❞ إن السبب الأساسي الذي جعل نظرية التطور تنتهي إلى هذا المأزق الكبير فيما يتعلق بأصل الحياة هو في البنية المعقدة بشكل عجيب حتى في أبسط الكائنات الحية. فالخلية في الكائن الحي اعقد من كل المنتجات التكنولوجية التي ابتكرها الإنسان، واليوم حتى في اكثر المختبرات تطوراً في العلم لا يمكن إنتاج خلية واحدة عبر جمع مواد غير عضوية مع بعضها البعض. أن الشروط المطلوبة لتكوين خلية شروط معقدة جدا لدرجة لا يمكن معها تفسير وجود الخلية بمحض الصدفة. إن إمكانية تكوّن البروتينات وباقي مكونات الخلية بمحض الصدفة هي احتمال يقارب الصفر.فلو أخذنا جزيئة واحدة من بروتين متكون من 500 حمض أميني لكانت نسبة احتمال تشكلها بمحض الصدفة رقم واحد مقسوما على عدد هائل هو العدد عشرة مضروبة في نفسها 950 مرة ( أي عشرة أس 950). وفي علم الرياضيات يعد العدد واحد مقسوما على عشرة أس خمسين يساوي الصفر أي مستحيل من الناحية العملية. إن جزئية الحمض النووي الدي إن أي( D.N.A.) الموجودة في نواة الخلية والتي تختزن المعلومات الوراثية هي بنك معلومات مدهش. وقد خمن العلماء والباحثون أنه لو قمنا بكتابة هذه المعلومات المختزنة لحصلنا على مكتبة عظيمة تتألف من 900 مجلد موسوعي لا يقل حجم الواحد منها عن خمسمائة صفحة. وهنا تظهر معضلة أخرى واجهت الداروينية وهي أن الحمض النووي(D.N.A.) لا يمكن أن يتكاثر إلا بمساعدة أنزيمات محددة. ولا يمكن تركيب هذه الأنزيمات إلا من خلال المعلومات الموجودة في الدي إن أي(D.N.A.) نفسه، وبما أن الاثنين يعتمدان على بعضهما البعض فيجب أن يتكونا في نفس الوقت، وهذا ما يصل بالسيناريو الذي يقول أن الحياة قد انبثقت بشكل تلقائي إلى طريق مسدود. وقد اعترف البروفيسور الدارويني المشهور ليسلي اورغل من جامعة سان دييغو في كاليفورنيا بهذه الحقيقة في مجلة سيانتيفيك أميركان في عدد أيلول الصادر عام 1994 حيث قال: ‘’من غير الممكن أن تكون البروتينات والأحماض النووية، وكلاهما ذو بنية معقدة قد نشأا معا بشكل عفوي في نفس الوقت وفي نفس المكان، وأيضا يبدو من المستحيل وجود أحدهما دون الآخر، ولذلك فإنه للوهلة الأولى يمكن للإنسان أن يستنتج أن الحياة لا يمكن في الحقيقة أن تكون قد انبثقت بطريقة كيميائية’’.29 وما من شك، أنه إذا كان من المستحيل أن تكون الحياة قد اثبثقت من أسباب طبيعية، فإنه يجب أن نقبل بحقيقة كونها قد خلقت بطريقة خارقة للطبيعة وهذه الحقيقة تدحض بشكل كامل نظرية التطور التي تهدف أساسا إلى إنكار الخلق. ❝ ⏤هارون يحي
❞ إن السبب الأساسي الذي جعل نظرية التطور تنتهي إلى هذا المأزق الكبير فيما يتعلق بأصل الحياة هو في البنية المعقدة بشكل عجيب حتى في أبسط الكائنات الحية. فالخلية في الكائن الحي اعقد من كل المنتجات التكنولوجية التي ابتكرها الإنسان، واليوم حتى في اكثر المختبرات تطوراً في العلم لا يمكن إنتاج خلية واحدة عبر جمع مواد غير عضوية مع بعضها البعض. أن الشروط المطلوبة لتكوين خلية شروط معقدة جدا لدرجة لا يمكن معها تفسير وجود الخلية بمحض الصدفة. إن إمكانية تكوّن البروتينات وباقي مكونات الخلية بمحض الصدفة هي احتمال يقارب الصفر.فلو أخذنا جزيئة واحدة من بروتين متكون من 500 حمض أميني لكانت نسبة احتمال تشكلها بمحض الصدفة رقم واحد مقسوما على عدد هائل هو العدد عشرة مضروبة في نفسها 950 مرة ( أي عشرة أس 950). وفي علم الرياضيات يعد العدد واحد مقسوما على عشرة أس خمسين يساوي الصفر أي مستحيل من الناحية العملية. إن جزئية الحمض النووي الدي إن أي( D.N.A.) الموجودة في نواة الخلية والتي تختزن المعلومات الوراثية هي بنك معلومات مدهش. وقد خمن العلماء والباحثون أنه لو قمنا بكتابة هذه المعلومات المختزنة لحصلنا على مكتبة عظيمة تتألف من 900 مجلد موسوعي لا يقل حجم الواحد منها عن خمسمائة صفحة. وهنا تظهر معضلة أخرى واجهت الداروينية وهي أن الحمض النووي(D.N.A.) لا يمكن أن يتكاثر إلا بمساعدة أنزيمات محددة. ولا يمكن تركيب هذه الأنزيمات إلا من خلال المعلومات الموجودة في الدي إن أي(D.N.A.) نفسه، وبما أن الاثنين يعتمدان على بعضهما البعض فيجب أن يتكونا في نفس الوقت، وهذا ما يصل بالسيناريو الذي يقول أن الحياة قد انبثقت بشكل تلقائي إلى طريق مسدود. وقد اعترف البروفيسور الدارويني المشهور ليسلي اورغل من جامعة سان دييغو في كاليفورنيا بهذه الحقيقة في مجلة سيانتيفيك أميركان في عدد أيلول الصادر عام 1994 حيث قال: ‘’من غير الممكن أن تكون البروتينات والأحماض النووية، وكلاهما ذو بنية معقدة قد نشأا معا بشكل عفوي في نفس الوقت وفي نفس المكان، وأيضا يبدو من المستحيل وجود أحدهما دون الآخر، ولذلك فإنه للوهلة الأولى يمكن للإنسان أن يستنتج أن الحياة لا يمكن في الحقيقة أن تكون قد انبثقت بطريقة كيميائية’’.29 وما من شك، أنه إذا كان من المستحيل أن تكون الحياة قد اثبثقت من أسباب طبيعية، فإنه يجب أن نقبل بحقيقة كونها قد خلقت بطريقة خارقة للطبيعة وهذه الحقيقة تدحض بشكل كامل نظرية التطور التي تهدف أساسا إلى إنكار الخلق. ❝
❞ ليس هناك أغرب من عادة شرب الدخان ..
أن يصرف رجل عاقل نقوده في إحراق بعض المخلفات و استنشاق دخانها اللاسع الخانق الكريه .
يدخن و يسعل و يبصق .. ثم يعود فيبتلع الدخان و يسعل و يبصق .. و يقول بصوت أجش مشروخ إنه يشكو من برد مزمن ، و إنه لهذا السبب استبدل الدخان الإنجليزي بالدخان التركي !
ثم ينفث حلقات الدخان و هو يحملق في الفراغ و فمه مفتوح ، و قد وضع ساقاً على ساق ، و سبح بخياله في حالة انعدام وزن لا يفكر في شيء .. مشهد كاريكاتوري من مسرح لا معقول .
قصة بلهاء من خمس دقائق تبدأ بشطة عود كبريت ، ثم حركات استعراضية من رجل عجيب يأخذ أوضاعاً بهلوانية في كرسيه و يسترخي و يسرح و يشفط و ينفخ و يسعل و يبصق .
و نفهم من القصة أنه يدفع من قوته و قوت عياله في سبيل هذا الدخان ..
ثم يعود فيدفع مرة أخرى ليعالج نفسه من هذا السعال و الدخان ..
ثم يعود فيدفع مرة ثالثة لينظف أسنانه من أوساخ هذا الدخان ..
ثم يروي لنا أنه قرأ في المجلة عن تسبب التدخين في السرطان و في نفس الصفحة قرأ إعلانات عن فوائد التدخين .
فإذا سألته و ماذا ستفعل ؟
قال لك سأستبدل لفافة التبغ بالسيجار ، أو السيجار بالشيشة ، أو الشيشة بالجوزة !
و تراه يصوم عن الطعام و لا يستطيع أن يصوم عن السيجارة ..
و تراه يستمر في هذا الإنتحار الصغير كل يوم فيلقي بنقوده و صحته في البحر ، و يقف يتفرج على الإثنين يغرقان و هو يسعل و يبصق و يلهث ..
رجل مخبول تماماً ..
و لكن هذا المخبول هو كل الناس ..
كل الناس ينتحرون لسبب غير مفهوم ..
العملة الصعبة التي تنفق في استيراد التبغ و السيجار و المعسل في العالم كافية لحل مشاكل المجاعة و الفقر و الجهل و المرض ..
و الإنسان المجنون ابتكر وسائل انتحار أخرى .. غير التبغ ، مثل الأفيون ، و الحشيش ، و الكوكايين ، و الهيرويين ، و عقار الهلوسة و الخمور بأنواعها .. و لم يكتف بهذا فاخترع أسلحة القتل السريع الأكيد مثل الرصاصة ، و القنبلة ، و الغاز السام .
ثم عاد فابتكر الأعذار و المبررات الجاهزة للقتل .. مثل الصراع الطبقي و تغيير التاريخ ، و إنقاذ الحرية !
و الحرية ذاتها كانت دائماً هي المخدر الأكبر ..
المدخن يقول لك : أنا أدخن لأني حر .
و مدمن المخدرات يقول لك : أنا حر .
و الذي يطلق أول رصاصة يطلقها ليكون حراً
و دائماً الحرية هي أول ما تجهز عليه هذه الأسلحة ..
و دائماً الحرية هي الضحية ..
و الإنسان القاتل و المقتول هما الضحية ..
و الجنون العام هو الحقيقة ..
و هو طابع هذا الإنسان العاقل اللامعقول اللغز ...
مقال / الجنون العام
من كتاب / الشيطان يحكم
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ ليس هناك أغرب من عادة شرب الدخان .
أن يصرف رجل عاقل نقوده في إحراق بعض المخلفات و استنشاق دخانها اللاسع الخانق الكريه .
يدخن و يسعل و يبصق . ثم يعود فيبتلع الدخان و يسعل و يبصق . و يقول بصوت أجش مشروخ إنه يشكو من برد مزمن ، و إنه لهذا السبب استبدل الدخان الإنجليزي بالدخان التركي !
ثم ينفث حلقات الدخان و هو يحملق في الفراغ و فمه مفتوح ، و قد وضع ساقاً على ساق ، و سبح بخياله في حالة انعدام وزن لا يفكر في شيء . مشهد كاريكاتوري من مسرح لا معقول .
قصة بلهاء من خمس دقائق تبدأ بشطة عود كبريت ، ثم حركات استعراضية من رجل عجيب يأخذ أوضاعاً بهلوانية في كرسيه و يسترخي و يسرح و يشفط و ينفخ و يسعل و يبصق .
و نفهم من القصة أنه يدفع من قوته و قوت عياله في سبيل هذا الدخان .
ثم يعود فيدفع مرة أخرى ليعالج نفسه من هذا السعال و الدخان .
ثم يعود فيدفع مرة ثالثة لينظف أسنانه من أوساخ هذا الدخان .
ثم يروي لنا أنه قرأ في المجلة عن تسبب التدخين في السرطان و في نفس الصفحة قرأ إعلانات عن فوائد التدخين .
فإذا سألته و ماذا ستفعل ؟
قال لك سأستبدل لفافة التبغ بالسيجار ، أو السيجار بالشيشة ، أو الشيشة بالجوزة !
و تراه يصوم عن الطعام و لا يستطيع أن يصوم عن السيجارة .
و تراه يستمر في هذا الإنتحار الصغير كل يوم فيلقي بنقوده و صحته في البحر ، و يقف يتفرج على الإثنين يغرقان و هو يسعل و يبصق و يلهث .
رجل مخبول تماماً .
و لكن هذا المخبول هو كل الناس .
كل الناس ينتحرون لسبب غير مفهوم .
العملة الصعبة التي تنفق في استيراد التبغ و السيجار و المعسل في العالم كافية لحل مشاكل المجاعة و الفقر و الجهل و المرض .
و الإنسان المجنون ابتكر وسائل انتحار أخرى . غير التبغ ، مثل الأفيون ، و الحشيش ، و الكوكايين ، و الهيرويين ، و عقار الهلوسة و الخمور بأنواعها . و لم يكتف بهذا فاخترع أسلحة القتل السريع الأكيد مثل الرصاصة ، و القنبلة ، و الغاز السام .
ثم عاد فابتكر الأعذار و المبررات الجاهزة للقتل . مثل الصراع الطبقي و تغيير التاريخ ، و إنقاذ الحرية !
و الحرية ذاتها كانت دائماً هي المخدر الأكبر .
المدخن يقول لك : أنا أدخن لأني حر .
و مدمن المخدرات يقول لك : أنا حر .
و الذي يطلق أول رصاصة يطلقها ليكون حراً
و دائماً الحرية هي أول ما تجهز عليه هذه الأسلحة .
و دائماً الحرية هي الضحية .
و الإنسان القاتل و المقتول هما الضحية .
و الجنون العام هو الحقيقة .
و هو طابع هذا الإنسان العاقل اللامعقول اللغز ..
مقال / الجنون العام
من كتاب / الشيطان يحكم
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝
❞ "كنا مغرمين معًا بسبب اكتساح الأماكن المفتوحة ، وطعم الرياح العريضة ، وضوء الشمس ، والآمال التي عملنا بها.
نضارة الصباح للعالم الذي سيشبعنا. لقد ابتكرنا أفكارًا لا توصف ورائعة ، ولكن يجب أن نكافح من أجلها. لقد عشنا العديد من الأرواح في تلك الحملات الدائرية ،
ولم ننقذ أنفسنا أبدًا: ولكن عندما حققنا وفجر العالم الجديد ،
عاد الرجال المسنون مرة أخرى وأخذوا انتصارنا لإعادة تشكيل العالم السابق الذي عرفوه.
كان بإمكان الشباب الفوز ، لكنهم لم يتعلموا الاستمرار ،
وكانوا ضعفاء بشكل مثير للشفقة مقابل التقدم في السن. لقد تلعثمنا أننا عملنا من أجل سماء جديدة وأرض جديدة ، وشكرونا بلطف وصنعوا سلامهم ".. ❝ ⏤توماس إدوارد لورنس (لورنس العرب)
❞ ˝كنا مغرمين معًا بسبب اكتساح الأماكن المفتوحة ، وطعم الرياح العريضة ، وضوء الشمس ، والآمال التي عملنا بها.
نضارة الصباح للعالم الذي سيشبعنا. لقد ابتكرنا أفكارًا لا توصف ورائعة ، ولكن يجب أن نكافح من أجلها. لقد عشنا العديد من الأرواح في تلك الحملات الدائرية ،
ولم ننقذ أنفسنا أبدًا: ولكن عندما حققنا وفجر العالم الجديد ،
عاد الرجال المسنون مرة أخرى وأخذوا انتصارنا لإعادة تشكيل العالم السابق الذي عرفوه.
كان بإمكان الشباب الفوز ، لكنهم لم يتعلموا الاستمرار ،
وكانوا ضعفاء بشكل مثير للشفقة مقابل التقدم في السن. لقد تلعثمنا أننا عملنا من أجل سماء جديدة وأرض جديدة ، وشكرونا بلطف وصنعوا سلامهم ˝. ❝
❞ بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، أما بعد، أيها المصلون والمصليات، خصال كثيرة، رتب عليها أجور عظيمة، فرط فيها الكثير مع سلامة الجوارح، وقبل ذكر تلك الخصال، أذكر أمرين اثنين، الأمر الأول: يقول بعض أهل العلم: إن جميع المكلفين ينقسمون إلى أقسام ثلاثة، القسم الأول محافظ على الواجبات، مكتف بها عن غيرها.
والقسم الثاني مفرط في الواجبات، والقسم الثالث خير الأقسام، من أدى الواجبات وتكثَّر من النوافل والمستحبات.
واستنبط هذا بعضهم من قوله تعالى في سورة فاطر: ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه﴾ قالوا: من فرط في الواجبات، ﴿ ومنهم مقتصد﴾، من اكتفى بالواجبات، ﴿ ومنهم سابق بالخيرات﴾، من أدى الواجبات وتكثر من النوافل والمستحبات.
الأمر الثاني أن أفضل الناس بعد الرسل، هم الصحابة رضي الله تعالى عنهم، والصحابة أحرص الناس على الخير، أبر الناس قلوبًا وأصدقهم ألسنة، كان بعضهم إذا بلغه خبرٌ من الخير لم يعمل به ندم، من شواهد ذلك قول ابن عمر لما بلغه الحديث: « من صلى على جنازة فله قيرطان»، أي شيعها، فله قيراط، قال ابن عمر: لقد فرطنا في قراريط كثيرة، يقول ابن حجر: وهذا من بالغ حرص ابن عمر في طمعه في تحصيل الأجر والثواب، أو كما قال رحمه الله.
سأذكر لي ولكم بعض الخصال، تلك الخصال لا تكلفنا جهدًا بدنيًا ولا ماليًا ومع هذا فالأجر المترتب عليها عظيم.
من هذه الخصال ما يتعلق بيوم الجمعة، يوم الجمعة كما قال عليه الصلاة والسلام: « أفضل الأيام يوم الجمعة، فيها خلق آدم، وفيها أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة».
هذا الحديث الذي سأذكره لكم الآن، يقول العراقي – شيخ الحافظ ابن حجر عليهما رحمة الله – فيما أذكر: إن هذا الحديث هو أكثر حديثٍ في الإسلام أجرًا، وأقله عملاً، لاحظ الخصال المذكورة في الحديث لا تكلفنا تعبًا، الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده عن أوس بن أوس رضي الله تعالى عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: « من غسل يوم الجمعة واغتسل – الاغتسال – وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب»، يقول ابن العربي المالكي: إذا كان الجامع بعيدًا، أو شمسًا، وهناك شمس، فلو ركب الإنسان وكان قصده المشي، لكن المشقة، له الأجر.
إذن من غسّل يوم الجمعة واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ثم دنى من الإمام وأنصت ولم يلغ، كان له بكل خطوة أجر سنة بصيامها وقيامها.
فالأجر جزيل والرب كريم، لكن العبد هو المطفف.
أيضًا عمل آخر أجره عظيم وهو يسير، قضاء الحاجة للمسلمين، السعي في تخليصهم، أو في تحقيق مطالبهم كل على قدر جهده، وبخاصة ضعفاء المسلمين، ليس لهم رهط، ليس لهم واسطة، ليس لهم حسب ولا جاه في المجتمع، إن خطب لا يزوج، وإن تكلم لا يُسمع له، وإن شفع لا يُشفع، هذا بالدرجة الأولى الأجر فيه عظيم، قال عليه الصلاة والسلام: « ابغوني الضعفاء فيكم، فإنما تنصرون بضعفائكم بدعائهم وإخلاصهم»، يقول بعض أهل العلم: وإنما كان دعاء الضعيف حريًا بالإجابة؛ لأنه يدعو من نياط قلبه، يشعر بالغبن والقهر، وفي المقابل إذا قضيت حاجته، يدعو بإخلاص وإلحاح فيقبل الله دعائه.
قضاء حاجة المسلمين، اسمع إلى هذا الحديث، قال صلى الله عليه وسلم : « لئن أمشي في حاجة أخي حتى أقضيها، أحب إلي من أعتكف في مسجدي هذا شهرًا». الحرم النبي صيام شهر وقيامه، إذا صدق العبد في إخلاصه وفي ابتغائه لمرضاة الله في قضاء حاجة أخيه، فأبشروا بأمر من الله بما يسرك.
ثم من تمام البشرى أن الإنسان منا إذا سعى في شفاعة سواء قبلت أو ردت، الأجر لك حاصل، يقول الله تعالى: ﴿ من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها﴾، قد تقبل وقد لا تقبل، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « اشفعوا تؤجروا»، يقول القرطبي: فتحصيل الأجر مرتب على وجود الشفاعة لا على قبولها.
أيضًا عمل يسير وأجر يسير، حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من استغفر للمسلمين والمسلمات، كتب الله له حسنة عن كل مسلم ومسلمة»، يشمل الأحياء والأموات، بل ومن يأتي بعده، فلا تحرم نفسك من الخير وأنت قادر على تحصيله.
أيضًا عمل يسير وأجر جزيل: إنظار المعسر، إذا أقرضت إنسانًا قرضًا، ثم قبل حلول الأجل قلت له: وضعت عنك شيئًا من المال، أو زدت في الأجل فسحة، أنت مأجور، إذا حل الأجل المتفق عليه ثم أخرته فالأجر مضاعف لك مرتين، عن أبي اليسر رضي الله عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم: « من أنظر معسرًا أو وضع عنه كان له بكل يوم صدقة - صدقة ما قدرها؟ الله أعلم - فإذا حل الأجل، ثم أنظره، كان له بكل يوم مثله»، يعني مضاعف الأجر عن المرة السابقة.
أيضًا من الأعمال اليسرة التي رتب عليها أجور جزيلة: قراءة الآيتين من آخر البقرة ﴿ آمن الرسول﴾، والآية الأخرى: ﴿ لا يكلف الله﴾، جاء في الحديث عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من قرأ الآيتين الآخيرتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه» يقول أهل العلم: كفتاه عما فاته من قيام الليل، والصحيح كفتاه عن كل شيء، ترد عليه ما يأتيه من السوء، وتعوضه عما فقد من الخير، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
أيضًا من الأعمال اليسرة التي رتب عليها الأجور الكثيرة: زيارة المريض بنية التقرب، لا تظن أن زيارة المريض أمرها يسير، والدليل عظيم الأجر المترتب عليها، عن ثوبان رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله، ناداه مناد: أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً».
وحديث أنس الآخر: « شيعه سبعون ألف ملك إن زاره في السماء حتى يصبح – والعكس إن زاره في الصباح حتى يمسي».
وأيضًا من تلك الأعمال اليسرة التي رتب عليها الأجور الجزيلة: المصافحة، السلام سلامان، سلام قولي: إلقاء السلام، وسلام فعلي: المصافحة، قال صلى الله عليه وسلم : « إذا التقى المسلمان فتصافحا تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر»، وفي لفظ: « إلا تحاتت خطاياهما إلا كما تحات الشجرة ورقها»، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
بعد هذا أختم في كلمتي هذه وأقول: إن موسمنا هذا، شهر رمضان، هذه الليلة طوينا نصفها، وبقي النصف الآخر، فالله نسأل الله أن يتقبل منا ما مضى، وأن يعيننا، وأن يتقبل منا ما تبقى.
وهذا الشهر كما قال عليه الصلاة والسلام – فيما رواه الطبراني –: « إن لربكم في دهركم لنفحات، فتعرضوا لنفحاته، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يأمِّن روعاتكم».
القلوب مقبلة، والجوارح مهذبة، والنفوس وجلة، ومع ذلك لا يستغل بعض الناس هذا الشهر في التخلص مما تلوثت فيه جوارحه، أو قلبه من الحرمات، فما كان مقصرًا في حق أم أو أب، أو متلوث في مال، أو في مظلمة أي كان نوعها، فإن هذا الشهر من أعظم الفرص الزمانية للتخلص منها، والتحلل من صاحبها، فمن كان مقصرًا فليبادر، وليعلم أن الله لطيف بعباده، وأن الله يقبل توبة من تاب، شكر الله لكم ومعذرة للإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر
https://halakat.taimiah.org/index.aspx?function=item&id=1617. ❝ ⏤لا حول ولا قوة الا بالله
❞ بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، أما بعد، أيها المصلون والمصليات، خصال كثيرة، رتب عليها أجور عظيمة، فرط فيها الكثير مع سلامة الجوارح، وقبل ذكر تلك الخصال، أذكر أمرين اثنين، الأمر الأول: يقول بعض أهل العلم: إن جميع المكلفين ينقسمون إلى أقسام ثلاثة، القسم الأول محافظ على الواجبات، مكتف بها عن غيرها.
والقسم الثاني مفرط في الواجبات، والقسم الثالث خير الأقسام، من أدى الواجبات وتكثَّر من النوافل والمستحبات.
واستنبط هذا بعضهم من قوله تعالى في سورة فاطر: ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه﴾ قالوا: من فرط في الواجبات، ﴿ ومنهم مقتصد﴾، من اكتفى بالواجبات، ﴿ ومنهم سابق بالخيرات﴾، من أدى الواجبات وتكثر من النوافل والمستحبات.
الأمر الثاني أن أفضل الناس بعد الرسل، هم الصحابة رضي الله تعالى عنهم، والصحابة أحرص الناس على الخير، أبر الناس قلوبًا وأصدقهم ألسنة، كان بعضهم إذا بلغه خبرٌ من الخير لم يعمل به ندم، من شواهد ذلك قول ابن عمر لما بلغه الحديث: « من صلى على جنازة فله قيرطان»، أي شيعها، فله قيراط، قال ابن عمر: لقد فرطنا في قراريط كثيرة، يقول ابن حجر: وهذا من بالغ حرص ابن عمر في طمعه في تحصيل الأجر والثواب، أو كما قال رحمه الله.
سأذكر لي ولكم بعض الخصال، تلك الخصال لا تكلفنا جهدًا بدنيًا ولا ماليًا ومع هذا فالأجر المترتب عليها عظيم.
من هذه الخصال ما يتعلق بيوم الجمعة، يوم الجمعة كما قال عليه الصلاة والسلام: « أفضل الأيام يوم الجمعة، فيها خلق آدم، وفيها أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة».
هذا الحديث الذي سأذكره لكم الآن، يقول العراقي – شيخ الحافظ ابن حجر عليهما رحمة الله – فيما أذكر: إن هذا الحديث هو أكثر حديثٍ في الإسلام أجرًا، وأقله عملاً، لاحظ الخصال المذكورة في الحديث لا تكلفنا تعبًا، الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده عن أوس بن أوس رضي الله تعالى عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: « من غسل يوم الجمعة واغتسل – الاغتسال – وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب»، يقول ابن العربي المالكي: إذا كان الجامع بعيدًا، أو شمسًا، وهناك شمس، فلو ركب الإنسان وكان قصده المشي، لكن المشقة، له الأجر.
إذن من غسّل يوم الجمعة واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ثم دنى من الإمام وأنصت ولم يلغ، كان له بكل خطوة أجر سنة بصيامها وقيامها.
فالأجر جزيل والرب كريم، لكن العبد هو المطفف.
أيضًا عمل آخر أجره عظيم وهو يسير، قضاء الحاجة للمسلمين، السعي في تخليصهم، أو في تحقيق مطالبهم كل على قدر جهده، وبخاصة ضعفاء المسلمين، ليس لهم رهط، ليس لهم واسطة، ليس لهم حسب ولا جاه في المجتمع، إن خطب لا يزوج، وإن تكلم لا يُسمع له، وإن شفع لا يُشفع، هذا بالدرجة الأولى الأجر فيه عظيم، قال عليه الصلاة والسلام: « ابغوني الضعفاء فيكم، فإنما تنصرون بضعفائكم بدعائهم وإخلاصهم»، يقول بعض أهل العلم: وإنما كان دعاء الضعيف حريًا بالإجابة؛ لأنه يدعو من نياط قلبه، يشعر بالغبن والقهر، وفي المقابل إذا قضيت حاجته، يدعو بإخلاص وإلحاح فيقبل الله دعائه.
قضاء حاجة المسلمين، اسمع إلى هذا الحديث، قال صلى الله عليه وسلم : « لئن أمشي في حاجة أخي حتى أقضيها، أحب إلي من أعتكف في مسجدي هذا شهرًا». الحرم النبي صيام شهر وقيامه، إذا صدق العبد في إخلاصه وفي ابتغائه لمرضاة الله في قضاء حاجة أخيه، فأبشروا بأمر من الله بما يسرك.
ثم من تمام البشرى أن الإنسان منا إذا سعى في شفاعة سواء قبلت أو ردت، الأجر لك حاصل، يقول الله تعالى: ﴿ من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها﴾، قد تقبل وقد لا تقبل، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « اشفعوا تؤجروا»، يقول القرطبي: فتحصيل الأجر مرتب على وجود الشفاعة لا على قبولها.
أيضًا عمل يسير وأجر يسير، حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من استغفر للمسلمين والمسلمات، كتب الله له حسنة عن كل مسلم ومسلمة»، يشمل الأحياء والأموات، بل ومن يأتي بعده، فلا تحرم نفسك من الخير وأنت قادر على تحصيله.
أيضًا عمل يسير وأجر جزيل: إنظار المعسر، إذا أقرضت إنسانًا قرضًا، ثم قبل حلول الأجل قلت له: وضعت عنك شيئًا من المال، أو زدت في الأجل فسحة، أنت مأجور، إذا حل الأجل المتفق عليه ثم أخرته فالأجر مضاعف لك مرتين، عن أبي اليسر رضي الله عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم: « من أنظر معسرًا أو وضع عنه كان له بكل يوم صدقة - صدقة ما قدرها؟ الله أعلم - فإذا حل الأجل، ثم أنظره، كان له بكل يوم مثله»، يعني مضاعف الأجر عن المرة السابقة.
أيضًا من الأعمال اليسرة التي رتب عليها أجور جزيلة: قراءة الآيتين من آخر البقرة ﴿ آمن الرسول﴾، والآية الأخرى: ﴿ لا يكلف الله﴾، جاء في الحديث عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من قرأ الآيتين الآخيرتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه» يقول أهل العلم: كفتاه عما فاته من قيام الليل، والصحيح كفتاه عن كل شيء، ترد عليه ما يأتيه من السوء، وتعوضه عما فقد من الخير، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
أيضًا من الأعمال اليسرة التي رتب عليها الأجور الكثيرة: زيارة المريض بنية التقرب، لا تظن أن زيارة المريض أمرها يسير، والدليل عظيم الأجر المترتب عليها، عن ثوبان رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله، ناداه مناد: أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً».
وحديث أنس الآخر: « شيعه سبعون ألف ملك إن زاره في السماء حتى يصبح – والعكس إن زاره في الصباح حتى يمسي».
وأيضًا من تلك الأعمال اليسرة التي رتب عليها الأجور الجزيلة: المصافحة، السلام سلامان، سلام قولي: إلقاء السلام، وسلام فعلي: المصافحة، قال صلى الله عليه وسلم : « إذا التقى المسلمان فتصافحا تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر»، وفي لفظ: « إلا تحاتت خطاياهما إلا كما تحات الشجرة ورقها»، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
بعد هذا أختم في كلمتي هذه وأقول: إن موسمنا هذا، شهر رمضان، هذه الليلة طوينا نصفها، وبقي النصف الآخر، فالله نسأل الله أن يتقبل منا ما مضى، وأن يعيننا، وأن يتقبل منا ما تبقى.
وهذا الشهر كما قال عليه الصلاة والسلام – فيما رواه الطبراني –: « إن لربكم في دهركم لنفحات، فتعرضوا لنفحاته، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يأمِّن روعاتكم».
القلوب مقبلة، والجوارح مهذبة، والنفوس وجلة، ومع ذلك لا يستغل بعض الناس هذا الشهر في التخلص مما تلوثت فيه جوارحه، أو قلبه من الحرمات، فما كان مقصرًا في حق أم أو أب، أو متلوث في مال، أو في مظلمة أي كان نوعها، فإن هذا الشهر من أعظم الفرص الزمانية للتخلص منها، والتحلل من صاحبها، فمن كان مقصرًا فليبادر، وليعلم أن الله لطيف بعباده، وأن الله يقبل توبة من تاب، شكر الله لكم ومعذرة للإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر
https://halakat.taimiah.org/index.aspx?function=item&id=1617. ❝