الموسوعة الشاملة للتصوف المؤلفة من خمسة مجلدات..

يقول المؤلف عن هذه الموسوعة: التصوف .... ذلك العالم من النقاء ، من الشفافية ، ومن القرب من الله ، والقرب من القلوب . عالم من الصفاء ومن التصفية ، من الزكاة ومن التركي ، عالم من النور والسكينة ، عالم يقول عنه أمير الشحاذين إبراهيم بن أدهم : ) لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السرور والنعيم إذا الجالدونا عليه بالسيوف) عالم ترك الشبلي كل الثراء والجاه والسلطة ، ليدخله ، لينعم بما فيه بعد أن عانى من الكبد ، فدخل جنة التصوف ليستريح : (قَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَر ) " قوم اقتربوا من الله فما عاد يحلوا لهم ان يبعدوا ، ومن يذق حلاوة القرب ، فلا يطيب له إلا القرب ، ومن يأنس بالله فلا يطيب له إلا ان يأنس به سبحانه وتعالى.

ذاقوا لذة الأنس وحلاوة القرب وشربوا من كأس محبته ما جعل للمكابدة وللعناء لذة إستعذبوها ، وأدمنوا الصبر والاحتساب عند الله ، صبروا بانتظار لحظات وصل أو ساعة لقاء . لم يتصبروا على البلاء ، لأنهم أحبوا الله ، فلم يشعروا بسواه ، وتوجهوا اليه سبحانه ، فلم يحسوا بألم ، أو تؤذيهم بلوى ، فالقلب منشغل عن البلوى والألم لمحبة الله والسعي لرضاه ، وكذا قلوب العاشقين ، تسموا عما سوى عشقها .

وأنا إذ أقترب من هذه القسم والقامات الشامخة ، وأحوم حول رياضهم ومشاركتهم ، فأنا لا أدعى بأني منهم ، ولا وصلت الى الذي وصلوا ، ولا ذقت ما شربوا ، إنما أنا مدفوع بحمة الباحث ، والمتحري للحقيقة ، مستعيناً بصدق السعي خلف آثارهم ، متكناً على محبتي لهم ، فلطالما سمعت أبي في صغري يتغنى بشوقه لهم ، مردداً أقوالهم ، وكانت أمي تنشد لي وأنا في مهدي أشعارهم ومديحهم ، فكترت ، وأطياف عشقهم تتنقل بمنزلي ، وعبق عطرهم يفوح من كل ما حولي.

فحاولت جهدي أن أسلط الضوء على هذا المنهج المنور ومن أصدق المصادر وأكثرها علمية ، وأنا على يقين بأن هذا المنهج له من المعارضين مثلما له من المناصرين ، فهذا منهج خاص يعتمد الذوق الخاص ، فليس الجميع يتلذذ بقيام الليل ، وليس الكل يحس بحلاوة صيام التطوع في الأيام الحارة ، بل القليل من الناس الذين يتركون أبواباً من الحلال ، خوف الشبهة ، والأقل هم الذين انشغلوا بإصلاح عيونهم فلم يتحروا عيوب الآخرين.