❞ \" القتل هناك في عز النهار , في عزالشمس .قتل مجاني روح سادية شريرة جاهلة , القتل الأحمق الاعمى الشرس المجنون قتل النساء الأطفال المرضى ,الجرحى, الممرضات الأطباء
أن تطلق عليهم الرشاشات من أيدي أناس حقيقين بشر مثلنا ,أن يقتلوا بإصرار ببرود , بعمى .. أوه والعالم , طز على هذا العالم , كله يتفرج وهو ساكن صامت ,وكأن لاشيئ يعينه
مؤمراة صمت مجرمة , قذرة ,تستمر ولا تنتهي وضجيج الأخرين حول قضايا ابسط بالأف المرات يملاء الدنيا ,كيف يمكن الإ أن أكون مع القتلى مع الضحايا إلى أن يكف الرعب
إلى أن تنتهي الوحشية إلى أن يسمع صوت الحق المخنوق ؟ إلى أن تعود إلى البشر أنسانيتهم إن كانت ستعود. ❝ ⏤جبرا إبراهيم جبرا - عبد الرحمن منيف
❞ ˝ القتل هناك في عز النهار , في عزالشمس .قتل مجاني روح سادية شريرة جاهلة , القتل الأحمق الاعمى الشرس المجنون قتل النساء الأطفال المرضى ,الجرحى, الممرضات الأطباء
أن تطلق عليهم الرشاشات من أيدي أناس حقيقين بشر مثلنا ,أن يقتلوا بإصرار ببرود , بعمى . أوه والعالم , طز على هذا العالم , كله يتفرج وهو ساكن صامت ,وكأن لاشيئ يعينه
مؤمراة صمت مجرمة , قذرة ,تستمر ولا تنتهي وضجيج الأخرين حول قضايا ابسط بالأف المرات يملاء الدنيا ,كيف يمكن الإ أن أكون مع القتلى مع الضحايا إلى أن يكف الرعب
إلى أن تنتهي الوحشية إلى أن يسمع صوت الحق المخنوق ؟ إلى أن تعود إلى البشر أنسانيتهم إن كانت ستعود. ❝
❞ سارت العربة بمحاذاة القطار المنخور بالرصاص، والمركون على الخطّ الخامس، وكان المستشار زدنيتشيك يُمعن النَّظَر في الثقوب التي أحدثَها رصاص الرشّاشات في العربات التي نزعتْ سقوفها. صعد رئيس المحطّة إلى الطابق الأوّل، حيث راح يزعق ويقلب الكراسي، ويجعل فتات الكلس يتساقط في غرفة المكتب، كان يصيح باتّجاه فناء التهوية:
- لم يعد ثمّة أخلاق! كل شيء بات فاسداً! كما في مدينة «سدوم» القديمة!. ❝ ⏤بوهوميل هرابال
❞ سارت العربة بمحاذاة القطار المنخور بالرصاص، والمركون على الخطّ الخامس، وكان المستشار زدنيتشيك يُمعن النَّظَر في الثقوب التي أحدثَها رصاص الرشّاشات في العربات التي نزعتْ سقوفها. صعد رئيس المحطّة إلى الطابق الأوّل، حيث راح يزعق ويقلب الكراسي، ويجعل فتات الكلس يتساقط في غرفة المكتب، كان يصيح باتّجاه فناء التهوية:
- لم يعد ثمّة أخلاق! كل شيء بات فاسداً! كما في مدينة «سدوم» القديمة!
❞ 🔻22-محطة معالجة مياه الصرف الصحي
🔆المعالجة الثانوية (الثنائية) :-
🔴المعالجة البيولوجية Biological treatment
1️⃣المعالجة البيولوجية بالتلامس أو التثبيت
◼️الطريقة الثانية:- المرشحات العادية أو البطيئة
⬅️أحواض الدفق:-
🔹تستخدم في حالة المرشحات البطيئة فقط
🔹 تقع بين أحواض الترسيب الابتدائي والمرشحات البيولوجية
🔹 تتجمع المياه الخارجة من أحواض الترسيب الابتدائي في هذه الأحواض ليتم دفقها دفعة واحدة إلى المرشحات كل فترة زمنية من (5~ 10 دقائق) مما يعطي تصرف من المياه كافي لإدارة الأذرع اللفافة
🔹 يمكن أن يغذى حوض الدفق الواحد عدد (1~ 4 مرشح) ويعمل كحوض توزيع في نفس الوقت
🔹يكون المنسوب الأقصى للمياه في هذه الأحواض والذي عنده يتم دفق المياه مع منسوب المياه عند مخرج أحواض الترسيب الابتدائي والمنسوب الأدنى (القاع) يعلو عن منسوب الأذرع اللفافة في المرشح بمقدار( 1.5~ 2.5 م) وهو عبارة عن فاقد الضغط في المواسير ابتداء من حوض الدفق وحتى الرشاشات التي على الأذرع اللفافة في المرشح(0.8~ 1.2م) مضافا إليه الضغط اللازم لإدارة الأذرع اللفافة(0.7~1.5م)
⬅️صرف وتهوية المرشح:-
🔹لصرف المياه من المرشح يغطي قاعه بشبكة من المواسير النصف دائرية مفتوحة الوصلات أو تستخدم قوالب مفرغة متوازية سابقة التصنيع بها قنوات داخلية حيث تسمح للمياه المتساقطة عليها من وسط الترشيح بما تحمله من مواد وكائنات حية دقيقة بالسير خلالها في النصف السفلي لها في حين يكون نصفها العلوي مملوء بالهواء لزوم تهوية المرشح
🔹 تصب هذه القنوات الفرعية في قناة رئيسية تكون قطرية تمر بمركز المرشح او محيطيه بطول محيط المرشح لصرف المياه التي تتجمع بالقنوات الفرعية وكذلك تقوم بتغذية القنوات الفرعية بالهواء اللازم للتهوية
🔹 يجب تهوية المرشحات وذلك لأن كفاءتها تعتمد أساسا على نشاط البكتيريا الهوائية
🔹 لضمان جودة التهوية في جميع مسام وسط الترشيح يتم تركيب مواسير رأسية في نهايهخ القنوات الفرعية الخاصة بالصرف والتي توجد بقاع المرشح حيث تمتد هذه المواسير لتصل إلى سطح وسط الترشيح أو يتم عمل فتحات جانبية في جانب حائط المرشح للتهوية
🔹 أحياناً تركب مراوح على مدخل القناة الرئيسية (المصرف الرئيسي) تدفع الهواء في النصف العلوي للقناة ومنه إلى النصف العلوي لقنوات الصرف الفرعية ثم إلى مسام وسط الترشيح
🔹 تحدث التهوية الذاتيو للمرشح عن طريق ارتفاع درجة حرارة وسط الترشيح والذي يكون مصاحب للنشاط البيولوجي مما يقلل من كثافة الهواء داخل وسط الترشيح فيأخذ مسارا من أسفل إلى أعلى ليحل محله هواء جديد ولكن هذه التهوية تكون ضعيفة في المناطق الحارة حيث يكون الفارق بين درجة حرارة الجو ودرجة الحرارة داخل وسط الترشيح صغيرة وبالتالي تكون حركة الهواء معدومة تقريبا مما يستدعي استخدام الطرق الأخرى للتهوية
🔹يحتاج المرشح لمزيد من التهوية كلما زاد عمقه
🔹 تساعد هذه التهوية سواء كانت ذاتية أو بأستخدام مراوح على إذابة قدر أكبر من الأكسجين في المياه عن طريق التلامس الذي يحدث بين سطحب الهواء والماء أثناء صعود الهواء لأعلى في حين تكون المياه هابطة لأسفل مما يزيد من كفاءو المرشحات البيولوجية. ❝ ⏤عادل عبد الموجود تقي
❞ 🔻22-محطة معالجة مياه الصرف الصحي
🔆المعالجة الثانوية (الثنائية) :-
🔴المعالجة البيولوجية Biological treatment
1️⃣المعالجة البيولوجية بالتلامس أو التثبيت
◼️الطريقة الثانية:- المرشحات العادية أو البطيئة
⬅️أحواض الدفق:-
🔹تستخدم في حالة المرشحات البطيئة فقط
🔹 تقع بين أحواض الترسيب الابتدائي والمرشحات البيولوجية
🔹 تتجمع المياه الخارجة من أحواض الترسيب الابتدائي في هذه الأحواض ليتم دفقها دفعة واحدة إلى المرشحات كل فترة زمنية من (5~ 10 دقائق) مما يعطي تصرف من المياه كافي لإدارة الأذرع اللفافة
🔹 يمكن أن يغذى حوض الدفق الواحد عدد (1~ 4 مرشح) ويعمل كحوض توزيع في نفس الوقت
🔹يكون المنسوب الأقصى للمياه في هذه الأحواض والذي عنده يتم دفق المياه مع منسوب المياه عند مخرج أحواض الترسيب الابتدائي والمنسوب الأدنى (القاع) يعلو عن منسوب الأذرع اللفافة في المرشح بمقدار( 1.5~ 2.5 م) وهو عبارة عن فاقد الضغط في المواسير ابتداء من حوض الدفق وحتى الرشاشات التي على الأذرع اللفافة في المرشح(0.8~ 1.2م) مضافا إليه الضغط اللازم لإدارة الأذرع اللفافة(0.7~1.5م)
⬅️صرف وتهوية المرشح:-
🔹لصرف المياه من المرشح يغطي قاعه بشبكة من المواسير النصف دائرية مفتوحة الوصلات أو تستخدم قوالب مفرغة متوازية سابقة التصنيع بها قنوات داخلية حيث تسمح للمياه المتساقطة عليها من وسط الترشيح بما تحمله من مواد وكائنات حية دقيقة بالسير خلالها في النصف السفلي لها في حين يكون نصفها العلوي مملوء بالهواء لزوم تهوية المرشح
🔹 تصب هذه القنوات الفرعية في قناة رئيسية تكون قطرية تمر بمركز المرشح او محيطيه بطول محيط المرشح لصرف المياه التي تتجمع بالقنوات الفرعية وكذلك تقوم بتغذية القنوات الفرعية بالهواء اللازم للتهوية
🔹 يجب تهوية المرشحات وذلك لأن كفاءتها تعتمد أساسا على نشاط البكتيريا الهوائية
🔹 لضمان جودة التهوية في جميع مسام وسط الترشيح يتم تركيب مواسير رأسية في نهايهخ القنوات الفرعية الخاصة بالصرف والتي توجد بقاع المرشح حيث تمتد هذه المواسير لتصل إلى سطح وسط الترشيح أو يتم عمل فتحات جانبية في جانب حائط المرشح للتهوية
🔹 أحياناً تركب مراوح على مدخل القناة الرئيسية (المصرف الرئيسي) تدفع الهواء في النصف العلوي للقناة ومنه إلى النصف العلوي لقنوات الصرف الفرعية ثم إلى مسام وسط الترشيح
🔹 تحدث التهوية الذاتيو للمرشح عن طريق ارتفاع درجة حرارة وسط الترشيح والذي يكون مصاحب للنشاط البيولوجي مما يقلل من كثافة الهواء داخل وسط الترشيح فيأخذ مسارا من أسفل إلى أعلى ليحل محله هواء جديد ولكن هذه التهوية تكون ضعيفة في المناطق الحارة حيث يكون الفارق بين درجة حرارة الجو ودرجة الحرارة داخل وسط الترشيح صغيرة وبالتالي تكون حركة الهواء معدومة تقريبا مما يستدعي استخدام الطرق الأخرى للتهوية
🔹يحتاج المرشح لمزيد من التهوية كلما زاد عمقه
🔹 تساعد هذه التهوية سواء كانت ذاتية أو بأستخدام مراوح على إذابة قدر أكبر من الأكسجين في المياه عن طريق التلامس الذي يحدث بين سطحب الهواء والماء أثناء صعود الهواء لأعلى في حين تكون المياه هابطة لأسفل مما يزيد من كفاءو المرشحات البيولوجية. ❝
❞ و أذكر فيما أذكر الآن ما كانوا يحكون لي عن جدي و أنا صغير و كيف أنه حج سبع حجات ، و كان الحج في ذلك الزمان البعيد منذ مائة سنة على الأقدام و على الإبل و بالبحر في سفن شراعية بدائية و في الحجة السابعة يروي الجد أهوالا .. عاصفة هبت على الحجيج و هم في عرض البحر و اقتلعت الشراع و حطمت الدفة ، و الكل يصرخ و يتضرع و يستنجد ، و المركب تدور في الدوامة كالفلك و الدوار ، و الموج المتلاطم يلف الجميع .
ثم يروي كيف تفسخت المركب إلى ألواح ابتلعتها اللجة في لحظات ، و كيف أفاق ليجد نفسه سابحا على طوف خشبي و أمامه جراب الزاد ، و كانوا يسمونه في تلك الأيام (( الذهاب )) .. كل حاج كان يطلع إلى الحج و معه ذهابه الخاص و به ما يلزم من المئونة و الأدوات و الثياب .
و كان أمرا عجيبا أن يهدأ البحر و تقلع الرياح و تنتهي العاصفة ، و ينجو وحده و معه ذهابه بهذه الطريقة التي تبدو كالمعجزة .
و تدمع عينا الجد و يومض بصره الكليل ، و كأنما يرى شريطا سريعا من اللقطات الرهيبة .. و يروي كيف قضى ليلتين في البحر ثم انتشله مركب شراعي آخر قاصدا إلى الحج .. و كيف أتم حجته السابعة ثم عاد بسلام .
و يروي كيف كان الموت يترصد الحاج في كل خطوة في البحر و في البر و في الصحارى .. و بين الحر المحرق و الرمال و العطش إذا ضل طريقه أو ماتت راحلته .. و على أيدي قطاع الطرق إذا ألقى به سوء حظه إلى عصبة من عصاباتهم .. أو بمرض معدٍ في زمان لم يكن يعرف شيئا اسمه طب وقائي أو يسمع عن لقاح للكوليرا أو التيفود .. و كانت الرحلة تطول إلى ستة شهور و سبعة شهور و سنة ، و كان الخارج إليها مفقودا و العائد مولودا .
و كان يختم قصته مبتسما بفمه الخالي من الأسنان ..
و برغم كل هذه الأهوال فقد حجيت سبع مرات و هاأناذا أموت بينكم في الفراش كما يموت الكسالى من العجائز ، لتعلموا يا أولادي أن كل شيء بأمر الله .. و أنه لا البحر يغرق و لا المرض يهلك و لا نار الصحارى تحرق ، و إنما هو الله وحده الذي يصرف الآجال كيف يشاء .
و أذكر الآن قصة هذا الجد الطيب و تطوف بذهني تلك الصور و أنا أضع قدمي في الطائرة لأصل جدة في ساعتين ، و في ساعة ثالثة أكون في الحرم أطوف بالكعبة ثم في الساعة التالية أكون صاعد إلى عرفات ، و بعد غروب الشمس أكون نازلا إلى منى لرمي الجمرات ثم طواف الإفاضة ثم تنتهي كل المناسك في أمان .
و أتذكر السرب الطويل من خمسين ألف عربة تحمل نصف مليون حاج و تصعد كلها في وقت واحد في عدة طرق دائرية حديثة الرصف .. و كل شيء يتم في سرعة و نظام و دون حادث و قد تناثرت وحدات الكشافة لتنظيم المرور .. و على الجبل تراصت مستشفيات كاملة التجهيز لعلاج و عزل أي حالة اشتباه .. و طوال ساعات الليل و النهار تطوف الرشاشات لقتل الذباب و البعوض في أماكن توالده ، و تطوف فرق أخرى لجمع القمامة و حرقها .
و بين مكة و المدينة يمتد أوتوستراد أملس كالحرير تنزلق عليه العربات في نعومة ، و ينام الراكب في حضن كرسيه في استرخاء لذيذ .
ما أبعد اليوم من الأمس .
و ما أكثر ما نتقلب فيه من النعم .
و كلما أحاطتنا النعمة ازددنا لله هجرانا .
أين إيمان اليوم .. من إيمان النبي العظيم منذ ألف و أربعمائة سنة و هو خارج في غزوة تبوك على رأس اثنى عشر ألفا من المسلمين في شهور القيظ المحرق ، ليخوض في رياح السموم و الحرور القاتلة سبع ليال يتهدده العطش في كل خطوة .. و قد ترك من خلفه الأمان و الظل الظليل و الراحة في خيام زوجاته .. ليلقى الله و ليبلغ الرسالة .. و ليحارب من ؟! .. الروم .. الذين احتشدوا على الحدود بمئات الألوف .
و اليوم ترتفع حرارة الجو بضع درجات فندير جهاز التكييف و نغلق أبواب غرفنا لا نبرحها لأن الخروج إلى الشارع مجازفة غير مأمونة .
و ما أبعد اليوم من الأمس حقاً .
و ما أفدح ما خسرنا حينما خسرنا الإيمان
...
كتاب/ الإسلام ماهو
للــدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ و أذكر فيما أذكر الآن ما كانوا يحكون لي عن جدي و أنا صغير و كيف أنه حج سبع حجات ، و كان الحج في ذلك الزمان البعيد منذ مائة سنة على الأقدام و على الإبل و بالبحر في سفن شراعية بدائية و في الحجة السابعة يروي الجد أهوالا . عاصفة هبت على الحجيج و هم في عرض البحر و اقتلعت الشراع و حطمت الدفة ، و الكل يصرخ و يتضرع و يستنجد ، و المركب تدور في الدوامة كالفلك و الدوار ، و الموج المتلاطم يلف الجميع .
ثم يروي كيف تفسخت المركب إلى ألواح ابتلعتها اللجة في لحظات ، و كيف أفاق ليجد نفسه سابحا على طوف خشبي و أمامه جراب الزاد ، و كانوا يسمونه في تلك الأيام (( الذهاب )) . كل حاج كان يطلع إلى الحج و معه ذهابه الخاص و به ما يلزم من المئونة و الأدوات و الثياب .
و كان أمرا عجيبا أن يهدأ البحر و تقلع الرياح و تنتهي العاصفة ، و ينجو وحده و معه ذهابه بهذه الطريقة التي تبدو كالمعجزة .
و تدمع عينا الجد و يومض بصره الكليل ، و كأنما يرى شريطا سريعا من اللقطات الرهيبة . و يروي كيف قضى ليلتين في البحر ثم انتشله مركب شراعي آخر قاصدا إلى الحج . و كيف أتم حجته السابعة ثم عاد بسلام .
و يروي كيف كان الموت يترصد الحاج في كل خطوة في البحر و في البر و في الصحارى . و بين الحر المحرق و الرمال و العطش إذا ضل طريقه أو ماتت راحلته . و على أيدي قطاع الطرق إذا ألقى به سوء حظه إلى عصبة من عصاباتهم . أو بمرض معدٍ في زمان لم يكن يعرف شيئا اسمه طب وقائي أو يسمع عن لقاح للكوليرا أو التيفود . و كانت الرحلة تطول إلى ستة شهور و سبعة شهور و سنة ، و كان الخارج إليها مفقودا و العائد مولودا .
و كان يختم قصته مبتسما بفمه الخالي من الأسنان .
و برغم كل هذه الأهوال فقد حجيت سبع مرات و هاأناذا أموت بينكم في الفراش كما يموت الكسالى من العجائز ، لتعلموا يا أولادي أن كل شيء بأمر الله . و أنه لا البحر يغرق و لا المرض يهلك و لا نار الصحارى تحرق ، و إنما هو الله وحده الذي يصرف الآجال كيف يشاء .
و أذكر الآن قصة هذا الجد الطيب و تطوف بذهني تلك الصور و أنا أضع قدمي في الطائرة لأصل جدة في ساعتين ، و في ساعة ثالثة أكون في الحرم أطوف بالكعبة ثم في الساعة التالية أكون صاعد إلى عرفات ، و بعد غروب الشمس أكون نازلا إلى منى لرمي الجمرات ثم طواف الإفاضة ثم تنتهي كل المناسك في أمان .
و أتذكر السرب الطويل من خمسين ألف عربة تحمل نصف مليون حاج و تصعد كلها في وقت واحد في عدة طرق دائرية حديثة الرصف . و كل شيء يتم في سرعة و نظام و دون حادث و قد تناثرت وحدات الكشافة لتنظيم المرور . و على الجبل تراصت مستشفيات كاملة التجهيز لعلاج و عزل أي حالة اشتباه . و طوال ساعات الليل و النهار تطوف الرشاشات لقتل الذباب و البعوض في أماكن توالده ، و تطوف فرق أخرى لجمع القمامة و حرقها .
و بين مكة و المدينة يمتد أوتوستراد أملس كالحرير تنزلق عليه العربات في نعومة ، و ينام الراكب في حضن كرسيه في استرخاء لذيذ .
ما أبعد اليوم من الأمس .
و ما أكثر ما نتقلب فيه من النعم .
و كلما أحاطتنا النعمة ازددنا لله هجرانا .
أين إيمان اليوم . من إيمان النبي العظيم منذ ألف و أربعمائة سنة و هو خارج في غزوة تبوك على رأس اثنى عشر ألفا من المسلمين في شهور القيظ المحرق ، ليخوض في رياح السموم و الحرور القاتلة سبع ليال يتهدده العطش في كل خطوة . و قد ترك من خلفه الأمان و الظل الظليل و الراحة في خيام زوجاته . ليلقى الله و ليبلغ الرسالة . و ليحارب من ؟! . الروم . الذين احتشدوا على الحدود بمئات الألوف .
و اليوم ترتفع حرارة الجو بضع درجات فندير جهاز التكييف و نغلق أبواب غرفنا لا نبرحها لأن الخروج إلى الشارع مجازفة غير مأمونة .
و ما أبعد اليوم من الأمس حقاً .
و ما أفدح ما خسرنا حينما خسرنا الإيمان
..
كتاب/ الإسلام ماهو
للــدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝