❞ غيرة عائشة
تشير الكثير من المواقف التي نقلتها كتب السير والتراجم التي أرّخت لتلك الفترة إلى وجود مظاهر لغيرة بين عائشة وزوجات النبي محمد الأخريات. وهو ما أقرت به عائشة حين صنّفت زوجاته في حزبين، الأول فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والآخر ضم أم سلمة وبقية نساء النبي محمد.
أحب النبي محمد عائشة أكثر من نسائه، وهو ما أدركه المسلمون، فكانوا يؤخرون هداياهم حتى يكون في بيت عائشة، وهو ما أدركته أمهات المؤمنين، فندبن أم سلمة لتسأل النبي أن يكلم الناس في ذلك، فقال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهَا إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ».
ورغم تلك المحبة، إلا أن ذلك لم يمنعها من الغيرة من زوجاته الأخريات، ففي حجة الوداع خرج النبي بزوجاته، وكانت عائشة على جمل خفيف ومعها متاع قليل، فيما كانت صفية على جمل بطيء ومعها متاع ثقيل، فأمر النبي محمد أن يتبادلا راحلتيهما حتى يسرع الركب. فغضبت عائشة، وقالت: «يَا لَعِبَادِ اللَّهِ، غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ»، فشرح لها النبي سبب ما فعل، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟»
فتبسم وقال: «أَفِي شَكٍّ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟»، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أَفَهَلا عَدَلْتَ؟».
فسمعها أباها، فهمّ بضربها، فأوقفه النبي محمد وقال له: «إِنَّ الْغَيْرَى لا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلاهُ».
وقد كانت عائشة أكثر زوجات النبي غيرة وأشدهن حساسية في ذلك، فيُروى أنها قالت: «مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ، بَعَثَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ، فَضَرَبْتُهُ بِيَدِي فَكَسَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَةُ هَذَا؟
قَالَ: \"إِنَاءٌ مَكَانُ إِنَاءٍ، وَطَعَامٌ مَكَانُ طَعَامٍ\"».
كما كانت تغار من زوجته الأولى خديجة رغم وفاتها، وتقر بذلك وتحكي: «اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فعْرِفُ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ وَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَالَةَ.
قَالَتْ: فَغِرْت، فَقُلْت: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَك اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا».
فقال النبي محمد: «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، لَقَدْ آمَنَتْ بِي حِينَ كَفَرَ النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي حِينَ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَأَشْرَكَتْنِي فِي مَالِهَا حِينَ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدَهَا وَحَرَمَنِي وَلَدَ غَيْرِهَا.»
فقالت: «وَاللَّهِ لا أُعَاتِبُك فِيهَا بَعْدَ الْيَوْمِ».
وكما كانت عائشة تغير من أزواج النبي، كُنّ كذلك يغرن منها. أرسلن يومًا إليه فاطمة (أحب بناته)، وكان في بيت عائشة لتقول له: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ»
فقال لها: «أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ»
فقالت: «بَلَى»
فقال: «فَأَحِبِّي هَذِهِ».
فرجعت فاطمة لهن، وأخبرتهن الخبر، فأرسلن زينب بنت جحش بنفس القول، ثم وقعت زينب بعائشة، فاستطالت عليها، فردّت عائشة، فتبسم النبي محمد وقال: «إِنَّهَا ابنَةُ أَبِيْ بَكْر».
وفي موقف آخر، غارت عائشة من مكث النبي محمد عند زوجته زينب بنت جحش التي كانت تسقيه عندها العسل، فتواصت هي وحفصة عند دخول النبي محمد على أي منهما أن تقل له: «إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ»، فقال: «لا بَأْسَ شَرِبْتُ عَسَلا عِنْدَ زَيْنَبَ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ».
فنزل الوحي بآية:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ).
وقد ذكر الشوكاني في فتح القدير، أن النبي محمد قد أصاب جاريته مارية القبطية (أم ولده إبراهيم) في غرفة زوجته حفصة في يوم عائشة، فغضبت حفصة وقالت «يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ جِئْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ مَا جِئْتَهُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِكَ فِي يَوْمِي وَفِي دَوْرِي عَلَى فِرَاشِي»
فقال: «أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلا أَقْرَبُهَا أَبَدًا؟»
فقالت حفصة: «بَلَى»
فحرَّمها النبي على نفسه، وقال لها: «لاَ تَذْكُرِي ذَلِكَ لأَحَدٍ» فذكرته لعائشة. فنزلت فيهما لنهيهما عن الخوض في هذا الأمر.
آية:( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ).
حادثة الإفك
خرجت عائشة -رضيَ الله عنها- مع النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- في غزوةِ بني المُصطلق، كما جاء في حديث عائشة -رضيَ الله عنها- قالت-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بهَا معهُ، فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي)
وكان ذلك بعد أن فرض الله -تعالى- الحجاب على النّساء، وفي طريقِ العودة من الغزوة نزلت من هودجها لحاجةٍ ما، ولمَّا عادت إلى الهودجِ تفقّدت عقدها فلم تجده، فرجعت للبحثِ عنه، وفي أثناءِ ذلك حَمل الرّجال الهودج ووضعوه على البعيرِ وهم يعتقدون وجودها داخله؛ لِخفّتها وصِغر سِنِّها، ومضى المُسلمون تاركينها وراءهم في الصّحراء، فلمَّا وجدت عقدها ورجعت إلى مكانِ تجمُّع الصّحابة الكرام لم تجد أحداً.
وفي ذلك روت عائشة رضي الله عنها: (فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنّهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينما أنا جالسةٌ في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صحابيّ هو صفوان بن المعطل السلميّ يمشي خلف الجيش يتابع مسيره، ويتفقّد أحوال من تأخّر عنه، فوجد عائشة نائمةٌ فعرفها، فاسترجع صفوان فاستيقظت على صوته، فتقول عائشة: فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما تكلّمنا بكلمةٍ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطأ على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش).
وكان ممّن رأى مجيء عائشة -رضي الله عنها- مع صفوان منافقٌ يُدعى عبد الله بن أبيّ بن سلول، فعندما رآهما نازلين أشاع خبراً كذباً: أنّ صفوان قد فعل الفاحشة بعائشة رضي الله عنها، وهو الإفك الذي أثير حولها، وهي منه بريئةٌ، ومعنى الإفك الكذب والافتراء، فكان هذا كذباً لا أساس له ولا استبيان.
عندما وصل المسلمون المدينة، مرضت عائشة -رضي الله عنها- مرضاً شديداً أقعدها في فراشها شهراً كاملاً، فلم تكن تخرج أو ترى الناس من حولها، ولم تعلم بما يُقال عنها، إلّا متأخّراً بعد شفائها، لكنّها كانت تشعر أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد جافاها قليلاً، ولم تكن تعرف سبب ذلك، وقد علمت عائشة الأخبار عندما خرجت بعدما اقترب شفاؤها خرجت مع أمّ مسطحٍ لحاجتهما، وبينما هما تمشيان إذ عثرت أم مسطح بثوبها، فقالت: تعس مسطح، فقالت لها عائشة: بئس ما قلت، أتسبين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت لها أمّه: أولم تسمعي ما قال مسطح فيك؟ فقالت: لا والله، فأخبرتها بخبر الحادثة، ولم تكن تعلم به من قبل، فقالت أنّها ازدادت مرضاً إلى مرضها، وعرفت ما كان.
حال عائشة بعد معرفتها الخبر
حين عملت عائشة -رضي الله عنها- بما قيل فيها، استأذنت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن تمرَض في بيت أهلها، فأذن لها، وكانت تريد أن تستبين الخبر من والدتها ووالدها، فأخبرتها والدتها بكلّ ما كان، فتقول عائشة أنّها لم تنم ليلتها، حتى أصبحت باكيةً لا تدري ما تفعل، وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- وهو في تلك الحال أيضاً قد تأخّر عنه الوحي، فشاور أصاحبه فيما يفعل، هل يترك زوجته عائشة أم يبقيها، ثمّ صعد إلى منبره، فقال: (يا معشرَ المسلمين، مَن يَعْذُرُني مِن رجلٍ قد بلَغَني عنه أذاه في أهلي، واللهِ ما علمتُ على أهلي إلّا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمتُ عليه إلّا خيراً وما يَدْخُلُ على أهلي إلّا معي)،
فضجّ الناس؛ كلٌّ يريد أن يرضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولو بضرب رقاب بعضهم بعضاً، فأسكتهم رسول الله وقد أهمّه ما أهمّه.
وأمّا عائشة -رضي الله عنها- فلا تزال على حالها لا تسكن لها دمعة. ظلّت عائشة على هذا الحال ليلتين أُخريين حتى جاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندها، يقول لها: (أمّا بعد، يا عائشة، إنّه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإنّ العبد إذا اعترف ثمّ تاب، تاب الله عليه)، فاضطربت عائشة بعد هذا الكلام، وقلّص دمعها، وأجابت: وأنا جارية حديثة السّنّ لا أقرأ من القرآن كثيراً: إنّي والله لقد علمت:
(إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا، إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ} [يوسف]
وقالت ذلك وهي تعلم بداخلها أنَّ الله -تعالى- سيُبرّئها.
ثمّ اضطجعت على فراشها تبكي.
نزول براءة السيدة عائشة
أنزل الله -تعالى- في كتابه الكريم آياتٍ تُبرّئ السيّدة عائشة -رضي الله عنها-؛ جزاءً على صبرها وتوكّلها على اللهِ -تعالى-، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول في نفسها أنَّ الله -تعالى- سيُبرّئها، ولكنَّها قالت: (ولكن والله ما كنت أظن أنَّ الله منزل في شأني وحياً يُتلى)، فكانت ترى نفسها أقلّ شأناً من أن يتكلّم الله -عزّ وجلّ- بأمرها في قرآنٍ يُتلى إلى قيام الساعة، وتوقّعت تبرئتها برؤية النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- ذلك في المنام.
ولمَّا نزل الوحي ببراءةِ السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها-، ذهبَ النبيّ -عليه السلام- إليها، وقالَ لها: (أبشري يا عائشة! أمَّا الله فقد برّأك)
وأنزلَ اللهُ -تعالى- عشر آياتٍ من سورة النور في تبرئتِها، وبدأت بقوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ* لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ)،
إلى قولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
فقد بيَّنت الآيات بشكلٍ واضحٍ وصريح براءة السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها- ممَّا اتَّهمهُ بها أصحابُ الإفك، فطلبت أُمّ السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها- منها أن تقوم وتشكر النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، فقالت: لا أحمدُ إلَّا الله؛ ممَّا يدلُ على صفاءِ عقيدتها، وإيمانها وتوكّلها على اللهِ -تعالى.
فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه -وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره-: والله، لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال.
فأنزل الله: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
قال أبو بكر: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
هكذا نزل جبريل -عليه السّلام- بآياتٍ ببراءة السيدة عائشة رضي الله عنها، وانتهى الابتلاء الذي مرّ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
#أمهات_المؤمنين
#صفاءفوزى. ❝ ⏤مجموعة من المؤلفين
❞ غيرة عائشة
تشير الكثير من المواقف التي نقلتها كتب السير والتراجم التي أرّخت لتلك الفترة إلى وجود مظاهر لغيرة بين عائشة وزوجات النبي محمد الأخريات. وهو ما أقرت به عائشة حين صنّفت زوجاته في حزبين، الأول فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والآخر ضم أم سلمة وبقية نساء النبي محمد.
أحب النبي محمد عائشة أكثر من نسائه، وهو ما أدركه المسلمون، فكانوا يؤخرون هداياهم حتى يكون في بيت عائشة، وهو ما أدركته أمهات المؤمنين، فندبن أم سلمة لتسأل النبي أن يكلم الناس في ذلك، فقال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهَا إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ».
ورغم تلك المحبة، إلا أن ذلك لم يمنعها من الغيرة من زوجاته الأخريات، ففي حجة الوداع خرج النبي بزوجاته، وكانت عائشة على جمل خفيف ومعها متاع قليل، فيما كانت صفية على جمل بطيء ومعها متاع ثقيل، فأمر النبي محمد أن يتبادلا راحلتيهما حتى يسرع الركب. فغضبت عائشة، وقالت: «يَا لَعِبَادِ اللَّهِ، غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ»، فشرح لها النبي سبب ما فعل، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟» فتبسم وقال: «أَفِي شَكٍّ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟»، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أَفَهَلا عَدَلْتَ؟».
فسمعها أباها، فهمّ بضربها، فأوقفه النبي محمد وقال له: «إِنَّ الْغَيْرَى لا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلاهُ».
وقد كانت عائشة أكثر زوجات النبي غيرة وأشدهن حساسية في ذلك، فيُروى أنها قالت: «مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ، بَعَثَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ، فَضَرَبْتُهُ بِيَدِي فَكَسَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَةُ هَذَا؟
قَالَ: ˝إِنَاءٌ مَكَانُ إِنَاءٍ، وَطَعَامٌ مَكَانُ طَعَامٍ˝».
كما كانت تغار من زوجته الأولى خديجة رغم وفاتها، وتقر بذلك وتحكي: «اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فعْرِفُ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ وَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَالَةَ.
قَالَتْ: فَغِرْت، فَقُلْت: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَك اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا».
فقال النبي محمد: «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، لَقَدْ آمَنَتْ بِي حِينَ كَفَرَ النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي حِينَ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَأَشْرَكَتْنِي فِي مَالِهَا حِينَ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدَهَا وَحَرَمَنِي وَلَدَ غَيْرِهَا.» فقالت: «وَاللَّهِ لا أُعَاتِبُك فِيهَا بَعْدَ الْيَوْمِ».
وكما كانت عائشة تغير من أزواج النبي، كُنّ كذلك يغرن منها. أرسلن يومًا إليه فاطمة (أحب بناته)، وكان في بيت عائشة لتقول له: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ» فقال لها: «أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ» فقالت: «بَلَى» فقال: «فَأَحِبِّي هَذِهِ».
فرجعت فاطمة لهن، وأخبرتهن الخبر، فأرسلن زينب بنت جحش بنفس القول، ثم وقعت زينب بعائشة، فاستطالت عليها، فردّت عائشة، فتبسم النبي محمد وقال: «إِنَّهَا ابنَةُ أَبِيْ بَكْر».
وفي موقف آخر، غارت عائشة من مكث النبي محمد عند زوجته زينب بنت جحش التي كانت تسقيه عندها العسل، فتواصت هي وحفصة عند دخول النبي محمد على أي منهما أن تقل له: «إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ»، فقال: «لا بَأْسَ شَرِبْتُ عَسَلا عِنْدَ زَيْنَبَ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ».
وقد ذكر الشوكاني في فتح القدير، أن النبي محمد قد أصاب جاريته مارية القبطية (أم ولده إبراهيم) في غرفة زوجته حفصة في يوم عائشة، فغضبت حفصة وقالت «يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ جِئْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ مَا جِئْتَهُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِكَ فِي يَوْمِي وَفِي دَوْرِي عَلَى فِرَاشِي» فقال: «أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلا أَقْرَبُهَا أَبَدًا؟» فقالت حفصة: «بَلَى» فحرَّمها النبي على نفسه، وقال لها: «لاَ تَذْكُرِي ذَلِكَ لأَحَدٍ» فذكرته لعائشة. فنزلت فيهما لنهيهما عن الخوض في هذا الأمر.
آية:( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ).
حادثة الإفك
خرجت عائشة -رضيَ الله عنها- مع النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- في غزوةِ بني المُصطلق، كما جاء في حديث عائشة -رضيَ الله عنها- قالت-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بهَا معهُ، فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي)
وكان ذلك بعد أن فرض الله -تعالى- الحجاب على النّساء، وفي طريقِ العودة من الغزوة نزلت من هودجها لحاجةٍ ما، ولمَّا عادت إلى الهودجِ تفقّدت عقدها فلم تجده، فرجعت للبحثِ عنه، وفي أثناءِ ذلك حَمل الرّجال الهودج ووضعوه على البعيرِ وهم يعتقدون وجودها داخله؛ لِخفّتها وصِغر سِنِّها، ومضى المُسلمون تاركينها وراءهم في الصّحراء، فلمَّا وجدت عقدها ورجعت إلى مكانِ تجمُّع الصّحابة الكرام لم تجد أحداً.
وفي ذلك روت عائشة رضي الله عنها: (فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنّهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينما أنا جالسةٌ في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صحابيّ هو صفوان بن المعطل السلميّ يمشي خلف الجيش يتابع مسيره، ويتفقّد أحوال من تأخّر عنه، فوجد عائشة نائمةٌ فعرفها، فاسترجع صفوان فاستيقظت على صوته، فتقول عائشة: فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما تكلّمنا بكلمةٍ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطأ على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش).
وكان ممّن رأى مجيء عائشة -رضي الله عنها- مع صفوان منافقٌ يُدعى عبد الله بن أبيّ بن سلول، فعندما رآهما نازلين أشاع خبراً كذباً: أنّ صفوان قد فعل الفاحشة بعائشة رضي الله عنها، وهو الإفك الذي أثير حولها، وهي منه بريئةٌ، ومعنى الإفك الكذب والافتراء، فكان هذا كذباً لا أساس له ولا استبيان.
عندما وصل المسلمون المدينة، مرضت عائشة -رضي الله عنها- مرضاً شديداً أقعدها في فراشها شهراً كاملاً، فلم تكن تخرج أو ترى الناس من حولها، ولم تعلم بما يُقال عنها، إلّا متأخّراً بعد شفائها، لكنّها كانت تشعر أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد جافاها قليلاً، ولم تكن تعرف سبب ذلك، وقد علمت عائشة الأخبار عندما خرجت بعدما اقترب شفاؤها خرجت مع أمّ مسطحٍ لحاجتهما، وبينما هما تمشيان إذ عثرت أم مسطح بثوبها، فقالت: تعس مسطح، فقالت لها عائشة: بئس ما قلت، أتسبين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت لها أمّه: أولم تسمعي ما قال مسطح فيك؟ فقالت: لا والله، فأخبرتها بخبر الحادثة، ولم تكن تعلم به من قبل، فقالت أنّها ازدادت مرضاً إلى مرضها، وعرفت ما كان.
حال عائشة بعد معرفتها الخبر
حين عملت عائشة -رضي الله عنها- بما قيل فيها، استأذنت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن تمرَض في بيت أهلها، فأذن لها، وكانت تريد أن تستبين الخبر من والدتها ووالدها، فأخبرتها والدتها بكلّ ما كان، فتقول عائشة أنّها لم تنم ليلتها، حتى أصبحت باكيةً لا تدري ما تفعل، وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- وهو في تلك الحال أيضاً قد تأخّر عنه الوحي، فشاور أصاحبه فيما يفعل، هل يترك زوجته عائشة أم يبقيها، ثمّ صعد إلى منبره، فقال: (يا معشرَ المسلمين، مَن يَعْذُرُني مِن رجلٍ قد بلَغَني عنه أذاه في أهلي، واللهِ ما علمتُ على أهلي إلّا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمتُ عليه إلّا خيراً وما يَدْخُلُ على أهلي إلّا معي)،
فضجّ الناس؛ كلٌّ يريد أن يرضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولو بضرب رقاب بعضهم بعضاً، فأسكتهم رسول الله وقد أهمّه ما أهمّه.
وأمّا عائشة -رضي الله عنها- فلا تزال على حالها لا تسكن لها دمعة. ظلّت عائشة على هذا الحال ليلتين أُخريين حتى جاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندها، يقول لها: (أمّا بعد، يا عائشة، إنّه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإنّ العبد إذا اعترف ثمّ تاب، تاب الله عليه)، فاضطربت عائشة بعد هذا الكلام، وقلّص دمعها، وأجابت: وأنا جارية حديثة السّنّ لا أقرأ من القرآن كثيراً: إنّي والله لقد علمت:
(إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا، إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ﴾ [يوسف]
وقالت ذلك وهي تعلم بداخلها أنَّ الله -تعالى- سيُبرّئها.
ثمّ اضطجعت على فراشها تبكي.
نزول براءة السيدة عائشة
أنزل الله -تعالى- في كتابه الكريم آياتٍ تُبرّئ السيّدة عائشة -رضي الله عنها-؛ جزاءً على صبرها وتوكّلها على اللهِ -تعالى-، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول في نفسها أنَّ الله -تعالى- سيُبرّئها، ولكنَّها قالت: (ولكن والله ما كنت أظن أنَّ الله منزل في شأني وحياً يُتلى)، فكانت ترى نفسها أقلّ شأناً من أن يتكلّم الله -عزّ وجلّ- بأمرها في قرآنٍ يُتلى إلى قيام الساعة، وتوقّعت تبرئتها برؤية النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- ذلك في المنام.
ولمَّا نزل الوحي ببراءةِ السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها-، ذهبَ النبيّ -عليه السلام- إليها، وقالَ لها: (أبشري يا عائشة! أمَّا الله فقد برّأك)
وأنزلَ اللهُ -تعالى- عشر آياتٍ من سورة النور في تبرئتِها، وبدأت بقوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ* لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ)،
إلى قولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
فقد بيَّنت الآيات بشكلٍ واضحٍ وصريح براءة السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها- ممَّا اتَّهمهُ بها أصحابُ الإفك، فطلبت أُمّ السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها- منها أن تقوم وتشكر النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، فقالت: لا أحمدُ إلَّا الله؛ ممَّا يدلُ على صفاءِ عقيدتها، وإيمانها وتوكّلها على اللهِ -تعالى.
فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه -وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره-: والله، لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال.
فأنزل الله: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
قال أبو بكر: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
هكذا نزل جبريل -عليه السّلام- بآياتٍ ببراءة السيدة عائشة رضي الله عنها، وانتهى الابتلاء الذي مرّ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
❞ هناك من يمضون أوقاتهم في السرقة و الكذب و النميمة والافتراء على الآخرين .ألا تعتقدين أنهم لا يعرفون في أعماقهم أن هذا سيئ ، أو أنه غير مبرر على الأقل ؟ أتعتقدين أن هذا يجعلهم سعداء ؟. ❝ ⏤ جوستاين غاردر
❞ هناك من يمضون أوقاتهم في السرقة و الكذب و النميمة والافتراء على الآخرين .ألا تعتقدين أنهم لا يعرفون في أعماقهم أن هذا سيئ ، أو أنه غير مبرر على الأقل ؟ أتعتقدين أن هذا يجعلهم سعداء ؟. ❝
❞ اللَّهُ الصَّمَدُ (2)
الله الصمد أي الذي يصمد إليه في الحاجات . كذا روى الضحاك عن ابن عباس ، قال : الذي يصمد إليه في الحاجات ؛ كما قال - عز وجل - : ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون . قال أهل اللغة : الصمد : السيد الذي يصمد إليه في النوازل والحوائج . قال :
ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
وقال قوم : الصمد : الدائم الباقي ، الذي لم يزل ولا يزال . وقيل : تفسيره ما بعده لم يلد ولم يولد . قال أبي بن كعب : الصمد : الذي لا يلد ولا يولد ؛ لأنه ليس شيء إلا سيموت ، وليس شيء يموت إلا يورث . وقال علي وابن عباس أيضا وأبو وائل شقيق بن سلمة وسفيان : الصمد : هو السيد الذي قد انتهى سؤدده في أنواع الشرف والسؤدد ؛ ومنه قول الشاعر :
علوته بحسام ثم قلت له خذها حذيف فأنت السيد الصمد
وقال أبو هريرة : إنه المستغني عن كل أحد ، والمحتاج إليه كل أحد . وقال السدي : إنه : المقصود في الرغائب ، والمستعان به في المصائب . وقال الحسين بن الفضل : إنه : الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد . وقال مقاتل : إنه : الكامل الذي لا عيب فيه ؛ ومنه قول الزبرقان :
سيروا جميعا بنصف الليل واعتمدوا ولا رهينة إلا سيد صمد
وقال الحسن وعكرمة والضحاك وابن جبير : الصمد : المصمت الذي لا جوف له ؛ قال الشاعر :
شهاب حروب لا تزال جياده عوابس يعلكن الشكيم المصمدا
قلت : قد أتينا على هذه الأقوال مبينة في الصمد ، في ( كتاب الأسنى ) وأن الصحيح منها . ما شهد له الاشتقاق ؛ وهو القول الأول ، ذكره الخطابي . وقد أسقط من هذه السورة من أبعده الله وأخزاه ، وجعل النار مقامه ومثواه ، وقرأ الله الواحد الصمد في الصلاة ، والناس يستمعون ، فأسقط : قل هو ، وزعم أنه ليس من القرآن . وغير لفظ أحد ، وادعى أن هذا هو الصواب ، والذي عليه الناس هو الباطل والمحال ، فأبطل معنى الآية ؛ لأن أهل التفسير قالوا : نزلت الآية جوابا لأهل الشرك لما قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صف لنا ربك ، أمن ذهب هو أم من نحاس أم من صفر ؟ فقال الله - عز وجل - ردا عليهم : قل هو الله أحد ففي ( هو ) دلالة على موضع الرد ، ومكان الجواب ؛ فإذا سقط بطل معنى الآية ، وصح الافتراء على الله - عز وجل - ، والتكذيب لرسوله - صلى الله عليه وسلم - .. ❝ ⏤أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني
❞ اللَّهُ الصَّمَدُ (2)
الله الصمد أي الذي يصمد إليه في الحاجات . كذا روى الضحاك عن ابن عباس ، قال : الذي يصمد إليه في الحاجات ؛ كما قال - عز وجل - : ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون . قال أهل اللغة : الصمد : السيد الذي يصمد إليه في النوازل والحوائج . قال :
ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
وقال قوم : الصمد : الدائم الباقي ، الذي لم يزل ولا يزال . وقيل : تفسيره ما بعده لم يلد ولم يولد . قال أبي بن كعب : الصمد : الذي لا يلد ولا يولد ؛ لأنه ليس شيء إلا سيموت ، وليس شيء يموت إلا يورث . وقال علي وابن عباس أيضا وأبو وائل شقيق بن سلمة وسفيان : الصمد : هو السيد الذي قد انتهى سؤدده في أنواع الشرف والسؤدد ؛ ومنه قول الشاعر :
علوته بحسام ثم قلت له خذها حذيف فأنت السيد الصمد
وقال أبو هريرة : إنه المستغني عن كل أحد ، والمحتاج إليه كل أحد . وقال السدي : إنه : المقصود في الرغائب ، والمستعان به في المصائب . وقال الحسين بن الفضل : إنه : الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد . وقال مقاتل : إنه : الكامل الذي لا عيب فيه ؛ ومنه قول الزبرقان :
سيروا جميعا بنصف الليل واعتمدوا ولا رهينة إلا سيد صمد
وقال الحسن وعكرمة والضحاك وابن جبير : الصمد : المصمت الذي لا جوف له ؛ قال الشاعر :
شهاب حروب لا تزال جياده عوابس يعلكن الشكيم المصمدا
قلت : قد أتينا على هذه الأقوال مبينة في الصمد ، في ( كتاب الأسنى ) وأن الصحيح منها . ما شهد له الاشتقاق ؛ وهو القول الأول ، ذكره الخطابي . وقد أسقط من هذه السورة من أبعده الله وأخزاه ، وجعل النار مقامه ومثواه ، وقرأ الله الواحد الصمد في الصلاة ، والناس يستمعون ، فأسقط : قل هو ، وزعم أنه ليس من القرآن . وغير لفظ أحد ، وادعى أن هذا هو الصواب ، والذي عليه الناس هو الباطل والمحال ، فأبطل معنى الآية ؛ لأن أهل التفسير قالوا : نزلت الآية جوابا لأهل الشرك لما قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صف لنا ربك ، أمن ذهب هو أم من نحاس أم من صفر ؟ فقال الله - عز وجل - ردا عليهم : قل هو الله أحد ففي ( هو ) دلالة على موضع الرد ، ومكان الجواب ؛ فإذا سقط بطل معنى الآية ، وصح الافتراء على الله - عز وجل - ، والتكذيب لرسوله - صلى الله عليه وسلم -. ❝
⏤
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني
❞ الجوانب المتوترة من الشمس مع كوكب المشتري
يجب على المواطن الذي يحتوي مخططه على جوانب متوترة من كوكب المشتري والشمس أن يولي اهتمامًا خاصًا للعلاقات مع رؤسائه. في بعض الأحيان، يمكن أن يصبح الرأي الخاطئ لصاحب العمل حول قدرات المواطن الأصلي حجر عثرة أمام التقدم الوظيفي. وفي حالات أخرى، يكون سبب المشاكل الكبيرة هو تضخم تقدير الذات لدى المواطن، وهو ما يسمى \"تضخم الأنا\". في مجال الأعمال التجارية، لا ينبغي للمواطن \"الاستيلاء على كل شيء دفعة واحدة\". في قضايا المحكمة، يجوز للقاضي الذي يرأس المحكمة أن يحكم بشكل متحيز (لصالح الخصم). قد تتأثر سمعة المواطن دون أي سبب. قد يكون المواطن الأصلي مسكونًا باستمرار بالشائعات الكاذبة. أولئك الذين تشكل شمسهم عند ولادتهم جانبًا متوترًا مع كوكب المشتري هم أكثر عرضة من غيرهم للهجوم من قبل الافتراءات.
يمكن التغلب على كل هذه المشاكل من خلال الموقف الضميري تجاه العمل والموقف الصادق والعادل تجاه العمل، مما سيساعد في الحفاظ على سمعتك وتبديد الشائعات الكاذبة.
في مخطط المرأة، غالبا ما تلعب هذه الجوانب دورا سلبيا في أمور الزواج أو هي السبب الجذري للخطأ عند اختيار الزوج. يجب على كل من النساء والرجال الذين لديهم جوانب مكثفة من الشمس مع كوكب المشتري في مخطط ولادتهم، تجنب الأشخاص من نوع كوكب المشتري الواضح قدر الإمكان. لن يجدوا أبدًا تفاهمًا متبادلًا مع هؤلاء الأشخاص.. ❝ ⏤عادل محمد السراجي
❞ الجوانب المتوترة من الشمس مع كوكب المشتري
يجب على المواطن الذي يحتوي مخططه على جوانب متوترة من كوكب المشتري والشمس أن يولي اهتمامًا خاصًا للعلاقات مع رؤسائه. في بعض الأحيان، يمكن أن يصبح الرأي الخاطئ لصاحب العمل حول قدرات المواطن الأصلي حجر عثرة أمام التقدم الوظيفي. وفي حالات أخرى، يكون سبب المشاكل الكبيرة هو تضخم تقدير الذات لدى المواطن، وهو ما يسمى ˝تضخم الأنا˝. في مجال الأعمال التجارية، لا ينبغي للمواطن ˝الاستيلاء على كل شيء دفعة واحدة˝. في قضايا المحكمة، يجوز للقاضي الذي يرأس المحكمة أن يحكم بشكل متحيز (لصالح الخصم). قد تتأثر سمعة المواطن دون أي سبب. قد يكون المواطن الأصلي مسكونًا باستمرار بالشائعات الكاذبة. أولئك الذين تشكل شمسهم عند ولادتهم جانبًا متوترًا مع كوكب المشتري هم أكثر عرضة من غيرهم للهجوم من قبل الافتراءات.
يمكن التغلب على كل هذه المشاكل من خلال الموقف الضميري تجاه العمل والموقف الصادق والعادل تجاه العمل، مما سيساعد في الحفاظ على سمعتك وتبديد الشائعات الكاذبة.
في مخطط المرأة، غالبا ما تلعب هذه الجوانب دورا سلبيا في أمور الزواج أو هي السبب الجذري للخطأ عند اختيار الزوج. يجب على كل من النساء والرجال الذين لديهم جوانب مكثفة من الشمس مع كوكب المشتري في مخطط ولادتهم، تجنب الأشخاص من نوع كوكب المشتري الواضح قدر الإمكان. لن يجدوا أبدًا تفاهمًا متبادلًا مع هؤلاء الأشخاص. ❝