❞ \"إنّ للفيزياء مكانة مهمة لدى الفكر الإنساني، وقد كان لعلم الفيزياء تأثير واضح في بعض التخصصات العلمية والمعرفية كالفلسفة والرياضيات وعلم الأحياء، كما كان لها الأثر في تقدم وتطور بعض القطاعات العملية كقطاع التقنية والطب، ومنها التقدم في فهم الكهرومغناطيسية؛ ممّا نتج عنه الانتشار الواسع للأجهزة الكهربائية كالحاسوب والتلفاز، كما أعطت الفيزياء تطبيقات الديناميكا الحرارية تطوّراً كبيراً وخاصة في مجال المحركات ووسائل النقل، بالإضافة إلى الميكانيكا الكمية التي أدت إلى اكتشاف بعض المعدّات كالمجهر الإلكتروني، وكان هذا العصر له بصمته في تشخيص الأمراض وفي علاج السرطان وتوليد الطاقة\". ❝ ⏤جانيز فان كليف
❞ ˝إنّ للفيزياء مكانة مهمة لدى الفكر الإنساني، وقد كان لعلم الفيزياء تأثير واضح في بعض التخصصات العلمية والمعرفية كالفلسفة والرياضيات وعلم الأحياء، كما كان لها الأثر في تقدم وتطور بعض القطاعات العملية كقطاع التقنية والطب، ومنها التقدم في فهم الكهرومغناطيسية؛ ممّا نتج عنه الانتشار الواسع للأجهزة الكهربائية كالحاسوب والتلفاز، كما أعطت الفيزياء تطبيقات الديناميكا الحرارية تطوّراً كبيراً وخاصة في مجال المحركات ووسائل النقل، بالإضافة إلى الميكانيكا الكمية التي أدت إلى اكتشاف بعض المعدّات كالمجهر الإلكتروني، وكان هذا العصر له بصمته في تشخيص الأمراض وفي علاج السرطان وتوليد الطاقة˝. ❝
❞ باتت التحاليل الجينية تستخدم اليوم في مجالات متعددة، وأصبحت هذه التحاليل تطلب بشكل روتيني لتشخيص الأمراض الجينية لدى الجنين قبل الولادة وفي إطار الفحص الطبي قبل الزواج، أو لاثبات تشخيص الأمراض الوراثية كالناعور والتلاسيميا والطفرات التي تزيد من حدوث الخثرات الوريدية العميقة مثل: طفرة لايدن أو طفرة حمض الفوليك (MTHFR) وغيرها. هذا عدا عن استخدام هذه التقنية في مخابر علم الأحياء الدقيقة والكشف عن الحامض النووي للجراثيم والفيروسات والطفيليات لتشخيص الأمراض الانتانية المختلفة.. ❝ ⏤مجموعة من المؤلفين
❞ باتت التحاليل الجينية تستخدم اليوم في مجالات متعددة، وأصبحت هذه التحاليل تطلب بشكل روتيني لتشخيص الأمراض الجينية لدى الجنين قبل الولادة وفي إطار الفحص الطبي قبل الزواج، أو لاثبات تشخيص الأمراض الوراثية كالناعور والتلاسيميا والطفرات التي تزيد من حدوث الخثرات الوريدية العميقة مثل: طفرة لايدن أو طفرة حمض الفوليك (MTHFR) وغيرها. هذا عدا عن استخدام هذه التقنية في مخابر علم الأحياء الدقيقة والكشف عن الحامض النووي للجراثيم والفيروسات والطفيليات لتشخيص الأمراض الانتانية المختلفة. ❝
❞ الأعشاب الضارة هي نبتات حولية غير مرغوب فيها تنبت داخل قطع الأراضي المراد زراعتها فهي يمكن أن تكون نبتات أحادية الفلقة أوراقها مستطيلة أو نبتات ثنائية الفلقة أوراقها عريضة
بعض الأمثلة عن أنواع الأعشاب الضارة
ذات الأوراق المستطيلة . الخفور _ الشوفان _ الخرطال الكاذب … الخ
ذات الأوراق المستطيلة . الخفور _ الشوفان _ الخرطال الكاذب ... الخ ذات الأوراق المستطيلة . الخفور _ الشوفان _ الخرطال الكاذب ... الخ
ذات الأوراق العريضة : بن نعمان _ لسان الفرد _ الحمض _ اللفيتية
ذات الأوراق العريضة : بن نعمان _ لسان الفرد _ الحمض _ اللفيتية ذات الأوراق العريضة : بن نعمان _ لسان الفرد _ الحمض _ اللفيتية
هذه بعض الأنواع على سبيل الذكر لا الحصر إذ انه يوجد عشرات الأنواع هن هذه الأعشاب الضارة ويختلفا تواجد ها من مكان الى أخر ومن فصل الى أخر
مصادر الأعشاب الضارة
نظرا للوزن الخفيف لبذور الأعشاب الضارة فان الرياح تنقلها من الأماكن البعيدة وكذلك تحمل بواسطة فيضانات الأودية
ما هو الضرر الذي تسببه الأعشاب الضارة
إن تواجد الأعشابا الضارة وسط المحاصيل بصفة عامة وبكميات كبيرة له الأثر السلبي على نمو هذه المحاصيل حيث نجد أن هذه الأعشاب الضارة تنافس المحصول في:
تنافسه في الغذاء
تنافسه في الهواء
تنافسه في مياه السقي
تنافسه في ضوء الشمس
وكما تعد الأعشاب الضارة عائل هام للحشرات مما يعرض المحصول الى الآفات الحشرية والأمراض بصفة عامة وبالتالي يمكن القول ان وجود الأعشابا الضارة داخل حقول الحبوب يمكن ان يؤدي الى خسائر في الإنتاج تصل الى %30 في الكثير من الأحيان ولتوضيح حجم الضرر والخسارة التي يتكبدها الفلاح نعطي هذا المثال التوضيحي . بسهل تاونزة دائرة قصر الحيران المعنية بتكثيفا زراعة الحبوبا فنقول إن مردود الهكتار الواحد من القمع المكثف بهذه المنطقة يصل الى 40 قنطار /الهكتار وعلية نقوم بلعملية الحسابية التالية
5-compressor
كيف يتم القضاء على الأعشاب الضارة
بعدما تعرفتا على الأعشاب الضارة والأضرار المترتبة عنها نتطرق الآن الى كيفية إبادتها فنقول أن هناك طريقتين لمكافحة هذه الأعشاب
الطريقة الألية : وهي طريقة وقائية
الطريقة العلاجية بالمواد الكيمياوية
الطريقة الوقائية
لإعداد قطعة ارض معينة لزراعتها بمحصول الحبوب يجب حرثها في فصل الربيع (قبل 31 مارس ) من اجل تغلغل الهواء والضوء ومياه الأمطار داخل التربه وكذلك نمو بذور الأعشاب يمكن استغلال هذه الأعشاب في رعي الماشيه تم يتم القضاء على بقايا الأعشاب الضارة بواسطة الحرث المتعامد
و تتكرر العملية كلما عاود نمو الأعشاب الضارة لنتحصل في فصل الخربف على ارض خاليه من الأعشاب الضارة
الطريقة الكيمياوية
وهي طريقة المعالجة بالمواد الكيمياوية ويستحسن عدم اللجوء الى هذه العملية الا في الحالات الاضطراريه لكون أن هذه المبيدات هي عبارة عن مراد كيماوية سامة بطيئة التحلل لها اثر سلبي على النبات والبيئة بصفة عامة
مبيدات الأعشاب
تتألف عادة من مراد كيميائية غايتها إبادة أو منع نمو النباتات الغير مرغوب بها كان يستعمل ملح البحر و بعض الزيوت في الماضي كمبيدات للأعشاب و في أوآخر القرن التاسع عشر استعملت مبيدات الأعشاب الانتقائية لأول مرة على الأعشاب ذوات الأوراق العريضة التي تنمو بين محاصيل الحبوب أما التطور الأساسي لمبيادت الأعشاب حصل عندما ظهر ما يسمى بمبيدات الأعشاب العضويه سنة 1945 و كانت تلك المبيدات سامة جدا لدرجة أنها كانت تؤثر في الأعشاب بمجرد استخدام كميات قليلة جدا منها
وقسمت مبيدات الأعشاب حديثا في فئتين
الإنتقائية ( selective )
واللا إنتقائية ( nonselective )
تقوم المبيدات الانتقائية بإبادة الأعشاب الضارة فقط دون المحاصيل العادية , أما المبيدات اللا انتقائية فهي تبيد كل شيء يعترض طريقها، تصنف مبيدات الأعشاب اللا انتقائية الى فئتين
للإستعمال على أوراق النباتات بحيث تمنع عملية التركيب الضوئي وكذلك منع تكون البذور
للإستعمال المباشر على سطح التربة بحيث تمنع نمو الأعشاب الضارة
تصنيف المبيدات
تصنف المبيدات الكيماوية حسب أجناس الكائنات المقصود إبادتها ، فهي تقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي :
مبيدات الاعشاب ( herbicide )
المبيدات الحشرية ( Insecticides )
مبيدات الفطريات ( fongicide ). ❝ ⏤احمد التيموشنتي
❞ الأعشاب الضارة هي نبتات حولية غير مرغوب فيها تنبت داخل قطع الأراضي المراد زراعتها فهي يمكن أن تكون نبتات أحادية الفلقة أوراقها مستطيلة أو نبتات ثنائية الفلقة أوراقها عريضة
بعض الأمثلة عن أنواع الأعشاب الضارة
ذات الأوراق المستطيلة . الخفور الشوفان __ الخرطال الكاذب … الخ
ذات الأوراق العريضة : بن نعمان لسان الفرد __ الحمض _ اللفيتية
ذات الأوراق العريضة : بن نعمان لسان الفرد __ الحمض اللفيتية ذات الأوراق العريضة : بن نعمان __ لسان الفرد الحمض __ اللفيتية
هذه بعض الأنواع على سبيل الذكر لا الحصر إذ انه يوجد عشرات الأنواع هن هذه الأعشاب الضارة ويختلفا تواجد ها من مكان الى أخر ومن فصل الى أخر
مصادر الأعشاب الضارة
نظرا للوزن الخفيف لبذور الأعشاب الضارة فان الرياح تنقلها من الأماكن البعيدة وكذلك تحمل بواسطة فيضانات الأودية
ما هو الضرر الذي تسببه الأعشاب الضارة
إن تواجد الأعشابا الضارة وسط المحاصيل بصفة عامة وبكميات كبيرة له الأثر السلبي على نمو هذه المحاصيل حيث نجد أن هذه الأعشاب الضارة تنافس المحصول في:
تنافسه في الغذاء
تنافسه في الهواء
تنافسه في مياه السقي
تنافسه في ضوء الشمس
وكما تعد الأعشاب الضارة عائل هام للحشرات مما يعرض المحصول الى الآفات الحشرية والأمراض بصفة عامة وبالتالي يمكن القول ان وجود الأعشابا الضارة داخل حقول الحبوب يمكن ان يؤدي الى خسائر في الإنتاج تصل الى %30 في الكثير من الأحيان ولتوضيح حجم الضرر والخسارة التي يتكبدها الفلاح نعطي هذا المثال التوضيحي . بسهل تاونزة دائرة قصر الحيران المعنية بتكثيفا زراعة الحبوبا فنقول إن مردود الهكتار الواحد من القمع المكثف بهذه المنطقة يصل الى 40 قنطار /الهكتار وعلية نقوم بلعملية الحسابية التالية
5-compressor
كيف يتم القضاء على الأعشاب الضارة
بعدما تعرفتا على الأعشاب الضارة والأضرار ˝المترتبة عنها نتطرق الآن الى كيفية إبادتها فنقول أن هناك طريقتين لمكافحة هذه الأعشاب
˝الطريقة الألية : وهي طريقة وقائية
الطريقة العلاجية بالمواد الكيمياوية
الطريقة الوقائية
لإعداد قطعة ارض معينة لزراعتها بمحصول الحبوب يجب حرثها في فصل الربيع (قبل 31 مارس ) من اجل تغلغل الهواء والضوء ومياه الأمطار داخل التربه وكذلك نمو بذور الأعشاب يمكن استغلال هذه الأعشاب في رعي الماشيه تم يتم القضاء على بقايا الأعشاب الضارة بواسطة الحرث المتعامد
˝و تتكرر العملية كلما عاود نمو الأعشاب الضارة لنتحصل في فصل الخربف على ارض خاليه من الأعشاب الضارة
الطريقة الكيمياوية
وهي طريقة المعالجة بالمواد الكيمياوية ويستحسن عدم اللجوء الى هذه العملية الا في الحالات الاضطراريه لكون أن هذه المبيدات هي عبارة عن مراد كيماوية سامة بطيئة التحلل لها اثر سلبي على النبات والبيئة بصفة عامة
مبيدات الأعشاب
تتألف عادة من مراد كيميائية غايتها إبادة أو منع نمو النباتات الغير مرغوب بها كان يستعمل ملح البحر و بعض الزيوت في الماضي كمبيدات للأعشاب و في أوآخر القرن التاسع عشر استعملت مبيدات الأعشاب الانتقائية لأول مرة على الأعشاب ذوات الأوراق العريضة التي تنمو بين محاصيل الحبوب أما التطور الأساسي لمبيادت الأعشاب حصل عندما ظهر ما يسمى بمبيدات الأعشاب العضويه سنة 1945 و كانت تلك المبيدات سامة جدا لدرجة أنها كانت تؤثر في الأعشاب بمجرد استخدام كميات قليلة جدا منها
وقسمت مبيدات الأعشاب حديثا في فئتين
الإنتقائية ( selective )
واللا إنتقائية ( nonselective )
تقوم المبيدات الانتقائية بإبادة الأعشاب الضارة فقط دون المحاصيل العادية , أما المبيدات اللا انتقائية فهي تبيد كل شيء يعترض طريقها، تصنف مبيدات الأعشاب اللا انتقائية الى فئتين
للإستعمال على أوراق النباتات بحيث تمنع عملية التركيب الضوئي وكذلك منع تكون البذور
للإستعمال المباشر على سطح التربة بحيث تمنع نمو الأعشاب الضارة
تصنيف المبيدات
تصنف المبيدات الكيماوية حسب أجناس الكائنات المقصود إبادتها ، فهي تقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي :
❞ الحيوانات تستطيع أن تباشر عملية التوليد بالغريزة ، وهي تعرف كيف تقطع الحبل السري ، وأين ومتى تقطعه عن الجنين .
والدجاجة تستطيع أن تميز البيضة الفاسدة بين البيضات التي ترقد عليها فتنبذها وتلقي بها بعيداً ، وتستطيع أن تميز البيضة الغير ملقحة من البيضة الملقحة .. وهي تقوم بإلهام غريزي بتقليب البيض الذي ترقد عليه كل عدد معلوم من الساعات .. و لولا هذا التقليب لماتت الأجنة بسبب التصاقها بالقشرة .
و الفرخ الوليد يعرف أين أضعف مكان في البيضة لينقره بمنقاره ويخرج .
والنحل يعرف كيف يبني بيوته السداسية بدون مسطرة وبدون برجل .. والنحلات الشغالة العائدة من الحقل تقوم بعمل خريطة طبوغرافية دقيقة بمكان الزهور ، وذلك عن طريق الرقص وعمل إشارات بحركات بطنها تدل باقي الشغالة على جغرافية المكان بدقة لا تخيب .
وأعجب من ذلك كله هو ذلك الطب الغريزي الذي يمارسه حيوان " الوارا " حينما يلدغة ثعبان ، فإنه يلجأ إلى نوع من العشب الصحراوي يسميه البدو " الرامرام " ويحُك فيه جرحه . وقد لوحظ أن هذا الحيوان لا يدخل في معركة مع الثعبان إلا إذا كان على مقربة من هذا العشب ، فإذا لم يجد هذا العشب فإنه لا يدخل في مواجهة مع الثعبان ويبادر بالهرب ..
و قد أثبتت التجارب أن هذا العشب يشفي بالفعل من لدغة الثعبان ، والإسم العلمي لهذا العشب هو Htliotropium ramosismum ومفعوله العلاجي راجع إلى تأثيره على الجهاز المناعي في الكبد .
وهذه حقائق علمية لم تُعرف إلا أخيراً .. فكيف أدرك حيوان " الوارا " هذه الحقائق ، ومن أين علم بها ..؟!
ذلك هو الإلهام المباشر والطب الإلهي بلا شك .
وهو مما أوحى به الله للحيوان .. مصداقاً للآية :
" وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجرِ ومما يعرِشون "
وهذا مما حدا بالمسلمين الأوائل إلى الإهتمام بالأعشاب .
وخرج من العرب عشابون عظام أمثال داود الأنطاكى وابن البيطار وكوهين العطّار وعمّار الموصلي .
وقد جاء الوقت الذي نعمل فيه على إحياء تراثنا الطبي العربي .. لقد قَدَمت الصين من تراثها الطبي الشعبي أسطورة الإبر الذهبية ونحن نستطيع إذا عكفنا على تراثنا الطبي الإسلامي أن نقدم الكثير .
لقد ظلت أوروبا حتى أوائل القرن التاسع عشر لا تعرف إلا الأقرباذين العربي ، ولا تعتمد في طبها إلا على مخطوطات ابن سينا والرازي والزهراوي وابن النفيس .
ومازالت أوروبا تسمي بعض المركبات الكيماوية بأسمائها العربية ..
فالطرطير هو ال TARTAR ، والبورق هو BORIC ، والكحول هو ALCOHOL ، والشراب هو SIRUP.
وكانت الحضارة الإسلامية هي الجامعة التي أخذت عنها أوروبا علومها الطبية في عصورها الوسطى المظلمة .
وقد حاول بعض المستشرقين أن يطمس هذا التاريخ ، فقال إن العرب كانوا مجرد ناقلين ومترجمين عن جالينوس وأبو قراط ، وأن الطب العربي طب منقول عن اليونان والهند والفرس ومصر ، وليس فيه جهد إبداعي .. وهو افتراء تُكذبه مخطوطات الرازي وما جاء فيها من تصويبات كثيرة لأبوقراط وجالينوس .
فنرى الرازي يُخَطِىء أبو قراط في قوله بأن ماء الإستسقاء ascitis يصل إلى الرئة ويسبب السعال ، ويصف هذا الرأي بأنه سَمِج .. كما يخطئه في أن هُزال الجسم يزيد من رواسب البول .. ويقول هذا رأي خطأ لا يجوز .
كما نرى ابن النفيس يخطىء جالينوس في زعمه بأن هناك ثقباً بين البُطين الأيمن والبُطين الأيسر في القلب وأنهما متصلان ، ويقول إنه لا اتصال بين البطين الأيمن والأيسر ، وإن دم البطين الأيمن والأيسر لا يمتزجان إلا في الحالات المرضية .
كما نرى البغدادي يصحح ما زعمه جالينوس من أن الفك الأسفل عظمتان .. ويقول هما عظمة واحدة .
ومعلوم أن ابن النفيس كان أول من اكتشف الدورة الدموية الرئوية الصغرى .
وقد اكتشفها الراهب الإسباني سرفيتوس بعده بثلاثمائة سنة ، ونشر وصفاً لها في مجلته الدينية .. فلما بلغت هذه المجلة جون كالفين في سويسرا استدعاه إلى جنيف وحاكمه واتهمه بالزندقه وحكم عليه بالحرق .
هذا كان تاريخهم مع علمائهم ، وهذا كان تاريخنا .
بل إن أوروبا لم تنهض من كبوتها إلا حينما أخذت بالنظرة الإسلامية إلى العلم .
إن تصحيح هذه الأوهام أمر ضروري .
.. فأسوأ ما تصاب به أمة أن تكون بلا ذاكرة .
وما أكثر ما استحدث هؤلاء الرواد القدماء في صناعة الطب .
كان الزهراوي أول من عالج حصوة المثانة بالتفتيت ..
وكانت له محاولات متطورة في علاج البواسير والناصور والأورام السرطانية والفَتق .
وكان الرازي أول من تكلم عن التشخيص المقارَن differential diagnosis حينما تختلط الأمراض وتتشابه علامتها ..
وقد وصف الجهاز الهضمي بدقة كما وصف تشريح المعدة وطبقات العضلات المختلفة فيها .. تماماً كما نصفها اليوم .. وفرَّق بين النزيف المتسبَب من القرحة والنزيف المتسبَب من بواسير المريء ووصف أقراص الطباشير للحموضة ، وهو علاج نستعمله الآن .. وقدم وصفاً دقيقاً لمرضى الكزاز tetanus وقال عن وجه المريض بهذا الداء .. إنه يبدو كما لو كان يضحك ، وهو ما نسميه الآن risus sardonicus وقال إن مريض الكزاز يموت مختنقاً بسبب تشنج عضلات التنفس وتوقف حركاتها ، وهو كلام علمي دقيق .
وللرازي رأي جيد في علاج الحروق بالماء البارد ، وتلك آخر صيحة الآن في علاج الحروق .. حيث يوضع الذراع أو الساق المحروقة في الماء البارد دقيقتين لتقليل الألم ولتقليل فقدان البلازما .
ويقول ابن سينا في خلع الفقرات .. إن كانت الفقرة الأولى في العنق .. مات صاحبها في الحال .. لأن عصب التنفس ينضغط فلا يفعل فعله ، وإن كانت من الفقرات السفلية لم يمتنع التنفس ولكن يمتنع التبرز والتبول .. وهذا كلام علمي دقيق .
وقد سبق الزهراوي الجراحين بألف عام إلى اكتشاف جراحة دوالي الساق بطريقة سل العروق stripping of veins وهو أسلوب لم يُعرف إلا منذ ثلاثين عاماً .
وقد عرف العرب التخدير باستعمال البرودة الشديدة والأعشاب المرقدة ، كالحشيش والسكران والداتورا والبلادونا .
وعرفوا طب الأسنان وخلعها وحشوها ، وذكر الرازي سبعة أنواع من المعاجين والمساحيق لعلاج الأسنان وهي لا تخرج في تركيبها عن المعاجين الحالية من حيث احتوائها على المواد العطرية والمواد المطهِرة والمواد الحاكة والمواد القابضة والمواد المزيلة للروائح .. كما عرفوا فتح الضرس بالمثقاب وإماتة عصب الضرس باستخدام الزرنيخ .
واشتغلت المرأة العربية بالتمريض والطب من قديم .. وفي أيام النبي عليه الصلاة والسلام كانت رفيدة الأسلمية تتخذ خيمة في المسجد تداوي فيها الجرحى في الحرب .. وفي أواخر الدولة الأموية كانت زينب طبيبة بني أود من الماهرات في صناعة الكحالة ومداواة آلام العين .
وكان العرب أول من استحضر أحماض الكبريتيك والنيتريك والماء الملكي وأيدروكسيد الصوديوم والنشادر ونترات الفضة وكلوريد الزئبق ويوديد الزئبق والأنتيمون وكثيراً غيرها .
وكان الرازي أول من جرب أملاح الزئبق على القرود ليرى مفعولها ، وأول من استخدم الزئبق في المراهم .
وعرف العرب في تحضير الأدوية و وسائل التقطير والتبخير والترشيح والتصعيد والتذويب والطبخ والتبلور .. وكان ابن سينا أول من غلف الحبوب بالذهب والفضة ، وكان الزهراوي أول من حضَّر الأقراص بالكبس في قوالب خاصة .
وسبق العرب العالم في ابتكار نظام المستشفيات .. وكانوا في بيمارستان قلاوون يرفهون عن المرضى بالموسيقى وتلاوة القرآن .. وكانوا يعطون كل مريض منحة مالية عند خروجه حتى لا يُعجِّل إلى العودة إلى عمله في فترة النقاهة .
ومن أقوال الرازي .. ينبغي للطبيب أن يوهم المريض بالصحة ويرجيه بها وإن كان غير واثق بذلك ، فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس ، وتلك نظرة نفسية عميقة من طبيب قديم .
وكان يقول .. لا تعالج بالدواء إذا استطعت أن تعالج بالغذاء وحده .. ولا تعطي دواءً مركباً إذا استطعت أن تعالج بدواء بسيط .
وفي تحرزهم في مسألة الأدوية هذه نرى طبيباً كبيراً من أطبائهم هو أبو العلاء ابن زهر الأندلسي يقول :
أقسم بالله أني ما سقيت دواء قط مسهلاً إلا واشتغل بالي قبله بأيام وبعده بأيام فإنما هي سموم ، فكيف حال مدبر السم ومسقيه .
وهذا طبيب كبير يتردد في كتابة دواء ملين ويقلق ويشتغل باله مخافة الإضرار بمريضه .
فأين هذا الطبيب من أطباء اليوم الذين يكتبون المضادات الحيوية والكورتيزون دون تحرز وهي سموم قتالة .
إنما هي أخلاقيات المسلم الذي يخاف ربه ..
ومِن النظرة الإيمانية أن تبدأ علاج المريض بأقرب الأشياء إلى طبيعته بمجرد تعديل قائمة غذائه .. فإذا لم يفلح العلاج لجأت إلى أعشاب من بيئته تقدمها له دون أن تغير طبيعتها ودون إضافة أو استخلاص أو تجزئة .. إيماناً بأن الله وضع العناصر الشافية في داخل هذه العبوة النباتية لحكمة .
وهذه النظرة صحيحة .. ولها شواهد علمية تؤيدها .. ففي التداوي بالنبات المسمى " بذر جوتونا " واسمه العلمي PLANTAGO OYATA لوحظ أن استخلاص العنصر الدوائي وهو القشر من البذور وتناوله منفرداً لعلاج القولون يؤدي إلى مضاعفات حساسية .. ولا تظهر هذه المضاعفات في حالة تناول البذور على حالتها الخام .
وهذا لا يعني ألا نقوم بالتجارب وندرس ونستخلص . بل المراد ألا نتدخل إلا للضرورة .. وأن ننظر باحترام إلى الطبيعة ومنتجاتها باعتبارها صناعة يد إلهية حكيمة لا تخطىء .
وعسل النحل وخواصه الشفائية شاهد على هذا الأمر .
وفي القرآن إشارات إلى مسائل مازالت إلى الآن من قبيل الأسرار ، فحينما يشكو أيوب لربه من مس الشيطان ..
" ربِ إني مسنيَ الشيطان بنصب وعذاب " .
يقول له ربه ..
" اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب " .
الله يصف له ماء الينابيع ليشرب ويغتسل .. ليذهب عن جسمه من هذا المس الضار .
وفي آية أخرى عن الماء يقول القرآن ..
" ويُنزل من السماء ماء ليطهركم به ويُذهب عنكم رجس الشيطان "
فيصف الماء بخاصيتين .. خاصية التنظيف والتطهير ، وخاصية أخرى هي إذهاب مس الشيطان .
وفي حديث شريف يقول النبي عليه الصلاة والسلام في علاج المحسود ..
" يتوضأ الحاسد ويغتسل المحسود من وضوئه " .
إنه الماء مرة أخرى يوصف ليذهب المسوس الروحية الضارة التي أحدثتها العين .
فما هي تلك الخاصية الغيبية للماء ؟
ذلك باب شريف للبحث ، قد يتضح لنا بيانه في المستقبل .
وقد ظن البعض خطأً أن التداوي ليس من الإسلام وأنه ناقض للتوَكُل ، وقال البعض لرسول الله .. انتداوَى يا رسول الله .. أيَرُد الدواء قدر الله .. ؟؟
فقال النبي عليه الصلاة والسلام .. " إنما نرد قدر الله بقدر الله ، فما خرج شيء عن قدر الله " .
وفي الإسلام لمحات من الطب الوقائي لو اتبعتها البلاد الإسلامية لاختفت البلهارسيا والإنكلستوما من القارة الأفريقية ، ولوفرت الملايين التي تنفَق على العلاج بلا جدوى .
فقد نهى النبي عن التبرز في الماء وفي الظل وفي طريق الناس وفي الحديث الثابت ..
" ولا يبولَن أحدكم في الماء ثم يتوضأ منه " .
"اتقوا الملاعن الثلاث : التبرز في الماء ، وفي ظل ، وفي طريق الناس " .
وتلك حلقة البلهارسيا المفرغة التي لا تنتهي .. تنزل البويضات في الماء .. فتفقس اليرقات وتسبح إلى القواقع .. ومن القواقع يخرج السركاريا ليصيب الإنسان من جديد ، فإذا كسرنا حلقة التبول والتبرز في الماء .. انتهت البلهارسيا إلى غير رجعة .
والنظافة أول الشعائر الدينية عند المسلم .. فلا صلاة بغير وضوء ولا إسلام بغير غُسل ولا ملبس إلا الطاهر .
يقول القرآن ..
" وثيابك فطَهِّر " .
والقرآن هو الكتاب السماوي الوحيد الذي نص على الطهارة والنظافة والإغتسال .
وقد وضع الإسلام الأسس الثابته للصحة النفسية ، وذلك بالصبر والتوكل والتسليم والتفويض والحمد والشكر بعد الإجتهاد وبذل الوسع .
" قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " .
" عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم ".
" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ".
" لا تيأسوا من رَوح الله إنه لا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون " .
وذلك هو الطب النفسي الإلهي الذي عجز فرسان الطب النفسي المادي أن يلحقوا به .. والذي مازال هو الباب الوحيد للسكينة والأمن حينما تسد جميع الأبواب .
مقال / الإسلام والطب
من كتاب / القرآن كائن حي
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ الحيوانات تستطيع أن تباشر عملية التوليد بالغريزة ، وهي تعرف كيف تقطع الحبل السري ، وأين ومتى تقطعه عن الجنين .
والدجاجة تستطيع أن تميز البيضة الفاسدة بين البيضات التي ترقد عليها فتنبذها وتلقي بها بعيداً ، وتستطيع أن تميز البيضة الغير ملقحة من البيضة الملقحة . وهي تقوم بإلهام غريزي بتقليب البيض الذي ترقد عليه كل عدد معلوم من الساعات . و لولا هذا التقليب لماتت الأجنة بسبب التصاقها بالقشرة .
و الفرخ الوليد يعرف أين أضعف مكان في البيضة لينقره بمنقاره ويخرج .
والنحل يعرف كيف يبني بيوته السداسية بدون مسطرة وبدون برجل . والنحلات الشغالة العائدة من الحقل تقوم بعمل خريطة طبوغرافية دقيقة بمكان الزهور ، وذلك عن طريق الرقص وعمل إشارات بحركات بطنها تدل باقي الشغالة على جغرافية المكان بدقة لا تخيب .
وأعجب من ذلك كله هو ذلك الطب الغريزي الذي يمارسه حيوان ˝ الوارا ˝ حينما يلدغة ثعبان ، فإنه يلجأ إلى نوع من العشب الصحراوي يسميه البدو ˝ الرامرام ˝ ويحُك فيه جرحه . وقد لوحظ أن هذا الحيوان لا يدخل في معركة مع الثعبان إلا إذا كان على مقربة من هذا العشب ، فإذا لم يجد هذا العشب فإنه لا يدخل في مواجهة مع الثعبان ويبادر بالهرب .
و قد أثبتت التجارب أن هذا العشب يشفي بالفعل من لدغة الثعبان ، والإسم العلمي لهذا العشب هو Htliotropium ramosismum ومفعوله العلاجي راجع إلى تأثيره على الجهاز المناعي في الكبد .
وهذه حقائق علمية لم تُعرف إلا أخيراً . فكيف أدرك حيوان ˝ الوارا ˝ هذه الحقائق ، ومن أين علم بها .؟!
ذلك هو الإلهام المباشر والطب الإلهي بلا شك .
وهو مما أوحى به الله للحيوان . مصداقاً للآية :
˝ وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجرِ ومما يعرِشون ˝
وهذا مما حدا بالمسلمين الأوائل إلى الإهتمام بالأعشاب .
وخرج من العرب عشابون عظام أمثال داود الأنطاكى وابن البيطار وكوهين العطّار وعمّار الموصلي .
وقد جاء الوقت الذي نعمل فيه على إحياء تراثنا الطبي العربي . لقد قَدَمت الصين من تراثها الطبي الشعبي أسطورة الإبر الذهبية ونحن نستطيع إذا عكفنا على تراثنا الطبي الإسلامي أن نقدم الكثير .
لقد ظلت أوروبا حتى أوائل القرن التاسع عشر لا تعرف إلا الأقرباذين العربي ، ولا تعتمد في طبها إلا على مخطوطات ابن سينا والرازي والزهراوي وابن النفيس .
ومازالت أوروبا تسمي بعض المركبات الكيماوية بأسمائها العربية .
فالطرطير هو ال TARTAR ، والبورق هو BORIC ، والكحول هو ALCOHOL ، والشراب هو SIRUP.
وكانت الحضارة الإسلامية هي الجامعة التي أخذت عنها أوروبا علومها الطبية في عصورها الوسطى المظلمة .
وقد حاول بعض المستشرقين أن يطمس هذا التاريخ ، فقال إن العرب كانوا مجرد ناقلين ومترجمين عن جالينوس وأبو قراط ، وأن الطب العربي طب منقول عن اليونان والهند والفرس ومصر ، وليس فيه جهد إبداعي . وهو افتراء تُكذبه مخطوطات الرازي وما جاء فيها من تصويبات كثيرة لأبوقراط وجالينوس .
فنرى الرازي يُخَطِىء أبو قراط في قوله بأن ماء الإستسقاء ascitis يصل إلى الرئة ويسبب السعال ، ويصف هذا الرأي بأنه سَمِج . كما يخطئه في أن هُزال الجسم يزيد من رواسب البول . ويقول هذا رأي خطأ لا يجوز .
كما نرى ابن النفيس يخطىء جالينوس في زعمه بأن هناك ثقباً بين البُطين الأيمن والبُطين الأيسر في القلب وأنهما متصلان ، ويقول إنه لا اتصال بين البطين الأيمن والأيسر ، وإن دم البطين الأيمن والأيسر لا يمتزجان إلا في الحالات المرضية .
كما نرى البغدادي يصحح ما زعمه جالينوس من أن الفك الأسفل عظمتان . ويقول هما عظمة واحدة .
ومعلوم أن ابن النفيس كان أول من اكتشف الدورة الدموية الرئوية الصغرى .
وقد اكتشفها الراهب الإسباني سرفيتوس بعده بثلاثمائة سنة ، ونشر وصفاً لها في مجلته الدينية . فلما بلغت هذه المجلة جون كالفين في سويسرا استدعاه إلى جنيف وحاكمه واتهمه بالزندقه وحكم عليه بالحرق .
هذا كان تاريخهم مع علمائهم ، وهذا كان تاريخنا .
بل إن أوروبا لم تنهض من كبوتها إلا حينما أخذت بالنظرة الإسلامية إلى العلم .
إن تصحيح هذه الأوهام أمر ضروري .
. فأسوأ ما تصاب به أمة أن تكون بلا ذاكرة .
وما أكثر ما استحدث هؤلاء الرواد القدماء في صناعة الطب .
كان الزهراوي أول من عالج حصوة المثانة بالتفتيت .
وكانت له محاولات متطورة في علاج البواسير والناصور والأورام السرطانية والفَتق .
وكان الرازي أول من تكلم عن التشخيص المقارَن differential diagnosis حينما تختلط الأمراض وتتشابه علامتها .
وقد وصف الجهاز الهضمي بدقة كما وصف تشريح المعدة وطبقات العضلات المختلفة فيها . تماماً كما نصفها اليوم . وفرَّق بين النزيف المتسبَب من القرحة والنزيف المتسبَب من بواسير المريء ووصف أقراص الطباشير للحموضة ، وهو علاج نستعمله الآن . وقدم وصفاً دقيقاً لمرضى الكزاز tetanus وقال عن وجه المريض بهذا الداء . إنه يبدو كما لو كان يضحك ، وهو ما نسميه الآن risus sardonicus وقال إن مريض الكزاز يموت مختنقاً بسبب تشنج عضلات التنفس وتوقف حركاتها ، وهو كلام علمي دقيق .
وللرازي رأي جيد في علاج الحروق بالماء البارد ، وتلك آخر صيحة الآن في علاج الحروق . حيث يوضع الذراع أو الساق المحروقة في الماء البارد دقيقتين لتقليل الألم ولتقليل فقدان البلازما .
ويقول ابن سينا في خلع الفقرات . إن كانت الفقرة الأولى في العنق . مات صاحبها في الحال . لأن عصب التنفس ينضغط فلا يفعل فعله ، وإن كانت من الفقرات السفلية لم يمتنع التنفس ولكن يمتنع التبرز والتبول . وهذا كلام علمي دقيق .
وقد سبق الزهراوي الجراحين بألف عام إلى اكتشاف جراحة دوالي الساق بطريقة سل العروق stripping of veins وهو أسلوب لم يُعرف إلا منذ ثلاثين عاماً .
وقد عرف العرب التخدير باستعمال البرودة الشديدة والأعشاب المرقدة ، كالحشيش والسكران والداتورا والبلادونا .
وعرفوا طب الأسنان وخلعها وحشوها ، وذكر الرازي سبعة أنواع من المعاجين والمساحيق لعلاج الأسنان وهي لا تخرج في تركيبها عن المعاجين الحالية من حيث احتوائها على المواد العطرية والمواد المطهِرة والمواد الحاكة والمواد القابضة والمواد المزيلة للروائح . كما عرفوا فتح الضرس بالمثقاب وإماتة عصب الضرس باستخدام الزرنيخ .
واشتغلت المرأة العربية بالتمريض والطب من قديم . وفي أيام النبي عليه الصلاة والسلام كانت رفيدة الأسلمية تتخذ خيمة في المسجد تداوي فيها الجرحى في الحرب . وفي أواخر الدولة الأموية كانت زينب طبيبة بني أود من الماهرات في صناعة الكحالة ومداواة آلام العين .
وكان العرب أول من استحضر أحماض الكبريتيك والنيتريك والماء الملكي وأيدروكسيد الصوديوم والنشادر ونترات الفضة وكلوريد الزئبق ويوديد الزئبق والأنتيمون وكثيراً غيرها .
وكان الرازي أول من جرب أملاح الزئبق على القرود ليرى مفعولها ، وأول من استخدم الزئبق في المراهم .
وعرف العرب في تحضير الأدوية و وسائل التقطير والتبخير والترشيح والتصعيد والتذويب والطبخ والتبلور . وكان ابن سينا أول من غلف الحبوب بالذهب والفضة ، وكان الزهراوي أول من حضَّر الأقراص بالكبس في قوالب خاصة .
وسبق العرب العالم في ابتكار نظام المستشفيات . وكانوا في بيمارستان قلاوون يرفهون عن المرضى بالموسيقى وتلاوة القرآن . وكانوا يعطون كل مريض منحة مالية عند خروجه حتى لا يُعجِّل إلى العودة إلى عمله في فترة النقاهة .
ومن أقوال الرازي . ينبغي للطبيب أن يوهم المريض بالصحة ويرجيه بها وإن كان غير واثق بذلك ، فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس ، وتلك نظرة نفسية عميقة من طبيب قديم .
وكان يقول . لا تعالج بالدواء إذا استطعت أن تعالج بالغذاء وحده . ولا تعطي دواءً مركباً إذا استطعت أن تعالج بدواء بسيط .
وفي تحرزهم في مسألة الأدوية هذه نرى طبيباً كبيراً من أطبائهم هو أبو العلاء ابن زهر الأندلسي يقول :
أقسم بالله أني ما سقيت دواء قط مسهلاً إلا واشتغل بالي قبله بأيام وبعده بأيام فإنما هي سموم ، فكيف حال مدبر السم ومسقيه .
وهذا طبيب كبير يتردد في كتابة دواء ملين ويقلق ويشتغل باله مخافة الإضرار بمريضه .
فأين هذا الطبيب من أطباء اليوم الذين يكتبون المضادات الحيوية والكورتيزون دون تحرز وهي سموم قتالة .
إنما هي أخلاقيات المسلم الذي يخاف ربه .
ومِن النظرة الإيمانية أن تبدأ علاج المريض بأقرب الأشياء إلى طبيعته بمجرد تعديل قائمة غذائه . فإذا لم يفلح العلاج لجأت إلى أعشاب من بيئته تقدمها له دون أن تغير طبيعتها ودون إضافة أو استخلاص أو تجزئة . إيماناً بأن الله وضع العناصر الشافية في داخل هذه العبوة النباتية لحكمة .
وهذه النظرة صحيحة . ولها شواهد علمية تؤيدها . ففي التداوي بالنبات المسمى ˝ بذر جوتونا ˝ واسمه العلمي PLANTAGO OYATA لوحظ أن استخلاص العنصر الدوائي وهو القشر من البذور وتناوله منفرداً لعلاج القولون يؤدي إلى مضاعفات حساسية . ولا تظهر هذه المضاعفات في حالة تناول البذور على حالتها الخام .
وهذا لا يعني ألا نقوم بالتجارب وندرس ونستخلص . بل المراد ألا نتدخل إلا للضرورة . وأن ننظر باحترام إلى الطبيعة ومنتجاتها باعتبارها صناعة يد إلهية حكيمة لا تخطىء .
وعسل النحل وخواصه الشفائية شاهد على هذا الأمر .
وفي القرآن إشارات إلى مسائل مازالت إلى الآن من قبيل الأسرار ، فحينما يشكو أيوب لربه من مس الشيطان .
˝ ربِ إني مسنيَ الشيطان بنصب وعذاب ˝ .
يقول له ربه .
˝ اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ˝ .
الله يصف له ماء الينابيع ليشرب ويغتسل . ليذهب عن جسمه من هذا المس الضار .
وفي آية أخرى عن الماء يقول القرآن .
˝ ويُنزل من السماء ماء ليطهركم به ويُذهب عنكم رجس الشيطان ˝
فيصف الماء بخاصيتين . خاصية التنظيف والتطهير ، وخاصية أخرى هي إذهاب مس الشيطان .
وفي حديث شريف يقول النبي عليه الصلاة والسلام في علاج المحسود .
˝ يتوضأ الحاسد ويغتسل المحسود من وضوئه ˝ .
إنه الماء مرة أخرى يوصف ليذهب المسوس الروحية الضارة التي أحدثتها العين .
فما هي تلك الخاصية الغيبية للماء ؟
ذلك باب شريف للبحث ، قد يتضح لنا بيانه في المستقبل .
وقد ظن البعض خطأً أن التداوي ليس من الإسلام وأنه ناقض للتوَكُل ، وقال البعض لرسول الله . انتداوَى يا رسول الله . أيَرُد الدواء قدر الله . ؟؟
فقال النبي عليه الصلاة والسلام . ˝ إنما نرد قدر الله بقدر الله ، فما خرج شيء عن قدر الله ˝ .
وفي الإسلام لمحات من الطب الوقائي لو اتبعتها البلاد الإسلامية لاختفت البلهارسيا والإنكلستوما من القارة الأفريقية ، ولوفرت الملايين التي تنفَق على العلاج بلا جدوى .
فقد نهى النبي عن التبرز في الماء وفي الظل وفي طريق الناس وفي الحديث الثابت .
˝ ولا يبولَن أحدكم في الماء ثم يتوضأ منه ˝ .
˝اتقوا الملاعن الثلاث : التبرز في الماء ، وفي ظل ، وفي طريق الناس ˝ .
وتلك حلقة البلهارسيا المفرغة التي لا تنتهي . تنزل البويضات في الماء . فتفقس اليرقات وتسبح إلى القواقع . ومن القواقع يخرج السركاريا ليصيب الإنسان من جديد ، فإذا كسرنا حلقة التبول والتبرز في الماء . انتهت البلهارسيا إلى غير رجعة .
والنظافة أول الشعائر الدينية عند المسلم . فلا صلاة بغير وضوء ولا إسلام بغير غُسل ولا ملبس إلا الطاهر .
يقول القرآن .
˝ وثيابك فطَهِّر ˝ .
والقرآن هو الكتاب السماوي الوحيد الذي نص على الطهارة والنظافة والإغتسال .
وقد وضع الإسلام الأسس الثابته للصحة النفسية ، وذلك بالصبر والتوكل والتسليم والتفويض والحمد والشكر بعد الإجتهاد وبذل الوسع .
˝ قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ˝ .
˝ عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم ˝.
˝ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ˝.
˝ لا تيأسوا من رَوح الله إنه لا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون ˝ .
وذلك هو الطب النفسي الإلهي الذي عجز فرسان الطب النفسي المادي أن يلحقوا به . والذي مازال هو الباب الوحيد للسكينة والأمن حينما تسد جميع الأبواب .
مقال / الإسلام والطب
من كتاب / القرآن كائن حي
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝