❞ وكانت وقعة أحدٍ يوم السبت في سابع شوال سنة ثلاث كما تقدَّم ، فرجع رسول الله ﷺ إلى المدينة ، فأقام بها بقية شوال وذَا القعدة وذا الحجة والمحرم ، فلما استهل هلال المحرم ، بلغه أن طلحة وسلمة ابني خويلد قد سارا في قومهما ومن أطاعهما يدعوان بني أسد بن خزيمة إلى حرب رسول الله ﷺ ، فبعث أبا سلمة ، وعقد له لواء ، وبعث معه مئة وخمسين رجلاً من الأنصار والمهاجرين ، فأصابوا إبلاً ، وشاء ، ولم يَلْقَوْا كيداً ، فانحدر أبو سلمة بذلك كله إلى المدينة ، فلما كان خامس المحرم ، بلغه ﷺ أن خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي قد جمع له الجموع ، فبعث إليه عبد الله بن أنيس فقتله ، قال عبد المؤمن بن خلف : وجاءه برأسه ، فوضعه بين يديه ، فأعطاه ﷺ عصاً ، فقال ( هذِهِ آيَةُ بَيني وَبَيْنَكَ يَوْمَ القِيَامَةِ ) ، فلما حضرته الوفاة أوصى أن تجعل معه في أكفانه ، وكانت غيبته ثمانية عشرة ليلة ، وَقَدِمَ يوم السبت لسبع بقين من المحرم. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وكانت وقعة أحدٍ يوم السبت في سابع شوال سنة ثلاث كما تقدَّم ، فرجع رسول الله ﷺ إلى المدينة ، فأقام بها بقية شوال وذَا القعدة وذا الحجة والمحرم ، فلما استهل هلال المحرم ، بلغه أن طلحة وسلمة ابني خويلد قد سارا في قومهما ومن أطاعهما يدعوان بني أسد بن خزيمة إلى حرب رسول الله ﷺ ، فبعث أبا سلمة ، وعقد له لواء ، وبعث معه مئة وخمسين رجلاً من الأنصار والمهاجرين ، فأصابوا إبلاً ، وشاء ، ولم يَلْقَوْا كيداً ، فانحدر أبو سلمة بذلك كله إلى المدينة ، فلما كان خامس المحرم ، بلغه ﷺ أن خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي قد جمع له الجموع ، فبعث إليه عبد الله بن أنيس فقتله ، قال عبد المؤمن بن خلف : وجاءه برأسه ، فوضعه بين يديه ، فأعطاه ﷺ عصاً ، فقال ( هذِهِ آيَةُ بَيني وَبَيْنَكَ يَوْمَ القِيَامَةِ ) ، فلما حضرته الوفاة أوصى أن تجعل معه في أكفانه ، وكانت غيبته ثمانية عشرة ليلة ، وَقَدِمَ يوم السبت لسبع بقين من المحرم. ❝
❞ وبينما كان ينتظر أن يغادر، تلاقت موجات اللغات الأجنبيَّة فوق رأسه زخَّاتٍ زخَّاتٍ: كلماتٍ وجملًا، وصيحاتٍ في خلطٍ مشوَّشٍ يخلو من المعاني المفهومة. قال شابا في ميناء زارا: \"إن نجوتُ من هذه الرحلة، فسأصلِّي في المنـزل حتَّــى يغشى عليَّ تمامًا\". كاد أن ينهار حقًّا، فالأصوات المحيطة به مزَّقت طبلة أذنيه. ساعده رجاله على سطح السفينة وفي القارب، وكذا عند الشراع. \"آمل أن أتذكَّر كلَّ شيءٍ إذا نجوتُ\". فوق الأمواج تطفو الأذرع والأصوات الغريبة، وأحد الأصابع قد علق في مسبحة الشابِّ والآخر في ساعته. اعتقد أنَّه ربَّما سيموت في الطريق، وحتَّــى قبل أن يصل. بيد أنَّه لم يمت، فقد دفعَته العديد من الأكواع إلى السطح، ورأى بالفعل مرافقين خلفه؛ الشمَّاس المذعور، والسكرتيـر، والمنشدَين الدينيَّين: الآن لم يكن الغرباء هم من دفعوه إلى السطح، بل أولئك. أغمض جفنيه، ولجأ بسرعةٍ إلى الصلاة والدعاء. ما الذي يمكن أن يخطر ببال هؤلاء البحَّارة غيـر المتعلِّمين، هكذا فكَّر، وهو يـراقب الركَّاب والسلال والصناديق، ومعهم شروق الشمس، من أسفل جفونه المتدلِّية التـي تشبه الغشاء الرفيع الرقيق، لأنَّ السماء تـرقب الحركات في زارا بحذرٍ تمامًا مثل شابا، الذي قضى في هذا العالم زهاء خمسةٍ وسبعين عامًا.
\"بمجرَّد بزوغ الفجر، سنغادر\". كانت هذه هي الجملة الوحيدة التـي فهمها، وقد قيلت وحدها بالمجريَّة. ردَّدها أحد المنشدَين الدينيَّين بسعادةٍ. اتكأ شابا على صندوقه وتظاهر بأنَّه ميتٌ. كان يعتقد أنَّ هذا الوضع هو دائمًا الأكثـر أمانًا. يعلم أنَّ كبار مسؤولي زارا ينتظرون على الشاطئ كي يلوِّح لهم مبعوث الملك المجريَّ، لكنَّ شابا اعتقد أنَّه سيكون أكثـر كرامةً إذا لم يلوِّح لهم من الأساس، وإنَّما يتشبَّث بالصدور وكلمات الصلاة، مثل رئيس كهنةٍ قلقٍ وعاجزٍ. يكفي أن نرى من الشاطئ أنَّ رئيس الكهنة، الذي يذهب في مهمَّةٍ مقدَّسةٍ، يشيـر بوجهه إلى الأمام، ويحيِّي أولئك من على متن السفينة، هذا في حين لم يقرِّر بعدُ متـى سيسعد قائد الدفَّة والجموع المنتظرين في المرفأ بأشعَّة الشمس. تلا تلك الملابسات، انبثاق لهجاتٍ لاتينيَّةٍ من زوايا الشفاه، والتقاط بضع كلماتٍ لاتينيَّةٍ مشوَّشة من خلف ظهره، فهم منها جيِّدًا أنَّ رجلًا ذا صوتٍ معدنيٍّ يبحث عن بضاعته، وسدَّادة زجاجة النبيذ الخاصَّة به، وسمع شـخصًا آخر أجاب على ذات الصوت غيـر الواضـح. قال شابا إنَّ هذا الشـخص الآخر لاتينيٌّ أيضًا، على الرغم من أنَّه لم يفهم أيّ شيءٍ من الإجابة. تساءل كيف يمكن أن يكون هذا، وتعجَّب بشدَّةٍ، بينما أصابعه تمسك المسبحة بإرهاقٍ... لم أفهم سوى جملةٍ واحدةٍ. حاول أن يبصر الأمر بأذنيه، ويفكُّ تشابك الجمل والكلمات بصبـرٍ، بينما يعلم أنَّ كبار المسؤولين يتظاهرون بالصبـر على الشاطئ وينتظرون تحيَّة رئيس الكهنة العجوز. ربَّما يكون هذا ما يتحدَّثون عنه، كما اعتقد شابا، لأنَّه يوجد دائمًا شيءٌ يجب التفكيـر فيه، فالأناس قليلو العقل محدودو الفكر لا يفعلون سوى أن يقصِّروا حياتنا فقط.. ❝ ⏤إيفا بانكي
❞ وبينما كان ينتظر أن يغادر، تلاقت موجات اللغات الأجنبيَّة فوق رأسه زخَّاتٍ زخَّاتٍ: كلماتٍ وجملًا، وصيحاتٍ في خلطٍ مشوَّشٍ يخلو من المعاني المفهومة. قال شابا في ميناء زارا: ˝إن نجوتُ من هذه الرحلة، فسأصلِّي في المنـزل حتَّــى يغشى عليَّ تمامًا˝. كاد أن ينهار حقًّا، فالأصوات المحيطة به مزَّقت طبلة أذنيه. ساعده رجاله على سطح السفينة وفي القارب، وكذا عند الشراع. ˝آمل أن أتذكَّر كلَّ شيءٍ إذا نجوتُ˝. فوق الأمواج تطفو الأذرع والأصوات الغريبة، وأحد الأصابع قد علق في مسبحة الشابِّ والآخر في ساعته. اعتقد أنَّه ربَّما سيموت في الطريق، وحتَّــى قبل أن يصل. بيد أنَّه لم يمت، فقد دفعَته العديد من الأكواع إلى السطح، ورأى بالفعل مرافقين خلفه؛ الشمَّاس المذعور، والسكرتيـر، والمنشدَين الدينيَّين: الآن لم يكن الغرباء هم من دفعوه إلى السطح، بل أولئك. أغمض جفنيه، ولجأ بسرعةٍ إلى الصلاة والدعاء. ما الذي يمكن أن يخطر ببال هؤلاء البحَّارة غيـر المتعلِّمين، هكذا فكَّر، وهو يـراقب الركَّاب والسلال والصناديق، ومعهم شروق الشمس، من أسفل جفونه المتدلِّية التـي تشبه الغشاء الرفيع الرقيق، لأنَّ السماء تـرقب الحركات في زارا بحذرٍ تمامًا مثل شابا، الذي قضى في هذا العالم زهاء خمسةٍ وسبعين عامًا.
˝بمجرَّد بزوغ الفجر، سنغادر˝. كانت هذه هي الجملة الوحيدة التـي فهمها، وقد قيلت وحدها بالمجريَّة. ردَّدها أحد المنشدَين الدينيَّين بسعادةٍ. اتكأ شابا على صندوقه وتظاهر بأنَّه ميتٌ. كان يعتقد أنَّ هذا الوضع هو دائمًا الأكثـر أمانًا. يعلم أنَّ كبار مسؤولي زارا ينتظرون على الشاطئ كي يلوِّح لهم مبعوث الملك المجريَّ، لكنَّ شابا اعتقد أنَّه سيكون أكثـر كرامةً إذا لم يلوِّح لهم من الأساس، وإنَّما يتشبَّث بالصدور وكلمات الصلاة، مثل رئيس كهنةٍ قلقٍ وعاجزٍ. يكفي أن نرى من الشاطئ أنَّ رئيس الكهنة، الذي يذهب في مهمَّةٍ مقدَّسةٍ، يشيـر بوجهه إلى الأمام، ويحيِّي أولئك من على متن السفينة، هذا في حين لم يقرِّر بعدُ متـى سيسعد قائد الدفَّة والجموع المنتظرين في المرفأ بأشعَّة الشمس. تلا تلك الملابسات، انبثاق لهجاتٍ لاتينيَّةٍ من زوايا الشفاه، والتقاط بضع كلماتٍ لاتينيَّةٍ مشوَّشة من خلف ظهره، فهم منها جيِّدًا أنَّ رجلًا ذا صوتٍ معدنيٍّ يبحث عن بضاعته، وسدَّادة زجاجة النبيذ الخاصَّة به، وسمع شـخصًا آخر أجاب على ذات الصوت غيـر الواضـح. قال شابا إنَّ هذا الشـخص الآخر لاتينيٌّ أيضًا، على الرغم من أنَّه لم يفهم أيّ شيءٍ من الإجابة. تساءل كيف يمكن أن يكون هذا، وتعجَّب بشدَّةٍ، بينما أصابعه تمسك المسبحة بإرهاقٍ.. لم أفهم سوى جملةٍ واحدةٍ. حاول أن يبصر الأمر بأذنيه، ويفكُّ تشابك الجمل والكلمات بصبـرٍ، بينما يعلم أنَّ كبار المسؤولين يتظاهرون بالصبـر على الشاطئ وينتظرون تحيَّة رئيس الكهنة العجوز. ربَّما يكون هذا ما يتحدَّثون عنه، كما اعتقد شابا، لأنَّه يوجد دائمًا شيءٌ يجب التفكيـر فيه، فالأناس قليلو العقل محدودو الفكر لا يفعلون سوى أن يقصِّروا حياتنا فقط. ❝
❞ خذلتني..
حتى الحديث بدىٰ يئن
يشكي التوحد دونها
يشكي الخلاص بِلا هِيَ
خذلتني من بين الجموع
يا ليتهم كانوا جميعاً خاذلين..
إلا هِيَ
خذلت مشاعري كلها
خذلت مدامعي
تلك التي كانت كغيث
حتى بدأت بالإنهيار.. حتى بدأت بالضياع وبالغرق
..
أنا بعدها.. لم أبتسم
لا لم تبن نواجذي
قد كنت أرقصُ عندها
قد كنت أفرح حين تأتيني هنا
كنت السماء ونجومها
كنت الفصول وفصلها
واليوم ذي عُكازتي.. أجرها وتجرني
واليوم أعمىٰ دونها..
من قبل كانت دُنيتي..
لا دنيا لي من بعدها..
من قبل كانت جنتي..
لا لا نعيم بعدها..
#خالد_الخطيب. ❝ ⏤خالد الخطيب
❞ خذلتني.
حتى الحديث بدىٰ يئن
يشكي التوحد دونها
يشكي الخلاص بِلا هِيَ
خذلتني من بين الجموع
يا ليتهم كانوا جميعاً خاذلين.
إلا هِيَ
خذلت مشاعري كلها
خذلت مدامعي
تلك التي كانت كغيث
حتى بدأت بالإنهيار. حتى بدأت بالضياع وبالغرق
.
أنا بعدها. لم أبتسم
لا لم تبن نواجذي
قد كنت أرقصُ عندها
قد كنت أفرح حين تأتيني هنا
كنت السماء ونجومها
كنت الفصول وفصلها
واليوم ذي عُكازتي. أجرها وتجرني
واليوم أعمىٰ دونها.
من قبل كانت دُنيتي.
لا دنيا لي من بعدها.
من قبل كانت جنتي.
لا لا نعيم بعدها.