يا حياتي، في فترة افتراقنا – صدقي أو لا تصدقي – استعضت عن أوقاتنا، بمتابعة أفلام وثائقية حول الافتراس في الطبيعة، الموضوع بدأ بالعناكب والعقارب، ومرّ بالضباع والسنوريات كلها، وانتهى بحيتان الأوركا والأخطبوطات العملاقة.. لا أعرف السر وراء ذلك الشغف الذي انبثق فجأة، شاهدت التماسيح وهي تأكل الجواميس البرية، وعرفت كيف تشكل الأسود ميليشيات لاصطياد الحيوانات الأكبر حجماً، وحتى الثعابين، الثعابين يا حياتي تصوري! أخذت أتابع حلقات وثائقية تشرح جماجمها وقاذفات السم في أفواهها، كانت تلك اللقطات سلواي وعزائي، وكنت أستمتع بحق وأنا أتفرج على مشاهد الافتراس، والأشلاء، والدماء، وحتى أكل الأجنة الحية من بطون أمهاتها.. ثم عدنا أنا وأنتِ، هكذا حدث الأمر، عدنا فجأة، السر الرّباني طفح وانفجر أمام كل الظروف، وأحرقها ولا القنبلة النووية، فمسحت بدوري كل الأفلام الوثائقية التي حمّلتها على اللابتوب استعداداً لمتابعتها، ووضعت مكانها مجموعة من الأغاني لشادية وعبد الوهاب وأم كلثوم! شوف إزاي! أم كلثوم يا سارة، أنا صرت أسمع أم كلثوم، أنا الذي كتبت قبل شهور مقالاً – لم ير النور – بعنوان (لماذا لا أحب أم كلثوم؟)، صرت أتجه للشرفة، وأجهز الشاي – الأخضر بالنعناع – وأجلس لأسمع عبد الوهاب ومحمد فوزي والست، بل والأدهى أن الحالة تفاقمت وامتدت لمناطق لم أتخيل أن أصل إليها: ميّادة الحناوي ونجاة ووردة الجزائرية..