❞ ،،فمنا من يواجه مشكلاته بالتهرب من خلال العقاقير والترفيه ولا يقوم بحلها، وبذلك فهو لا يتحرك ويظل مكانه حتى آخر لحظاته، ومن هنا تكمن أهمية فهم الذات،،
إذا من المهم أن نفهم الطريقة التي تعمل بها أذهاننا حتى نستطيع التعامل مع مشكلات الحياة المعقدة،،. ❝ ⏤جدو كريشنامورتي
❞ ،،فمنا من يواجه مشكلاته بالتهرب من خلال العقاقير والترفيه ولا يقوم بحلها، وبذلك فهو لا يتحرك ويظل مكانه حتى آخر لحظاته، ومن هنا تكمن أهمية فهم الذات،،
إذا من المهم أن نفهم الطريقة التي تعمل بها أذهاننا حتى نستطيع التعامل مع مشكلات الحياة المعقدة،،. ❝
❞ آه واحدة لا تكفي
للكاتبه :صفاء فوزي
الصادره عن دار ديوان العرب
عدد الصفحات :١٢٥
الغلاف : لأمرأه في منتصف العمر تعاني القهر في صمت .
محاطه بظلام حَلك يميل للسواد.
ويمتد إليها فرع شجره يابسه جافه يصل لعنقها .
وكُتبت\" آه \"باللون الاحمر الداكن الذي يرمز لشده الألم والمعاناة.
وكذلك \" لا\" للنفى والتأكيد علي المعني.
الحبكة: مُتقنة برغم اختلاف الشخصيات ولكن النهايه واحده تحمل عنوان الروايه
اللغه: فصحى بسيطة
السرد: دقيق الوصف مشوق فقد ربطت بين الشخصيات ببراعه وإتقان.
الحوار: واقع يخاطب الإنسانية
الإهداء: لكل من يحمل بداخله قهر يخرج في صوره ألم نفسي.
ووحدها من دفعت الثمن صاحبه الروح المنهكه التي عانت لأبعد الحدود.
وقد سارعت الكاتبه بإرسال تحذير !
فقد خشيت علينا أن نُجرح من شظايا القلوب المكسورة.
ربما لا تعلم أننا قد اختنقنا صمتًا وقهراً.. ولذلك فإن آه واحده لا تكفي.
وها هي قد أتت بالمقدمه لتسأل!
هل سمعت يوماً عن بكاء القلوب ؟
هل تعرف متي تبكي قهراً ؟
تبكي القلوب قهراً عند انكسار الروح ،فنصبح جسداً بلا روح ،اموات ولكن علي قيد الحياة!!
فجاء طلبها أن نتخلي عن إنسانيتنا إن أردنا أن نخوض معركةالحياه ،
ولكنها لا تعلم أننا فعلاً خوضنا معركه الحياه ولولا إنسانيتنا لأختلف الأمر!! .
وتبدأ \" رحمة \" تقص علينا ما كان وكيف عانت عندما علمت بخيانة زوجها فقد تزوج أمريكية حتي يحصل على الإقامة ،وطلبت منه وثيقة الطلاق ،وأهملت نفسها بصوره بشعة، أهملت كل شئ واستلمت لليأس ،حقاً.. سحقاً للناس وكلامهم والمجتمع وأفكاره العقيمة،
وبدأت تستعيد ما فقدت وجلست تستمع للمرضي النفسيين وكيف وصل بهم الحال لما هم عليه وعشرات القصص والروايات المختلفه ولكن النهايه واحده...
فاستخلصت من تجارب الجميع أن السعاده تكمنُ في الرضا.
في مكان آخر تجلس \" مي \" في غرفتها تنظر إلي حبات المطر التى اختلطت بدموعها وأخذت تتذكر كيف كانت من قبل..وتذكرت يتمها ووحدتها ،وكيف كذب زوجها عليها وسافر دون علمها وهي حامل في طفلتها الأولى ،وتسرب إليها شبح الخوف والرهبة...وقضت يومين في المستشفي حتي أتت صديقتها المقربة فكانتا لبعضهما في السراء ابتسامه وفي الشدة سنداً وعوناً ووطناً، وتحسنت\" مي \" وتنتظر العلاج النفسي .
وتعرضت\" مي\" لوعكه صحيه واتصلت اختها بزوجها تخبره بسوء حالتها، بسبب حملها في مولودتها الثانيه ،وضرورة عودته ،والجميع حولها يطالبها بالصبر والقوه ،ولا أحد يعلم أن بداخلها جزءٍ يقاوم وجزءٍ منهار وجزءٍ لا يبالي!!!
حدثتها صديقتها
\" السفينه لا تغرق بالماء الذي يحيط بها ، ولكنها تغرق بسبب الماء الذي يدخل إليها \".
لا تستسلمي للألم والحزن !كوني قوية،فقد قرر زوجها السفر وستترك \"مي \" بمفردها مره آخري ستصبح ذكري .
وهنا ووسط الكم الهائل من المعاناة تأتي الكاتبه ببراعه تُحدثنا عن الصداقه فذكرت لنا مقولة للدكتور مصطفى محمود..
\" الصداقه الحميمة علاج أحسن من الطب ، لأن التكاشف فيها يتم عن تراضٍ وعن تعاطفٍ وعن ثقهٍ ، بدون غرضٍ وبدون أجرٍ ،الصداقه لها أيدٍ ناعمة تستل الأسرار من مكامنها وتحفظها وتضمد الجراح وتأسو الآلام ،فالصديق طيب عظيم لا يقدر بثمن .\"
وقد حرصت أيضاً ان تذكرنا بالسلام النفسي..
\" سلامتك النفسية في المرتبة الأولى ،أي شيء يحاول النيل منها حتي وإن كنت تحبه ابتعد عنه.\"
احمد خالد توفيق
ولكني اختلف معكِ عزيزتي ...
ترميم انكسار الروح لا يلتئم ويظل بين الضلوع ينوح ولا يبوح....
النهاية سعيده للكل ولكنها تختلف عن الواقع...
# اقتباس:
( إذا أردت أن تعيد إنساناً للحياة فضع في طريقة إنساناً يحب، إنساناً يؤمن به.
العقاقير وحدها لا تكفي .
العقاقير حين تكون مغموسة في الحب تصبح أكثر فاعلية .
تقاربوا تحابوا...تحابوا تصحّوا).
بقلم مدام وفاء. ❝ ⏤صفاء فوزي
❞ آه واحدة لا تكفي
للكاتبه :صفاء فوزي
الصادره عن دار ديوان العرب
عدد الصفحات :١٢٥
الغلاف : لأمرأه في منتصف العمر تعاني القهر في صمت .
محاطه بظلام حَلك يميل للسواد.
ويمتد إليها فرع شجره يابسه جافه يصل لعنقها .
وكُتبت˝ آه ˝باللون الاحمر الداكن الذي يرمز لشده الألم والمعاناة.
وكذلك ˝ لا˝ للنفى والتأكيد علي المعني.
الحبكة: مُتقنة برغم اختلاف الشخصيات ولكن النهايه واحده تحمل عنوان الروايه
اللغه: فصحى بسيطة
السرد: دقيق الوصف مشوق فقد ربطت بين الشخصيات ببراعه وإتقان.
الحوار: واقع يخاطب الإنسانية
الإهداء: لكل من يحمل بداخله قهر يخرج في صوره ألم نفسي.
ووحدها من دفعت الثمن صاحبه الروح المنهكه التي عانت لأبعد الحدود.
وقد سارعت الكاتبه بإرسال تحذير !
فقد خشيت علينا أن نُجرح من شظايا القلوب المكسورة.
ربما لا تعلم أننا قد اختنقنا صمتًا وقهراً. ولذلك فإن آه واحده لا تكفي.
وها هي قد أتت بالمقدمه لتسأل!
هل سمعت يوماً عن بكاء القلوب ؟
هل تعرف متي تبكي قهراً ؟
تبكي القلوب قهراً عند انكسار الروح ،فنصبح جسداً بلا روح ،اموات ولكن علي قيد الحياة!!
فجاء طلبها أن نتخلي عن إنسانيتنا إن أردنا أن نخوض معركةالحياه ،
ولكنها لا تعلم أننا فعلاً خوضنا معركه الحياه ولولا إنسانيتنا لأختلف الأمر!! .
وتبدأ ˝ رحمة ˝ تقص علينا ما كان وكيف عانت عندما علمت بخيانة زوجها فقد تزوج أمريكية حتي يحصل على الإقامة ،وطلبت منه وثيقة الطلاق ،وأهملت نفسها بصوره بشعة، أهملت كل شئ واستلمت لليأس ،حقاً. سحقاً للناس وكلامهم والمجتمع وأفكاره العقيمة،
وبدأت تستعيد ما فقدت وجلست تستمع للمرضي النفسيين وكيف وصل بهم الحال لما هم عليه وعشرات القصص والروايات المختلفه ولكن النهايه واحده..
فاستخلصت من تجارب الجميع أن السعاده تكمنُ في الرضا.
في مكان آخر تجلس ˝ مي ˝ في غرفتها تنظر إلي حبات المطر التى اختلطت بدموعها وأخذت تتذكر كيف كانت من قبل.وتذكرت يتمها ووحدتها ،وكيف كذب زوجها عليها وسافر دون علمها وهي حامل في طفلتها الأولى ،وتسرب إليها شبح الخوف والرهبة..وقضت يومين في المستشفي حتي أتت صديقتها المقربة فكانتا لبعضهما في السراء ابتسامه وفي الشدة سنداً وعوناً ووطناً، وتحسنت˝ مي ˝ وتنتظر العلاج النفسي .
وتعرضت˝ مي˝ لوعكه صحيه واتصلت اختها بزوجها تخبره بسوء حالتها، بسبب حملها في مولودتها الثانيه ،وضرورة عودته ،والجميع حولها يطالبها بالصبر والقوه ،ولا أحد يعلم أن بداخلها جزءٍ يقاوم وجزءٍ منهار وجزءٍ لا يبالي!!!
حدثتها صديقتها
˝ السفينه لا تغرق بالماء الذي يحيط بها ، ولكنها تغرق بسبب الماء الذي يدخل إليها ˝.
لا تستسلمي للألم والحزن !كوني قوية،فقد قرر زوجها السفر وستترك ˝مي ˝ بمفردها مره آخري ستصبح ذكري .
وهنا ووسط الكم الهائل من المعاناة تأتي الكاتبه ببراعه تُحدثنا عن الصداقه فذكرت لنا مقولة للدكتور مصطفى محمود.
˝ الصداقه الحميمة علاج أحسن من الطب ، لأن التكاشف فيها يتم عن تراضٍ وعن تعاطفٍ وعن ثقهٍ ، بدون غرضٍ وبدون أجرٍ ،الصداقه لها أيدٍ ناعمة تستل الأسرار من مكامنها وتحفظها وتضمد الجراح وتأسو الآلام ،فالصديق طيب عظيم لا يقدر بثمن .˝
وقد حرصت أيضاً ان تذكرنا بالسلام النفسي.
˝ سلامتك النفسية في المرتبة الأولى ،أي شيء يحاول النيل منها حتي وإن كنت تحبه ابتعد عنه.˝
احمد خالد توفيق
ولكني اختلف معكِ عزيزتي ..
ترميم انكسار الروح لا يلتئم ويظل بين الضلوع ينوح ولا يبوح..
النهاية سعيده للكل ولكنها تختلف عن الواقع..
# اقتباس:
( إذا أردت أن تعيد إنساناً للحياة فضع في طريقة إنساناً يحب، إنساناً يؤمن به.
العقاقير وحدها لا تكفي .
العقاقير حين تكون مغموسة في الحب تصبح أكثر فاعلية .
تقاربوا تحابوا..تحابوا تصحّوا).
بقلم مدام وفاء. ❝
❞ إن الملايين لا تعفي أحداً من الشيخوخة و العمى و المرض و الموت .
إن السيد و خادمه يمرضان بالأنفلونزا و يمران بنفس الأعراض .. بل نرى السيد يعاني دائماً أكثر من الخادم ، و يستنجد بعشرات الأدوية و العقاقير ، و يجمع حوله الأطباء فلا يفعل له العلم و لا الطب شيئاً .. و كانوا يقولون لنا في كلية الطب على سبيل السخرية .. إن الأنفلونزا تشفى في سبعة أيام بدون علاج .. و في أسبوع إذا استخدمنا العلاج .
و الأنفلونزا مرض بسيط .. تافه .. هي مثل من ألف مثل لضعف الإنسان و حاجته و فقره الحقيقي مهما كثرت في يده الاموال و تعددت الأسباب .
" ومن منا ليس فقيراً إلى الله !
من منا ليس فقيراً إلى الله وهو يولد محمولاً ويذهب إلى قبره محمولاً، وبين الميلاد والموت يموت كل يوم بالحياة مرات ومرات!
أين الأباطرة والأكاسرة والقياصرة؟
هم وامبراطورياتهم آثار، حفائر، خرائب تحت الرمال،
الظالم والمظلوم كلاهما رقدا معاً،
والقاتل والقتيل لقيا معاً نفس المصير،
والمنتصر والمهزوم كلاهما توسدا التراب،
إنتهى الغرور، إنتهت القوة . . كانت كذبة!
ذهب الغنى ، لم يكن غنى . . كان وهماً
العروش والتيجان والطيالس والخز والحرير والديباج .. كل هذا كان ديكوراً من ورق اللعب، من الخيش المطلي والدمور المنقوش
لا أحد قوي ولا أحد غني!
إنما هي لحظات من القوة تعقبها لحظات من الضعف يتداولها الناس على اختلاف طبقاتهم، لا أحد لم يعرف لحظة ذل، ولحظة ضعف، ولحظة الخوف، ولحظة القلق
من لم يعرف ذل الفقر .. عرف ذل المرض .. أو ذل الحب .. أو تعاسة الوحدة .. أو حزن الفقد .. أو عار الفضيحة .. أو هوان الفشل .. أو خوف الهزيمة ؟
بل خوف الموت ليحلق فوق رؤوسنا جميعاً!
" كلنا فقراء إلى الله . وكلنا نعرف هذا "
..
من كتــاب " الإسلام ما هو "
للدكتور / مصطفــــى محمـــــود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ إن الملايين لا تعفي أحداً من الشيخوخة و العمى و المرض و الموت .
إن السيد و خادمه يمرضان بالأنفلونزا و يمران بنفس الأعراض . بل نرى السيد يعاني دائماً أكثر من الخادم ، و يستنجد بعشرات الأدوية و العقاقير ، و يجمع حوله الأطباء فلا يفعل له العلم و لا الطب شيئاً . و كانوا يقولون لنا في كلية الطب على سبيل السخرية . إن الأنفلونزا تشفى في سبعة أيام بدون علاج . و في أسبوع إذا استخدمنا العلاج .
و الأنفلونزا مرض بسيط . تافه . هي مثل من ألف مثل لضعف الإنسان و حاجته و فقره الحقيقي مهما كثرت في يده الاموال و تعددت الأسباب .
˝ ومن منا ليس فقيراً إلى الله !
من منا ليس فقيراً إلى الله وهو يولد محمولاً ويذهب إلى قبره محمولاً، وبين الميلاد والموت يموت كل يوم بالحياة مرات ومرات!
أين الأباطرة والأكاسرة والقياصرة؟
هم وامبراطورياتهم آثار، حفائر، خرائب تحت الرمال،
الظالم والمظلوم كلاهما رقدا معاً،
والقاتل والقتيل لقيا معاً نفس المصير،
والمنتصر والمهزوم كلاهما توسدا التراب،
إنتهى الغرور، إنتهت القوة . . كانت كذبة!
ذهب الغنى ، لم يكن غنى . . كان وهماً
العروش والتيجان والطيالس والخز والحرير والديباج . كل هذا كان ديكوراً من ورق اللعب، من الخيش المطلي والدمور المنقوش
لا أحد قوي ولا أحد غني!
إنما هي لحظات من القوة تعقبها لحظات من الضعف يتداولها الناس على اختلاف طبقاتهم، لا أحد لم يعرف لحظة ذل، ولحظة ضعف، ولحظة الخوف، ولحظة القلق
من لم يعرف ذل الفقر . عرف ذل المرض . أو ذل الحب . أو تعاسة الوحدة . أو حزن الفقد . أو عار الفضيحة . أو هوان الفشل . أو خوف الهزيمة ؟
بل خوف الموت ليحلق فوق رؤوسنا جميعاً!
˝ كلنا فقراء إلى الله . وكلنا نعرف هذا ˝
.
من كتــاب ˝ الإسلام ما هو ˝
للدكتور / مصطفــــى محمـــــود (رحمه الله). ❝
❞ الخـــروج . . .
كان يزدرد الطعام كأنه يزدرد كُرات من العجين يُلقي بها في جوفه دون تَلذُذ .. و كان الهواء راكداً ثقيلاً .. و كل شيء راكد ثقيل .. و صفحة النهار تبدو كليلٍ بلا نجوم ..
و لم يكن يدري كم من الوقت قد مضى عليه و هو جالس في كُرسيه في مقهى الروف بأعلى البرج ..
ربما بِضع ساعات و هو يجلس نفس الجلسة لم يُحرك إصبعاً .. و ربما بنفس النظرة الذاهلة المحملقة في الهواء دون أن يختلج له جفن ، و كأنما تسمرت نفسه و بات عقله مصلوباً على فكرة واحدة لا يبرحها .. أن يتخلص من حياته .
مريض بلا شفاء .. يتنقل من طبيب إلى طبيب .. و من دواء إلى دواء .. و من مُخدِر إلى مخدر .. و من أمل إلى أمل .. ثم تذوي الآمال ثم يكتشف أنه لم يبق له إلا الصبر .
و في البيت وحده .. و فِراش بارد .. و مائدة عليها عشرات العقاقير، و خِطابات لا يجف حبرها .. تجري سطورها اللاهِثة بنداء واحد لا يهدأ :
سوزان . . سوزان . .
عودي .. أحبك .. لا أستطيع أن أحيا بدونك .. و لا أن أموت بدونك .
حياتي ليل بدون ضوء عينيك .
و دائماً تُرسَل الخطابات و تسافر عبر البحر .. و لا يأتي لها رد ، و لا يُسمَع لها صَدى .
الزوجة الأوروبية عادت إلى بلادها بقلب ينزف ، و تركت وراءها قلباً آخر ينزف .
و في ذلك الصمت الشبيه بالصراخ يعيش ..
و في تلك الغرفة المُترَفة الوثيرة ذات الديكورات الغالية يتقلب .. و كأنما يتقلب على صحراء مُوحِشة تسرح فيها الأفاعي .. ثم ينفد الصبر .. و تنقطع حِبال الإنتظار .
و لا تبقى في ذهنه إلا فكرة واحدة .. أن يتخلص من حياته .
تأتيه الفكرة في البداية زائرة ثم تصبح طَوّافة ثم تُلِح عليه ثم تُقيم في رأسه ثم تتحول إلى حصار ثم تغدو كابوساً قهرياً يحتويه و يجثم عليه و يخنقه رويداً رويداً .
و يتحرك أخيراً .. فينظر إلى ساعته .
لقد مضت أربع سنوات و هو مُتجمد في كُرسيه كتمثال ، و شيء في داخله ينخر في بنيانه و يأكل جوفه .. و بنظرة سريعة عبر الشرفة يطل على الناس الذين يبدون كالنمل الصغير أسفل البرج .. و تتسمر عيناه على الهُوّة التي تَفغُر فاها تحت قدميه .
ثم في لحظة يرمي بنفسه من شاهِق .
و يتجمع الناس أسفل البرج .. و هُم يحكون في ذهول ..
هناك رجل رمى بنفسه من أعلى البرج فسقط على كتفي عامل فقتله لساعته .. أما هو فلم يُصَب بخدش ..
و حينما أفاق الرجل من صدمته و أدرك ما فعل .. إنكَبَّ على شفرة حديد صَدِئة إلتقطها من الطريق و قطع شرايينه .
و حملوه إلى المستشفى و هو ينزف .. و أسعفوه ..
و حينما فتح عينيه و اكتشف أنه لم يمُت بعد .. إبتلع زجاجة الأقراص المنومة كلها في غفلة من الممرضة ..
و لكنهم غسلوا معدته ، و أعطوه شيئاً .. و أنقذوه ..
و فتح عينيه من جديد ليجد أنه لم يمت بعد ثلاث محاولات قاتلة .. قتل فيها رجل آخر و لم يَمُت .. و سقط مغشياً عليه ..
و في النوم و بين لحظات الخدر ، و فيما يشبه الرؤيا شاهد الرجل نوراً و سمع صوتاً يقول له :
●● ماذا فعلت بنفسك ؟
● أردت أن أقتل نفسي لأستريح .
●● و من أين لك العلم بأنك سوف تستريح .. أعلِمت بما ينتظرك بعد الموت ؟
● إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا .
●● هذا ظنك .. و لا يقتُل الناس أنفسهم بالظن .
● و ماذا كنت أستطيع أن أفعل .. و ماذا بقيَ لي ؟
●● أن تصبر و تنتظر أمرنا ..
● صبِرت .
●● تصبر يوماً آخر إلى غَد .
● سيكون غداً مشئوماً مثل سالفه .
●● كيف علمت .. هل أنت الذي خلقت الأيام .. هل أنت الذي خلقت نفسك ؟
● لا .
●● فكيف تحكم على ما لا تعلم ، و كيف تتصرف فيما لا تملك ؟
● هذا عمري و قد ضقت به .
●● أتعلم ماذا نُخفي لك غداً ؟
● لا .
●● إذاً فهو ليس عُمرك .
● لا أريد أن أعيش .. خلوا بيني و بين الموت .. دعوني .. ارحموني .
●● لو تركناك فما رحمناك .. إنما نحول بينك و بين رغبتك رحمةً مِنا و فضلاً ، و لو تخلينا عنك لهلَكت .
● يا مرحباً بالهلاك .. ما أريد إلا الهلاك .. يا أهلاً بالهلاك .
●● لن يكون الهلاك رقدة مُطمَئنة تحت التراب كما تتصور .
● أريد أن أخرج مما أنا فيه و كَفَى .
●● و لو إلى النار ؟
● و هل هناك نار غير هذه ؟
●● أتصَوَّرت أنه لا وجود إلا لما يقع تحت حسك من جنة و نار .. أظننت أنه لا جنة و لا نار إلا نعيمكم و عذابكم .. أظننتنا فقراء لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالَم .. أتصَوَّرتَ أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي .. و ليس عند رب العالمين غير هذه الكرة الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء .. ؟
بئس ما خَيَّل لك بَصرُك الضرير عن فقرنا .
● ضقت ذرعاً مما أنا فيه .. إنسدت أمامي المسالك .. إنطبقت السماء على الأرض .. إختنقْت .. أريد الخروج .. أريد الخروج .
●● ألا تصبر لحظات أخرى .. أترفض عطيّتنا في الغد قبل أن تراها ؟
● رأيت منها ما يكفيني .
●● هذا رفض لنا و يأس مِنّا و اتهام لحكمتنا و سوء ظن بتدبيرنا و انتقاص لملكنا .. بئس ما قررت لنفسك .. إذهب .. رفضناك كما رفضتنا ، و حرمناك ما حرمت نفسك .. خَلّوا بينه و بين الموت ..
و في تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش .. و مات في هذه المحاولة الرابعة .. و فشلت كل الإسعافات في إنقاذه .
و جاء الغــد . .
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه .
و جاءت سوزان تدق بابه في شوق و في يدها بضع زجاجات من هذا الترياق الجديد و قلبها يطفح بالحب و الأمل .
و لكنه كان قد ذهب .
لم ينتظر العطية .
ظلم المُعطي و العَطيّة و ظلم نفسه و ظلم الغد الذي لم يره و اتهم الرحيم في رحمته و أنكر على المدبر تدبيره .
و خـــرج . .
إلى حيــث لا رحمـــة . . و لا عــودة . .
..
قصة : الخروج
من كتـــاب / نقطــة الغليـــان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ الخـــروج . . .
كان يزدرد الطعام كأنه يزدرد كُرات من العجين يُلقي بها في جوفه دون تَلذُذ . و كان الهواء راكداً ثقيلاً . و كل شيء راكد ثقيل . و صفحة النهار تبدو كليلٍ بلا نجوم .
و لم يكن يدري كم من الوقت قد مضى عليه و هو جالس في كُرسيه في مقهى الروف بأعلى البرج .
ربما بِضع ساعات و هو يجلس نفس الجلسة لم يُحرك إصبعاً . و ربما بنفس النظرة الذاهلة المحملقة في الهواء دون أن يختلج له جفن ، و كأنما تسمرت نفسه و بات عقله مصلوباً على فكرة واحدة لا يبرحها . أن يتخلص من حياته .
مريض بلا شفاء . يتنقل من طبيب إلى طبيب . و من دواء إلى دواء . و من مُخدِر إلى مخدر . و من أمل إلى أمل . ثم تذوي الآمال ثم يكتشف أنه لم يبق له إلا الصبر .
و في البيت وحده . و فِراش بارد . و مائدة عليها عشرات العقاقير، و خِطابات لا يجف حبرها . تجري سطورها اللاهِثة بنداء واحد لا يهدأ :
سوزان . . سوزان . .
عودي . أحبك . لا أستطيع أن أحيا بدونك . و لا أن أموت بدونك .
حياتي ليل بدون ضوء عينيك .
و دائماً تُرسَل الخطابات و تسافر عبر البحر . و لا يأتي لها رد ، و لا يُسمَع لها صَدى .
الزوجة الأوروبية عادت إلى بلادها بقلب ينزف ، و تركت وراءها قلباً آخر ينزف .
و في ذلك الصمت الشبيه بالصراخ يعيش .
و في تلك الغرفة المُترَفة الوثيرة ذات الديكورات الغالية يتقلب . و كأنما يتقلب على صحراء مُوحِشة تسرح فيها الأفاعي . ثم ينفد الصبر . و تنقطع حِبال الإنتظار .
و لا تبقى في ذهنه إلا فكرة واحدة . أن يتخلص من حياته .
تأتيه الفكرة في البداية زائرة ثم تصبح طَوّافة ثم تُلِح عليه ثم تُقيم في رأسه ثم تتحول إلى حصار ثم تغدو كابوساً قهرياً يحتويه و يجثم عليه و يخنقه رويداً رويداً .
و يتحرك أخيراً . فينظر إلى ساعته .
لقد مضت أربع سنوات و هو مُتجمد في كُرسيه كتمثال ، و شيء في داخله ينخر في بنيانه و يأكل جوفه . و بنظرة سريعة عبر الشرفة يطل على الناس الذين يبدون كالنمل الصغير أسفل البرج . و تتسمر عيناه على الهُوّة التي تَفغُر فاها تحت قدميه .
ثم في لحظة يرمي بنفسه من شاهِق .
و يتجمع الناس أسفل البرج . و هُم يحكون في ذهول .
هناك رجل رمى بنفسه من أعلى البرج فسقط على كتفي عامل فقتله لساعته . أما هو فلم يُصَب بخدش .
و حينما أفاق الرجل من صدمته و أدرك ما فعل . إنكَبَّ على شفرة حديد صَدِئة إلتقطها من الطريق و قطع شرايينه .
و حملوه إلى المستشفى و هو ينزف . و أسعفوه .
و حينما فتح عينيه و اكتشف أنه لم يمُت بعد . إبتلع زجاجة الأقراص المنومة كلها في غفلة من الممرضة .
و لكنهم غسلوا معدته ، و أعطوه شيئاً . و أنقذوه .
و فتح عينيه من جديد ليجد أنه لم يمت بعد ثلاث محاولات قاتلة . قتل فيها رجل آخر و لم يَمُت . و سقط مغشياً عليه .
و في النوم و بين لحظات الخدر ، و فيما يشبه الرؤيا شاهد الرجل نوراً و سمع صوتاً يقول له :
●● ماذا فعلت بنفسك ؟
● أردت أن أقتل نفسي لأستريح .
●● و من أين لك العلم بأنك سوف تستريح . أعلِمت بما ينتظرك بعد الموت ؟
● إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا .
●● هذا ظنك . و لا يقتُل الناس أنفسهم بالظن .
● و ماذا كنت أستطيع أن أفعل . و ماذا بقيَ لي ؟
●● أن تصبر و تنتظر أمرنا .
● صبِرت .
●● تصبر يوماً آخر إلى غَد .
● سيكون غداً مشئوماً مثل سالفه .
●● كيف علمت . هل أنت الذي خلقت الأيام . هل أنت الذي خلقت نفسك ؟
● لا .
●● فكيف تحكم على ما لا تعلم ، و كيف تتصرف فيما لا تملك ؟
● هذا عمري و قد ضقت به .
●● أتعلم ماذا نُخفي لك غداً ؟
● لا .
●● إذاً فهو ليس عُمرك .
● لا أريد أن أعيش . خلوا بيني و بين الموت . دعوني . ارحموني .
●● لو تركناك فما رحمناك . إنما نحول بينك و بين رغبتك رحمةً مِنا و فضلاً ، و لو تخلينا عنك لهلَكت .
● يا مرحباً بالهلاك . ما أريد إلا الهلاك . يا أهلاً بالهلاك .
●● لن يكون الهلاك رقدة مُطمَئنة تحت التراب كما تتصور .
● أريد أن أخرج مما أنا فيه و كَفَى .
●● و لو إلى النار ؟
● و هل هناك نار غير هذه ؟
●● أتصَوَّرت أنه لا وجود إلا لما يقع تحت حسك من جنة و نار . أظننت أنه لا جنة و لا نار إلا نعيمكم و عذابكم . أظننتنا فقراء لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالَم . أتصَوَّرتَ أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي . و ليس عند رب العالمين غير هذه الكرة الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء . ؟
بئس ما خَيَّل لك بَصرُك الضرير عن فقرنا .
● ضقت ذرعاً مما أنا فيه . إنسدت أمامي المسالك . إنطبقت السماء على الأرض . إختنقْت . أريد الخروج . أريد الخروج .
●● ألا تصبر لحظات أخرى . أترفض عطيّتنا في الغد قبل أن تراها ؟
● رأيت منها ما يكفيني .
●● هذا رفض لنا و يأس مِنّا و اتهام لحكمتنا و سوء ظن بتدبيرنا و انتقاص لملكنا . بئس ما قررت لنفسك . إذهب . رفضناك كما رفضتنا ، و حرمناك ما حرمت نفسك . خَلّوا بينه و بين الموت .
و في تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش . و مات في هذه المحاولة الرابعة . و فشلت كل الإسعافات في إنقاذه .
و جاء الغــد . .
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه .
و جاءت سوزان تدق بابه في شوق و في يدها بضع زجاجات من هذا الترياق الجديد و قلبها يطفح بالحب و الأمل .
و لكنه كان قد ذهب .
لم ينتظر العطية .
ظلم المُعطي و العَطيّة و ظلم نفسه و ظلم الغد الذي لم يره و اتهم الرحيم في رحمته و أنكر على المدبر تدبيره .
و خـــرج . .
إلى حيــث لا رحمـــة . . و لا عــودة . .
.
قصة : الخروج
من كتـــاب / نقطــة الغليـــان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝