❞ فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا ۚ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ (11)
قوله تعالى : فاستفتهم أي سلهم يعني أهل مكة ، مأخوذ من استفتاء المفتي . أهم أشد خلقا أم من خلقنا قال مجاهد : أي : من خلقنا من السماوات والأرض والجبال والبحار . وقيل : يدخل فيه الملائكة ومن سلف من الأمم الماضية . يدل على ذلك أنه أخبر عنهم " بمن " قال سعيد بن جبير : الملائكة . وقال غيره : " من " الأمم الماضية وقد هلكوا وهم أشد خلقا منهم . نزلت في أبي الأشد بن كلدة ، وسمي بأبي الأشد لشدة بطشه وقوته . وسيأتي في [ البلد ] ذكره . ونظير هذه : لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس وقوله : ( أأنتم أشد خلقا أم السماء ) .
قوله تعالى : إنا خلقناهم من طين لازب أي لاصق ، قاله ابن عباس . ومنه قول علي - رضي الله عنه - :
تعلم فإن الله زادك بسطة وأخلاق خير كلها لك لازب
وقال قتادة وابن زيد : معنى لازب : لازق . الماوردي : والفرق بين اللاصق واللازق أن اللاصق : هو الذي قد لصق بعضه ببعض ، واللازق : هو الذي يلتزق بما أصابه . وقال عكرمة : لازب : لزج . سعيد بن جبير : أي : جيد حر يلصق باليد . مجاهد : لازب : لازم . والعرب تقول : طين لازب ولازم ، تبدل الباء من الميم . ومثله قولهم : لاتب ولازم . على إبدال الباء بالميم . واللازب الثابت ، تقول : صار الشيء ضربة لازب ، وهو أفصح من لازم . قال النابغة :
ولا يحسبون الخير لا شر بعده ولا يحسبون الشر ضربة لازب
وحكى الفراء عن العرب : طين لاتب بمعنى لازم . واللاتب الثابت ، تقول منه : لتب يلتب لتبا ولتوبا ، مثل لزب يلزب بالضم لزوبا ، وأنشد أبو الجراح في اللاتب :
فإن يك هذا من نبيذ شربته فإني من شرب النبيذ لتائب
صداع وتوصيم العظام وفترة وغم مع الإشراق في الجوف لاتب
واللاتب أيضا : اللاصق مثل اللازب ، عن الأصمعي حكاه الجوهري . وقال السدي والكلبي في اللازب : إنه الخالص . مجاهد والضحاك : إنه المنتن. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا ۚ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ (11)
قوله تعالى : فاستفتهم أي سلهم يعني أهل مكة ، مأخوذ من استفتاء المفتي . أهم أشد خلقا أم من خلقنا قال مجاهد : أي : من خلقنا من السماوات والأرض والجبال والبحار . وقيل : يدخل فيه الملائكة ومن سلف من الأمم الماضية . يدل على ذلك أنه أخبر عنهم " بمن " قال سعيد بن جبير : الملائكة . وقال غيره : " من " الأمم الماضية وقد هلكوا وهم أشد خلقا منهم . نزلت في أبي الأشد بن كلدة ، وسمي بأبي الأشد لشدة بطشه وقوته . وسيأتي في [ البلد ] ذكره . ونظير هذه : لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس وقوله : ( أأنتم أشد خلقا أم السماء ) .
قوله تعالى : إنا خلقناهم من طين لازب أي لاصق ، قاله ابن عباس . ومنه قول علي رضي الله عنه :
تعلم فإن الله زادك بسطة وأخلاق خير كلها لك لازب
وقال قتادة وابن زيد : معنى لازب : لازق . الماوردي : والفرق بين اللاصق واللازق أن اللاصق : هو الذي قد لصق بعضه ببعض ، واللازق : هو الذي يلتزق بما أصابه . وقال عكرمة : لازب : لزج . سعيد بن جبير : أي : جيد حر يلصق باليد . مجاهد : لازب : لازم . والعرب تقول : طين لازب ولازم ، تبدل الباء من الميم . ومثله قولهم : لاتب ولازم . على إبدال الباء بالميم . واللازب الثابت ، تقول : صار الشيء ضربة لازب ، وهو أفصح من لازم . قال النابغة :
ولا يحسبون الخير لا شر بعده ولا يحسبون الشر ضربة لازب
وحكى الفراء عن العرب : طين لاتب بمعنى لازم . واللاتب الثابت ، تقول منه : لتب يلتب لتبا ولتوبا ، مثل لزب يلزب بالضم لزوبا ، وأنشد أبو الجراح في اللاتب :
فإن يك هذا من نبيذ شربته فإني من شرب النبيذ لتائب
صداع وتوصيم العظام وفترة وغم مع الإشراق في الجوف لاتب
واللاتب أيضا : اللاصق مثل اللازب ، عن الأصمعي حكاه الجوهري . وقال السدي والكلبي في اللازب : إنه الخالص . مجاهد والضحاك : إنه المنتن . ❝
❞ تُمثِّل الأخلاق والقيم الجانبَ المعنوي أو الروحي في الحضارة الإسلامية، وأيضًا الجوهر والأساس الذي تقوم عليه أي حضارة، وفي ذات الوقت تضمن سر بقائها وصمودها عبر التاريخ والأجيال، وهو الجانب الذي إذا اختفى يومًا فإنه يُؤذِنُ بزوال الدفء المعنوي للإنسان، الذي هو رُوح الحياة والوجود؛ فيصير وقد غادرت الرحمة قلبه، وضعف وجدانه وضميره عن أداء دوره، ولم يعُدْ يعرف حقيقة وجوده فضلاً عن حقيقة نفسه، وقد بات مُكبَّلاً بقيود مادية لا يعرف فِكاكًا ولا خلاصًا.
إن هذا الجانب من الأخلاق والقيم لم توف حقها إلا في حضارة المسلمين ، تلك التى قامت في الأساس على القيم والأخلاق ، وبُعث رسولها خاصة ليتمم مكارم الأخلاق ويكملها ، وذلك بعد أن تشرذمت وتفرقت وأهملت بين الأمم والحضارات ، تلك الأخلاق والقيم التي لك تكن يوماً نتاج تطور فكرى على مر العصور ، وإنما كنت وحياً أوحاه الله عز وجل وشرعه رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ، فكان مصدرها التشريع الإسلامي منذ خمسة عشر قرناً من الزمان. ❝ ⏤راغب السرجاني
❞ تُمثِّل الأخلاق والقيم الجانبَ المعنوي أو الروحي في الحضارة الإسلامية، وأيضًا الجوهر والأساس الذي تقوم عليه أي حضارة، وفي ذات الوقت تضمن سر بقائها وصمودها عبر التاريخ والأجيال، وهو الجانب الذي إذا اختفى يومًا فإنه يُؤذِنُ بزوال الدفء المعنوي للإنسان، الذي هو رُوح الحياة والوجود؛ فيصير وقد غادرت الرحمة قلبه، وضعف وجدانه وضميره عن أداء دوره، ولم يعُدْ يعرف حقيقة وجوده فضلاً عن حقيقة نفسه، وقد بات مُكبَّلاً بقيود مادية لا يعرف فِكاكًا ولا خلاصًا.
إن هذا الجانب من الأخلاق والقيم لم توف حقها إلا في حضارة المسلمين ، تلك التى قامت في الأساس على القيم والأخلاق ، وبُعث رسولها خاصة ليتمم مكارم الأخلاق ويكملها ، وذلك بعد أن تشرذمت وتفرقت وأهملت بين الأمم والحضارات ، تلك الأخلاق والقيم التي لك تكن يوماً نتاج تطور فكرى على مر العصور ، وإنما كنت وحياً أوحاه الله عز وجل وشرعه رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ، فكان مصدرها التشريع الإسلامي منذ خمسة عشر قرناً من الزمان . ❝