها دون حب ولا مقت.. فقط تؤديه، وكان هذا يفوق قدرتها على التحمل، كان يعود متأخرًا دون تفسير، ويسافر (لمقتضيات العمل) أسبوعًا كل شهر، ويعود لها حاملًا هدية، التعبير الرخيص عن عاطفة لا وجود لها.
وأَدْرَكَتْ أنه الملل . ❝
❞ كان أول ما قُلْتُه عمليًّأ جدًّا:
- ˝ماذا عن الأتعاب؟˝.
ابتسمت فالتمعت عيناها الزرقاوان سرورًا، وقالت:
- ˝أنت لا تترك لي فرصة للترحيب بكم يا مستر (شلدون)، إن الأمر هيِّن على كل حال، ولن نختلف˝.
- ˝أرجو ألا أضايقكِ، لكني سمعتُ هذه الكلمة من ميكانيكي سيارتي ومن السبّاك ومن الطبيب مرارًا، وفي كل مرة يتضح لي أن الأمر لم يكن هيِّنًا قط وأنني أحمق، لهذا تجدينني أصرُّ على إيضاح نقطة كهذه قبل البدء في شيء˝.
- حوار بين (هاري شيلدون) الذي احتاج أن يستعين بخدمات ساحرة الفودو (ماريانا بوجادو) . ❝
❞ كنت الآن قد قبلت بالفعل حقيقة أنني قد دفنت حياً ..
كان هناك أولاً ذلك الرعب الوحشي .. الرعب الذي يفقدك كل تعقل أو بصيرة .. الرعب الذي يدفع المرء إلى أن يهشم قبضته على الباب تهشيمًا .. ذلك الباب المعدني الذي يفصلني عن عالم الشمس .. لكنه كان موصداً بعناية .. وكان صوت القرع عليه مكتوماً .. بالطبع لأن أكواماً من التربة تسده من الخارج ..
أدق .. أدق .. حتى أفقد الرشد ساعة .. ساعتين ؟ ثلاث ؟
أصحو والضمأ يحرق حلقي .. ومن جديد أدرك أنني هنا، وأن الذعر يقتلني ..
لكنه لا يفعل ! . ❝
❞ قال علاء :
- « عندما تتفق الكلمة على أهمية المقاطعة الاقتصادية يبرز لك ألف صوت يقول إنك بهذا تهدم اقتصادنا ذاته ، وأن هذا لن يؤثر فيهم بل فينا .. إلخ .. ويكتب في الموضوع أضعاف ما كتب عن مذبحة الحرم الإبراهيمي .. لا بد من الجدل .. لا بد من ضوضاء كثيرة في الخيمة أو البازار .. لا بد من العباقرة الذين يبرهنون للمتحمسين على أنهم حمقى ، ولو برز هؤلاء العباقرة ل (غاندی) لظلت إنجلترا في الهند فترة أطول بكثير .. »
قال بارتلييه :
- « الإنجليز لم يخرجوا من الهند بسبب امتناع الهنود عن شراء الملح والصوف .. »
قال علاء :
- « أعرف .. مثلما لن تتخلى أمريكا عن إسرائـ*ـيل لأننا قاطعنا البضائع الأمريكية .. لكنها صرخة احتجاج تقول إنك لست معدوم الإرادة إلى الحد الذي يحسبونه .. تقول إنك غاضب فعلاً .. تقول إنك لست بهذا الضعف .. ثم يعود الواحد من هؤلاء المنادين ب ( ألا جدوى هنالك ) لداره شاعراً بأنه عبقري وأنه متميز فامتاز .. النتيجة : لا شيء يحدث على الإطلاق .. الفلسطينيون فقط عرفوا أنه لا جدوى من إضاعة الوقت ، وأن هناك حلاً واحداً اسمه المقاومة .. إنهم يسطرون ملحمة حقيقية ، ولو كان خصمهم غير الإسرائـ*ـيليين لكتب العالم كفاحهم على النجوم بأقلام من ذهب .. إنهم قد تفوقوا على (ستالينجراد ) و( فيتنام ) وكل ملاحم الصمود التي تعرفونها .. »
جزء من حوار د.علاء عبدالعظيم المصري و د.موريس بارتلييه . ❝
❞ منذ العام 1960 لم يستيقظ عم ( جلال ) لصلاة الفجر ..
وهذا لسبب بسيط جداً هو أنه لم ينم قط قبلها ..
في ذلك الشارع الضيق الصغير كان الضوء الوحيد ينبعث من بقالته ، وكان هو المكان الوحيد في العالم بالنسبة لسكان الشارع على الأقل الذي تستطيع أن تبتاع منه علبة سردين أو شاي أو تبغ بعد الثانية صباحاً ..
إنه مكان دافئ آمن يشبه الفنار للسفن الضالة .. هناك سوف تقترب لتجده جالساً وسط المحل بين البضائع موقد الكيروسين بدفئه الجميل وصوته العذب فى ليالى الشتاء .. والبطانية على كتفيه وصوت ( أم كلثوم ) ينبعث من ذلك المذياع العتیق المربوط بالحبال ..
سوف تقف عنده متلذذاً بذلك الشعور : ظهرك يرتجف من الصقيع ووجهك ينعم بالدفء .. شعور يبعث فيك القشعريرة مع رغبة عارمة في أن تدخل لتنام بالداخل ، لكن هذا مستحيل لأن المحل ضيق جداً .. وقد رتب هو كل شيء بحيث لا يضطر إلى النهوض أبداً ..
لكن بقالة عم ( جلال ) من المواضع النادرة في العالم التي تجعلك تشعر بأن الحياة تستحق أن نحياها .. وقد قالت زوجة من ساكنات الشارع :
- «لو صحوت يوماً فوجدت أن هذا الرجل مات لشعرت بأن العالم قد انهار ..»
الرجل نفسه عجوز باسم لم يترك مرضاً في كتب الطب إلا اتخذه لنفسه كما يقتني هواة النفائس مقتنياتهم ، وإلى حد ما كنت تشعر بأنه يفخر بأمراضه هذه .. إنه يحدثك باعتزاز عن النقرس ويحدثك بفخر عن الروماتزم ويحدثك بكبرياء عن داء السكري .. ولو كان ذا ثقافة طبية لاتخذ مرضاً غريب الاسم مثل ( التهاب الحيزوب ) أو ( الانسكاب البلوری ) ليضمه لمجموعته ..
هكذا يظل الرجل في متجره وحيداً لا تعرف فيما يفكر ولا أية ذكريات يجترها ، ثم يتعالى صوت الأذان من زاوية قريبة فينهض .. معجزة أن تراه ينهض كأنك ترى أحد ديناصورات (رای هاری هاوزن Haussen ) المتخشبة في أفلامه القديمة .. حتى توشك أن تبكي تأثراً لرؤية هذه المعجزة ..
إنه يغلق المتجر .. يمشي إلى المسجد وهو يردد الأدعية بصوت خفيض.. يؤدي الصلاة ثم ينصرف إلى داره .. إنه يعيش بلا ولد مع زوجة عجوز مثله في شقة ضيقة بذات الشارع ..
هكذا لن تراه ثانية إلا بعد صلاة الظهر..
أعترف أنني كنت أهيم حباً بهذا المتجر وهذا الرجل . ❝
❞ دائمًا ما نتصور أن هناك لحظة قادمة تكون فيها الحياة أكثر هدوءًا، ونكون في حالة تصالح مع ذواتنا والآخرين، وعندئذ سنصير رائعين وسنفعل كل شيء أجلناه حتى هذه اللحظة ..
المشكلة أن هذه اللحظة لا تأتي أبدًا ، وتظل الأشياء المعلقة معلقة .. وفي يوم تكتشف أنها صارت قديمة لا لزوم لها . ❝
❞ أنا لست صغير السن.. فيما مضى كنت أقرأ عبارة “رجل في العقد الرابع” في قصص “أجاثا كريستي” فأتخيل رجلًا مهيبًا يملأ الأرض والسماء، غامضًا كالغد، إذا فتح فاه فلكي تخرج الحكم التي تذكرها الأجيال القادمة وتستشهد بها…
الآن أنا في العقد الرابع.. وكما هي العادة يصعب أن أعترف أنني كبرت وصرت خطرًا كالآخرين.. أحتاج إلى عشرة أعوام أخرى كي أعرف هذا الشخص الذي أراه في مرآتي.. أحتاج كثير من الخبرات والعلم..
مازلت طفلًا أصفق بجنون حين يحرز لاعبو الأهلي هدفًا.. مازلت أهوى مجلة ميكي وأدبر مقالب لرفاقي.. ومازلت أنطق بسخافات لا حصر لها . ❝